مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 21 نوفمبر 2008

براني .. من تحت الترابيزة

دعاني موكل ثري لكتابه وتحرير عقد شراء عقار فاخر في منطقه سكنيه متميزه .. سآلته قبل الذهاب عن اسماء البائعين والثمن الذي سيشتري به فاستمهلني حتي اقابله واعرف منه كل التفاصيل وجها لوجه ... دخلت مكتبه فرايت رجلين يقتربا من الستين وشابتين صغيرتين في العشرينيات تجلسا متقاربتين كآنها يحتميا ببعضهما البعض مما لا اعرفه ... قدمني اليهم فانا المحاميه التي ستكتب العقد وقدمي لي فهم ملاك العقار الذي سيتم بيعه - رجلين شقيقين والشابتين ابنتا شقيقهما الذي توفي ... حررت العقد وكتبت الثمن وبدآنا في عد الملايين التي ستقسم ثلاث اقسام لكل رجل قسم وللشابتين القسم الثالث بعد ان تنازل العمين بمنتهي السخاء عن نصيبهما في ميراث شقيقهما المتوفي لصالح ابنته الشابتين ... واعددت العقد وجهزت الاقلام للتوقيع بعد ان وضع كل فريق امواله في شنطه محكمه الاغلاق لكن الرجلين استمهلوني تآجيل التوقيع حتي يصليا العشاء و" دول دقيقتين علشان حتي ربنا يطرح البركه في العقد " وانتظرت اتفرج علي الشابتين ترتسم علي ملامحهما تعبيرات الغضب ولاحظت ان الصغيره تهمس للكبيره بصوت تتعمد ان يصل للجميع " ابقي افتكري ان الثمن ده قليل وعمامك ضحكوا علينا " لكن الكبيره لا توافقها " ماهو كل حاجه قدامها اهي ضحكوا علينا ازاي بس " وانتهت الصلاه وتوقع العقد وتصافح الجميل وردد المشتري جملته الشهيره " ربنا يكفيك شر الفلوس ويديكم خيرها " وابتسم الجميع واحتضن الرجلين بنات اخيهما وخرجت الفتيات رافضات ان يركبن سياره عمهما الاكبر الذي خاف عليهما وعلي اموالهما " تنزلوا لوحدكم كده في نص الليل ومعاكم كل الفلوس دي ربنا يستر طريقكم " وخرجت من غرفه الموكل بالعقود لتسليمها للقسم القانوني بشركته وانتظر بدوري نصيبي في الاتعاب ... وودعت البائعين والشابتين وبقيت امسك راسي من الصداع وطلب مني موكلي الانتظار قليلا حتي ينتهي من اعماله و..... وبعد ساعه من الانتظار وانا علي وشك النوم مكاني ناداني الموكل لحجرته فدخلت لاجد الرجلين جالسين امامه سعداء ولم افهم كيف عادوا للشركه ومن اي باب من ابوابها الخلفيه دخلوا وقبل ان اسآل عن سبب وجودهم شرح لي الموكل ان الرجلين لهما " بقيه فلوس العقد بس براني يعني من تحت الترابيزه " وانه اثر حضوري مجلس استلامهما لبقيه الثمن وسلم كل منهما مبلغ يقترب من النصيب الاول الذي حصل عليه وسآلته امامهما " طيب ونصيب البنات " فابتسم الرجل الكبير ووعدني " طبعا حاوصله ليهم امال دول لحمنا ودمنا " وقاما يحتضن كل منهما حقيبه امواله وخرجا من الشركه وبقيت انظر للموكل وكدت اسآله " هما خموا البنات صح " لكنه لم يترك لي فرصه سؤاله ووصفهما " اوساخ .. سرقوا بنات اخوهم " ونظرت له نظره غضب لانه شريكهم في تلك السرقه فانتفض من مكانه غاضبا بعد ان فهمني واكد لي " انا ماليش دعوه انا بيزنيس مان اللي فيه مصلحتي اعمله لو دول بنات اخويا انا كنت شيلتهم علي راسي " وشرح لي " انا قلت تحضري قعده الفلوس علشان دول مالهومش امان اللي يسرق بنات اخوه يسرق اي حد تاني !!!! " ورحلت من الشركه حزينه اسآل نفسي هل انا ايضا شريكه في الاحتيال علي الشابتين اللاتي لم اراهن بعد ذلك ابدا في حياتي ؟؟؟؟ وتعلمت درسا صرت القنه للجميع معارفي واصدقائي مجانا " اللي عنده بنات يكتب كل حاجه باسمها لان الدنيا مالهاش امان " واتذكر الرجلين الاشيبين والشابتين الصغيرتين واردد لنفسي " الدنيا مالهاش امان "

هناك 3 تعليقات:

جيهان احمد يقول...

انا مش عارفة اقولك ايه بجد بس كفاية انها تكون احلى مدون انا شفتها على النت كله بجد والله وكفاية انك خليتى عمنا حبيبى وصديق روحى صلاح جاهين نور المدون بجد تحفة واكتر من رائعه وعجبنى فيها كم الواقعية الكبيرة اللى بين سطورها وسؤالك الاول ليه كل الحواديت شبة بعض ليه

مــها العباسى يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
مــها العباسى يقول...

المدونه جميله اوى
وفكرتها تجنن
احكى وقولى واشجينا بجد يامرمر انتى اسلوبك رائع وفكرة المدونه تديكى مساحه ملهاش نهايه من الكلام والحوايت قولى احنا محتاجين اوى نسمع