مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 13 يوليو 2012

كل هذا حدث في يوم واحد ( الجزء الاول ) ا


الجزء الاول
" رسالة حورس لاهل المحروسة " 



انا ابن كل اللي صانك
رمسيس و احمس و مينا
كل اللي زرعوا في وادينا
حكمة تضلل علينا



( 1 )
المعبد الكبير


في صحن المعبد الكبير ، كن يلهون معا ..فتيات صغيرات تسللن من ازمنة وسنوات مختلفة ، اجتمعن في لحظات طفولتهن التي تتباعد  عشرات السنوات بينهن ، لم يكن اطفالا في لحظه واحدة ولا سنة واحدة ، اعمارهن في الحقيقة متباينه لكن لحظة طفولتهن هي اللحظه التي اختارتها النداهة لتناديهن وقتها و الحلم جمع بينهن فيها ، فتيات صغيرات تسللن من البيوت البعيده ، من علي شاطيء البحر ومن قلب الجبل ومن فوق التل ومن داخل النجع ومن القرية الصغيرة ومن الصحراء الجدبة ومن الحي الراقي في المدينة العريقة ... تسللن ليلهون لهوا بريئا يتفق وسنوات اعمارهن القليله وقلوبهم الخضراء... 
دخلن المعبد الكبير بلا وجل من هيبته وهيبة تاريخه العظيم ، تحلقن في دائرة امام المسلة الكبيرة وعيونهم مغمضه واكفهن متشابكه واخذوا يصدحن باهازيجهن التي حفظوها من الامهات والجدات...
لايعرفن بعضهن ولن يتعارفن ؟؟!!!
النداء الذي ايقظ كل منهن من عز نومها واخرجها من دارها وقادها للمعبد الكبير لم يوضح لهن سبب النداء ولا مبرر اللقاء ، اذهبي حيث عليك تذهبي ، هذا ماسمعته كل منهن همسا في اذنها فقفزت من فراشها وهرعت صوب المعبد !!! لم تقف اي منهم امام مايحدث لم تندهش من سرعه تلبيتها للنداء ولا ادراكها للطريق الغريب الذي لم تسر فيه من قبل ولم تسمع عنه ولاتعرفه لكنها سلكته بصدي النداء الغريب ووصلت لهدفها مهدية بضوء النجوم وبوصله القلب .....
اجتمعن جميعا بغير ميعاد وبغير سابق معرفة ، جميعا في صحن المعبد الكبير ، ومعهن صبي وحيد .. يوسف !!

( 2 )
مجرد استراحة !!!ا

وقفت البارجة الحربية الامريكية حاملة الطائرات في قناة السويس لتستريح من رحلتها الطويلة !!!! 
ربما كانت قادمه من افغانستان بعدما هدت جبالها فوق رؤوس ابناءها ، وربما كانت قادمه من العراق بعدما انزلت قوات المارينز لاحتلالها ، ربما كانت قادمه من هيروشيما بعدما ضربتها بالقنبله النووية ، ربما كانت قادمه من اسرائيل بعدما منحتها كل الاسلحه اللازمه لتمحو كلمه فلسطين من فوق الخريطه وتقتل اهلها ، ربما كانت قادمه من معسكر جونتيناموا بعدما افرغت حمولتها من السجناء السياسين وتبحث عن حمولة اخري ، ربما كانت قادمه من فيتنام تحمل جرحي الهزيمه وجثث القتلي بسلاح الاراده الشعبيه الفيتنامية بعدما مزقت اجساد المقاتلين بقنابل تنشر الموت بليا صغيرا الف مليون في الجسد الرقيق فتبعثره شظايا عار لتمثال الحرية الامريكية ، ربما كانت قادمه من افريقيا لتقبض علي رجالها ونساءها عبيدا جدد بعدما اوصلت شحنتها الاولي للسواحل الشرقية الامريكية ، ربما كانت قادمه من اخر معاركها في الاحراش والغابات وقتما ابادت بقيه الهنود الحمر اصحاب الارض الاصلية التي احتلها المساجين المطرودين من اوربا لتعميرها !! كل ماابلغت به هيئة قناة  السويس ومرشديها انها كانت في رحلة طويلة وانها ستقف في القناة  حتي تستريح البارجة ويستريح طاقمها ومدافعها وشياطين الموت فيها من كثرة القتل !!!! 

( 3 )
في البحيرة المقدسة

مازالت الفتيات الصغيرات جالسات في صحن المعبد الكبير ، يلقي علي اسماعهم تاريخ الحكمة وحكمة التاريخ ، مازلن يتحلقن حول المسلة وارواحهن تشرئب صوب قرص الشمس الحاني اتون يتسلل وهجه لشراينهن يمنحهن الدفء والقوة ، مازلن قابضات علي اكف بعضهن تسري كهرباء المحبة في اعصابهن فيقتربن اكثر واكثر و............ اقتربن من حافة البحيرة المقدسة والقين باجسادهن فيها ، من تعرف العوم ومن لاتعرف ، جميعهن غطسن تحت الماء المعطر باللوتس واغتسلن من ضعفهن وارتعاشة قلوبهن ومخاوفهن الدفينة فسرت السعادة والقوة لارواحهن حتي ظنوها نزهه بريئة ولم ينتبهن لتسلل الحكمة والوعي والتاريخ لعقولهن الصغيرة ، لم ينتبهن لغرس الحب والوجد والعشق والقوة والكرامة في قلوبهن الصغيرة ، لم ينتبهن لما يحدث لهن وفي حياتهن ، لم ينتبهن وكيف ينتبهن وهن صغيرات بريئات لايعرفن اسرار الحياة التي سيعيشوها وقت يكبرن وينضجن ...
 في البحيرة المقدسة وماءها العطر قبلهن وبعدهن تعمد الكهنة وحراس الكنوز والشعراء والمدونين علي احجار المعابد والنحاتين والرسامين والناطقين بالحكمه والمكشوف عنهم الحجاب والبصيرين باسرار الحياة الاخري والعلم اللدني والنساء الامهات وفتياتنا الصغيرات والابطال الشهداء والمنتصرين ، هنا وفي هذا الماء المقدس تحمم حراس الحياة الدنيا وتعاهدوا الا ييأسوا والا يقهروا والا يكسروا والا يستسلموا للموت مهما قوي عليهم ومهما استبد وطغي ... هنا في البحيرة المقدسة ، تعمدت الصغيرات وقويت قلوبهن وشحذت عقولهن واعددن للدور العظيم الذي ستعيشه كل منهن وقتما تعود لحياتها الحقيقية وتستيقظ من الحلم الذي نعيشه معهن !!!! كل هذا حدث لهن ومعهن يوسف !!!
و........... استيقظت الصغيرات من نومهن وعلي اجسادهن قطرات من ماء لايعرفن مصدره وحلم يخايل عقولهن الصغيرة لم يفهمن طلاسمه فوقت الفهم لم يأتي بعد ومازال العمر طويل ..
واستيقظ ايضا يوسف من نومه لايصدق مارآه في الحلم وجسده معطر بالماء المقدس وعقله يسطع بالحكمة !!
والحدوته لم تبدأ بعد ..........

( 4 )
مدينة الشهداء

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة السويس ..
انزلت الهلب في الماء ،اخترق الهلب صمت وسكينه مدينه الشهداء تحت سطح القناة  ، رفع المؤذن آذان الفجر ليوقظ النائمين ودقت اجراس الكنيسة تعلن بداية القداس ..استيقظ الشهداء في كل الازمنة ، استنجد بعضهم بالحسين ليقويه والبعض الاخر بالعذراء لتمنحه بركتها ، واستعدوا للاستشهاد مرة ثانيه وعاشرة والف ، استيقظ الشهداء في حرب اكتوبر وارتدوا ملابسهم العسكريه الملطخة بدماء الشرف واوسمتهم التي تقلدوها تقديرا وعرفانا للبطولة والنصر واستعدوا مجددا للقتال والشهاده ، استيقظ شهداء هزيمة النكسة وخلعوا عنهم اثواب التقهقر والانسحاب وارتدوا اجسادهم الممزقه في الصحراء واستعدوا للقتال ، استيقظ شهداء " الهوجة " الذين هزمهم " الولس " والغدر ، استيقظ شهداء ثورة القاهره الثانيه واقسموا ينتقموا من الفرنسيس ، استيقظ شهداء مذبحه دنشواي واقسموا ينتقموا من الانكليز الظالمين ، استيقظ مئات الالوف من الشهداء المصريين الذي حفروا القناة  بحياتهم وقدموا دمائهم رخيصه فداء مصر الوطن الذي احبوه وفتحوا معبرا مائيا فريدا ليقدم للوطن الرخاء والحياه الجميله التي حرموا منها استيقظوا واستعدوا للثأر ، استيقظ شهداء معركة قادش واقسموا يعودوا للحياة لطرد الحيثين مرة ثانية و........... دبت الحياة في مدينة الشهداء وسرجت خيول العربات الحربية وعمرت المدافع بالبارود وارسلوا جميعا برقية لعبد العاطي صائد الدبابات لينضم اليهم فوعدهم بسرعه اللحاق بهم و.......... استعدت مدينه الشهداء للقتال والاستشهاد مره جديده والحياة الخالدة مرة اخري و..... زينت المدينة بالفخر انتظارا للانتصارات الجديدة !!! 

( 5 )
الحلم

غادر الحلم فراشهن وتسلل ضوء النهار لغرفهن الموصدة ، استيقظن جميعا من النوم وهن لايصدقن ماشاهدنه في الحلم ، حلم هذا ام علم ، اجسادهن المبللة بالماء المقدس ورائحه الصدأ المنبعثه من مسام جلدهن المغسول باللوتس ، يؤكد لهن ان ماعاشوه علم لايعرفوا كيف عاشوه ، لكن اجسادهن الملقاة فوق الاسرة التي ناموا عليها في الليلة السابقه تؤكد عليهن ان ماعشنه مجرد حلم ...
همست نجية الحكيمة .... اللهم اجعله خير
وهمست ابلة لولو ... اللهم اجعله خير
وهمست انتي صفية ... اللهم اجعله خير
وهمست ام ميلاد ... اللهم اجعله خير
وهمست ام سعد ... اللهم اجعله خير
وهمست ام مجيب .... اللهم اجعله خير
تساءلت كل منهن ، من الاخريات ؟؟ ومن يوسف ؟؟؟
نجية الحكيمة لاتعرف ام ميلاد ، وام سعد لاتعرف ام مجيب ، وانتي صفيه لاتعرف ابلة لولو ، وجميعهن لايعرفن يوسف ، الصبي الصغير الذي تسلل داخل حلمهن وشاركهن تفاصيله ، نعم ، لم يتكلم معهن ولم يسمعن صوته ، لكن عيونه المتقده بالذكاء بقيت في ذاكرتهن طيفا وخيال ، مالذي جمعهن جميعا في الحلم ولماذا يوسف ؟؟؟
لن تفهم اي منهم ماحدث في تلك الليلة الا بعد وقت طويل !!!
لن تفهم اي منهم لماذا حدث ماحدث !!!
وطبعا لن تفهم اي منهن وقتما استيقظت من الحلم لماذا شاركها يوسف تفاصيله ووقته الغريب !!!
كل منهن وقتما استيقظت من نومها في ذلك النهار الذي لايشبه اي نهار اخر قررت تصمت تماما ولاتقص الحلم علي الاخرين ، لن تحكي اي منهن للاخرين انها دخلت المعبد وتحممت في البحيره المقدسه وتلقنت بالحكمه والوعي وفهمت المصيبة التي تنتظرهم وعرفت كيف تخرج منها وتهونها وقت تقع ، لن تحكي اي منهن عن تلك الليلة لاخر غريب ، نعم فالجميع عداهن المتشاركات في الحلم غرباء ، هذا الحلم سرنا الكبير الذي عشناه معا ، نحن و........ يوسف !!!
وعادت كل منهن لحياتها التي لانعرفها وسنعرفها ..............
وعاد معهن يوسف !!!
لماذا فقط يوسف الذي حلم مع النساء بحلم التطهر واليقين في البحيرة المقدسه ، هذا ماسنعرفه من يوسف ومنهن جميعا !!!
همس يوسف .... اللهم اجعله خير
وبدأت الحكاية الغريبة التي حدثت كل احداثها في يوم واحد !!!!

( 6 )
بث مباشر

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة  السويس ....
فاستعدت كل الفضائيات لبث مباشر يحمل كل المفاجئات - حصريا - للمتفرجين والمشاهدين في البيوت وعلي المقاهي ، اسري الشاشات الجالسين ملتصقين علي المقاعد والاسرة ، تحاصرهم رائحه غازات منفرة تنبعث من اجسادهم ، تخنقهم من كثرة الاكل الذي يمزقوا به امعائهم الغليظه ويطلقوا منها حروبا كيماوية تقتل اصحابها التنابله البلداء الجالسين تحت قصف الاعلام الدامي طيله سته وعشرين ساعه يوميا...
 استعدت الفضائيات لتسليه جمهورها ورفعت سعر الساعه الاعلانيه وتفاوضت مع الوكالات علي رفع السعر مره جديده وقتما تبدأ الجثث في التمزق اشلاءا امام الكاميرات ، رضخت الوكالات الاعلانيه وتفاوضت مع المنتجين واصحاب الخدمات علي رفع اسعارها ، تحمس الكثيرين للاجواء الجديده التي سيعيشوها ووافقت كبري شركات المقاولات علي زياده عدد ساعات بث اعلانتها تهنيء الاحياء المتبقين بعد القصف العنيف علي استمرار حياتهم وتمنحهم فرصه لشراء مقابر فرعونيه جديده تسمح لهم بالموت بمنتهي السعاده في القصف القادم !!! وكل قصف وكل بارجه وكلنا طيبين !!! 

 ( 7 )
العرسة !!!

ابلة لولو تجلس علي الارض الحانية تحت اشعه الشمس في الساحة الصغيرة خلف منزلها الفقير في القرية المحاصرة بالاهمال والتجاهل ، تغني لكتاكيتها "يارب كبر وبارك يارب " ... تتلفت حولها كل فتره ، تخاف من " العرسة " ، " العرسة " اغتالت كتاكيتها مره واثنين والتهمتهم احياء صغار قليلي الحيلة، اختبئت لهم خلف الاشجار القريبه ، انتظرت فترة غفوتهم وانشغالهم باللعب ، وانقضت عليهم و........ " ياعرسة ماتتشطريش علي كتاكيت الدار ، ياعرسه لو قفشتك حارميك في النار ، ياعرسة اتشطري علي الديك لو انت صحيح قوية ، اتشطري علي الديك ماتتشطريش عليا " تغني ابله لولو لكتاكيتها الصفراء الصغيرة تلهو ببراءة في حوش البيت الطيني الصغير!!!
انه يوم عادي مثل كل الايام ... ابلة لولو ، ارملة الاستاذ المدرس الذي عاش في مدرسته الصغيره يعلم الاطفال " برجل حمار " كل مايملك يعلمه لهم ، حكي لهم عن التاريخ والجغرافيا والتربية القومية ، حكي لهم عن ايزيس واوزريس وست ، حكي لهم عن جمال عبد الناصر والسادات ومبارك ، حكي لهم عن النكسة والنصر ، حكي لهن عن احداث الامن المركزي وقتما فرض الجيش حظر التجول فصفق له المصريين وانطووا تحت جناحه مطمئنين ، حكي لهم عن عمر مكرم الشيخ الجليل وعن عبد الله النديم وسيد درويش ، عن عرابي وسعد زغول والحمار المالطي الذي تشاجر مع مصري فمنح الاسطول الانجليزي ذريعة احتلال مصر سبعين سنه ....... حكي الاستاذ المدرس لتلاميذه ابناء القرية الفقيرة كل مايعرفه من حكايات ومات ذات يوم وسط لجنة الامتحانات وهو يتشاجر مع الاهالي الذي صمموا يفسدوا التعليم ويفسدوا الطلاب ويغششوهم اجابات الامتحان ، تشاجر معهم بغضب يشرح لهم انهم يضروا اولادها ويضروا الوطن ، كرامته اهينت وقتما " ردحت " له ام ودفعته في صدره وكادت تضربه لانه مزق ورقه الاجابات وحرم ابنها الحيلة من النجاح في الامتحان ، يومها عاد  الاستاذ المدرس لابله لولو كسير النفس مهان ، حاولت تطيب خاطره وتشرح له انه كمثل " الرسول " صاحب الرساله والواجب واكم من رسل اهانهم الكفار خوفا من رسائلهم الربانية ، يفهم كلامها لكن كرامته اوجعته واجعت قلبه حتي كف عن الخفق و.........مات الاستاذ وبقيت ابله لولو ارملته في بيتها الريفي الفقير بمعاشها القليل ووحدتها تربي الكتاكيت ، لم تصرخ في خرجته ولم تلوم السيدة التي اوجعت كرامته ولم تبكي حتي لاتحرق جسده الطيب في قبره بنيران دموعها واستسلمت لقضاء الله وقدره وعاشت لكتاكيتها !!!
فقط العرسة التي تخاف منها ، العرسة تباغت الكتاكيت وتقصف اعمارهم وتلتهمهم " لحم وعضم وريش ومنقار " ، تكره ابلة لولو العرسة ، غادره خسيسه ، هي العدو الذي تعرفه وتكرهه !!!
و......... كثيرا مايعود لخيالها الحلم الذي شاهدته مرة واحده ولازمها العمر كله ، يعود لخيالها الحلم والوجوه التي لاتتذكر ملامحها ولاتعرف اسماءها ، يعود لخيالها فتتعجب ، هل ستحين اللحظة التي حذرهم منها الحلم واعدهم لها ، اماسيبقي الحلم حلم خيالي وتمضي الايام مثلما تمضي !!!
في الشمس جالسه تغني للكتاكيت وعينها علي " الفرن البلدي " الذي ستخبز فيه للمسافرين " الزاد والزواد " ليقيهم شر الجوع والخوف حتي تعود للايام طمأنينتها وينقشع الظلام المخيف !!! تنظر للفرن البلدي وتضحك لان الحلم الذي عاشته ذات ليله مازال في خيالها حقيقه تنتنظرها تتحقق و................ ربنا يكفينا شر العرس !!!
بيتك بيتك ، بيتك بيتك ............ بيتك بيتك ، بيتك بيتك !!!!

( 8 )
مش حتقدر تغمض عينيك

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة السويس لتستريح من رحلتها الطويلة ...
استعدت النساء في البيوت باللب والبطاطا المشوية والحرنكش والبطيخ المثلج واشتري الرجال الحشيش والبانجو والمزاج العالي وسقعوا البيرة ، اتصلت الحبيبات بالاحباء يخبروهن ، مش حابقي فاضيه خالص النهارده وممكن نلغي الميعاد ؟؟ وتنفس الاحباء الصعداء فقد هونت عليهن الحبيبات عبء الاعتذار عن الميعاد الغرامي الذي لامعني له والفضائيات تزف لمتفرجيها الحدث الاكبر ، انتظرونا ، فانتظروهم ، وتلاحقت المشاهد علي الشاشات امام العيون البليدة المفتوحه الزجاجيه ، كل المذيعات والمذيعين يزفوا لمتفرجين الحدث الاكبر ، مالذي سيحدث بعدما رست البارجة الحربية الامريكية في مياه قناة  السويس ، مالذي سيحدث ، مفاجأت رهيبه فانتظرونا ، فانتظروهم ، الحاجات الساقعه في التلاجه والبيرة "مشبرة" والفحم مولع والجوزة جاهزه واللب والسوداني والبطاطا والترمس والشاي علي النار ياتيجي ياما تيجي اهو كب وفار والنبي النبي تيجي ، وبكت بعض الفتيات اللاتي افسدت البارجة الحربية "ليلة حنتهن" وقد استعددن للرقص والميوعه وعرض البضاعه " الالماظية " علي اهل العريس وبدل الرقص والصاجات ، بكين لكنهن سرعان ماتمالكهن انفسهم فالحنة مقدور عليها والفرح كمان لكن اللي حيحصل النهارده مش حيتكرر تاني طول العمر ، ان كان حيفضل ليهم عمر ، قرر عريس متهور انه لن يتابع اي شيء واياكش تولع وصمم يدخل علي عروسه التي تداعب خياله وتلهب رجولته شهورا طويلا ولم يكترث بغضب العروسه التي اخطرته ان المدعوون لن يحضروا فرحهم ولا الرقاصات فالكل مشغول بما سيحدث الليله بعدما رست البارجه الحربية الامريكية في قناة  السويس ، لم يكترث العريس وصمم يدخل عليها ويمارس شهوته المكبوته طويلا واللي يحصل يحصل و................ ارتفعت اصوات المذيعين والمذيعات والموسيقي الاوبرالية المهيبة التي جعلوها خلفيه لنداءاتهم الملحة للجمهور ان يبقي امام قنواتهم لايغيرها و.... مش حتقدر تغمض عينيك ، سحابه من الصخب المجنون ونداءات المتزايدين في اسواق بيع العبيد ، صراخ وانفعال واهتمام وترقب وتوتر ، سحابه من الصخب المجنون تصم اذان الوطن وتغلق قلوب مواطنيه قليلي الحيله اسري اللب والسوداني والحشيش والبيرة المشبرة والفضائيات الكثر ، انتظرونا ، فانتظروهم ومازالوا ينتظروهم!!!!
الجميع في انتظار الحدث الرهيب الذي سيشهده الوطن ويتابعه المتفرجون من كل دول العالم العربي والشرق الاوسط الكبير والعالم الحر والنظام العالمي الجديد ، مالذي سيحدث بعدما رست البارجة الحربية الامريكية في قناة  السويس !!

( 9 )
حورس

في القرية الصغيرة التي كانت تل العمارنة في الحقب البعيدة وبجوار اطلال المعبد القديم للاله اتون ، واشعه الشمس تنير المعبد واطلاله وبقايا كهنته وكهنوته ، كان حورس الصغير يختبأ وسط اليمام علي فرع مائل من شجرة التوت التي زرعتها نجية الحكيمة ، زرعت نجية الحكيمة الشجرة وبنت عش اليمام ودست حورس وسط الصغار واوصته الايتكلم حتي يتعامد قرص اتون فوق راسه يمده بالروح والقوة ، صمت حورس ونام وتحلقت حوله افرخ اليمام الصغيرة تلقمه من روحها لروحه زاد الصبر والانتظار وخبأته من الحديات الشريرة والثعابين ...
نجية الحكيمة ، تاجرة في السوق في المدينة الصغيرة التي تشبه المدن ولاتشبهها ، وكأنها قرية صغيره حرموها من الحقول الخضراء فتحولت لمدينه صغيره يكويها شوق الرجوع لاصلها كقرية تعيش في سلام وسط الحقول الخضراء ، نجية الحكيمة تاجرة في السوق تبيع وتشتري كل مايمكنها التجارة فيه ، مات زوجها التاجر الكبير في رحلة طويله ، خرج فيها ولم يعد لاهو ولا ماله ولابضاعته التي كان سيشتريها ، مات وترك لها سبع ابناء ، منهم من وقف معها في المتجر ومنهم من سافر وهام علي وجهه ولم يعد ، والبنات تزوجن وانشغلن باطفالهن والحياة سارت مثلما سارت ..
من اطلق عليها نجية الحكيمه لااحد يتذكر ... ربما اطلقوا عليها هذا الوصف وقتما تشاجر التجار في السوق وكادوا يخرجوا السيوف والسنج ويقتلوا بعضهم ، يومها تصدت نجية للحرب الدائرة في السوق واقنعت التجار بالتراضي والتسامح وقالت لهم كلام قاله قبلها الكثيرين ، لكن نجية نطقت بما اقنعهم اوضحت لهم عبث مايفعلوه وهم " الاهل والخلان " واخجلتهم من حمقهم واندفاعهم والغضب الاسود في قلوبهم ، احترموا كلماتها وتصالحوا و....... صارت نجية الحكيمة حكيمة ، يحتكم لها المتخاصمون ويشتكي لها اصحاب الحاجات وتسالها الزوجات النصيحه لمصالحه الازواج الذي يفجر السوق وصراعاته في قلوبهم الوحشة والغضب ، تسمع الجميع وتفكر كثيرا وسرعان ماتجيبهم بما يسكن اوجاع ارواحهم ويطمئنهم ويعيد لنفوسهم السكينه ، و صارت نجية الحكيمة حكيمة !!!
يقول البعض انها خابرت الحياه بعدما مات زوجها وترك لها اطفاله السبع يقصموا وسطها ويحملوها باعباء تعجز الرجال عن حملها ، يقول البعض انه لولا حكمتها لالقت الاطفال لاسره ابيهم وتزوجت وعاشت حياتها التي قضتها ارمله تربي رجال ونساء تنوء بحملهم الجبال ، يقول البعض ان حكمتها انقذت السوق من قتلي وارامل وان متجرها الصغير لايكسب ماتنفق منه علي اولادها لكن ستر ربنا يشملها ...
نجية الحكيمة ، تربي يمام فوق سطوح منزلها ، هو الخير هو الرزق هو رحمه ربنا ، تصف يماماتها البيضاء وهي تحوم فوق السطح ، تطير وتعود للعش ، تربي يمام فوق سطوح منزلها وتراعاه وكان جهدها لم ينفذ وهي تربي الاولاد والبنات ، نجية الحكيمة ، زرعت حديقه بيتها بالاشجار ، كافور وسنط وجميز وتوت ، زرعت امام سور البيت اشجار عاليه تنشر الحياه والظلال علي الارض القفره في المدينة الصغيرة ، الاشجار تأتي بالجنه علي الارض ، والجنه للمتقين مكافأة وثواب ، تزرع الاشجار وترويها وتقلم فروعها وتنشر الظلال علي الارض...
ولانها الحكيمة ، اوصتها الالهه وقتما اغرقتها في البحيرة المقدسة بحمايه حورس حتي يتعامد قرص اتون فوق رأسه بالحكمه في الميعاد المكتوب ، ولانها حكيمه قررت تخبئه وسط يماماتها البيضاء ، انتقت اعلي شجرة توت ، واخبئت فيها حورس وسط اليمام وتركتهم يقتاتون من عسلها حتي اللحظه الموعوده ، ولانها حكيمه اخفت سر وجوده عن كل من حولها حتي اولادها ، ولانها حكيمة لم تسأل حورس مالذي سيفعله وقتما تتعامد شمس اتون فوق راسه تمنحه الروح والقوة ، لم تساله ولماذا تسأل ، وياخبر النهارده بفلوس بكره يبقي ببلاش !!! هي فعلا نجية الحكيمة !!!

( 10 )
عقود الويكة

تتحرك ام سعد العجوز الضريرة بحذر فوق سطح منزلها تعلق عقود "البامية " الخضرا علي الاعمدة تجففهم علي دفء الشمس استعداد لموسم القحط وقتما يموت الزرع ويجف الضرع و" نشوف اللي مكتوب علي الجبين " ، ام سعد  العجوز عاشت "الهوجة" زمان ، عاشتها او هكذا تتصور ، ربما سمعت قصه " الهوجه " من جدتها التي كانت تحكي وتحكي وقتما هزم " الولس " عرابي ...
ام سعد  تقول انها فقدت بصرها في "الهوجة " لما الضرب اشتغل واتغدر بالجدعان ، صالح حفيدها المسافر للخليج يؤكد وقتما يعود في اجازاته القليلة منذ سافر وتركها من سنوات بعيده ، يقول ان جدته فقدت عقلها وتحكي حكايات جدتها وكأنها عاشتها ، وان امه نبهته قبلما تموت ان جدته خرفه وحذرتة لايستمع لها ولا لحواديتها المجنونة ، سمع نصيحه امه ولم يسمع لجدته ولم يطيعها و سافر للخليج للعمل هناك ، متجاهلا جدته التي رفضت سفره وصرخت في وجهه وقت عرفت قراره ، صرخت في وجه وحذرته من تعابين الصحرا اللي مايبانش عليهم انهم تعابين ، صالح ضحك من حديث جدته الخرفه وسافر وتركها  " تلضم " عقود الباميه الخضراء وتجففها في الشمس وتخزنها في " البورية " سعيده ببصيرتها الثاقبه التي اكدت لها ان "الهوجه" راجعه و" الولس " حيهزم الجدعان وساعتها مش حيلاقوا الا  "عقود الويكة " التي خزنتها لياكلوا منها لغايه مالارض تطرح تاني !!!  ..
ياواد ياصالح متسافرش في البلاد اللي بتسكنها العفاريت، ياجدتي ماعفريت اللي بني ادم ،ماهو ده اللي باقوله ياواد ياصالح ، حد ناصح ياواد يبيع المية الحلوة ويشتري مية " معية " مالحة ، حد ناصح ياواد يرفص النعمه اللي حداه وعينيه تزوغ علي النقمة ويشتريها بعمره ، ياصالح ، الولس هد عرابي وغدر بيه والغدر طول عمره هناك ، ماتروحش تبيع لهم عمرك ، ده مقصدهم ياواد ، يشتروا عمر الرجاله بتراب الفلوس ويسبوا الحريم بالاحمر والاخضر ويهدوا المعبد ويغدروا بعرابي باشا تاني!!!!
تصرخ ام سعد في حفيدها وهي تلضم البامية الخضراء اعواد ويكة للزمن الاغبر اللي اكيد جاي ، تصرخ فيه فلايسمع صوتها ويقرر انها خرفة ، يشوح لها بيديه ولايطيع مخاوفها ويقرر الرحيل !!!
تراه بقلبها وهو بليد الحس لايفهم ماتقوله ، وكيف يفهم وهو لم يتعمد معها في البحيرة المقدسه ولم يحصٌن بحكمة القدماء ولم يزرعوا في روحه القاحله خصوبة حكمتهم وبصيرتهم ، سافر ياصالح ، ولما ترجع مدلدل مكسور الخاطر والنفس والايام يشح خيرها مش حتلاقي غيري مستنياك وعقود الويكه تاكل منها لغايه ماتلم نفسك وتفرد ضهرك وترجع تعزق في الارض السمرا وتصالحها ، سافر ياصالح ولما تتوه وتصعب عليك الايام وتتعلم ان الولس ضحك عليك زي ماضحك علي اللي اجمد منك ، لما ربنا ينورك قلبك بالبصيرة وتشوف اللي انا شايفاه وانا كفيفه وانت مفتح عينيك ، لما ربنا يهديك ، ارجع حتلاقي باب داري وحضني مفتوحين ياصالح ليك ولكل الجدعان اللي زيك!!!
ويسافر صالح وتبقي هي تلضم في عقود الويكة وتنشفها في الشمس للايام الغبرا!!!

نهاية الجزء الاول ويتبع بالجزء الثاني

كل هذا حدث في يوم واحد ( الجزء الثاني ) ا


الجزء الثاني
" رسالة حورس لاهل المحروسة " 



وتنامي ليه تحت الليالي 
اتكلمي 
وليه تسكتي زمن 
اتكلمني 
ليه تدفعي وحدك التمن 
اتكلمي 



( 11 )
الجميلة والوحش

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة  السويس !!! 
همس الكثيرين ، الامريكان وصلوا ، فاستعد الباعه والسماسره لعرض بضاعتهم علي البارجه ورجالها ، وسقط قلب البعض في ارجلهم ، وتذكروا ايام "محطه صوت العرب" التي كانت تحذرهم من الامبرياليه الامريكيه والشيطان الاكبر لكن "القناة  المشبوة اياها " اللطيفه طمأنتهم واذاعت عليهم افلاما وثائقيه تؤكد لهم ان صوت العرب كاذبه ولم تكن تذيع عليهم الحقيقه وان امريكا ابدا لم تكد امبرياليه ولااستعماريه وان جمال عبد الناصر شيد السد العالي لخراب مصر بعدما طبلت الارض من كثره المياه الجوفيه واصبحت لاتصلح الا لزراعه الفراولة الاسرائيليه وخوخ الصوب المحشو بالدود وظلت تحاصرهم بمنظر الدود داخل ثمرات الخوخ المصريه حتي صدقوا ان ارضهم لاتطرح الا دود وان الصحراء التي منحتها قطر للامريكان قاعده عسكريه لاتطرح الا فخرا عليت راياته في ليبيا الشقيقه التي دعت قطر فيها اصدقاءها من حلف الناتو ليطلقوا صواريخ طائراتهم ولهيبها فوق رؤوس الليبين ثمنا رخيصا للتحرر من سلطه المجنون وشراءا لسلطه الوحوش الجدد ...
اذاعت القناة المشبوهة اياها عشرة مرات كل ساعه فيلم الجميله والوحش لتؤكد لكل الخائفين ان الوحش يحمل في جوفه قلبا طيب ولايريد بهم شرا ولا قتل كمثل العم سام الطيب ، واذاعت عشرة مرات كل ساعه فيلم سونيا والمجنون لتؤكد لهم ان المجنون هو انت عزيزي المشاهد الذي يفكر بعقله وبراحته تمردا عن اسر بثنا المباشر وسونيا هي امريكا المبتسمه في وجه المجانين فلايفهموها قدر طيبتها فتضطر لضربهم بقنابلها حتي يفيقوا ويعودوا لرشدهم ويقسموا ايمانات مغلطة ان القاعده العسكريه الامريكيه في قطر لاتثمر الا فخرا عربيا يترك بصماته فوق جثث كل القتلي الذين حرمهم شيوخ الفضائيات من مرتبه الشهيد ومنحوها للقتلي المأجورين ارباب السوابق في البلد التي لانعرف اسمها !!! 

( 12 )
ام ميلاد

خالتي ام ميلاد حفيدة احفاد المقدس روحه ابونا بطرس ، الذي نزل علي القاهره واسرته وحريمه وجيوبه الخاوية وقلبه العمران بالايمان غريبا قلقا ، نزل علي دير الملاك حيث حطت راحلته بلا تخطيط مسبق ولا اختيار ، غريبا في مدينة لايعرفها ، وسط اناس لايعرفهم ، فارا من مجنون متعسف ، وحين قابل الشيخ عبد الوهاب كبير الحارة الصغيرة في دار الملاك وعين اعيانها وارجل رجالها ، شرح له ماحدث لهم والبطش الذي هربوا منه ، استجار بطرس بالشيخ عبد الوهاب الذي اجاره وحماه وطمأنه ومنحه البيت والارض واكل سنه وخزينها حتي يفتح الله عليه بالعمل والسترة..
شرح الشيخ عبد الوهاب لتلاميذه في الجامع الصغير ان سيدنا النبي تزوج بماريا القبطيه واوصانا باقباط مصر وانه اجار المقدس تنفيذا لوصيه سيدنا النبي التي يتعين علينا جميعا تنفيذها ، المقدس روحه ابونا بطرس وعد الشيخ عبد الوهاب يرد له ثمن البيت وقتما تتحسن الاحوال ، لكنه لم يرد للشيخ عبد الوهاب ثمن البيت وعاش ومات حافظا لجميله  ، ايضا الشيخ عبد الوهاب لم ينتظر منه ردا ، ومات الاثنين وبقي البيت العتيق في دير الملاك ملكا لخالتي ام ميلاد  التي تطعم المساكين في رمضان من كل عام ردا لجميل ودين ابوها الشيخ عبد الوهاب صاحب الفضل عليها وعلي كل جدودها!!!
الان .. تجلس خالتي ام ميلاد علي كنبتها الاسيوطي المريحه ، تحدق في ام النور ، تشكرها لانها وضعت ابونا الشيخ عبد الوهاب صاحب الفضل في طريق المقدس روحه ابونا بطرس لينقذه ، تشكرها وتتمتم "" ايتها العذراء مريم اشفعي فينا امام المسيح "" وتتمتم وتتمتم ..
جالسه امامها عيدان "الغله الخضراء" تجدل منها ضفائر وايقونات وصلبان لتهديها لكل احبائها يوم الغطاس ، تحدق في الصورة الباهته التي حصلت عليها في مولد سيدي كيرولس وهي صغيره واحتفظت بها طيله حياتها امانا وطمأنينة ، حدقت في الصورة الباهته وهمست "بركاتك ياام النور اشفعي فينا اشفعي فينا  " ..
تغزل وتضفر في الغلة الخضراء وتنتظر مالا تعرفه ... تنتظره وتخاف فتنظر لام النور تسترجاها تنقذها !!! عجبا ياام ميلاد من العفريت الذي يتقافز في صدرك وكأنك تعرفين كل ماسيحدث!! ادعي لام النور ياام ميلاد ادعي لها تنقذكم !!! ادعي .. ادعي !!!
تجلس علي كنبتها الاسيوطي المريحه في صالة البيت العتيق في دير الملاك ، هذا بيتها وبيت اجدادها ، ورثته عنهم وورثوه هم عن اجدادهم ، قالت لها جدتها الست ام الرجاله ، ان البيت وهبه للمقدس روحه ابونا بطرس جدهم الاكبر ، وهبه الشيخ عبد الوهاب شيخ الحارة وقتما عرف برحله المقدس روحه بطرس الفار من الصعيد بعدما استبد بالزمام والقرية والسوق رجل مجنون زعم ان الله فوضه يحارب النصاري فطاردهم ومنع البيع والشراء والتعامل حتي يعودوا لرشدهم وبدخلوا في دين الله افواجا ، ورغم ان الشيوخ والكبار في الزمام نصحوه يكف عن اذاه ظلمه وافتراه ولكم دينكم ولي ديني لكنه لم يفعل واستمر في عسفه وترويعه لاهل الزمام جميعا فخاف منه الباعه في السوق بعدما هددهم يحرق متاجرهم اذا باعوا او اشتروا للنصاري و.. قد اعذر من انذر ، خاف الباعه وخافت النسوه في الاسواق رغم يقينهم بالظلم الذي يمارسه المجنون عليهم جميعا فاطاعوه لانهم عجزوا يقولوا للغولة عينك حمرا ليه ، ففر الاقباط من سطوة جنونه لمصر المحروسة البعيدة عن ظلمه وافتراه وحيث ربنا رب قلوب ورب كل المصريين ...
في تلك الايام الصعبه ، فر المقدس روحه ابونا بطرس من الصعيد مع اسرته تاركا ارضه وداره وعظام المقابر داعيا لام النور تنقذه واسرته الصغيرة فيسرت له الطريق وهونت عليه الغربه وانتقت له الشيخ عبد الوهاب الرجل الطيب الذي يعرف ربنا ليجيره في وقت الشده ، هذا ماقاله ابونا المقدس روحه بطرس لابناءه واحفاده وهو يشرح لهم لماذا اجاره الشيخ عبد الوهاب ، اصل ام النور اتشفعت لينا وشفاعتها اتقبلت ، هذا ماكان يقوله المقدس روحه ويصدقه كل الابناء ...
خالتي ام ميلاد ، حفيدة المقدس روحه ابونا بطرس ، تجلس في بيتها الذي توارثته الاجيال تضفر في الغله الخضراء وتحدق في صورة ام النور وتتضرع لها ، هوني علي الخلق اللي نابهم واللي حينوبهم ، هوني عليهم وقويهم وطهريهم من غلبهم وهمهم وقساهم ، اصل المهموم يابركه اللي قلبه حجر ، منصاب والناس مش داريه بيه ، انا بادعي له والبركه من عندك ،هوني علي الناس يابركة هوني علي الناس ...
تتمني خالتي ام ميلاد لو عاد حفيدها ابن وحيدها من بلاد العم سام ، تتمناه لو لم يسافر اساسا ، دي بلاد غربه وغريبه مهما قالت انها حبيبة ، تتمناه لو بقي بجوارها يضفر في الغله الخضراء ايقونات وفرحه ، لكنه قرر يسافر لان المجنون الذي طارد ابونا المقدس روحه بطرس عاد يطارده ، شرحت له خالتي ام ميلاد ان الايام غير الايام والصعب حيهون لو كلنا بقينا ايد واحدة ، تذكره بالشيخ عبد الوهاب وكل شيخ مثله فتح داره وحضنه للاخوه في الوطن والانسانيه و" كل من له نبي يصلي عليه " تذكره ان البلاد الغريبه مابتحبكش ولا حتحبك ، هنا بس حبايبك ، لكنه يصمم يهاجر ويعدها بزيارات كثيره ويؤكد لها ان مصر في قلبه وانه سيتظاهر امام البيت الابيض يطالب بحقوقها وحقوق المقدس روحه الاب بطرس ، تشوح له بيديها لايعجبها كلامه ، هو انت صدقت ياولد ان البيت الابيض ينفع في اليوم الاسود ؟؟ ماينفعش في اليوم الاسود الا وقفتنا علي ضهر راجل واحد نزيح الهم ، حقوقنا مش حيجيبها البيت الابيض في البلاد الغريبه ، البيت الابيض لا عمره حبنا ولا حيحبنا ، هنا ياولد البلد اللي عشنا فيها وحنموت فيها ولما يكون لينا حقوق نطالب بيها هنا ياولد مش ندي البلد ضهرنا ونعيط ، زي الوز حنية من غير بز ، خليك ياولد !! لكن الولد يهاجر للبلاد الحرة ويصرخ امام بيتها الابيض يطالبهم يحموا خالتي ام ميلاد ويدافعوا عنها ، يسمعه احيانا البيت  الابيض وكثيرا ما يصم اذنيه عن طلباته وصراخه حسب بوصله المصلحه ما تقود جيوشه ومدافعه ، تضحك ام ميلاد علي خيبته التقيله وتتمناه يعود ، ماضاع حق وراه مطالب ياابن وحيدي لكن محدش يسيب داره ويرجع يعيط ويقول ماحدش سامعني ليه ، اصلك ياولد بتأدن في مالطه ومالطه ياولد سمعها تقيل زي البيت الابيض وكل واحد منهم بيدور علي مصالحه وبينام علي الجنب اللي بيريحه هو مش بيريحك انت !!! ارجع ياولد وصدقني مافيش احن عليك من بلدك ودارك وام النور تباركك وتبارك بلادك !!!
لكن " الولد " هاجر ولم يعود !!! وبقي مثل الضباع يصرخ في الصحراء امام البيت الابيض يتمناهم يحنوا عليه ويدافعوا عن حقوقه التي ترك بلدها وسكن بلدهم ، تضحك خالتي ام ميلاد ، مهما تهاتي ياولد محدش حيسمعك بقلبه الا الشيخ عبد الوهاب اللي اجار المقدس روحه ابونا بطرس واجارنا ، الشيخ عبد الوهاب ياولد مصري من ضهر مصري يفهم في الاصول والواجب والجيره والوطنيه ، فتح حضنه لابونا المقدس روحه لانهم اخوات في الوطن والدم المصري بيجري في عروقهم وبيتكلموا من اليمين للشمال زي بعض ، انت ياولد بتضيع وقتك مع الخواجات اللي لاحيفهموا لغوتك ولا حيسمعوا وجعك وقلبهم مقفول في وشك و.... ارجع ياولد ، هنا بس ، هنا بس عمر الدم مايبقي ميه !! لكن الولد مازال مهاجر و............ مازالت خالتي ام ميلاد تغزل في الغله الخضراء تصنع الصلبان والايقونات والبهجه وتترجي ام النور تتشفع للمصرين كلهم في اليوم الصعب !!!!  

( 13 )
الزينة

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة  السويس !!! 
تدافع جنودها لاسوار البارجه يلوحوا باكفهم التي تتساقط منها الدماء السوداء ، يلوحوا للمصريين المتحلقين حول البارجه ينتظروا بيعا او شراءا او قتلا او موتا ، لوح لهم المصريين فرحين بالزياره الميمونه التي ستمنح بلدهم المنهك من كثره الاعتصامات الفئوية بضائع سيدفعوا ثمنها في المستقبل القريب بعدما تنهمر معونات الاتحاد الاوربي علي راس وطنهم الذي سيعجب الممولين ادبا وانصياعا بعد ما تفلح امريكا في تقليم اظافرهم ونزع انيابهم وقص شواربهم واحتجازهم كمثل الحيوانات المجنونه في الاقفاص التي بلا ابواب ولا مفاتيح ليكونوا عبره لكن من يسلم قلبه لدراكولا فيشرب دمه ويتركه باردا بليدا بلا دم - او هكذا تتمني وتسعي - لوح لهم المصريين فرحين بالزياره الميمونه واستبشروا خير بالحياة الجديدة في مصر الجديدة ...
مازال الجنود يلوحون لهم باكف تقطر دما اسود ومازال المصريين يستبشرون خير ، الحق ، كانت البارجه الحربية في ابهي جمالها متزينة بالجمال ، كعروس تستعد لليله فرحها ، يسطع جسدها الاسود ببريق سرقه الضباط الامريكان من اعين كثير من الضحايا قبل قتلهم والقاء جثثهم في البحر في معارك كثيره لم يعدوا يتذكروا اماكنها ولا اسمائها ، كانت مزينه بالشرائط الستان الوردية  الكثيرة !!! المدافع ومنصات اطلاق الصواريخ واقمارالتجسس وشبكات الردارات واجنحه الطائرات الرابضه فوق السطح وفوهات المسدسات الصغيره والتوابيت التي اعدت للقتلي والحقائب التي ستلقي فيها جثثهم في البحر ، كلها كانت مزينه بالشرائط الستان الورديه ، افخر انواع الشرائط الستان بلون وردي مبهج يخدر الاعصاب حتي تقتل وانت سعيد لان مدفعا انيقا مزين بشريطه ورديه قد تفضل عليك مشكورا واطلق عليك دانته فمزقت جسدك وبعثرته بقاياه ومنحتك قصرا كبيرا في مدينه الشهداء...
البارجة مزينه بالشرائط الستان الوردية وتصدح منها اغنيات وطنيه علي المزاج المصري ، الجنود والضباط المتزاحمين علي اسوار البارجه قرب حافتها من جميع الجهات ، يرفعوا عقيرتهم بالغناء ، مصر هي امي نيلها هو دمي !!! كان صوت وصخب ونشاز " الدي جي " عاليا فايقظ شعب مصر كله من النوم !!!!

( 14 )
انتي صفية

تركت الحي الراقي التي عاشت فيها شبابها والمدينة المزدحمة التي تفخر بالانتماء اليها وقررت تعود ل " سراية " ابيها في البلدة الصغيرة التي تحمل اسمه .. الحقيقه انها ليست سراية ابيها ، بل سراية جد جدها ، الضابط المصري الذي مات في المعركه التي دارت عند التل الكبير وقتما حارب مع عرابي باشا المعركة التي انتهت بالهزيمة واحتلال مصر بالجيش الانجليزي !!!
جدها ورث الارض من اجداده ، وبني علي جزء صغير منها " السراية " التي زين شرفتها الواسعه بالاعمدة العالية وافترش ارضها بالبلاط الملون وعلق علي جدرانها النياشين والاوسمه التي حصل عليها اجداده المحاربين ، مات الجد في هوجه عرابي وبقيت السراية شاهد علي وجود ضابط مصري محارب منح حياته للحريه وللوطن ولم ينتظر تكريما !!!
لعائلة  محاربين تنتمي انتي صفية ، جد جدها حارب مع عرابي و ابيها مات في حرب اليمن ، وزوجها مات في حرب اكتوبر ، تحتفظ هي بكل النياشين والاوسمة التي تقلدوها تكريما لبطولاتهم في سبيل الوطن وتحرره من الملك والانجليز والرجعية العربية واسرائيل وامريكا ...
انتي صفيه ، قررت تترك المدينة التي امتلئت بالوجوه الغريبه وتعود لسرايه اجدادها تتأنس بارواحهم الطاهره وهم احياء عند ربهم يرزقون ، عادت للسراية وملابسها والبومات صورها وسيرة العائلة العطرة ...
باتت اول ليلة في غرفة جدها ، خشب عتيق ومراية انطفت لمعتها وناموسية احاطتها بانفاس الاحباء ... في الحلم زارتها كل الجيوش ، جدها بسيفه وابيها بمدفعه وزوجها بالطائرة المقاتله التي سقط بها فوق التل الكبير بعدما اسقط طائرته صاروخ ارسلته امريكا مباشرة من مصانعها لسيناء لانقاذ جيش الدفاع الاسرائيلي الذي تبعثرت كرامته فوق رمال سيناء ، الصاروخ الامريكي خرج من منصة امريكية بايدي اسرائيلية واشعل الطائرة التي يحارب بها بطل مصري فانفجرت وتساقطت شظاياها فوق التل الكبير فاحتضن جسده المبعثر جسد جد زوجته التي الذي مات برصاصه انجليزيه جاءت من بلادها لتحتل مصر ، تعانق الشهيدين وناما قريري العين في ارض التل الكبير ينتظرا بعثا جديدا يحاربا فيه وينتصرا ، زارا انتي صفيه في الحلم مبتسمين ، لاتحملي همنا ولاتخافي علينا ولاتيأسي من غيابنا ، سنعود يوما ومعها كل الفرحة التي حرمتك الجيوش الغازيه من بهجتها ، في الحلم زارت كل الجيوش الوطنية عبر سنوات التاريخ الطويل انتي صفية واوصتها بالحفاظ علي السراية التي تحمل اسمائهم جميعا ...

( 15 )
مفتاح الحياة

غطسن جميعا تحت الماء ، تصورت كل منهن انها ستموت وبسرعه ، ستختنق من نقص الاكسوجين وستمتلأ رئتيها بالماء وتغرق ، الغريب ان كل واحده منهم احبت الغرق تحت ماء البحيرة المقدسه ولم تحاول الفرار من الموت الشريف في قاعها ، لكنهن لم يمتن ، البحيرة المقدسه وماءها الطهور يمنحوا الحياه لمن ترغب الالهة الحكيمه في تعميده في بركتها ، الفتيات الصغيرات غطسن تحت الماء ومعهن يوسف ، الكل يتجه صوب القاع بسرعه وفرح ، لايصدقن مايشعرن به ، تبا للاحلام تحقق المستحيل ، تتجاوز قوانين العلم والحياة والموت ، في الاحلام تملك تصنع عالما وهميا تعيش فيه لايلتزم بقوانين الحياه الفانية القصيرة ، الفتيات الصغيرات في الحلم الغريب يعشن معا لحظات مستحيلة ، لكنهن ورغم استحالتها يعيشنها معا ، وصلن قاع البحيرة ، علي ارضها الكهرمان جلسن متحلقات حول شجرة مرجان كبيرة يشع احمرها القاني في قاع البحيره فيحولها لنهار حاني لم تعتاد الفتيات ولايوسف علي دفئه ، جلسن الفتيات وبجوارهن يوسف ينتظروا ملا يعرفوه ، اقبلت عليهم سيدة طيبه ترتدي مفتاح الحياه في رقبتها ، رحبت بهم واحتضنتهم ومنحت كل منهم كسره خبز من التي خزن المصريين الاوائل مثلها في الغرفه السريه في الهرم الاكبر زادا للحياه الاخري التي سيعيشها كل المصريين بعد الموت الذي سيقطف اعمارهم احياء ، منحت كل منهم كسرة خبز ، لم يذق اي منهم مثلها من قبل ، هذا زاد المصريين الاوائل للحياة الابديه امنحه لكم لتحافظوا علي حياة مصر وقت الموت الجماعي ، انتم البصيرين لكل ماسيحدث ، ستروه وتعرفوه قبلما يحدث ، في جسد كل منكم وروحه تسري حكمه الاوائل القدماء ، هم فيكم وانتم فيهم ، هم انتم وانتم هم ، هم الاجداد وانتم الاحفاد ، هم الاحفاد وانتم الاجداد ، فيكم وبكم ستستمر الحياة ، عليكم تنبهوهم الا يخدعوا بالابتسامات الزرقاء ولا يمنحوا الغرباء طمأنينة ارواحهم ولايشتروا بضاعئهم المسممه ولا يؤمنوا بافكارهم ، عليكم تنبهوهم الا يقعوا في الفخ ، ولا يسيروا للهاويه سعداء مرتاحين بلداء ، عليكم تنبهوهم انهم حملة مشاعل الحضارة التي لم يكتب لها الاله موتا ولا محوا ، هي باقيه ونحن باقون وانتم باقون ، حذروهم نبهوهم اقنعوهم فهموهم ، المهم لاتتركوهم يُغتالوا فرحين بحفلات الموت التي سينصبها الاعداء لهم!!!
خلعت السيدة الطيبه مفتاح الحياه من رقبتها ومنحته لكل منهم وعلقته في رقبته ، الحياة لها مفتاح وحيد صنعته حضارتنا ، مع كل منكم نسخة ، تفتحوا بها بوابات الايام الصعبه وقتما تغلق كل الدروب في وجوههكم!!!
مازالت الفتيات جالسات تحت سطح البحيره المقدسه والماء الطهور يعلوا رؤوسهن ويغسل ارواجهن ويتسلل لمسام جلدهن يطهرن ، وينقش علي جبينهن رموز فك النحس ... هن ويوسف يتعلموا نفس الدرس ، كل منهم حمل في رقبته مفتاح الحياة الذي سيفتح الدروب المغلقه والابواب الموصده ويعيد الحياه للحياة !!!
و.............. تبا للاحلام ، تحل علي اصحابها بجنونها وتخاريفها فتزين لهم الاوهام وتجعلها وكأنها الحقيقه وتدفعهم ليصدقوا انهم مصطفين لدور لايعلموه وعليهم واجب سيأدوه وقتما يحاصر الموت الجماعي ارض الحضارة والنور ، تبا للاحلام ، تزين للنائمين الاوهام وتخدعهم ، و.............. تستيقظ النسوة من نومهن ومعهن يوسف يستعيذوا بالله القدير من شياطين النوم والاحلام ، لكن المفتاح المعلق في رقابهم يؤكد لهم انه لم يكن مجرد حلم !!!!!!!!!
ونسوا جميعا ماعاشوه في تلك الليلة وعادوا لحياتهم تؤرقهم اطياف المشهد الغريب الذي عاشوه معا دونما يدروا !!!!
و.......... كان ده ايه ده حقا ، حلم ولا علم ؟؟؟؟؟

( 16 )
بالمصري

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة  السويس تغني بالمصري !!! 
ضج الشهداء من الصخب في مدينتهم وكادوا يطلقوا مدافعهم تثقب البارجه من قاعها فتتهاوي تحت ماء القناة  مثلما تهاوت عروشا كثيرة وامبراطوريات تحت مياهنا الاقليميه ، لكن الحكماء طالبوهم ينتظروا ولايتعجلوا النصر ولا يتنازلوا عن المعارك ولايفقدوا الامل في الشهاده ، اصم الشهدا اذانهم عن الاغنيات النشاز التي تشبه اغانيهم انتظارا لساعه الصفر التي سيحاربوا فيها جميعا دفاعا عن الوطن الذي توحد شطريه منذ مينا وحتي يوم الدين ، استيقظ المصريين الشعب كله من النوم علي صخب البارجه وموسيقاها والاغاني الوطنيه المصرية التي يصدح بها الجنود بلكنه اجنبيه جعلت مذاق الاغاني المصرية مضحكا فكاهي ثقيل الدم !!! ضحك المصرين علي المسرح المنصوب فوق البارجه وقرروا يجاروهم في الضحك والسعاده ، ايام صعبه ثقيله يعيشها المصريين ولايمنع شيئا ان يضحكوا قليلا ويتناسوا همهم ولو كان ضحكهم وسخريتهم من بارجه امريكيه حربيه تكاد تنفجر من كثره التعالي والزهو الفارغ الذي يبعثره دانة واحدة تطلقها مدينه الشهداء علي قاع البارجة الغاطس في القناة  المصرية!!! 
وقف المصريين علي ضفاف القناة يراقبوا البارجة الحربية التي تغني بالعربي ويتراقص جنودها علي نغماتنا المصرية ، يتراقصوا بصعوبه ومشقه لان المسدسات المحشوة بالموت والمحشورة بين جلودهم الميته وبنطلوناتهم المزركشه بالبهجه تعيق حركتهم وتفسد علي مدرب الرقص الذي قضي سنوات طويله من حياته يعلمهم يرقصوا بالمصري ، تفسد عليه متعته بمشاهده تلاميذه الفشله وهم عاجزين عن الرقص المصري علي اصوله !!! 

( 17 )
شجرة جميز

يجلس يوسف تحت شجرة الجميز العجوز مثله بشعره الابيض وصباه المتوهج علي ملامح وجهه العجوز ، يعد الايام المتبقيه في السنوات العجاف وينتظر سنوات الرخاء والخير ، والجميز يتساقط فوق راسه احمر عسل فيرفع راسه للسماء متفائلا وينتظر بقيه العلامات ، ويسأل الجميزة هل سنعيش ايام الرخاء ؟؟ تبتسم الجميزة وتهمس ، اثبت يايوسف وانتظر القول الفصل من مدينه الشهداء وهي لن تتاخر علينا ، اثبت يايوسف وكل من ثماري مايقوي روحك علي الانتظار المر ...
يوسف ثابت مكانه من سنوات بعيده وصابر ينتظر اللحظة الموعودة كما قالت له السيده الطيبه في الحلم الغريب !!!
ومازال الحلم يراود يوسف .. كأنه تعمد في مياه البحيرة المقدسة ، كان واحدة من الالهة حممته ببركتها ، كأنها همست له ينتظر الرسالة التي ستأتيه من مدينه الشهداء ، كأنها اهدته فرس عربي اصيل وسرجه المرزكش بالاوسمه والنياشين ، كأنها قالت له هذا فرسه الذي سيمتطيه وقت الغدر ، حلم يراوده ولايغادره ، منذ طفولته وهو يصف البحيرة المقدسه والمذاق الصديء لماءه ويحكي لاقرانه عن الالهة التي حممته وعن الفرسة الذي اهدته له ، يسخرون منه اقرانه ويصفوه بالمجنون ، وتمنعه امه يحكي الحكايه وتضربه بقوتها علي شفتيه ليصمت ، فيصمت لكن الحلم لايغادره ... ومضي العمر واشيب الشعر ورسمت التجاعيد ملامح السينين المتعاقبه فوق وجهه وهو مازال ينتظر الرساله ، احيانا يشك في جنونه وانه يختلق اوهام وانه مجرد ابله فاشل لم يفلح في شيء لان ذهنه شارد طيله الوقت بحثا عن حقيقه الحلم ، وحين ينظر لمفتاح الحياة المعلق في رقبته يتأكد انه عاش اللحظه وان رائحه جسده الغريبه هي رائحه الماء المقدس وان العلامات الغريبه التي تخط اثرها في ذراعه هي اثار الاصابع القويه التي قبضت عليه وغطسته في الماء المقدس وانه وقتها حاول يفر من الماء لكراهيته للتحمم لكن الالهه القويه قبضت علي ذراعه وغطسته في الماء واسرت له بكل اسرارها وطالبته وقت يستيقظ ينسي كل ماشاهده وسمعه الا في اللحظه الموعوده ، وانه استيقظ فاقد الذاكره لكن الحلم بقي يراوده حتي اعتبره حقيقه وانتظر الرساله و.......... مازال ينتظر ويسأل نفسه وشجرة الجميز ، هل سنعيش ايام الرخاء!!!

( 18 )
الشوكولاتة

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة  السويس مزينة بالشرائط الستان الوردية!!  ووقف الادميرال العجوز يلوح للمستقبلين بالشوق والفرحة ، وقف يلوح لهم وهو يرتدي الطرطور الاحمر والدقن البيضاء ل""سانتا كلوز""  اتيت اوزع عليكم الهدايا والفرحة ، يلوح لهم فيلوحوا له ، والقناة المشبوهة اياها تقترب بكاميراتها من وجهه والصوت الاجش لمذيعها العربي يهنيء المصريين بالبارجة الحربية التي اختارت بلدهم اخيرا لتوزع عليهم هداياها ، خلف المذيع شريط وثائقي يذيع مشاهد من ولقطات لضحايا قنبله هيروشيما وقتما القت الطائرات الامريكيه هداياها علي شعب اليابان في عيد الميلاد ، ومشاهد ولقطات لضحايا الحرب الفيتنامية وقتما القت الجيوش الغازيه الامريكيه في الاحراش الاسيويه هدايا وقت عيد الميلاد ، المذيع يهنيء المصريين بالبارجه الامريكيه وصوته الفخيم ينعي ضحاياها المرتقبون بكل الفخر ، فمن هو سعيد الحظ الذي سيموت بشظايا البارجه الامريكيه ويدخل الجنه شهيدا ، ويابختم وحظكم ايها المصريين !!!! الادميرال العجوز يلوح للمتحلقين حول البارجه ويعدهم بالايام الاجمل !!!
اشار للضباط فاقتربوا من حافه البارجه واخرجوا مسدساتهم واطلقوا منها رصاصاتهم حبات من الشوكولاته المحشوه بالبندق والخدر والموت ، المسدسات تطلق شوكولاته فاخره صنعت للمصريين خصيصا احتفاءا واحتفالا بمقامهم العالي ومقام دولتهم الرفيع ودورها الاقليمي الذي سينتهي وللابد ، حسبما يري الادميرال الامريكي !!!
ووقف المصريين علي ضفاف القناة يراقبوا البارجه الحربيه " المبتسمة" وهي تنثر فوق رؤوسهم مشاعر المحبة وحبات الشوكولاته المحشوة بالخدر والغيبوبة ، ابتسم البعض وصفق واهتز جذعه مع صوت الموسيقي العاليه والتقط حبات الشوكولاته ودسها في فمه واحده عشره فتخدر بسرعه وسقط جسده مكانه فداست عليه الجموع ومات دون يدري لماذا مات ولا من هو سبب موته !!! بكت مدينة الشهداء وقتها في مشهد جنائزي مهيب ، حزنا علي من ماتوا بقطعه شوكولاته ولم يطلقوا من بنادقهم رصاصه ولم يشتروا بحياتهم الرخيصه فخرا ولا شرفا ولانصرا !!!
صرخ مذيع القناة المشبوهة اياها يهنيء المصريين باول الشهداء والضحايا ، اخذ يهرطق بخرافات من بنات خياله المريض ويهذي ، ابشروا ابشروا من مات بشوكولاته البارجه الحربية له قصرين في الجنة ، قصر لانه مات دون مقاومه والقصر الثاني لانه شهيد هدايا عيد الميلاد ، حدق المتفرجون في البيوت في الشاشات ، وامام عيونهم اولادهم اكبادهم يتساقطون صرعي حبات الشوكولاته التي توزعها عليهم البارجه الحربيه في عيد الميلاد ... بعضهم تمتم بالادعية للشهداء وبعضهم فزع لايصدق مايراه امامه علي الشاشات !!!
همست انتي صفية ، ده احنا في يونيو عيد ميلاد ايه ؟؟ ايه الكلام الفاضي ده ؟؟  سمعتها ابله لولو وسط كتاكيتها ووافقتها ، ماهو شهر النكسه يامدام ، زي مانكون موعودين كل يونيو نتنكس مره تانيه وعد ومكتوب علي جبيبنا ، ضحكت انتي صفيه وهي تتفرج علي التلفزيون  وهمست ، مافيش عيد ميلاد في يونيو ، وافقتها ابله لولو وهي وسط كتاكيتها بعيده ، يمكن عيد الموت يامدام ، ماهو لما كل يونيو نتنكس ، يبقي عيد ميلادهم وعيد موتنا ولا ايه يامدام .... وافقتها انتي صفيه وعادت تراقب مايحدث امامها وتهمس غاضبه من المذيع ، ليه بتحلي الموت وليه بتكذب كده ، ضحكت نجية الحكيمه وقالت لها بصوت عالي افزع حورس من وسط الشجره التي يختبأ فيها ، عبد المأمور يامدام عبدالمأمور وهو العبد يملك ايه غير يربط الحمار مضع مايعوز صاحبه ، الراجل المذيع ده بعيد عنك وعن حبايبك ، عبد مالوش في روحه حاجه ، مسبي يامدام وذليل فهموه ان عجين الفلاحه فن وان الغنج دلال وانه لازم يطاطي يطاطي علشان مايعلي ويعلي ويعلي !!
شرح لهم يوسف مايحدث ، ده اسمه السم في العسل ، حتي اسالوا قاضي الشريعه ، اسالوه ايه جزاة اللي يحط السم في العسل ويموت بيه الناس الطيبين ؟؟ ضحكت ابله لولو ، وهو ده محتاج قاضي الشريعه ، هما كلمتين مالهمش تالت ، غدار ابن غدار ابن كلب ، وافقتها ام سعد ، من يومنا مكتوب علينا الغدر حتي اسالوا عرابي باشا في الهوجه ، ازاي الغدر هزمه والولس قضي عليه ، و................وصمتت النساء اللاتي يكلمن انفسهن ويردن علي انفسهن وكأنهم مازلن في الحلم الغريب ... مازال الادميرال يلوح بايديه للمتحلقين حول السفينه ومازال النساء يتسامرن في الحلم ومعهن يوسف ومازال الحلم ياخذهن جميعا ويوسف للبحيره المقدسه وقتما تستعصي الاجابات وتزداد الصورة ضبابية و........... ومازال مذيع القناة المشبوهة اياها يهنيء المصريين باول شهداء البارجه الحربيه التي وزعت السكاكر والحلويات هديه عيد الميلاد .........

( 19 )
الرزق

الزرق من عنده ، هذا مايقوله عبد الله الصياد كل يوم وقتما يحمل شبكته ويخرج للبحر ، الزرق من عنده والبحر مالوش امان ، يودع اولاده ويقبل يد امه ويطالبها تدعو له ، الدعا امانه ياامة لغايه مايتكتب لي الرجوع ، في البحر يرمي شبكته ويصبر وحين يرزقه من يرزق الدوده في الحجر ، يعود لامه بالسمك الحي يتلاعب في البرميل الخشبي الذي يحمله فيه من البحر ، تبتسم الام راضيه لرضاء ربها عن عبده والزرق الذي افاض عليه به ، تساله عن مجيب ، ابنها الذي فجرت جسده دانه مدفع اخطأت الجنود المحاربين واختارته للشهادة والفخر ، تساله عن مجيب فيؤكد لها انه القي له بسمكه كبيره في البحر ، له ولزملائه تقوت قلبهم لغايه المراد مايحصل ، تبتسم الام وتدعو لابنها عبد الله الصياد بالرزق له ولمجيب ولكل الغاليين ...
اعتادت ام مجيب وكل ابناء بلدتها الصغيرة علي شط البحر ان يأكل البحر الاحباء وفي نفس الوقت يمنحهم الحياه برزقه الوفير ، عجبا للبحر ، يمنحهم الحياه والموت في نفس اللحظه ، اعتادت صراخ النسوه امام الشط وقتما تعود الزوارق الصغيره منكسه الرايات والاحبة اكلتهم الامواج والعواصف والاسماك المتوحشه ، اعتادت ام مجيب طقوس الحزن علي شاطيء البحر ، وقتما تلقي السيده بجسدها في الماء تتمني موتا بعيدا لتلحق بالحبيب الذي غاب وابتلعه البحر ، وقتما تبعثر السيدة بالرمال فوق راسها وتندب وهي تقفز علي رجل واحده وتخبط علي صدرها وتشق جلبابها وتتحول عينيها لكاسات دماء لاتفرز دموع وتكتفي بالنحيب والعويل وترديد مرثيات الحزن ، كل هذا اعتادت عليه ام مجيب ، اعتادت عليه وقبلته ، البحر غدار ، تقول النسوة العجائز ، ورزقه وفير ، يقول الصياديون و...... يوم كده ويوم كده ، يقول الحكماء ... اعتادت ام مجيب كل هذا ، لكنها لم تتصور ابدا انها ستقف مثل تلك النسوة ذات يوم علي شاطيء البحر تصرخ وتلقي بجسدها المشتاق للموت في اليم عله يبتلعها ويذهب بها لضناها وكبدها الذي مزقت جسده الدانة الحمقاء التي لم تكن تقصده لكنها تركت الكتيبه المرابضه في الجزيرة القريبه وسقطت فوق قارب الصيد الصغير الذي كان يعده ابنها للصيد والبحث عن الزرق ، يومها اثبت لها البحر انه غدار و...........عرفت ام عبد الله صوت الدانات القاتله والبوارج الحربية التي تطلقها فتخطف الاحباء من الحياة وتمنحهم القصور المزينه بالفخر في مدينه الشهداء ، ابني شهيد ، لم يحارب لكنه مات بدلا من جندي مازال يعيش في بلدته الصغيره ممتنا لرجل لايعرفه اقتنص الدانه والموت بدلا منه ، ابني شهيد والجيش كرمه واداله معاش و........ ياما البحر بلع رجاله وجدعان وياما كوت ميته المالحة قلوب النسوان والشهيد مابيموتش ، افرحي ياام الشهيد ،افرحي ياام الشهيد !!!!!
و........... تهيم ام مجيب بافكارها تتصور مدينه الشهداء وكيف هي وكيف يعيش فيها كل الحبايب ومعهم مجيب  ، ياتري ياهلتري عامل ايه ياقلبي وانت بعيد عن عيني ولوحدك ، يهمس مجيب لها ، الحبايب كتير ياام عبدالله   ويابخته اللي ربك يرضي عليه ويرزقه بالشهاده !!! تضحك ام مجيب  وتهمس ، الرزق من عندك يارب ، انت الرزاق !!!!

( 20 )
الادميرال الجاهل

مازالت البارجه الحربية واقفه في قناة  السويس والضباط يطلقوا من مسدساتهم حبات الشوكولاته ، ومازال الشهداء يتساقطون تحت الاقدام خدرا ومازالت القناة المشبوهة اياها  تهنيء المصريين بقتلاهم !!!
بكت مدينه الشهداء وفاضت دموعها حزنا علي الصرعي بحبات الشوكولاته المسممة ، فاضت الدموع مع مياه القناة  فتسارعت الامواج مخيفه قويه ، تأرجحت البارجة الحربية فوق سطح المياه حتي ظن الادميرال قائدها ان توسونامي قادم يطيح بهم  ، راجع الاحداثيات والقراءات والتاريخ والجغرافيا ، كل شيء يطمئنه ان مياه القناة  ساكنه هادئه لن تغدر ببارجته ولن تطيح باحلامه ، ابتسم ورفع صوت الموسيقي اعلي واعلي و" مصر هي امي" فتضاحك الشهداء علي غباء الرجل الذي خدعته الاجهزه التكنولوجيه التي قرأت الاحداثيات والارقام ولم تقرأ الروح الغاضبه التي تربض كالتنين تحت مياه القناة  تملك لو ارادت تحولها بركانا حارقا يطيح بالبارجه والادميرال والاحلام في ثانيه واحده ، لم يأتي وقتها بعد !!!!
ضحكت مدينة الشهداء لان الادميرال لايقرأ المصرية ، يترجموا له كل مايقال ، لكن الترجمه تعجز عن شرح الروح المقاتله التي تتوراي خلف ابسط الكلمات ، يطالع الترجمات بسرعه ويضحك لانه قادم لمعركه غير متكافئة ، سينتصر فيها بقطع الشوكولاته والشرائط الستان الورديه ، يضحك ببلادة لانه مترجميه سقطوا في فخ قديم نصبه كهنه المعابد لمن يتجرأ علي بردياتهم واسرارها ، يقرأها ولا يفهمها ، الروح المقاتله مطلسمة داخل كل النصوص لكن من يفهم ومن يدرك ومن ينتبه !!!
مازالت مدينه الشهداء تضحك علي الادميرال الجاهل الذي لايفهم في الحياه الا الارقام والاحداثيات والترجمات المبتورة ، الادميرال " ابو طرطور احمر " الذي يقف ببارجته فوق سطح مياه القناة  بمنتهي الاستخفاف يحمل في كفيه شوكولاته مسممه وشرائط ستان ورديه متصورا انه سيعود لاسرته سريعا ليلحق معهم عيد الشكر والديك الرومي المنتفخ الاوداج بعدما ينجز مهمته وينتصر في معركته علي شعب سيخدعه بالشوكولاته والشرائط الستان ، هكذا يظن الادميرال ولهذا تضحك مدينه الشهدا ، ومازلنا في بدايه المسرحية الهزلية التي كتبها امريكي ثقيل الظل ، يقرأ سطورها ويضحك ويتعجب لماذا لانشاركه الضحك ، دمك ثقيل ياسيدي وكلماتك لاتضحك و" مافيش اخف من دمنا احنا المصريين ولاد النكته " هكذا يقول له الشهداء في مدينتهم وهم يضحكون ويتضاحكون ... ومازال سطح القناة يبدو هادئا مسالما ومازال الادميرال ابو طرطور احمر يضحك ببلاده وجهل ويضحك!!


نهاية الجزء الثاني ويتبع بالجزء الثالث


كل هذا حدث في يوم واحد ( الجزء الثالث ) ا


الجزء الثالث
" رسالة حورس لاهل المحروسة " 




المشربيات عيونك
بتحكي علي خلق ولت 
سهرت و صلت و علت 
في الصخر شقت ما كلت 


( 21 )
النصب التذكاري

جدران عالية ، مدون عليها اسماء كثيرة ، يقف امامها الكثيرين ، يقرأون الفاتحه ويمجدون سيدهم في الاعالي ويترحموا علي الجندي المجهول الذي مات ولم يدفن جثمانه ولم يخرج خلفه احباءه يبكوه في جنازه عسكرية مهيبه ، هؤلاء اكباد مصر وقرة عينها ، منحتهم شظية او دانه مبعثرة او رصاصه حارقه الحياه الابديه عند ربهم يرزقون ، جدران عالية شيدها الابناء تمجيدا للاخوه والاباء ، بموتكم منحتونا الحياة فواجب علينا نفخر بكم ونمجدكم ونبني نصبا عاليا نزركشه باسماءكم ودموع عيوننا وامتناننا ...
هذه هي معابدنا الجديدة ، نقش علي جدرانها ترانيم الفخر واهازيج العزة واسماء الابطال الغاليين ..
احمد محمد عباس جرجس رامي كريم هيثم عبد الرحمن عبد العاطي ميلاد ماجد سمير انطوان عبد الكريم يسي عبد السلام عادل ايمن ايهاب اكرم صبري اشرف عماد سعيد مينا شنودة عبد المسيح اسلام .......... مئات الوف الاسماء تتراص بجوار بعضها علي وجه النصب التذكاري قبر الجندي المجهول ذكري للاحباء الاعزاء الشهداء الذين خضبوا الوطن بدمائهم وبعثروا اجسادهم في ارضها الطيبه .....
هل هذا مجرد نصب تذكاري ، قبر لجندي مجهول ؟؟  يعبر امامه الماره لاينتبهوا لقيمته ومعناه ، هل مجرد حوائط نقش عليها اسماء مجهوله مثل اصحابها ، هل حائط مبكي تقف امامه الامهات تتمتم بالادعية للابناء الذين خرجوا ولم يعودوا؟؟
اسئلة كثيرة لايفكر احد فيها ولا في اجابتها ...
لكن كتائب الجنود والضباط ، القاده والابطال المتراصه فوق الجدران علي النصب التذكاري وفوق جدران المعابد القديمه لاتكترث بالاسئلة ولا بالاجابات ، هم مختبئين في معابدهم الجديدة التي شيدها بناة الاهرام ليخفوهم فيها حتي تعود لهم " الكا " الروح الهائمة وقت البعث المنتظر ...
كتائب الجنود والضباط المتوارية بين الاحجار في النصب التذكاري والمعابد تنتظر يوم البعث ليعودوا للحياة ويحاربوا مرة اخري وتتلاحم ارواحهم الهائمه مع اجسادهم المبعثرة ليمنحوا الوطن نصرا جديدا !!!
همست الاسماء المتراصه فوق الجدران ، وهي تسمع نفير البارجه الحربية الامريكيه الراسية في قناة  السويس ، همست الاسماء المتراصة تسال نفسها ، هل اقترب يوم البعث وحان وقت الانتصار الاخير .. ضرب حورس بجناحيه القويين في الهواء ، جيوشه تستعد للمعركه وست سيموت قريبا مرة اخري واخيرة وايام الفرحه قادمه لامحال ..
تحولت الاسماء لبشر ابناء واخوه اباء واجداد ، تحولت لمقاتلين ، تركوا الجدران التي اختبئوا فيها ونزلوا في صفوف منظمه ، ميمنه وميسرة وقلب الحياة ، بملابسهم باسلحتهم باجسادهم الممهورة بجروح الفخر وساروا بخطوة عسكرية منتظمة صوب القناة ...
لقد نفخ البوق للبعث ، ليعودا من الحياة الابديه للحياة الابديه ويستشهدوا مرة جديدة واخيرة !!!
و............ سارت كتائب المقاتلين من عند النصب التذكاري وقبر الجندي المجهول صوب القناة ، لم تصورهم قناة  تلفزيونيه ولم يري صورهم اي متفرج منشغل بمنابعه القناة المشبوهة اياها  وهي تحشو عقله بالاكاذيب والاوهام ...
سارت كتائب المقاتلين صوب مدينه الشهدا خلف حورس قائدهم الاعظم سعداء فرحين ممتنين للايام التي منحتهم فرصه جديده للاستشهاد والفخر والفرحه ....
لقد نفخ البوق للبعث ، لتعود الحياة لكل الشهداء ليحاربوا وينتصروا ويستشهدوا مرة جديدة ............ ومااحلي الموت من اجل الوطن هذا ماقالوه لانفسهم في المرة الفائته ويقولوه لانفسهم اليوم وهم في طريقهم للاستشهاد مرة اخري !!!
ومازالت البارجة الحربية راسية في قناة  السويس لاتدرك مايخبئه لها الشهداء وقتما قرروا يعودا للحياه ليستشهدوا مره اخري واخيرة !!!
مازال الادميرال ابو طرطور احمر لايعرف مالذي يخبئه له حورس وجيوشه المقاتله وكتائب شهداءه !!!

( 22 )
ابلة لولو

سمعت ابلة لولو وهي تتابع كتاكيتها تجري تحت الشمس الدافئة ، سمعت صوت تعرفه ، مركب كبيرة ورسيت علي الشط البعيد ، المراكب اشكال والوان في القنال ، اعتادت الاصوات والصخب لاتكترث بهم ولا تنتبه لهم لكن اليوم ، واليوم فقط عينيها " رفت " وتبدد امانها ، مازالت عينها ترف ، رائحه تعرفها خيمت علي روحها وانفها وطبقت علي "مراوحها " صرخت " بيتك بيتك بيتك بيتك" تصفق بيدها للكتاكيت اللاهية في امان اتون ، تصفق بيديها وهي تحري خلفهم " بيتك بيتك بيتك بيتك " تغلق عليهم  "العشه " وتعلق المفتاح الصدأ في رقبتها !!! في رقبتها فتله بالية معلق بها مفتاح الحياة الذي منحته لها السيدة الطيبه في الحلم الذي لم يكن مجرد حلم ، مفتاح الحياة الذي سيفتح البوابات المغلقه وقتما تستعصي الدروب ويحين الميعاد ، وقتها ستفتح ابلة لولو البوابات المغلقه وتهرب المصريين اصحاب الحضاره في السراديب السحريه داخل الهرم وتقرأ كل الادعيه والاوراد والتعويذات التي حفظتها تحت ماء البحيرة المقدسه ، وقتها ستمنحهم الخبز الذي تعلمته مقاديره السحرية من صناع الحضاره زادا للايام القحطه ، حفظت المقادير والطريقة ، رغم كل السنوات التي مرت علي الحلم البعيد لم تنسي ، تذكر نفسها بما يجب تتذكره ، ستخبز العيش  في فرنها الصغيره وتوزعه علي اهل المحروسه بالعدل والقسطاط ، تسند قلوبهم بالحكمه حتي يأتيهم حورس ويقودهم للانتصار علي اله الشر الجديدة ، ست لم يمت ياابله لولو ، ست مازال حيا ، يتربص بالحياة وينشر شره وسمه في عسلها ، ست لم يمت ياابله لولو ، ست يقف علي عتبات مدينتكم ينتظر اشاره الغفوه حتي يضرب ضربته المميته ويمزق جسد اوزريس مره اخري لالف لاف قطعه ويبعثره في الشتات والمنافي والفيافي والصحراء الجراد وينتصر ، او هكذا يتصور ، علي دوله الحضارة !!! ست لم يمت ياابله لولو ، يهمس حورس من وسط اليمامات التي يختبيء فيها ، تسمعه ابله لولو وتوافقه ، ست لم يمت وايضا ايزيس لم تمت ومهما تبعثر اوزريس سيعود للحياه وسيمنحك حياتك لتقود جيوش الحضاره وتنتصر علي ست للمره الاخيره ، تلمس ابله لولو مفتاح الحياة المعلق في رقبتها وتتساءل خوفا ، هل سنموت قبلما ننتصر في معركتنا الاخيره ، تهز السيده الطيبه القابعه تحت ماء البحيره المقدسه راسها نفيا ، ابدا سيطيل الله في اعماركم حتي تقوي شمس اتون وتحرق ست بنارها وتمنح حورس الحكمه والنصر وتمنحكم الزهو والفخر لانكم حملة مشاعل تلك الحضاره العظيمه !!!! ومازالت ابلة لولو تطارد كتاكيتها وتصرخ فيهم " بيتك بيتك بيتك بيتك " وهي خائفه من الصوت الذي ازعج كتاكيتها ،تعرف هذا الصوت وتكرهه ، تعرف تلك الرائحه وتشمئز منها !!! انها العرسة .... دخلت البيت واغلقت بابه وبوابه حديقته وحدقت في الجدران المشروخه وكأنها ستسقط .... وهمست .... يامنجي من المهالك يارب !!!!
" بيتك بيتك ، بيتك بيتك " هذه هي التعويذه التي حفظتها تحت ماء البحيره المقدسه ، لن ينجيكم الا الاحتماء داخل بيتكم من شر ست ، اختبؤا في السراديب السريه للهرم واتركوا الجيوش تحارب ست وشره وفي النهايه ، سينتصر حورس وتعودوا لبيوتكم ودوركم ووطنكم رافعين رايات النصر والفخر والعزة والحضاره و......... بيتك بيتك ، بيتك بيتك !!!

( 23 )
رعب

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة  السويس ، جنودها يتراقصوا خلف حافتها ويغنون بمصرية ركيكه  ، مصر هي امي ، يتحلق حول البارجه علي ضفه القناة  مصريين كثر ، بعضهم مات مسمما بالخدر والغيبوبه وقتما التهم حبات الشوكولاته التي القتها البارجة الصديقة للمستقبلين المرحبين بها ، ماتوا مسممين فداستهم الاقدام ولم يعرف الموتي لماذا ماتوا ولم يعرف من داس عليهم لماذا داسوا عليهم ، الزحام شديد والصخب اشد والصوت العالي النشاز يصم الاذان ، يلوح الجنود بايديهم تقطر دما اسود وعلي وجوهم ابتسامات تقطر منها دماءا طازجة مازالت ساخنه لضحايا لم تنشر عنهم البرامج الاخبارية اي شيء بعد ، مازالوا مجهولين لم ترشد عنهم دمائهم الساخنه ولم تفصح عن هويتهم ولاي سبب قتلوا ، المتحلقين حول السفينه لايروا الدماء السوداء القديمه ولايروا الدماء الطازجه الحمراء ، لايروا دماءا ولا يشموا رائحتها ، منشغلين بالاغاني والترحاب والامل الكاذب الذي يتمنوا يقبضوا عليه فيحقق احلامهم ، بعضهم- لايقصد شرا - سأل الجنود  ، لماذا تتراقصوا علي نغماتنا ، ابتسم الجنود ولوحوا بايديهم يحيوهم وكأنهم راقصات الاستربتيز في ملاهي العراه وتجاهلوا اسئلتهم ، لم يصفق المصريين للجنود المتراقصين ، لم تثار مشاعرهم الجنسيه وهم يروا الجنود يتلوون كالحيات ويتقصعون كالعاهرات ويبتسمون كالشياطين ، انتظروا الاجابات طويلا ثم اعطوهم ظهورهم وكادوا يرحلوا بعيدا .... ولو رحلوا لانفض المولد وضاعت الهيبة وفسد المخطط وفشلت المهمة الحربية ... انتبه الادميرال لما يحدث حوله ، الجنود لايجيبون علي اسئلة المصريين والمصريين يكادوا ينصرفوا مللا ، والمأمورية تكاد تفشل ، لو حدث كله هذا يعرف الادميرال ان مصيره سيكون اسود وانه سيعلق من عضوه الذكري في تمثال الحرية عبرة مخيفة لمن لايدرك جسامة المأمورية الملقاة علي عاتقه بتوطيد دعائم النظام العالمي الجديد وشركاته عابرة القارات .... انتابه الرعب علي مصيره العسكري واحلامه وهدايا عيد الميلاد التي سيحملها لاحفاده ، فهل سيتركهم يرحلون ؟؟؟ ومازالت الموسيقي صاخبة صاخبة !!!
يفكر الادميرال ابو طرطور احمر مرتبكا ، مالذي سيفعله حتي لاتفسد مهمته العظيمه!!!

( 24 )
ام ميلاد

مازالت تغزل في عيدان الغلة الخضراء  ، ايقونات وصلبان وضفائر بهجة ،العيد اقترب وكل الابواب تحتاج زينتها لتفرح ، رائحه الغله الخضراء تخدرها ، هي رائحه حضن امها ورائحة دولاب الخزين الذي منحه ابونا الشيخ عبد الوهاب لجدها بخزين البيت ، رائحه الغله الخضراء ، رائحه الارض التي شربت من عرق الجدود وجهدهم حتي فاضت بخيرها ، مازالت تغزل في الضفائر والصلبان ، سمعت صوت الموسيقي عالية تأتيها من البارجة الحربية التي تستريح في القنال ، صوت اوقع قلبها المطمئن في قدميها المرتعشتين ، انهمرت دموعها قبلما تقرر تقوي وتتماسك ، تعرف هذا الصخب ، هو ذاته الذي حكي عنه المقدس روحه ابونا بطرس لجدتها وقت الفرار من الرجل المجنون ، صخب يزعج الروح ويدك امانها ، منعوا البيع والشرا وقفلوا في وشنا كل الابواب الا بوابه الرحيل ، سبنا الارض والبيت والاحبة وهاجرنا ، الا ياابونا بطرس مشيت ليه ، مشيت لما كانت الحريم في رقبتي تقاله ، وكانت الصغار في قلبي وعيني شوكه وام النور قالت لي ارحل زي مارحلنا واستخبي زي مااستخبينا وهناك حتلاقي اللي يجيرك زي مالقينا اللي جارنا وحمانا ، هي قالت وانا نفذت !!!
الا ياابونا بطرس قلت ايه لابونا الشيخ عبد الوهاب وقت ماوصلت ، مالحقتش اقول ، فتح داره وقلبه وسكنا ، ولما عدي يوم وعشره قلت احكي له الحكايه قال ماتلزمنيش ، وقالي داري دارك وعهد الله بيني وبينك احميك واجورك واقطع طريق الظلم عن ضلك ، وقلت له ايه ، ماقلتش حاجه لان الشكرانية ظلم لما يكون الواجب اكبر من كل المفروض ، الشكرانية قليلة والحب في القلب يبقي الرد ومالوش رد !!!
تنهمر دموع خالتي ام ميلاد وصوت البارجه الحربيه يصم اذنيها ، هو ذاته الصوت اللي قالوا عليه ، قالوا لما تسمعوا الصوت تقفلوا عليكوا البيبان وتخزنوا اكل الشتا وتستعدوا للصعب وتدعوا ربنا يهون ، هون يارب ، اتشفعي لينا ياام النور يهون علينا ويرحمنا !!
تنهمر دموع خالتي ام ميلاد ، الحلم البعيد يراودها ، مازالت تشعر بالاصابع الصغيرة التي كانت تقبض علي اصابعها الصغيرة تحت ماء البحيرة المقدسة ، يومها قالت لهم السيدة الطيبة ، وقت المصائب لاتيأسوا من رحمه الله وعدله ، لا تجزعوا ، وقتها واجهوا كل مايحدث بمنتهي القوة ، انتم اقوياء حتي لو كنتم لاتعرفون ، انتم لااقصد انتم ، بل انتم حمله مشاعل الحضاره واحفاد ملوكها العظماء ، انتم اقوياء حتي لو كنتم لاتعرفون ، عليكم تبينوا لهم قوتهم تساندوهم تنزعوا من قلوبهم الخوف ومن ارواحهم الوجل ومن نفوسهم الشك ، عليكم تتصدروا مسيرة الخلاص ، تقفوا في صفوفها الاولي ، ترفعوا الرايات وترفعوا عن عيونهم الغشاوه التي ستصنعها الايام والمحن والاعداء والخونه ، في ذلك الوقت الصعب ، وحين يجهزوا المعاول لهدم حضارتكم ومعابدكم واهراماتكم ، في ذلك الوقت ، لاتخافوا ولاتجزعوا ، تصدروا الصفوف ودافعوا عن وجودكم ونحن معكم ... مازالت تتذكر الاصابع المرتجفه التي كانت تقبض علي اصابعها المرتجفه ، مايسمعوه صعب علي طفولتهم ومعقد علي خبراتهم ومستعصي علي فهم عقولهم الصغيرة ، يشعرون خوفا وهم يلقنوا تعاويذ المقاومه وسبل الانتصار ، يشعرون خوفا يرجف اجسادهم الصغيره الغارقه تحت ماء البحيره المقدسه ، يومها ، وقتها ، في تلك الايام العصيبه القاسيه لن ينجدكم الا قلوبكم القويه تتمسكوا بايمانكم بانفسكم ووجودكم وحضارتكم ، وستجدوا دون جهد سبل الانتصار علي كل الغاشمين حتي لو كنتم لاتدركوه الان !!!
يدوي صوت المقدس روحه ابونا بطرس في اذنها ، ماتجزعوش ماتجزعوش ، حرصوا من كل الخونه وماتخافوش ، خزنوا اكل الشتا واستعدوا للصعب وادعوا ربنا يهون ، هون يارب ، اتشفعي لينا ياام النور يهون علينا ويرحمنا !!
تهمس ام ميلاد واصابعها تجري وسط الغله الخضراء تجدلها ايقونات للابواب المغلقه تحميها ، اتشفعي لينا ياام النور اتشفعي لينا و............ مازال الصوت يصم قلبها ويخنقها وتشيخ الغله الخضراء بين اصابعها وتتبعثر حباتها علي الارض كحبات الرمان في الحكايه التي كانت تحكيها جدتها وقتما خرجت الحية والتقطت الحبات وابتلعت النائمين ، والحية جت منين ياجدتي ، الحيه عايشه في وسطينا ، لما تلاقينا سهينا تطلع من جحرها وتعقرنا ، واستحوط منها ازاي ياجدتي ، ماتناميش وانت صاحيه وانتبهي لروحك دايما !!! انتفضت ام ميلاد علي الارض تجمع حبات الغله التي كانت خضراء ، تجمعها وهي تستعيذ بربها ينقذهم من الحيات وتؤكد لنفسها ، انا صاحيه اهو انا صاحيه ، انا صاحيه اهو انا صاحيه ومازال صوت البارجه وغناء جنودها يصم الارواح!!!
كل الاصوات تتداخل في اذنها ، صوت السيده الطيبه في البحيرة المقدسه وصوت المقدس روحه ابونا بطرس وصوت جدتها وفحيح الحية وترانيم القداس وصوت البارجه الحربية التي وقفت تستريح في القناة وصوتها وهي تردد بعزم وقوه ، انا صاحيه صاحيه وحرصوا من الخونه وماتخافوش ماتخافوش !!!!
خالتي ام ميلاد جالسة فوق كنبتها الاسيوطي المريحه في الصاله المنيرة و امامها صورة ام النور تزين الجدار المشروخ للبيت العتيق ، خالتي ام ميلاد لم تنجب الا ميلاد ومات الزوج وجدب الرحم ، وميلاد لم ينجب الا حفيدها الذي هاجر ليطالب بحقوقها امام البيت الابيض ، ميلاد استشهد في حرب اكتوبر ، كبر مع العابرين الله واكبر ورفع العلم فوق القنطره بعد تحريرها ومات بطل ، يومها زغردت لان القنطره تحررت وتباهت لانها ام البطل وعاشت تربي الحفيد الذي زي القرع يمد لبرة فحين اشتد ساعده رماها وهاجر ..
خالتي ام ميلاد ، عاشت ام للحارة كلها ، ام كل الصبايا وكل الجدعان ، وزعت عليهم حبها بالعدل احفاد الشيخ عبد الوهاب كانوا او احفاد المقدس روحه بطرس ، هي امهم جميعا ، كل صغيره تزوجت في الحارة اخذت لمنزلها مفرش ملون من يد ام ميلاد ، وكل جدع تزوج منحته طاقية ملونه ، سموها ام الفرحة ، تمنحهم الوانها تكسر سواد الايام الصعبه لما تهل وتبرك !! 
سألوها ذات يوم عن ابنها البطل ولماذا سمته ميلاد ، اجابتهم هي الدنيا دي غير ميلاد وموت ، الموت لصاحب الدنيا والميلاد لينا ، سبت الموت بحزنه للي يجي عليه الدور واخترت الميلاد بامله وفرحته و...... اهو اي اسم جه علي بالي يابنيتي ولا ايه ؟؟ ايه ياخالة !!! كادت تقول لها لكن ميلاد مات وسرعان ماصمتت ، ضحكت خالتي ام ميلاد وشرحت لها ، سميته ميلاد يابنيتي علشان كده مامتش ، اصل الشهيد عمره مابيموت ، ولا ايه يابنيتي ؟؟ ايه ياخالتي !!!!

( 25 )
سانتا كلوز

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة  السويس ومازال بعض المصريين متحلقين حولها ، بعضهم رحل والبعض اخر يكاد يرحل ، هي مجرد بارجه حربية لن توزع عليهم عملا ولن تمنحهم حلما ولن تعطيهم مايبرر " وجع رجليهم " والتحلق حولها ، نعم في البدايه اعجبهم شكلها وصخب موسيقاها والشرائط الستان التي تزين مدافعها ، لكن سرعان ماملوا و قرروا بمنتهي الحماس العودة لحياتهم الرتيبة جدا ....
القنوات الفضائيه ارتعبت ، لو رحل المصريين المتحلقين حول البارجه الحربية لانفض المشاهدون عن الشاشات وانخفضت سعر الدقائق الاعلانيه وبارت السلع وساد الكساد وانهار المجتمع الرأسمالي الجميل الذي يبني قصوره وامجاد من لحم ودم عماله ومن مال مستهلكيه البلهاء ، ارتعبت القنوات الفضائيه ، سيخسروا " الجلد والسقط " ومرتبات المراسلين وملايين المذيعين وارباح حمله الاسهم ، لايمكن ابدا يفسد المشهد بانصراف هؤلاء الحمقي عن المشهد الاجمل في ساعات البث ، مالذي سيحدث وقتما تقف البارجه الحربيه في قناة  السويس ، اليوم الحلقه الاولي وربما تكون الاخيره وربما تبدأ حلقات مثل المسلسلات التركي ، تبدأ اليوم وتنتهي بعد الف الف يوم ، لو انصرف الحمقي التافهين العاطلين عن العمل من حول البارجه لفقد الحدث معناه الاكثر ابهارا ، سيموتوا وهم سعداء يصفقون لقاتليهم ، سيموتوا وهم سعداء بالدانات المزينه بالشرائط الورديه الستان ، لو انصرفوا عن البارجه وتركوا شط القناة  واطلقت البارجه علي مدنهم ومساكنهم واطفالهم الف دانه لفقد الحدث بريقه الاعلامي وصار الموت عاديا تافها مثل ملايين القتلي الذين ماتوا دون يسعدهم الحظ لبث موتهم تلفزيونيا وحصريا علي القنوات الفضائيه التي تحب مشاهديها وتجلب لهم الموتي داخل بيوتهم واكواب الشاي واطباق الاكل ومابين الرجل وحبيبته وقت لحظه المضاجعه الحميمه ، لو انصرف الحمقي لفقد الموت قيمته الدراميه وصار حدثا تافها لن يدفع فيه المنتجين واصحاب شركات الاعلان مليما واحد !!!!
تضامنت الفضائيات مع الادميرال ، انزلوا فواصل اعلانيه طويله ليمنحوه فرصه التفكير والابداع وحتي لايظهروا للمشاهدين في البيوت مايحدث فعلا علي الارض فينفضوا من حول الشاشات !!!!
ومازالت الفواصل الاعلانيه طويله طويله ...
والادميرال يفكر ويفكر بحثا عن حل يعطي الموت الذي ستمنحه بارجته للمصريين معني درامي خاص ومتميز !! شاهد بعضهم ينصرف وبعضهم يموت تحت الاقدام مسمما بالشوكولاته فلم يحتفي به ولا ببارجته ولا يصفق له مثلما حلم وقتما ترك اولاده في منزلهم الريفي ووعدهم بنيشان جديد يعود لهم به في عيد الميلاد علي ظهر سانتا كلوز!!
 انتفض الادميرال غضبا ، يسب ضباطه ومرؤوسيه ، فشله عاجزين عن التأثير عليهم ، الشوكولاته انامت ملتهميها حتي الموت فلم يرحبوا بنا ولم يصفقوا لاغنياتنا ، كفاكم شوكولاته قاتله فهي تفسد المشهد بقتامتها ، غيروا الخطة وفكروا في شيء جديد ...
تركهم علي حافة البارجة واختلي بنفسه في غرفته ، شرفه العسكري علي المحك وتاريخه كله ، تمثال الحريه ينتظره اما ليرفع عليه راياته واما ليصبح رمزا مخيفا لفضيحته والعار الذي سيكلل به راسه ، تذكر احفاده ، ينتظروه في عيد الميلاد ،يحمل الاوسمه والنياشين كسانتا كلوز يوزعها عليهم ليتباهوا بها علي زملائهم في المدرسه ، ينتظروه يحمل الحواديت المسليه عن الاراضي التي احتلها والمدن التي دكها والبشر التافهين الذين قتلهم ، سانتا كلوز ، هو هو هو هو ، انتفض صارخا ، هو هو هو هو ، خرج من حجرته وهرع للسطح ، يصرخ في الضباط والجنود ، هو هو هو هو ، نحن سانتا كلوز واليوم عيد الميلاد والهدايا في جعبتنا والاطفال ينتظرون ، تصوره البعض جن من اثر الشمس التي ضربته علي راسه فانسته الوقار العسكري والمهمة الخطيره ، وضحك البعض وهو مازال يغني ، مصر هي امي ، صرخ فيهم ، علينا نكون لهؤلاء المتحلقين حول بارجتنا كمثل سانتا كلوز ، نوزع عليهم الهدايا والفرحه ، ارموا لهم عقودا ملونه مثل التي وزعناها في افريقا وقتما جلبنا العبيد واسرناهم ، ارموا لهم ادعية تدخل الجنة كالتي وزعناها وقتما احتللنا الصحراء نخرج بترولها ونسرقه ونترك اصحاب الواحات يحلموا بالجنة ونعيمها ، ارموا لهم قواميس تترجم لغتهم المحلية للغات العالمية يستطيعوا بها بعدما ينسوا انفسهم وهويتهم بالتواصل مع العالم المتحضر الذي ترفع بارجتنا اعلامه الخفاقه ، مازال الادميرال يتشاجر مع ضباطه ويهددهم بالاعتقال في معسكر جوانتياموا مع الارهابيين القتله بلا ضمانات قانونية لاعتبارات الامن القومي ، يصرخ فيهم ، عليكم بخطة بديله لاتقتل اصحاب الارض بل تبقيهم اسري عبيد يخدمونا والا قولوا لي بالله عليكم من سيخدمنا وقتما ننتشر في كل تلك الاراضي الشاسعه التي سنرفع اعلامنا عليها ومدافعنا ومنصات صواريخنا ؟؟؟ عليكم بايجاد خطه بديله ، تسرق وعيهم وفرحتهم وتبقيهم بلداء يموتوا سعداء ويشتغلوا في مزارعنا تحت سياط الكرابيج سعداء ويحبونا ونحن نقتلهم ويبقوا حول بارجتنا بصدور مفتوحه للموت الجميل المزركش بالشرائط الستان الورديه !!!
صرخ فيهم يشرح لهم خطته ، لو اردنا قتلهم ماتحركنا من فوق مقاعدنا الوثيره وارسلنا الصواريخ العابره للقرارت تدك مدنهم وتقتلهم ، وتحملنا اللوم الدولي وفيتو الصين وغضب شركائنا الاوربيين ، لكنا لانرغب في قتلهم بل نرغب في قتل بلادهم ، تحويلهم لخدم بلداء يسلمونا مفاتيح بلادهم لنسرقها وهم فرحين يهتفون باسمنا امتنانا لاننا قررنا نسرقهم وتعطفنا عليهم بانتباهنا ولو كان من اجل تدميرهم !!! هذه هي الخطه العبقريه وعلينا تنفيذها دون افساد ولاافراط في القتل ولا فجاجه ، علينا تنفيذها وهم سعداء والمتفرجون في البيوت اكثر سعاده ، يرون القتل امام اعينهم فيحمدوا ربهم لانهم مازالوا احياء والدور لم يأتي عليهم !!!
هل فهمتوني ، هل فهمتوني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يصرخ الادميرال ويصرخ والضباط يفكرون والجنود يغنون ومدينه الشهداء تنتظر اخر ماسيتفتق اليه ذهنهم والاعيبهم الخبيثة !!!
هو هو هو ..... هو هو هو ......... هوهو هو ............
ومازالت الفواصل الاعلانيه طويله تنتظر وصول الادميرال لحلا عبقريا يعيد المتفرجين للشاشات ويرفع سعر الدقائق الاعلانيه ويجعل الموت دراميا بديعا يستحق المشاهده و......... مش حتقدر تغمض عينيك !!!

( 26 )
الازميل


مازال يوسف جالسا تحت الجميزة ، يحدق في جذعها الكبير ، اسماء محفورة وعبارات غزل وسيرة المحاربين الذين مروا علي الشجرة في طريقهم للشهادة ، وايشاربات حرير عقدتها النساء شوقا للرجال الغائبين ، شكاوي لقاضي الشريعة بطلب الانصاف والرحمة ، علي تلك الشجرة مر الكثيرين يطلبون الانصاف في ايام قاتمه لم تمنحهم الا الحزن ،الحبيبه تنتظر الحبيب ، والبطل يتنظر الشهاده والمظلوم ينتظر العدل والشجرة تبكي جميزا احمر يقوت العابرون ويمنحهم القوة والصبر وطولة البال بعد مشاويرهم الطويله التي ساروا فيها ومشاويرهم الطويله التي تنتظرهم ، يحدق يوسف في الشجره يبحث عن اسمه ضمن الشهداء ، لايجد الا اسم حبيبته التي اجبرت تهجره بعدما صمم ابيها تتزوج صاحب الطين ولا تتزوج صاحب القلب الذي لايملك الا احلامه زادا للمستقبل ، هنا تحت تلك الشجره بكت " ثريا " ونحتت قلب في جذعها وتركت اسمه اسيرا في قلبها فهو حبيبها مهما طال البعاد ، وعدته لحظه البعاد تعود ، و انتظرها يوسف تعود لكنها لم تفعل ، فاظلمت حياته بلا سنائها ونذر نفسه للشهاده يدافع عن القلوب المحبة واصحابها ويحارب اصحاب الطين وسطوتهم ، نذر نفسه للشهاده في حب ثريا التي صارت وطنه وارضه ورايات نضاله ، لو لم يتحكم اصحاب الطين في القلوب المحبه لبقيت ثريا في حضنه حبيبه ولم يبق هو في قلبها المحفور علي الشجرة اسيرا ، صاحب الطين اسره في قلبها المرسوم وحرمه من حنانها الفياض ، صاحب الطين صلبه علي الشجره عبرة للمحبين فنذر نفسه للشهاده ، سيحاربه وينتصر عليه وعلي كل الطغاه ويعيد كل ثريا لحضن حبيبها ، وتمني يناديه المنادي ليمنح قلبه المكسور للوطن الذي تغني بحبه مع المداحين في ليالي رمضان وقتما كانوا يقصون حكايه ابو زيد الهلالي ، طال انتظار يوسف للشهاده وتراخي المنادي في طلب الابطال وثريا مازالت بعيده وحياته غارقه في الوحشه والانتظار القاتم ، نعم المنادي يمسك قائمه الابطال في يده ، نعم سجل اسم يوسف فيه كاول الاسماء المرشحين للفخر ، لكن المعركه التي تستوجب الشهاده لم تأتي بعد والانتظار طال وشاب الشعر وضاع العمر والامل مازال بعيد والوطن لم ينادي يوسف ليمنحه حياته وعمره فيترك لثريا وكل ثريا فخرا تتباهي به مع احفادها التي اطلقت اسمه علي اعزهما علي قلبها وتاريخا تحكيه لهم عن رجل لايملك الا قلبه حارب اصحاب الطين والسطوة وانتصر وصنع للوطن ولها سطرا ساطعا بالنصر علي جدار المعبد الشامخ سجلا للانتصارات .... امتي الميعاد ياللي حتحن علي وتناديني ، يهمس له قاضي الشريعه ، الميعاد قرب ، بس القلب مش لثريا ، القلب لام الانوار ، الحنونة اللي التضحيه في حبها شرف وفخر والموت في سبيلها حياة ، القلب مش لثريا يايوسف ، القلب لام الانوار العزيزة الغالية ، لماتنادي حتقوم ، وتقدم روحك ولو كنت سعيد الحظ حتعيش لاخر الدنيا حي ترزق عند ربك !!! يهمس قاضي الشريعه بما قالته له السيدة الطيبه في قاع البحيرة المقدسه ، القلب مش لثريا يايوسف ، القلب لام الانوار العزيزة الغالية ، وهي ثريا ايه ياخالتي وام الانوار ايه ، ماهما كلهم فرحه حتنور حياتنا في اليوم الاسود ، همست له السيده الطيبه تحت سطح البحيره المقدسه ، ام الانوار يايوسف وسيبك من ثريا وسيبها في حالها ، لما تفرح ام الانوار الكل حيفرح انت وثريا وكل الحبايب ، ام الانوار يايوسف ام الانوار يايوسف ، يومها قصمت فرع من شجرة المرجان الحمراء واعطته له ، هذا دمك وفرحك ونور حياتك  ، فرع المرجان اللي حينور لما الضلمه تشد ، في اليوم الاسود ولما الدنيا تضلم والخوف يعم ازرعه في الارض في البحر في السماء مكان ماايدك توصل ازرعه ، حيفرع ميت شجره مرجان وشجره ينوروا وقتها الروح والبصيرة ويغلبوا الضلمه ، اسمع يايوسف لما السحاب يسود والضلمه تسود والقلوب تترعش من الخوف لان الظلام كابس علي الروح وتقيل ، ساعتها ازرع فرع المرجان مكان ماايدك تطول واتشاهد لربك وشهد الخلق عليك ، لابتخاف ولا قلبك بيرجف ولا عندك اعز من العزيزة الغالية !!!!
يوسف ، الذي حارب كل الحروب ، يحفظ عن ظهر قلب اسماء كل الشهداء الذين قدموا حياتهم قربانا للعزيزة الغاليه ام الانوار مهر  لسنوات الرخاء والفرحة والعزة والشرف ، يحفظ اسماءهم ويعدهم قبلما ينام كل ليلة انه لن يموت حتي ينقش بازميله اسماءهم علي اسوار المدينه التي ستحتفل بالنصر وتقهر الاعداء الذي تخفوا في ثوب الحملان ومد اياديهم بالمحبة لكن رائحتهم النتنة كشفت غدرهم ليوسف الذي يميز رائحه الاعداء من وسط كل الروائح ...رائحة الاعداء النتنه كمثل رائحة "الولس " الذي غدر بالفلاحين في الهوجه كما شرحت له ام سعد اصل الولس ريحته حمضانة ياابني وماتخمش اللي بيفهم ولاتخيل عليه !!! رائحة الاعداء النتنه كمثل رائحه " التقهقر والانكسار " الذي بعثر الكرامه فوق رمال النكسه في الصحراء كما شرحت له ام مجيب ، ريحة الانكسار زفرة زي ريحة السمك الميت تخنقك مهما كذبت علي روحك!!! رائحه الاعداء النتنه كمثل رائحة " الخسة " التي فتحت ابواب عكا للفرنجه ، تشرح له انتي صفية ، ريحة معفنه ريحة قوادين علي بياعين علي كدابين علي منافقين تقتل الاجنه في الارحام والامل في الصدور!!!  يعي يوسف الدرس ويستوعب ، لن تخدعه ثياب الحملان مهما تخفي خلفها الاعداء ، لن يأمن لهم ولن يصدقهم ولن يسلمهم مفاتيح الوطن ولن يفرح بامطارهم التي ستقتل الارض والخصوبه والارواح الصادقة ...
يوسف ، يجلس تحت الجميزة العجوز يخاطبها ، حان الوقت ، ترسل جميزها ليوسف " تسند قلبه " وتهمس " اثبت يايوسف اثبت " !!!
ومازال يوسف يذٌكر عقله المتعب باسماء الشهداء ويدرب ازميله علي الحفر في الصخر ، هذا حقهم وواجبنا ، وحين تحين لحظه الفرحه سنؤدي الامانات لاهلها ونوفي بالندور ونقابل وجه كريم طاهرين من ذنب النسيان و.... مازال يردد اسماءهم ويرددها !!!
وصوت السيدة الطيبه يدوي في اذنه ، القلب مش لثريا يايوسف ، القلب لام الانوار العزيزة الغالية ..

( 27 )
النوة

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة السويس ..
فبكت ام سعد وهي تلضم عقود الويكه لان صالح حفيدها سافر للصحراء ، باع عمره للصحراء باوراق خضراء لاتمنح الارواح العليلة قوة ولا تهب النفوس الذليلة كرامة ... تبكي لانها حذرته فلم يسمع لها وضاع في الصحراء كملايين مثله ، تركوا الجمل بما حمل لما برك وفكروا في روحهم وبس !!!
وبكت خالتي ام ميلاد وهي تضفر الغله الخضراء صلبان وايقونات للحبايب وحبايب الحبايب وهي تفتقد حفيدها الذي هاجر لبلاد العم سام ليناضل امام البيت الابيض يطالب بحقوقها وحقوق المقدس روحه ابونا بطرس ، تبكيه لانه تاه في البلاد الغريبه وقطع جدره بايده ومحدش سمي عليه !!!!
تسمعهم ابله لولو ، فتنهرهم ، بتعيطي علي ايه ياختي انت وهي ، ماوقفتش علي ولادكم يعني ، البلد مليانه جدعان ، من حبنا حبناه وكان متاعه متاعه ومن كرهنا كرهناه وحرم علينا اجتماعه واللي عايز يسافر ولا يهاجر ولايروح في سكه اللي يروح مايرجعش مع السلامه الباب يفوت ميت جمل !!!
ضحك يوسف لان ابله لولو ماتحبش الحال المايل والجدعان دي مالت يوم ماسافرت وسابت البلد لنصيبها !!!
ضحك يوسف وطلب من ابله لولو تمسح دموعهن بكلمتين يطيبوا الخاطر ، مسحت ابله لولو دموعها هي وقالت ، الطبطبه ممنهاش رجا ياابا يوسف ماانت راسي علي كل حاجه ، الطبطبه لاحتودي ولا حتجيب ، اللي تعيط تمسح دموعها وتكفي علي خبرها ماجور ، العايط علي الفايت نقصان عقل ، ماكلنا بنعيط لكن مش لازم ننصب المنادب ونحجل علي رجل ورجل ، دمعتين ونمسحهم وخلاص ونشوف ورانا ايه ، ماانت راسي علي الدور ياابا يوسف ، ورانا هم مايتلم ، لو عيطنا علي كل جدع سابنا ومشي مش حنبطل عايط ، واحنا مفروض نركز علي اللي قعدوا ونقوي قلبهم واللي مشيوا براحتهم مع السلامه والقلب داعي لهم ...
سأل يوسف ابله لولو ، طيب انت روخره بتعيطي ليه يالولو ، دارت دموعها وابتسمت ، القلب ياما شايل ياابا يوسف ، لكن عادي دمعتين راحوا لحال سبيلهم وخلصنا ، بالاذن بقي اقوم اشوف ورايا ايه .........
بقي يوسف تحت الجميزة يفكر في الجدعان اللي سافرت ، حبلها علي ضهرها ونطت من المركب ، شرحت له ام مجيب ، البحر ساعات بيعلي ويلخبط اللي مايتلخبطش ، الناس تخاف وتقفل علي نفسها البيبان وتقول النوة جايه ، تطلع ولا نوة ولا حاجه لكن مين يشوف بقي ومين يدرك !!! الجدعان سافرت لما الموج علي ، خافوا علي نفسهم وقالوا النوة حتغرق الكل، نطوا من المركب وقالوا ياروح مابعدك روح !!!
عارف ياام مجيب عارف بس صعبان علي المستقبل واللي حيحصل فيه!!
ضحكت نجيه الحكيمه وهمست له ، ياابا يوسف ، المستقبل مش حيقف علي اللي سافروا ولا عمره وقف علي حد ، المستقبل بين ايدين الله ومحدش عارف بكره فيه ايه ، ماتعتلش هم ، اللي يسافر براحته واللي يقعد يامرحب وفضوها سيره بقي وخلونا نركز في اللي بنعمله!!
ضحكت انتي صفيه وشرحت له ، يايوسف ، انت وقعت في ملقف ، كل واحده منهم لسانها تتلفع بيه !! قاطعتها نجية الحكيمه ، مش النظريه يامدام ، انت عارفه احنا ورانا ايه ، مش حنضيع جهدنا في العياط علي اللي مشيوا ، هما مشيوا خلاص خلصنا ، الست الطيبه قالت لنا زمان ، ياما ناس حتمشي ، وقالت مسيرهم يرجعوا لما الدنيا تتعدل ، قالت لنا اعدلوا انتم الدنيا وسيبوا اللي مشيوا علي انا ، قالت يامدام ولا مش فاكره ؟؟ فاكره طبعا يانجية فاكره ، خلاص بقي يامدام ، نشوف الدنيا حتتعدل ازاي علشان اللي مامشيوش يعرفوا يعيشوا واحسن عيشه كمان !! ونسيب اللي سافروا وهاجروا واتغربوا علي الست الطيبه هي تصتفل معاهم !!!
همست ام سعد ، علي رايك يانجيه !!
وهمست خالتي ام ميلاد ، اللي سماكي حكيمه ماغلطتش !!
وضحكت ابله لولو ، علي قولك خلينا في الدنيا اللي عايزه تتعدل !!
همست مدينه الشهداء للنساء ، هانت !!
تحسس يوسف فرع المرجان في جيبه وهمس ، هانت قوي قوي !!
ضحكت السيدة الطيبه تحت ماء البحيره المقدسه وهي تتابع ابناء الحلم فرحه بذاكرتهم التي استوعبت كل الدروس واطلقت بخور اللوتس في الهواء يطهر الارواح ويقويها للحظه الموعوده !!!!
ومازالت الفتيات السته ويوسف متحلقين حول المسلة الكبيرة في صحن المعبد وعيونهم مغمضه واكفهم متشابكه يصدحوا بالاهازيج التي حفظوها من الامهات والجدات ... لايعرفوا بعض ولن يتعارفوا ولن يلتقوا الا في الحلم ...

( 28 )
انتي صفية

في الشرفة القبلية لسراية العائلة تجلس قبل غروب الشمس ، تحتسي شاي الخامسة مساءا ، رائحة الياسمين تغلف المكان بالطمأنينة ، لهذا اغلقت بيتها في المدينه العريقه وهجرته ، هناك لاتشعر بالطمأنينة ، شيء ما غلف المدينه بوحشته ، تتذكر افلام الرعب ونغمات الموسيقي العالية المخيفة وهي تنبه المتفرج لمشهد سيخلع قلبه ، هذا مااحسته بيه طوال السنه الماضية في بيتها ، تتوقع كارثه لاتعرف من اي ستأتي ، كل الاحتمالات السيئه داهمتها ، ابعدتها عن ذهنها بصعوبه وبعدما شقت عليها الحياه مع الاحساس الدائم بانتظار الكارثه ، قررت تهجر البيت والمدينه وتعود لسرايه الاجداد حيث الطمأنينة ، هنا في تلك السراية عاشت طفولتها الامنة ، هنا حلقت روح المحاربين فاخافت الوطاويط وابعدتهم عن الدار واصحابه ، هنا عاش المقاتلين فمنحوا الجدران والاسوار والارض الطيبه قوتهم وصلابتهم وعلموها الا تستسلم ابدا لاي خوف مهما كان نوع ، هنا القلعه الحصينه التي دافع المحاربين عنها بحياتهم فبقيت امنه مهما اشتد الكرب بعيدا ، في سرايه الاجداد نامت انتي صفيه بعد طول سهاد وخرج الخوف من روحها وقلبها واطمأنت ، في الشرفه القلبية جلست تحدق في الشمس وتنصت لصوت اليمام البعيد ، اغلقت عينيها وهامت مع افكارها  ...
يحكي لها جدها الاكبر ، لما وقفنا قدام الخديوي ، وصرخ فيه عرابي باشا ، لقد خلقنا الله احرارا ولن نستعبد بعد اليوم ، في اللحظه دي كل واحد منا حس بالفخر ، حس انه يستحق يعيش ، تصورناها معركه مع الخديوي وهتنتهي وحيتعمل الدستور و الجيش حيبقي للمصريين وخلاص ، ماكناش نعرف ان الخديوي حيبيعنا وحيفتح الطريق للانجليز ويسلمهم البلد ، تسأله انتي صفيه ، ازاي ياجدي ماجاش في بالكم تحتاطوا منه ، يضحك جدها ساخرا ، لما البلد تتملي خونه وعملاء ماتعرفيش تحتاطي من مين ولا مين ، خنفس اللي سلم القاهره للانجليز ولا توفيق اللي باع البلد كلها ولا غيرهم اللي خبصوا للانجليز علي مكان جيش عرابي في التل الكبير وباعوه فباغتوهم وهما نايمين ، عبس الجد جبينه وهمس لها ، الخونة ياصفية الخونة ، احنا ماحرصناش منهم ، حرصوا انتوا منهم !!
وافقته ام سعد ، انا كنت عايشه الايام دي ياباشا ، كنت صغيره صحيح لكن واعيه وفاكره ، في يوم اسود صرخ المنادي وقال ، عرابي باشا اتقبض عليه ، يومتها كان في ايدي صحن بنور ، وقع علي الارض من الخضه ونزل ميت حته ، امي لطمتني علي وشي بالكف وقالت فالك علي روحك يامنحوسه ، طب وانا مالي ياباشا ، هو انا اللي قلت للبصاصين يفتنوا عليه ، هو انا اللي قلت للباشا مايحرصش من صاحبه ، انا مالي ياباشا ، انا كنت عيلة صغيرة والطبق وقع من ايدي والباشا اتقبض عليه والانجليز حكموا عليه بالغربه ، بس تصدق ياباشا ، مهما عملوا فضلنا نحبه ، اصل الا الخيانه والغدر ، الولس هزم عرابي ياباشا واحنا اتغلبنا علي امرنا !!!
نظر الجد الاكبر لانتي صفية وهمس ، اسمعي من الست العجوزه اللي بيتقوله ياصفيه ، لما الولس يهزم الشجعان يتغلب كل الناس علي امرهم ، المره دي حرصوا انتم بقي من اصحابكم وكمان خونوهم ، والشريف يرفع رايته وامارته والخاين ريحته بتبان ، المره دي لاتسمحوا للخونه يبيعوكم ولا تتغلبوا تاني علي امركم !!
ضحكت ام سعد ، يسلم فمك ياباشا ، هو ده الكلام !!!
قاطعها صالح من غرفته الضيقة في صحراءه ، بطلي كدب ياستي ، انتي لاعشتي ايام عرابي ولاتعرفيها ، نهرته ، اخرس ياوله وبطل هلفطه ايش عرفك انت ، انا كنت صغيره اياميها وفاكره كل حاجه وواعية للي حصل ، اخرس واتلهي علي عينيك في اللي انت فيه ، مضيع شبابك في خدمه الغز وعامل ناصح وفاهمها مصلحتك وهي اخرتها علقه يامخفي ، اخرس واتلهي علي عينك ثم نظرت لجد انتي صفيه واعتذرت له ، معلش ياباشا ، اصله صغير ومش دريان وشمس الصحراء اللي باع روحه ليها لحست مخه وتخنت جلده ونسته اللي اتعلمه منا الادب واحترام الكبير ، الواد من يوم ماباع روحه للصحرا وهو مقهور ومستقوي ، مقهور من الذل ومستقوي بشويه الورق اللي بيبيع بيهم عمره ، ومايعملش ابو علي الا عليا ، الواد اتغرب من بدري وروحه ضاعت فلاعرف عرابي ولا عرف بلده ونسي الكلمتين اللي اتعلمهم في المدرسه وامتحن فيهم وعاش تايه غريب كأنه من سجرة مالهاش جدر ، طيب الجد الاكبر خاطرها ، معلش ياام سعد ، بكره الصغير يكبر واللي مابيفهمش يفهم واللي مايعرفش يعرف وحقك علي انا ، بس تصدقي برضه ماهو لو كنا عرفنا نربيهم ماكانوش بقي في الحاله " العيضة " اللي بقوا فيها ، وافقته ام سعد ، علي العموم ياباشا قالوا لينا زمان ، اللي ماربتوش الاهالي تربيه الايام والليالي ، ومسيرهم الايام هو واللي زيه تربيهم وتعرفهم الصح من الغلط ، نظرت لانتي صفيه ، والا ايه ياهانم ، وافقتها انتي صفية و........... استيقظت من نومها بعدما غابت الشمس واحمرت السماء وحلقت اسراب الحمام تعود لابراجها ، استيقظت علي صوت صفارة تعرفها ، بارجه حربيه رست في القناة  ، كم مره اصطحبها ابيها للقناة  وشرح لها كيف اممها عبد الناصر وكيف قام العدوان الثلاثي وكيف انتصرت المقاومه في بورسعيد ، تعرف هذا الصوت ، بارجه حربية رست علي شاطيء القناة ، عبست صفيه جبينها وتسائلت " عدو ولا حبيب " و بحثت عن جدها تسأله عما يعرفه عن البارجة وبحثت عن ام سعد التي رحلت ايضا وتركوها علي مقعدها الوثير تفكر في الخونة والبصاصين ............. مازالت البارجة الحربية تطلق صفافيرها وهي تستريح من رحلتها المجهولة علي شاطيء القناة ..

( 29 )
الخطة الحربية

صرخ المنادي من فوق البوابة الكبيرة في مدينه الشهداء يحذر الجميع ، القناة المشبوهة اياها وعدت مشاهديها ببث مباشر من مدينتنا ، ضحك كل الشهداء وسخروا منها ومن كاميراتها ، كدابه كالعاده ، ماتقدرش تهوب ناحيتنا ، ولا تصورنا ، تخاف منا ، كذبها مش حيخيل علينا وهي واصحابها عارفين كده ، احنا لا بناكل من الاونطه ولا بنصدق الكدب ولا بيخدعنا اللي بيقولوه!!!!
ابتسم جندي صغير مات في معركه التل الكبير مطمئنا الجميع ، مجرد اشاعه ، طلعت مجرد اشاعه !!! ضحك الشهداء ساخرين من القناة المشبوهة اياها  التي تعيش علي الاشاعات وقال عبد المنعم رياض لهم جميعا ، لاتصدقوا الاشاعات ، انها جزء من الحرب التي يشنوها عليها ، انها الحرب النفسية التي يظنوا اننا لم نفطن لها ، لكنا نعرف الاعيب تلك الحرب وخباياها ونطلق عليهم من مدافعهم ذات الاشاعات ونحطم معنوياتهم قبلما يمسوا وجداننا ، لاتسمعوا الاشاعات لا من القناة المشبوهة اياها ولا من صوت العرب ، انصتوا فقط لصوت قلوبكم ، استفتوها ستدلكم علي الصواب والحقيقه واليقين ....
صفق الشهداء له وحيوه التحية العسكريه اللائقه بقائد استشهد وسط جنوده ولم يطالبهم يتقدموا ليبقي متقهقرا ولم يتخاذل وقت النداء ، صفقوا له ودمعت عيونهم فخرا وهو مازال مصمم يتقدم الصفوف ويمنح الوطن حياته في كل معركه !!! ونسوا القناة المشبوهة اياها وحقارتها وركزوا في معركتهم القادمة !!
في مدينه الشهداء ، الكل يستعد للمعركه الكبري ، البارجه تتارجح فوق رؤوسهم ، الكل ينتظر الدانه الاولي التي ستخرج منها صوب الاحباء ، الكل يعرف واجبه ودوره والمطلوب منه وقت النداء ، الخطه الحربيه رسمها احمس ورمسيس الثاني وعرابي باشا وعبد المنعم رياض والجمسي وعشرات الضباط الذين منحوا الوطن ارواحهم في كل المعارك التي انتصروا فيها ، الخطه الحربيه معروفه للجميع ووزعت ادوارها علي كل الشهداء بالعدل والقسطاط ليتشاركوا في الفخر وقت الانتصار الاكبر ، الخيول مسرجه والعربيات الحربية مجهزة والمدافع محشوة والبنادق مشهرة والكل ينتظر الاشارة من حورس ، حورس سيعطيهم الاشاره وتبدأ المعركة الاخيرة !!!
في مدينة الشهداء ، يراقب ابن اخت ابله لولو كل مايحدث علي البارجه ويرسل لخالته الحبيبه رسائل طمأنينه ، ماتخافيش ياخالتي ، لااحنا نايمين ولا هما صاحينين ، وكل اللي بيعملوه مابيخيلش علينا !!!
وافقه مجيب ، يااستاذ عمر الدم مابيبقي ميه واحنا دمنا غالي وعرضنا اغلي ، هما غدروا بينا مره واتنين وحاولوا يغدروا بينا مره والف ، وانتصرنا عليهم وهزمناهم بدل المره الف ، نسلم عليهم بقي ، نبتسم في وشهم وماله مايجراشي ،، لكن اللي في القلب في القلب ، هما مش عاملين اصحابنا واحنا عاملين اصحابهم ، لكن اللي في القلب في القلب ، لاحبهم خال علينا ولا صدقناهم وعمرنا ماامنا لهم ومحرصين منهم مهما بان علينا اننا مش داريين !!!
زغرطت ام مجيب امام البحر وعندما سألتها جاراتها عن سبب فرحتها همست لهم وهي تخاف الحسد ، اصل مجيب النبي حارسه مصحصح زي عادته وناجح باذن الله ، تصورت الجارات ان ام مجيب تهذي فمجيب مات منذ زمن بعيد ، ضحكت ساخره من غبائهن وقررت تكتم السر في قلبها ، ابنها حي عند ربه يرزق في الجنه ونعيمها وهما مش داريين ، اياكش كل واحده منكم فرحانة بابنها الحيله نايم علي السرير طول النهار ومرزي علي القهوه طول الليل وفاهمه ياماهنا ياما هناك ، ابني هو اللي فالح وعيالكم فاشلين والايام بينا والميه تكدب الغطاس !!!
همس الجد الاكبر لانتي صفيه يهنئها بالنياشين والقلادات الجديده التي ستزين سرايتهم ، سالته انتي صفيه ، امتي ياجدي ، همس بصوت اخفض ، قريب خالص ، ادهني الحيطه بس وجددي البيت ، علشان لما الناس تيجي تبارك تبقي السرايه قد المقام ، همست ، السرايه طول عمرها قد المقام ياجدي ، كفايه انكم مشرفينها ومشرفينا طول الوقت!!! وارسلت انتي صفيه للنقاشين ليجددوا السراية ويطلوا جدرانها بالوان الانتصار وعندما سالهم احد الجهلاء منهم وماهو لون الانتصار يامدام ، ضحكت وقالت له ، اللون اللي يخلي نفسك تتفتح علي الدنيا وانت رافع راسك بكل كرامه لفوق في السماء !!! لم يفهم العامل شيئا ولم تشرح له اكثر مما قالت !!!
ومازالت مدينة الشهداء تستعد للانتصار الاكبر والبارجه الحربية تتأرجح فوق قبابها علي سطح المياة في قناة  السويس !!!

( 30 )
الشرائط الستان

وقفت البارجة الحربية الامريكية في قناة  السويس ..
الادميرال يصرخ ويصرخ ، لن نقف هنا كثيرا ، علينا مهمة ننجزها ونرحل ، الكورة الارضية واسعه والاراضي الخاليه من سكانها كثيره ، تنتظرنا الارض لنعمرها بالمساجين والفارين من المشانق والقتله المجرمين لنرفع عليها راياتنا وننصب مدافعنا ونعيش انتصاراتنا ، فكروا بسرعه ، يخاطب الضباط المرتبكين ، فكروا في خطة بديلة ، لاتوزعوها عليه الشوكولاته ، سيأكلوها ويموتوا ، نحتاج سواعدهم ليهدموا ونحتاج قوتهم لنبني ، نحتاج اطفالهم لنبيعهم في سوق العبيد ونساءهن ليخدمونا في سوق النخاسه ويرفهوا عن مرضانا الذين يجري الايدز في عروقهم المعتلة وترفض نساءنا مضاجعتهن ، لاتوزعوا عليهم الشوكولاته ، فكروا في خطه بديله ،يصرخ الادميرال في غضب والوقت يجري ويمر والجنود ارهقوا من كثرة الغناء واصواتهم بحت من النغمات النشاز ، علينا مهمة مقدسه لابد ننجزها ، فكروا وبسرعه في خطه بديله ،يصرخ احد الضباط العجائز ، وجدتها ياسيدي ، وجدتها ، ويجري للمخبأ الكبير الذي يغطي الادميرال بابه الحديدي بالخرائط والادعية ولافتتات المحبة ، يفتحه وبسرعه يخرج اطنانا من الشرائط الستان الورديه ، هذه هي الخطه البديله سيدي الادميرال ، الشرائط الستان الورديه ، ينتبه الادميرال وتجتاحه سعاده التي يحسها وقتما يغتصب الجثث الممزقه بدانات المحبة ، شهوة القتل تجتاحه فتحمر وجنتاه فرحا ، يصفق بصوت اعلي واعلي ، يشرح الضابط العبقري للادميرال ، سنوزع عليهم الشرائط الستان الورديه وعندما يحل الظلام ، سنراهم اسري الشرائط مقيدين بها في اسرتهم ، سنعرف مخابئهم ومكمن اسرارهم وكنوز حضارتهم ، وقتها سنصطادهم بسهوله ، من نحتاجه نأسره ليخدمنا ومن لانحتاجه سنمنحه شرف الموت بصواريخنا الورديه ونضيف اسمه لقائمه البشر عديمي الفائده التي اسرع ملاك الموت بحصد ارواحهم وانهاء حياتهم التافهه ، و......... كله مقدر ومكتوب ياسيدي الادميرال !!!
صفق له الادميرال فرحا ، هذا الشبل من تلك اللبؤة التي انجبت مخنثين كثر يجيدين القتل والمراوغه والخسه !!! صفق له الادميرال فرحا ، ابن نجيب انت للنظام العالمي الجديد رضعت الخسه من اللبوءة التي انجبتك في الحرام وصرت صالحا لغزو العالم بابتسامتك الصفراء وشرائطك الستان الورديه و..................
ويتيه الجنود المغنين بالاصوات النشاز فخرا ، يتصوروا الادميرال يصفق لاغنياتهم فيرتفع صوتهم اعلي واعلي "مصر هي امي ، نيلها هو دمي" فيصرخ فيهم الادميرال ، اعلي اعلي ، اعلي اعلي و.............. يترد صدي الصوت العالي النشاز من جبال سيناء لجبال البحر الاحمر ، مصر هي امي ، هي امي ، هي امي ، هي امي !!!! وتتأرجح البارجة الحربية فوق سطح القناة تصنع موجا مخيفا وكأنه توسونامي سيبتلع الشط والبشر ويغرق اليابسه والحياة !!!


نهاية الجزء الثالث ويتبع بالجزء الرابع