مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



السبت، 23 مارس 2013

دمعة صغيرة في طبق الحساء !!!!



  
( 1 )
قرار صعــــــــــــــــــــــــب

وقرر يطوي الصفحة تماما !!!
وانهمرت من روحه دموعا حجرية مشحوذة ذبحته الف مرة !!!
فعاش قتيلا !!!!

( 2 )
انا تعبان اوي !!!

تنتظر قراره ليبلغها به !!!
همس لها بل همس لنفسه ...
انا تعبان اوي !!!
عشرون عاما مرت عليه وهو تعبان اوي !!!
وغرق في تعبه وذكرياته !!
سمعته وهي تبكي بعدما ادركت ماانتهي اليه ، وانا كمان تعبانه قوي !!

( 3 )
خرس

و.............وقف بساقين مرتعشتين امام ابيه الصعيدي الصارم ، سأله الاب واصابعه تدفع احجار السبحة الواحده خلف الاخر بسرعه ، خير ياولد ؟ تمني يقول له انه لم يعد ولد ، وانه صار مهندس قد الدنيا وانه تخرج من عامين من الجامعه ، تمني اشياء كثيرة يقولها لابيه ، لكنه لايقوي يقول اي شيء ، هي تقاليدهم الصارمه ، الاب ، رأس العائله وكبيرها ، وحسن الادب يفترض الا يعارضه مهما قال ومهما شطح ، خير ياولد ، مالك ؟؟
سأله الاب فتلعثم وتبعثرت الكلمات فوق شفتيه وجف حلقه وطارت الافكار من رأسه وصمت !!! ابتسم الاب ابتسامه صغيرة ، مالك ياولد ، اياكش تكون هويت ؟؟ وقبلما يوافقه ويتجرأ ويحكي له ، همس الاب بصرامه ووضوح وحسم مخيف ، لساك اخضر والعود ماشدش ، ياولد لسه الدنيا قدامك برحه وانت لسه في اول الطريق وخفيف ، ماتشيلش حمول فوق كتفك وراسك تكسر ضهرك بدري ، لسه الجيب مايسترش حرمة ولسه الشنب ماينطرش من هيبته صغار يشيلوا الاسم ويشرفوا ، لسه الاوان ماانش ، ركز في شغلك ومستقبلك ولما يجيي وقت النصيب ، حتعرف تقول وحنفرح بيك ، لما يجيي وقتها يحلها المولي ، لسه بدري ياولد علي اليوم ده !!!
تمني لو شرح لابيه انه يحب زميلته في الكلية ، وانه تخرج من عامين قبلها وانه والتحق بوظيفه براتب معقول وانه يحلم بحبيبة قلبه كل ليله وانها تخرجت واستوت وطلبت الاكالة وان العرسان رايحين جايين علي بيتها وانه حان الوقت وان الاوان علشان يتقدم ويكمل نص دينه ويلم الشمل ويكتب الكتاب ويعلي الجواب ويستريح ، تمني يقول لابيه انه عاشق للجميلة وان كيانه متبعتر وانه مستني رضاه علشان يروحوا يتقدموا !!! تمني لكنه لم يتجرأ ويفتح فمه ، ابتسم كالطير مذبوحا من الالم وخرج من الحجرة مسرعا قبلما يكشر ابيه عن انيابه الزرقاء التي يعرفها جيدا ويعرف معناها ، انياب زرقاء يعقرهم بها الاب الصارم المكافح وقتما يتصور انهم ، هو واخواته ، يتماجنوا علي الحياه ولا يقدروا معني صعوباتها التي خاض فيها الاب وحارب حتي صاروا محترمين مثلما هم ، خرج مسرعا بعيدا عن ابيه والانياب الزرقاء تمزق قلبه بقسوتها وانصال وجعها ..

( 4 )
نصيحة

و............. تجرأ وقص علي امه مايعانيه من كبد وضنا ، نصحته امه ينسي اللي غواها وغويته ، وانه لسه شاب صغير ويادوبك متخرج ، ومرتبه مايفتحش بيت ، ولو ابوها قبل يجوزها لعيل بياخد مصروف من ابوه مايبقاش راجل نتشرف بنسبه ، ولو واحد زيه اتقدم لواحده من اخواته كان اتطرد من بيتهم وكان ابوه مسح بكرامته البلاط ، لانه اتجرأ يخش بيوت الناس وهو عيل شنبه اخضر ومايفهمش في شأن الرجوله شيء!!!
نصحته امه ينسي الحبيبة ويفكر في نفسه ومستقبله وبس ، طالبته يطيعها ، ارتعشت نبرات صوته وهو يكذب عليها ويوافقها ويعدها انه سينسي حبيبه القلب ويركز في المستقبل ، اوضحت له ان الحريم كتير وان وقت الجد حينقي اللي احلي منها واللي مكتوب علي جيبنها اسمه وهي نصيبه وهو حظها ، وان وقتها حيضحك لما يفتكر عشق الشباب وسهر الليالي ، حيضحك لانه كان عيل صغير ومايفهمش في امور الدنيا شيء واتخيل له انه بيحبها ومش حيحب غيرها !!!

( 5 )
سفر

و................ قرر يسافر للعمل بعيدا عن مدينته الصغيرة ، لايتحمل تنفس الهواء الذي تتنفسه الحبيبه ، لايتحمل يشم رائحتها في الشوارع الصغيره ، لايتحمل يحمل له الهواء صدي ضحكاتها ، كل هذا وهو بعيد عنها وهي بعيده عنه ، قرر يسافر و............... شرح لامه انه عايز يكون مستقبله وان فيه فرصه ممتازه للشغل هناك ، افرحها بكلامه لانه عقل وشاف مصلحته وابتدي يكبر !!!
وغدا هو يوم السفر وكان يتمني قبلما يسافر يودعها ويعدها لو انتظرته يعود لها ويحملها علي حصان ابيض لارض الاحلام ، لكنها لم ترد عليه فسافر دون وداعها وحين ربط حزام المقعد في الطائره وادرك انه بدأ رحله الغربه ، انفجر باكيا ، هل كان يبكي شوقا للحبيبه ام كرها في الغربة ام تأسيا علي قلبه المحطم بارادته ويده وقتما اهتم برضاء ابيه وامه اكثر كثيرا من سعادته !!! اسئله كثيرة بلا اجابات ، المهم وفقط انه يبكي وبحرقه والطائرة تحلق بعيدا عن الارض التي يعرفها ويحبها !!!

( 6 )
عروسة

و............ تزوج بسرعة عروس انتقتها امه واعجبت شقيقاته واحبته من اللقاء الاول الذي ترتب ليبدو صدفة !!!  شاهدها في اجازته الاولي للوطن بعد خمس سنوات غياب وعمل ، رتبت امه لقاء عفوي وكأنها لاتقصد ، جميلة ولطيفه ، همست امه ، وافقها ، لازم تكمل نص دينك ، وافقها و............. قبلما تنتهي الاجازه تزوجها !!! لما حيتقفل عليكم باب حتعرفها كويس ، شرحت له امه فوافقها و....... اهي عروسه والسلام ، قال لنفسه وكلهن مثل بعضهن لايشبهن حبيبته ولن يشبهوها ، اتكلنا علي الله !!!

( 7 )
غربة

و............. سافر لمدينة الغرباء ، انها بلده صغيرة افلحت بتخطيط عبقري واموال قارون واكثر ، افلحت تجذب لارضها الجدبه المتميزين من كل بقاع الدنيا ليعملوا فيها ويعمروها ويحولوها من صحراء جدباء لاقيمه لها لمدينة متطوره تضاهي مدن اوربا وامريكا واكثر .. مثله هو مثل الكثيرين ترك بلاده وحمل حقيبه ملابسه الصغيره واحلامه واتي للصحراء ، بلاده طردته مثلما طردت الكثيرين من محبيها ، وتلك الصحراء فتحت له احضانها مثلما فتحتها للكثيرين الغرباء ، هنود ، باكستانين ، فليبينين ، سوريين ، فلسطنين ، انجليز ، فرنسيين ، امريكان ، مغاربة ، توانسة ، ومصريين ، فتحت احضانها ومؤسسات عملها وشوارعها ومراكزها التجاريه للغرباء ، فصارت المدينه الصغيره تعج بزحام رهيب من غرباء لايجمعهم الا رغبتهم في عمل ناجح يدر دخلا كبيرا يأمن مستقبلهم ويقيهم شر العوز وقسوة الايام ويعوضهم فراق الاوطان البعيده ووجعها ...هو واحد من هؤلاء الغرباء ، يوجعه الرحيل عن الوطن والغربه لكن رفاهيه الصحراء ورواتبها العاليه تكبله ليبقي اسيرا سنوات وسنوات في مدينه الغرباء ، الان يجلس في المقهي وحوله الكثيرين لايجدون مايفعلوه بعدما انتهي دوام عملهم ، لاحياه اجتماعيه ولا اهل ولا صياعه وشقاوة ولا حواديت للشوارع  ، ينهوا اعمالهم ويغزوا المراكز التجاريه ومقاهيها ودور السينما يقتلوا الوقت حتي ميعاد النوم ليعودوا للعمل ، وتدور الدائره ومعها العمر واجمل سنينه ...

( 8 )
البداية

و................... بدأت الحكاية !!!
كان تعبان اوي ومازال تعبان اوي ............


( 9 )
لحبات البن
حكايات ...لا يسمعها
إلا ....عاشق

يجلس مسترخيا علي المقعد الوثير في المقهي، يحتسي القهوة فنجان تلو الاخر ، يمضغ حبات البن الخشنة تحت اسنانه ، يلوكها في فمه ، يستعذبها ، يحدق في فنجانه الفارغ وكأنه ينتظره يحكي ويقول ، لحبات البن حكايات لايسمعها الا عاشق ، همس لنفسه بالعبارة التي استوقفته في صفحه مكان في مكان ما ، لحبات البن حكايات لايسمعها الاعاشق ، فنجانه اخرس وقهوته ايضا ، لايبوحا بحكاياتهما ولاينطقا ، قهوته خرساء مثله ، لن تبح بحكاياتها الا لعاشق وهو ليس بعاشق !! سخر من نفسه ، كان عاشقا ولم يعد ، صار زوجا يحافظ علي الموده والرحمه ولم يعد عاشقا يتوهج بالوجد والغرام ، كان وكان وكانت ايام ، ومازال فنجان قهوته اخرس وحبات البن تحت اسنانه صامته لاتبح ولا تحكي !!!
يحتسي القهوة ويدخن السيجاره خلف السيجاره وعلي وجهه ملامح ساكنه ، هو في هدنة مع نفسه ومع الحياة ، هل لو قال ان هذه احب الاوقات لروحه ، حين يجلس مع نفسه وحيدا ، هل لو قال لها هذا ستغضب منه ؟؟ طبعا ستغضب منه وبشده وربما تتشاجر معه وربما تخاصمه وربما تشكوه لامه وشقيقاته وصديقاتها ، تشكوه لانه لايجد صحبتها اجمل من وحدته ولانه مش مقدر ومش فارق معاه و..... ستصمت لكنهن سيفهن مقصدها ، ستلومه امه لانه قاسي عليها وجاحد ومش مقدر !!! انتي كمان ياماما ، انتي كمان متصوره اني مش مقدر ، وانه مش فارق معايا ، انتي كمان ياماما عايزاني ابقي مقدر ويبقي فارق معايا ، اعمل ايه يعني ، ابوس ايديها ورجليها ليل ونهار ، اشكرها لانها ضحت واني واخد بالي من تضحيتها وشايلها علي راسي !!! ماعلينا ، انا مقدر وفارق معايا ، لكن ساعات باحب ابقي لوحدي وكمان بابقي سعيد قوي زي ماانا سعيد دلوقتي كده !!!
لن تفهمه النسوة وسيسبوه مثله مثل بطل المسلسل التركي الغدار الندل ، لن تفهمه النسوة لا هي ولا امه ولا شقيقاته ولا صديقاتها ، وسيقمن حفله علي شرف سبابه لانه تجرأ واعلن انه يرغب احيانا يختلي بنفسه بدون وجودها !!! اللعنة علي النسوة كلهن !!! همس لنفسه وصمت !!!
اليوم ، تسلل من منزله ، وزوجته تتابع المسلسل التركي ، عايزه حاجه اجيبها وانا جاي ؟؟ لم ترد عليه ، منشغله باحداث المسلسل ، تسمعه بنصف تركيز ، هزت رأسها نفيا ، بسرعه طرق باب المنزله خلفه قبلما تنتبه لخروجه ، وتدخله في استجواباتها المعتاده ، رايح فين وليه وعلشان ايه وهو حبك يعني ؟؟؟ انتظر بدايه المسلسل التركي ليخرج ، منشغله هي مع غدر البطل وقهر حبيبته ، كاكل النساء تلوم البطل وتلومه ضمنيا وهي تحكي له عن الرجاله الندله اللي بتخون ستاتها ، تحكي له عن المسلسل وتحدق في عينيه عله يرتجف فتمسك عليه خطأ يخفيه عنها لانه ايضا ندل مثل بطل المسلسل ويخونها مثلما يخون البطل البطله لكنها لم تكتشف بعد لكنها ستكتشف !!! ....
اليوم بالذات لن يتحمل ثرثرتها ولومها للبطل وكل الرجال ، ولاد ستين في سبعين ، اليوم بالذات لن يتحمل هذا ، يحتاج لخلوة مع نفسه ، زوجته تتكلم كثيرا وكثيرا يسمعها واحيانا يجتاحه الملل او بعض الارهاق فيفر من صخبها واحاديثها الفارغة ، اليوم يحتاج لخلوه مع نفسه بلا قصص ولا حواديت ولا سباب في بطل المسلسل وكل الرجال غيره ...
ليه ؟؟ لم يعرف ، لكنه في النهايه عرف !!!!
كيف ركب سيارته وكيف قادها ولاين ، كل هذا لايعرفه ، لايتذكره !!! وجد نفسه في المقهي الذي يحبه ، يحتسي قهوته التي يعشقها ، ينفث دخان سيجارته التي يعجبه نكهتها ، وسط مول تجاري كبير ، يبتسم له النادل فيبادله الابتسام ، رأسه متعب وروحه ايضا ، عائد من يوم طويل في عمله ، الخبير الاجنبي سيصل غدا ، مجلس الاداره يرتب لسلسله من الاجتماعات، مطلوب منه تقارير كثيرة و.............. قضي ساعات اليوم الطويله في صخب وافكار واوراق وارقام ...
و........... عندما عاد لمنزله ، وجدها عابسه تنتظره ، اتأخرت قوي ، غصبن عني ، زهقانه جدا ، ماخرجتيش ليه ، مستنياك ، لا ماتستنينيش بعد كده واتصرفي براحتك ، لايعجبها كلامه ، ربما كانت تنتظر حوار اخر ، اتأخرت قوي ، غصبن عني ، زهقانه قوي ، ماخرجتيش ليه ، مستنياك ، ربنا يخليكي لي ياحبيبتي ، شويه ونخرج سوا حتنبسطي وتنسي الزهق ده ، ربما كانت تنتظر منه ذلك الحديث ، لكنه لم يقوي يقوله لها ، لن يخرج معها ولن ينسيها الزهق ، متعب مرهق وغدا يوم طويل اخر في العمل ، لو سهر معها لن يستيقظ مبكرا ولن يذهب عمله برأسه يقظه لمسئولياته الجسام ، بقيت عابسه وكأنها تنتظره يدللها ، لكنه اليوم لم يفعل ، وحين بدأ المسلسل التركي ، خرج مسرعا ...
تركها وعبوسها والمسلسل التركي وخرج ليختلي بنفسه عله يهدهد روحه ويعود لها في اخرالليل قادرا علي تدليلها !!! يحبها ، طبعا ، زوجته هي ، اذن هو يحبها ، نعم يضيق احيانا بعبوس وجهها ، ويضيق احيانا من غيرتها الحمقاء ، ويضيق احيانا من سيطرتها عليه وكأنه ابنها الصغير الارعن وليس زوجها الكبير العاقل ، يضيق كثيرا من ثرثرتها فيما يخصه وفيما لايخصه ، لكنها زوجته ويحبها ، ورغم حبه لها احيانا يرغب ينفرد بنفسه يختلي بروحه يعيش مع نفسه ولنفسه ولو ساعات قليله ، احيانا يضيق بوجودها ذاته فيهرب وسرعان مايعود لها وتستمر الحياه بدورتها المألوفه هي زوجته وهو زوجه وهو يحبها وهي تحبه و........ عادي !!!
مازال جالسا في المقهي ، طلب كوب عصير برتقال ، ربما رمان ، لايتذكر ، اتاه النادل بالعصير ، وخزه صغيره احسها في قلبه ، وكأن كوب العصير كر شريط ذكرياته القديمه ، وخزه صغيره لكنها تقول له اشياء كثيرة ، فر من ذكرياته التي لا ينقصه وجعها ، صرخ في النادل ان العصير مش حلو وهات قهوة !!! عليه يكتفي بالقهوة وينسي العصير وكل ذكرياته !!!  غارقا في اعماق نفسه لايدري بما حوله ، منشغل بالقهوه والسجائر واجتماعات العمل في اليوم القادم ، يمر امامه عابرون كثر ، لاينتبه لملامحهم ولا اشكالهم ، مالذي يعنيه منهم ، لايعنيه شيئا ولا يكترث بنظراتهم الفضوليه التي تحاصره في مقعده الوثير ، الفراغ يخلق اكثر من هذا ، هكذا يقول لنفسه ، الفراغ والغربه يمنحا المارة مبررا لمراقبه الاخرين والتلصص عليهم وتفرس وجوههم ، علهم يجدوا مايسليهم ويقتل بعض فراغهم الطويل ...
جالسا في المقهي وحيدا كمعظم اهل المدينة ، بعضهم يتكلم في التليفون وبعضهم يتشاجر مع النادل وبعضهم يكلم نفسه ، نعم يكلم نفسه عندما لايجد من يخاطبه ، لغات كثيره ترتطم في الاثير صراخ وضحك بعض البكاء بعض الحنين والكل متقوقع داخل نفسه يقتل الوقت والوقت يقتله في مدينه الغرباء !!!
ينظر في ساعته ، لايصدق ، ترك منزله من ساعه فقط ، تصورهم ثلاث ساعات ، شرب ثلاث قهوه ونصف علبه السجائر وفكر في كل شيء داهم عقله و......... الوقت بطيء بطيء !!! نصف ساعه اخري سيقضيها مع نفسه ويقوم ، سيشتري بعض الاشياء من السوبر ماركت ويعود لزوجته يدللها ويؤنسها ويثبت لها بكل الطرق العمليه انه مقدر وممتن وواخد باله ، سينصت لثرثرتها بلا ملل ولا ضيق او هكذا قرر !!! ..
كعادتها ستحكي له قصصها في العمل ومشاجراتها مع جاراتها والخطابات التي تأخرت من امها في مصر ، والنقود التي راكمت فوائدها وقسط الفيلا الذي استحق سداده  ، تتكلم كثيرا وعليه يسمع لها ، وحيدة هي طيله الوقت ، هكذا تشكو له ، الحقيقه انها لاتشكو مباشره ، لكنه يفهم شكواها ، هو يتأخر في عمله كثيرا وتبقي هي في المنزل وحيدة ، لاعيل يسليها ولاتيل يشغلها ، احيانا تكلم نفسها بعدما يطول غيابه وتنهي مكالماتها التليفونيه الطويله مع امها في مصر ومع صديقاتها ، تحتاجه هو بالذات ليسمعها ،  عليه يسمعها هذا مايقوله لنفسه ، الحقيقه هي لاتلومه ولاتعاتبه ولا تذكره ابدا انها وحيدة لانها محرومه من الاطفال والامومه بسبب حبها له ، لا تقل له هذا ، لكنه ابدا لاينسي ...
نعم للاسف والحمد لله علي كل شيء ، منحه الله هبات كثيرة في حياته لكنه حرمه بعض زينه الحياة الدنيا ، الاولاد ، منحه من زينتها الاخري كثيرا ، مال كثير ومركز مرموق ووظيفه جميله وفيلا و.......... لم يمنحه اولادا ، اكتشف بعد الزواج وتأخر الحمل ، ان المشكله عنده ، خير زوجته برقة بينه وبين الامومة ، وعدها يمنحها حريتها لو ارادت ، لكنها بكت وانهارت لانها تحبه هو ولاترغب في اولادا الا منه ، وانت دنيتي !!!
مسح دموعها يومها وهي في حضنه وامتن لها ، ربما امتن لها وربما تمني لو ترحل كي لا تطوق عنقه بجميل قاسي وتطالبه العمر كله بسداد فواتير حزنها وقهرها وحجرها الخالي ، لايعرف بالضبط ، لكنها بقيت ، من تلك اللحظه ، ادرك قدر تضحيتها وادرك قدر امتنانه المفروض تجاهها ، وصار زوجا وحبيبا ممتنا وعرف كل منهما مايحتاجه من الاخر وماعليه تجاه الاخر وسارت حياتهما الزوجيه مثلما مفروض تسير او هكذا كان يظن !!
عشرون دقيقه وسيقوم ، انشغل بتليفونه المحمول ، يقرأ الرسائل المتراكمه في صندوقه البريدي ، ويلقي بتغريده في تويتر عن ازدحام المكان ويعلق علي صورة في الفيس بوك لطائر في السماء يتمني يحلق مثله ويفر من مدينه الغرباء والامتنان والمسلسل التركي ، والوقت مازال بطيئا بطيئا و............... احس فجأ ان نظرة مألوفه وعينين اثيرتين يعرف وهجهما اصطدمتا بملامح وجهه ، ارتبك وتسارعت دقات قلبه ، كاد يضحك صاخبا كالمجانين ، يلوم نفسه لانه يترك لذكرياته عنانها فتفقده احساسه بالمكان والزمان ، تلك النظرة غادرته منذ سنين طويله ، كانت هناك ، في مدينته الصغيرة ، هو رحل عن المدينه وهجر النظرة وصاحبتها والان هو جالسا وحيدا في مقهي يحبه في مدينه الغرباء ، افق يااخينا ، لاتحلم ، ماتتصوره وهم و........... مازالت النظرة تحدق في ملامحه وكأنها هي الاخري لاتصدق ، يستشعر وهجا يجتاحه وارتباكا يتملكه ، ضربات قلبه المتسارعه تؤكد له انه لايعيش وهما وان مايتصوره حقيقه وانها هنا ، نعم هي ، بشحمها ولحمها وجمالها ونظرتها الناعسه وملامحها الرقيقه ، نعم هي ، رفع عينيه عن شاشه التليفون المحمول ، ليجدها امامه !!!!!
كاد يصرخ اندهاشا وكادت هي تلقي نفسها في حضنه !!!!! تمالك نفسه بسرعه وعاد لتليفونه ، كانه يستغيث به يحميه من وجودها الطاغي ، دفن عينيه في الشاشه وكتب بعض تغريدات غريبه وضربات قلبه تتسارع وتتسارع و............. رفع عينيه فلم يجدها !!! رحلت !!!!
هل هذه التي سقطت فوق شاشه تليفونه المحموله هي دمعه ساخنه تهاوت من عينيه حزنا ، هل قطره عرق انهمرت من جبهته لتليفونه وكأنه كان في بوتقه مشتعله حاصرت روحه وجسده بسخونه فجرت العرق من كل مسام جسده !!! لايصدق ماشاهده وماحدث ، لولا يثق في قواه العقليه لتصور انه احتمي من الوحدة في مدينه الغرباء بوهم وخيال وشبح حبيبة قلبه !!!
انتفض واحس ذنبا رهيبا تجاه زوجته التي مازالت تتفرج علي المسلسل التركي ، احس ذنبا رهيبا ، زوجته هي حبيبه قلبه ، اما تلك السيدة فكانت ولم تعد ، مثلما كانت الحياه في المدينة الصغيرة ولم تعد ، هو الان في مدينه الغرباء والسيدة التي تشاهد المسلسل التركي زوجته والنظرة التي كانت كانت ولم تعد !!!!
ومازال لحبات البن حكايات ...لا يسمعها إلا ....عاشق !!!

( 10 )
ارق

ظلام دامس يحيطه وزوجته في فراشهما ، عاد من المقهي ودللها فنامت في حضنه متطمئنة .. ساعات طويله في فراشه غارقا في الظلام بجوارها وساعات الليل بطيئه وعقله شارد يبحث عن حقيقه مامر فيه وبه ، حلم ام علم ، حقيقه ام خيال ، يتسائل عن معني لما حدث له ، يتسائل ، هل ماحدث حدث بحق ؟؟ ام انها اوهامه وهلاوسه التي طالما صادقته وونسته في الليالي الطويلة الموحشة خدعته واهمته ان حبيبة القلب تقف امامه بشحمها ولحمها ونظرتها الناعسة ؟؟ هل هي فعلا التي حدقت فيه لاتصدق عينيها ولاتصدق ماتراه ؟؟ هل هي فعلا التي راها مثلما رآها ؟؟ هل هي حقا عادت و بعثت في حياته مرة ثانيه بعد كل تلك السنوات ؟؟
عشرون عام طويله بارده موحشه قاسيه منذ هجرها مرت عليه كأنها الف الف عشرون عام ، عشرون عام مرت منذ رفض ابيه يسمعه ويعلنه بحبه لها ، رفض الاب متعسفا يسمعه ، فانهي العلاقه معها وبسرعه لانه لايقوي علي الزواج دون مباركه ابيه ولانه يحبها ولن يعبث بها ومعها ولن يخدعها ولن يقضي معها وقت ينتهي بفراق ، اذا كان لابد من الفراق هو اذ الفراق ، الان حالا فورا ...
عشرون عاما منذ هجرها وهي لم تفارقه ولم تغادر مخيلته ولم يكف عن التفكير فيها وتمني وصلها ، فر من حبها وخيالها ووهج روحها وسافر من المدينه الصغيره التي وشمت جدرانها بانفاس غرامه ، فر من الشوارع وحواديتها ومن الكازينوهات الصغيرة علي النيل ومناضدها المتراقصه واكواب العصير المتلاحقه التي شرباها معها ، فر من كل هذا وسافر للعمل في مدينه الغرباء ..
خمسه سنوات قضاها وحيدا اعزب ، يعمل وفقط ، يعمل ويعمل وفي نهايه الليل يبكي وحدته وحبه ، يتمني لو يتصل بها ، لو يعرف اخبارها ، يتمني لو كانت تنتظره ليعود لها ويخطفها علي فرس ابيض ، لكنه لم يتصل بها ولم يكلمها ، لايقوي علي نظره اللوم في عينيها ، لن يتحمل عتابها وهي تحكي له بمراره معني نذالته وقتما فر منها وانهي علاقته بها وتركها تحترق بحبه الموجع ، لم يكلمها ولن يفعل ، هي صفحه وطويت !!! او هكذا كان يظن !!!
خمسه عشر عام عاشها زوجا لزوجة انتقتها امه ، بنت ناس وطيبه وحلوة وتعمر بيوت وتحاجي علي عشها وتحفظ وتصون ، خمسه عشر عاما زوجا لزوجة فشلت تخترق روحه ، الحق انه لم يسمح لها ، فشلت تقتحم  قلبه ، الحق انه لم يسمح لها ، فشلت تنتشله من ذكريات عشقه ، الحق انه لم يسمح لها ، خمسه عشر زوجا لزوجته ، يؤدي معه واجباته الزوجيه ويمنحها حقوقها الشرعيه ويدللها كلما امكن ويكذب عليها ويبثها حبه كلما استطاع ، هذا حقها ، حقها تتصوره يحبها ، وواجبه يقنعها بذلك ، خمس عشر عاما زوجا لزوجته ، تصاحبه حياته وتقاسمه تفاصيله ويعيشا وقتا طويلا معا ، يتكلما ويضحكا ويذهبا للسينما ويصاحبها للعمرة ويشتري لها كسوة الشتاء والصيف واسورة ذهب كلما قبض ارباح نهايه السنه وحقيبه جديده في عيد ميلادها وقميص نوم لعوب في عيد زواجهما ويمنحها مبلغا كبيرا لتشتري لامه وامها هدايا ثمينه في عيد الام  ، هو زوج صالح كما يقول الكتاب ، هل مطلوب منه شيئا اكثر من كل مايقدمه ؟؟؟؟؟
اين مشاعره وقلبه وروحه ، هذا يخصه هو ولايخصها هي ، نعم احيانا تقبض عليه شاردا وتتشاجر لانه يفكر في اخر لاتعرفها ، وقتها ينهرها ويهجر فراشها لانها تشك فيه دون حق فتعتذر له وتصالحه فيقبل اعتذارها بعدما ينبهها انه لن يقبله مره اخري !!! نعم احيانا تتلعثم الكلمات في فمه ويكاد يناديها باسم حبيبة عمره ، وقتها يسعل ويسعل وكأنه صدره يتمزق بانقباضات مفاجئه لحويصلاته الهوائية وتدمع عينيه وتبرز حدقتيه وكأن روحه ستغادر جسده ، تفزع وتصرخ وتهرع تأتيه بماء وتربت علي ظهره وتزفر انفاسها في وجهه وحين تغادره نوبه السعال تسأله ، كنت بتقول ايه ، يهمهم وكأنه نسي وينهرها لانها مشغوله بتوافه الامور ونسيت الحاله التي كادت تزهق بروحه فتعتذر وتعتذر وينتهي الموقف العصيب !!!!
هو زوج صالح كما يقول الكتاب ، وهي زوجته التي يمنحها راضيا طائعا كل حقوقها و.................... يبقي في القلب غصه ، لانه لم يتزوج الحبيبة التي لم تبارح عقله وروحها مازالت تشاغل روحه ولان ذكرياتها مازالت تطارده ولانها تحتل احلامه الرومانسية ولانها تتشاجر معه في اعتي كوابيسه وحشة ، لم يتزوج الحبيبة وليت ابيه وافق وليت امه ساعدته وليتها صبرت عليه وانتظرته وليت الايام سارت بطريقه مختلفه وقدره تغير ومنحته الدنيا وجهها الجميل ، ليت وليت وليت !!!!
لكن السنوات الطويله طوت الصفحات ومحت الذكريات وافقدته الامل والرجاء فيأس ونسي !!!
حتي داهمته تلك العينين بنظرتهما التي يعرفها جيدا ، مالذي اتي بكي ياحبيبة العمر لمدينه الغرباء ، هل تزوجت ، هل انجبت ، هل ترافقين زوجك الذي ساصادفك تسيري متعلقه في ذراعه فتحرقيني بالغيرة التي ليست من حقي ولااملك منها فرارا ، هل ساصادفك امام محلات اللعب تشترين عرائس لصغيرتك التي تشبهك فاتمناها ابنتي التي لم انجبها ، هل ساصادفك في باحه الملاهي تراقبين ابنك وهو يلهو بعربات السباق فاتابعه بروحي وقلبي واتمناه ابني الذي يحمل اسمي نصفه منكي ونصفه مني وروحه من الحب بين قلبينا ، مالذي اتي بك لمدينه الغرباء ياحبيبه العمر ، هل مات زوجك واجبرتك الظروف للغربه لتنفقي علي صغارك ، هل مات ابيك مفلسا مديونا فقررت تضحي بحياتك وتعملي لتسددي ديونه وتقيه شر الفضيحة ؟؟ اسئله كثيرة واحتمالات كثيرة توخز عقله كالدبابيس وتطرد النوم والسكينه من عينيه وروحه ، مالذي اتي بك لمدينه الغرباء ياحبيبة الروح ؟؟ ومازال الليل طويل ونيران الحيرة مستعره تحرقه وتلتهم اعصابه وسكينته و.......... مازالت زوجته بجواره نائمه لاتدرك مايعتمل في نفسه وكيف تعلم وهي البعيدة المبعدة خلف الحجب منذ ليلتهما الاولي وحتي الان ولنهايه الحياة !!!!

( 11 )
على مفترق الطرق

اعتذر لمرؤوسيه لانه لن يعقد معهم الاجتماع الهام الذي اخطرهم يميعاده  منذ ايام ثلاث ، اعتذر برسالة مقتضبة وغادر العمل مبكرا ، لن "يروح "  يحتاج يختلي بنفسه بعيدا عن صخب العمل و ملل المنزل !!!
يسير علي البحر في القيظ ويطلق لافكاره العنان، الطريق خالي والحر شديد والبحر ساكن سكون مريب وكأن الموجات مرسومه علي السطح الازرق الرقراق  ، سيجن ، هذا قال لنفسه ، سيجن اكيد ، لايصدق ماتفعله فيه الدنيا ، تبعثر امانه الزائف الذي تصوره حقيقه ، رأسه مشغول باستعاده تفاصيل تلك اللحظه التي ظنها مستحيله فعاشها مأخوذا بما يحدث حوله ، وكانه اخر يري المشهد ولايصدقه ..
ليه غيرت الكافية مع انك كنت بتحبها قوي؟؟ سألته زوجته متحيرة من اصراره علي اصطحابها لمقهي لم يجلسا فيه من قبل ، كنت باحب الكافيه دي واتعودت عليها ، لايرد عليها ، يقود سيارته شاردا ، لن يذهب لتلك المقهي مره ثانية ، لن يرمي نفسه في التهلكه ، لن يترك نفسه لصدفه جديده ، المقاهي كثيرة في مدينه الغرباء والمراكز التجارية اكثر ، عليه يغير المقهي الذي صادفها فيه ، لن يذهب اليه ثانيه ولن يجلس فيه ، ربما المرة الفائتة عبرت صدفه امامه ، ربما هذه المره يدخل المقهي فيجدها جالسة مع زوجها ، ربما يجده يقبض علي يديها ، ربما يجدها تطعم اطفالها ، لن يقوي يتجاهلها ولن يقوي يقترب منها ولن يتمالك نفسه في وجودها ، ستكتشف زوجته سر شروده الطويله الذي طالما لاحقته استفسارا لمعرفه مبرره وسببه ، ستكتشف زوجته سر صمته الثقيل الذي طالما حاصرها في وجشته فتكلمه فلايسمعها وحين تصرخ فيه لانه لايسمعها يصرخ فيها لانها لاتقدر انشغاله في عمله وجحم مشاكله وكل مايهمها المسلسل التركي وهدايا عيد الام ونفسها ، لن يذهب لذلك المقهي ثانية ، لن يعرض نفسه لوقع التجربه الموجعه ، لن يعرض قلبه لمهب الريح ، لن يعرض روحه للبعثرة ، سيذهب لمقهي جديد ، لم يذهب اليه من قبل في مركز تجاري جديد ، لايعرفه الكثير من زوار وغرباء المدينه ، لم تسبقه شهرته كمثل المقاهي الكثيرة القديمه الشهيرة ، لو انه قدم للمدينه مؤخرا لن يذهب لذلك المقهي ، سيسأل زملائه في العمل وجيرانه في السكن ، سيخطروه بمقاهي كثيرة شهيره صاخبه ذات سمعه خاصه ليزورها ويتعرف فيها ومنها علي مدينه الغرباء ، سيبتعد عن كل تلك المقاهي، سينتقي مركز تجاري جديد ومقهي مغمور لن يسمح احد عن اسمه ويجلس فيه ..
الحت عليه زوجته وهو يقود السياره شاردا ، غيرت الكافيه ليه ؟ يرد عليه بضيق وملل ، تغيير من باب التغيير مازهقتيش ؟؟ لا ، بالعكس ، انا بقيت باعتبر الكافيه دي بقيه بيتنا ، انتفض ، علشان كده باغيرها ، نروح حته جديده مكان جديد نتعرف علي الدنيا ، اجابها بعصبيه وغضب فصمتت لاتفهم ، انها المرة الاولي التي يخرجا معا منذ اسابيع طويله ، ربما هو مريض ولايخبرها بما يعانيه ، ربما يواجهه متاعب جمه في عمله ، هكذا فسرت لامه حالته وقتما شكت لها انه لايكلمها مثل عادته وحين يتصل بها ينهي المكالمه بسرعه ، شرحت لامه انه مشغول قوي وفيه حاجه لسه مش عارفاها شاغلاه قوي ، اوصتها الام خلي بالك منه انتم مالكوش غير بعض ، وقعت الكلمه كالصاعقه علي راسها ، تذكرها بأن جدرهما مقطوع ولااطفال يكترثوا بحالهم ولا ابناء ينشغلوا بهم ، فاهمه ياماما ، همست لامه وهي تكاد تبكي ، تحبه نعم لكن جدب رحمها يوجعها ، تكتم وجعها حتي لاتجرحه ولاتحرجه ، هو راجل وسيد الرجاله لكنه حساس جدا في تلك المسألة ، خديه بالراحه كده ياحبيبتي ، هما الرجاله كده ، خليكي عاقله ، حاضر ياماما ، وتتمني لو تعرف مالذي فيه !!!
مالك ، مافيش !!
مالك ، عندي مشاكل في شغلي !!!
مالك ، مماليش عادي ، زهق الحياه والشغل !!!
مالك ، فيه ايه ، انت ماوراكيش حاجه غيري ، مش لاقيه حاجه تشغلك !! يصرخ فيها وفجأ ينتبه لما يحدث ، يشفق عليها من غضبه وقسوته ، لو منحها طفلا لانشغلت به مثل كل الامهات ، لكنه السبب في فراغها وعصبيتها وعليه يتحملها ويستوعب حصارها له وقلقها عليه !!!
تبكي ، يصالحها ، اعصابي مشدوده ، فيه مشاكل كتيره في الشغل ، حقك علي ، تعالي نخرج و.... حاوديكي كافيه جديده لسه مفتوحه ، وليه ، مانروح الكافيه اللي متعودين نقعد عليها ، لا ، ليه ، يوووووه كده من غير ليه ، قلت لك حنروح مكان جديد ، تغيير ، مالك ؟؟ همست وهي تكاد تبكي، ولا حاجه !!! وسار في طريقه للمقهي الجديد وهو سعيد بنصاحته لانه انقذ نفسه من شر التجربة !!!!
جلس في المقهي الذي لا يعرفه ، تركته زوجته لتشتري ثوبا جديدا لفت نظرها في الفاترينه الزجاجيه لاحد المحلات القريبة ، المقهي لايعجب زوجته ولايعجبه ايضا ، كذب عليها وادعي ان المقهي جميل ومختلف عن الاخر الذي اعتادا يجلسا فيه ، قرر انه سيأتي لهذا المكان كثيرا بعدما اعجبه ديكوراته الخشبيه وطرازه العتيق ، تأفأفت زوجته من المقهي ، حاروح ابص علي المحلات ، هز رأسه موافقا ، غابت بسرعه من امام عينيه ، سعيدا بذكاءه ، انقذ نفسه من مصادفه قد تقضي عليه ، مادام شاهدها  تحوم حول المقهي الاخري وتتجول بين محلات المركز التجاري عليه يبتعد ، لايتحمل مصادفه اخري ، لايتحمل نظرتها الناعسه ولا تفجير شوقه المكبوت ، يشعل سيجاره ويغيب مع حواراته الداخليه ، مالذي اتي بها لمدينة الغرباء ، تمني لو رحب بها ، لو سألها مالذي تفعله هنا ، لو سألها لو تحتاج عونا في المدينة ، سيعاملها كاخته ، هي صديقه دراسته ، سيسقط حبها من قلبه ويرحب بها كأبنة بلده التي صادفها في مدينة الغرباء ، سيسألها عن ابيها وامها واهل بلدتهم ، عن اصدقائهم المشتركين ، تمني لو كان سألها كل تلك الاسئله واطمن عليها قبلما تختفي من امام عينيه ، سخر من نفسه وكذبه ، لاتكترث لاباهل المدينه ولا ابيها ، لاتكترث باصدقاء الطفوله ولا اخبارهم ، لاتكذب علي نفسك ، كنت تتمني لو جلست امامك ، لو اخبرتك انها صفحت عنك ونسيت نذالتك ، لو اخبرتك انها لم تنساك وانها تحبك كانت ومازالت ، يرتبك ، يحمد ربه انها اختفت قبلما تقول له مايتمني سماعه .. ينفث الدخان من انفه ويغيب ويغيب ، يعود للمدينة الصغيرة والوقت الحاني الذي قضاه مع حبيبه العمر يرسما الاحلام علي صفحات كتاب الامنيات ، صوت مزعج يقض سكونه ، هات فلوس ، لايسألها لماذا ، يمنحها كل مافي حافظته ، تتعجب لسلوكه ، انت فيك حاجه غريبه علي فكره ، تاخد النقود وتعود لتشتري ماترغب في شراءه ، يبتسم ساخرا ، يكفر عن ذنبه تجاهها بمنحها نقودا ولطفا ، مذنب انا لاني افكر في اخري تتملكني ، ينتفض ، لست مذنب ولم ارتكب ذنبا او خطيئه ، انها مجرد افكار تراودني لكني زوج مخلص ولست كمثل بطل المسلسل التركي وكفي عن لومي دون مبرر !!!
ينادي النادل بصوت هامس فلا يأتيه ، يناديه بصوت اعلي فلايرد عليه ، يتحرك من مكانه غاضبا صوب قلب المقهي ، المكان مظلم بعض الشيء ، المناضد مبعثره في صالته الداخليه ، الديكورات الخشبيه والطراز العتيق يزيد العتمة ، يقترب من المنضدة العاليه التي يقف النادل خلفها ، في تلك اللحظه ، يسطع قمرا في الظلام ، يلتفت مصعوقا وكأنه لايصدق مايحدث له ، نعم هي ، هي ذات العيون الناعسه ، تجلس وحيدة منشغله بشاشة تليفونها ، ترفع عينيها وتراه امامها ، لن تجري هذه المره ولن تختفي من امامه ، لايقوي علي الفرار من حضورها ، ترفع عينيها وتبتسم ، يبادلها الابتسامه بلا اراده ، لايقوي يرد ابتسامتها ، مرتبكا يقف امام النادل يصرخ فيه ليأتيه ، يتحرك صوب منضدته ، لايصدق مايحدث له ، صدفه ثانيه ، صدفه ثانية تلقيها في طريقه وتلقيه في دربها ، صدفه ثانيه وابتسامه !! ستدخل زوجته المقهي ، ستجده مرتبكا ، ستسأله ماذا به ، سيتلعثم ، ستنتبه لما يعتمل في روحه ، ستتشاجر معه لانه ندل مثل بطل المسلسل التركي ، مازالت تحدق فيه مبتسمه ، وكأنها تدعوه للاقتراب منها ، نعم تدعوه للاقتراب منها ومصافحتها وربما الجلوس معها علي نفس المنضدة ، يقترب بخطوات بطيئه وابتسامتها تتسع اكثر واكثر ، يهمس ازيك ، تهمس ازيك انت ، نورتي البلد ، منورة بيك ، ستدعوه للجلوس ، سيجلس ، ولو دخلت زوجته سيعرفها بها ، زميله دراسه وابنة بلدتي ، لن يجلس ولن يعرفها بزوجته ، مازال واقفا امام منضدتها ومازالت تحدق فيه ، اتفضل ، همست ، معلش مره تانيه و............ يهرع بعيدا عنها واثقا انه لن يراها ثانية ، لن تكون هناك صدفه ثالثة ، لن يكون هناك صدفة ثالثة !!!ا
و.....يلتصق بالمقعد ويدفن رأسه في اللاب ، يري خيالها يمر بجواره وهي تغادر المقهي ، تزداد العتمة والظلام وتنسحب روحه من جسده تطاردها فتتوه اكثر واكثر و............. ترتفع حرارة الجو ويزداد توتره ، يتشاجر مع زوجته وقتما تتأخر في المحلات ، وينهرها لانها انفقت كل نقوده في الهلاهيل والكلام الفاضي ، ويتحرك صوب سيارته وهي خلفه لاتفهم سبب جنونه المفاجيءو...................... يتمني يبكي لانه لم يجلس معها ولم يصل ماقطعته الايام بينهما ..
مازال يسير علي البحر وحيدا و قطرات العرق تنهمر علي بدنه كالدبابيس والهواء الساخن يلاطم وجهه كالكرابيج ، يسأل نفسه حائرا ، هو ايه اللي بيحصل ده ، ولا يجد اجابات !!!!

( 12 )
صباح الاوركيد

علي مكتبه زهرة اوركيد بيضاء !!
حدق فيها لايصدق مايحدث له !!
همس وكأنه يخاطبها ، حبيبة القلب المتعب بالهجر ، صباح الاوركيد ...
ابتسم وكأنها سمعت صباحه فردت عليه باجمل منه ، صباح الاوركيد ياحبيبي ، فتراقصت وريقات الزهرة فوق غصنها مثل قلبه يتراقص بين ضلوعه اندهاشا لايصدق مايعيشه ومايحدث له ...
عشرون عاما  من البعد ، وصدفتين في ثلاث ايام !!
لايصدق مايحدث له ..
اغلق عليه باب مكتبه واوصي السكرتيرة الهندية لاتحول له تليفونات ، حتي من البيت ، بالذات من البيت !!!
تركه مقعده خلف المكتب والقي ببدنه علي المقعد الوثير في صالون استقبال الزوار وكبار العملاء ، فتح موسيقي هادئه علها تساعد الافكار المتصارعه في رأسه علي التنظيم والترتب ..
مالذي اتي بها هنا ، اتت لتراني ، يبدو ان هذا هدف حضورها ، اتت لنوصل ماقطعته الايام ، سخر من نفسه ، ربما صاحبت زوجها لعمله في مدينة الغرباء ، اتت لان قدرها تأتي مثلنا جميعا ، هذا الامر لايخصك ولاعلاقه لك به ، ابتسم ، هذا ماقرر يقتنع به ، صدفتين في ثلاث ايام القوا بها في طريقه ، قرر انها صدف عشوائية عبثيه ، انها مدينه الغرباء حيث تتقاطع طرق ودروب الغرباء والعابرين ، ربما انك تري الكثيرين مرات ومرات ، صدف عمياء ، لكنك لاتعرفهم فلم تنتبه لوجودهم ، انها مدينة صغيرة والغرباء فيها يصادفوا بعضهم البعض كثيرا ، لكن لانهم غرباء لايدركون اثر الصدف العبثيه علي حياتهم ، يلتقوا غرباء ويتفارقوا غرباء ، لقاءاتهم غريبه مثلهم في المدينة الغريبة !!
اشعل سيجاره ورتب افكاره ، مايحدث لايعني اي شيء ، صدفتين لايعنيا اي شيء ، ليست رسالة وليست تجديد للوصل ولا احياء للحب ، مجرد صدفه عبثيه وفقط !!!
هكذا قرر وهكذا قال لنفسه وهكذا قرر يصدق !!!
ويحدق اكثر واكثر في زهره الاوركيد وكأنه يتمناها تبوح له بكل الاسرار وتكشف له مالذي يحدث ولماذا يحدث !!!

( 13 )
فشار ساخن

وهو مدهوشا لايصدق ماتراه عينيه ، مذهولا ، اقتربت منه ، دست بين اصابعه ورقه صغيرة برقم تليفونها ، كأنها ملت من البلادة التي تعتريه كلما صادفته في طريقها ، كأنها ملت من صمته الطويل وكأنه لايكفيه كل الصمت الذي عاشوه في السنوات الطويلة !!!
ده تليفوني ، هز رأسه بايماءة صغيرة وتمتم بكلمات ممضوغه كأنه يعدها يتصل بها ، كأنه يخضع للقدر الذي القاها في طريقة ثلاث مرات في اسبوعين ، اسبوعين ، هل هما فقط اسبوعين من اللحظه الاولي التي صادفها حتي اليوم ، فقط اسبوعين ، احسهما دهرين قرنين عمرين ، اسبوعين لم يكف عن التفكير فيها ومعني ومبرر مصادفتها في مدينة الغرباء ، وكأن العالم خلي الا منه ومنها ، وكأن المدينه المكتظه بغرباءها لم تجد الا هي لتلقيها في طريقه مصادفه ، الاولي صدفه والثانيه صدفه والثالثه ايضا صدفه ، عليه يكلمها ، عليه يخضع لرساله القدر التي ساقتها في طريقه ، عليه يفهم لماذا تصادفه هذه المرات الثلاث وكأنها تبحث عنه وكأنه يفتش عنها ، فيتوها وسط الزحام ثم يلتقيا ، في المره الاولي هربت ، والثانيه ابتسمت وفي الثالثه اقتربت منه ، منحته رقم تليفونها في وريقه صغيرة ، حاكلمها ، طبعا ، سيتصل بها ، عليه يفهم ، لماذا الان ولماذا هنا وكيف حالها وكيف حاله !!!
الصدفه الثالثه اغرب الصدف ، الحق ان الصدف الثلاث غريبه ، كل منهم اغرب من الثانيه ، الصدفه الثالثة اغرب الصدف ، يقف امام باب السينما ينتظر اصدقاءه ، اتفقوا يلتقوا في الثامنه والنصف ، قبل بدايه العرض ، فيلم جديد حصل علي جائزه الاوسكار ، يحب السينما ، رفضت زوجته كالعاده تذهب معه ، تكره السينما وظلامها ، والافلام كلها حتتيجي في التلفزيون قريب ، هو يحب السينما وهي تكرهها ، هل هذا الاختلاف الوحيد بينهما ، سخر من سؤاله ، كراهيتها للسينما واحد من الاختلافات الكثيرة بينهما ، الاختلافات التي قبلها وتعايش معها ، نعم كان يتمناها تحب السينما وتصاحبه لحفلاتها وتترك له اصابعها ليداعبها حينما تشتد الحبكه الرومانسيه في الفيلم ، كان يتمني هذا واكثر ، لكنها تكره السينما ، قول واضح حاسم شرحته له بعد زواجهما باسبوع وقتما دخل عليها بتذكرتين سعيدا يزف اليها فلاحه في الحصول علي مقعدين في حفله منتصف الليل للفيلم الجديد اللي مكسر الدنيا ، يومها ابتسمت ببرود وشكرته واوضحت له انها لاتحب السينما وبتتخنق من الضلمه والزحمه والافلام ماهي مسيرها تتعرض في التلفزيون ، يومها اصابته غصه تجاهلها بسرعه ، لكني احب السينما ياسيدتي ، عادي روح لوحدك ، وعادي ، ذهب لوحده مره واثنين وعشره ومازال يذهب لوحده !!!
يقف علي مدخل السينما ينتظر اصدقاءه ، يأتي مبكرا قبل ميعاده بخمسه دقائق كعادته ، يحدق في الصور المعلقه علي جدران السينما ، يدقق في التعبيرات المرتسمه علي وجوه الممثلين ، ينظر في ساعته ، سيأتوا متأخرين كعادتهم ، سيذهب ليشتري فشار ، سيلتهمه قتلا لملل انتظارهم ، الفشار الساخن ورائحته الدافئه تتسلل لانفه تعيده لهناك ، للسينما الصيفي في مدينته وللبنات اللاتي يدخلن السينما مع اسرهن وللتعليقات اللطيفه التي يلاحقهن بها الشباب النزق تغلي في عروقه هرمونات الذكورة المبكرة ، رائحه الفشار الدافيء هي رائحه الشباب النزق وايامه الطيبه ، الفشار والسينما والشباب الذي يتمناه يعود يوما ، كل هذا يعيده للمدينة الصغيرة التي قضي فيها شبابه ، حفلات السينما الصيفي والافلام المتلاحقه وصراخ النشوة من الجمهورالصغير وهو يحدق في الشاشه منتشيا سعيدا ..
يتمني لو عثر علي سيدة طيبه عجوز تجلس علي ناصيه المول التجاري الكبير تصرخ ، حمام يادره مشوي ياحمام ، في مدينته الصغيرة كان يأكل الدره وهو خارج من السينما هائما مع الافلام وصورها وموسيقاها البديعه ، يقف امام السيدة العجوز وهي تقلب كوز الذره باصابعها المدربه وسط الجمرات المتوهجه ، يلتقطه من اصابعها ساخنا وينفث فيه انفاسه المتلاحقه تواقا لالتهامه ، لكنه هنا في مدينه الغرباء لن يجد السيدة العجوز ولن يجد الذره المشوية ولن يستعيد ايام البهجه والدفء وهل مدينة الغرباء مكان للحميمية ؟؟  فقط الفشار الساخن يعيد له بعض البهجه والدفء القديمين ، اشتري حجم كبير من الفشار المتقافز امامه علي السطح الساخن ، رائحته خدرت اعصابه ، ابتسم بلا سبب ، التفت بجسده عائدا للسينما ، وجدها اتية من الطريق المقابل ، تسمر مكانه ، كاد الفشار يسقط من بين اصابعه ، تسير وحيده تحرك ذراعيها بحرية وثقه ، كاد يصرخ ، لمحته ، وقفت مكانها وابتسمت ، لم ينطق ، بل نطق وحياها ، اسمها بين شفتيه مثير ومبهج ، ردت تحيته ، همست ، تاني ؟؟ همس ، ثالث وانتي الصادقه ؟؟ تمني يسألها بتعملي ايه هنا ، جايه ليه ، لكنه لم يسألها ، عامل ايه ، كويس ، يكذب عليها ، دلوقتي بالذات مش كويس ، الحقيقه عمري ماكنت كويس ، عايش ، دي الاجابه الادق ، عايش ، وانتي ، الحمد لله ، احس حرج وارتباك ، هل سينتهي الامر عند هذا الحد ، هل ستغادره دونما يتكلم معها ، هل ستختفي من امام ناظريه وينتظرا معا صدفه رابعه ، اسئله كثيرة ، الفشار يبرد وقلبه ايضا ، يمد لها القرطاس ، اتفضلي ، شكرا ، باي ، همست وهي تتحرك ، مع السلامه ، همس وهو يموت ، هل هناك صدفه رابعه تلقيها في دربه الموحش بغيابها، صدفه رابعه مستحيل ، هل سيتركها ترحل ويضيع كل الصدف المستحيله التي ساقته في دربها وساقتها في طريقه ، هل انت احمق ، اجري خلفها ، استوقفها ، اسالها عن حياتها وجودها اخبارها احوالها ، اسالها هل مازالت تحبك مثلما مازلت تحبها ، ثابت مكانه وكأن قدميه التصقتا بالارض ، تتحرك بعيدا عنه ، يكاد يبكي ، يكاد الفشار يتبعثر علي الارض ، يمتني يصرخ ، استني حاقولك ، لكنه لايقوي يقول ولا ينطق ، مازالت تبعد ومازال يتمني  ، تمني يسألها عن تليفونها ، تمني يدعوها للعشاء ، لكنه بقي مكانه والفشار البارد اسيري اللحظه الموجعه ، تحركت خطوتين ثم عادت له فجأ ، ده تليفوني ، وغادرته ، دس الورقه الصغيره في جيبه وهو يكاد يبكي فرحا ، يكاد يصرخ من السعاده التي اجتاحته ، انه الحبل السري اوصلته بين روحه وروحها يمده بالحياه ، لن تضيع منه ثانيه ولن ينتظر صدفه رابعه مستحيله ، يتمني يشكرها لانها لم تبخل عليه ببعض الحياة التي كان يتوق لها ، الورقه الصغيرة بين اصابعه في جيبه ، اخرجها يتأملها ، اعادها لجيبه ، سيحفظ الرقم ، سيسجله علي موبيله ، لا لن يسجله ، سيحفظه ، حفظه فعلا ، حاكلمها طبعا وتحرك صوب السينما ليجد اصدقاءه ينتظروه ، يحيهم شارد الذهن ويصاحبهم لقاعة العرض ، يغرق في مقعده اعمي اصم وكأنه ليس هنا ، هو فعلا ليس هنا ، هو هناك ، معها ، يفكر ويفكر ويفكر !!!!

( 14 )
is waiting ...waiting..and waiting

هناك في المقهي الزجاجي الكبير ونوافذه الواسعه المطله علي البحر ، هناك جلس ينتظرها ، طلب قهوة من النادل مبتسما ، ستبوح له حبات البن بحكايتها ، عاشق انا ياسيدتي وغارق في حبك لاذني ، عاشق انا ياسيدتي وكفاني ماضاع من عمري ومن عمرك ، يدندن بلحن يحبه ، تتوه من الكلمات فيضفر اللحن بكلماته ، مسير الحي يتلاقي ، عبارة كانت ترددها امه كلما بعد الاحباء او اختفوا ، مسير الحي يتلاقي ، يلحن العباره علي النغمات التي تمتم بها ، عشرون عام مرت علي فراق تصورة دائم فاذا بالقدر يسوقها في طريقه ، تحيي الموتي وتوصل الارواح التائهه وتعيد للقلوب الخرساء نبضاتها الحية !!
الموجيات الصغيرة الزرقاء تلاطم الشط الساكن والشمس تغزل بذهبها فوق السطح الازرق نجوما في عز الضهر ، يختلس نظره لساعته ، سأتي بعد ربع ساعه ، فضل يذهب لميعاده مبكرا لينظم افكاره وروحه المضطربه بعد سماع صوتها في التليفون ..
اتصل بها من يومين ، الو ، ارتعش صوته ، يعرف هذه النبرة ، الو ، همس ، ابتسمت ، نعم ، يقسم انها ابتسمت ، هو ايضا ابتسم ، رحل الوجل والهم ، اخيرا ، همست ، اخيرا ، صرخ من اعماق قلبه و............. مادار بينهما يخصهما ، اتفقا يلتقيا في مدينة اخري ، نعم ، مدينه اخري ، سيخبر زوجته انا مسافر لعمل وان فرع شركته يحتاجه ، يومين والتالت اجازه وارجع علي طول ، عقفت وجهها ولمعت الدموع في عينها ، غاضبه لكنه لايكترث ، طيب خاطرها بكلمتين فارغتين وضحي من اجلها وضغط المواعيد وسيكتفي بيوم واحد ، وربما اعود ليلا ، يعرف انها تخاف عليه من الطرق ليلا ، لا ، حيرتيني ، خلاص صلي الجمعة وتعالي ، اتفقنا !!!!
سافر نهار الخميس، وتفقد فرع الشركه في المدينة الاخري ، وتجول في المجلات ولم ينم طيله الليل ، اتصلت به زوجته عشرين مره ، كل نصف ساعه مره ، يرد عليها ويطمئنها عليه ويتطمن عليها ويعدها انه لن ينام في التكييف علشان صدره وانه لن يخرج وجسده ساخن بعدم حمام الصباح في الهواء وانه لن يشرب قهوه علي معده فارغة وانه سيصلي الجمعه ويتحرك بسيارته صوبها و................. بقي طيله الليل يقظا ، بعد عده ساعات سيراها ، سيتكلما معا ، بعد عشرين عاما من الصمت والهجر ، سيخبرها عن احواله وينصت لحديثها عن حالها و..........اخرتها ؟
سأل نفسه وضوء الصباح يزيح عتمه الليل ، يحبها نعم يحبها ، بل يعشقها ، يتمني يتزوجها طبعا يتمني ، لايعرف ظروفها ، اكيد مش متجوزه ، يعرفها ، لن تقبل تكلمه وهي مرتبطه باخر ولن تقابله من خلف ظهره ابدا ، يعرفها ، محترمة لن تقبل تخدع زوجها مهما كانت المبررات والدوافع ولاحتي تكذب عليه لتقابله ، محترمه هي ، وانت ؟؟ سأل نفسه ، ارتبك ، طبعا محترم ، صوته يتهدج واجابته تأتي متردده ، انت تخدع زوجتك وتقابل حبيبة قلبك من خلف ظهرها ، انا مابعملش حاجه غلط ، لو انك كنت اخبرتها ، كانت حتقلب الدنيا ، حقها ؟؟ ارتبك ، ليس حقها ان تصادر علي حياتي ، وهل حقك تخدعها ؟؟ يرتبك اكثر واكثر ، لااخدعها ، ولن ، وقت الجد ساخطرها ، ساقص عليها قصتي ، ساقول لها اني احبها وايضا احبك ، ساقول لها اني احبها ولااقوي اقتل هذا الحب الذي لم تفلح الايام في قتله ، ساقول لها واقول ، ضحكات ساخره شريرة تطارده تعلو فوق صوته الصدأ وهو يكذب علي نفسه ، لاتقوي تصارحها ولن تفعل ، لانك تخونها ، هكذا ستري الامر بوضوح مهما قلت وفسرت وشرحت ، ستراك نذلا مثل بطل المسلسل التركي !!!
انتفض يبعد عن رأسه الافكار الشريرة ، بعد لحظات سيلتقي بحبيبه القلب والعمر ، سيلتقي بها ويجلس معها ويمتع عينيه بملامحه ويسعد روحه برائحتها بوجودها ، بعد لحظات سيعيش بعد موات طويل و........... اخرس ضميره وصوت عقله وافكاره وابتسم ابتسامه واسعه وانتظرها تدخل عليه بضياءها وشوق السنين !!!
 والشوق في قلبه يزيد ويزيد ويزيد وهو مازال ينتظر وينتظر وينتظر !!!

( 15 )
اريد البركةَ فوراً او اللعنةَ فوراً

ستبكي ؟؟ ستمزق وجهي باظافرها ؟؟ ستصمت ؟؟ ستجمع ملابسها في حقيبه وتتركني وترحل ؟؟ ستقتلني ؟؟ ستتصل بامي وتسبني لاني واطي وندل ووسخ وخاين وطلعت زي ماكانت متوقعه ؟؟ ستتجاهل مااقوله وكأني لم اقل شيئا وتدخل تنضف سيراميك المطبخ ؟؟ ستبكي؟؟ ستطالبني بالطلاق ؟؟ ستعود لبيت ابيها وتتركه يتشاجر معي لاني ماصنتش الامانه وماحافظتش علي بنته وبهدلتها معايا بعد كل اللي عملته !!! ستبكي وتهمس ، ماكنش العشم !! ستصمت وتدخل تنام يومين وتخاصمني !!! ستتشاجر معي وتكسر الطفايات والفازات الكريستال وتهددني انها ستقتلني وتقتل نفسها ، ستتعالي علي كل مااقوله وتنتفض معدتها غضبا تخرجا ما في جوفها من نار وتفقد الوعي ، ستبكي وتبكي وتبكي ، ستتابع المسلسل التركي كأني اهذي امامها وتهمس ربنا يهديك !!!!
ساقول لها اني احب اخري ، لا ، ساقول لها اني احبها واحب اخري ، لا ، سااقول لها اني كنت احبها طيله عمري ومازالت ، ساقول لها ساتزوجها لكني احبك ، ساقول لها ، ساتزوجها ولن اطلقك ، ساقول لها ، ساعدل بينكما ، ساقول لها انا لايمكن اطلقك ، ساقول لها انا بحبك وبحبها ، ساقول لها غوري في ستين داهيه ، ساقول لها ، انا غلطان بس غصبن عني ، ساقول لها انا ماغلطتش في حاجه ومحترم ولما قررت جيت وصارحتك ، سأفول لها ماتشتيمهاش لانها ست محترمه وماغلطتش فيكي ، سأقول لها اهو انتي ، سأقول لها ، مقدرش اعيش من غيرك ، سأقول لها اللي تؤمري بيه حاعمله وحقوقك كلها حتوصلك ، سأقول لها مثني وثلاث ورباع ، سأقول لها مش معني انك ضحيتي انك اشترتيني واني عبدك تتحكمي فيه زي ماانت متصورة ، سأقول لها غصبن عني القلب وماهوي ، سأقول لها ماكنتش ااقصد اوجعك ، سأقول لها حقك علي واللي انت عايزاه حاعمله ليكي ، ساقول لها لاتطالبيني بما لااقوي عليه ، لن اهجرها ولن اتركها تضيع من يدي ، ساقول لها احبها ، ساقول لها احبك ، ساقول لها انا غلطان لكن مش بايدي ، ساقول لها لم اقصد اجرحك فانتي حبيبتي وهي ايضا ، ساقول لها انا قررت اطلقك واتجوز ، ساقول لها انا اسف جدا ، اسف اني اتجوزتك ، اسف اني جرحتك ، اسف اني خبيت عليكي الحكايه من زمان ، اسف اني خبيت عليكي ، اسف اني قلت لك اساسا ، ساقول لها ........................ لن اقول لها شيئا !!!!
ومازالت الحيرة تعصف به وهو يفكر يتمني شطا يرسوا بقاربه الحائر علي ضفته ، اريد البركةَ فوراً او اللعنةَ فوراً ...

( 16 )
و تبخرت الاحلام

ببساطه ، لااقبل تشاركني فيك ولااقبل اكون زوجه ثانية ولااقبل اعيش في الظلام !!! من حقي اعوض كل مافاتني في حبك ومن حقك تعيش حياتك التي لم تعيشها ، من حقنا نحب بعض بمنتهي الوضوح والصراحه والسعادة !!!
ببساطه قالت له كلماتها ورحلت تنتظر رده عليها !!!
ببساطه ، ببساطه تأتي بعد عشرين من البعد لتقتليني وترحلي !!!
ااتيتي لتنتقمي مني لاني هجرتك وعجزت الزواج بك وخضعت لمشيئه ابي ولم اتحداه واصمم اخطفك علي مهر ابيض ونعيش في تبات ونبات ونخلف صبيان وبنات !!
ااتيتي لتعاقبيني علي ذنبي القديم ، تجددي الامل في روحي والعشق في قلبي والامل في نفسي وبعدها تبعثريني وترحلي بمنتهي القسوة!!
ااتيتي لتخيريني ؟؟
اه .. بس !! مابسش !! ده حقي !!!
حقك ، نعم حقك ، حقك تحبيني بلا شريك ينغص عليك مشاعرك ، حقك تستأثري بي وتعوضي حرمان الايام ووجع الليالي ، حقك لااجادلك ولكن !! اه من لكن ، اين هي وحقوقها ؟؟ دي مشكلتك انت مش مشكلتي انا ، لو قلت لك وهي ، ستقولي لي مااعرفه ، دي مشكلتك انت مش مشكلتي انا ، انت اللي تقرر !!!
اقرر ، علي اقرر ، علي اقرر اذبحها بحبك او اذبحني بهجرك ، علي اقرر اكون نذلا معها وعاشقا معك ، علي اقرر استمتع بحبك واقتلها بهجري ، علي اقرر اعوض خسارتك السنين الفائته واستمتع بحبك وليذهب كل العالم للجحيم !!!
علي اقرر ، اذبحها بضمير مستريح ، استغني عنها كالحذاء القديم ، اتركها كاليتامي امام باب الجامع فجرا ، القيها كسلة القمامه في اقرب خرابة واكمل طريق سعادتي !!!
علي اقرر ، اهجرك ثانيه واموت ، ابتعد عنك مره اخري وانتحر ، اتركك ترحلي بعدما اضناني اليأس في العثور عليك ، انساكي بعدما تذكرتك ، افقد الامل في العيش معك بعدما مت بعيدا عنك !!!
علي انا اقرر !!! يالك من قاسيه ياحبيبة قلبي !!!!
ومازالت الايام تعصف به وتبعثره ومازالت تنتظره اجابته و رده النهائي !!!!

( 17 )
تفتكري .. الفرحه دي انا استحقها ؟؟

يجلس امامها علي المنضدة والكون كله صامت الا قلبيهما !!
البحر صامت يتابع عشقهما القديم يتجدد ويحيي !!!
السما صحو تنتظر مصيرها لتمطر بدموع الفرحه او ترعد وترغي وتزبد بفيضانات الحسرة والقهر ..
النادل يتحرك ببطء وكأنه يخاف يفسد بوقع خطواته الرشيقة جلال اللقاء ، الحياة كلها تتحرق شوقا لهذا اللقاء ونتيجته السعيدة !!!
بحبك ... يتمني يهمس لها ، لكنها تعرف !!!
وانا كمان ، يتمني تقول له ، لكنه يعرف !!!
فرح بوجودها ، بعودتها لحياته ، بظهورها في ايامه بعدما يأس ، باحياءها  لقلبه التعب بعدما ظنه مات ، فرح بوجودها ويتمني يسألها ، تفتكري الفرحه دي انا استحقها ؟؟ لو سألها لاجابته ، طبعا ، انت تستحق كل خير ، لو سألها لزادت فرحته اكثر واكثر ، انت تستحق الفرحه واكثر ، انت الفرح اللي في الدنيا كله ، وانت كمان ، ويبتسم وتبتسم ومازال الكلام في بدايته!!!
اخبارك ايه ، الحقيقه لايهمه اخبارها ولا كيف مرت عليها السنوات الطويلة ولا كيف عاشت وكيف اصبحت !!! ربما تزوجت ربما طلقت ربما انجبت وزوجها صمم ياخد اولادها مقابل الطلاق ربما لم تنجب فطلقها ربما وربما وربما ، كل هذا لايهمه ، مايهمه الان ، انها امامه بعينيها الناعستين بشعرها الطويل بشفتيها التي تمني طويلا يمزقهما بقبلاته بجسدها الذي طالما حلم به وتمناه بين احضانه ، مايهمه الان انها امامه قريبة حبيبة وقاب قوسين او ادني من حياته لتنورها ، كل مامضي لايهمه ، مايهمه الاتي ، الايام السعيده التي سيعيشها معها لتنورها وتنور حياته الموحشه بغيابها الطويل ، مايهمه الفرحه التي يعيشها معها والتي يستحقها فعلا مكافأه صبره الطويل !!!!
اخبارك انت ايه ، الحقيقه ، لايهمها اخباره ولا قصصه التي سيقصها عليه وصرامة ابيه وقسوة امه والمبررات التي دفعته ليهجرها ويكسر قلبها ونفسها ويقهرها ولا زوجته التي تزوجها ليكمل نصف دينه ولا اطفاله المزعجين ولا اي شيء عنه ، مايهمها ان الحبيب الغائب الذي فرقت بينهما الايام الان صار ممكنا وقريبا بعدما عاشته مستحيلا وموجعا !!!
ايه اللي جابك هنا ؟؟ يتمني يسألها ، كنتي عارفه اني هنا ، لا طبعا ، يصدقها ، اللي جابني هنا النصيب ، نعم ، النصيب الذي ساقها في دربه وطريقه ، النصيب الذي القي بها في طريقه ودربه وساقه لحياتها ودفعها لحياته ، طيب وبعدين ؟؟؟؟؟؟؟
تجلس امامه ، وكأن السنوات لم تمر ، وكأنها تنتظره ليخطرها بميعاد زيارته ووالده ليتقدما لها ويخطباها ، نفس المشهد ، كانت صغيرة جميله وكان شاب فتي ، كانت تحبه وكان يحبها ، كان تتمناه يتقدم لخطبتها وكان يحلم بالزواج منها ، كان يرسما معا الاحلام الملونه و............. مرت السنوات وعاد يجلسا علي نفس المنضده ، المره الاولي كانا في كازينو علي النيل في المدينه الصغيرة واليوم يجلسا في مقهي فاخر علي البحر ، لكنها هي ذات القلوب المحبة العاشقه وهي ذاتها نفس الامنيات !!!
تنظر له وكأنها تساله ، طيب وبعدين ؟؟
تنتظره ليبادر ويتقدم ، في المره الاولي انتظرته ولم يأتي ، في هذه المره ايضا تنتظره ، فهل سيأتي ام سيكون الخذلان قدرها معه والوجع نصيبها ومكتوب علي جبينها وجبينه !!!!
يحدق في عينيها ويتمني يغرق ويموت !!!
يختلس النظر لاصابعها ويتمني يحتضنهما ويموت !!!
يختلس النظر لشفتيها ويتمني يمزقهما بقبلاته ويموت !!!!
لكنه مكانه لايقترب منها ، ليست صغيره وليس صغيرا ونزق الشباب مر وعدي والاحلام تقترب من الواقع لتصبح حقيقه يعيشاها معا والله احل له ما يتمناه ويحرم عليه الان وهو امامها مايحلم به ، سيتزوجها وتصبح حلاله وليفعل معها وفيها مايريد ويعيش معها ماحلم به وتمناه و......... مااجمل الاحلام وقتما تقترب من الحقيقه وتكاد تصبح واقع يعيشه !!!
طب وبعدين ........... الاجابه دائما تأتي من عندك والفعل ايضا !!
في المرة الاولي انتظرتك ولم تأتي وضاع الشباب وبعض العمر
واليوم انتظرك ونملك نعيش معا بقيه الشباب وباقي العمر
فهل تأتي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انا متجوز ، عارفه طبعا ، كنت متوقعه ، وانا مالي !!!
يتمني يقول لها ماتعرفه ، لكنه لايعرف مالذي سترد عليه به !!!
انا متجوز .... قاطعته ، لم تجيبه بكل الاجابات التي توقعها ، قاطعته ، ده موضوع يخص انت مايخصنيش انا !!!
ارتبك ، ينتظر بقيه كلامها ، انت لسه بتحبني ؟؟ طبعا !! عظيم !!!
عظيم !!! الن تقولي لي وانا ايضا احبك ، الن تقولي لي كنت واثقه ، الن تقولي لي انك لم تحبي غيري ، الن تقولي لي وانا باموت فيك !!! عظيم!!
ومازال ينتظر ماستكمل به جملتها المفتوحه !!! عظيم !!!
لكنها صمتت ، قالت عظيم وصمتت !!!
انتظر ، واحتسي القهوة ونفث دخان سيجارته وطلب لها قهوه وعصير واحس الجو جميل والبحر رومانسي والشمس حانية واليوم ملون بالبهجه ويخاف يتكلم فيفسد مايعيشه ويحسه ، وينتظرها تقترب منه خطوات لكنها لاتقترب ، هي اقتربت فعلا ، قادت سيارتها وقابلته وجلست معه تحتسي القهوه وعصير الرمان ، اقتربت منه فعلا والباقي عليه بقي !!!
هل قال لها ، احنا لازم نتجوز ، هل قال لها ، تتجوزيني ، هل قال لها باحبك وبموت فيك ، هل قال لها كفايه بعد وهجر العمر ماعدش في ايام وقت للوجع تاني ، هل قال لها وحشتيني ، هل قال لها لسه بتحبيني ، هل قال لها مااتجوزتيش ليه ، هل قال لها اتطلقتي ليه ، لانعرف مالذي قاله لها ، نعرف فقط ماقالته له ، انا بحبك لكن عايزاك لي لوحدك !!! ببساطه قالت ماقالته واحتست اخر قطره في كوب الرمان وقامت ، قرر وبلغني !!!!
هل اظلمت السماء وقذفت فوق رأسه بحممها الملتهبه ، هل امطرت الدنيا ثلجا فتجمدت اطرافه وانفاسه ودقات قلبه !!! لايعرف ولانعرف !!!
قرر وبلغني !!!!!!!!!!! رحلت مثلما اتت وتركته يقرر ويبلغها !!!!
وجلس مكانه ساعات طويله وتليفونه المحمول يرن ويرن ، هي زوجته ينهشها القلق علي الزوج الذي وعدها يعود قبل الغذا فاوشكت الشمس علي الرحيل وهو ثابت مكانه يفكر ويفكر عاجز عن القرار وعن العودة لمنزله وعن الحياه نفسه !!!!
ومازال عاجزا عن القرار مدركا بيأس ان الحياه صعبه وموجعه اكثر كثيرا مما كان يظن !!!!!!!

( 18 )
اخر الخط !!!

انت فيك ايه ؟؟ شاحب شعث الشعر طويل الذقن ، غائب الذهن شارد ، يحرمه الارق من النوم ويحرمه الارهاق من اليقظة !!!
فيك ايه ، عيان ؟؟؟ تسأله زوجته قلقه ، لاتعرف مالذي فيه ، خمسه عشر عام ولم تراه مثلما تراه هذه الايام ، عندك مشاكل في شغلك ، اه ، يتصورها ستصمت ، بس مش ده السبب الوحيد اللي مخليك كده فيه حاجه تانيه انا مش عارفاها ، لايجيبها ، يتركها تحتسي قهوتها علي كنبه غرفه المعيشه ويذهب لغرفته ليرتدي ملابسه ويذهب شغله ، يرتطم بالجدران وكأنه لايراها ، والله العظيم انت فيك حاجه غريبه !!!
يخرج من المنزل ويتركها في حيرتها !!! اه لو تعرف مالذي يشغله !!!
صعبانه علي ، مااقدرش اعمل فيها كده !!!
ينتفض ، طيب مش صعبان عليك نفسك وانت بتعمل فيها كده !!!
يتحاور مع شياطين العشق وملائكه الرحمه ، يتشاجر معهما وهما يتقاتلا في عقله يحاول كل منهما يجذبه لشطه ويفسد علي الاخر مرامه ومناه!!!
انت تستحق تعيش مع اللي بتحبها !! طبعا تستحق ، يبتسم ياريت !!!
لكن هي مالهاش ذنب في اللي انت عايز تعمله فيها !!! فعلا مالهاش ذنب ، تكاد الدموع تقفز من عينيه !!!
انت بتحبها ومن حقك تعيش مبسوط ، فعلا !! يبتسم ويتمني ويحلم !!!
بس مراتك ست طيبه وماعملتش فيك حاجه وحشه !! فعلا ويكاد يبكي !!!
انت مابتحبهاش !!! مش مهم الحب لكن هي الحق ست طيبه وعاشت معايا بما يرضي الله !!!
تسخر منه شياطين العشق ، انت مش شئون اجتماعيه ، علشان تضيع بقيه حياتك مع واحده مابتحباش علشان صعبانه عليك !!!
تنهرها ملائكه الرحمه ، اه بس مايصحش يبقي ندل ، فجأ يرميها في الشارع لانه رجع لحبه بتاع زمان !!!
تهمس له ملائكه الرحمه ، الموده والرحمه ابقي من الحب ، مراتك كمان بتحبك !!
تسخر منها شياطين العشق ، ماتحبه براحتها ، المهم هو بيحب مين !!!
تنصحه ، حرام عليك بقيه عمرك تضيعه ، اول مره سبتها مجبور ، كنت صغير معندكش اراده ولا قوة تتحدي الدنيا وتخطفها ، طيب والمره دي ، المره دي مالكش عذر بصراحه !!! حتبقي ندل وتسيبها للمرة الثانية ؟؟ تساله شياطين العشق ؟؟ ولا حتبقي ندل وتطلقها ؟؟ تساله ملائكه الرحمة !!! تنتفض ملائكه الرحمة غاضبه ، هي النداله سهله كده !!! مراته بتحبه ولو عرفت انه حيطلقها علشان يتجوز حبيبه قلبه حتموت ، سهل كده يموتها !!
امال يموت نفسه !!!
وتضيق الدائرة خناقها حوله اكثر واكثر !!!!
مازال يقود سيارته شاردا ..
اختر ياهمام ماتقوي عليه ، تقتل زوجتك بنذالتك ، ام تقتل حبيبة قلبك وتقتل نفسك ؟؟
اختر وقرر ماتريده !!!
صوتها يتردد في اذنه ، قرر وبلغني !!!
تبكي روحه ويكاد يختنق !!! ليه حطيتني في الاختيار الصعب ده ؟؟؟
تضحك وهي بعيده في بيتها تحتسي القهوه وتشرب عصير الرمان ، تضحك وتسخر منه ، ياحبيبي اي اختيار ماكانش حيناسبك ، ماتكدبش علي نفسك !!!!
طلقها ، اختيار مايناسبكش  !!!
نتجوز ونقول لها ، اختيار مايناسبكش !!!
نتجوز ونخبي عليها ، اختيار مايناسبكش !!!
اي اختيار مايناسبكش للاسف وانت عارف !!!
كل الاختيارات صعبه ياحبيبي ، صعبه ، ومدام كلها صعبه ، ليه تفرض علي اصعبها وادفع انا تمن الحب ده لوحدي ، نتجوز في السر ومانقولهاش ، هي زوجه شرعيه وانا عشيقه بورقة جواز سرية ، تخاف تخرج معايا وتخاف تقابلني وترفض تبات معايا وترتبك لو حد شافك معايا ليقول لها ، ده اللي انت بتطلبه مني ؟؟؟ !!!
ينتفض ، لا طبعا !!!
عظيم ، نتجوز ونقول لها ، طيب ماهي حتعيط وتصوت ، وتشتمك لانك ندل ولانك خنتها واهنتها ، وجايز كمان تطلب الطلاق ، بس انا كده مش غلطان ، ابقي حافظت عليها ومااستندلتش معاها ، هي بقي تطلب الطلاق براحتها !!!
تضحك اكثر واكثر ، طيب قول لها انا باحب واحده غيرك وحاتجوزها وشوف حتقولك ايه ، لا ماتجيش كده ، امال تيجي ازاي ، نتجوز سري وبعدين تختار انت الوقت المناسب وتقول لها او ماتقولش !!!!
يرتبك لا مش قصدي ، امال قصدك ايه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مش بقولك ، كل الاختيارات صعبه وماتناسبكش !!!
ومازال يقود سيارته شارده يتمني تصدمه شاحنه كبيرة فيموت دونما يقرر اي قرار لان كل القرارات صعبة !!!!

( 19 )
على وجه القمر دموع
لا يمحيها إلا ضياء النجمات

رساله اعتذار صغيرة .. ومحي رقمها من تليفونه المحمول !!!
اغلق عليه باب مكتبه وانفجر في البكاء !!!
وضاعت الحبيبة وضياءها للابد !!!

( 20 )
احاول التعايش

بعد يوم عمل طويل ، عاد لمنزله ، وجدها تنتظره علي مائده العشاء ، مبتسمه مرتبكه وكأنها تنتظر كارثه سيلقيها علي رأسها ، جلس امامها علي المنضده مرهق تعب خائر القوي ، طلب منها بعض الحساء لانه بردان !!!
حدقت فيه تفتش في روحه عما به ، لكنها لم ولن تفلح !!!
سقطت دمعة من عينيه وسط طبق الحساء ، لاحظتها ولم تنطق ، مسحها ولم ينطق و................ ادرك انه سيكمل مع هذه السيدة زوجته المصون بقيه حياته لانه لايقوي يكون ندلا معها مثل بطل المسلسل التركي !!!

( 21 )
النهاية

و................... انتهت الحكاية !!!
كان تعبان اوي ومازال تعبان اوي ............ وسيظل تعبان اوي !!!