مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الاثنين، 31 أغسطس 2009

اجمل بضاعه في السوق !!!!!






" شلحي فخدك يابت " هكذا صرخت السيده العجوز في الشابه المرتبكه !!!
لم تفهم فعاودت الصراخ فيها " ورينا يابت القشطه امال الراجل حيلهط من ايه " !!! زغدت ام الشابه ابنتها " شلحي يابت علشان ام العريس تشوف فخدك " !!! احمر
وجه الشابه احتقن غضبت فكرت تقوم وتتركهم " يلعن ابو دي جوازه " همست لنفسها وتشبست بملابسها وصمتت .... اقتربت امها منها غاضبه وجذبتها من صدر الفستان وخلعت ازراره وفتحت صدرها للسيده العجوز " قشطه ياحاجه بصي اهو " لمع صدرها ورديا من فتحه الفستان ، ارتبكت الشابه قفزت من مكانها لملمت نفسها اغلقت فتحه فستانها وقامت تبغي فرارها ، لكن امها قبضت علي ذراعها " اترزعي " ابتسمت ام العريس ابتسامه صفراء للشابه وهمست لها بصوت اجش " يابت خايفه من ايه ، مش باتطمن علي البضاعه ، يابت تعالي جاري وافتحي صدرك وريني القشطه " واقتربت منها ببطء تمد يدها لتفتح صدر الفستان ، اقتربت ام الشابه من ابنتها متغاظه منها " يابت شلحي وخلصينا ، وريها فخدك وريها صدرك وريها سرتك ، يابت من حقها تتطمن علي ابنها والعسل اللي حياكله " احست الشابه انها ستغتصب ، اغلقت فخذيها مرعوبه ، عقدت ذراعيها علي صدرها ، كادت تجري وترتدي الطرحه التي خلعتها لتقابل ام العريس المرتقب الذي لاتعرفه ، كادت تعقص شعرها وتلم خصلاته المتناثره ، وضعت ام العريس كفيها علي فخذيها و قرصتها ، حسست عليها بكف خشنه ، احست احساسا تكرهه ، نفسها ماعت عليها ، كادت تقذف مافي بطنها في كف السيده العجوز ، انتفضت ، ضحكت امها " معلش ياحاجه اصلها خام " ضحكت ام العريس " وده عز الطلب " ضحكت وهي تحسس علي فخذ الفتاه واصابعها تتسلل لاماكن غريبه ، لم تصدق الشابه ، قفزت تصرخ في امها " ماما " لامتها امها " يابت مالك ، الحاجه بتتطمن يابت ، حقها يابت " ...
قامت ام العريس زهقانه ، تنظر للسيدات معها كانها تناشدهن الرحيل ، تعاتب ام الشابه " جري ايه ياحبيبتي انت مش مرسيه بنتك علي الوضع ، بنتك منقبه ووشها زي قفاها ، وفساتينها واسعه لامبينه صدر من فخد من صوه ، ايه نشيل البضاعه تطلع حمضانه ونرجع نقول ياريت اللي جري ماكان ، خليها تقلع علشان نتفرج ونشوف التكسيمه والعرقوب ، الا بقي لو ماكنش ليكم كيف من ابننا !!!" وامسكت حقيبتها كانها سترحل ، انتفضت ام الشابه تفكر في العريس اللقطه العائد من الخليج بسياره فارهه اخر موديل وملابسه الانيقه ومنصبه الذي يحسده عليه الجميع والشبكه الثقيله التي اشتراها لصاحبه الح
ظ السعيد ، فكرت في هذا كله في لحظه وقررت تعري ابنتها تماما تغري الحاجه ام العريس " بضاعتنا فل وقشطه واصبري ياحاجه ان الله مع الصابرين " ..
سحبت ابنتها لخارج الغرفه ، لطمتها علي وجهها قرصتها من ذراعها " يامايله ياام بخت ضايع ، حترفصي النعمه بمناخيرك اللي في السما دي " وسحبتها علي غرفه داخليه اخلعتها ملابسها كلها وغطتها بنسيج شفاف و هي تولول " ده عاشر عريس حتطفيشه واخرتها حتقعدي جاري زي البريزه الممسوحه " اطلقت شعرها خلف ظهرها وسحبتها تبكي بين النسوه ، قذفتها في وسط الحجره تشيد بجمالها " شايفه ياحاجه الوسط ، شايفه ياحاجه فخادها قشطه وملفوفه ، شايفه ياحاجه صدرها رمان ومستوي وطالب الاكاله " وتضحك النسوه وتبكي الشابه " شايفه
صبه رجليها ، شايفه سحبه ذراعها ، شايفه ياحاجه .... " وتشاور علي ظهر البنت " شايفه الجمال ، ياهناه ياسعده اللي حيدوق شهدنا " ...
ارتفع نحيب الفتاه وضحكات النسوه ، تقترب العجوز من الفتاه العاريه ، تحسس علي شعرها علي رقبتها علي ضهرها علي .... وتزغرد فتتبعها بقيه السيدات وام الشابه ، تحتضن الفتاه تضمها بقوه تحس صدرها يرتطم بعظام العجوز تقبض علي وسطها ، تمسح دموعها غاضبه " بتعيطي علي ايه يابت ده انا يابت حاكون سبب سعدك " تزغرد ام الشابه " نورتينا ياحاجه والله قدمك سعد وهنا ، مبروك يابت " وتنفجر الشابه في نواح وعويل رهيب فتضحك السيدات وتعتذر الام للعجوز " خام ياحاجه خام بكره تتودك " ..
و....... ترمي الفتاه بجسدها فوق الفراش تبكي عاريه تشعر اهانه تكره جسدها تتمني لو صفعتهم جميعا لو بصقت عليهم لو فرت من تحت نظراتهم القبيحه الفجه ، تكره نفسها وجمالها الذي عذبها فخبآته من زمن حتي نسيه الناس فعاشت حياتها راضيه ، تكره امها التي كشفت جسدها وسرها علي اعين الغرباء ، تكره العريس الذي لايعرفها ولم يآتي للتعرف عليها او الحديث معها ، لم يسآلها عن مؤهلاتها وشهادتها ، عن نجاحها الوظيفي ، فقط اهتم بجسدها و"القشطه اللي هيلهطها " !!!!
وبسرعه خطبت الشابه للرجل الذي لم تسمع صوته ولم تراه ...
وفي يوم الزفاف سحبها من ذراعها لغرفه النوم يسيل لعابه من الاثاره والتوتر ، نظرت له بطرف عينها لا يعجبها شكلها ، لا تطيق رائحه انفاسه ، لا تحبه ولن تحبه ، تتمني لو تفر من قبضته ، لكنه يقبض عليها وتكاد تختنق !!! وبسرعه مزق فستانها والقي بها عاريه فوق الفراش وهو يهمس " قشطه ياناس قشطه ، صدقتي ياامه صدقتي " والقي بجسده فوقها و...... سرعان ما قام منكسرا وغادر الغرفه غاضبا يسبها " منك لله ياشيخه لوح تلج حيطه جبس جاموسه " وتركها مثلما كانت عذراء بعد ان عبث بجسدها الجميل طويلا ولم يلفح في فض عذريتها رغم محاولاته المتكرره ، ونامت في فراش الزوجيه وحيده سعيده لانها عذبته وفرت منه واعجزته واهانته مثلما اهانتها امه و" العين بالعين والبادي اظلم " ورغم محاولاته المتكرره اياما وليالي لم يفلح معها ابدا فقد
فرت منه وعذبته ولم تروي عطشه ولم تسعده ، اوصدت في وجهه كل ابواها لا تنسي السوق الذي عرضت فيه لصالحه وحسابه ولا تنسي نظرات النسوه اللاتي سرحن لحسابه يخترن له " اجمل بضاعه في السوق " وهو شهريار المتوج علي عرش نقوده الكثيره !!!
وحين طلقها .. عادت بيت ابيها مطلقه عذراء فلطمت امها علي وجهها وتشاجرت مع ام العريس وعايرتها " ابنك مش راجل " فسبتها ام العريس " بنتك اللي مش مره !! "
وتركتهن العروس يتخانقوا ونامت متصالحه مع نفسها راضيه عن انتقامها الموجع !!!

الأحد، 30 أغسطس 2009

تعالي بسرعه !!!!!!!



نصف نائمه رفعت
سماعه التليفون ، سمعت صوتا قلقا " تعالي بسرعه " وانتهت المكالمه !!!! قامت تدور حول نفسها ، تبحث عن جواز سفرها ، تلملم ملابسها في حقيبتها الكبيره ، لاتعرف لماذا ستعود لهناك ولا تعرف متي ستعود لهنا ، لم ينتابها الفضول عن سبب استدعاءها ، تعلم هي وواثقه انها كارثه تلك التي تدفع شقيقها لاستجداء عودتها بكلماته المقتضبه !!! في الطياره نامت طويلا ، لاتعرف متي ستنام ثانيه ، لا تعلم مالذي ينتظرها هناك ولن تسآل فكلها ساعات وستعيش الحدث الكئيب الذي تم استدعاءها بسببه ، لتنام الان فبعد وصولها ليس هناك شيئا مضمون ،نامت ولم تنم مر شريط حياتها امام عينيها ، عانس وحيده لم تتزوج ، احبت رجلا لم ينتبه لوجودها ابدا لكنها لم تري في الدنيا كلها سواه ، اضربت عن الزواج انتظارا لامر لاتعرفه سيحدث بينهما ، حين يحدث ستدفن نفسها في حضن جارها الرجل الوحيد في الدنيا الذي احست رغبه عارمه في الدخول في حضنه وممارسه جنونها معه ، تفكر في حياتها نصف نائمه نصف غائبه تتهادي بها الطائره فوق السحب ، سافرت بعيدا عن وطنها منذ سنوات طويله ، سافرت لتكوم الاموال تسعدها بديلا عن الجدب العاطفي الذي قتل نفسها ، تعمل في وظيفتين ، تقفز من هذه لتلك ، تراكم رواتبها في البنوك ، يسعدها خطاب البنك الشهري المليئ بالاصفار يهنئها علي قدرتها الفائقه في كنز الاموال ويخطرها بتزايد ثروتها سندها في الحياه الصعبه ، مرت سنوات العمر امام عينها تبددها في ساعات العمل الطويل والنوم المليء بالاحلام التي لم تتحقق ، تهتز الطائره قليلا تشعر توترا لا تحبه ، فهي لاتخاف علي حياتها ولاتخشي الموت ، ليس لديها ماتخاف عليه ، امها ماتت من زمان واوجعتها ، رحمها لم يخصب فلم تترك في الدنيا اثرا يضيع او يحزن وقت غيابها الابدي ، اشقاءها وشقيقاتها منشغلين بحياتهم واطفالهم ومشاكلهم ، لااحد يفتقد وجودها ، حيه كانت او ميته ، كل ماسيفتقدوه بضعه هدايا اعتادت علي وهبها لهم ، وافتقادهم هذا لا يعنيها بحق ، عادت للنوم ، عانس وحيده صامته ، نسيت شكل وجهها ضاحكا ، نسيت صوت دقات قلبها فرحا ، نسيت قدرتها علي الاندهاش او التآثر فحياتها في بلدان الغربه اكلت مشاعرها التهمت احاسيسها ، الصحراء التي تحيطها جففت ينابيعها ، الاصفر الذي لاتري غيره لونا للحياه المحيطه بها اشحب لونها وانعكس ترابيا علي كل ماتراه ، كآن كل الدنيا فقدت رونقها ، تمنت كثيرا لو تعود لوطنها لاهلها لاحباءها لكن اصفار البنك التي تتزايد يوما بعد يوم اسرتها في دوامات الرمال المتحركه ، تمنت لو تعود فلا تجد غيره ينتظرها في المطار يحتضنها يهنئها بسلامه العوده يقبل وجنتاها ، وقتها ستبقي معه ولن تعود ، هو اهم من اصفار البنك ومن البنك نفسه ، لكنها عادت عشرات المرات لم تجده وغادرت عشرات المرات لم يودعها ، انه لا يراها ، لا يلمح الارتباكه الصغيره التي تعتريها وقت تلمحه ، لا يشعر بالدقه المضطربه من دقات قلبها التي تفر منها وقت تسمع صوته ، لا يفهم سر تلعثمها في الحديث معه حين يحدق في عينيها ، لم يودعها ولم ينتظرها ولم يكتب لها الخطاب الوحيد الذي تمنته ولم يهديها الورده الحمراء التي طالما تصورته يحملها لها خلف ظهره ليفاجئها بها ولم يزين جيدها ورآسها بعقود الفل التي حلمت كثيرا برائحتها ، لذا لم تعود ولماذا تفعل ، حتي تعيش في مدينه مزدحمه تصيبها بالصداع واناس متعبون يرهقون نفسيتها وغلاء فاحش يلتهم رصيدها في البنك ويجعل حياتها والعدم سواء ، لن تعود وستبقي في مدينه الاشباح لاتري بشر ولا تشعر دفئا ولا تحمل هما ولا تتوقف عن العمل والجري وكنز الاموال ، يؤنسها حلمها الجميل الذي سيتحقق يوما حين يبوح لها حبيبها بحبه الدفين ويتوسل اليها تحبه !!! خرجت من المطار لم تجد من ينتظرها ، ارتابت في سبب دعوتها للرجوع ، فلو كانت الكارثه التي استدعوها بسببها رهيبه لوجدتهم جميعا يتشحون بالسواد ينتظروها عند سلم الطياره ، لكنها لم تجدهم ، القت بحقائبها في تاكسي ومنحت سائقه عنوان منزلها واغمضت عينيها وازدادت صمتا ، تدعي النوم لتخرس السائق الارعن الذي لم يتوقف عن الحديث منذ لحظه ركوبها معه ، تكره منظر الزحام والسيارات المسرعه ، تكره السحابه الرماديه التي تظلل سماء مدينتها ، اغمضت عينيها وتعجبت من سبب استدعاءها ، كادت تتصل بشقيقها في المحمول تسآله " اجي ليه ؟؟" لكنها وصلت فعلا وكلها دقائق معدودات وتعرف سبب تلك مكالمته المقتضبه !!! وقفت امام منزلها ، كل شيء مآلوف معتاد هاديء مثير للريبه ، انزلت الحقائب وصرخت في البواب يحملها ، تنتظر منه تفسيرا لاستدعاءها ، ربما يعرف من اصابته المصيبه وكيف اصابته ، لكن البواب اندهش لرؤيتها وسآلها ببراءه وفضول " خير " فازدادت شكوكها ، كل شيء هادي لحد موتر ، وفعت رآسها لاعلي تنظر لشرفه شقتهم ، امرها عادي والغسيل المنشور تتساقط منه قطرات المياه يؤكد لها ان كل شيء طبيعي فتوترت اكثر واكثر .. ضغطت علي الجرس بعصبيه ففتحت لها الخادمه ، حدقت فيها لا تصدق ماتراه ، ازاحتها ودخلت ، الورود الحمراء في الزهريه فوق مائده الطعام كما يحبها شقيقها نضره وزاهيه تؤكد لها ان كل الامور بخير ... القت بجسدها علي الفراش ونامت ....... حلمت بجارها الوسيم يبثها حبه فانتشت في الحلم سعيده وتمنت لو تنام الي الابد لاتفيق من حلمها الجميل !! استيقظت علي صوت اخيها يهنئها بسلامه العوده ، فتحت عينها لاتعرف مكانها ، كآنها نامت في فراش الغربه واستيقظت في حضن الوطن ، كآنها خطفت من الصحراء الصفراء للوادي المزدحم الاخضر ، سالته " فيه ايه " ابتسم "خير وحشتيني قلت اشوفك " اعتدلت في فراشها عصبيه تتشاجر معه ترفض حديثه الغريب " وبعدين .. ايه الحكايه بقي " !!! احتضنها سعيدا وهمس في اذنها " جاي لنا ضيوف النهارده وعايزين يشوفوكي " فتحت حدقتي عينها اندهاشا ، تعرف معني هذا الحديث ، تعجبت من تكراره علي مسامعها ، فعشرات المرات تشاجرت مع اخيها لاترغب في مقابله ضيوفه ، عشرات المرات افهمته انها نسيت ذلك الموضوع وسعيده بحياتها وكادت تكرر عليه كلامها ثم صمتت فجآ وسآلته بنظرات عينها دون حديث عن الضيوف المنتظرين ، فهم نظراتها واجابها بنظره عينه فانتفضت لا تصدق ما يقوله لها ، لا تصدق ان حلم حياتها سيتحقق ، لم تسآله مالذي حدث ولماذا حدث وكيف حدث ، فهمت ان جارها رجلها الوحيد الذي اغلقت باب قلبها عليه فتح قلبه واستقبل موجات حبها التي لم تتوقف سنوات وسنوات عن بثها في فضاءه تتنظره التقاطه لاشاراتها ، فهمت ان رجلها الذي لم تري غيره احس بها بعد سنوات القحط التي عاشت فيها تنتظر انتباهه ،احست ان حلمها اوشك علي التحقق ويالها من نهايه سعيده لكل احلامها .. احتضنت اخيها سعيده ، كادت تصرخ فرحه ، كادت تقفز فوق الفراش تلمس السقف وتعود للواقع الذي وكآنه اوشك علي التغيير ، نظرت في وجهها كانت جميله جدا اجمل مره شاهدت نفسها في حياتها ، قبلت شقيقها وهمست "ورحمه امك انت بتتكلم جد صح " هز رآسه يوافقها ، وخرج من الحجره وتركها تستعد للزياره المرتقبه ، نظرت في المرآه فشاهدت فتاه في السادسه عشر ربيعا فتاه جميله خفره مرتبكه تبحث عن قلم روج هاديء اللون ، تتمني لو اشترت فستان جديد لتلك الزياره ، تصفف شعرها مرتبكه ، تبحث عن حذاء انيق لا يحدث ضجه وقت السير به صوب الحبيب ، تفتح باب حجرتها وتصرخ تنادي شقيقها " جايين امتي" تراه امام باب التلاجه يشرب " حالا " تدخل بسرعه غرفتها تخرج قنينه عطر معتقه من دولابها وتسكب نصفها فوق ملابسها ، جاهزه هي لمقابله الرجل الوحيد الذي احبته طيله حياتها ..وحلقت فوق السحاب وطارت للقمر !!! ... ورن جرس الباب ، اندفعت الدماء ساخنه لوجنتيها فازدادت جمالا ، سمعت صوت اخيها يرحب بالضيوف ، كادت تخرج مسرعه ثم استوقفت نفسها وانتظرت حتي يناديها ، وحين سمعت صوته يصرخ باسمها انتفضت مكانها وتمنت لو دخل اخيها واصطحبها في يده فكيف ستدخل عليهم وتري حبيبها ولا تلقي بنفسها في حضنه ، ابتسمت " اخيرا " خرجت مسرعه ، سارت بخطوات مرتبكه كآنها ليست هي التي ستدخل غرفه الصالون لتلتقي بحب عمرها ، دخلت الحجره تجوب عيناها بسرعه وجوه الحاضرين ، لم تراه ، كادت تتراجع "العروسه جت " تلفتت حولها تبحث عن العروسه وسرعان ماادركت انها هي المقصوده ، لكن اين العريس ؟؟؟؟؟ لماذا لم يحضر مع هؤلاء الرجال ، هل ارسل اخوته وابيه لخطبتها ولم يآتي بنفسه ، جلست لاتصدق غيابه ، لاتسمع حديثهم ، تتمني لو فهمت مالذي حدث ، ماذا قال لاخيها ، ربما سيآتي ، ثبتت بصرها علي الباب عله سيدخل حالا ، نظر له اخيها يعاتبها لكنها لم تفهم سبب عتابه ، همس في اذنها " سلمي علي العريس ياعروسه" افلتت منها ضحكه لم تقوي علي كبتها وسآلته " مش لما يجي " ارتبك اخيها وشاور لها بطرف عينه علي رجل يجلس تحت الشباك ، من هذا الرجل الهرم الذي يجلس تحت الشباك وكيف يتجرآ اخيها علي الاستهزاء بها للحد الذي يشاور لها علي رجل غريب باعتباره عريسها ، صمتت وصممت علي المشاجره مع اخيها بعد ان يذهب الضيوف ، همس اخيها " يوسف يامريم " ثم يهمس بصوت اخفض " مالك اتهبلتي ، مش عارفه يوسف ؟؟ " لم تسمع كلماته وحدقت في الرجل الغريب تحاول التعرف عليه ، هذا ليس يوسف ، هذا ليس الرجل الذي احبته طيله العمر ، هذا ليس الرجل الذي لم تري في الدنيا سواه ، يوسف كان شابا وسيما مفتول العضلات ممشوق القوام ، شعره الاسود يتساقط فوق عينيه السوداويتين باهمال جميل ، هكذا كان منذ ثلاثين عاما ، لكن هذا الرجل الذي يجلس امامها ليس بيوسف الذي عرفته واحبته وحلمت به ، فهو اصلع تخين " بكرش " ملابسه قديمه بلا رونق ، يوسف كان انيقا تشم رائحه عطره الخاص من اول الشارع وهذا الرجل تفوح منه رائحه العرق النتن ، هو لايشبه يوسف فيوسف كان بشنب عريض اسود وذلك الرجل بلا شنب التجاعيد ترسم اخاديدها فوق وجنتيه ، يوسف كان شابا وسيما وذلك الرجل قبيح كريه المنظر لايشبه يوسف في اي شيء ، يوسف كان شابا وهذا الرجل الكهل هرم عجوز ربما تجاوزت سنوات عمره الستين ، حدقت في جميع الموجودين بالغرفه وخرجت مسرعه ، القت بجسدها فوق فراشها تبكي مقهوره حزينه ، لاتصدق ان ذلك الرجل هو نفسه الرجل الذي حرمت نفسها من الحياه بسببه ، تبكي غاضبه تكاد تكسر الجدران تتمني لو هي الان في الصحراء وحيده لتصرخ تتمني لو ماتت قبل ان تري ذلك الرجل القبيح الذي سرق ايام عمرها وحلمها وبدد وهمها الجميل و..... لملمت ملابسها بسرعه وقبل ان تسطع شمس اليوم التالي كانت في الطائره غاضبه من اخيها الذي لم يفهم سبب تصرفها الاحمق وهرولتها خارجه من الغرفه وتشاجر معها بعنف وقوه لانها " كسفته قدام الناس " !!! وفي الطائره نامت وحلمت بيوسف الذي تحبه الوسيم ممشوق القوام وتشاجرت مع ذلك الرجل الذي انتحل شخصيته وكاد يسرق احلامها ويفسدها !! استيقظت ونامت ثانيه للتشاجر مع اخيها تعاتبه " بذمتك هو ينفع اتجوز راجل عامل كده " ولم تجادله حين صرخ في وجهها "انت مجنونه ماهو هو ده يوسف اللي خوتانا بيه بقالك ٣٠ سنه " فقط نظرت له نظره عتاب وصمتت !!! وفي البلده الصفراء الصحراء عادت وحيده عانس صامته بلا احلام ... فيوسف هذه الايام سرق منها حلمها الذي اسعدها كثيرا ... عادت اكثر وحده اكثر صمت كسيره الحلم !!! واغلقت موضوع " يوسف " للابد فلم تعرف من اخيها مالذي جري حتي يستدعيها لتلك الزياره السريعه ، لم تعرف انه قابل يوسف جارهم علي السلم ، وانه اشتكي له وحدته بعد موت امه ، وانه صعب علي اخيها فاقترح عليه يتزوج اخته العانس الوحيده ، وان يوسف فكر طويلا ثم وافقه باعتبارها ستؤنسه وتبدد وحدته والسلام ، لم تعرف كل هذا واختلقت لنفسها حلم جديد وحيد ، ان يوسف الذي كان والذي كانت تحبه ، قابل اخيها وبثه حبها ، وتوسل اليها يوافق علي الارتباط بينهما ، وان اخيها لم يقبل طلب يوسف الا بعد ان بكي بدمع العين متآثرا من حرمانه من السيده الوحيده التي احبها فاغلقت باب قلبه امام كل النساء !!! هكذا خلقت لنفسها حلم جديد وعاشت به بقيه ايام حياتها في البلاد الصفراء الصحراء !!!!!! وحين تتذكر يوسف العريس تهز رآسها نفيا وتنام لتحلم بالرجل الذي احبته ومنحته بلامقابل عمرها كله !!!!!!

السبت، 29 أغسطس 2009

امانه عليك توديني البحر !!!!!!!!!!!!





كانت طفله صغيره .. برئيه .. اكملت عامها السادس قبل رحله الهجره الاخيره من بلدتها للغربه ، انتزعت من حضن امها للقاهره .. لطموها علي وجهها حين بكت خائفه وافهموها " ده انت حتعيشي في عز " ..
واختفت امها للابد ولم تري ابيها الا مرتين في العام حين ينزل لسادتها يقبض مرتبها المتراكم لديهم ويمنحها كفه لتقبلها ويرحل ، دخلت البيت الواسع وجله ، استقبلها اناس لا تعرفهم ، نزعوا من حضنها العروسه الباليه القذره التي تحتضنها والقوا بها في الزباله ، انتزعوا ملابسها القديمه التي اتت بها من البلده ومزقوها ،والقوا بها تحت المياه الساخنه والصابون الحارق ومزقوا جسدها لينضف من " الجلخ " قصوا شعرها الطويل واغرقو فروه رآسها بالجاز مره واثنين حتي تآكدوا ان الحشرات التي قطنت جدائلها رحلت وللا
بد .. البسوها ثيابا واسعه فبدت كآن " بوصه " ترتدي " شوال " مهرول ، افهموها مهمتها ، خادمه للساده الكبار ، تفتح الباب ، تناولهم طلباتهم ، تلاعب الاطفال الصغار حين يزوروهم ، وتنام تحت السفره !!!
عاشت ايامها الاولي تائهه غريبه لاتفهم المطلوب منها ولا تعرف كيف تنفذه ، تصرخ كلما صرخوا في وجهها ، ترتكب كلما نادوا اسمها ، تبكي حين يسخروا منها ومن شعرها المتناثر ومن قدميها الحافيتين ومن جلبابها الفضفاض ، تجري تختبيء منهم تحت السفره ، تتكور علي نفسها تتمني لو ماتت او عادت للبلده تلعب " الحجله " و" السبع طوبات " مع العيال في الحاره ، لكنها لا تعود ولم تري القريه ثانيه الا بعد عشر سنوات ، نسيت اللعب وغناء الافراح ورائحه الحقول واسم امها ووجوه اخوتها ، يوما بعد يوم اعتادت علي اعمالها السخيفه ، تستيقظ فجرا مع الحاجه الكبيره وحين يدق المنبه تجري علي غرف الاطفال لتوقظهم وتعود للمطبخ تعد الساندوتشات ولاتنسي ان تآكل قطعه جبن او " لقمه عيش " من خلف ظهر الجميع وتعود للاطفال تناولهم الشرابات والجزم و حين يفضي البيت تعود " للحاجه " تعد قهوتها وتنادي بائع النعنان من الشباك بصوتها "المسرسع " وتقف امام الحوض بعد الغدا تشطب الاطباق وهي تغني ، "
تشب " علي قدميها وتفتح الباب ثم تفتح الباب ثم تفتح الباب حتي اطلقوا عليهم جميعهم ساخرين " عليه فتح الباب " وفي المساء تجلس بصحبتهم امام التلفزيون ، تشاهد مايشاهدوه ،حتي تنام علي نفسها وتستيقظ علي لكزات الخادمه العجوز " قومي ياحزينه عماله تشخري زي المعزه قومي " وتنام تحت السفره فراشها الخاص ومكانها المفضل ،تلقي بجسدها فوق سجادته ، تتحس باصابعها تبحث عن لقمه عيش او حبه بسله او شويه رز من اثر العشا ثم تبحلق في خشب المنضده تتآمله حتي تنام ..ومرت الاعوام لاتعرف عددها ، عيد صغير ثم عيد لحمه ، شتا ثم صيف ، رمضان ثم السته البيض ، ايام متشابهه ، تكبر قليلا ، تستطيع النظر من الشباك بسهوله ، تطال " المطبقيه " العاليه ، مازال شعرها قصير كلما طال جذوه من جذوره والبسوها فوقه منديلا ابيض شاش يخبيء تناثره ، مازالت ترتدي الملابس القديمه لفتيات الاسره ، هذا ضيق ، هذا طويل ، هذا مهرول وحين ضبطوها تنظر في المرآه ضربوها ضربا مبرحا واحالت الخادمه العجوز حياتها لجحيم بشتائم من اقذع الالفاظ " يامايصه ، ياصايعه بتصبي في المرايه ليه يامعووجه ، اياكش نفسك تحطي احمر واخضر ، اياكش نفسك تتذوقي " فتبكي وهي لاتفهم معظم كلمات سبابها لكنها تدرك بقلبها انها شتائم قصد منها اهانتها وتبكي وتصمت !!!
في احد الايام نامت امام التلفزيون تحت مقعد " الحاجه " ثم استيقظت علي صوت هادر لا تعرفه ، خافت ، سالتها " خير ياستي " فلم تفهم ، فكررت سؤالها " هما بيعملوا ايه " فضحكت العجوز وقالت لها " هما مين يافتح الباب ، قصدك اللي في الفيلم ، بيعوموا في البحر يابت " وخجلت تسآلها " هو ايه يعني ده، رياح زي حدانا في البلد " ضحكت الحاجه العجوز وشرحت لها " ايش جاب لجاب يابت ، حتيجي البحر يابت للرياح ، ده البحر يابت البحر ، عمري ماشفتي البحر " هزت راسها نفيا فضحكوا جميعا ووعدتها الحاجه " كلها كام شهر يابت وتشوفيه ، اياكش بس تغرقي " يومها لم تنام ، قضت الليل كله تفكر في البحر ، كبير اكبر من رياح بلدهم ، تمنت لو تقفز فيه بملابسها ، ونامت وصوت الموج يؤنسها !! البحر!!!!
وحين استيقظت في الصباح كانت " علية " اخري غير التي نامت ، فتحت الباب وغسلت الاطباق ونامت امام التلفزيون كل هذا واكثر لكنها لا تفكر الا في البحر !!! و " حنروح امتي ياستي " فلا تفهم الحاجه العجوز " قصدي يعني البحر " تضحك وتنتهرها " ايه يابت اتندهت ، حنروح وقت مانروح " وتمر الايام ولا يذهبوا وهي لا تفكر الا في " البحر " نسيت امها وابيها والشتائم التي تنهمر فوق راسها من الخادمه العجوز ، نسيت الارهاق والتعب والنوم تحت السفره والحمام الاجباري اخر الاسبوع وضربها علي راسها حين تتباطيء في اعمالها او تتآخر في الشارع ، نسيت ملابسها القديمه وشعرها المقصوص ، نسيت كل شيء ولا تفكر الا في البحر !!!!!!
وفي يوم حار استيقظت من النوم وجدت نفسها في سياره مزدحمه ومعها الخادمه العجوز تشتمتها " نايمه للضهر ياعين امك " ففتحت عيناها بصعوبه لتجد الليل مازال منسدلا وهي وصره ملابسها ملقاه في السياره فوق الصناديق والشنط والسياره تجري في طريق لا تعرفه ، خافت تسآلها " رايحين فين " وطمآنت نفسها " شويه وحنعرف " نام وشخرت واخرجت ريحا من جوفها فلكزتها الخدامه العجوز " قومي ياحزينه ان شالله تبتليك نصيبه قومي عمتينا " فتحت عينها لاتفهم ثم نامت ثانيه ، استيقظت والشمس تسطع ساخنه في صدر السماء ، نزلت من السياره مترنحه مرتبكه لاتعرف مكانها ، وجدت الطاهي العجوز يحمل الصناديق ويدخل منزل لاتعرفه ، تحب ذلك الرجل الطيب الذي قررت بينها وبين نفسها انه ابيها ، هرولت خلفه ، شالت الصندوق من بين كفيه وسالته " احنا فين ياعم مصطفي " لم يجيبها واشار لها بطرف عينه " خشي يابت وبطلي دوشه " دخلت ، شقه لاتعرفها ، تسطع بالضياء ، وضعت الصندوق وهرولت خلف مصطفي للشرفه ، سمعته يصرخ في الخادمه العجوز " اطلعي ياوليه " القت بجسدها فوق سياج الشرفه ، شاهدت البحر !!!!! صرخت من السعاده ، ازرق ازرق ازرق ، كادت تطير كادت تلقي بنفسها من الشرفه ، صرخت من الفرحه ، قبض الطاهي علي ذراعيها " حاسبي يابت حتقعي " البحر !!! هذا الازرق الساطع ، نزلت الشارع مسرعه ، تحمل الصناديق والحقائب ، تكاد تغني ، لاتسمع شتائم الخادمه العجوز وترجوها " نروح والنبي ياخالتي ، خصيمك النبي ماتكسفيني ، ابص وارجع علي طول " وتضحك عندما تنهرها الخادمه العجوزه ، تضحك ولاتفكر الا في البحر و............ في المساء حضرت العائله ، لتجد علية سعيده مبتسمه نظيفه تجلس بجوار الباب ، اخذت تقص عليهم شكل البحر وصوته وانها مشيت حافيه فوق رماله وخافت من الموج ثم اعتادت عليه وشرحت لهم انها ساعدت الخادمه العجوز في التنظيف وساعدت الطاه في تنظيم المطبخ وذهبت معهم وقت المغرب للبحر ، وصفته لهم " كبير كبير ازرق قوووووي صوته ولاصوت وابور الطحين مالح زي المش " وتضحك سعيده !!! وسرعان مامرت شهور الصيف وانقضت وعادت الاسره ومعهم علية دامعه للقاهره ، يوم السفر فرت منهم علية للبحر ودعته غسلت وجهها بمياهه مره واثنين وبكت فقدرها الرحيل الموجع !!!!!
وبعد خمسه عشر عاما .... خمسه عشر عاما كامله قضتهم علية في الخدمه في البيوت ، تزوجت من ابن المكوجي الذي طاردها في الشوارع يبثها حبه ، تزوجته وتركت سادتها وخدمتهم ...... وفي ليله الدخله وحين احتضنها العريس نامت في حضنه سعيده وترجته " امانه عليك توديني البحر !!!" فتح عينه مندهشا فوجدها سعيده راضيه فلم يسمع بقيه حديثها " هو انا ماقلتش لك علي البحر وجمال البحر .. سااااقع ... ماااااااالح .... مالوش قرار"!!!!!!!

الجمعة، 28 أغسطس 2009

القوالب نامت .. والانصاص قامت !!!






جلست الهانم العجوزه زوجه الرجل الثري الاقطاعي الكبير في اواخر ايام عمرها قليله الحيله علي فراش مرضها " تشتم " عبد الناصر ، الذي استولي علي مزارعهم وفدادين ارضهم واصاب زوجها البيه " الاقطاعي " الطيب بسكته دماغيه قتلته !!! بكت غاضبه من " الثوره " التي هدت الدنيا فوق رؤوسهم وادعت عليهم كذبا وافتراءا انهم كانوا " ظالمين " قساه القلوب مع فلاحيهم الفقراء وسرقتهم وحرمتهم من العز وميراث الاجداد والسعاده وخنقتهم خنقه سودا و...... تبكي !!!!! ....... تنصت لشكواها خادمتها العجوز صامته لاتنطق !!!
كانت الهانم سيده طيبه متدينه لا تفوت فرضا لاتفهم في السياسه ولا دهاليزها الملتويه لكنها تعرف وبشكل فطري مصالحها جيدا ، لاتعرف من الدنيا الا انها واهلها ينتمون لطائفه الاسياد وان الاخرين الفلاحين ينتمون لطائفه العبيد ، وهذا هو حال الدنيا التي تعرفها ، ونظامها الذي ولدت عليه وعاشت مترفه في ظله ، ثم "القيامه قامت " والدنيا اتلخبطت و" الفلاحين الاوباش " ركبوا الارض التي راكمها في صكوك ملكيه جدها الاكبر وكل م
ن تلاه من ابناء واحفاد فعاشوا جميعا في عز وماتوا لكنها هي التعيسه الوحيده التي عايشت وشاهدت " الاوباش " يسرقون ارضهم و" كله بسبب الراجل الظالم منه لله " وكانت بالطبع تقصد جمال عبد الناصر !!!
كانت مريضه قعيده الفراش لاتغادره بشكل واقعي لكنها تحلق طيله الوقت في ذكرياتها تعود لها وتعيش بهجتها وتكره الحاضر ولاتحبه فهو يذكرها دائما بكل ما اتعسها واتعس اسرتها و" منه لله " !!!! تقضي ايامها في الفراش وتحت رجليها تجلس خادمه عجوز ميراث من ابيها ، فهذه السيده وعائلتها ملكا لها منحها لها ابيها وقت زواجها فخرجت من بيته لبيت الزوج بالعفش والهدوم والصيغه والخادمه الصغيره - وقتها - لتخدمها وهي المرفهه التي لا ولن تخدم نفسها ابدا ، وعاشت الخادمه مع الهانم في منزل البيه الاقطاعي تخدمها وتلبي طلباتها وحين كبرت وفارت وطلبت الزواج اختارت لها الهانم احد اتباعها ومن يعملون تحت امره البيه الاقطاعي زوجا لها ومنحتها ثوبا جديد وحلق وكردان ذهب هديه الزواج وبقيت الخدامه وزوجها ملكا لها وحين انجبت الخدامه اولادها فرحت بهم الهانم خدم جدد في المنزل يعاونوا امهم في اعمال المنزل المرهقه ويسلون اولادها ويلعبوا معهم ويقضوا طلباتهم ....
ومرت الايام علي السيدتين الاقطاعيه والخادمه ، يعيشوها معا ، مات زوج الخادمه فبكت هي وسيدتها واستمر حالها علي حاله ، خادمه فقيره تعيش واطفالها اليتامي في بيت الاسره الاقطاعيه ، وحين مات الاقطاعي الكبير محسورا علي الايام السودا التي عاشها تحت رايه الثوره المباركه ، بكت الهانم زوجته ومعها الخادمه لان الرجل الكبير الذي كان يظللهم بحمايته مات وتركهم !!!!
وتدهورت الاحوال بالهانم وباعت بقيه ارضها قطعه قطعه لتآكل وتلبس الماس وتمنح خادميها نفحاتها الكثيره ولتحافظ علي وضعها الاجتماعي التي لايمكن لها الاستغناء عنه ولو بقيت علي الحديده ثم باعت الماس لتآكل وتشتري الادويه وفي النهايه لم يبقي لها ما تبيعه فعاشت علي قدر ماتسمح لها الظروف القاسيه التي ترفضها بالغوص في الذكريات القديمه ايام العز والارض والبيه اللي كان صوته "يشل" الناس كلها ويحافظ لها علي الهيبه والنفوذ والوضع المتميز فوق اعناق كل البشر !!!
وهرمت الهانم وهرمت الخادمه العجوز ، وعاشتا معا الايام الضنك التي قضتها الهانم حزينه كسيره النفس اما الخدامه فبقيت علي حالها لا تشعر باي فرق فهي تآكل بقايا الطعام منذ طفولتها ايام العز وترتدي الملابس القديمه واولادها يخدمون في المنزل وبيوت الابناء بلا اراده بلا قرار توزعهم الهانم هدايا علي ابناءها لحمل الاحفاد ولا احد يقوي علي الحديث او الاعتراض !!!
ومرضت الهانم وكادت الدائره الشريره تحكم قبضتها عليها ، هي ارمله وحيده مريضه رقيقه الحال بعد زوال العز وايامه ، تعيش في البيت الكبير وحدها مع خادمتها الهرمه التي بقيت تحت رجليها ولم تغادر المنزل مثل ابناءها وبناتها المتمردين اللذي رفضوا حياه العبوديه بعد تغير الدنيا وسافروا للبلاد البعيده يبحثون عن مال يقيهم شر العبوديه ويمنحهم وضعها اجتماعيا جديدا فبقوا سنوات طويله تكفي لنسيان الجميع انها " ولاد انعام الشغاله " وحين عادوا لم تعرفهم امهم الخادمه ونظرت لهم الهانم العجوز نظره ذات مليون مغزي تتآمل ثراءهم وحالها وقلبت شفتيها وهمست " القوالب قامت والانصاص نامت " وهمست لابنتها " نفو ريش !!!" فضحكت ابنتها وصمتت !!!
توقفت الهانم عن البكاء وارتسمت ملامح قاسيه علي وجهها الطيب واسترسلت في الكلام " عبد الناصر ده ابن بوسطجي مايبفهمش حاجه ، ال اقطاع ال ، ده احنا كنا طيبين جدا ، اغنيا اه بس طيبين " تتنتهد وخادمتها العجوز تحدق في وجهها تتابع حديثها " البيه ماكانش فيه اطيب منه ، اللي معاه مش ليه ، الزكاه قبل ميعادها ، واللي يتجوز ينقطه واللي يخلف يبارك له ، يجيوا شويه عيال جعانه يقلبوا الدنيا ، ياخدوا الارض اللي ربنا اداها لينا ويوزعها علي الخدامين والجرابيع والاوجريه " تنظر للخادمه كآنها لاتراها " ده احنا كل زرعه كنا ندي منها الفلاحين ، الغله والدره توصل لغايه بيتهم ، مادبحناش مره الاووزعنا لحمه عليهم " تتنهد الخادمه صامته " ولا ايه ياانعام ؟؟؟؟؟ " تنتظر استحسانا لحديثها .. لكن الخادمه لاتنطق ، تكمل الهانم كلامها " لاعمرنا قلت لفلاح هات اللي عليك ولا عمر البيه خرج حد من ارضه اللي بيزرعها وطول عمرنا اللي في ايدينا مش لينا ... ولا ايه ياانعام ؟؟؟؟؟؟؟ " تصمت الخادمه اكثر لاترغب في الحديث .. تنتبه الهانم لصمتها ، تنهرها " ايه ياوليه اتطرشتي ، بكلم نفسي انا ، ماتردي ردت الميه في زورك ، مت وانت قاعده مكانه ولا ايه ، باسالك مابترديش ليه ، مافيش احترام ولا ايه " تتنهد الخادمه " ايام وراحت لحالها ياست الحاجه " لكن اجابتها لاتشفي غليلها فتنتفض في فراشها تكاد تقفز منه " ياوليه بسالك سؤال تردي علي قده ، حتتساهري معايا وتتكلمي في الايام اللي راحت واللي جت ، مالك انت " تهز الخادمه العجوز راسها " ماانا ساكته وماجبتش منطق وبقول الطيب احسن " تشوح الهانم بيدها في وجه الخادمه " طول عمرك جاموسه مابتفهميش حاجه خالص " وتكمل حديثها " احنا كنا اطيب ناس ، فلاحينا والخدامين بتوعنا بياكلوا احسن اكل ويشربوا احسن شرب ، في رمضان نفطر وفي العيد ناكل ونكسي ونجوز ، ولا ايه ياانعام " تقف الخادمه مكانها تنظر للهانم كآنها ستنفجر من الصمت " اعملك شاي " تنهرها الهانم " شاي ايه ياجاموسه الحكيم منعني منه " تتحرك الخادمه صوب المطبخ تستوقفها الهانم " راحه فين ياوليه وسايباني لوحدي اكلم روحي " تقف الخادمه وتنظر للهانم طويلا " ااقري ياوليه الفاتحه علي روح سيدك البيه الله يرحمك ماكانش فيه حنيه قلبه ولا طيبته .. بسم الله الرحمن .. " تقاطعها الخادمه " ربنا يرحم الجميع ياستي بس يعني البيه كان صعب حبتين ايده طرشه مايحبش حد يقف ريحه او قصاده ، ياما ضربنا بالعصايه وياما ادنا بالشلوت ولعن سنسفيل ابونا علي الفاضيه " انتفضت الهانم " بتقول ايه ياجاموسه انت " اكملت الخادمه " عمره مابعت لينا رغيف عيش صابح ، لما العيش تقرف البهايم تاكله يبعته لينا والاسم كريم " وخرجت الخادمه من الحجره تكلم نفسها " في العيد حتته شغت ملحقفه والاسم بيبعت نوايب لحمه " سارت في طريقها للمطبخ " ياويله وسواد ليله اللي يقوله تعبان ولا عيان ولا جسمي مش شايلني ، لا ميه ولا زاد ولا حفنه غله ولا برشامه مالوش غير العصايه فوق جتته تقطعها " تناديها الهانم " رايحه فين ياجاموسه وسايباني " لا تعود لها " نزرع ونقلع وفي الاخر حجرنا فاضي ، نطبخ في البيوت وناكل العضم احنا والكلاب ، ننضف مطرحكم وننام في الزرايب جنب البهايم ولا كاننا بني ادمين " تصرخ الهانم " ياوليه ياوليه " تجلس الخادمه علي باب المطبخ حزينه كان كل سنوات القهر عادت ومزقتها " ااقوله ياسيدي البيه الواد سخن ااقعد جاره ويقولي ان شالله يموت شوفي ست الهانم عايزه ايه واعمليه " تتساقط دموعها " نفسي هفتني مره علي مانجايه من القفصه اللي ماليه السفره قلت يابت السرقه حرام ملت عليه استرجيته سكعني بالكف وقالي الله يرحم ابوكي الحافي لو دقتي المانجه تفسدي !!! " يعلو صوت بكاءها " ايام سودا وعدت ، مالناش في نفسنا حاجه ، ناخد فضله ايدهم زبالتهم ومطلوب نشكر ونحمد !!! " قامت من مكانها كانها ستغادر البيت " انا المحقوقه علي القعده السودا دي ، كان لازم كلام العيال وامشي واتستت وانسي الزمن الاسود وايامه الغبره " نادتها الهانم بصوت خائف مرتعش " ياانعام ياوليه " كررت النداء كآنه رجاء " ياانعام " جرت ساقيها وعادت وقفت امامها بكل ادب تمسح دموعها كسيره القلب حزينه " رايحه فين ياانعام وسايباني ، ماانت عارفه اني ماليش غيرك " ارتبكت " الدنيا فضيت علينا انا وانتي ، ماتسيبنيش تاني ، ده انا ماليش بركه الا انت " عادت تجلس تحت قدميها ..... ساد الصمت بينهما سيدتين هرمتين تجلسا معا مدركتين تماما ان " الدنيا اتغيرت " وان الزمن الذي كان ، مضي ولم يعد !!!