مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الثلاثاء، 6 مارس 2012

حكاية لها مائة بداية ... ( الجزء الثالث )


 

( الجزء الثالث )

  
كنت فين ياوعد يامقدر .. دي خزانه وبابها مسدر  




عندما بلغ سليمان الخامسة والاربعين
بدأت حكايه جديدة !!!!

( 1 )
الجذر المحروق

*** والحكايه بدأت وقتما نعقت الغربان علي شرفه الدار الكبير وعرفت الحاجه نفيسه ام مصطفي عن " النصيبة " التي اصابت ابنها سليمان ، اقتحمت صفيه حجرتها وهي تبكي ، عرفت نفيسه ان كارثه لحقت باحدهم ، صفيه لاتترك بيتها في ساعه مبكره من النهار تبكي وتنوح الا لفاجعة ستعرف ام مصطفي تفاصيلها الان " بتنوحي ليه علي الصبح ياصفيه؟؟" شرحت لها صفيه ماحدث " شد تلغراف لجوزي وقاله ان مرته وبناته التلاته دهستهم عربية ، من ساعتها ومش عارفه اتلم علي روحي " تنتظر صفيه الحكم الذي ستصدره امها علي سليمان ، صمتت نفيسة طويلا ثم همست لصفيه " سجرته مقطوعه يابتي وجدرها محروق ، ربك مش رايد له يعيش لا في عمره ولا بعد عمره " انتظرت صفيه بقية كلام امها التي عادت لصمتها الثقيل .. الجو حار والشمس حارقة والهواء ثقيل ، صفية حزينه والام تراقب حزنها وفجأ سالتها " سايبه بيتك وجوزك وعيالك وجايه تنوحي اهنه ليه ياصفيه ؟؟" ، " الا ياامه مش حنروح نقف معاه في نصيبته التقيله دي ناخد بخاطره ونشد ضهره ونهون صعبه ؟؟" سخرت منها الام بتعبير غريب علي وجهها " خلي الرضوانيه هما اللي يقفوا معاه ويشدوا ضهره ، يوم مصيبتنا ما وقفش معانا واتسلط علينا وفضحنا ، لو الرضوانيه يستعنوه يقفوا معاه ويهونوا عليه ، احنا يابت مالناش بيه صالح ولا له عندنا عازه وعاره لسه ملطخ وشوشونا بسواده " وبصوت حاسم وقوي "ردي علي دارك ياصفيه وشوفي طلبات جوزك واغسلي وشك بشويه ميه بارده عسي تفوقي من اللي انت فيه " واعطتها ظهرها واكملت نومها ، ارتبكت صفيه وبقيت في الحجره دقائق صامته ، ثم خرجت منها وصوت الحاجه نفيسه يلاحقها "خدي الباب في ايديك ياصفيه ونبهي علي الخدامين محدش يفتحه الا لما ازعق عليهم".............. اغمضت الحاجه نفيسه عينيها وهامت مع مشاعرها ، لاتشعر حزنا علي بنات سليمان ولا تعاطفا معه ، لاتفكر الا في مصطفي الذي احترقت روحه الف الف مره مع كل نهار تشرق فيه الشمس وثأره مازال معلقا " لو كنت خدت بتار اخوك واقتصيت من اللي قتلوه ، كان ربك رضي عنك ووهبك وذريتك عمر فوق العمر ، لكن انت جبان ياسليمان جبان ، ياحسره قلبي عليك وانت عايش ميت وحسرة قلبي علي مصطفي اللي مات ولسه عايش " وانفجرت في البكاء !!!!!


( 2 )
انتظار الموت

*** الحكاية بدأت بعدما ماتت اسرة الدكتور سليمان في حادث اليم ، زوجته وبناته وفرحه ايامه رحلوا جميعا في لحظه واحده ولم يبق له في حياته من بعدهن الا الحزن!!!! اعتزل سليمان عمله وباع منزله وغادر الحي الذي سكن فيه مع زوجته وبناته وقرر ان حياته انتهت ، استأجر شقه صغيره وعاش فيها ينتظر الموت ، يحلم بامه واخته ويتمناهن يصفحن عنه فقسوة الايام لم تترك له الا هن ، عليهن يصفحن عنه عليهن احتواءه واحتواء حزنه وكفي الايام قسوة ، يحلم بمصطفي ويطالبه يأمر امه تصفح عنه ، هي حتسمع اوامرك وكلمتك حتنفذ علي رقبتها ورقبه كل النجع ، اتشفع لي يامصطفي قولها تسامحني اامرها تسامحني !! يحلم بلبني ويتمناها تعود لحياته ، يتمناها تاخذه في حضنها مثلما اعتادت تفعل وقتما تقسو عليه الحياه ، اشتاق لها شوقا موجعا ، حتي دموعها اشتاق لها ، كانت تبكي فياخذها في حضنه فيربت عليها فتحضنه اكثر فيتسلل دفء روحها لروحه ، يشتاق للبني ويتمني يلحق بها فالحياه لامعني لها ولا قيمه لها في غيابها وحرمانه منها، يحلم بزهراته الثلاثه ويري ابتسامتهن البريئه تنير ليله الموحش ، يتمني يعدن للحياه ولو ثانيه واحده ،سيأخذهن في حضنه ويموت ، هذا طلبه الوحيد ، يرجعن الحياه ليرحل معهن ، ينام سليمان باكيا ويستيقظ من النوم باكيا ، صار نوما دموعا ويقظته صمت وشرود ، وايام العمر ثقيله لا تنقضي والموت بعيد والصفح والغفران ابعد و............. بيتهوفن يصرخ بنغمات سينفونيه القدر وهو يبكي والايام مثل الليالي سوداء وطويلة وموحشه وحياته لامعني لها ، وهاهي امه تموت وتحرمه وداعها وتعاهد الرجال علي منعه من السير في جنازتها والبكاء علي قبرها ، امه تموت وترسل له رساله بعد موتها تخبره فيها بان كان ميت في حياتها وميت بعد موتها ولا فائده فيه ولا منه و.....حرام عليك ياام مصطفي القسوه دي ، هو مضع قلبك حجر صوان ، جبتي القسوه دي كلها منين ياام مطصفي ؟؟؟


( 3 )
خراب مستعجل

*** والحكايه بدأت منذ تسلل سليمان هاربا من النجع وامتنع عن الذهاب هناك ،  ومرت سنتين واكثر لم تطيء رجله هناك ولم يسمع صوت امه ولايعرف اخبارها ولااخته ولا كل عائلته الذين تناسوه وتناسوا عاره وفضيحته ، سنتين والقطيعه سم يسري في بدنه عقاب لايستحقه علي جهده في ايقاف لعبه الموت لصالحهم جميعا ، قاطعوه وتجاهلوه وانكروه وعاقبوه لانه خرج عن عاداتهم وتقاليدهم حكموا عليه بالموت انكارا ونفيا ، في تلك السنوات الثلاث انغمس في حياته وبناته الثلاث وعمله الناجح ونسي عائله الفضل وامه و" القودة " ولعبه الموت التي اوقفها وعاش حياة عاديه كاي رجل عادي ، نسي او تناسي وكأن كل هذا لم يحدث ..
سافرت لبني وبناتها الثلاث لابيها في الاسكندريه وعدها يلحق بهم لكن انشغاله بمرضاه اخلف وعده معها كالعاده ، اتصلت به عاتبته واخبرته بعودتها وبناتها اللاتي يفتقدنه كثيرا ، ساعود غدا ، هكذا قالت ، خلي بالك من نفسك ومن البنات ، هكذا قال وانتهت المكالمه الاخيره بينهم !!!!
لم تعد لبني للبيت ولا بناتها ، اتصل به مجهول واخبره ان سياره نقل بمقطوره دهست زوجته وبناته وساوت السياره بالارض علي الطريق الصحراوي ، وان الجثث في مشرحه زينهم و" شد حيلك " .. تهاوي ومادت الدنيا تحت قدميه والتفت حوله تائها لايعرف كيف يتصرف ، لايصدق ان زوجته وبناته الثلاثه رحلن عن الدنيا وفارقوه ، لم يجد حضنا يبكي فيه ولم يجد ذراع يركن عليه ، تمني يكلم امه ، يخطرها بمصيبته تمناها لو تصرخ وتلطم وتترك النجع وتأتيه هرعه تشاركه حزنه ، تمني لو وصل ابناء عمومته من القريه ياخذوا بخاطره ويشاركوه احزانه ويقفوا في صوان العزاء بجواره وساقيه يرتعشان لايحملاه ، تمني لو وصلت صفية للجنازه واطلقت عقيرتها بالصراخ مثلما تفعل في النجع ووقفت في المطبخ تعد الولائم للمعزين الذين يمتلأ بهم الشارع والبيت ، لكن كل هذا لم يحدث ، احد لم يأتي من النجع رغم البرقيات المتتاليه التي ارسلها لهم ورغم المكالمه التليفونيه التي اسر فيها لامه بالكارثه التي لحقت به ، سمع صوتها متهدجا وهي تعزيه وقبلما يطالبها تصفح عنه وتقف بجواره وتحتويه اغلقت الخط وبقي صوت الصفاره يدوي في اذنه معلنا انتهاء المكالمه !!!


وعندما بلغ سليمان الخمسون من عمره
بدأت حكايه جديدة


( 1 )
طائر الموت

*** والحكايه بدأت وقتما نعقت الغربان في فناء البيت الكبير ، بيت الحاج عبد الكريم الفضل ، يومها كانت صفيه فوق السطح تنشر غسيل امها الحاجه نفيسه التي لازمت فراشها منذ وقت طويل ، اخبر الطبيب صفية ان حالتها متأخره وان قلبها عليل وانها تحتاج لغرفه عنايه مركزة في احدي المستشفيات الكبري لان النجع ومستوصفه الصغير لن يفلحا لانقاذ قلبها العليل من اضطراب دقاته وشراينه المسدوده ، سالها الطبيب الصغير عن راي الاستاذ الدكتور سليمان في نقل امه لمستشفي كبري ، كأنه فتح الجرح القديم دونما يدري ، من اذن لك ايها " الفسل " بذكر اسم سليمان في منزلنا ، وكأنك تذكرنا بالعار والاهانه والفضيحه وكل مانحاول نتنساه ، اشاحت الحاجه نفيسه للطبيب ليخرج من غرفتها ومن دارها ، جدد احزانها ، اعاد لوعيها افاقه اوجعتها ، مصطفي في قبره وروحه تائهه بلا ثأر وسليمان غارق في احزانه وفضيحته والام بقلبها المقهور المكسور لاترغب في الحياة !!!
نعقت الغربان فسقط  " المشبك " من بين اصابع صفيه ، هذا ليس بغراب اسود مثل التي تعرفهم ، انه ملك الموت متنكر في ثوب غراب ، ملك الموت حط علي نافذه امها واعطاهم وقت لوداعها ، هرعت صفيه لغرفه امها ، صرخت في الخادم يشيع لاخوالها ليأتوا ويودعوا اختهم ، نظرت صفيه للنافذه وترجت ملك الموت يترك لامها فرصه وداع الدنيا واخواتها واحباءها ..
دخلت علي امها الحجره ، فتحت الشباك لنور الصباح ، ابتسمت بصعوبه لامها الوهنه فوق فراشها ، نادتها وكأنها تتاكد من وجودها في الدنيا ، امه ، فتحت نفيسه عينيها بصعوبه ، حان الحين ياصفيه وانا خلاص مروحه ، رايحه لمصطفي استسمحه ، حاقوله يسامح سليمان اللي معرفتش اربيه ، لو كنت جمدت قلبه ماكانش باعه ،لكن رهيف وابن مدارس واتعلم يمسك القلم بدل البندقيه ، علشان كده خذل مصطفي وخذل نفسه ومرمط شرفنا في الارض ، ارتبكت صفيه اكثر ، الام تعرف انها راحله وان ميعادها حان وان طائر الموت حط علي نافذتها ، لن تجاريها في حديثها المرعب ، العمر الطويل ليكي يااماي ، ابتسمت وكأنها فرحه ، يابتي لما الساعه بتدق القطر بيتحرك وخلاص بابي اتفتح وساعتي حانت ، بقولك ايه ، بحسم وبقوه لاتتناسب وصحتها التعبه ، اندهي جوزك واخوالك وحضري ولادك الصغار قعده العهد ، كبريهم قبل الاوان ياصفيه علشان ينفعوكي ويشرفوا ابوهم ، يااماي ، يابتي صدقيني وماتضيعيش الوقت ، قبل النهار مايرحل حاكون روحت لابويا وامي وابوك ومصطفي ، يشرق وجهها بضياء غريب ، حاسيبك لك الدنيا بهمها واروح ، ماتضيعش الوقت وازعقي عليهم علشان نخلص ...
تبكي صفيه وهي تفهم كلام امها وتعي معناه ، تنهرها نفيسه ، لا يابتي ماتنوحيش بدري ، تفسدي حزنك وليلتي ، دمعك يخلص ومتلاقيش وقت الجد دموع والناس تعيبك وتفتكرك جاحده وتلوم عليك ، للحزن اصول ، اللي في القلب في القلب لكن وسط الناس النوح له وقت والدمع له وقت واللي مايتبكيش عليه رخيص ، امسكي نفسك وامسحي دمعك واستني لما تقفي وسط الناس وقت الخرجه وصوتي والطمي وعيطي بعزم عزمك ، ساعتها العدو قبل الحبيب حيقول نفيسه ربت وكبرت وتستحق دمع العين ودمع القلب ، لو خلصتي دموعك دلوقتي وقت الجد تعايرك الناس بعينيك اللي مافيهاش دمعه ويظنوك قاسيه مافرقش معاك موت امك ، اسمعي مني ياصفيه ده اخر درس حتسمعيه مني اجمدي وامسحي دمعك واحفظيه حد مايحين حينه !!
مسحت صفيه دموعها وجلست بجوار امها تنتظر اخوالها وزوجها ورجال العائله ليسمعوا من امها وصيتها الاخيرة !!!!!

( 2 )
العهد

*** الحكايه بدأت وقتما عرف امس ان امه ماتت ، اتصل به احمد الكشميري زوج صفية ليبلغه بصوت بارد بوصيتها "" حلفتنا كلنا علي كتاب الله واخدت علينا عهد مايتحلش ""  اوضح له انها اوصت الجميع قبل موتها الا يسمحوا له يحضر جنازتها ""لاابني ولا عايزاه يشيل خشبتي ، انا خلفت مصطفي ومات و خلفت الحريم اللي عارفين واجبهم وحيصوتوا علي وانا ماشيه وسايباهم ، هو مالوش عازه لاراجل يشيل الخشبه وياخد العزا ولا مره يعرف يصوت ولا يلطخ وشه بالنيلة الزرقا ، امنتكم امانه تتحاسبوا عليها يوم الدين لاتسمحوا له يخش علي ولا يقف علي جبري ولا يوزع قهوتي ولايدب رجله في النجع بحجه عزايا ، هو خرج وماحايرجعش لابسبب موتي ولا بسبب موته ، غريب مالوش مكان وسطينا ، كفايه عاره سابه لينا ورحل ونسينا واحنا عمرنا مانسينا فضيحته ، لو سبتوه يمشي في خرجتي حتولعي في جتتي وتحرقوني في جهنم مع الكفار ، لو كان يرضيكم سيبوه ، ملعونه البطن اللي شالته وطعمته وقوته وكبرته ، انا بقول واعيد اهو ، مش لازمني مشيه ورايا وكفايه صويت الحريم ووقفتكم للي مالهاش رجاله تاخدوا عزاها ، ده عهدي ولما حاموت حيكون عهد الله مالوش حل ولا خلاص!!!!"" 
انهي احمد المكالمه بسرعة بعدما همس " والبركه فيك " وكانه يتخلص من عبء ثقيل علي قلبه وترك سليمان في حجرته المظلمه يسمع بيتهوفن ويبكي !!!!
ليه ياام مصطفي تعملي في كده ، ماانتيش ام ، مالكيش قلب ، ماصعبتش عليك اتذل وانا بعيد ومقهور ان امي بيشيلها الغرب وينزلوا قبرها ، ماصعبتش عليك اتذل بعيد وامي متعاهده مع الرجاله علي كتاب الله يمنعوني امشي ورا نعشها ولو وصلت للقتل "" اكتلوه ، خسيس ومالوش ديه ولاحد حيحزن عليه ولا ليه تار ، كلب ولايسوي وانا ماخلفتش كلاب والكلب مالهاش عوزه هوهوته تنجس خرجتي "" كده برضه ياام مصطفي ياقاسيه القلب تعملي في كده ؟؟؟؟
صوتها يدوي في اذنه ، كانت المرة الاخيره التي شاهدها قبل مايحمل كفنه ويدفن وجهه في التراب ويهيله فوق اسم العائله وشرفها ، في تلك المرة الاخيرة قالت له "" بلاش ياولد العار اللي ناوي تهيل ترابه فوق روسنا بلاش " كانت ترجوه لكنه اصم القلب ، لم يستجب لرجاءها فحرمته من حبها وحضنها ولعنته وبكت علي مصطفي الذي مات وترك لها كلب يحمل اسم العائله ، ابنها العاق الذي خاف علي حياته وحمل كفنه علي كتفه واشتري حياته بالعار فمرمط شرفهم جميعا في التراب !!! يبكي ويبكي ويصرخ بيتهوفن وكأنه يشاركه البكاء !!! 

( 3 )
البرقية المشئومة

*** والحكايه بدأت يوم عرفت ام مصطفي ان سميح سيخرج من السجن قريبا ، ارسلت لسليمان برقيه امرته بالعوده للنجع وفورا ، اطاعها مستاءا ، لو كانت تعلم مالذي سيفعله فيها وفي العائله مانادته ، تمنت يصلح خطأه ويموت برصاصات سميح فيفتح دائره الثأر مره جديده ويمنحها الحق وكل رجال العائله لقتل رجال الرضوانيه ثأرا لزينه الرجال مصطفي وسليمان ، نادته وكأنها تقول لها تعالي وموت !!! و................ حدث ماحدث وخرج سليمان من النجع للمرة الاخيرة ، خرج مطرود تلاحقه اللعنات والعار وعاش في القاهره يتناسي النجع وعائلته وامه حتي جاءته تلك المكالمه المشئومه تخبره بموت امه وغضبها عليه وحرمانه من السير في جنازتها وحمل نعشها وتقبل العزاء فيها .. هل لو كنت تعلم ياسليمان ان امك قاسيه القلب لهذا الحد وانها ابدا لن تصفح عنك ولن تسمح لك بتلقي عزاءها وتاخذ علي رجال الاسره عهد الا يسمحوا لك بالعوده للنجع ، هل لو كنت تعرف انك اعتبرتك مت فعلا وتصرفت طيله عشرين سنه علي هذا الاساس ولم تمنحك الحياه ولو مؤقتا يوم موتها لتاخذ عزاها وترحل ثانيه منبوذا عن النجع ، هل لو كنت تعلم كل هذا كنت تصرفت مثلما تصرفت ؟؟؟ يبكي سليمان ويبكي وسيفونيه القدر تدوي وتكسر الجدران وصوت يأتيه خافتا بعيدا ، مالذي ستكسبه اذا كسبت العالم كله وخسرت نفسك ، ضحك ضحكات متتاليه عاليه ، خسرت العالم كله وخسرت نفسي و................ نعم ، لو كنت اعلم لاخترت مااخترته ، وتصرفت بنفس الطريقه الف مره ، انها لعبه الموت التي اوقفتها وحميت رجال العائلات من لعنتها ، ياقاسيه ياام مصطفي ياعنيده يابنت الصعيد ياام راس انشف من حجر صوان ، ظلمتيني في الاول وبتظلميني في الاخر ، لكن وحياه غلاوتك عندي لو عادت الايام لكنت عشتها بنفس الطريقه !!!! و........... الحياه الذليلة مالهاش عازة ياولد ، مالهاش عازة !!! صوتها يأتيه هامسا من سنوات طفولته البعيده !!! الحياه الذليلة مالهاش عازة ، مالهاش عازه !!!

( 4 )
العايط علي الفايت نقصان عقل


*** الحكايه بدأت وقت جلس سليمان  في غرفه مظلمه الا من مصباح ركني صغير ، اضاءه خافته وافكار متداخله وموسيقي بتهوفن تتصاعد ترتطم بالجدران والروح المرتعشه وتصرخ !!! يتمني يبكي لكن دموعه تحجرت ولاتسقط !!! ياسليمان ، متي ستبكي ؟؟؟ يهمس صوت يعرفه جيدا ، ستبكي وقتما تعود لك روحك وانت جسد رمة بلا روح ... سقطت دموعه بسرعه ، اه منك ياحاجه ياام مصطفي ، انت الوحيدة اللي بتعرفي تبهدليني !!! يبكي ويبكي !!! يوم ماتت زوجته وبناته الثلاث في حادثه السياره اللعينه ، وقف يبكي وحيدا ولااحد يشاركه حزنه ولا احد يواسيه ، يومها تذكر كلمات امه عن الثمن الغالي الذي سيدفعه والعار الذي سيطارده ، دفعت الثمن ياامي وغالي ، دفعته وحياة غلاوتك عندي مراتي وبناتي الثلاثه ماتوا ووقفت ادفنهم وحدي زي واعيط عليه ، مااجرمتش ياام مصطفي ، كنت عايز اوقف لعبه القتل اللي دفعنا كلنا تمنها غالي ، اللي دفع تمنها حبيبك وحبيبي مصطفي فاتغدر بيه وضاع بسبب عوايدكم اللي عدا زمانها ، مااجرمتش ياام مصطفي علشان تغضبي علي وتحرميني حتي من شيل خشبتك والبكا علي راس قبرك!!!  يبكي ويبكي .... 

( 5 )
مفتاح الدوار


*** الحكايه بدأت وقتما همست نفيسه لكل الرجال امامها ووجهها شاحب وانفاسها متهدجه بكلمات كل واحده منها تبدو وكأنها الاخيره ، ده عهدي وامانه لما اروح ماتعرفوش تتحلوا منه ولا تفكوه ، امانه توصلوها لصاحبها ، لايمشي في خرجتي ولا ياخد عزايا ولا يهوب يمتي !!! لايصعب عليكم ولا تتعاطفوا معاه ، لما مرمرغ شرفنا في الارض ماعملش حسابنا فهون علينا حسابه ، قلبي غضبان عليه ليوم الدين وعمري ماصفحت له ولا حاصفح ، لما يقف قدام ربه يوم المشهد العظيم يبقي بقي يستسمح مصطفي في جريمته ولو سامحه مصطفي ده يخصه لكن انا برضه مش حاسامحه !!
اغمضت عينيها فتصورت صفيه ان السر الالهي خرج من جسدها ، صرخت مرتاعه ، بصوت خفيض هامس نهرت صفيه ، لسه يابت في حنكي كلمتين لازم يخرجوا علشان اروح مرتاحه ، الخال والد ياصفيه صح ، هزت راسها وهي تبكي ، نظرت لاحمد الكشميري زوجها وسالته ، الخال والد ياكشميري صح ياولد ، وافقها ، طبعا ياخاله ، طيب مصطفي يااحمد جدره انقطع من الارض قبل سجرته ماتطرح واتقتل غدر واتغدر بتاره وفضل معلق ماحدش رده وانت راسي يااحمد ، وافقها احمد ، راسي ياخاله ، طيب يااحمد تار مصطفي في رقبه ادهم ومصطفي ، هو ابوهم اللي ماولدهمش وشرفه شرفهم وارضه ارضهم وحقه هما يجيبوه ويريحوني في قبري !!! لم تصدق صفيه ماتسمعه ولا احمد ، اكدت عليهم نفيسه ، ريحوني وطيعوني ، ادهم ومصطفي ولاد مصطفي وكل اللي كان ليه ليهم واللي له عند الناس حقهم وواجبهم ، شرحت لاشقاءها ، طين مصطفي وارضه وشرفه لولادكم والباقي انتم عارفينه ، صح ؟؟ وافقها احمد وهو يبكي لايصدق المفاجأه التي منحتها الحاجه نفيسه لاولاده ، صح ياخاله ، لايصدق مائه فدان فوق ارضه وارض زوجته لولديه ، صح ياصفيه ، اللي تؤمري بيه يااماي ، نظرت نفيسه لاحفادها ، مدوا جدر خالكم في الارض العفيه وارفعوا رايته ورايه عيله الفضل في السماء والاعمار بيد الله محدش حيعيش اكتر من عمره ، الامانه في رقبه ادهم ومصطفي ولادك ياصفيه ، بندقيه جدهم ورثهم وشرف العيله في رقبتهم وتار مصطفي تارهم ، ولو بعد ميت سنه ، شرفنا في ايد ولادك وفي رقبتهم ، اتفقنا ، همست نفيسه ، وافقها الجميع ، ، اشارت لادهم ، قرب ياادهم قرب ياولد ، فتحت كفه ومنحته مفتاح ، ده مفتاح الدوار ، ملك جدك وملكك انت واخوك وبس ، الباب اتسكر من يوم مااتقتل مصطفي ورحل سليمان وباعنا ، خد تار خالك وافتح الدوار والبس عبايه جدك واستقبل المعزين ، قولهم اليوم بس الفضل وكشميري حياخدوا عزا مصطفي اللي اتغبن وجه وقت انصافه ، امانه عليك ياصفيه تزغرطي يومتها وتدبحي عشر عجول وتوزيعهم رحمه ونور علي اخوك المغبون ولو مات عيل من عيالك ياصفيه وهو بياخد تار خاله برضه يابت زغرطتي لان شرف ابوكي واخوكي متصان !!! قبض ادهم ابن العاشره علي المفتاح واحتضن جدته فهمست في اذنه ، جمد قلبك ياولد انت حفيد الفضل وكشميري والدم اللي في عروقك حر والموت علينا وعليكم حق !!! و.............. خرج السر الالهي وادهم في حضنها وهي في حضنه ، رحلت نفيسه وهي سعيده ومرتاحه ومتطمنه علي مصطفي وشرفه وحقه وتاره !!!!



عندما بلغ سليمان الخامسةوالستين من عمره
بدأت حكايه جديدة


( 1 )
الزيارة

*** والحكايه بدأت وقتما رن الجرس مدويا ... تحرك سليمان من فوق مقعده بخطوات بطيئه ، سنوات مرت وهو فوق هذا المقعد ، وسيفونيه القدر تدوي في اذنه ، تحطم الجدران حوله ، تسقط السقف فوق راسه العجوز وشعيراته البيضاء ، سيفونيه القدر تبكي معه وتغضب معه وتتمرد معه ، سنوات لايسمع غيرها ، ماتت لبني وبناتها الثلاث ونبذه النجع واعلن وفاته ، وماتت امه غاضبه عليه وحرمته من جنازتها ومن البكاء عليه ، كل هذا ياسليمان والموت بعيد لايقترب منك وانت تتمناه وتشتهيه .. مازال الجرس يدق مدويا ومازالت خطواته بطيئه يقترب من الباب متعجبا ، من الاحمق الذي يدق بابه ، لا ينتظر احد ، هذا الباب لايرن جرسه منذ سنوات ، من سيأتي لهذا العجوز بعد كل سنوات العزله الطويلة التي لم يري فيها احد ، اعتزل الطب والحياه ويعيش علي عوائد بعض امواله القليله التي بقيت في يده بعدما باع كل ارضه في النجع ، طالبوه ببيع ارضه ، لانريد لك جدر في تلك الارض ولا وجود ، الارض لابناء النجع وانت لست منهم ، باع ارضه لزوج اخته وجمد ثمنها في البنك وعاش من عوائدها ، مبلغ قليل يكفي احتياجاته الاقل و...... مازال جرس الباب يدوي وخطواته البطيئه تقترب من " الاكرة " يفتح الباب وعلي وجه عبوس واستغراب ، كأنه سيتشاجر مع الطارق ، من اذن لك تزعجني ، لو كنت ملاك الموت اهلا بك ، ادخل وخذني معك لنرحل سويا .... رجلين يقفا امام بابه ، يرتديا جلاليب يعرف شكلها ، علي وجوههم اشناب يعرف معناها ، لابدانهم رائحه لم يشمها منذ زمن ، لسمرة جلودهم مبرر يفهمه ، مازال يحدق فيهما ، لم يقل لهما كلمه ولم ينطقا حتي يأذن لهما ، انهما يشبها رجال النجع الذي لم يري مثلهم منذ سنوات طويلة ، يااااااااااااه ، النجع ، الرضوانيه والفضل والواكد والكشميري وعائلات كبيره وقبائل تمد جذورها في التاريخ والارض ، يااااااااااااه النجع !!!
اي خدمة ؟؟ بصوت واهن سألهما متعجبا من وجودهما امام بابه !!!!
ادهم الكشميري ومصطفي الكشميري ياخال ، بصوت قوي عرفاه بانفسهما لكن الكلمه التي دوت في عقله المتعب بالصمت " ياخال !!!!!!!!" لايصدق مايسمعه ، الكشميري ، انها عائله زوج اخته ، هل هذين الرجلين هما ...... هما اولاد صفيه ؟؟؟ لايصدق مايراه ولامايسمعه ، عشرون عاما منذ خرج من النجع منبوذا مغضوبا عليه ، عشرون عام لم تطيء قدمه النجع ، لو قابل هذين الرجلين في الشارع ماعرفهما مثلما لايعرفهما الان ، ابتسم ادهم واقترب منه ومد له كفه القوية ليصافحه " انا ادهم الكشميري ياخال وده خوي الصغير مصطفي ، حنا ولاد صفية ، شقيقتك !!!" قبض علي كفه الوهن بقوه وثقه ، ومثله مصطفي !!! ياه ياصفيه عيشت اخوك في ابنك وحافظت علي اسمه ، اخوك الميت عيشتيه ياصفيه وانا العايش موتوني كلكم !!!! ياه ياصفيه دول ولادك !!!! لايعرف يصف الملامح الغريبه التي ارتسمت علي وجهه ، فرح بالرجال ابناء اخته ، وفرح بزيارتهم المفاجئه الغريبه ، لكن ديناصور الفضول ينهش قلبه يفجر الاسئله خلف الاسئله موجات طاغية " اهلا وسهلا " اذن لهما بالدخول ، هكذا فهما ، حين يرحب بهما ولايغلق بابه في وجههم يمنحهم الاذن بالدخول لبيته وحياته ، يتراجع خطوات للخلف وهما يدفعاه برقه ويدخلا البيت و............. يغلقا الباب خلفهما !!
ادهم ومصطفي الكشميري ، اه يازمن ، اولادك ياصفيه كبروا وصاروا رجاله ماشاءالله ، وبعد عشرين سنه بيخبطوا بابي ، عايزه ايه ياصفيه انت وولادك ، باعتهم لي ليه ؟؟؟
ومازال يحدق فيهما ويحدقا فيه ينتظر منهما تفسيرا لكن الثوان طويله وبطيئه والصمت يلفهما والترقب .... ادهم ومصطفي الكشميري ياخال !!! هل مايراه ويسمعه حقيقه ام انها الهلاوس اللعينه تطارده في يقظته ايضا مثلما تطارده في نومه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟


( 2 )
التار


*** الحكايه بدأت وقتما اخذ ادهم يكرر كلماته لسليمان ، قالها مره والثانيه وسليمان لايصدق مايقوله الشباب ، ياخالي الدكتور والنبي تصغي لي .. يبتسم سليمان لايصدق مايسمعه ، البندقيه بتاعت جدي عمرانه وسميح عمره خلص بيك ومن غيرك ، مارضناش نعتدي عليك ، انت اولي بحقك وواجبك !!!
""تاني يايااماي وبعدين عشرين سنه لساكي مش مسامحه وعايزه دم سميح قدام دم ابنك اللي مات من زمان وشبع موت ، تاني يااماي !! ""
يغيب في افكاره وياخذ الهذيان بعض عقله وتركيزه ، يسمع نغمات بيتهوفن تدوي في منزله الصغيره ، تعلو فوق كلام ادهم وحديثه ، يقترب ادهم منه ويحتضنه بذراعه القويه "" ياخال حنا مش محتاجين منك غير تيجي معانا احنا اللي حنصطاده وحنطخه ولما دمه يسيح علي الارض يمحي عار السنين القديمه حنزعق ونقول سليمان الفضل خد تاره ومسح عاره وشرفنا ، ساعتها حتظهر وتبان وتمسك البندقيه وتطلق رصاصها في الهوي والباقي كله علينا وعارفين حنعمل فيه ايه ؟؟؟""
""تاني يااماي وبعد عشرين سنه لساكي عايزاني اكتل سميح ويكتلني الرضوانيه والدم يسيل وسم التار يفسد علي الجميع حياته !!! لساكي يااماي قادره وقويه ومارضياش تتنازلي !!! ""
يبتسم ويكاد يضحك ، ادهم يعرض عليه بطوله زائفه ومجد كاذب وشرف مزيف !!! ""ياخال ، حنا حنكتل سميح حنكتله ، لاجايين نستأذن ولا نشور ، ستي حكمت عليه بالكتل واحنا عاهدناها والعهد دين نتحاسب يوم الدين ، حنا جينا لاجل اسمك وشرفك ، انت اولي بتارك والعمر مر ياخال ومعدش في حاجه يتخاف عليها !!! ""
ابتسم سليمان ، ادهم يقول له لاتخاف علي حياتك فعمرك مر وعدي ، كأنه صدق جدته وقت وصمته بالجبن والخوف "" ياولد انا ماكتلتش سميح لاخوف ولا جبن ولا حب في الحياه "" يقاطعه مصطفي بمنتهي الحدة "" ياخال وحياه راس ابوك ، حنا لاجايين نفتح الحكايات القديمه ولا نسمع ربابتها ، حنا جينا علشان امي وعلشانك ، امي هرمت ولساها مقهوره علي اخوها ، عارفه ان سميح كلب ولايسوي واننا حنكتله ومش باكيه علينا ولا خايفه ، لكن هي طمعانه تشتريهم ، طمعانه ترفع اسم ابوها اللي شلت التراب وكومته عليه ، طمعانه ترد ليها في ايامها الاخيره عز ابوها اللي حرمته منها ، طمعانه عيله الكشميري ماتكسرش عينها لانها خدت التار فيفضل سلسال العار ملاحق عيله الفضل ، امي طمعانه فيك ياخال وشيعتنا نقولك بكفايه بقي ، بكفايه عار وفضايح !!! ""
يري صفيه وراسها حليق من الشعر وهي تطلق رصاصات ابيها فوق السطح يوم "القودة " يراها تلطم وتشق جلبابها وهي ترجوه الا يفضحها ، يراها تبكي علي موت مصطفي حسره وخجل لان اخيها الاكبر صفح عن قاتله ولم يسعي خلف ثأره ، يري صفيه وهي ترجوه وتكاد تقبل قدمه "" اشترينا ياخويا اشترينا "" مازال صوت نحيبها في اذنه ، ويبتسم ، ويكاد يرد عليها ، عايزاني خيال مأته ياصفيه ااقف قدام ولادك هما يصوبوا وانا اتشال علي الكتاف ، عايزاني خيال مأته ياصفيه ادهم يجرني من رقبتي زي فحل الجاموس ويتشاهد علي روحي ويدبحني بسكيتنه ، اياكش فاكراه ارجل مني ولا اشجع مني ........... يبكي ويبكي !!!
يتابعه مصطفي ويهمس لادهم "" الراجل فقد عقله خلاص وانت بتناهد معاه من غير رجا ولا حيفهم بتقول ايه ولا حيقدره "" يسكته ادهم "" حتي لو ، حتي لو عقله تاه نسحبه في ايدنا ونخش النجع بيه ولما نكتل سميح نهلل ونكبر ونقول كبير الفضل خد تاره القديم "" ابتسم مصطفي ساخرا "" انت بتضحك علي روحك ياادهم ، لو اتحرك خطوتين التالته يزل وماتشيلوش رجليه ، ماتعرفش تشيله وتخش النجع بيه ، الكل حيعرف انه مالوش عازه ولا منه فايده ، فوق ياادهم فوق !!! ""
يسمع سليمان كل حوارهما لكنه عقل التعب لايجد كلمات يرد به عليهما ، يتمني يصرخ فيهما بقوه رافضا عرضهما المشين ، انتم شايفني ممسحه الارض وعايزين تجروني علي النجع تمسحوا بيها دم سميح وتصرخوا  البطل اهو !!!! عيب ياولد انت وهو ، يتمني يصرخ فيهم ، ردوا لامكم وقولوا لها مش سليمان اللي يتجر من رقبته ولا يتلعب بيه زي الصغار ولا انا عايز بطولتكم ولا شرفكم ، يتمني يقول كل هذا لادهم ومصطفي لكن الكلمات احجار تتعثر في فمه ولاتساعده يعبر عن غضبه !!!
""حط هدومك ياخال ويالا بينا وكفانا الوقت اللي ضاع ، لساكي ياامه حاطه كلامك في حنك الصغار ولساكي بتتكلمي بدل منيهم ، لساكي ياامه قويه وقادره ومفتريه وباعته الصغار يستهزءوا بي ويستقوا علي ، فاكراني انكسرت ، فاكراني انتهيت !!! الله يرحمك ياام مصطفي ويعفي عنك وانت بين ايدين الحق وفي داره ...""
""يالا ياخال نلحق الطريق في اول الليل ونوصل النجع علي الفجر ، علي الصبح يكون كل شيء انتهي والشرف رجع لعيله الفضل ، يالا ياخال ............ ""
""واشمعني النهارده "" همس سليمان فبادره مصطفي بعصبيه وحده "" واشمعني يعني اي يوم ، اختك قربت ترحل والمرض كل صحتها وعايزين نفرحها قبل ماتروح لامك وتشتكينا كلنا ، لاراجل سترها ولاخد بتارها ، حنا ياخال قاصدين فرحه امي وهي بتستعد للمرواح ، صعبت علينا تمشي مكسوره النفس والخاطر ، ادهم الي شار عليها شورتك ، الحديث جه علي هواها وشكرتنا ، اخيرا اخوها الدكتور حيرجع لعقله ويعمل اللي كان مفروض يعمله من تلاتين سنه واكتر ، اخيرا حيشتريها ويصالحها ويودعها احسن وداع تستحقه منه !!! فهمت ياخال ولا شكلك مش فاهم حاجه !!! ""
كده ياصفيه ، كده برضه ، باعته ابنك يتطاول علي في بيتي ، ده الادب اللي علمتيه لولادك ، دي الربايه اللي رضعيتها لهم ، اخرس ياولد ، هذا مايتمني يقوله لمصطفي ، انت اللي مخك مقفول زي امك وابوك وبلدكم كلها ، انت اللي مافاهمش حاجه ولا اي حاجه ، اخرس ياولد واحترمني ولا خلاص الاحترام ضاع في النجع اللي انتم جايين منه!!! يحدق سليمان في مصطفي ويزداد صمتا !!!! هم ياخال ربنا يرضي عنك هم !!


( 3 )
الشرف


*** والحكايه بدأت وقت زغردت صفيه بوهن وبكت بكاءا شديدا وترحمت علي مصطفي وهمست الف بركه  ياخويا ياحبيبي يانور عيني ، قبل ماتشرق الشمس دوي الرصاص عاليا في سماء النجع فعرفت ان الايام انصفتها واسرتها وان شرف الفضل عاد لاصحابه وان اولادها وقره عينها سددوا كل الديون القديمه وافرحي ياامه افرح يامصطفي افرحي ياعيله الفضل !!!
افلحت ياادهم براوه عليك ياابن بطني ، براوة عليك يانور عيني ، براوة عليك ياضنايا ، صوت الرصاص مازال يدوي في السماء ، عشره خمسه خمسين مائه ، سليمان الفضل اخذ بتار اخيه مصطفي ومحي العار والشرف اترد لاصحابه .... همست صفيه لنفسها وانتظرت البشاره .....

( 4 )
بيتهوفن


*** الحكايه بدأت وقتما بقي سليمان في مقعده ينصت لسيفونيه القدر ويبكي ، استقوي وطرد ادهم ومصطفي ، نصحهم قبل مايطردهم ، ماتسمعوش لامكم ولا ابوكم ، ماتشاركوش في لعبه القتل ودايرتها السوده ، دي عوايد قديمه وعدت ايامها ، ماتسمعوش لامكم ولا ابوكم ولا تطاوعوهم ، حرام عليكم شبابكم ، همس له مصطفي ، الحياه الذليله مالهاش عازه ياخال ... ادرك سليمان انه لافائده من الكلام معهم ، فتح باب شقته واشار لهم ليرحلوا ، صرخ فيهم بصوت لم يعرف مبعث قوته ، ارجعوا لامكم وابوكم والنجع ، قولوا لهم سليمان الفضل محدش يقدر يملي عليه اراده ولا قرار ومحدش له عليه كلمه ولا فضل ، قولوا لهم ان سليمان الفضل دفع الثمن غالي والعمر عدي واللي عمله مؤمن بيه ومالوش رده ، قولوا لهم ان سليمان الفضل مافقدش الاهليه ولا اتخبل ولاحيسمع لكم ولا حيسمع كلامكم !!!
الحياه الذليله مالهاش عازه !!! انفجر في الضحك والبكاء معا ، ولاٌ خلفت ياصفيه !!!!


( 5 )
اخر حكايه

*** والحكايه بدأت وقتما نزل سليمان من السيارة امام دار الكشميري ، وجده جالسا امام صوان العزاء وهن لاتحمله قدميه ، اقترب منه بخطوات بطيئه ، مرتبكا حزينا ، البركه فيك يااحمد ، صفيه ماتت ولم تاخذ علي زوجها عهد تمنع اخيها يقف في عزاءها ، كانت تحبه رغم كل الوجع الذي سببه له ، عندما عرف بموتها استاجر سياره واصطحب علي صديق عمره وتوجها للنجع ، يااه يازمن ياايام ياصعبه ياجاحده ياقاسيه ، لا وقفتولي في موت مرتي وبناتي ولا وقفت معاكم في عزا امي ولا سمعتوا لي ولا استكفيتم من الدم واديها الدايره السوده بتلف والغربان بتنعق في النجع والثمن اللي بيتدفع غالي !!!
دخل علي داخل الصوان وتركه يقف بجوار زوج اخته ، سليمان الفضل في النجع ، خبر تناقله الجميع ، وصل النجع بعد سنين طويله لياخذ العزاء في شقيقته الوحيدة ، حدق فيه كل الرجال لايصدقوا انه مازال حيا ، اقترب من احمد واحتضنه فانهار احمد باكيا في حضنه مثلما انهار عالمه كله ، فقد في لحظه واحده زوجته وولديه وتعلق في رقبته ورقبه عائله ثأر وبحار دم لابد من خوضها ، وقفا علي باب الصوان يستقبلا المعزين !!!
صفيه ماتت بحسره موت ابنها البكري ادهم والقبض علي ابنها الاصغر مصطفي بعدما قتل سميح ، قال له احمد ان الرضوانيه اقسموا يقتلوا كل رجال الكشميري ثأرا لشيخهم الجليل سميح الذي قتل غدرا من مصطفي ، قتلوا ادهم علي عتبه داره وامسكوا بمصطفي وسلموه للشرطه وتوعودا عائله الكشمري بالانتقام الرهيب ، قال له احمد ، ان صفيه ماتت بعدما سمعت خوار ابنها وهو يموت في حضنها بعدما " نخله " الرضوانيه بعشره رصاصات و.......... مازال يبكي ويبكي ، قال له ان عائله الكشميري حكمت علي اولاد الرضوانيه بالموت ثأرا لادهم زينه الرجال ورفضوا ياخذوا عزاءه وينتظروا دم اولاد الرضوانيه ليتقبلوا العزاء في اعز شبابهم !!!
و..................... عمرك ضاع هدر ياسليمان وكل اللي عملته اتلغمط بالدم لا حد فهم ولاحد قدر ، الثمن الغالي دفعته وحدك واخرتها الدايره لفت وحكمت واتحكمت في رقاب الرجال ، ادهم مات وكان زينه الرجال ، وقبله مصطفي وكان زينه الرجال ، وقبله كان شفيق وكان زينه الرجال و...................... ودوي الرصاص في الليل  ................. ودوي الرصاص في الليل .................ودوي الرصاص في الليل و.......................مات زينه الشباب من هناك ومن هناك ، من هذه العائله وتلك و..................فقدت كل عائلات النجع كثيرين من اعز ابناءها ورجالها وزينه شبابها في لعبه الموت التي تنتقل طابتها بين ايدي العائلات وبنادقهم ، الكل يقتل والكل يبكي والثأر مستمر !!!!


( نهايه الجزء الثالث والحدوته )



ملحوظة ... بعض المعلومات عن الثأر والصعيد مستقاه من مقالة " الثأر في صعيد مصر " للكاتب  اسامه جاد

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

مجدي السباعي

عالم جديد دخلتييه وسحبتينا معك
عشتي وعيشتينا دور الام وتعاطفنا معها في حزنها والمها لان سليمان خذلها ولم ياخذ تارها وتار عائلته
وعشنا معك دور العقل وايقاف حمامات الدم بين العائلات وقدرنا دوره وحزنا لما حدث له من عائلته وانكارها له ..وازددنا حزنا لموت عائلته
لاادري هل قصدتي ان تقطعي نسل العائله بموت مصطفي وعدم خلفه سليمان لرجل ..وهل تعمدتي اشاعه الثار ليشمل عائلات اخري

حلقه من الصراع بين العقل والثأر والعار ادرتيها بحرفيه وكانك من ابناء هذا الصعيد""صفيه"
اعتقد ان روايتك فيها الكثير مما يدور بداخلك من صرعات كثيره ""الثأر ..العار..الانتقام..التسامح..العقل ...الاصرار..التحدي..و...و..."
صراعات كثيره وضحت فس سردك
يبقي اخيرا انه كعادتك دائما تاخذين قراءك الي عمق قصته فيحتارون في اختيار الدور الذي يمثلهم لكنهم يحتارون دائما لان كل شخصياتك تمثلهم

مها العباسي يقول...

هل حقا ينتهى الالم بالتسامح
هل الثأر مجرد نهر دم يمتد مابين عائلتين من السهل اقامه سد قاطع له ام انه فى عروق كل من ينتمى للسلاله
متى ينتهى الثأر دون ان يكلل اصحابه بعار
انها سلسله من الاسئله تمتد وتصل مابين عقول ابطالك والقراء
فاحيانا اتعاطف مع الام وحقها فى الثأر وذاك الالم الذى تشعر به لخذلان ابنها لها وتكليلها بالعار
واحيانا انحاذ لذاك المثقف الذى اراد ان يقطع بحور الدم ويبنى جسرا مابين السلام والامان فخسر رجولته واهله واعتقد احترامه لذاته
انها تلك الدائرة المفرغه التى تدور مابين رحاها عائلات الصعيد وتتحول من ثأر لانتقام خارج الصعيد ربما ه الصراع بين الظلم ورد الحق او الانتقام والتسامح
متى ينتصر العقل على الشعور بالخذى
ومتى يتصالح مع ذاته من يرفض الانتقام والثأر او لم تتاح له فرصه الانتقام
اسئله تنتهى الحدوته وليس لها اجابات او ربما اجابتها فى انتهاء نسل العائله فسيظل الصراع الداخلى قائم لا ينتهى الا بالموت
ودوي الرصاص في الليل ................. ودوي الرصاص في الليل .................ودوي الرصاص في الليل و.......................

أسامة جاد يقول...

تصنعين الدهشة ببراعة يا أميرة .. على انتمائي لتلك الأجواء التي رصدتها في سرديتك الرائعة إلا أنك نجحت بامتياز في إدهاشي، وجدتني معلقا في نسيج حبكته ببراعة ولا أدري كيف أخرج من تلك الحالة التي استدعيت بها في ذاكرتي رائحة البيوت القديمة "الدوار" ودخان الخبيز اليومي ورائحة الدم المختلط بتراب النجع .. قلت في تعليق سابق إنك تنسجين مأساة .. تراجيديا أشبه بالمآسي الإغريقية .. كنت متسرعا بعض الشيء .. مآسينا لا تشبه أحدا .. مرت لحظة ظننت فيها سليمان سوف يضعف أمام دعوة ابني شقيقته، بعد أن فقد كل شيء .. ولكن الشخصية عندك لم تكن لتضل أمام ضلالات العرف والتقاليد البالية .. بل صمدت وصمدت حتى كانت هي البصيص الوحيد في دائرة القتل والموت .. استمتعت جدا .. شكرا بلا نهايات