انها بلدة صغيره ، معزوله ، محكومه بالسحر ..
اهلها لايعلموا حقيقه بلدتهم ، لكن حكماء وعجائز البلدان المجاوره واهلها والعابرين صدفه حول حدودها جميعهم يعرفوا مايحدث في تلك البلده ، التي يسيطر عليها سحر اسود لم تفلح ابرع العرافات واقوي المشعوذين والسحره في فك طلاسمه ، بلده صغيره تشبه كل البلدان الاخري ، فيها حقول وزراعه وبيوت ورجال ونساء واطفال وشباب وبنات ، لكنها تختلف عن الدنيا كلها ، فيها جسر خشبي قديم فوق رياح هادر يقبع عليه كلب جربان كما يصفه البعض ، او ديب جربان كما يصفه البعض الاخر ، هنا فوق هذا الجسر الخشبي وتحت الرياح الهادر انعقد السحر ومازال ساريا ..
وانتبهوا .... لاتتنفسوا هواء تلك البلده ، لاتأكلوا من ثمار اشجارها ، لا تعفروا احذيتكم بترابها ، لا تنظروا في عين اي من ابناءها المسحورين وهم لايعلمون ، انتبهوا .... انهم يحملوا السحر ولعنته في دمائهم دموعهم تحت اظافرهم بين اصابعهم في حدقات عيونهم ينشروه علي الاخرين وياسروهم معهم في دوامات السحر الابدي!!!!!!!!!!
في تلك البلده المعلونه بالسحر والتي لايعرف اهلها انهم يتنفسوا السحر ويعيشوا فيه ، في تلك البلده ، عبر الرجل الغريب مع ابنته الشابه فوق الجسر الخشبي الملعون ، وقفت الابنه علي الجسر ، حدقت في الرياح الهادر تحتها ، وفي لمح البصر قفزت في الماء واختفت!!!
لم يصدق الرجل ماحدث امامه ، كان الكلب قد نبح عليها ، ارتعدت اوصال الرجل وحاول يطمئن ابنته لكنها لم تخاف من النباح بل كادت تقترب من الكلب الجربان وفي اللحظه الاخيره كانها سمعت نداء من تحت الرياح يحثها اقفزي ، لم تفكر ثانيه ، قفزت وبسرعه وبمنتهي الفرحه!!!
جن الرجل واخذ يصرخ ، نظر له العابرين علي الجسر بشفقه ولم يسألوه ماذا حدث ، فجميعهم يعرفوا ماذا حدث ومالذي سيحدث دائما!!!!
عاد الرجل لام الفتاه منهارا يبكي ، هو غريب عن البلده ، تزوج الام منذ سنوات بعيده ثم طلقها ورحل عن البلده ، يعود لزياره ابنته كلما استطاع ، يصحبها من بيت امها ويغادرا البلده للفسحه وفي نهايه اليوم يعيدها لامها ، لكنه اليوم عجز عن اعادتها ، فالفتاه الشابه قفزت في الرياح ، اقسم الرجل للام ان ابنتها تركت يده والقت نفسها في الرياح!!!
لطمت امها ولم تصدق ، تصورته خطفها ليحرق قلبها علي ابنتها الوحيده ، لم تصدق قصته فابنتها عاقله وجميله ويستحيل تقفز في الرياح ، الام تعيش وسط السحر ولاتعرف حكايته ، ابلغت الشرطه ، قبضوا عليه ، انكر الاتهام ، هو رجل بلا منزل ، لماذا سيخطفها ، اين سيخبئها ، هو بلا عمل يعجز عن ايوائها عن اطعامها ، هو ابيها نعم ويحبها لكنه قليل الحيله لايقوي حتي علي اختطافها ...
في الشرطه اقسم لضابط المباحث قبل ان يضربه ان الابنه القت بنفسها في الرياح ، سخر منه ضابط المباحث ، لكن احد المخبرين الهرمين سمع قصته ، ساله ، فين بالضبط ، شرح له الاب ، كانت الدنيا يادوبك بتليل ، والليله كحل مهبب ، ماتشوفش كف ايديك ، كنا ماشيين فوق الجسر الخشبي القديم ، تابعه المخبر باهتمام ، كنت شاري لها نبوت الغفير وقرص حلاوة سمسميه وخلاص واخدها ومروحين ، جري ريق المخبر لكنه مازال مهتما بالقصه ، فجأ كلب نبح جامد قوي ، ارتعد المخبر يعرف هذا الكلب ويعرف شراسته ، البت اضطربت ، قلت لها ماتخافيش ياامه مافيش حاجه ، همس المخبر بسم الله الرحمن الرحيم ، وهمس للرجل ده مش كلب ، ده ديب ، نفي الرجل ، لا كلب ، اصر المخبر ، لا ديب ، ااقولك ، ديب علي كلب ، حاجه ماشوفناش زيها قبل كده !!!! خبط ضابط المباحث مللا ، مش حتخلصنا بقي من القصه العيضه دي ، كلام مايخشش دماغ صغار ، اقسم الاب ، ياباشا هو ده اللي حصل ، البنت نطت في الرياح ، قام الضابط يحوم حول الاب المتوتر ، يتنظر الاب صفعه قويه من يد الضابط ، لكن الضابط لايصفعه ، فقد يلف حوله ويسخر منه ، ها وبعدين ، يهمس المخبر في اذن الضابط بشيء لم يسمعه الاب ، لكن الضابط يعود مكانه ويتسلم المخبر المتهم لفك طلاسم اللغز ، يساله المخبر ، وبعد الديب قصدي الكلب ماناح حصل ايه ، قلت لها ماتخافيش ياامه لكنها فضلت خايفه ، وصمت !!!
غمز له المخبر ، الكلب حام حواليها ، خافت اكتر ، خطف السمسيه من ايدها وهز ديله ، خبط ضابط المباحث مللا ، انت حتضيع اليوم معاك ياراجل انت ، هز ديله ايه ؟؟؟ وديت البت فين ، الديب قصدي الكلب غوي البت ياباشا ، هكذا قال له المخبر ، رفع الضابط حاجبيه دهشه ، اصله مش ديب ولا كلب ياباشا ، اساسا مش حيوان ، ده بني ادم و كان زينه شباب البلد ، بس اتسحر علي الجسر ، ماسمعش كلام الشيخ لما قاله كفايه مسخره واتقي ربنا في بنات الناس ، ماسمعش الكلام ، استهزء بالشيخ ، والشيخ واصل ومكشوف عنه الحجاب ، اتسخط ناس بيقولوا ديب وناس بيقولوا كلب جربان والله اعلم به بيه ، الديب ده يفضل يعوي طول الشهر ولما البدر يكمل ، وفي ليله التمام يتفك السحر ويرجع شاب مافيش في جماله اتنين وهما كذا ساعه ويرجع تاني ديب او كلب جربان يعوي علي الجسر !!!
انتفض الضابط غاضبا ، بتقول ايه يامجنون انت ، فين البت ياراجل لحسن انت حر ، يكمل المخبر ، حضرتك ياباشا جديد هنا ، لكن الجيهه كلها والناحيه نفر نفر عارفين حكايه الديب الكلب الشرس اللي لما القمر يطل علي وشه وهو بدر ليله التمام يرجع بني ادم ، شاب مافيش في جماله اتنين ، هو مذوق وبيحب الحريم ، واقف علي الجسر ليل ونهار ، لابد للحريم ، اللي بتغسل هدومها مراقبها واللي بتملا زلعتها مراقبها ، واول مالضلمه تحل يركب الجسر ، اللي تعدي ، يشاكسها يخوفها ، واللي تعجبه يغويها ، يخطفها ، لا مش هو اللي يخطفها ، الجنيه التي عاشقاه تخطفه له ، والشابه فص ملح وداب ويوم واتنين وعشره ، ولما البدر يكمل ، الشاب يرجع شاب ، والجنيه تعتق البنات ، ويمشوا كلهم علي الجسر ، واحده ورا التانيه ، كلهم عاشقين الجدع وواقعين في غرامه ، واللي يختارها ياهناها ياسعدها وبقيه البنات تروح ، واللي تروح عمرها ماتروح ، بتكون اتندهت ، هي تروح من ذات نفسها للكلب تغني له وتلاعبه وتنتظر منه نظره الرضا يرضي !!!!!!!
لايصدق الضابط مايسمعه ، دي بلد مجانين ، ضابط المباحث الذي غادرها نصحه الا يذهب ، دي بلد مجانين ، لم يصدقه ، صرخ الضابط في المخبر ، ياراجل يامخرف بتقول ايه ، كلب ايه وجنيه ايه وبنات ايه ، فين البنت ياراجل انت ، فين البت ، لم تعابينك وخلص الدور وقول البت فين ، في تلك اللحظه ضربه قلم صرعه وتأرجح الرجل كاد يسقط من المباغته وقوه الضرب ، صرخ الرجل والله ياباشا البت نطت في الرياح نطت في الرياح !!!! وانهار في البكاء ، هو سمع من زمن بعيد وقت تزوج ام الفتاه قصه الكلب والجنيه والسحر ، لكنه لم يصدقها ابدا وبالطبع لم يتصور ان ابنته الجميله ستقفز في الرياح لان الكلب الذي كان شاب وسيصير شاب ليله اكتمال البدر غواها واعجب بيها !!!!احتجز ضباط المباحث الرجل ليله واثنين ، ضيق عليه الخناق ، استجوبه اكثر من مره ، وفي النهايه فشل معه ،لايقول الا قصه واحده البت نطت في الرياح ، ام الفتاه تذهب للقسم تصوت وتولول ، وعايزه بنتي يافندي ، وديتم بنتي فين ، لاتعرف ان البلده ملعونه بالسحر وانها شخصيا تعيش السحر ولاتدركه ، تذهب للقسم تصرخ وتلطم و في النهايه طردها العساكر لان الشرطه لاتعرف عن ابنتها شيئا ، واطلقت سراح الرجل لانها لم تجد ضده اي ادله ....
خرج الرجل يبكي يبحث عن ابنته فوق الجسر الخشبي ، ترك حياته ورابض فوق الجسر ، يناديها ، يحدق في الرياح ويصرخ باسمها ، ينظر للكلب ويساله ، البت فين ،لكن الكلب لاينظر في عينيه ،فقط يعوي ويعوي ، ومازال الليل كحل والسحاب كثيف والقمر لم يظهر ، فكل شيء بميعاده ، يوما والثاني ، ولحقت ام الفتاه بمطلقها ، جلست علي الجسر حولها نسوه ، تصرخ فيصرخن ، تنادي ابنتها فيكررن ندائها ، ردي علي ياضنايا ، ردي علي ، رحتي فين ياامه ، رحتي فين ، اه ياقلبي ، طفي النار اللي في جوفي ياامه وردي علي ، لكن الصمت ثقيل فوق الجسر ، لااحد يرد ولا احد ينطق ، الكلب يعوي وينبح ولايقترب منهم ....... انتبه الاب ومعه الام ، ان كثيرين غيرهم ، يأتو للجسر ، اباء يكسر الحزن كرامتهم وامهات يلون الهم ملامحن بالسواد ، جميعهم ينادوا بناتهن ، كفايه غياب ياامه ، وحشتيني ياعين امك ، ردي علي وريحي قلبي ، جميعهم ينظرن للرياح من فوق الجسر ، تجري مياءهه بسرعه سوداء ، يحدقوا فيها ، كانهم سيجدوا بناتهن فوق وجه الماء ، جميعهم ينظروا للكلب ولا يخاطبوه ، وهو لا يقترب منه ، يعوي وينبح ويصرخ وسط الليل المظلم ، يدب الهلع في قلوبهم ويتملك الفزع نفوسهم ، والايام تجري ، والهلال ظهر في السماء ، وليله التمام تقترب !!!!
كان الظلام دامس ، موحش ، تحمل الريح اصوات بعيده مفزعه ، السكون يلف البلده ، يتردد في فضائها صدي انفاسا لاهثه شريره تزيد وحشه الليل وحشه وتخلع القلوب من الرعب ، وعند الجسر ، اباء وامهات ملتاعون يبكون ينادوا بناتهن ، والكلب الجربان يعوي ويعوي ينبح بصوت غريب ، لم يسمعوا كلب مثله يصدر من جوفه ومنخاره هذا الصوت المزعج الموجع ، تقترب ام الفتاه منه ، تسير صوبه فيفر متراجعا ، تصمم علي الاقتراب منها ، يصرخوا فيها عودي ، لكنها مصممه ، هذا الحيوان يعرف مكان ابنته ، ستكلمه ، سترقق قلبه ، سيفهمها لو كان محبا ، الحب يهذب النفوس حتي نفوس الكلاب المسحوره .. لكنه لا ينتظرها كلما تقدمت خطوه يتراجع خطوتين ، وحين كاد الجسر ينتهي وينزل الكلب علي بدايه الطريق ، احس الام تحاصره ، فتقدم مسرعا صوبها ونبح نباحا عاليا مفزعا دوي في صمت الليل فتراجعت وهي وجله مضطربه ، وعندما بدأت في التراجع ، استمر الكلب في تقدمه صوبه ، بنظرات زائغه ، ينبح ويعوي ويتقدم ، وحين عاد لنصف الجسر وفرض سطوته علي الجميع خوفا وفزعا ، صمت وعادت الام لمكانه عند بدايه الجسر تبكي وتنادي ابنتها ، رحتي فين ياامه ، عامله ايه ياقلب امك ؟؟؟؟ ومازال الليل موحش واهالي الفتيات علي الجسر يراقبوا الكلب كأنه سيرق لحالهم ويكشف لهم في لحظه لايعرفوها سر اختفاء بناتهم ... لكن الكلب يعوي فوق الجسر والبلده نيام والفجر بعيد والليل الموحش مسرحه يصول ويجول وينبح ويفزع الجميع ويخوفهم يروعهم وهم صامتون يدعون لله رفع الغمه وعوده البنات سالمات !!!
اقتربت شربات من الجسر ، سيده في منتصف العمر ، يقولوا في البلده انها كانت اجمل فتياتها ، كانت لانها لم تعد ، وقت عادت من ليله التمام البعيده ، لم تعد كما كانت ، بعضهم يقول فقدت عقلها ،بعضهم يقول فقدت جمالها ، بعضهم يقول انها فقدت الاثنين جمالها وعقلها ، عادت صامته لم تكشف اسرار ليله التمام ، حين سالها الشيخ عما حدث تلعثمت وعجزت عن الشرح ، بكت وتناثرت عباراتها فلم يفهم الشيخ شيئا ، يابنتي كنت فين وبقيه البنات فين ، تضحك ثم تبكي وتصمت ، حين يقرا الشيخ القرأن فوق راسها ترتعد ترتعش تبكي لكن عقد لسانها لاتنحل ، يابت مالك ، سالتها حكيمه القريه تلك السيده العجوز التي وقعت اسنانها من زمن بعيد ، قولي يابت ، زيحي من علي صدرك وقولي ، لكن شربات عاجزه لاتقول ، تلمع احيانا عيناها من الفرحه وتحسها ستحلق بعيدا وسرعان ماتنطفيء نظراتها وتصمت !!! لكنها منذ عادت من رحله غيابها الغريبه ، تتجول طيله النهار في حارات البلده وشوارعها الضيقه وحين تغيب الشمس ، تاخذها قدماها للجسر ، تجلس علي طرفه، تحمل في طرحتها التي كانت حريريه ، تحمل طعاما للكلب الجربان ، تلقيه له من بعيد ولاتقترب منه ابدا ، يقترب الكلب في حذر يختطف الاكل ويجري ، لاتنظر له ولا ينظر لها ابدا ... قال حكيمه القريه ، ان شربات اتندهت من زمان وخلاص والجدع قصدها الكلب الجربان ،لاحاسس بيها ولا عجبته ، هي اتندهت والحب بهدلها وذلها ، لااتجوزت ولا عمرت بيت ولا طلقت عيل ولا خبزت رغيف وحياتها ياحول الله ياربي علي الجسر وبس ...
القت شربات ارغفه الخبز وقطعه اللحم التي سرقتها من نايب ابيها امام الكلب ، نبح وعوي واقترب بسرعه فتح فاه الكبير المرعب ودفع كل الاكل داخله وجري مسرعا ، وقتها صرخت ام الفتاه ، وقت فتح الكلب فمه ارتعدت ، لا ده مش كلب ، بسم الله الرحمن الرحيم ، الطف ببنتي يارب ، ما ياما شوفنا كلاب ، ده مش كلب ، ده حنكه زي الجرن ، يبلع عشر رجاله ولا يتسد ، صرخت فضحكت شربات ، وبكت بعض النسوه ، كل ما يحدث عند الجسر مخيف وغريب !!! عادت ام الفتاه لشربات سالتها ، هو ايه اللي كان حصل في الزمانات ياشابه ، كنت رحتي فين وجيتي منين ، الجنيه سحبتك فين ، لكن شربات تبتسم ولاترد ، عيناها زائغه كانها تلاحق الكلب ببصرها تتمناه لا يغيب عنها ابدا ، يابت ردي قولي ، لما يوميتها اختفيت ايه اللي حصل ، نطيتي في الرياح صحيح ، طب ورجعتي ازاي ، ايه اللي حصل ، اقترب من ام الفتاه احد الرجال ، ماتتعبيش نفسك ياام امل ، لاحتنطق ولا حتبوح ، ياما ناس حاولوا معاها ، البت رجعت ومارجعتش ، اتندهت وخلصنا ونفذ امر ربنا ، كان شربات تتابع حديثهم مبتسمه ، اشفقت عليها الام ، يامثبت العقل والدين يارب ، استرها علينا وتركتها وعادت لمنتصف الجسر تنادي ابنتها ، انت فين ياقلب امك ، ردي علي ياضنايا ، نبح الكلب وعوي وضحكت شربات واستعد الليل للرحيل واوشك الفجر علي السطوع ، نام الكلب ولملم الناس اشيائهم وعادوا جماعات مهزومه لديارهم ، فحين ستسطع شمس النهار ، سيختفي السحر والكلب وشربات ويعيش الناس حياتهم العاديه حتي غروب الشمس ثانيه !!!!
الايام تجري ، وليله التمام تقترب ، لكن اهل البلده الملعونه بالسحر يخافوا من ليله التمام يخافوا منها ، كل منهم يغلق بابه علي بناته وينام من المغرب يخافوا من السحر الذي لايعرفوا انه يحتل بلدتهم ونفوسهم ويتحكم في حياتهم ومصائرهم ، اهالي البنات المختفيات ينتظرن مثل كل شهر ليله تمام البدر بفارغ الصبر ، ربما في تلك الليله تعتق بناتهن من الاغواء والسحر ويعدن لديارهن ، ام الفتاه مثلهم كلهم تنظر تلك الليله بفارغ الصبر ، في تلك الليله ستخرج ابنتها من الرياح ، وسيعود الكلب الجربان شابا جميلا ، في تلك الليله سيتحدد مصير ابنتها ، اما ستبقي مع الشاب لنهايه العمر ، او ستعود لها ، تدعو ربها تعود لها بعقلها ، ولا تفقده في رحله الرياح وليله التمام ، بعد الغد ، سيكتمل القمر بدرا ، سيسطع في السماء ، سينفك السحر ، سيعود الكلب الجربان شابا ، ستخرج ابنتها من الرياح ، ستعيدها الجنيه المسحوره التي تغوي الشاب وتسخر قدراتها لخدمته ، ستخرجها من الرياح ، ستجملها ، ستكسوها بثوب جميل ، ستقف ابنتها في طابور الفتيات التي غواهم الشاب وخطفتهم الجنيه ، تبكي وتبكي ، الليل طويل لايمر ، اليوم الليله قبل الاخيره ، بعد الغد سيكتمل البدر وتعيش القريه ليله التمام!!!
يرتعد اهل البلده من ليله التمام ، يختبئوا في بيوتهم قبل المغرب ، لايخرجوا ابدا مهما جري ، يقسم بعض العجائز انهم عاشوا ليالي تمام بعيده في الماضي ، كانت السماء تضوي ، والبنات تزغرد والموسيقي تصدح ، وكأن النجوم الساطعه البعيده تسقط فوق الجسر تضئيه ، كانها شموع زفه العرائس التي سينتقي منهم العريس اجملهن ويبقيها معه للابد ، يقسم العجائز انهن عجزوا عن فتح اعينهم من شده الضوء وسطوعه ، وانهم شاهدوا بعيونهم التي سياكلها الدود ، شاهدوا الجنيات تزين الجسر وترشق اسواره القديمه بالورود ، وشاهدوا الفتيات يرفلن في ملابس الزفاف البيضاء ، يخرجن من الرياح للجسر يستعرضن جمالهن علي الشاب المسحور وحين يختار واحده منهم تحملها له الجنيات بعيدا وتخلع عن بقيه الفتيات اثواب الزفاف وتعتقهن من اسر الرياح والسحر ، يقسم العجائز ان الفتيات اللاتي اعتقن من اسر الرياح والسحر ، عدن ولم يعدن ، عدن بلا عقول ، عدن حزاني ، ارتدين الاسود ولم يخلعوه ، واستمروا سنوات وسنوات يترددوا علي الجسر ، يبحثن عن الكلب المسحور ، يتمنوا منه نظره اعجاب ، لكنه يختفي ، فلم تراه ايهن ابدا ، يخفي نفسه عن عيونهن عن شوقهن ، يقسم العجائز ان اختفائه يزيد من جنونهم وغيابهن وضياعهن!!!!
ليله التمام غدا ، وام الفتاه مصره ، ستذهب للجسر ، لن تخاف السحر وفك السحر ، لن تخاف تحول الكلب لشاب وعودته لكلب ، لن تخاف من طابور العرائس التي ستخرج من الرياح ، قررت ام الفتاه ، انها حين ستشاهد ابنتها وسط طابور العرائس ستخطفها ، لن تتركها تمر امام الشاب ، لن تتركه يغواها ، لن تترك الجنيات الشريره تخطفها بعيدا عن حضنها ،ستذهب للجسر وتنقذ ابنتها من النداهه ومن غياب العقل ، هكذا صممت قررت!!!
اليوم مساءا ستكون ليله التمام ، ابو الفتاه يرتعش من الخوف ، يخاف من الليله ، يخاف يشاهد ابنته في طابور العرائس ، يخاف الا يراها ، يخاف تكون غرقت في الرياح يوم قفزت فيه وانتهي الامر ، يرتعش من الخوف ، لكنه سيذهب لانقاذ ابنته!!!
ام الفتاه ذهبت لشيخ البلده ، توسلت اليه ، اعف عن الشاب ، فك سحره ، انقذ ابنتي من مصيرها الاسود ، يقسم لها الشيخ ان كل مايقال خرافات ، وهو لايعلم شيئا عن السحر والشاب والكلب ، وان كل مايقال شائعات كاذبه لااساس لها من الصحه ، انهارت الام ونزلت علي الارض تبحث عن قدميه تقبلها ، لاتخدعني ، فك السحر وانقذ ابنتي ، يشفق عليها الشيخ ويضع كفه فوق راسها ويقرأ لها بعض الايات ويدعو لها بالهدايه ، لكنها لاتقبل موقفه ، لاترواغني ، انت السبب في السحر والكارثه التي لحقت بالبلده ، انت التي كرهت الشاب ، سحرته ، سخرت له الجنيه الشريره ، تخطف الفتيات وتحتجزهن في الرياح ، انت السبب في تلك الكارثه!!!
لم يجد الشيخ شيئا يقوله لها ، اخذوا يدعو لله القدير يزيح الهم ويفك الكرب ويهدي اهل القريه لما فيه الصواب .... خرجت الام من عند الشيخ منهاره ، تدعو عليه لانه يضن عليها بالرحمه ويرفض يعترف بالسحر وطلاسمه ، خرجت تبكي يائسه ،ليس امامها الا المكوث علي الجسر ، تنتظر ابنتها وقت تخرج من الرياح!!!!! الشمس غابت والبلده الملعونه بالسحر ارتعبت وقبع اهلها في دورهم خائفين ، اطفئوا الانوار ومكثوا في الظلام ، ربما تجذب الاضواء الجنيات الشريره فتخطف الاطفال من مراقدهم ، اطفئوا الانوار وبقوا في الظلام يرددون كل الايات القرأنيه التي يحفظوها ، وربنا يعدي الليله علي خير !!!
علي الجسر بضعه نساء وبضعه رجال وشربات ، يبحثوا عن الكلب لكنهم لايروه ، غيابه يؤكد ظنونهم ، كلها ساعات قليله ويسطع القمر بدرا في السماء ، وينفك السحر وينقلب الكلب رجلا ، لو ماقاله الشيخ صحيحا ، لو ان الامر مجرد شائعات ، لوجدوا الكلب نائما علي الجسر مثلما ينام كل يوم ، لكن الشيخ لايقول لهم الحقيقه ، لانه لن يفك السحر ولن يعتق الصبايا ولن يحرم الاهالي ولن يصفح عن الشاب الذي استباح فتيات القريه واغواهن فكان عقابه ينسخط كلبا جربان يعوي طيله الليل والنهار ، هكذا فكروا جميعا ، لم يقل ايهم للاخر شيئا لكنهم فكروا بنفس الطريقه ، كلها ساعات قليله وتظهر الحقيقه وينفك السحر و...... قادر علي كل شيء يارب العالمين ...
اقتربت شربات في ثوب احمر من الجسر ، زينت وجهها بالكحل الاسود الثقيل ، لونت شفتاها بطلاء ثقيل ، شكلها غريب ، كانها غانيه ، اقتربت من الجسر ، كانها تعرف ان الليله ليله التمام ، كانها تعرف ان السحر سينفك ، كانها تعرف ان الشاب سيعود شابا ، كانها تتجمل للقاءه ، كانها تتمناه يختارها ، الوقت بطيء لايتحرك ، اقتربت سيده عجوز من الجسر ، لمحها احد الرجال اشفق عليها ، مصمص شفتيه ، عجوز خرجت من بيتها بعد العشا ، سالتها ام الفتاه ، خرجت ليه من دارك في الوقت ده ياخاله ، ابتسمت العجوز بسخريه ولم ترد عليها ، لاحظت ام الفتاه ان العجوز ترتدي حلقا وكردانا ذهبيا ، لاحظت انها لونت شفتيها ، لاحظت انها كحلت عيناها ، وقفت العجوز في منتصف الجسر تحدق في الرياح ، كانها تعرف ان العرائس تتزين في تلك اللحظه استعدادا للطابور امام الشاب الجميل لينتقي منهن ، كانها تعرف ان الليله ليله التمام التي سينفك فيها السحر ، احست الام ان العجوز تفهم كل شيء ، كانها كانت من ضمن البنات التي لم يعجبن الشاب وقت فك السحر ، سالتها الام بتبصي علي ايه ياخاله ، كانت الدموع رقراقه في عين العجوز ، كان الحسره تحتلها ، كانها كانت تتمني مالم يحدث ، كادت تسحبها من ذراعها وهمست حاسبي ياخاله تقعي ، نظرت لها العجوز تشتهي السقوط في الرياح ، احست الام ان العجوز بلا قلب ، سرق قلبها في ليله بعيده ومازالت تكتوي بالشوق ، ابتعدت العجوز وجلست علي طرف الجسر تنتظر !!!
تحرك السحاب ، كانه يفسح للبدر مكانا ، صرخ رجل مرتاع ، يارب فك ضيقتنا وزيح الكرب ، بكت بعض النسوه ، القمر بدرا يشق السماء ويسطع ، ارتعدت النساء فزعا ، قامت شربات والعجوز واقتربت من سور الجسر ، يحدقن في الرياح ، صرخ احد الرجال بصوا بصوا ..... هرع الجميع لسور الجسر ، كانت المياه تجري تحت الجسر بسرعه ملفته للنظر ، كانها شلال هادر ، تجري بسرعه صوتها يزيد وحشه الليله والخوف مما سيحدث فيها ، صرخت سيده ، البحر حيتشق ، خبطت اخري علي صدرها ، البدر بيضوي اكتر من كل ليله ، همس رجل ، خلاص كل حاجه حتبان ، الطف يارب ........المياه تجري تحت الجسر بسرعه ، القمر يسطع ويسطع كانه سينفجر من كثره الاضاءه ، السكون يلف البلده ، الاهالي علي الجسر متوتره خائفه ، بعض النسوه تبكي ، بعض الرجال يدعو الله القدير بفك الغمه ، الكلب الجربان المسحور اختفي من فوق الجسر لايراه احد ، شربات والعجوز يقتربن من الجسر ، يسمعن وحدهن نداءات يفهموها ، صوت ياتيهن من تحت الماء ، غناء عذب مسحور ، شربات تصرخ فرحه ، جاءها الدور ، تقترب العجوز من السور اكثر واكثر ، تتدلي بنصفها العلوي ، تلوح بيديها ، كانها تري من يناديها ، شربات تزغرد ، تصرخ اهالي الفتيات ، بتزغرطي علي ايه ياوليه ياخرفانه انت ، لكن شربات لاتكتر ، النداءات المتلاحقه تحاصرها ، غناء تفهمه ، حنين يجذبها ، ستقفز من فوق الجسر ، ستطير ، ستحلق في حضن الرجل الذي نداها واضاع ايام الشباب والعمر في انتظاره ، تقفز شربات من فوق الجسر ، لا لم تقفز ، يقسم الرجل انها لم تقفز بل طارت ، فجأ لم تجدها النساء علي الجسر ، بعضهن تصورها عادت منزلها ، بعضهن بحث عنها وصرخ يناديها ، لكنها اختفت ، صرخت ام الفتاه ، شربات راحت فين ياجدعان ، تختفي وهي واقفه في وسطينها ، تقسم احد السيدات انها شاهدتها تطير ، تحملها جنيه بيضاء علي ذراعيها وتحلق بها بعيدا ، لكن الرجال يكذبوها وينهروها ، فالنساء لاتطير والجنيه لم تظهر ، صرخت ام الفتاه ، امال يعني الوليه راحت فين ، الارض انشقت وبلعتها ، سخر منها احد الرجال ، احنا في ايه ولا في ايه ، ان شاءالله تكون في راحت في داهيه ، ماتخلونا في اللي احنا فيه ، بناتنا احنا فين ، القمر بدر وليله التمام اهي ولا البنات ظهرت ولاالرياح انشق ولا الجنيات خرجت ، هكذا كان يتمني يقول ، لكنه خاف وصمت ، اختفت شربات ، سمعت نداءات من الرياح ، نداءات تنتظرها منذ زمن بعيد ، استجابت لها وفرت بعيدا ، هل القت نفسها في الرياح ، هل طارت علي ذراعي الجنيه ، لااحد يعرف ولااحد يكترث .. انتبهت ام الفتاه للعجوز ، تكاد تلقي نفسها من الجسر ، صرخت فزعه ، الحقوها ياناس ، لكن الناس ثبتت مكانها ، تجمدت ، عجزت عن الحركه والنطق ، جميعهم شاهدوا العجوز تلقي بنفسها في الرياح ، لكنهم فقدوا الذاكره الجماعيه ، كانهم لم يروها ، جميعهم عجزوا عن انقاذها ، كانت سعيده تلقي بنفسها من فوق الجسر تستجيب لنداءات الغرام التي طلاما ارقتها وحرمتها النوم وكوت قلبها واحتلها بالحنين ، العجوز اختفت امام اعينهم ، لكنهم سحروا فكان مايحدث امام عينهم لم يحدث ، فجأ افاقوا ، لم يجدوا العجوز علي الجسر ، صرخت ام الفتاه ، الوليه راحت فين ، الست العجوزه اختفت فين ، لم يرد عليها احد ، هم ينكروا اساسا ان العجوزه كانت موجوده علي الجسر ، القمر بدر والليله ليله التمام ، اين الفتيات ، سالت الاهالي نفسها ، الوقت يمر والبنات لم يعدن ، انفجرت ام الفتاه في البكاء ، شربات اتندهت والوليه العجوزه اتندهت من وسطينا واحنا واقفين وكمان البنات مارجعتش ، يادي الليله السودا ياربي ....
وقفت ام الفتاه تحدق في مياه الرياح ، تجري بسرعه ، تصرخ ، تزوم ، تحدق فيها ، تبحث عن ابنتها وسط المياه السوداء ، تناديها ، ردي علي ياقلب امي ، ردي علي ياضنايا ، همي وتعالي ، لكن ابنتها لاتحضر ، اقتربت من الاهالي الجالسه علي الجسر عاجزه قليله الحيله ، سالتهم ، واخره القعده السودا دي ، لم يردوا عليها ، ينتظروا بناتهم عاجزين قليلي الحيله ، هل نام الجميع ، لايعرفوا ، ناموا ، لا غرقوا في غيبوبه ، لا خدروا ، لا سحروا ، لايعرف احد مالذي حدث ، كل مايعرفوه انهم انتظروا علي الجسر وفجأ اشرقت الشمس ونبح الكلب ، افاقوا غاضبين ، ايه اللي حصل ، نمنا ازاي ، نمنا ليه ، استيقظوا وجدوا انفسهم ملقيين علي الجسر ، كل في مكانه ، فقط اختفت شربات واختفت السيده العجوز ، استيقظوا علي نباح الكلب ، كان الحفله انتهت فايقظهم ليرحلوا عن جسره الذي اعتاد البقاء فيه وحيدا !!!! عاد اهالي الفتيات لديارهم حزاني مقهورين ، تغلبوا علي خوفهم وجلسوا علي الجسر ، اختفي الكلب واختفت من بينهم شربات والسيده العجوزه وسحروا وفقدوا وعيهم وافاقوا ولم يروا شيئا ...
دخلت ام الفتاه منزلها تبكي وتبكي ، اختفي الاب يأسا من عوده ابنته .... سخر الشيخ من الاهالي لانهم يصدقوا الشائعات الكاذبه ، يلومهم لانهم لم يصدقوه ، يطالبهم بالبحث عن بناتهن اللاتي اختفين في ظروف غامضه ، ولايسلموا عقولهم للخرافات والخزعبلات .. شربات تاتي لام الفتاه كل يوم في الحلم ، تراها تسبح في الرياح حولها فتيات جميلات مبتسمات سعيدات ، تراها تسير علي الجسر المزين بالورود وسط طابور الفتيات امام الرجل الجميل الذي تشع عيناه بالاغواء ، تري الرجل يختارها فتحملها الجنيات للسماء بعيدا ، تري الرجل يحلق بذراعيه خلفها ، تلمح علي وجه شربات ملامح غريبه ، كانها السعاده والحصول علي الفرحه وعدم التصديق ، تتصور الام انها تري ابنتها تسير في طابور العرائس لكن الرجل الجميل لايختارها ، تراها مقهوره بالحسره ، تلمع دموع من عينيها الحزينتين ، تناديها الام عودي ، تلوح لها الفتاه وترفض ، تقفز في الرياح ثانيه ، تنتظر فرصتها التي ربما قد تاتي مره اخري ، تستيقظ الام فرحه لشربات حصولها علي الفرحه التي تمنتها حزينه علي ابنتها المقهوره بالتجاهل اسيره الامنيه المستحيله لاتقوي علي الفكاك من سحرها ...
ساعود للجسر ، هكذا تقرر الام ، ساعود انتظر ابنتي ، يوما ما ستخرج من الرياح وتاتي لحضني وتنام فيه تبكي حظها العثر الذي حرمها من فرصه اختيارها عروس للرجل الذي صار كلب وكان زينه جدعان البلد ، ساعود للجسر ... وحين تصل هناك ، تجد كل الاهالي هناك ، صامتون ، حزاني ، قابعون اماكنهم ينتظروا عوده بناتهم في ليله تمام البدر القادمه الشهر القادمه ، جميعهم اسري الجسر والكلب الجربان وامل عوده الفتيات ... لايتذكروا انهم وقت فقدوا وعيهم علي الجسر ليله التمام شاهدوا نفس الحلم ، شاهدوا شربات سعيده حين وقع اختيار زينه الجدعان عليها ، شاهدوا بناتهم تقفز في الرياح مره ثانيه وعاشره باختيارهن ، ينتظرن فرصه قد تاني تسعدهم تساوي كل الامل ، لن يخرجن من الرياح لحياتهن السابقه يعيشوا فيها بلا امل بلا قلب بلا عقل ، سيبقين في الرياح ينتظرن فرصه الاختيار ونظره الرضا وومضات السعاده التي ستنير حياتهم ، كل الاهالي شاهدت ذات الاحلام ، او ماتصورها احلام ووهم لم يحدث ، لكن كل منهم لايصدق انه شاف ماشافه ، كل منهم يخاف يحكي للاخر ، كل منهم يخشي الاخر ، كل منهم واثق ان الاخر لن يصدقه ...
الاهالي كلهم لايعرفوا انهم وقت فقدوا وعيهم علي الجسر ليله التمام بدأت الحفله التي انتظروها ، وخرجت الفتيات من الرياح ، سرن في الطابور باثوابهن البيضاء الهفهافه ، مررن بامل ورجاء امام الرجل الجميل زينه الجدعان ، وانه انتقي منهم شربات التي كانت ياست من الاختيار ففرت من السحر والانتظار والرياح وعادت للارض بلا عقل بلا قلب ، وحين عاشت حياه بائسه بلا معني تحترق بالرجاء تسمع نداءات الرجل ونداء الجنيات ونداء الامنيات قررت تعود بارادتها ثانيه للرياح فقزت في الماء الهادر تلقفتها الجنيات وزينتها وحملتها للرجل الذي في تلك اللحظه بالذات شاهدها اجمل الفتيات وابتسم في وجهها فحملتها له الجنيات لعالم الحب والرغبه والشوق بعيدا ، جميعهم لايعلموا انهم شاهدوا بناتهم ، يسرن في طابور العرض امام الرجل الجميل يحترقن بالحب اللعين بالرغبه في اختيارهن ، وحين لم يقع اختياره عليهن ،احترقن بالقهر بالغيره وعدن جميعا باختيارهن للرياح مره ثانيه ينتظرن فرصه ثانيه ، ينتظرن نظره رضا ، ينتظرن املا قد يحمل لهن كل السعاده التي افقدتهن عقولهن حين يشعر زينه الجدعان بحبهن ويمنحه سعيده الحظ منهن حبه الذي افقدهم جميعا عقولهم وقلوبهم ، كل الاهالي لاتذكر ، انهم نادوا بناتها ليعودن ، لكن البنات رفضن العوده ، فنداء القلب وامل الوجد والوصال مع الحبيب الساحر الذي جذبهن للرياح وعالم السحر اقوي مليون مره من نداء الاهالي المحترقه بفراق البنات يدعهن للعوده للحياه والواقع...
كل الاهالي لاتذكر انها شاهدت طقوس ليله التمام ، لايذكروا ماشاهدوه ، بعضهم تصوره حلما ، بعضهم تصوره كابوس وخاف منه ، بعضهم تصوره وهم تملكه ، بعضهم تصور الشيطان يزين له الخرافات والخزعبلات واغضاب الشيخ التقي ، بعضهم استيقظ بلا ذاكره كانه لم يري الحلم ولم يحضر الحفله ... لكن الحفله بدأت لحظه فقدوا وعيهم ، وخرجت الفتيات المندوهات بالحب من الرياح ، يحترق بالرغبه في الاستثار بحب الحبيب واختطاف نظره عينه ونبضه قلبه وكل حنانه ، الحفله بدأت حين وقف زينه الجدعان علي راس الجسر ينتظر العاشقات يمررن امامه ذليلات خاضعات لسحره يتمنين منه نظره الرضا التي لم يمنحها الا لشربات التي احبته بصدق وباعت حياتها طمعا في وصاله ، الحفله بدأت وانتهت وقفزت الفتيات ثانيه للرياح حزينات علي نصيبهن في تلك الليله التي لم تنجح اي منهن في اختطاف قلب الحبيب ، قفزن للرياح ينتظرن فرصه قادمه واملا قد يتحقق .. الاهالي جميعا لاتعرف ان الحفله بدأت وانتهت وهم فاقدي وعيهم مسحورين يشاهدون الحفله عاجزين عن التدخل فيها عن انقاذ بناتهم اللاتي باعوا كل الحياه من اجل لحظه غرام قد يعيشوها او لايعيشوها ابدا ....
وحين غاب البدر ثانيه تمكن السحر من زينه الجدعان ، فعاد كلبا يعوي ، وفك سحرهم فعادوا بشرا قليلا الحيله حزاني علي بناتهم وبقيت الفتيات في الرياح يتنظرن بشوق ولهفه ليله التمام القادمه قد تحقق لهم اجمل الاحلام .. و.......................... انها بلدة صغيره ، معزوله ، محكومه بالسحر .. سحر الحب الذي يختطف عقول البنات الجميلات وقلوبهم ، سحر الجسر والرياح والنداءات العذبه المخيفه التي تخترق اذن وقلوب الفتيات فتتملكهن اسيرات لا يملكن ولايرغبن ابدا في الفرار من النداءات المسحوره !!
و..........مازال الكلب علي الجسر ينبح ... مازالت القريه تخافه وتخاف ليله التمام ، حين يسطع القمر بدرا فينفك سحر الكلب وفي نفس الوقت يسحروا جميعهم فلا يروا شيئا ولايعرفوا الحقيقه تعيش البلده للمره المليون طقوس حفله ليله تمام البدر ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق