مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 22 فبراير 2013

كتبي وحواديتي من هذه المدونة



في ثلاث سنوات ...
نشرت من هذه المدونة " الشوارع حواديت " 
( 9 ) كتب 

1- سيدة محترمة دخل اليها من نافذه الحلم ( 2010 ) 
2 - فتاة صغيرة تكلم الاحلام ( 2011 ) 
3 - ابو الجواز وايامه السودة ( 2011 ) 
4 - سيدة تتأرجح علي كرسي هزاز تنتظر فارس لم يأتي ( 2011 ) 
5- حواديت مدادها الوجع  ( 2012 ) 
6- حواديت كتبها العشق ( 2012 ) 
7 - ياله من موت رومانسي ( 2013 ) 
8 - حكايات منسية ( 2013 ) 
9 - كل هذا حدث في يوم واحد ( 2013 ) 

كتبي


الثلاثاء، 19 فبراير 2013

قبلة




بحنان ورقة ،  انحني ملهوفا علي عنقه زوجته وقبلها مشتاقا بعدما مسح الدماء العالقة علي شفتيه وقتما عقر غاضبا رقبة الطفل الصغير الذي اقترب منه في الشارع وهمس ... هات قرش !!! 

الاثنين، 4 فبراير 2013

دمعة صغيرة بنكهة المولوتوف والعشق !!! ( الجزء الاول )



اهداء
الي المدينة الباسلة 
واسراب السمان المهاجرة لسدرة المنتهي 




( المشهد الاول قبل الحدوتة )


وسط الخيالات الحمراء الداكنة وكأنها قطرات لزجة من دماء متناثرة فوق الوجوه ، صرخ الكورس علي خشبة المسرح بصوت عالي هادر ......

فلتذكروني
فلتذكروني إن رأيتم حاكميكم يكذبون
ويغدرون ويفتكون والأقوياء ينافقون
والقائمين على مصالحكم يهابون القوي ولا يراعون الضعيف
والصامدين من الرجال غدوا كأشباه الرجال
وإذا انحنى الرجل الأبي
وإذا رأيتم فاضلا منكم يؤاخذ عند حاكمكم بقوله
وإذا خشيتم أن يقول الحق منكم واحد في صحبه أو بين أهله
فلتذكروني
وإذا غزيتم في بلادكم وانتم تنظرون
وإذا اطمأن الغاصبون بأرضكم وشبابكم يتماجنون
فلتذكروني
فلتذكروني عند هذا كله ولتنهضوا باسم الحياة
كي ترفعوا علم الحقيقة والعدالة
فلتذكروا ثأري العظيم لتأخذوه من الطغاة
وبذاك تنتصر الحياة
فإذا سكتم بعد ذلك على الخديعة
وارتضى الإنسان ذله
فانا سأذبح من جديد وأظل اقتل من جديد
وأظل اقتل كل يوم ألف قتلة
سأظل أقتل كلما سكت الغيور وكلما أغفا الصبور
سأظل اقتل كلما رغمت أنوف في المذلة
ويظل يحكمكم يزيدها ... ويفعل ما يريد
وولاته يستعبدونكم وهم شر العبيد
ويظل يلقنكم وإن طال المدى جرح الشهيد
لأنكم لم تدركوا ثار الشهيد
فاذكروا ثار الشهيد ( 1 )

لكن الشيوخ والدقون التقية البيضاء واصحاب الحل والربط منعوا المسرحية من العرض علي خشبه المسرح ، رفضوا يذكروا الجمهور الغافل بمأساة الحسين حين كان ثائرا وحين مات شهيدا ، رفضوا يعرضوا علي الجمهور ثأر الحسين ويسمعوه دوي صرخاته وهو يذبح من جديد ويقتل من جديد ... فلم يذكر الناس ثأر الشهيد ، ولم يدركوا ثأر الشهيد !!!!




( الجزء الاول من الحدوته )

 ( 1 )

""الشغل علي ودنه""

صناديق خشبية كثيرة مصطفه بجوار بعضها البعض ، حجم واحد ، شكل واحد صنعها رجال طيبين ، حملوها بالادعية والرجاء ، تمنوا عرقهم المنهمر علي وجوههم ، السائل علي ملابسهم من اطراف ايديهم الخشنه في القبو المظلم الحار الذي يجتجزهم فيه الحاج صاحب الفابريكة والاسم مصنع ، تمنوا عرقهم في صناعتها يشفع لهم عند المولي يوم القيامه ، لم نتوان جهد في صنعها وبايدينا وبرجل حمار رغم ان صاحب الفابريكة لم يسدد لنا اجورنا المتأخرة ، ولم يرضخ لضغوطنا عليه وقت اعلناه بنيتنا في الاعتصام والتوقف عن العمل ، لم يرضخ لضغوطنا وتوعدنا بجهنم وبئس المصير لاننا سنكون السبب الذي يترك فيه الموتي علي قارعة الطريق رغم ان اكرام الميت دفنه ، خفنا من عذاب الله وبئس المصير وخفنا يطردنا ويوظف الصبية الصيع الذين يحومون حول باب الفابريكة يبحثون عن عمل بنصف اجورنا ، خفنا من كل هذا و" طبقنا " بدل اليوم يومين وانجزنا طلبية الصناديق الكثيرة التي زف المعلم الحانوني للحاج صاحب الفابريكة طلبها وعلي نحو عاجل لان الشغل علي ودنه والجثث ياما والميتين كتير وحيكونوا اكتر !!!!

( 2 )
""بيان غاضب""

صناديق خشبيه كثيرة مصطفة بجوار بعضها البعض ، ملقاة علي الارض في الساحه الخلفيه للمشرحة ، تنتظر زبائنها المتراصين فوق المناضد المعدنية الرخيصة ينتظروا دورهم في التشريح ومعرفه الاسباب المعروفة للوفاة ، الاطباء الشرعيين وصلوا المشرحه متأخر بعدما تشاجروا مع كبيرهم الذي اذاع في البرنامج المسائي في الفضائيات الشهيرة اكاذيبه ، وزعم ان الجثث جميعها ماتت بالسكته القلبية رغم ان كل الجثث لم تشرح وقت تصريحاته ، ورغم ان فتحات دخول الرصاص وخروجه تزركش ادمغتهم المحطمه ، تشاجر الاطباء مع كبيرهم الذي شرح لهم بخبرة الشعر الابيض ان عليهم جميعا ربط الحمار " مضع " مايرغب صاحبه وان الحكومه لن تفلح في القبض علي القناصه قاتلي الموتي وان اذاعه خبر قنصهم بالرصاص سيثير الشعب الثائر اساسا ويغضبهم فيصبوا نقمتهم علي الحكومه التي ستعجز عن حمايتهم ثانيه من رصاص القناصه ، اذن ، الطيب احسن !! تشاجر الاطباء الشرعيين رافضين اكاذيبه وتخاذله ونفاقه المقزز للحكومه ورغبته في لحس جزمتها القديمه علشان مايترقي ويعلي ويعلي ، انفرد الاطباء الشرعيين  بانفسهم في استراحة الطبيب المقيم بالمشرحه يكتبوا بيان غاضب يشتموا فيه كبيرهم ويشرحوا للرأي العام كل ماحدث والاكاذيب التي تخدع عقولهم ويبرؤا انفسهم من المشاركه في تلك الخديعة ، انفردوا بانفهسم يحتسوا الشاي والقهوة وسندوتشات الفول الساخنه واحدهم دخل الحمام وغاب طويلا فانتظروه طويلا حتي يضع لمساته اللوذعيه علي عبارات البيان ، كل هذا والجثث تسب لهم الدين والملة غاضبه من المناضد المعدنية البارده التي تتأرجح بهم ومن الذباب الازرق الذي ترك كل خراباته والتصق باجسادهم يمتص منهم الموت والقبح ويدفن بقاياه تحت جلودهم المهترئه ، الجثث غاضبه من الاطباء الشرعيين الذين نسوا ماعليهم وانشغلوا في صياغه البيان الغاضب ، والاطباء الشرعيين غاضبين من كبيرهم الذي ربط الحمار مضع ماترغب الحكومه ، والطبيب الشرعي غاضب من الحكومه التي لاتقبض علي القناصه قاتلي الموتي ، وتكذبه كلما كتب تقريرا يؤكد فيه ان الرصاصات التي استخرجها من الجثث لايستعمل الشرطه مثلها ولا الجيش وانها رصاصات حربيه غريبه عن بر مصر ، الحكومه تكذبه وتهين خبرته وشعره الابيض وتؤكد للشعب ان الطرف الثالث لايحمل اسلحه ولا رصاص وانه لاتوجد قناصه وان الطبيب عميل لجهات اجنبيه تدفع له كثيرا ليكذب ويزعم ان الوطن مستباح بالقناصه الاجانب فيفر المستثمرين وتنهار البورصة ، كبير الاطباء الشرعيين غاضب من الحكومه ، والحكومه غاضبه من القناصه الذي لايكفوا عن القتل رغم انها شكرتهم مرة واثنين وسددت لهم بقيه حسابهم وشرحت لهم ان مأموريتهم انتهت وكتر خيركم ، مأموريتكم خلصت لان مأموريتنا خلصت ، وشايلينكم لعوزة ، القناصه اعجبتهم اللعبة وقتل الابرياء واشاعه الفوضي ، القناصه يبتسموا ادبا ولايكفوا عن القتل وكأنه مزاج وهواية ، مزاج القناصه يزعج الحكومه التي لايقوي قلبها الرهيف علي القبض عليهم وتقديم للشعب ليمزقهم باسنانه بعدما قدموا لها خدمات جليله لاتنسي وايضا تخشي غدرهم واعترافاتهم التفصيليه التي يهددوها بها يوم جلبتهم مرتزقه من بلادهم ليقتلوا اهل بلدها لتضمن السمع والطاعه والادب وعجين الفلاحه ، الحكومه غاضبه وكبير الاطباء الشرعيين غاضب والاطباء ايضا غاضبين والجثث اشد غضبا ترغب الرحيل عن ذلك العالم القبيح ، اما اكثر الغاضبين فهي الصناديق الفارغة الملقاة اهمالا في الساحة الخلفية للمشرحة تنتظر وتنتظر كل الحمقي لينتهوا من كل الاشياء التافهه التي يعملوها ، الصناديق الفارغه غاضبه لان اكرام الميت دفنه وهي ترغب اداء عملها بدقه وتوصيل الموتي لدار الحق ، لكن البشر الاغبياء لايمكنوها ولايرحمها من الانتظار والذباب الازرق...

( 3 )
""المسامير الهشة""

الشمس تلتهم صبر الصناديق الخشبية وتزعجها بسخونتها المتسللة لهبا للمسامير الرديئة التي تلصق الالواح الخشبيه ببعضها فتتمد جزئيات الخشب وتصدر صريرا سخيفا حتي يظن الجهلاء ان الاشباح تسكن الصناديق ولم تبارحها مع موتي اليوم السابق ، المسامير تسب الدين والملة لصاحب الفابريكه ، الحاج المؤمن الذي يصلي ويصوم ولايراعي ربه في عمله ولايتقيه ويشتري نوع رديء من المسامير الهشه ويطالبها بربط اوصال الخشب المتفتت في بعضها لتحمل جثه ثقيله لدار راحتها ، المسامير غاضبه من الاحمال التي تقصفها فتتفكك الصناديق وتكاد تتهاوي بجثثها وتتبعثر علي قارعه الطريق ، المسامير تسأل بعضها ، الا يخاف تلقي جثته في صندوق هش مثل الذي ربط اوصاره بصلبنا الرديء ، المسامير لاتجد اجابات فتئن وتئن وتصدر صريرا مزعجا يفسد خلوه الاطباء الشرعيين المستغرقين في كتابه البيان الذي لاينتهي والجثث تتحل والدود يسرح فيها ويرقات الذباب وتبكي لانها ترغب في الرحيل لكن احدا لا يرأف بها !!!!

( 4 )
""الوقت يمضي بطيئا""

مازال النهار في اوله ، وصراخ اهل الموتي يغيم علي الصباح بسحب زرقاء من الاصوات الملتاعه والدموع الثقيله ، تكاد الجدران الكالحة المسنودين عليها تتهاوي من كثره احزانها والاحباء يتحولون لجثث والجثث تتمزق بالمشارط وترتق بخيوط رديئه استوردتها وزارة الصحه في مناقصه رسيت علي من دفع اكثر رشاوي وقدم ارخص سعر لبضاعه رديئة لاتصلح لتنجيد الكراسي ، والجثث لم يصرح بدفنها لان التقارير التي سيوقع عليها وكيل النيابه لم تكتب بعد لان الاطباء الشرعيين مازالوا يكتبوا بيانهم الغاضب وينتقوا اشد الالفاظ حده للتعبير عن سخطهم علي كبيرهم ويتشاجروا معا وهو يحتسوا الشاي والحلبة لرغبه كل منهم الوقوف امام الفضائيات والقاء البيان بنفسه ، كل هذا يحدث والنهار مازال في اوله و...الوقت يمضي بطيئا !!!

( 5 )
""زجاجه مولوتوف""

هنا ، في تلك الساحه الخلفية للمشرحه تجلس النساء علي الارض ، شعثات الشعور بعيون حمراء ووجوه سوداء من كثرة اللطم والحزن ، هذه تنتظر ابنها الذي تشاجرت معه وهي توقظه من غيبوبه السبات اليوميه ، تشاجرت معه وهي تتوعده لانه كسلان ومامنوش رجا ، ولانه لايستيقظ مبكرا وسيذهب عمله متأخرا كعادته وسيرفدوه، ليته بقي نائما ، ليته لم يخرج من البيت ، ليته ترك العمل وبقي جوارها وهي تتشاجر مع الجيران طيله النهار الذي لاتجد في ساعاته ماتفعله بعدما تنشر الغسيل وتعلق علي الطبيخ وتأكل الفراخ وتتفرج علي حلقات المسلسل مرتين ، ليته لم يغاردها ليصلها خبره الاسود ، لم تفهم وقتما اخبروها ان ابنها مات ، خرجت من منزلها تجري وشعرها عاري تمزق فيه وهي تصرخ ، نسيت الحجاب والشبشب ، مات ليه ، سؤال بريء لم تجد ابدا اجابته ، مين اللي قتله ، سؤال اصعب ، ايضا لن تجد ابدا اجابته ، اشوفه ، امنيه لن تتحقق لان جيرانها الطيبين رفضوا تراه ورأسه محطمه والدم يسيل من انفه واذنه ، خافوا عليها من كسرة القلب لايعرفوا انه رحل ومعه قلبها وترك لها مكانه زجاجه مولوتوف ستنفجر وبسرعه فيها وفي الجميع !!

( 6 )
""الواد الحيلة اليتيم ""

ومازالت النساء تنتظر في الساحة الخلفية للمشرحة ، هناك ، نعم هناك ، تلك السيدة التي تسند ضهرها علي العمود المتشقق ، هي خالة العيل الصغير اللي مات ، ابن اختها التي ماتت وهي تلده ، لم تتزوج ومنحته شبابها وربته ، اعتبرته ابنها اللي حيسندها لما الدنيا تقسي عليها ، خالته وامه ، ده عيني ونني عيني ، نعم تلك السيدة الصامته ذات الجلباب الملون والبنطلون الكستور المقلم ، كانت تغسل وقتهما طرقوا باب بيتها واخبروها ان البركه فيها ، لم تفهم ، ابيها مات منذ زمن بعيد واختها ماتت وهي تلد الواد الحيلة وزوجها مات في العراق بعدما سافر ليدخر قرشين ينفعوا ابنه اليتيم فتزوج بعراقية وقطعت اخباره حتي عرفت انه مات في الحرب وان مدخراته استولت عليه العراقيه وتركت لها اليتيم امانه في رقبتها ، البركه في ليه ، مين اللي مات ، ليس لها رجل يموت ويتركها تصرخ في جنازته ياسبعي ياجملي ، والواد العيل الحيلة ماجاش في راسها ، وافكر ازاي انهم قصده عليهم ، وانهي بركه سوده اشوفها بعد ماعمري راح ، ويموت ليه ، ده ابن امبارح ، عيل في الاعداديه ، لاشال مطواه ولا بيجالس الاشقياء ولا ليه في التور ولا في الطحين ، ايوه مات ازاي يعني ، هرسه وابور ، دهسته عربية ، وقع في الكنال ، حصل ايه يعني ، عماره وقعت علي راسه ، ولا حاجه من دول ، امال ايه ، بقيت تحدق في الباستله والغيارات البيضاء للقتيل تتراقص وسط الماء المغلي والاومو ، تحدق في الباستله تتمناها تسقط بماءها المغلي علي رأسها لتفيق ، الا النفر بيحلم وسط النهار ولا ايه ؟؟ لكنها لاتحلم والكابوس المرعب حقيقه والواد ابن عمرها اليتيم الحيلة مات برصاصه لما كان رايح المدرسة ، كان بيجري لان مدرس العربي حيلم الكراكيس علشان يشوفه عمل الواجب ولا لا ، كان عامل الواجب ومتأخر علي الحصه ، خاف يتأخر اكتر فالمدرس يضربه بالعصايه علي ضهره زي مابيعمل دايما ، جري بسرعه ، يعبر الشارع ، خلفه عماره عاليه لم يظن بها سوء ، لم يتصور ان القناصه يلعبون ببنادقهم الالية من فوق سطحها ، لم يتصور ان الرصاصه ستخرج من بندقيه احدهم لرأسه تبعثرها فيري جسده يقع امام عينيه ويري راسه تتناثر والدماء تسيل علي الارض وفوق القميص الابيض اللي خالته غسلته وزهرته علشان يبقي فله في الحصة ....

( 7 )
""لماذا يضحك القناصة ""

الواد الحيلة اليتيم ، شاهد كل هذا ، كل هذا ولم يفهم ، من الذي يموت ياخالتي ، لكن خالته بعيده تسمع الراديو وتقرش الغسيل ، مين اللي وقع ياامه ، لكن امه في الجنه تنتظره ولم تتصوره سيلحق بها بسرعه ، مين اللي وقع ياحاج يسأل رجل يلملم رأسه المحطمه في كفه ودموعه تنهمر فوق ذقنه البيضاء ، يلم الرأس المحطمه ويضغط عليها باصابع يديه بقوه ، كأنه يتمني ربه يمنحه قوه يوقف النزيف ويلصق الجمجمه المكسره لتعود الحياه للولد ابن امبارح اللي مات بلا ذنب !!! الولد الحيله اليتيم مات مكانه وخالته بتغسل غياراته البيضاء وتهمس الله اما اجعله خير بعدما قفزت فقاعه الصابون في عينيها طرفتها و........البركه فيكي ، قامت جري ، بالجلابيه الملونه والبنطلون الكستور حافيه ، تجري في الشارع ، تصوت تنادي ابن عمرها تعاتبه ، ماتعملش في كده ، مااهونش عليك ، ليه ياضنايا مستعجل تمشي ليه ، لكنه لايرد عليها مرتبكا وهو يري نفسه ملقي علي الارض والحاج يحضنه ويبكي ، لايرد عليها ولايفهم وهي ايضا لاتفهم لماذا يضحكوا هؤلاء القناصه من فوق العماره الصغيره وهم يروا جسده يترنح ويسقط علي الارض !!!!

( 8 )
""لو احدهم يكترث ""

خلصونا بقي ، صرخت الصناديق الخشبيه الفارغه ، تلوم الاطباء المنشغلين بكتابه البيان وتلوم القناصه الذين تسلوا علي ارواح بريئه لاتعرف لماذا قتلت فتسببت في انتظارهم الممل ، خلصونا بقي ، سمعتها الجثث فابتسمت مشفقه علي الصناديق ، لااحد يكترث باي شيء !!! ولو كان احدهم يكترث مانمنا فوق تلك المناضد المعدنيه المتأرجحه كل هذه الساعات الطويله ، وما احتجناكي لتنقلينا لدار الراحه ، وماتململت انت من الانتظار في الشمس الحارقه وماصرخت المسامير صريرا موحشا ومااكل الذباب الازرق خشبك ولحمك وعضمك ينتظرنا والجيف التي سيعيش فيها !!! لو احدهم يكترث ماعشنا كل مانعيشه !!
ضحكت الجثث المتشوقه للجنه وضحكت الصناديق !!!

( 9 )
""مازال النهار في اوله ""

ومازال النهار في اوله ، ومازالت الصناديق الخشبيه الفارغه متراصه بجوار بعضها في الساحه الخلفيه للمشرحه !!! متراصه بجوار بعضها فارغة تنتظر الاحباء المتأخرين جبرا عن الرحيل ، ينبعث من داخلها رائحة الوداع ، نعم للوداع رائحه ثقيلة اعتادت عليها الصناديق ، علي الجدران الخارجية للصناديق ترقد برقه ودفء لمسات حنين تركها المشيعين لجنازات امس واول امس وكل الايام السابقة بدموع اعينهم رسائل حب للراحلين السابقين ، اكف متلاصقة تركت بصماتها شجن وهم وحب وغرام وقهره وحزن علي جدران الصناديق ، احتفظت الصناديق بالاكف المقهورة فوق جدرانها رسائل وداع، الحاج صاحب الفابريكه بخيل ومعفن ولايطلي الصناديق ولايجددها ، منذ حملت ميتها الاول وحتي الان هي علي حالها ، هو يوفر امواله والصناديق فرحه ببخله ، علي جدرانها كمعابد الفراعنه ترك المصريين رسائلهم حب وقهره ، تركوا حواديتهم وحكاويهم وتاريخهم ، علي جدران الصناديق وهي البدن والروح وهي الرساله والرسول وهي التي تحمل الاحباء لدار الحق وتسير المشيعين خلفها وخلف الاحباء ، لعنت الصناديق الحاج صاحب الفابريكه المعفن لكن السعاده الدفينه سرت بين جنباتها وبين مساميرها والواح خشبها راضيه لان المولي خصها بلمسات الدفء علي جدرانها دون البشر الغليظين قساه القلوب ، انا اللي شايله سركم ووجعكم وحزنكم وهمكم ، اناالتي شعرت بقشعرات اجسادكم وانتم تحملوني واحبائكم فوق الاكتاف ،  ودوت نبضات قلوبكم في قلبي وانت تهرعون بي صوب دار الراحه ، انا التي شربت دموعهم وانت تودعون احبائكم ، والتي احست بلمساتكم واكفكم وانتم تلمسوني وكأنكم تلمسوا احبائكم انا التي اوصلت لمساتكم وحبكم ودموعكم للاحباء الراقدين في قلبي فشكروكم وابتسموا وهم راحلين ووعدوكم بالدعاء لكم من مراتبهم العليا في الفردوس وعلي الجدران الداخليه للصناديق بعض من عطر تركه الاحباء الراحلين ذكري وبعض من مسك ورائحة الجنه ارسلها الكريم لهم يؤنسهم في رحلتهم الاخيرة ، وبعض من مشاعر مبعثرة تركها الراحلين السابقين وصايا للراحلين اللاحقين ، بعضها لاتخافوا ولاتجزعوا ، انت في طريقكم لدار الحق مطهرين من الدنس والرجس والخطيئه بدمائكم الذكيه التي سالت علي جنبات الطريق من رصاص قاتل وخرطوش مجرم فجر رؤوسكم وقلوبكم ومنحكم المرتبه الاعلي في الفردوس ، لاتجزعوا ولا تخافوا واتركوا طمأنينه قلوبكم في الصناديق الفارغه بعدما تغادروها ، اتركوا طمأنينه قلوبكم للاتين من بعضكم في رحلة الموت الطويلة التي تعيشها الصناديق الخشبيه والمدينة ، اتركوا لهم طمأنينه قلوبكم واشرحوا لهم ان الموت حق والشهاده شرف ودار الحق احن من دار الباطل ، اشرحوا لهم ان حياتهم منحها المولي عز وجل لوطنكم شرفا وانتم لاتملكوا ولن تملكوا اغلي من حياتكم ووطنكم ......!!!  

( 10 )
"" الطريق مازال طويل ""

علي الجدران الداخليه للصناديق الخشبيه ترك بعض الراحلين عبارات خطوها بحبر سري لايراه الا من سيقبع في نفس الصناديق في رحلته لدار الحق ، عبارات خطوها بحبر سري لايفهم سره ولايكشف شفرته الا الشهداء ، كمثل مايكتب الابطال علي جدران الزنازين  يتحدوا معتقليتهم ويعيشوا حريتهم رغم القضبان والسجان والقهر ، يترك بعض الراحلين للاتين من بعدهم من الشهداء عبارات تقوي ارواحهم تمنحهم حياه مديده رغم الموت ،انتم القناديل التي ستضيئوا ظلمه الوطن بارواحكم ، انتم الابطال الذين سيفخر الوطن باسمائكم ، انتم النجوم الساطعه في سماء الوطن ، لاتحزنوا لرحيلكم ولاتقلقوا علي امهاتكم وزوجاتكم وبناتكم وبقيه اهلكم ، لاتقلقوا عليهم ، الوطن يرد الدين للجميع واكثر ، فاذا كانت حياتكم هبة للوطن يدرك الوطن واهله قيمتها ومعناها فاهلكم في عين وقلب الوطن وفوق رأسه ، عبارات يكتبها الراحلين للذين لم يأتوا من بعدهم يطمئنوهم علي ماصاروا فيه .. والصناديق تذهب لدار الحق وتعود ، توصل الاحباء والشهداء والغاليين وتنقل الرسائل ومسك الجنه ونبضات القلوب و......... الطريق مازال طويل طويل !!

( 11 )
"" دموع القهرة ""

ساعات مرت بطيئه حتي انتهي الاطباء الشرعيين من بيانهم الغاضب ، وحتي شرحوا الجثث ورتقوها بالخيط الرديء وحتي وافقوا علي الدفن والرحيل ، وحتي حملت الاجساد التواقه للرحيل في صناديقها وصرخت النسوة مزقت احدهن شعرها والثانيه شقت ثوبها والثالثه لطمت علي وجهها حتي اسود والرابعه القت ببدنها علي الارض تتمني تحتضن ابنها ولاتتركه يرحل عنها ، ساعات مرت بطيئه فيها بكي الرجال دموع القهرة المتحجرة في مآقيهم وتمتموا بكل الادعية والايات التي يعرفوها وصبوا جام غضبهم علي رؤوس القناصه والحكومه والظالمين قتله اولادهم وعبروا عن غضبهم الجارف شتائم ودموع ووعيد وتهديد وسب للنسوة التي لم تعلمها امهاتها ان التعبير عن الغضب نقيصه وان البكاء ضعف فعبرن عن وجعهن بطريقه مباشره فجه احرجت الرجال التواقين للبكاء والصراخ لكن دروس الامهات والجدات لاتبارح عقولهن ، اللي يعيط مش راجل ، ولانهم رجاله ورجاله قوي لن يبكين ولن يصرخن ولتحترق ارواحهم بالوجع والحزن ودفن الاحباء ... ساعات مرت بطيئة و........... استعدت الجنازة للحركه من امام المشرحه صوب الجامع الذي ينتظر فيه المشيعين والاحباء والباكين والمقهورين وجعا والموجوعين قهرها والغاضبين !!!

( 12 )
"" كأنهم احياء ""

حمل الرجال الاجساد في اكفانها ، يترنحون من وقع الصدمة ، وكأنهم يحملوهم احياء ، كأنهم يسمعوا صوت انفاسهم ، كانهم يسمعوا نبضات قلوبهم ، كانهم يحسوا بلمساتهم لقلوبهم وارواحهم تواسيهم في حزنهم ومصابهم الجلل ، يترنج الرجال من هول الصدمه ، الاجساد اللينة الملفوفه داخل الادراج الكتان البيضاء تتبختر فوق اكتافهم ،يحملهوا احباءهم صوب الرحيل والاجساد مازالت دافئة وكأنها ستتكلم وتضحك وتقفز من فوق الاكتاف وتصرخ فيهم ، ضحكنا عليكم ، ضحكنا عليكم ... يتصور حاملي الاجساد في اكفانها انهم مازالوا احياء ، وانهم سيقفزوا من فوق اكتافهم وانهم سيمزقوا اكفانهم وانه سيتحدثوا ويصرخوا ضاحكين ، ضحكنا عليكم ضحكنا عليكم ، بعض الرجال يخاف اللحظه يتصور قلبه سيقف من كثرة الرعب وانه سيموت بحق وان العائد للحياة سيحمله هو للمقبرة ويبقي هو يقص علي المعزين في الصوان كيف قتل حامله دون قصد وقتما كشف عن اللعبه التي كان يلعبها هو وبقية الاجساد الميتة !!! بعض الرجال يتمني اللحظه ويدعو ربه يحققها ، يطلع عايش ، ياريت ، يتمناه يعود من الموت الهزلي الذي قصف عمره للحياة مرة ثانية  ، يندر لاهل الله عيش ونابت في مقام سيدي الغريب ، يقرر يزوجه ويفرح باولاده ويعطيه تحويشه العمر بدل الحج واللي يعوزه البيت يحرم علي الجامع يتمني يزوجه ليذوق متع الحياه قبلما يموت مره اخري بلا رجعه مثل تلك المرة ، يتصور الرجال ان النسوة اللاطمات النائحات الصارخات سيزغردن ويرقصن ويصفقن يحتفلن بعودة الاموات للحياة ، لا ، يحتفلن بان الموت كان مجرد لعبه كاذبه غير حقيقيه وان احبائهم مازالوا احياء !! لكن الاجساد المسجاة في اكفانها لاتعود للحياه رغم ان الموت في تلك اللحظه بالذات كان مجرد لعبة وعبثية !!!

( 13 )
"" فرس النبي ""

يترنح الرجال حاملين الاجساد المسجاه في اكفانها صوب الصناديق الخشبيه الفارغه التي استعدت للرحله ، كل صندوق جهز جدرانه لتحتصن الجثمان الذي سيدخل فيها ، ستحتضنه بمنتهي الحب ، ستضمه بين جوانجها ، ستغلق عليه جدرانها حبا وفخرا وامتنانا ، ستفوح برائحه الجنه ومسكها في انفه ، تتسلل من خلف القطنتين الصغيرتين المدفونتين في انفه وتتجول في الانف تمنحها عبير الجنه المكافأه الاولي للعزيز الغالي ، ستضمه وتغلق عليه جدرانها ، ستسمع اذنه الموصده كل الادعية التي يتلوها مشيعيه ، ستتلي عليه كل العبارات الصامته التي تركها الراحلون قبله ، انه احتفالا خاصا تعده الصناديق الخشبيه للشهداء ، تعرف الصناديق ماعليها من واجب تؤديه بكل فخر ، انا فرس النبي الذي اعد للشهداء والاحباء والابرار واهل الجنه ، انا فرس النبي ستمتطيه صوب الفردوس الاعلي ، تؤرجحه بكل رقه ، تحتضنه بكل حب ، تفوح بالمسك في انفه وروحه ، تتلي علي اذنه وقلبه الادعيه والامنيات ، تودعه بكل توقير واحترام وتوصيه بالدعاء لها ولمن صنعوها ولاولادهم ربنا يكرمهم ويمنحهم شرف الشهاده مثلهم!!!!

( 14 )
"" وقفة احتجاجية اخيرة ""

تنزلق الاجساد المسجاه في اكفانها صوب الصناديق ، حدقت الجثث في الصناديق المجهزة لحملهم واشمئزوا  ، تمرد بعضهم علي الصناديق غاضبه ،اي خشب رديء صنعت منه تلك الصناديق ،همست الاجساد خوفا من افساد الجنازه المهيبه ، حقراء حتي وانت تحملوا الموتي الشهداء لدارهم الاخيرة ، الم تجدوا خشبا افضل انعم امتن لتصنعوا الصناديق منه ، الا نستحق منكم صناديق لائقه بموتنا ، سخرت الصناديق من الحاج صاحب الفابريكه اللي راح في داهيه واتحرم من اجر وثواب دعاء الشهداء له ، بل تمادي احد الصناديق واقسم ، ان الشهيد الذي كان في حضنه دعا علي الحاج وتمني له كل شر ، اسكته صندوق اخر ، حتي لو كان قال كده ، دي ساعه غضبت وراحت لحالها ، زله لسان ، وزه شيطان ، هو يقول واحنا مانقولش امين ، كمان مايصحش تردد كلامه وتقول اللي قاله علشان يبقي اسمك نقال كلام ومابتحفظش سر وتتفكك الواح الواح يتولع فيك علي شط القنال بليل وحرس الحدود بيتدفوا هديه واجب من صاحب الفابريكه مع باكتتين البانجو ، اسكت ربنا يهديك ، يطاوعه الصندق ويصمت ، لكن الاجساد او بدقه بعضها مازال غاضبا ، اندفع احد الشباب وطالب زملائه بوقفه احتجاجيه قبل الرحيل ، فنهاجم المستغل الرأسمالي صاحب الفابريكه الذي يستغل عماله في عمل رديء بخشب رديء ، ويفسد علينا رحلتنا الاخيرة ، تمنت بعض الاجساد لو سايرته وعطلت الجنازه والدفن بعض الوقت ، ضحك الاخرون ، مانروحش يعني علشان تعملوا وقفه احتجاجيه ، شرح له الشاب الغاضب ، انهم وقفتهم الاحتجاجيه الاخيرة وان الوقفات الاحتجاجيه والمظاهرات والاعتصامات والهتافات حتوحشهم ، رفض اكبرهم مايقوله الشباب ، وشرح لهم ، احنا خلاص مروحين والابواب مفتوحه والضله ترد الروح ومسك الجنه فواح وبينادينا ، احنا خلاص مروحين وسايبين الاعتصامات والمظاهرات والهتافات لاصحابها ، يهتف من يهتف فيغير الدنيا بهتافه وله اجر ، ويموت من يهتف وهو واهب روحه للوطن ومستعد يموت علشانه فيستشهد وينال الجايزه الكبري ، بلاش انانية سيبوا الوطن ومظاهراته لاحبائكم واتكلوا علي الله وكملوا طريقكم ، مش عايزين تنفردوا بالفخر عايشين وشهداء ، يالا كل واحد يخليه في سكته وربنا يقرب علينا كلنا البعيد ، صمت الجميع شوقا للفردوس الاعلي وتجاوزوا عن الخشب الرديء ، بالذات بعدما طمنئهم اكبرهن ان الله عليم بكل شيء حتي رداءه الخشب وهشاشه المسامير وانه منتقم عادل جبار من القناصه والحكومه والحاج صاحب الفابريكه وكل ولاد الحرام...

( 15 )
"" شمس الصيف ""

و..........سكنت الاجساد داخل الصناديق الخجله من رداءتها ورداءة خشبها وكأن الميشيعين احسوا برهبه الموت وسكون الشهداء ولهفتهم علي الرحيل ، فتحركوا يحملوا الصناديق فوق فيضانات الدموع والحزن والادعيه وانصال الوداع والاكتاف المرتعشة والارواح الحزينة علي سياراتها صوب المسجد ، تبتسم الاجساد المسجاه في اكفانها داخل الصناديق ، تبتسم ، الفردوس يقترب والحياه الابديه ايضا ، يبتسموا فخورين انهم ماتوا شهداء ، فالكل سيموت مهما طالت حياته ، لكنه موت وفخر ، هبه من الخالق لاينالها الا عباده الصالحين !! ابتسمت الاجساد المسجاه في اكفانها ابتسامه واسعه فاشرقت الشمس من وسط الغيم فتعجب المشيعين وايضا السيارات عن شمس الصيف التي اشرقت في سماء المدينه الساحلية وسط غيوم الشتاء القارص !!!

( المشهد الثاني في منتصف الحدوتة )


همسوا وهمسوا ... 

نحنُ لا نحفظُ الجَثامينَ التي تترُكُنا
كَما الهندوسِ، على ضِفافِ الجانج
هُناكَ، في بنارَسَ، حيثُ الآلهةُ والبشرُ
وذبابٌ كثيرٌ
نحنُ لا نحرقُها، كَما يفعلُون،
كي يحملُوا رمادَ الراحلينَ، معهم
دائِمًا
نحنُ لا نطرُدُ الأرواحَ، عُنوةً، أيضًا
كما أهلِ بابلَ 
لا نُلقي بَقايا الدجاجِ مكشوفةً

ليأكلوا وحدَهُم .. بلا إزعاجٍ
ولا نقدِّمُ الهدايا لكاهنٍ،
كي لا يعودوا
نحنُ لا نقتُلُ موتانا
كما قبائلِ الأدغالِ
نحنً لا نأكُلُهم
نحن لا نتركُهُم للسباعِ
والجوارح
وحدَهُم
نَعَم، نحن نخبِّئُ مقبرتَهم عن عُيونِ الفضوليين،
نمحُو النقوشَ عن جدرانِها،
وننحتُ أكثرَ من غرفةِ دفنٍ
لاعتباراتِ التَّضليل
وتَوَقَّفنا عن تحنيطِهم
نحنُ أبناءَ الشعب
منذُ بالغَ الكهنةُ في الأسعار
ولكنَّنا لا نذهبُ للمقبرةِ، دائمًا
قبلَ أن نحملَ الروحَ، بيضاءَ .. كما يليقُ بزفافٍ
لنزهةٍ أخيرةٍ
في شوارعِ المدينة
كي تحفظَ الطريقَ جيدًا
عندما نحتاجُها
في مشوراتٍ عاجلة(2 )

وساروا يكملوا مابدأوه !!

( نهاية الجزء الاول ويتبع بالجزء الثاني )

دمعة صغيرة بنكهة المولوتوف والعشق !!! ( الجزء الثاني ) ....





( المشهد الثالث في منتصف الحدوتة )

صرخ الكورس علي المسرح ، غاضبين ساخطين علي النبي المهزوم الذي يحمل قلما ، ينتظروا النبي الذي يحمل سيف ، صرخوا غاضبين ...

لا...لا...لا أملك إلا أن أتكلم
يا أهلَ مدينتنا
يا أهل مدينتنا
هذا قولي
انفجروا أو موتوا
رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجيء
لن ينجيَكم أن تعتصموا منهُ بأعالي جبل الصمت...أو ببطون الغابات
لن ينجيَكم أن تختبئوا في حجراتكمو
أو تحت وسائدِكم...أو في بالوعات الحمَّامات
لن ينجيَكم أن تلتصقوا بالجدران
إلى أن يصبح كل منكم ظلا مشبوحا عانقَ ظلا
لن ينجيَكم أن ترتدُّوا أطفالا
لن ينجيَكم أن تقصر هاماتكمو حتى تلتصقوا بالأرض
أو أن تنكمشوا حتى يدخل أحدكمو في سَمِّ الإبرة
لن ينجيَكم أن تضعوا أقتعة القِرَدة
لن ينجيَكم أن تندمجوا أو تندغموا
حتى تتكون من أجسادكمُ المرتعدة
كومةُ قاذورات
فانفجروا أو موتوا
انفجروا أو موتوا( 3 )

اغلق الستار واصواتهم تتعالي وتتعالي وتتعالي وتتعالي .. انفجروا او موتوا ، انفجروا او موتوا ............




( الجزء الثاني )


( 16 )
"" ايام شينة ""

وصلت السيارات للجامع الكبير وبعضها اكمل طريقه للكنيسه الكبيرة قرب البحر ، الاف بل مئات الالاف من المشيعين ينتظروا الشهداء علي باب الجامع ، يصرخ المؤذن الله واكبر ، تدق الكنيسه الكبيرةاجراسها ويستعد القساوسه لبدايه القداس ورائحه البخور ومسك الجنه تلف المدينه الباسله وتكافئها علي بسالتها وانتصارها وشهداءها الكثر  ، في الجامع والكنيسه الكل يصلي للشهداء وعليهم ، سخرت الاجساد المسجاه داخل الصناديق من التفرقه التي لحقت بهم ، بعضه يبكيه الشيخ وبعضهم يبكيه القسيس ، لكن المشيعين يحملوا كل الصناديق ويتمنوا لهم الرحمه والجنه ، لايعرفوا من بداخلها قبطي كان ام مسلم ، هذا لايهم المشيعين ولايكترثوا به ، الله واحد للجميع ، فليصل كل منا للرب ويتقبل ربنا جميعا ادعيتنا ودعواتنا ودموعنا رحمه ونور للشهداء ، سخرت الاجساد المسجاه داخل الصناديق من تلك التقسمه اللعينه ، شرح لهم اكبرهم ان علي ايام صباه لم تكن المدينه تعرف اي فرق بين تكبيرات الجامع وجرس الكنيسه ، فكلنا اهل بلد واحد ، حاربنا معا في العدوان الثلاثي وتهجرنا معا بعد النكسه وعدنا معا بعد اكتوبر ، هدمت بيوتنا جميعا واعدنا بناءها جميعا ، وقتها صام الاقباط رمضان وصام المسلمين صيام العدرا ووزعت النساء الفول النابت والعيش علي الفقراء في كل المناسبات وكنست القبطيات مقام السيدة نفيسه علي الصهاينه اللي هجروهم بره بلدهم واشعلت المسلمات الشمع للست العدرا يرجوها تساعد وطنهم علي النصر وتساعدهم علي الرجوع لبيوتهم وانهاء التوهه ، شرح لهم الشيخ اكبرهم ان ايامهم سوده لان الاخوات اتفرقوا والدم اللي بينهم اتقطع ،انتم ايامكم سوده ومافيهاش بركة ، الايام اللي تفرق بين الاخوات لان ده بيصلي في الكنيسه وده بيصلي في الجامع تبقي ايام شينه زي اللي بيحكموها ، لو بيحبوا البلد مايفرقوش بنا ، لكنهم فرقوا بينا ومزقونا ، ولما فرقوا بنا وعملوا اللي عملوه اثبتوا انهم لابيحبونا ولا بيحبوا البلد ، انتم محظوظين انكم متم واننا كلنا ماشين لدار الحق ، هناك الديان الرحيم يحاسب كل واحد علي اللي عمله ويغفر له ويرحمه ونخش كلنا الجنه سوا ، ضحك الشباب الصغير وهو ينتظر دخول الجامع ليصلوا عليه ، ضحكوا لان اكبرهم يحسدهم حتي علي موتهم في عز شبابهم ، ضحكوا جميعا ونسوا كيف كانوا قبل موتهم ، كل مايعرفوه الان انهم مصريين ، شهداء مصريين تبكيهم مصر كلها وان ديانه كل منهم دي في قلبه بينه وبين ربه ، واي كلام تاني فاضي ومالوش عازمه ومامنوش فايدة ، انتبهت الاجساد المسجاه في الصناديق ، ان محمد الكهربائي راح الكنيسه مع اللي راحوا وان مينا ابن عم المقدس جوجريوس لسه معاهم هنا ، سالوا الشيخ اكبرهم ، نعمل ايه ، سخر منهم ولا حاجه ، رب هنا رب هناك والصلاة حتشفع والدعا حيوصل وكلنا ولاد مصر وافقوه وضحكوا ، تعجبت بعض الصناديق من ضحكات الشهداء ، فشرحت لها بقيه الصناديق ، انها مش فاهمه حاجه وانها جديده في الكار ولسه مااتودكتش ، وان الشهداء دايما بيضحكوا ، مش بس بيضحكوا لا فرحانين ، رايحين الفردوس ، عايزينهم يعني تبقي حالتهم ايه ، خجلت الصناديق الجاهله من جهلها وفهمت الدرس واستوعبته ، من ناحيه كلنا ولاد مصر ومن ناحيه تانيه جثث الشهداء سعيده بالرحيل للفردوس الاعلي وصمتت خجلا و.......... انتهت الصلاة واستعد المشيعين للرحلة الاخيرة !!
والشهداء والصناديق ايضا !!!
والمدينة والوطن !!

( 17 )
"" تحية عسكرية ""

كادت بعض الصناديق الخشبية تؤدي التحية العسكرية للضباط قبلما تتحرك بهم صوب دار الحق ، اصابهم خرطوش قتلهم قبلما يخرجوا اسلحتهم الميري ويدافعوا عن انفسهم ويؤدوا عملهم ويؤمنوا بوابة السجن ، احدهم عرف قبلما يموت بساعات قليله ان زوجته انجبت الابنة الصغيرة التي كان يتمناها ، اشرب كل زملاءه شربات ورد لون خدود الوليدة ووعدهم بسبوع كبير وعقيقة واخيرا ربنا حقق لي املي ، والاخر عرف بعدما مات ان طلب النقل الذي الح عليه طويلا قبلته الوزاره في القاهره بعدما نشف ريقه وطلعت روحه فعلا !! لكن الرصاص دوي وهم علي بوابة السجن ، انفجار صغير اربكهم لحقه وابل من الرصاص ، قفزت ارواحهم ببراعه من اجسادهم التي تهاوت علي الارض وصرخت تحذر الباقين ان السجن يتعرض لهجوم من غرباء لانعرفهم ، صرخ احد زملائهم وهم يراهم يتاهوا امامه عينيه ونجوم اكتافهم تتغطي بالدماء الكثيرة المتفجرة من اعناقهم المتدلاة ، صرخ يحذرهم ، لكن صوته ضاع وسط الرصاص الحارق الذي استقر في قلوبهم ، صرخت ارواحهم تبا لكم ، رصاصه واحده سرقت حياة كل منهم واحلامه ، ادركوا بعد فوات الاوان ، ان مهاجميهم محترفين ، ليسوا غاضبين هواة دفعهم اليأس والحسرة للتخبط واطلاق الرصاص فقتلهم ، لا ، قاتلوهم محترفين يعرفوا كيف يقتلوا ببراعه ودقه ، مدربين علي القتل والخسة ، صرخت ارواحهم تحذر زملائهم ، هذا ليس غضب ، هذه معركه عليكم تخوضوها بانتباه وبراعة و .............. حملت الاجساد الفتيه للمشرحه وسط بقيه الشهداء وسرعان ما توارت الرتب وتضائلت امام فخر الشهاده الذي تسربلت به كل الاجساد الشهيدة حتي نسي الضباط انهم كانوا ضباط وتشاركوا مع بقيه الشهداء الموت الغالي والفخر والرحله لدار الحق والفردوس الاعلي !!!
لكن الصناديق لم تنسي ، ان في جوفها رتب تستحق التحية العسكرية ، الصناديق لم تنسي وكادت تؤدي لنزلائها التحية العسكرية ، سخرت منهم بقيه الصناديق ، اليوم هم مصريين شهداء زي بقيه الشهداء ويستحقوا منا جميعا الاحترام والتوقير وليست التحية العسكرية ، احملوهم لدار الحق مثل بقية زملائهم دون تمييز او تميز !! ابتسمت الاجساد المسجاه لمن كانوا ضباطا ، ابتسموا لان دمائهم التي سالت وهم يؤدوا واجبهم اعادتهم لحضن الوطن ، ابتسموا لانهم حصلوا وبحق علي مايستحقوه من تحية ، تحية الشهداء و .................. اصطفوا مع بقيه الصناديق يستعدوا للرحلة الاخيرة ، رحله الفردوس الاعلي !!!

( 18 )
"" العدل والحرية ""

لو انك تجلس فوق السحابه الرماديه الكثيفه التي تظلل علي رؤوس الميشعين للجنازة المهيبه التي يتقدمها خمسون صندوق تحمل في قلبها خمسون شهيد ، لو انك تجلس فوق تلك السحابه لبكيت فرحا ، نعم فرحا ، لاتصدقني ؟؟؟ ستبكي فرحا وتبتسم رغم انفك ، ستري تحتك ملايين يسيروا خلف الصناديق ، يهتفوا باسم الوطن وحبه ، يهاجموا الحكومه التي لم تقبض علي القناصه ورئيسها الذي نام متأخر حتي نسي ميعاد الجنازه وخاف معاونيه يوقظوه واعتبروا نومه الهانيء الهادي اهم من مائه جنازه بل قال احدهم يبقي يروح يمشي في جنازه بكره واثق ان تلك الايام السوداء تحمل كل يوم جنازه مهيبه ، واللي مانمشيش في جنازته النهارده نمشي في جنازه اخوه بكره وضحكوا وناموا مثل رئيسهم !!!
ستري تحتك ملايين يطالبوا وسط احزانهم بالعدل والحرية ، يعرفوا ان العدل والحريه هما المنقذين لاولادهم شهداء الغد وبعد الغد من رصاص القناصه وقهرة القلب والبطاله والمرتب العدمان وقله الجواز ، يعرفوا ان العدل والحرية هما المنجي لاولادهم وللوطن من هزيمة القلب وكسره الروح ، ملايين المشيعين يسيروا خلف الصناديق الخمسين يدعون للجميع بالرحمه والجنه ويحملوهم الامانه للرحيم القدير يرحم بلدهم وشبابهم وينصرهم علي من يعاديهم ولو كان رئيس نائم !!!

( 19 )
"" اليتيم الحيلة ""

الصناديق تتقدم الجنازه المهيبه ، الشيخ الاكبر في مقدمه الصناديق ، خلفه الواد الحيله اليتيم ، صغير ومالوش حد ومالوش دعوة ، يمشي بيني وبينكم علشان كلنا ناخد بالنا منه ، يشرح لبقيه الاجساد الراحله فيوافقوه راضين ، الشيخ الاكبر يطمئن اليتيم الحيلة ، ماتخافش يامحمد ، مش خايف ياحاج والله زعلان علي خالتي بس ، لاياحبيبتي ماتزعلش ، خالتك مش حتتساب لوحدها ، مراتي ومرات ابني حيروحوا لها وياخدوهم وسطيهم ، ماهو انت معذور انك خايف ماعشتش معانا ايام الهجره لما كان اي حد بيعيش مع اي حد وكل البيوت مفتوحه والقلوب كمان ، اهل بلدك يابني جدعان ويفهموا في الاصول والجيرة والعشرة والدم اللي بيجري في عروقنا كلنا مصري ابن مصري ، وعارفين ان الوليه الحزينه ماتتسابش وحدها لولاد الحرام ، عارفين انهم لازم يحاجوا عليها كانك موجود واكتر ، ماتخافش يامحمد ، خليك بس ورايا ، يوافقه الصغير ويلتصق فيه وكأن سيقبض علي طرف جلبابه وسط الزحام امنا مطمئنا ...

( 20 )
"" كتيبة عسكرية ""

الجنازه المهيبه يتقدمها الشيخ الاكبر خلفه الواد الحيله اليتيم ، خلفه صفوف من الشباب وكأنهم كتيبه عسكريه يسيروا في رحلتهم الاخيره بمنتهي النظام والدقه ويرددوا خلف المشيعين الادعيه والهتافات ، وتحيا مصر ، تحيا مصر ، تبكي الاجساد المسجاه في صناديقها من كثره الحب ولوعة الفراق للوطن الذي احبوه وتمنوه جميل ، لكنهم ماتوا قبلها يروا احلامهم ترفرف في سماء الوطن كمثل اسراب السمان المهاجر للدفء ، ماتوا وتركوا الوطن وبقيه اهلهم يحاربوا وحدهم وهم الذين تمنوا يشاركوهم الحرب حتي النصر ، بكي الشهداء فتبكي الصناديق وتبكي المسامير وتبكي السحابه الكيثفه ماء بارد طاهر معطر بالمورد والمزهر من نهر الجنه ، وتهدأ قلوب الميشعين ويتواري حزنهم ويسيروا يصرخوا بحب مصر ويعدوها بالمستقبل الجميل الذي لايخرج في كل نهارياته الحزينه جنازات الاحباء ، و........................ وفجأ يهمس الشيخ اكبرهم ، ريحه بارود !!!

( 21 )
"" بارود ""

ريحة بارود ، ريحة بارود ، يعرف الشيخ الاكبر هذه الرائحه ، هو حضر الحرب مره واثنين ، عاشها مرة واثنين ، نزل في خنادقها يخدم الجنود ، جري تحت قصفها يحمل الاكل للنساء المحتجزات في البيوت المهدده بالقنابل والصواريخ وسط الليل ،عاش الحرب ونجي من قذائفها ورصاصها وصواريخها ومدافعها مرة واثنين وثلاث وعشرة ، يعرف رائحه البارود وقتما تعمر به الاسلحه ، يميز رائحه من وسط مليون رائحه ، هذه ليست رائحه الحزن ولا دموعه ، ليست رائحه قهره القلوب ولا وجعها ، هذه ليست رائحه نسيم القنال الجاي وقت الضهر ، ليست رائحه حلقه السمك والسمك الصاحي يترص علي الطاولات بعد تفريغه من مراكب الصيد ، هذه ليست رائحه البواخر والبلنصات في الكنال ، رائحه بارود رائحه غدر رائحه خيانه ، هي رائحه القناصه المختبئين وسط المشيعين وكأنهم يبكوا حزاني كأنهم من اهل الوطن وابناءه ، كأنهم يهتفوا للمستقبل مثلهم ، كأنهم يحملوا الصناديق الفخورة بشهداءها مثل كل المشيعين ، رائحه بارود ، رائحه القناصه ، زفره مثل السمك الميت ، نجسه مثل الكلب العفن ، خانقة مثل ابط العاهرات ، مقززة مثل ريح الضباع بعد اكل الجيف ، رائحه بارود ، رائحه القناصة ، هم وسطنا يسيروا باكين وسطنا يصرخوا من حناجرهم بمنتهي الكذب وسطنا ، بارود بارود  وصرخ بصوت هادر عنيف قوي عالي لم يسمعه الا زملائه الشهداء ، رائحة خيانه ... خيانة خيانه ، ريحه بارود و....................... مزق دوي الرصاص سكينه الجنازه وهيبتها وصرخ المشيعين لايصدقوا مايعيشوه ، ضرب نار ضرب نار !!!

( 22 )
"" اولاد الابالسة ""

ارتبكت الصناديق الخشبيه لاتعرف كيف تتصرف في مثل هذا الموقف الذي لم تراه من قبل ولم تسمع عنه من قبل ...
الصناديق سمعت قصص كثيرة وحكايات اكثر للموت ، لكن مايحدث الان لم تسمع عنه ابدا حتي من الحاج الحانوتي الذي دفن الكثيرين وحضر جنازات كثيرة وشيع موتي كثيرين ، هذا الحاج الحانوني الذي سمع وشاهد الكثير والذي لايكف عن تكسير رؤوسهم بحواديته الفارغه وقتما يجلس مع الحاج صاحب الفابريكه ليلا يدخنا الحشيش ، ويتبادلا الكلام الفارغ ، وقتها الحانوتي يحاسب صاحب الفابريكه علي الصناديق ويهنئا بعضهما بالرزق الذي انهمر علي روؤسهما جثثا فوق جثث ، ويأكلا السمك السردين المخلل ويشربا الاوزو ويتبادلا فارغ الحديث واقبحه ويستعرضا جولاتهما النسائية وقوتهما المروعة والليالي الحمراء والحبة الزرقاء ، سمعت الصناديق من الحانوتي قصصا كثيره ليس من بينها ان جنازه ما ، اي جنازه من ايام الملك والانجليز والصهاينه وحرب 56 وحرب 73 اتضرب عليها نار ، اصل الموت له حرمه يراعيها كل الناس حتي ولاد الحرام ، لم تسمع الصناديق اي قصه تشبه مايحدث لهم الان ، لكن سؤال غريب يحير كل الصناديق ، اذا كان حتي ولاد الحرام بيراعوا حرمه الموت، مين دول امال الابالسه اللي بيضربوا نار علي الجنازه ، اللي اوسخ واحقر من ولاد الحرام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

( 23 )
""مرة ثانية ""

دوي الرصاص خلف الرصاص ... الاجساد المسجاة في اكفانها تعرف ذلك الصوت ، ومازالت تتذكره وقتما دوي وانفجر صداه في كل منهم ، كل جسد يعرف متي سمع ذلك الصوت قبلما يخرج من جسده ويتركه يتهاوي ويشاهده متعجبا من الذي يحدث ، وقتها ، وقتما انفجر الرصاص وصدي انفجاره في اجسادهم لم يفهموا جيدا ماحدث ، حين حلقت الارواح تترك اجسادها تنتفض وتشهق وتخرج نفسها الاخير لم تكن فهمت بشكل كامل مالذي حدث ويحدث ، الفهم لم يكن قد اكتمل والارواح تحلق تترك الاجساد تتبعثر وتتعثر في خطواتها وفوارغ الرصاص والدماء السيالة ، لكن الان ، كل منهم يعرف ويفهم كل شيء ، كل جسد يعرف ذلك الصوت الذي يسمعه ثانية الان ، احدهم سمعه قبلما يري رأسه تتناثر ، كان مخه يتبعثر والافكار التي فيه تتناثر علي الرصيف وهو عاجز عن جمع افكار وشتات رأسه وبقايا مخه ، احدهم سمعه ثم احس الم في صدره وسعل سعال متلاحق فتناثرت دماء متجلطه زرقاء مالحه ، هذا اخر مايذكره قبلما تمزق الرصاصه رئتيه وتبعثر حويصلاتها الهوائيه في حنجرته وعلي الرصيف ، هذا سمع الدوي مره واثنين وثلاث وبعدها رحل عن الجسده وتركه مثقوبا تسيل منه الدماء علي الجسر العتيق وتهاوي وكأنه سيسقط منه ، سمع الرصاصه الاولي التي اخترقت معدته ، الم شديد هذا مااحسه ، الثانيه اصابته ذراعه بعدما دار حول نفسه دوره كامله ليفهم مالذي حدث لمعدته ، الثالثه اخترقت جبهته بين حاجبيه بالضبط ، وقتما دار ابتسم القناص القابع علي سطح البنايه القصيره ، اصبح هدفا سهلا ، منحه وجه وجبهته ليوقع عليها برقم سلاحه الالي وطارت الرصاصه فاخترقت جبهته ، وقتها لم يعد يشعر باي الم ، وقتها ابتسم وهو يخلع جسده كالحذاء البالي ويحلق نحو السماء متحررا من الوجع والالم والحياة ، كل جسد يعرف متي سمع ذلك الدوي ، يعرف متي سمعه ومتي رحل ، لكن السنا براحلين ، السنا في طريقنا لدار الحق ، السنا لن نموت ثانيه مهما صوبتم علينا رصاصكم وخرطوشكم ومدافعهم ، لماذا تصوبوا اسلحتكم علينا مره ثانيه ، الاجساد القابعه في الصناديق الخشبيه غضبت ، ياولاد الكلب يازواني ياعواهر ياقوادين ياخونه ، مره ثانيه ستقتلونا ، مره ثانيه ستمزقوا اجسادنا ، مره ثانيه ستبعثروا جماجمنا ، مره ثانيه ستؤلمونا لنموت ونموت ونموت !!! الاجساد القابعه في الصناديق الخشبيه غضبت وغضبها مروع من اولاد الابالسه القتله ، وكأن القتل صار مزاج وهوايه ، وكأن العبث بلغ مداه ، وكأنهم جهله لاتعرفون ان الشهداء لايموتون مهما قتلتوهم الف مره !!!

( 24 )
"" رصاصة طائشة ""

اختلط دوي الرصاص بصراخ حاد هلع ، نعم الاف البشر صرخوا معا في لحظه واحده ، الاف المشيعين خلف النعوش الخمسين صرخوا معا ، لايخافوا علي حياتهم كما يتصور السذج ، فحياتهم ليست اغلي من حياة الاحباء في الصناديق العزيزة ، لايخافوا علي حياتهم التافهه التي قد تنتهي لاي سبب برصاصه طائشه اطلقها خائن في الهواء ليجرب سلاحه الجديد ، رصاصه طائشه تتحرك عبثيه عشوائيه تطير وتحلق ، تهبط وتنزل ، تجري وتبعد ، تطارد صاحبها والمكتوب اسمه عليها وفي النهايه تستقر فيه ، تطرد الحياه منه وتجلب الموت وترقد في حضن الموت هانئه باجرامها ، الحياه عبثيه ياولاد الحرام ومااحناش اغلي من اللي ماتوا ، المشيعين يصرخوا ويصرخوا ودوي الرصاص ينفجر ويدوي ، الاف المشيعين يصرخوا خائفين علي الاحباء الغاليين ، الاجساد القابعه في صناديقها راحله لدار الحق !!!

( 25 )
""الخوف""

انه مشهد رومانسي بحق ، الاجساد القابعه في الصناديق تصرخ خائفه علي المشيعين ، والمشيعين يصرخوا خائفين علي الشهداء الاحياء ، والصناديق تجري ، تجري ، تكاد تحلق فوق المشهد ، تتمني لو فرس النبي حملهم جميعا صوب الفردوس الاعلي ، تتمني لو فرس النبي انتشلهم من المعركه الغريبه التي لايعرفوا طرفيها ولا هدفهم وحلق بهم صوب سدرة المنتهي ، يوصلوا الشهداء لدار الحق ويعودوا لساحه المعركه يلملموا الجثث الجديده ويستعدوا لرحله اليوم التالي ، لكن فرس النبي لايحط علي ارضهم والمشيعين لايخافوا الموت والشهداء ايضا ، الكل غاضب من الخسه واولاد الابالسه واولاد الحرام ، ممن يعبثون بالموت ولايحترموا حرمته ولا يكترثوا بالدموع وقهره القلب !!!

( 26 )
"" يانموت زيهم ""

الرصاص يدوي والصراخ ايضا و............................. تبعثرت الجنازة والصناديق والمشيعين  ، حاملي النعوش يهرعون ليبعدوا عن مرمي النيران والنساء تصرخ لان اكرام الميت دفنه والرصاص سيؤجل الاكرام للاحباء والرجال تنتفض من الغضب وكل منهم يبحث عن ساتر يسمح له يخرج سلاحه ليصوب للقتله في اعينهم ومواطن خستهم ونذالتهم و....................... رصت الصناديق الخشبيه تحت الكوبري وفي مداخل البنايات القديمه وعلي الارصفة وتحولت الجنازة لساحه معركه حربية لايبغي المشيعين فيها الا النصر او الشهاده و.............مااحناش اعز من اللي راحوا ويانجيب حقهم يانموت زيهم !!!

( 27 )
""لااري شيئا ""

لااري شيئا لاقصه عليكم ، غلالات دموعي حجبت عني الرؤية ، الاتربه المتطايرة تحت الاقدام الملتاعة ، دخان كثيف في الجو ، حريق ربما قنابل مسيلة للدموع ربما ، غضب من عندي ربي ربما ، كل هذا اغلق عيني ردمهما بسدل من عمي ، لااري شيئا لاقصه عليكم ...
ساتواري بعيدا ، ساختبأ في مدخل بنايه مع مجموعه من النساء ، سادخل محل صغير واتواري خلف بابه الصاج الذي اغلقه صاحبه خوفا علي بضاعته وعلي حياته من الرصاص الاهوج ، سانام علي بطني خوفا من الطلقات الطائشة التي تصفر تبحث عن جسد مازال فيه الحياة لتسرقها منه وتتركه علي قارعه الطريق ينتظر صندوق خشبي مكتوب عليه اسمه ... ساتواري بعيدا فلن اري شيئا لاقصه عليكم ..
ساترككم وسط كل الاحداث الغريبه العجيبة التي شاهدها وشهد عليه الصناديق الخشبيه والاجساد المسجاه خلفها والمدينة ومئات الالوف من المشيعين  ...

( 28 )
"" القطة العمياء ""

القطة العمياء !!! لعبة كانوا يلعبوها وهم صغار ، همس احد الصناديق للاخر ، يغموا عينين واحد ويجروا ، وهو يجري وراهم وهو مش شايف واللي يمسكه يبقي هو القطه العمياء !!! سخر منه الصندوق القابع تحت بير السلم محتميا بقاطنه من الرصاص المتلاحق !!! وده وقته ؟؟ النهارده كلنا بنلعب القطه العمياء ، كلنا متغمي عينينا وكلنا بنجري ورا واحد بس ، واحد شايل الي بيضرب منه رصاص ورا رصاص ، هو مفتح واحنا مغمضين ، كلنا بنجري وراه واحنا مش شايفين ، وهو بيجري منا وهو شايف !!! انتبه الصندوق الساخر لما يقوله الاخر ، وبعدين ؟؟ ضحك الصندوق ساخرا من سؤاله الحائر ، ولا حاجه ، كلنا حنرفع الغماية ونشوف ، وكلنا حنجري وراه ، وكلنا حنمسكه !!! بسيطه ، صح ؟؟ هز الصندوق رأسه ، الحقيقه بسيطه ومنطقيه قوي ، ليه كلنا متغميين وهو بس اللي شايف ، اللعبه كده مش عاجباني ، ضحك الصندوق وصوت الرصاص يطغي علي صوت ضحكاته الهامسه ، ولا عاجباني ولا عاجبة حد ، يبقي حتخلص وقريب قوي ، وافقته بقيه الصناديق ، طبعا ماهو مش بيلعب لوحده واحنا كومبارس ، لما اللعبه ماتبقاش عاجبنانا كلنا ، يبقي كلنا نصمم نلعب لعبه تانيه تعجبنا !!! هزت الاجساد المسجاة داخل الصناديق رؤوسها او ماتبقي منها يوافقهم ، فعلا اللعبه كده مش عاجبانا ولا عاجبه حد !!!
و.................صرخ الشيخ الاكبر وسط الاجساد المسجاة ، حي علي مصر حي علي مصر ....

( 29 )
"" سرب السمان ""

طرقت الاجساد المسجاة علي الصناديق تأمرهم يفكوا اسرها ، بسرعه استجابت الصناديق فرحه وكأنها كانت تتمني ذلك الامر ، رفعت الاغطية الثقيله واطلقت سراح السمان ، قفزت الجثث خارج الصناديق ، قفزت وكأنها اعيدت للحياة وكأن الحياه اعيدت لها ...
حقراء لاتسمحوا لنا بالموت بهدوء ..
لاتسمحوا لاحبائنا يبكونا باحترام ويودعونا بما يليق بنا وبهم !!!
حقراء قتله ..
همس اكبرهم ، حقراء قتلة اولاد ابالسة !!
الاجساد المسجاة بفخرها غاضبه من اولاد الابالسة القناصه المختبئين فوق اسطح العمارات المتواريين وسط المشيعين يمطروهم بوابل استوائي من الرصاص والخرطوش ، غاضبين منهم وهم يسيروا ببراءة وكأنهم حزاني وسط المشيعين وكأنهم اهلهم ومنهم ، غاضبين لان خستهم تجاوزت مداها فتجرؤا علي الشهداء ومشيعيهم وافسدوا حميمية حزنهم ووجع فرحتهم برحيل احباءهم لدار الحق والفردوس الاعلي ..
فتحت الصناديق وقفزت الجثث ، حلقت ، طارت ، رفرفت الارواح فوق المشهد كله ، بسرعه اصطفوا بنظام كرؤوس الرماح وكأنهم سرب سمان عائد من الارض الصقيع لبلاد الدفء ، بسرعه حلقوا فوق المشهد وادركوا ببصيرتهم كل تفاصيله ، رسموا طبوغرافيا للمشهد وتفاصيله ، يمينه ويساره ، نهار خارجي يمين ، مشيعين طيبين يمين ، قناصه اولاد ابالسه مجرمين يمين ، جنازة مهيبة وخمسون نعش يمين ، سباب شتم صراخ دوي رصاص هتافات غاضبه وعيد بالانتقام ، كلمات خلف الكلمات اصوات متداخله الشعب يريد اسقاط النظام شمال يعلن ابوكم ولاد كلب شمال ، ياخونه ربنا ينتقم منكم شمال ، يانموت زيهم يانجيب حقهم شمال ، شمس دافئه تعلو المشهد وتزيح السحب الرماديه يمين ، جري وبعثرة ، يمين ، فرده شبشب مقلوبه يمين ، سيدة تجري وابنتها في كفها هرعه يمين ، صوت الطفله يصرخ ماما ياماما ماما ياماما شمال ، سرب السمان المحلق في السماء كروؤس الرماح يعلو المشهد كله ويكشفه برداراته ، يراه كله ، الصناديق تمنت تفر بالاجساد المسجاه بداخلها يمين ، الاجساد حلقت فوق ساحه القتال يمين ، حي علي مصر حي علي مصر شمال ، صوت رصاص يدوي عاليا شمال، خنجر صغير يدسه احد المشيعين في خاصره جاره الذي تصوره حزينا مثله يمين ...

( 30 )
"" والشهداء ايضا  ""

سرب السمان يري المشهد كله ، الان هم يرون كل مايحدث في الجنازة التي باغتها اولاد الابالسة ، قفزت الجثث خارج الصناديق ودخلت المعركة .... واطلقت مئات الرصاصات ، سرب السمان يدرك انه مات ولم يموت ، وسيموت ثانيه ولن يموت ، والفردوس الاعلي مكافأة الشجاع والتضحيه والفخر لنا والعار لكم يمين شمال ، يمين شمال ، يمين شمال ، يمين شمال ، الشعب يريد اسقاط النظام ، الشعب يريد اسقاط النظام ، والشهداءء ايضا ، الشهداء يريدون اسقاط النظام !!!

( 31 )
"" لاتجزعوا ""

الصبي الصغير بكي في صندوقه ، افتحوا لي واطلقوا سراحي ، يبحث عن " نبلة العصافير " التي اخبئها في الجيب الخلفي لكفنه الازرق ، عندما يخرج من الصندوق سيصطاد عيونهم بحصي نبلته ، العصافير ابرع منهم تحلق بسرعه وتختبيء بسرعه لكنه يجيد صيدها ، افتحوا لي الصندوق لاخرج افقأ عيونهم اللعينه التي تنظر في تلوسكوبات البنادق وتقتلنا مرة ثانيه ، افتحوا لي ، بكي لانهم لايفتحوا له الصندوق، جميعهم حلقوا ورفعوا اسلحتهم واطلقوا نيرانهم وصرخوا في اذن كل المشيعين ، لاتجزعوا منهم ولاتخافوا  علينا ، نحن احياء عند ربنا ولو قتلونا مائه مره ، لاتجزعوا منهم ولاتخافوا علينا ، همسوا في اذن كل المشيعين ، لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا وانتم ايضا ، لاتجزعوا ولاتخافوا لامنهم ولا علينا ، اهتفوا من قلوبكم ، الشعب يريد اسقاط النظام ، اهتفوا وسنهتف معكم ، الشهداء يريدون اسقاط النظام ، الكل يهتف بصوت قوي هادر اخاف الرصاصات فسقطت ورقدت بجوار اسطول نيلسون في قاع البحر وتحت امواجه العاتية .... الكل في الجنازة المهيبةيهتف اسقاط النظام ، اسقاط النظام ، الصناديق الخشبية والاطباء الشرعيين ، الاكفان الكتان البيضاء ودماء الشهداء ، المشيعين والموتي ، الكل يهتف اسقاط النظام الا الصبي الصغير اليتيم ، لايهتف معهم ويبكي بصوت يرتفع ويرتفع ، افتحوا لي ، يطرق علي غطاء الصندوق بقوة وينادي ، افتحوا لي ، لااحد يسمعه صوت نحيبه وسط الهتافات الهادره ، افتحوا لي الصندوق سافقأ عيونهم وقلوبهم واشارككم الفخر !! امر الشيخ العجوز الصندوق العنيد ، افتح الصندوق للصبي ودعه يشاركنا النصر مثلما شاركنا الشهادة ...

( 32 )
"" مجرد استراحة قصيرة ""

و............... اختلطت الاصوات الشعب يريد اسقاط النظام ، والشهداء ايضا بصوت الرصاص والنحيب والغضب واختلطت المشاهد والاصوات والرصاص والدعاء والهتاف والغضب والتحدي و....... وانتهت الجنازة ودفن الشهداء !!! بكت الصناديق بعدما ودعت احباءها واوصلتهم لدار الحق وعادت للفابريكه ،  بكت تحس وحشه الوداع ووجعه ، اصطفت الصناديق متلاصقة متساندة علي بعضها ، بعضهم يبكي لما شاهده ، بعضهم يدون علي جدرانه ماعاشه في تلك الجنازة ومااحسه ...
الصناديق الخشبية متراصة بجوار بعضها تغفو وتغيب وتعيش مجرد استراحه قصيرة ، خلصنا من جنازة النهارده علي خير ، ابتسمت الصناديق ساخرة ، علي خير ؟؟ اه مادمنا اوصلنا الاحباء لروضتهم الشريفة وجنة خلودهم ، اكمل احد الصناديق واللي استشهدوا النهارده ميعادنا معاهم بكره ..
و............... استعدت الصناديق الخشبيه لراحه قصيرة قبلما تشرق شمس اليوم الجديد علي المدينة بغير بعض احبابها ممن يستعدوا للرحيل لدار الحق ممتطين الصناديق الخشبيه في رحلتهم الاخيرة للفردوس الاعلي ....
ومازالت اسراب السمان تحلق صوب الدفء وماء القناة يتحرك موجيات صغيرة نحو شطيها وكأنه يرسم لوحه رومانسية طيبه لمدينة لم تكف ابدا عن الهتاف  "الشهداء يريدون اسقاط النظام ، الشهداء يريدون اسقاط النظام" .......



( 33 )
"" وبكت الصناديق ""

و............... بكت الصناديق بعدما .....................................
......................................................................................................................... ومازالت اسراب السمان تحلق صوب الدفء وماء القناة يتحرك موجيات صغيرة نحو شطيها وكأنه يرسم لوحه رومانسية طيبه لمدينة لم تكف ابدا عن الهتاف  "الشهداء يريدون اسقاط النظام ، الشهداء يريدون اسقاط النظام " .......

( 34 )
"" لوحة رومانسية طيبة ""

و............................................................................................................................................................................................ ومازالت اسراب السمان تحلق صوب الدفء وماء القناة يتحرك موجيات صغيرة نحو شطيها وكأنه يرسم لوحه رومانسية طيبه لمدينة لم تكف ابدا عن الهتاف  "الشهداء يريدون اسقاط النظام ، الشهداء يريدون اسقاط النظام " .......

( 35 )
"" الشهداء ""
و................................................................................................................................................................................................... "الشهداء يريدون اسقاط النظام ، الشهداء يريدون اسقاط النظام " .......


( المشهد الرابع في نهاية الحدوتة )

علي المسرح وسط الظلمة ونحيب عالي وقهر ، همس احدهم والنصل المسموم يمزق قلبه وروحه تغادر المدينة ، همس !!!


حين ترون الموت الأسود ..
الطاعون .. بأى مدينة ..
لا يدخل باب مدينتكم للموت مغامر ..
لا يخرج من باب مدينتكم أى مهاجر ..
فالموت الأسود لا يجدى منه هرب ..
لا يعصم منه الطب ..
لا تجدى الحيلة حين يغوص النصل المسموم بقلب!
لا يجدى السيف المدفع ..
لا تجدى الحرب !
لا يجدى غير الصبر الإصرار الصمت ..
والمكر بكل صنوف المكر !
ليس يفل الشر ..
غير الشر( 3 )
  

( نهاية الجزء الثاني والحدوتة )

( 1 ) عبد الرحمن الشرقاوي ، الحسين شهيدا ..
( 2  اسامة جاد .. بيضاء في نزهة ..
( 3 ) صلاح عبد الصبور ، ليلي والمجنون ..
( 4 ) نجيب سرور ، احباطات شعرية ..