مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 29 مايو 2009

نسيت كل شيء الا الشك !!!!!!!!!!!




كانت لاتر
ي امامها ... الدموع معلقه في عينيها تكويها تتمني سقوطها ... كانت خائفه هرعه ... وحيده في لحظه عصيبه ... تلقت منذ ثوان قليله خبرا من طبيبها انه يشك بورم في صدرها وانه لابد من عمليه سريعه و..... لم تسمع بقيه كلامه ...
ساقيها التفا حول بعضهما تترنح كآنها ستسقط ... لاتعرف مالذي يقبض علي روحها ويخيفها لهذه الدرجه ... فالطبيب ل
م يجزم بشيء لكن الشك افزعها سحبها حتي نهايه الطريق ... ستجري العمليه وتكتشف انها مريضه وانها الورم استشري في جسدها وان ايامها في الحياه قليله ...
ضغطت الدم
وع اكثر علي مقلتيها تفكر في اولادها الثلاث شياطين لن يتحملهم احد غيرها فابنها الصغير لاينام الا في حضنها وبعد موتها سيتسلل لفراشها سيجده خاويا وابيه ... تذكرت زوجها .... ابيه لن يحتويه في حضنه ... ابنها الاوسط لا ياكل من يديها سيجوع في غيابها ... ارتبكت اكثر واكثر .. تذكرت ابنها الاكبر ذلك الفتي المدلل الذي منحته حين زين دنياها كل حبها وتدليلها ففسد ، هذا الولد الفاسد لن يتحمله احد ا غيرها فهو يتحدث في التليفون طيله الليل وهي تداري عن ابيه وهو يشرب سجاير من خلف ظهرها وهي لم تظهر له ابدا انها تعرف ... تذكرت زوجها .. سيعرف ان ابنه البكري يشرب سجاير سيشم رائحه فمه سيضربه ... تهاوت كادت تسقط .. غضبت من زوجها الذي سينفرد باولادها ويسيء معاملتهم بعد موتها ... تذكرت امها العجوز .. حنقت علي اخيها العاق الذي نام في حضن زوجته وباع امه .. قررت تتشاجر معه قبل العمليه تذكره بامه وضروره انتباهه لها ومراعاته لشيخوختها سيما وقلبها محروق لوفاة ابنتها !!!
تذكرت ف
ساتينها الجديده التي لم ترتديها غضبت من نفسها لانها اجلت كل الزيارات بحجه انشغالها وبالبيت والزوج والاطفال والاعباء فهاهو العمر انتهي ولم ترتدي ثيابها ولم تروح عن نفسها ، قررت تستعمل الطاقم الصيني الجديد الذي اشترته منذ اعوام وتركته حبيس الصناديق الورقيه في انتظار ضيوف مهمين تتشرف امامهم باطباقها فعمرها مضي ونفذ والاطباق مازالت جديده لم تستعمل ... تمنت لو لم تذهب للطبيب ولم يخبرها بما قاله وماتت دون ان تعرف مابها فكل الناس سيموتون لكنها انتبهت لميعاد موتها َََ ، تمنت لو عاشت حتي تموت بلا حزن مقدم علي موتها وقدر خسارتها فالقمر الذي كانت تحبه بدرا لن تراه ثانيه ، وصوت الكروان في الفجر لن تسمعه ثانيه ، ورزاز البحر الذي تحب رائحته لن تشمها ابدا .. تشعر حزنا علي احلامها التي لم تحققها وقررت وآدها ونسيانها و علي امنياتها التي تنازلت عنها كي تمضي مراكب الحياه في دروبها السهله ، حزينه علي شبابها الذي اكل الورم الكريه طزاجته وايامه المقبله ، تمنت لو سافرت امس مع صديقتها للبحر ونزلت في مياهه البارده وتركت اطفالها مع ابيهم فالعالم لن يخرب ولو خرب عليهم يعتادوا غيابها ، قررت تشتري كل شرائط عبد الحليم حافظ وتسمعها في غرفتها وحدها وتتذكر حبها الاول الذي لم تتزوجه لانه فقير ، قررت تذكره وتذكر لمساته وقبلاته واستدعاء كل حبه بكلمات عبد الحليم واهاته الموجعه فعمرها مضي وانتهي وهي لم تحب زوجها الذي لم يحبها ابدا ولن تتاح لها الفرصه لتحب ثانيه ....
اسندت ظهرها
علي الحائط فرت الارض من تحت قدميها احست كآن روحها خرجت من جسدها وغادرته كآنها ماتت فعلا تساقطت دموعها الواحده تلو الاخر حبات فولاذ منصهر تكوي نفسها حزينه علي امها علي اولادها علي صديقاتها العزيزات اللاتي لن يعقدن مجلسهن النهاري بدونها حدادا علي غيابها .. قررت اليوم اجبار ابنها الصغير ينام في فراشه وابنها الاوسط ياكل من يد الشغاله وابنها الاكبر يمتنع عن التدخين ، قررت زياره امها وترتيب اوضاعها ، قررت المشاجره مع اخيها الصغير تستدعي رجولته الضائعه مع امه وهي التي حنت عليها كما لم تحنو ام في الدنيا علي ابن ...
انتفضت
في مكانها متهاويه الساقين تتآمل مصيرها المحزن ، يوم او اثنين او شهر او اثنين وستغيب عن تلك الحياه التي تشعر في هذه اللحظه بالذات انها لم تعيشها غابت مع افكارها ، شاهدت جنازتها ، غضبت من صديقتها التي لم تبكي بحرقه كما تصورت ، كادت تتشاجر مع جارات امها اللاتي انشغلن في حديث عن احفادهن ونسيوا مواساه امها في فقيدتها الغاليه ، بحثت عن زوجها ليله مآتمها وجدته يتعطر فانتفضت تكاد تخطف زجاجه العطر من يده وتلقيها ارضا لايكترث بموتها ومنشغل كعادته بنفسه ومظهره وتآنقه ، اين اولادها ، لم تعثر عليهم بل وتكاد تجزم انها سمعت صوتهم يتشاجروا في غرفتهم من سيتستآثر بالكومبيوتر ومن سينتقي قناه التلفزيون التي يتابع عليها برنامجه المفضل ... كآنهم ليسوا حزاني عليها كآنهم لايكترثوا لغيابها لا يفتقدوا وجودها .....
دخلت سيارتها باكيه متورمه الوجنتين حمراء العينين فتحت الراديو خرج لها صوت عبد الحليم يهمس " انا لك علي طول خليك ليا " انفجرت في البكاء فهي لن تبقي لاحد وسترحل ، تحسست صدرها المشكوك في امره خيل لها انها لمست الورم انتفضت كآنه سينتقل من صدرها يعدي اصباعها ثم جسدها كله سيلتهمها ويترك بقاياها في السياره لااحد يفهم مصيرها ، احتل وجه زوجها عيناها سالت نفسها هل سيحزن عليها هل سيبكي لا تظن فهو لم يبكي يوم ماتت امه ،
هل سيفتقدها سخرت من سذاجه سؤالها فهم لم يكف ابدا عن اظهار ملله من وجودها . هل سيوقظ الاولاد للمدرسه انفجرت في البكاء سيتركهم نائمين وسيفوتهم اتوبيس المدرسه ولن يقبل توصيلهم فهو كسول وسيضيع مستقبلهم ، هل سيتزوج اخري ؟؟؟ انتفضت .. الارجح بل الاكيد انه سيتزوج عليها اخري .. ضحكت ... سيتزوج اخري ليس عليها فهي لن تكون موجوده .. سيبرر لنفسه واولاده واسرتها انه لايعرف كيفيه التعامل مع الاولاد وانه يغيب عن المنزل كثيرا لظروف عمله وانه لن يآمن علي اولاده وحدهم وهم شياطين ، قررت تفوت عليه الفرصه ستجلب مربيه مقيمه وتدفع لها راتب سنه مقدما فان رحلت لن يكون له حجه ، ستترك له رساله تحذره من خيانتها ، انهالت دموعها سيخونها اكيد وينتهز فرصه غيابها ويتزوج بفتاه صغيره جميله تسوم اولادها العذاب ، نظرت لوجهها في مرآه السياره ، مابالها لم تنظف حواجبها منذ فتره طويله ، اذنها بلا قرط ، اظافرها مقصفه بلا طلاء ، سخرت من ملاحظاتها وهي المنهكه في خدمه الاولاد ، قررت تعود للمنزل وتتحمم وتتجمل وتقلم اظافرها وتنزع عن وجهها الشعيرات الزائده وتصبغ شعرها وتجلس مع عبد الحليم تستمتع ببقايا حياتها التي اوشكت ستاره مسرحها علي الاغلاق ........................
حين افاقت من العمليه لم تصدق نفسها ........... هي لم تمت بعد !!!!
حين هنئها الطبيب بسلامتها وبنتيجه التحليل التي اثبتت ان تلك الانسجه الميته التي تكلست في صدرها ليست ورما لم تصدقه .... فعمرها لم ينتهي بعد ............ !!!!!!!!
حين اقبل ابنها الاصغر ينام في حضنها رحبت به ، حين شمت رائحه السجائر تنبعث من فم ابنها الاكبر توعدته لكنها لم تخبر ابيه ، حين قابلت اخيها الاصغر صدفه في الشارع لم تعاتبه لجفاءه مع امها ، وهاتفت صديقتها في التليفون تبثها شوقها وتعرف ميعاد لقاءهم القادم ، وجمعت شرائط عبد الحليم والقت بها في جوف الدولاب فلا وقت لديها لاوهام الرومانسيه وادخلت الاطباق الصينيه في كراتينها تنتظر الضيوف والبست فساتينها الجديده اكياسا تقيها من التراب حتي تجد مناسبه تستحق ان ترتديها ، تركت الشعر يغزو وجهها والشيب يسطع في راسها ومسحت طلاء الاظافر الذي يتقشر بسرعه وهي لاتجد وقت للعنايه به وسط انشغالها بالاطفال والام والزوج وامور المنزل .....ونسيت العمليه و بقيت فقط تشك في زوجها ، هل لو ماتت كان سيتزوج عليها كان سيخونها كان سيحضر لاولادها زوجه كئيبه تسوم العذاب .... نسيت كل شيء وحاصرت زوجها بشكوكها تعاقبه لانها فكرت وظنت انه سيخونها ويتزوج عليها !!!!!!!!!

الاثنين، 11 مايو 2009

الموت احن من الطلاق


قالت لي الموت احن من الطلاق ...
تصورتها تحب زوجها الذي طلقها لكنها نفت ذلك وانكرته واكدت لي ( الموضوع مالوش دعوه بالحب )
فلم افهم ....
تنتهدت وكادت تتركني فانا مثل الجميع غبيه لم افهم مشكلتها لكني توسلت اليها البقاء وطلبت منها شرح ما تبغي قوله بطريقه اكثر وضوح ودقه وافصاح ...
اكدت " الموت احن علي المرآه من الطلاق " السيده التي يموت زوجها اسعد حظا من تلك التي تطلق !!! تصورتها تتحدث عن الحقوق الماليه فالارمله ترث في زوجها نصيبا من تركته لكن المطلقه لا تاخذ الا حقوقها الشرعيه التي لاتصل ابدا لقدر نصيبها في الميراث وغضبت منها وهاجمتها " معقوله علشان الميراث يبقي نفسك الراجل يموت " انتفضت غاضبه " ميراث ايه انا باتكلم عن حاجه تانيه خالص " ازرق وجهها غضبا " انا كده دايما الناس بتفهمني غلط "..

كانت مطلقه لرجل مفلس " لاخدت منه حاجه في الطلاق ولا كنت هاخد منه حاجه بعد مايموت " نظرت بعيدا وارتسم علي وجهها تعبيرا غريبا " الطلاق والموت عندي زي بعض راجل خرج من حياتي مابقاش شريكي ومابقتش شريكته " ابتسمت " الجواز علاقه معقده فيها عواطف وعشره وحياه مشتركه واطفال وبيت " ضحكت ساخره " فيها كنب وكراسي وكوبيات واقساط وجمعيات وعيله ونسب " ضحكت بصوت اعلي " فيها حاجات كتيره غير موضوع الفلوس ده " لم افهم مقصد حديثها " علشان كده باقول الموت احن من الطلاق - تصوري !!!"
همست " طبعا الارمله بتصعب علي الناس ويتعاطفوا معاها " غضبت " لكن المطلقه بنت كلب مش مهم ليه اتطلقت المهم ان البيت اتهد وللاسف الناس بتحمل الست مسئوليه هدم البيت " ابتسمت فالمقارنه غريبه فهمت ابتسامتي فشرحت " ان الست طلبت الطلاق طبعا تبقي بنت كلب لانها سابت جوزها وهدت البيت طيب لو جوزها هو اللي طلقها " ضحكت ساخره " برضه هي بنت كلب لانها السبب اللي خلت جوزها يطلقها ماريحتوش مادلعتوش مافهمتوش اي حاجه المهم انها السبب وخلاص " وافقتها علي منطقها " الناس دايما رايها كده الراجل عداه العيب والست ظالمه ومفتريه وهي السبب في كل النصايب " تنتهدت " ماعلينا مش ده مربط الفرس انا باتكلم عن حاجه تانيه حاجه معنويه بصرف النظر عن راي الناس بصرف النظر عن تعاطفهم "
استعصي علي الفهم فهي تسحبني بكل جمله في طريق اتصور نفسي فهمتها ثم سرعان ما توضح لي انها لا تقصد مافهمته ، مللت من الحوار ورغبت في انهاءه " ماتقولي قصدك ايه بوضوح كده خليني افهم ... "
شرحت " لما ست جوزها بيموت بتحبه مابتحبوش بتفتكر له كل حاجه حلوه ، هو بيخرج من حياتها لكن حياتها بتستمر زي ماهي بيتها بيتها واولادها اولادها وذكرياتها ذكرياتها لابتهرب منها ولا بتخفيها ولا بتكرهها ، للاسف الموت بيحتفظ للمرآه الارمله بكل حياتها عدا الرجل !!! "
تنتهدت " لكن المرآه التي يطلقها زوجها تتبدل حياتها تماما ، تخرب !!! تتحول حياتها السابقه مثل البيت المهجور تنسج العناكب رسوماتها القبيحه علي جدرانه ، فالرجل الذي كانت تشاركه فراشها صار غريبا قاسيا لايحدثها الا بالقانون وعنه ، والعائله التي عاشت معها واحده من بناتها تلفظها وتتنكر لها فهي كانت زوجه ابنهم ولم تعد ، واولادها حتي اولادها انقسموا بينها وبين مطلقها وبين عائلته وعائلتها ، عالمها القديم يتلاشي يفسد بكل تفاصيله !"

ولم يعد يهمها مااسمعه كانت تحدث نفسها واكملت " انا اسعد جدا بعد الطلاق لاني تخلصت من رجل عبئه ثقيل لم يقاسمني في سنوات حياتنا الاخيره الا همومه ومشاكله واكتئاباته ، سعيده لاني تحررت من العبء وتخلصت من الهم وتحررت " ....
كدت اهنئها لاني اصدقها واصدق سعادتها " لكن الجغرافيا تغيرت في حياتي فالشوارع التي كنت احبها لم اعد احبها والمدن التي اعتدت الاقامه فيها اتمني الفرار منها والشواطىء التي ادمنت الجلوس علي رمالها وقت الغروب لم تعد تهمني !!! الشارع الذي بكيت فيه همي كرهته لاني شاهد ضعفي الذي لم اعد احبه والشارع الذي همس لي زوجي السابق فيه بحبه كرهته لان السنين اثبتت لي زيف همسه !!! الطرق التي اعتدتها نفرت منها والمقاهي التي كنت امنحه فيها اذني يشكو همه كرهتها لاني ضيعت وقتي فيها والسينما التي دخلتها معه لم اعد اطيق المرور امام بواباتها لان انفاسه تعبق صالتها والمطعم الذي شاركته اطباقه المفضله كرهته لانه مازال يجلس علي نفس المنضده يقتسم طعامه مع سيده اخري يكذب عليها نفس الاكاذيب لذا غيرت الجغرافيا والمدن والطرق والمقاهي والمطاعم واشتريت غربتي في الاماكن غير المآلوفه اصنع لنفسي عالما جديدا لم يشاركني فيه ولم تطآها قدمه اشتريت غربه نظيفه لم يلوثها باكاذيبه واكتئاباته وزيف كلماته الكبيره الجوفاء " ..
تآسيت لحالها " اما تاريخي فقد سرق مني لانه اقتسمته مع من كان لايستحق ، ذكرياتي فسدت تفاصيلها لاني لن اذكرها الا وهو يحتل فيها مكان الصداره وهو لم يكن يستحق ابدا تلك المكانه ، صوري قصصتها نصفين او ربعين او مليون قطعه والقيتها وكل قصصها في القمامه ، فالابتسامه التي كان يبتسمها في وجهي كاذبه ولمسه يده علي كتفي في الصوره تكهربني ونظره عينه التي تبدو حانيه كانت كذبا وزيفا رهيبا ، صوري قصصتها نصفين واخرجته من بعضها وبقيت الصور مشوهه لا تفهم لمن كنت انظر او لمن كنت امد يدي ، وقصتت بعضها ارباع والقيت به خارج تاريخي فمالت الصوره واعوجت ولان ربعها المنزوع افقدها سياقها المفهوم وكثير من الصور فشلت في تهذيبها فمزقتها ورميتها وتاريخها خارج حياتي ، تاريخي سرق مني طفوله اولادي شيخوخه ابي ذكريات الجامعه ليله الفرح اجتماع الاصدقاء القدامي كل هذا سرق مني واكثر ، افقت ذات يوم علي بلا تاريخ بلا ذكريات بلا قصص فجميعها افسدته قسوه الايام " ....
سآلتها باستنكار " كنتي تتمني جوزك قصدي طليقك يموت " صمتت طويلا ثم همست " بالنسبه لي هو مات فعلا لكن حسه في الدنيا لاهله وولاده ، انت برضه مش فاهماني انا مابتكلمش عليه خالص انا بتكلم عن نفسي !!" حدقت في وجهي تبحث عن فهما تفتقده " الموت لايغير الجغرافيا ولا يسرق التاريخ ولا يفسد الذكريات لكن الطلاق قاسي يفضح ايام الماضي ويفسد ايام المستقبل هل فهمتي مااقول ؟؟" هززت راسي وصمتت فللاسف فهمت ماتقوله واوجعني !!!!!!!