قررت تكتب له رساله تودعه .... وتبتعد عنه للابد .....
تصورت انها ستشتمه وتسبه وتلعن ابيه وكل جدوده ....
شحذت كل طاقاتها العدائيه تجاهه ، تذكرت له كل مواقفه السخيفه التي اوجعتها ، بحثت عن كلماته التي ابكتها ، واستعدت له جيدا وامسكت القلم ...
لن تقل له حبيبي ولاصديقي ولا عزيزي ، لن تقول له كما اعتادت مساءك سعيد ، ستدخل في الموضوع مباشره !!
امسكت القلم لكن لون حبره لم يعجبها ، قررت تغييره فهو طيله عمره لايحب الاقلام الزرقاء فلن تكتب لها كلماتها الاخيره بالازرق حتي لاينفر من الكلمات قبل قراءتها ، اخرجت قلمها الحبر الانيق من علبته ومرت بسنه الذهبي فوق الاوراق ، نعم هذا هو الحبر الاخضر الذي يحبه ، ستكتب له بالاخضر انها كرهته وستكرهه العمر كله ، انها لن تغفر له خيانته التي شقت قلبها لنصفين بلا نبض ، انها لن تغفر له كذبها عليه ، فحين اكتشفت كذباته الصغيره بكت حتي احمرت عيناها ولم تذهب للعمل في اليوم التالي فبسببه قضت الليله مستيقظه تبكي حتي تورمت عيناها وقبض الصداع علي راسها وكل هذا بسبب كذبه ، ستقول له انها احبته وهو لم يحبها ، انها اخلصت له وهو خانها ، انها منحته عمرها وانه منحها بضعه ساعات قليله من اوقات فراغه ، ستقول له كل هذا واكثر .....
امسكت قلمها لتكتب لكن لون الورقه لم يعجبها ، هي لاتحب الاوراق الشاحبه البيضاء ، فمبال في رساله الوداع التي فكرت طويلا في كل كلمه من كلماتها ، ستبحث عن ورقه بلون عينيه الخضراويين ، ستمنحه رساله يحبها ويتوجع بها ، سيفهم انها كانت تهتم به وقت كتبت له بالاخضر علي ورقه بلون قلب الفستق ، سيفهم انها توجعه لانها تفهمه وتعرف مايعجبه ومالا يعجبه لكنها ستضن عليه بكل مشاعرها وتتركه مهجورا وحيدا وليعبث كماء يشاء مع ساقطاته اللعينات التي يدعي انهم صديقاته وفقط ، لكن تلك اللعينه صديقته مالت عليه ذات يوم بطريقه موحيه وهمست له بكلمات لم تسمعها لكنها حرقت قلبها وضحكا معا وبقيت هي صامته لاتضحك ولم يكترث بصمتها ، ازداد غضبها ، ستسبه في خطابها ، ستقول له ان قدرتها علي التحمل نفذت وانها لن تتحمل بروده وبلادته معها اكثر من هذا ...
امسكت القلم وفردت الورقه امامها تعد سطورها ، نعم لن تكتب له الا صفحه واحده ، ولتكن وثيقه الوداع وصك انهاء عتقها في تلك العلاقه التي لاتسعدها ، الورقه عشرين سطر ، اذن لن تكتب له الا ما يملآ تلك السطور العشرين ، ازداد غضبها ، لكن الصفحه وسطورها العشرين لن تسمح لها تقول مافي نفسها ، ماقاله مالك في الخمر ، ماقالت بائعه الجريره وهي تردح لضرتها الجديده ، ستضطر للاختصار ، اذن عليها تنتقي كلماتها بمنتهي العنايه والدقه ، فهذه الكتابة هي نعي علاقتهما ، ستختار كلمات انيقه لكن موجعه ، ربما ستوقع علي الرساله بشفتيها بلون الروج الذي يحبه ، حتي يدرك قدر خسارته ، فهي ستحرمه من تلك الشفاه ، ستحرمه من مجرد التفكير فيها او الحلم بها ، وليفكر في شفاه الساقطات اللاتي يدعي انه لايحبهن ، لكنه ابدي اعجابه امامها بصديقته اللعوب ، يقول انها ليست لعوب ، لكنها لعوب هي واثقه ، وقد تآكدت شكوكها وتحولت يقين لايقبل لاثبات العكس حين لاحظت الطريقه التي تخاطبه بها ، تتمايل كانها تغريه ، بل هي تغريه ، تنظر له نظره عين تفهمها ، نظره فيها اغواء ودلال انثوي مفهوم ، ازداد غضبها ، كادت تلقي القلم من يدها وتبحث عن قلم ازرق تكتب له به رساله الوداع ، لم تعد تكترث بما يحبه ومالا يحبه.....
ستعاقبه مرتين ، مره بالحبر الازرق والثانيه بغيابها ، اسعدتها الفكره ، نعم هو يستحق العقاب الف مره ، يكفيه انه ضن عليها باعجابه ، فالعشره مرات الاخيره التي تقابلا فيها لم يقل لها كعادته انها جميله ، صحيح كانت باكيه وتتشاجر معه ، لكن هذه نقره وهذه نقره اخري ، ربما لو قال لها انها جميله كانت توقفت عن البكاء ، لكنه صمت وحاول يفهم سر بكاءها فبكت اكثر لانها احست نفسها دميمه قبيحه فمرآتها السحريه لم تتغني بجمالها ....
كادت تمزق الورقه ، لن تكتب له رساله وداع ، هو حتي لايستحق تلك الرساله ، ستطلبه تليفونيا وتشتمه وتقول له كل مافي نفسها وستتعمد توجعه وستغلق الخط في وجهه ، ابتسمت ، اسعدها الحزن الذي سيفيض عليه بسبب هجرها له ، اسعدها حاله البائس ، اسعدها ندمه انه لم يحافظ عليها ، تشفت فيه ، انه يستحق ان يعاني ، فهي تعاني في علاقتها به منذ زمن بعيد لكنه لم يكترث ....
هل نسي يوم زارته في المستشفي وقت عمليه الاعور ، وقتها ارتدت اانق ثيابها وحمله باقه زهور كبيره وذهبت المستشفي ، لكنه كان نائم ، ونومه احرجها ، طلبت من الممرضه ايقاظه لكن الممرضه رفضت تحججت بانه متعب ويحتاج للنوم ، اكيد هذه الممرضه معجبه به وغارت منها لذا رفضت ايقاظه ، مازالت تتذكر صوت ضحكاته الواهنه حين قصت عليه ماحدث في غرفته ، ضحكه استفزها ، كمان يضحك ، لم ينادي الممرضه ويوبخها ، يتحجج بانه لايعرف من التي رفضت ايقاظه لانهن كثيرات ، تقسم انه يعرفها ، وربما غازلها ، فالنظره التي نظرت له بها الممرضه كاشفه عن العلاقه بينهما ...
هل نسي يوم وبختها امه لانه ذهبت منزلهم في السادسه صباحا يوم عيد ميلاده ، يومها امه فتحت لها الباب بملابس النوم وتثائبت في وجهها وتركتها علي الباب حتي ايقظته فخرج لها ببنطلون البيجاما والفانله الداخليه ، كان مكشر ، اقسم لها مرات انه استيقظ من النوم فجآ وخاف من حضورها المبكر فهرول من فراشه لباب الشقه قبل ان يغسل وجهه ، لكنها لاتصدقه ، هو لم يقدر حضورها في تلك الساعه المبكره لتكون الاولي التي تهمس في اذنه بامنياتها لعيد ميلاده ، هو ساند امه علي حسابها ، لم يراعي كرامتها ، قذفت بالقلم بعيدا ، لن تكتب له رساله ، هو لايستحق ، لن تكلمه في التليفون ، هو لايستحق ، هو لايستحق منها الا الاهمال الواضح ...
ستتجاهله تتجاهل وجوده ، ستتركه يتعذب بهجرها .....
ضحكت بصوت عالي كانها اهتدت لما كان ضائع منها ، نعم ستعذبه بهجرها ، الم يعذبها كثيرا ، هل نسي يوم فاتحها بنيته بزياره منزلها هو وامه ، وقتها فهمت انه اخيرا قرر يخطبها ، تتذكر لحظتها انها كانت في منتهي السعاده ، وانها قبلته علي خده الايسر ، هل لو قبلته علي خده الايمن كان الموقف قد تغير ، هل غضب لانها قبلته في خده الايسر.....
احست الدموع تتراكم خلف مقلتيها ، عرفت انها ستبكي ، لكن البكاء لايعجبها ، لاتحبه ، لكنه نذل كبير ، منحها ميعادا ولم ياتي ، يومها ارتدت اجمل ثيابها ، ونظفت البيت مع امها ، وغيرت لون طلاء اظافرها الطويله ، يومها فتحت قاروره عطر معتقه وسكبت نصفها فوق ملابسها ، بين اصابع كف يدها ، تعرف تاثير رائحتها علي اعصابه ، النذل ، الم يقل مئات المرات ، ان رائحه اصابع يدها تذهب بعقله ، وانه يتمني لو احتفظ بكفها بين اصابعه العمر كله....
الحقيقه انها لم تصدقه واعتبرت كلامه مبالغه ، لو كان صادق لحضر في الميعاد الذي منحه لها وانتظرته فيه ، لكنه لم ياتي ، لم يعتذر ، لم تتصل امه تلغي الميعاد الذي اخذته مع امها ، هو و امه تجاهلا الميعاد ، تعاملا مع مشاعرها بقسوه ، اوجعاها ، يومها اقسمت انها لن تتزوجه ابدا مهما حدث ، ستتركه يعشقها ويتعذب بحبها ، نذل ، لم ياتي الميعاد ، طلبته في التليفون لكنه لم يرد عليها ، نذل ، لقد اشترت تورته وجاتوه من محل غالي استعدادا لمقدمه هو وامه ، لكنه نذل جدا ، لم ياتي ، وبقيت التورته في التلاجه حتي رمتها ، نفسها وقفت من تلك التورته اللعينه ، وضاعت عليها نقودها ..
ندل ...... بكت يومها كما لم تبكي ، لذا لن تقبل ابدا اعتذاراته ، او تفسيراته ، اوحججه ، لن ترد علي تليفوناته ، لن تسمح له بالكذب عليها اكثر مما كذب !!! كفاه لعب بمشاعرها هذا النذل !!!!
لو تعرف انه نذل لهذه الدرجه لقبلت الزواج بابن عمها او ابن الجيران او زميلها في الشغل ، الا يعرف ان جميع الرجال يتمنون الزواج بها ، وانها رفضتهم جميعا بسببه !!!
نذل ... يعني ايه يموت يوم الميعاد المحدد لزيارتها في البيت !!!!!
نذل .... مات وتركها تنتظره هي وامها والتورته والجاتو بلا اي اكتراث او اهتمام او شفقه !!!!
وانفجرت في البكاء .......
تبكي .... يرتفع صوت عويلها .......
تبكي .... تمزق وجهها ......
تبكي ...... تفقء عيناها ......
تبكي وتبكي وتبكي !!!!
سمعت الممرضه الماره امام حجرتها في مصحه الامراض النفسيه صوت بكاءها .....
دخلت عليها الحجره وجدتها كعادتها منذ اليوم الاول لايداعها بالمصحه منذ ثلاث سنوات ....
وجدتها جالسه علي المكتب امام الشباك ، امامها اوراق خضراء وقلم اخضر ...
تحدق في الشباك وتبكي ، كمثل عادتها ....
تسحبها الممرضه من مقعدها ، تضعها في فراشها ، تطبطب عليها....
تناولها حبه المهدىء ، وسرعان ما تتحجر دموعها وتصمت تحدق في السقف...
وقتها تعرف الممرضه ان وقت نومها حان ....
تلملم اوراقها الخضراء من فوق المكتب ، اوراق خضراء فارغه الا من كلمه " احبك " ورسمه " قلب " يخترقه سهم كيوبيد واسمها واسم حبيبها الذي مات واخذ عقلها معه وتركها تحبه وتبكي وترسم قلوب ......
طوت الممرضه الاوراق بعنايه فائقه ودستها بالدرج الكبير بجوار بقيه الاوراق الخاويه الا من كلمه احبك وقلب يخترقه سهم كيوبيد !!!
واطفآت الانوار بالحجره وخرجت ...
واغلقت الباب خلفها وهي تهز راسها تاسيا علي الشابه الصغيره التي فقدت قلبها وعقلها !!!
هناك تعليقان (2):
اجمل مافي الحواديت ان من يتمعن يجدك بداخلها تنظرين الي من يقرئها وتبتسمين
وتسالين كم مرت عليك حواديت ولكن لم تكتبها
فانتي تكتبين ماتريدين كيفما تريدين وقتما تريدين
اعود معك لزمن مضي علي واجد نفسي داخل تفاصيله
اشكرك
اجمل مافي الحواديت ان من يتمعن يجدك بداخلها تنظرين الي من يقرئها وتبتسمين
وتسالين كم مرت عليك حواديت ولكن لم تكتبها
فانتي تكتبين ماتريدين كيفما تريدين وقتما تريدين
اعود معك لزمن مضي علي واجد نفسي داخل تفاصيله
اشكرك
إرسال تعليق