كان مجرد صوره في ورقه باليه لجريده قديمه ملقاه امام باب شقتها!!!
صوره لرجل نشرت مع خبر لايخصه !!!
كادت تدهس علي الصوره وتمشي فوقها لكنها في الثانيه الاخيره تريثت وامسكت الورقه وحدقت فيها !!!
انها تعرف ذلك الرجل ، تعرف هاتين العينين ، تعرف تلك النظره !!!
حدقت فيها اكثر ، لم تسعفها الذاكره باي تفاصيل تحل لغز حيرتها ، طوت الورقه في حقيبتها واكملت سيرها !!!
يوم واثنين وعشره .... والصوره في حقيبتها ، تخرجها تحدق فيها ، تكاد تساله ينطق من انت ؟؟ تنظر في وجهه ، تقرآ جغرافيا تضاريسه ، الصوره لاتبين اي شيء عنه ، لكنه ستكمل كل التفاصيل الناقصه ، ربما هو اسمر ، الارجح انه اسمر ، فهي لم تعرف الا رجالا سمر ، تضحك من سذاجتها ، من قال هذا ؟؟ لقد عرفت رجالا كثيرين شاهقي البياض فاتحي البشر ، عرفتهم نعم ولم تحبهم ، ربما هو واحد منهم ، تحدق في الصوره اكثر ، لا هو اسمر البشره ، اسود الشعر ، فالشعيرات البيضاء التي تنتشر في راسه حسبما تراها في الصوره تؤكد ان شعره اسود ، تستريح لاوصافها ، هو رجل اسمر شعره اسود واثقه انها تعرفه !!!
وتطوي الصوره وتنساها ، وتكمل حياتها ، حتي يناديها ، في مقهي تستريح وتشرب قهوتها ، في منزلها علي الكنبه الوثيره ، في منزل احد صديقاتها وهي تنتظر خروجها من غرفه النوم لتحييها ، يناديها ، تخرج الصوره وتحدق فيها ، من انت ايها الرجل الاسمر ذو الشعر الاسود ، مالون عينيك ، تبتسم الارجح انهما عسلتين ، تهز راسها سعيده ، نعم انهما عسلتين ، كم احبت رجالا بعيون عسليه وغنت لهم مثلما غنت شاديه " ياابو العيون العسليه " ، تطوي الصوره وتنسي الرجل !!!
في الليل جالسه في فراشها تسمع الراديو وتتصفح الجرائد ، تتذكره ، تقوم من تحت الغطاء الدافء في الشتاء البارد وتحضر الصوره ، تخاطبها ، من انت يا.... تبحث عن اسم ..... ساناديه باسم مؤقت حتي اتذكر اسمه الحقيقي ، تمنحه اسما من عندها ، يوسف ، فارس ، علي ، ايهاب ، ايمن ، عادل ، شريف ، نبيل !!!! يعجبها اسم نبيل ، تحسه يحمل معاني كثيره ، تحس الاسم يشبه الصوره ، نعم هذا الرجل نبيل ، نبيل الاسم ونبيل الاخلاق ، وتطوي الورقه وتهمس لها " تصبح علي خير يانبيل " !!!
كانت سيده وحيده ، لن نعرف سبب وحدتها ، هي مثل الكثيرات ، وحيده ، ربما تزوجت وطلقها زوجها ولم تنجب من يشغل وقتها ، ربما تزوجت وانجبت وزوجت ابناءها وسافروا بعيدا ومات زوجها بعد اتم مهمته الاسريه ، ربما زوجه لزوج يعمل كثيرا ولايعود للمنزل الا بعد نومها ، ربما لم تتزوج ومات ابويها ، ربما تزوجت بعد قصه حب عاصفه لكن زوجها رحل للعمل خارج البلاد وتركها تعاني من وحدتها لايؤنسها رسائله القصيره التي تخبرها عن معاناته المستمره في بلاد الغربه !!!
هذا كله ليس مهما ، سبب وحدتها لايعنينا ، المهم انها وحيده ، المهم انها وحيده وعثرت علي ورقه ملقاه امام شقتها بها صوره لرجل قررت هي انها اسمر اللون اسود الشعر عسلي العينين واسمته نبيل حتي تعثر وتتذكر اسمه الحقيقي ، المهم انها قررت انها تعرف ذلك الرجل لكنها لا تتذكر اين وكيف عرفته ولماذا لم تعد تعرفه !!!
صاحبها نبيل في وحدتها ، هكذا قررت ، نسخت من الورقه القديمه عده نسخ ، واحده وضعتها في غرفه نومها امام المرآه ، حين تستيقظ صباحا تحدق فيها وتبتسم وتلقي عليه تحيه الصباح وتقص عليه كوابيسها الليليه !!! الاخري وضعتها في سيارتها ، علي المقعد بجوارها واعتادت حين وقت تخرج بالسياره تسلي نفسها ووقتها بالحوار معه ، يوما تحدثه عن الفستان الجديد التي ترغب في شراءه ، مره اخري تحكي له عن صديقتها النذله التي لم تسآل عليها منذ وقت طويل رغم انها تسال عليها طيله الوقت ، مره ثالثه تسب له عسكري المرور الذي اعطاها مخالفه السير في الممنوع رغم انها كانت تائهه لاتعرف اتجاهات الشوارع ، ويوما رابع تبكي متغاظه لان المنبه لم يوقظها في الوقت المناسب وستصل عملها متآخره وسيتشاجر معها المدير المتعنت !!! الثالثه وضعتها في درج مكتبها ، تحدق فيها بين حين واخر تشكو له سخافه مديرها وطول ساعات العمل وقله راتبها وقله حظها ، تقص عليه تفاصيل الحفله الكبيره التي حضرتها وكيف انها كانت اانق النساء واكثرهن جمالا وكل الناس " اتهوسوا عليها " !!! وفي الليل تعود لحجرتها ، تضع الصوره علي المخده بجوار راسها وتكلم نبيل ، تصف له القمر الجميل الساطع في السماء ، تغني معه اغنيه لفيروز ، تشرب شاي وتسآله لماذا لايحب الا القهوه !!!!
ويوما بعد يوم ...... نسيت اصل الصوره ، نسيت ان كانت تعرف الرجل قبل عثورها علي صورته ام لا ، نسيت الامر كله وصار نبيل صديقها العزيز ، انيس ايامها ووحدتها ، طبعت من الجريده عشرات النسخ وحين احست الصور بليت والصوره كادت تضيع ملامحها ذهبت لارشيف الجريده واشترت عشره نسخ جديده احتفظت بها للمستقبل !!!
وفي يوم عصيب ، قضته تتشاجر في الشارع وفي العمل ومع احد جارتها التي القت الزباله امام باب شقتها عامده متعمده ، دخلت المنزل تبكي ، انفجرت في نحيب مروع ، القت بدنها علي الكنبه تبكي ، تحس حياتها سخيفه موجعه ، وفجآ نظرت لنبيل ، او للرجل الذي اسمته نبيل وصرخت فيه تتشاجر معه " انت مابتعبرنيش ليه ، مابتردش علي ليه " واطاحت بالصوره بعيدا عن يدها ، تتمناه ينطق يخرج من الصوره ويحتضنها ، تتمناه يتفاعل معها يشاركها حزنها وهمها ، وقعت الصوره علي الارض ، قامت عصبيه من مكانها تكاد تدهسها لولا انها سمعت صوته !!!!!
هكذا اقسمت للجميع ، لقد سمعته يتكلم ، سمعت الصوره تتكلم ، سمعته يهمس لها " هدي نفسك " ابتسمت ، هي تحب تلك العباره ، هناك رجلا ما لاتذكر اسمه اعتاد يقولها لها ، وكانت تستجيب فورا لطلبه وتهديء !!!!! التقطت الصوره من علي الارض ، وضعتها بجوارها علي الكنبه ، انتظرته يكمل حديثه لكنه ظل صامتا ، نظرت له تعاتبه ، ترجوه يتحدث ، لكنه ظل صامتا !!!
قررت تخاصمه ، لن تكلمه بعد اليوم ، لن تقص عليه حواديتها ، لن تكشف له اسرارها ، لن تقول له ان الرجل الغريب الذي اعتاد ينتظرها امام المنزل تجرآ اليوم وخاطبها ، دعاها للعشا ليتعرفوا ويتكلموا ، لن تقل له هذا ، ربما يغير عليها ، ربما يتشاجر معها ، قررت انها ستخاصمه ، مادام صامتا لاينطق لن تكلمه !!!
قامت منفعله ، لملمت صوره من كل ارجاء المنزل من حجره نومها من المطبخ من الصالون ، جمعت الصور كلها ومزقتها بعنف بغل ، مزقتها وهي تصرخ ، تتشاجر معه ، هكذا انت مثلهم جميعا ، لاتهتم بي ، مثلهم جميعا لاتعرف مشاعري ولاتكترث بها ، مثلهم جميعا لايهمك الانفسك ، تمزق الصور وتبكي ، لست نبيل ، ولست اسمر اللون ولست اسود الشعر وعيناك ليست عسليه ، لست الرجل الذي اعرفه ، لست الرجل الذي ارتحت له ، لايهمني من انت ، انت مجرد رجل غريب سمحت له بالتسلل لحياتي وفي النهايه يسىء معاملتي ، ابكي امامك منذ ساعات وانت لاتكترث ، ربما تشاهد مباراه كوره ربما تجلس علي الكومبيوتر ربما تغازل امرآه جميله في الشارع ربما تنام وتشخر ربما تاكل بشهيه مفتوحه متجاهلا حزني وبكائي ، وتمزق الصور لقطع اصغر ، انت مثلهم كلهم اناني ، لايهمك الا نفسك ، لايهمك الا احتياجاتك ، لاتكثرث بحالي ، لم تدعوني للسينما ، لم تحضر لي هديه في عيد ميلادي ، لم تقبلني حينما استيقظت صباحا ، تمزق الصور لقطع اصغر ، لست نبيل ، انت نذل مثلهم جميعا ... تتشاجر معه ، لاتنظر لي هكذا ، لاتحدق في متعجبا ، لست مجنونه ، لاتقل لي اهدئى فانت رجل غريب ليس لك شان بحالي وهدوئى وعصبيتي ، وتمزق الصور لقطع اصغر واصغر ، تمزقها وتبعثرها في الهواء ، تناثرت حولها قصاقيص الورق ، هذه عينيه ، هذا جزء من شعره ، هذا حاجبه او نصفه ، تبعثر في القصاقيص وتتشاجر معه ، انا لااحتاجك في حياتي ، حياتي جميله بدونك وبدون الاخرين ، من قال لك اني ضعيفه لهذا الحد ، لدرجه اني ارتبط برجل لااعرفه ، اشتاق له وانا لااعرف اسمه ، من قال لك هذا ، انا سيده قويه ، لااحتاج وجودك في حياتي ، انت مجرد مجهول لاقيمه له !!!!!
ونامت باكيه ، وحين استيقظت صباحا بحثت عنه لتلقي عليه تحيه الصباح لم تجده ، لملمت قصاقيص الورق المبعثره والقتها في القمامه كانها لاتعنيها ، تقسم انها سمعته يبكي وانها عاملته بقسوه وتجاهلته بكاءه واغلقت صفيحه القمامه بقسوه ونزلت من المنزل ، دخلت سيارتها لتشكو لصورته غيابه عن منزلها لكنها لم تعثر علي الصوره ، احست ضيقا سيطرت عليه ، احست ان يومها سخيف ، تقسم انه كان غائم في عينيها ، لاتعرف كيف مر اليوم ، لكنه مر بلا مذاق خاص ......
عادت لمنزلها ، اكلت بلا نفس ، شربت شايها باردا بعد ان نسيته طويلا وكسلت تصنع اخر غيره ، فتحت التلفزيون وتابعت برامجه بذهن غائب ، اتصلت بصديقاتها تتحدث معهن لكنها احست بخواء قطع مكالماتها التليفونيه ، دارت في البيت تشعر زهقا تكاد تبكي ، شاهدت عينيه تلومها ، عينين بلا صوره بلا رجل ، عينين معلقتين في الهواء يتابعها حركتها ......
تذكرت انها تحتفظ بصورته مطويه في حقيبتها ، اخرجت الورقه من الحقيبه وفتحتها ، حدقت في صورته وابتسمت وهمست له " وحشتني " تقسم انها سمعته يرد عليها " انتي اكتر !!" اعتذرت له عن جنونها ، تقسم ان الصوره ابتسمت لها وهمست " مافيش حاجه " احست حبا جارفا يجتاحها تجاه تلك الصوره وصاحبها ، جلست فوق الكنبه تحدق فيه وقررت تذهب للجريده صباحا تسالهم عن صاحب تلك الصوره علهم يذكروها به ، بسابقه معرفتها به ، احتضنت الصوره ونامت هانئه !!!
في الصباح ذهبت للجريده ، ومعها الورقه المطويه ، سالت عن محرر الصفحه الذي نشر الصوره ، انتظرته حين قالوا لها انه لاياتي قبل الثانيه ظهرا ، بقيت تحدق في الصوره سعيده انها ستعرف صاحبها ستكشف سره ستذهب اليه ستقابله ستخطره بانه صديقها الصدوق واثقه انه سيتعرف عليها ، واثقه انه سيحبها مثلما تحبه ، فهي صديقته التي يعرفها جيدا مثلما هو صديقها الذي تعرفه جيدا !!!
قابلت المحرر مرتبكه ، سالته بلا مقدمات عن صاحب الصوره ، امسك المحرر الصفحه المطويه باهمال وحدق في الصوره والقاها فوق مكتبه باهمال ، كادت تتشاجر معه ، سالته بزهق واضح عن صاحب الصوره ، اتصل بالارشيف الذي لم يرد عليه الا بعد محاولات كثيره شرب اثناءها ثلاث اكواب شاي ودخنت هي علبه سجائر كامله ، سال الارشيف عن صاحب الصوره ، طلب منها الذهاب للارشيف الذي سيساعدها في معرفه الصوره وصاحبها ، حين خرجت من الحجره ابتسم لزميله ساخرا من جنونها ...
استقبلها موظف الارشيف وهو يضحك ، كان شابا صغيرا ارعن ، لم يقوي علي كبت ضحكاته الحمقاء ، فكلمات المحرر الساخره منها تدوي في اذنه ، حاول الموظف السيطره علي نفسه وسالها عن الموضوع ، لم تشرح له اي شيء ، سالته عن صاحب الصوره ، تركها وغاب طويلا وعاد وهو يضحك ، القي امامها بملف قديم ، شرح لها وسط ضحكاته ، انها صوره لرجل دهسه قطار في الفجر ولم يتعرف احد علي جثته ، وانهم عثروا داخل جيب الجثه علي صوره له ، نشروها مره مع خبر موته ، ثم كرروا نشرها لان الرجل انيق وسيم ويمكن استخدام ملامحه في موضوعات مختلفه !!! حدقت في الصوره لاتصدق انه ميت ، قامت حزينه من مكانها تلمع الدموع المكبوته في عينيها ، وخرجت من الحجره ثم عادت مسرعه وجدت الموظف مازال يضحك ، سالته بصوت منكسر عن اسم الرجل ، افصح الرجل عن زهقه منها ، اوضح لها انه رجل ميت منذ زمن طويل لكنها ترجته يخبرها باسمه ، فتح الملف وبعثر اوراقه بملل ثم رفع راسه وهمس لها " نبيل " صرخت لم يفهم الرجل اي شيء ، صرخت بصوت اعلي وقبضت علي الورقه المطويه وضحكت وخرجت مسرعه من الحجره يتابعها الرجل يضحك ساخرا منها .......
خرجت للشارع تتنفس بعمق ، لاتصدق القصه المزيفه التي قصها عليها الموظف ، نعم هو نبيل ، لكنه لم يمت ومازال حيا !!!!!
عادت لمنزلها مبتسمه ، وزعت صوره علي كل مكان فيه ، وعاشت مع نبيل الذي اعادته صورته للحياه ، هو شريكها وانيس وحدتها وصديقها وحبيبها !!!!!! من قال انه مات !!! انه حي في حياتها ومعها !!!!! وكثيرا ما تحدق في الصوره وتسآله " ازيك يانبيل " وتقسم لاقرب الناس عندها انها تسمعه يرد عليها " انا كويس ازيك انت !!!!"
ولم تعد وحيدة !!!!!!!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق