مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

الحفيدة والتاريخ والعجوز الذي نسيته بسرعه !!!!




هل سيموت هذا الرجل ؟؟؟؟؟؟؟ طبعا سيموت ؟؟؟؟؟
ياللاسف ان الموت حقيقه تسري فوق رقاب الجميع !!!!! فموت هذا الرجل سيطوي معه صفحات كثيره ماكانت تظن السيده ابدا انها ستذهب !!! انه جزء من تاريخ ، انه التاريخ ، انه ماتبقي من التاريخ ، انه يذكرنا بماكان في التاريخ !!! لذا حزنت السيده جدا وقت تصورت مجرد تصور انه سيموت مع انها تعرف بالطبع ان الموت عليه وعلي الجميع حق !!!

انه نخله عجوز ، انحني جذعها وكاد سعفها يلمس الارض بعد ان مرت عليه الاعوام الف عام وقصمت الريح العاتيه شموخه !!!! انه سنديانه ضخمه تظلل المساحات الشاسعه حولها لكن جذوعها تيبست وكادت تموت لكنها هي الاخري لاتموت !!!!!

انه بوابه عتيقه لبيت قديم هدمه اصحابه ليتقاسموا ثمنه وهيلوا الانقاض فوق تاريخهم وذكرياتهم وهيبتهم واسم عائلتهم ، ولم يبق من كل هذا العز وكل هذه الهيبه الا ذلك الرجل ، فحين يشار اليه وهو يسير بخطواته الخبيثه لاتعرف تعبيرات وجهه يبتسم ام ان ملامحه منبسطه بطبيعتها مثلما هي ، حين يشار اليه ، تاتي سيره سرايه البيه الكبيره وحديقتها الواسعه وخيراتها الوفيره ولياليها الساهره والمداحين في رمضان والعجول المذبوحه في الاضحي وسرادقات العزاء الكبيره للهوانم ولمبات الزينه علي السور يوم فرح اول الفرحه الست الكبيره بنت البيه ، حين يشار اليه ، نتذكر البرقوق الاحمر وحبات المانجو التي تدفن في الجرائد القديمه حتي تنضج وقايه لها من الوطاويط التي تلبد في الشجره الكبيره وتنتظر اثمارها لتقيم ولائمها الشهيه ، لكن الرجل العجوز حرم الوطاويط غذائها ودفن حبات المانجو في اقفاص محكمه الاغلاق داخل طيات الجرائد القديمه ، تتذكر صفوف الورد الاحمر التي يزرعها بيده ويجمع زهراتها بيده ويخرطها بيده ويشرف علي تسكريها واحكام زجاج حفظها ويتذوقها اول من يتذوق مربي لاتشم رائحتها في اي مكان اخر غير الحديقه التي زرعها ذلك الرجل العجوز وسقها برحيق حبه فاثمرت مالم تثمره اي حديقه اخري ، تتذكر كور بيضاء من الزبد البلدي ، يحملها بنفسه فخورا لهانم الكبيره ارمله البيه فجرا ، يتغزل في لونها الشاهق ورائحتها المميزه وطعمها الخلاب !!!

انه بقايا التاريخ واخر اسطره الحية ، انه بقايا التاريخ واخر انفاسه الدافئه ... بسبب وجوده وعمره المديد مازال الناس في البلده البعيده يذكرون البيه الكبيره وسرايته ، يتذكرون خيره وعزه ، يتذكرون هيبته وكرمه ، يتذكرون العمار الذي ادخله علي البلده الصغيره حين رفض مغادرتها فزارها البهوات والبشوات وعلية القوم وانتشت القريه كلها بوجودهم وتفاخرت علي بقيه القري المنسيه من الخرائط ، بسبب جلسة الشاي التي يعقدها يوميا منذ سنوات بعيده بعد صلاه العشا تتجمع البلده تنصت لقصصه وحكايته ، يعيش البيه الكبير وزوجته واولاده وسرايته في وجدان الجميع علي لسانه وفي حواديته وتفاصيله ، هدم البيت وبيعت الارض ومات كل اصحابها لكن كل الماضي مازال حيا لان ذلك الرجل العجوز مازال حيا ، الماضي يعيش بداخله حاضر دائم !!!!

انها تحبه ، مثلما كانت امها تحبه و مثلما كانت جدتها تحبه ، انها الحفيده ، الجيل الرابع ..... التي لم تري بعينها شيئا ، لم تذهب للبلده التي هدمت سرايتها قبل ميلادها ، لم تآكل البرقوق شاحب اللون لكنها سمعت من الرجل العجوز الذي مازال يزورها في منزلها ، سمعت منه قصصا عن حلاوه ذلك البرقوق الذي تعجب الناس من شكله وطعمه ، شكله عليل كآنه مريض يوشك علي الموت وحلاوته تفوق كل الحلاوه التي يعرفها الناس ، يضحك الرجل فيظهر فكيه بلا اسنان ويقسم بصدقه رواياته وحلاوه البرقوق ، ويشير لساعده الذي ضرب في ارض الحديقه الضربه الاولي التي دفن علي اثرها بذره تلك الشجره ورواها بحبه وجلس بجوارها يغني لها فاثمرت ثمره من ثمار الجنه لم ياكل الانسان في الارض منذ نزول ادم في مثل حلاوتها !!!

تضحك الحفيده وتصدق الرجل ، ولاتقبل من زوجها احتجاجه علي جنون الرجل وعتهه واصطناعه لقصص لم تحدث مفسرا اصراره علي زيارتها باحتفاءها المبالغ فيه باعتباره من سيره الح
بايب ، لكنها ترفض حديث زوجها وترحب بالعجوز كلما زارها وتستبقيه معها ساعات تستجديه يقص عليها تاريخ عائلتها التي لاتعرفه ، نعم تعرف اسم جدها ووظيفته وسمعت عن السرايه وعزها ، لكن ذلك الرجل يملك تفاصيل مروعه كنز ثمين لايعرفه غيره سيندثر معه وتضيع معانيه الجميله .....

انه بقايا الذكريات التي لم تعشها الا معه ، هو احيي الاموات واعاد بناء المنزل وزينه باهله وقصصهم ضحكاتهم دموعهم وجودهم ، حين تراه تري كل مالم تراه ، تعيش كل مالم تعشه ، تحبه لدرجه الجنون ، ياتي لها بجذورها ويزرعها في عتبتها ، تحسه وش سعد وقدم خير ، لكنه مريض يسعل ، وهي مرعوبه ... هل سيموت هذلاا الرجل ؟؟؟ تعرف اجابه سؤالها الارعن ، طبعا سيموت !!!

تتمناه يقص لاطفالها عز الازمان البعيده التي لم تعشها ولم يعي
شوها ، تتمناه يعيش معها وسط اطفالها ياخذهم للماضي البعيد لقصص الاجداد لملامحهم التي ضاعت من اعين الجميع الا ذلك الرجل ، تتمناه يحكي لهم مالاتعرفه ، تحسه كتاب تاريخ يسير علي قدمين ، عاش في السرايه صبيا صغير مع ابيه وحضر زمن الكلوبات ولمبه الجاز وعاصر الثلاجه الخشبيه بالواح الثلج التي يحضرها فوق حماره من المدينه البعيده خوفا من غضب البيه الكبير ، عاش ايام دخلت الكهرباء ساعتين في البلده كل يوم ، كانت الساعتين اسعد الاوقات في الليل البهيم ، تتالق القريه بمئات اللمبات الدامسه ويشعر الناس بان النهار عاد لهم وسط الليل وحين تقطع الكهرباء يناموا جميعا ، عاش وقت كانت البيوت بالطين اللبن ، مباني تعيش فيها الحيوانات والبشر متجاورين ، فرن الخبز داخل باحه الدار ، ينام فوقه الاطفال في ليالي الشتاء البارده ، عاش ايام تموت فيها الاولاد والاحفاد لان الام اشفقت عليهم من القذاره فحممتهم فلفحهم الهواء واسخن بدنهم واماتهم ، هكذا ببساطه الحمام عدو الحياه ، فترك اولاده قذرين لايغسل حتي وجوههم ، وتشاجر مع النساء اللاتي يعصين امره ، لاتحمموا الاطفال ..... يضحك ، فيضحك اولادها لايصدقون ويسالها اصغرها ببراءه عن علاقه الموت بالحمام فتصمت لاتفهم هي شخصيا تلك العلاقه المعقده التي يراها العجوز واضحه جدا !!!!!

العجوز عجوز جدا ، ليس مجرد صفحات تاريخ لكنها صفحات باليه اصفرت من القدم ، عاش ايام لم تكتب في كتب التاريخ لكنها كتبت في قلبه في عقله في وجدانه ، هكذا تراه ، كتاب تاريخها الخاص ، مازال يسعل ومازالت فزعه ، لومات لضاع تاريخها الشخصي ، فقدت العلاقه بالماضي الجميل الذي لم تعشه لكنها موجود بوجوده ، واحكي لي يابا راضي عن جدتي ، ويحكي العجوز عن السيده الريفيه القويه التي ادارت السرايه بعد موت البيه الكبير ، كيف قبضت علي اولادها الرجال حتي اوصلتهم لبر الامان بعد موت ابيهم ص
غار ، كيف زوجت البنات من خيره العائلات بعد اهلتهم لتلك الزيجات بالبراعه في الطبخ والملاحه في الوجه والرزانه في الحديث ، كيف جمعت احفادها حولها لاتترك اي منهم يخرج من تحت ابطها ، كيف اغرتهم بترك العاصمه والبحر والصخب والضجيج ليقيموا معها كل اشهر الصيف في السرايه الكبيره ، يحكي عن الجده ولايصمت ، قصص كانها من الف ليله وليله ، يستمر في الحكي حتي يتعب ويؤذن العشا فيلملم جسده وذاكرته ويطلب الاذن بالرحيل ، تصوروا هذا العجوز يطلب من الحفيدة الاذن بالعوده للبلده ، هكذا اعتاد ، الاذن باب الادب ، ياخذ الاذن فلا ياتي تصرفا ينتقده احدهم في لحظه ما.....

العجوز يختم قصصه عن الجدة بحكي مصحوب بمرثيات وعويل عن يوم وفاتها ، وكيف كاد يقتل نفسه ، وكيف بكي بصوت وسط الرجال فانهاروا فهو كبيرهم وحين ينتحب
لابد ان مصيبه المصائب قد وقعت ، وكيف حمل جسدها فوق اكتافه متشاجرا مع الجميع هو عاش معها طيله العمر حملها علي راسها تاج عز وقت حياتها ويحمل جسدها فوق كتفه يوصلها للجنه كما اعتاد يقول ، نعم الجده ستدخل الجنه ، هكذا واثق هو ويقص علي كل الاحفاد قصتها ، يحكي لهم انها اتقت ربها في كل تصرفاتها وانه حلم لها بالجنه قبل موتها بايام قليله ، شاهد نفسه يحملها للجنه ، شاهدها تبتسم وتودعه ، شاهدها صبيه شابه مثلما شاهدها يوم دخل البيت للمره الاولي ، يقص علي الاحفاد انه استيقظ من النوم يبكي يعرف ساعه رحيلها ويصمت لايقول لهم انه مات الف مره وهو ينتظر موتها ...

ينتبه العجوز لسره الدفين يكاد يقفز من قلبه من عقله من ذاكرته ، يتذكر ايام رحيلها ، يجلس في الحديقه يتابعها ، يراها وهنه متعبه ، يراها تروح وتجيء يكاد يهجم عليها يقبلها يتمني لو بثها حبه الذي دفنه في صدره كل السنوات والعقود البعيده ، نعم هو احبها ، ليست فقط لانه ارمله البيه الكبير وليست لانها شخصيه قويه ، احبها لانها الانثي التي لم يتصور غيرها بين ذراعيه ، لكنها ارمله البيت وهو خولي الجنينه وحارسها والمسافات بينهما اوسع من المسافه بين السما والارض ولو باح لها بمشاعره لقتل ودفن تحت النخله الكبيره التي زرعها ولن يتجرآ احد علي السؤال عنه ، كتم حبه في قلبه وخدمها ، واحب اشجارها فاثمرت من قلبه ثمرات محبه لاتضاهيها فاكهه في الطعم ....

نعم راضي الخولي احب سيده المنزل وارمله البيه الكبير وست الهوانم ، يكاد يبتسم ، يوما استيقظ من نومه علي وجهها بدرا ، هرع للحديقه وجدها في الشرفه وحيده قمر ساطع في النهار ، يومها اقترب منها ونظره لها نظره فهمتها وتجاهلتها وسالته ببرود فيه حاجه ياراضي لم يرد عليها لانها تعرف مالذي فيه وتركته ودخلت للمنزل ، يكاد يقسم انه شاهد ابتسامه صغيره علي وجهها كانها فرحت بمشاعره الدفينه كانها احست بها ، يكاد يضحك ، انت مجنون ياراضي هكذا كان يقول لنفسه ، تعيش في الاوهام الحمقاء ، نعم مجنون واحبها !!!

صمت الرجل العجوز فلم تساله الحفيده عن سبب صمته ، ولو سالته ماقال لها ، انها احب الهانم الكبيره ، تصورها ستطرده من منزلها وربما تآمر بقتله !! نعم الايام تغيرت ولم تعد الحفيده سيدته وصاحبه نعمته ، يستطيع لو اراد يصدمها ويكشف له سر الايام البعيده ، لكنه لايرغب في خسارتها ولاكراهيتها ، هي صاحبه التاريخ البعيد ووريثته الوحيده ، لو هتك ستر مشاعره لقتلته ، وفي افضل الاحوال طردته عجوزا مخرف يهلوس بما يستحيل تصديقه ، لن يقول لها اي شيء ، هو ابيها راضي الخولي العجوز وهي ست الهوانم بنت العز وحفيده ست الستات ، هو يزورها لانها مثل جدتها سيده قويه عفيه ، هي لاتعرف انه يحب الجده فيها ، هي لاتعرف انه يحب جدتها فيها وانه ياتي لها فيري جدتها الكبيره ويستعيد جمال مشاعره التي لم يفصح عنها للحبيبه ولن يفصح عنها ابدا ....

تساله لماذا صمت ، لايرد وينتحب ، حمل حبيبته للجنه وبكاها كالنساء وبكي معه كل الرجال يتصوروه وفيا للسيده التي خدمها ، هو وفيا للسيده التي خدمها لكنه مالم يعرفوه ولن يعرفوه ابدا انه كان يبكي الحبيبه التي تركته ولم تسمع منه كلمه واحده وانه لم يتجرآ وينطق ، كان لايرفع عينه في عينها لكنه يراها يسمع صوتها تختلج مشاعره وتتبعثر دقات قلبه ، حملها للجنه وجلس علي قبرها اياما يحكي لها حبه الدفين وحين اثمرت المقبره شجره صغيره عرف انها عرفت بمشاعره وتبادله الحب الغرام !!! ا

انه عجوز مخرف هكذا كان يقول لنفسه ، خولي احب صاحبه البيت وست الهوانم وارمله البيه وتمناها تشعر بها وتحبه!!!! عجوز مخرف يقول لنفسه طيله الوقت ، لكنه الان ووقت صارت ايامه قليله وبوابه الرحيل تنتظر عبوره واثقا هو ان القلب المدفون في ذلك التراب احبه واحس به ، واثق ان الروح الهائمه التي تعيش في ملكوتها تحبه والا مااثمرت المقبره من وسط شواهدها شجره المحبه شجره مورقه تذكره دائما بوجودها الحي!!
انه كتاب التاريخ الذي لم اشتريه لكنه منحني صفحاته اقلبها واقرآ سيره اهلي بحب وامتنان !!!

ايها العجوز احبك ... لاتمت وتقتل سيره اهلي وتدفن تاريخهم معك !!!
ايتها الحفيده احبك ، فانت ثمره تلك الشجره ، انت مثل جدتك وروحها وسرها ومثلها انت هي سيده قويه عفيه وانا خادمك العجوز المحب وسازورك دوما !!!


واحكي لي ايها العجوز عن امي .... يضحك بلا اسنان ، امك كانت اجمل البنات و ابيها رفض معظم الرجال ممن تقدموا لخطبتها حتي تقدم ابيك فوافق جدك علي الفور ، ابيك كان رجلا ، هل تفهمين مااعني ، جدك كان يبحث لابنته عن رجل يصونها وجاء ابيك فمنحه لها دون جهد ، جدك افصح لي انه كاد يشتري ابيك لامك ، رجولته ميلت كفه الميزان لصالحه في مواجهه كل الرجال الذي لم يراهم جدك جديرين بامك زهره العائله ، يوم فرحها رقص جدك بالعصا ورقصت امامه ، يضحك العجوز وهو يشرب شايها الاخضر ، ورقصت الخيل علي المزمار وخرجت امك - قصدي الست الهانم الصغيره - من بوابه السرايه قمر بدر ، يضحك ، اجمل النساء التي رايتها ، يصمت العجوز ، انه يكذب ، فامها ، ارمله البيه كانت اجمل النساء واحنهن ، سالته لماذا الصمت ، يتدارك نفسه ، يعود لقصصه التي لاتنتهي ، يومها جدتك ذبحت عشره عجول واكلت البلده كلها وسهرنا للصباح وكانت ليله !!!!

يغادر العجوز وهي تفكر ، مازال هناك الكثير لم تعرفه عن تاريخها ، ستطالب العجوز يذهب للطبيب ، فسعاله يوترها ، حين يآتيها بعد عده شهور تلاحظ نحوله ، تتصوره مرضا ، لاتفهم انه الخولي العجوز مريض بالحب ، يشتاق اليها مثلما اشتاق لجدتها ، يتمني يجلس بجوارها يشم رائحه بدنها مثلما اشتاق لجدتها ، لكنها ممنوعه عليه مثلما كانت جدته ، نحل من كثره التفكير فيها ، طلبت منها الذهاب للطبيب ضحك ، الطبيب للضعفاء وهو قوي ويخلع نخله من مكانها بيد واحده !! ضحكت ، سرت ضحكتها في عروقه احس الشباب يعود اليه والقوه تدب في اوصاله ، كاد يقول لها انه كان يحب جدتها ، انتبه لجنونه لخرفه صمت ، لاحظت انه كاد يتحدث ثم عدل ، سالته الحت عليه لم ينطق ........

غشي الحزن قلبه ، مازال ضعيف امامها ، ماتت منذ سنوات بعيده وهو حي يتنفس لكنه مازال ضعيف ، يزور قبرها كثيرا ، يشير له الرجال في البلده بالوفاء ، اوفي من خدمها ، ماتت منذ سنوات بعيده لكنه لاينقطع عن زيارتها ، والشجره التي خرجت من قلبها للحياه تفصح له عن احساس روحها بحبه ، كبرت وكبرت ، يحب يجلس تحتها ، كانه يجلس في احضانها ، اوراقها لها رائحتها هو فقط الذي يعرف تلك الرائحه ، انها رائحه البدن العفي والطهاره والنظافه والاحترام ......

كانت سيدته وكان خادمها ، لكنها كانت حبيبته ولو عرفت حبه لحبته لكنه اشفق عليها وابقي عواطفه سرا ، اشفق عليها من مستحيل حلم بتحققه لكنه عبء علي النفس اغلال للروح فمااتعسك تحب من يستحيل يمنحك قلبه ، اشفق عليها من التعاسه التي كانت ستغمرها لو عر
فت بحبه ، ربما فكرت تبادله الحب ، ربما فكرت تعيش حبها معه ، ربما قررت تتحدي القريه والابناء وعظام البيه في قبره والتقاليد والدنيا كلها وتدخل في حضنه ، وقتها كانت ستعرف معني الرجوله ومعني الحنان ومعني الغرام ومعني المحبه ، يبتسم راضي ابتسامته الشهيره التي لايفهم احد سببها ، انت مخرف ياراضي وعجوز اخرق احمق اكلت الايام عقلك وتركتك تهذي ، من انت ايها المجنون حتي تحلم بالمستحيلات السبعه تتمناها كلها في ثانيه واحده ، انت خولي وخادم واجير وطوع بنانها وبقيه ميراث عائلتها وملك يمينها ، نعم كل هذا انا واكثر انا الخادم في الحياه والسيد في العشق لكن الحياه المستبده لم تمنحني ثانيه واحده امنحها مشاعري !!!

تتسع ابتسامته انت مخرف احمق ياراضي وكفاك جنون !!!
احكي لي عن جدتي يابا راضي لكنه لن يحكي ، اليوم اتي لرؤيتها ، يشعر انه راحل ، لن يخبرها ، لن يحزنها ، لكنه يملي عينيه منها من جدتها في حدقتيها ، كفاه قصص كفاه حواديت ، قال لها كل مايعرفه الا سره ، قال لها كل ماعاشه الا معاناته ، قص عليها كل الايام والليالي الا تلك التي سهرها يجافي النوم عينيه يحلم يقظا بالعتق من الاسر والعتق من العشق !!!

لملم نفسه قبل صلاه المغرب وودعها ، ترقرت الدموع في عينيه يوجعه فراقها ، لم تفهم سبب رحيله المبكر ، مدت له كفها تودعها قبض عليه بكفيها الخشنتين ، كاد يقبل يدها سحبتها فرت من عينه دمعه ، مثل جدتها ، لم تسمح له ابدا يقبل يديها ، كاد يصرخ اقبلك حبا ثم كتم صراخاته في نفسك واعطاها ظهره ورحل ....


لاتعرف لماذا داهمها الحزن ، لاتعرف لماذا بقيت في مقعدها تنتحب وتبكي ، لاتعرف سر الشجن الذي انفجر في نفسها جارفا !!!
لكنها بقيت طيله الليله تبكي وتحلم بالنهار ستتصل بأبا راضي وتطلب منه يزورها قريبا لكن النهار لم ياتي علي راضي ثانية ففي الليل وبمنتهي الهدوء رحل بعد ان طوي كتب التاريخ وسره المجنون واخذهم معه للعالم الذي تمناه !!!

وقتما علمت بموته انفجرت في البكاء ، كل التاريخ مات ، فراضي لم يكن ابدا في عينها انسان حقيقي بل كان كتاب تاريخ حفظ سيرة اسرتها .. انتبهت لمشاعرها صوبه احست نفسها ظلمته ، نعم راضي لم يكن انسان بل شريط ممغنط سجلت عليه الايام تاريخ عائلتها ، حزنت لانها ظلمته ، لم تساله يوما عن نفسه عن اسرته عن احواله ، لم تهتم ابدا بوجوده الذي لم يعني لها اي شيء بل اهتمت بالتاريخ الذي احتله ... بكت الحفيده ساعتين يومين اسبوعين وبسرعه وبمنتهي الانانيه والقسوه استحوذت من راضي الخولي العجوز علي ماكان يخصها تاريخ وسيره اسرتها وظلت تتذكره طيله حياتها ونسيت الرجل بسرعه كانها لم تعرفه ابدا !!!

هامت روح راضي فوق مقبره الحبيبه وسرعان مانبتت شجره عشقه بجوار شجره حبيبته وبقيت الشجرتان متجاورتان رمزا للحب لمن يفهم!!








ليست هناك تعليقات: