من مذكرات خادمه صغيره !!!!
لصقت انفها الصغير بالزجاج السميك !!!
لصقت انفها بالزجاج وتتابعت انفاسها فرسم علي الزجاج النظيف دوائر صغيره هواء ساخن يخرج من فتحات انفها للزجاج يكتب قصه حياتها البائسه بلا كلمات او سطور !!!
الزجاج يعرض من خلفه اثواب انيق ، زاهيه الالوان ، مزركشه بالشرائط الستان والفيونكات والفرحه ، لاتجروء تدخل المحل ، تحمل بيديها شبكه ثقيله مليئه بالخبز والخضراوت ، تعبر علي تلك الفاترينه كل يوم ، في طريقها للسوق وحين تعود منه ، تراقب الاثواب تتغير ، كل الاثواب تعجبها لكنها لاتملك الاحق المشاهده والاعجاب ، كل يوم تعبر بسرعه ولاتجرء تقف تتأمل كل الروائع التي تعجبها ، كثيرا ماتقول لنفسها لاتقفي ولا تنظري ولاتعجبي ....
هذا العالم لامكان لكي فيه ، بالعكس تزيد سرعتها امام باب المحل ، كانها تخاف يخرج عفريتا يجذبها للداخل ، فتزداد قهرا ، سيسخروا منها ، فتاه صغيره بجدائل رفيعه كجسدها النحيل ، ترتدي جلابيه قديمه قذره ، نعم تغسلها كثيرا ، لكن الاوساخ احتلت نسيجها فلا تنظف ابدا ، ترتدي جلابيه قديمه قذره وبنطلون قصير وشبشب بلاستيك ، لو دخلت المحل لطردوها ، لكن الرصيف بتاع الحكومه ، تقف عليه بعيدا عن الباب فلاتحرج المترددين علي المحل بفقرها ، تقف تتفرج علي البائعات يغيرن الفاترينه كل يوم ، اثواب اجمل من بعضها ، بلاطي ، قبعات ، ملابس بحر ، شبشب ملون ، ملابس داخليه زاهيه ، تتفرج وتمتع بصرها وكثيرا ماتشتري في مخيلتها كل الاثواب وتري نفسها فيهم اجمل الجميلات ، تري عيناها تلمع وشعرها مرتب واظافرها نظيفه ورائحه جسدها بديعه كمثل الصابون الذي تستعمله صاحبه المنزل الذي تخدم فيه ، تشتري كل الاثواب في خيالها وتلبسهم وتخلعهم بمنتهي السعاده ، وتعود لمنزل مخدومتها تسب وتلعن هي وابيها واسرتها الحافيين الفقراء ، لكنها لاتكترث ، فالشتيمه لاتلتصق ببدنها النحيل وحلمها لن تصادره مخدومتها ولاتملك تصادره !!!!
مازالت تلصق انفها في الزجاج ، لاتعرف مالذي حدث اليوم ، كانت عائده من السوق كعادتها ، تحمل شبكه ثقيله بيديها الاثنتين ، خبز وخضروات ، تسير بخطوات سريعه لانها تعرف ماينتظرها اذا عادت متأخره ، ستشتم هي وابيها وامها ، وربما تنال قلمين وقرصه من مخدومتها ، تلك السيده العصبيه المجنونه التي لاتكف ولا تتوقف عن سبابها ، تسير بخطوات سريعه ، لكن الفاترينه الزجاج جذبتها ، مرت بجانبها وعدت ، لكن شيئا ما نادها ، عادت مسرعه ، الفاترينه الزجاجيه تلمع تسطع ، كان شمسا بداخلها تسطع ، اقتربت ، لاتري مالذي جذبها ، اثواب جميله جديده في الفاترينه ، لكنها لاتري جيدا ، تقترب وتقترب ، لكنها مازالت لاتري ، تقترب اكثر ، تلصق انفها في الفاترينه ، نعم شاهدته فستان ابيض ستان كمثل فستان مخدومتها التي ذهبت به فرح قريبتها ، فستان طويل ستان ابيض يلمع مزين بالورود والماسات الزائفه ، فستان ابيض ستان ومعه تاج ماسي ، جذبا نظرها بشده ....
يعجبها الفستان ، تري شعرها مصففا جميلا يزينه التاج الماسي ، ستترك الخدمه في منزل السيده العصبيه ، وتاخذ من ابيها جزء من راتبها الذي ادخره كما قال لها ، وستشتري الفستان الابيض والتاج الماسي ، ترتديه يوم العيد في البلده الصغيره ، ستتباهي به علي كل فتيات بلدتها ، ستري في عيونهن نظرات الاعجاب والحسد ، سترفعه من فوق الارض قليلا كي لا يتوسخ بقاذروات الطرق الترابيه التي تلعب فيها مع صديقاتها ، لن تشتري بومب في ذلك العيد خوفا علي الفستان ، لن تركب عجله ، لن تركب المرجيحه التي تعلو لفوق وتهبط لتحت ، ستخاف علي الفستان الابيض والتاج الماسي ، ستلعب مع الفتيات ولن تسمح لواحده منهم تلمسه ، اصابعهن قذره واظافرهن تنام فوق طبقات من الطين المتكلس ، لن تسمح لهن بلمس الفستان ، ستسير به متباهيه في طرقات البلده ، ستجلس به تحت الجميزه ، لا لن تفعل ، سيتسخ ، ستبقي واقفه لاتجلس تراقب صديقاتها الجالسات علي الارض بجلاليبهن الكستور الخشنه ، لن تجري معهن ، لن تتقاذف معهن بحبات الطماطم الفاسده ، لن تحدفهن بقشر اليوسفي ولن تسمح لهن يرموا عليها بذره ، لن تمص قصب يوم العيد مثلما اعتادت ، فعصيره سينهال فوق صدر فستانها الاغلي عليها من القصب وسكره !!!
تدفن انفها في الزجاج اكثر واكثر ، تكاد تخترقه بانفها ، مازالت فتحات انفها والهواء الساخن يرسما علي الزجاج شكل احلامها شكل اوهامها ، مازالت تتنفس رغبتها المستحيله ، ستمد يدها عبر الزجاج وتخطف التاج الماسي والفستان، ستتصل بابيها تبكي يحضر جزء ضيئل من راتبها تشتري الفستان والتاج وستعده لن تطالبه ابدا بعد اليوم باي نقود ولينفق راتبها كما يشاء علي اكل امها وسجائره وشاي القهوه ، ستتصل به فور عودتها لمنزل مخدومتها ، ستبكي وتصرخ امي وحشتني ، وحين تطلب لها ابيها في التليفون ، ستنسي امها وتطالبه بجزء من راتبها ، هذا الفستان لها ، لن يشتريه احد غيرها ، ستستشريه وترتديه يوم العيد وتستمتع ببريقه ونعومه ملمسه وسطوع ماسات تاجه وبعد ذلك فليحدث في الدنيا مايحدث !!!!
ضربه ، فزع ، ارتباك ، بائع خرج من المحل وضربها بقبضته بقوه علي كتفها ، امشي يابت من هنا ، تمايلت كادت تسقط ، تشفق عليه ، لايعرفها ، لايعرف انها التي ستتشري ذلك الفستان الجميل ، يضربها ثانيه ، هل سقطت علي الارض ، نعم سقطت ، هل فقدت الوعي ، نعم فقدته قليلا ، سقطت الشبكه من يديها ، تناثرت الخضروات علي الارض ، ستضربها مخدومتها حين تعود للمنزل ، تاخرت عن ميعاد عودتها ، بعثرت الخضروات علي الارض ، لن تقول لها ان الشبكه افتلتت من يديها وقت ضربها البائع ، لن تخبرها بشيء ، امشي يابت من هناك غوري يالا ، هي الارض مبعثره هي وكرامتها والخضروات ، ستقف علي قدميها ، ستقترب من الفاترينه الزجاج ، لن تكترث بلكماته ، ستودع ثوب احلامها وتتصل بابيها وتشتريه فورا !!!
مازالت علي الارض ، كانها مستمتعه بسقوطها ، علي عتبه ثوب الاحلام ، الثوب الابيض الستان والتاج الماسي ، ستقوم ، ستلم الخضروات المبعثره وتقوم ، تلصق انفها بالزجاج تودع الثوب وستعود له مسرعه ، مرت بجوارها سيده وابنتها خارجتان من المحل ، تحمل السيده حقيبه كبيره باسم المحل ، ابتسمت ، غدا او بعد الغد علي الاكثر ، ستشتري الثوب والتاج وتخرج من المحل تحمل مثل تلك الحقيبه الورقيه الكبيره ، البائع الذي لكمها الان هو الذي سيفتح لها باب الخروج ويودعها مبتسما ، وقتها لن تعاتبه لانه لكمها ، لكنها ستذكره بنفسها وتترك ضميره يؤنبه ، لانه لكم زبونه مهمه اشترت اانق اثوابه ، مازالت علي الارض تتابع السيده وابنتها ، سعيده الابنه ، تظهر سعادتها جليا من طريقه مشيتها وارجحه ذراعيها ، غدا او بعد الغد ستكون اسعد منها ، ستصرخ وقت تشتري الفستان ستضحك ستصرخ فرحه ستضحك سعيده ، ستطير وتحلق بعيدا عن الارض ، كانها ستنضم للملائكه ، ملاك صغير بثوب ابيض ستان وتاج ماسي تحلق وسط الملائكه ، ستشتري الثوب وتصرخ من السعاده ، سيفرح لها البائع ويمنحها اجمل ابتساماته ، من كان يقول ان تلك الخادمه الصغيره بثوبها القديم القذر ستشتري ذلك الثوب الملائكي الملوكي !!!
جمعت الخضروات المبعثره علي الارض وقامت تستعد للعوده لمنزل مخدومتها ، نعم ستشتمها ، نعم ستسبها ، ربما تلكمها في صدرها ، ربما تضربها قلم ساخن علي عينها مثلما تفعل كثيرا ، اليوم بالذات لن يهمني ، لن اكترث ، اعرف اني تاخرت ، كل مره كانت تظلمني لكنها هذه المره محقه ، نعم تاخرت ولن اغضب من عقابها ، تاخرت لاني كنت احدق في الثوب الانيق الذي ساشتريه للعيد ، قامت سعيده خدره ، احلامها تلون احاسيسها بلون الفرحه ، اقتربت من زجاج الفاترينه ، اقتربت اكثر واكثر ، لاتري شيئا ، لصقت انفها الصغير بالزجاج ، لم تري شيئا ، دفنته في الزجاج كانها ستخترقه ، لم تري الثوب في الفاترينه ، دعكت في عينيها ونظرت ثانيه ، لاتري الثوب ، ربما حركوه في مكان اخر بالفاترينه ، تتجول ببصرها فزعه ، لاتراه ، تسارعت دقات قلبها ، اين ذهب الثوب الجميل الملائكي الملوكي ، كان دموعها فيضانا هدم السدود العاتيه وانفجر عاتيا ، تنهال دموعها ساخنه سريعه فوق وجنتها فوق الزجاج !!!
تدخل المحل مسرعه ، خادمه صغيره ترتدي جلباب قديم قذر وبنطلون قصير ، شعرها اشعث ، تحمل شبكه ثقيله بها خبر وخضروات ، تقتحم باب المحل وتدخل مسرعه ، تبكي لاتعثر علي كلمات مناسبه تصيغ بها سؤالها الملح ، فين ال .... فين اللي كان .... الفستان .... تتلعثم ، يجري عليه البائعين ، بره يابت بره ، لاتتحرك ، دموعها تنهمر فياضه وكلماتها متلعثمه ، فين ال ... امشي يابت من هنا لانجيب لك العسكري ، لكنها لاتخاف ولاتخرج ، والنبي والنبي سؤال بس ، فين ال .... ولاتجد كلمات .... الفستان الابيض اللي كان هنا من شويه ، ينظر لها البائع مغتاظا ، اه ، قصدك الفستان الستان اللي كان في الفاترينه ،وانت مالك انت يابت بيه ، مالك انتي ، يالا امش انجري من هنا ، ترتعش بجسدها النحيل ، تسقط شبكه الخضروات من اصابعها الرفيعه ، مازالت تبكي ، ايوه يعني راح فين ، يضحك البائع ، الفستان اتباع ، ليك فيه ، بعناه للانسه الصغيره اللي لسه خارجه من المحل حالا ، امشي يابت بقي من هنا لاجيب لك العسكري ، يالا غوري ، تشفق عليها البائعه الهرمه ، تقترت منها ، مالك ياماما فيه حاجه ، يصرخ البائع فيهما ، احنا فينا من مالك ، يالا يابت من هنا ، سيبها تغور ، دي شكلها يطفش الزباين من المحل ، لاتسمعهما ، لاتفهم كلماتهما ، فقط يدوي في اذنها ، الفستان اتباع ، الفستان اتباع !!!!
مازالت تبكي ، خرجت من المحل كسيره محطمه الفؤاد ، لافيه فستان ولا حلم ولايوم العيد ولا حسد الفتيات ولا التاج الماسي ، مازالت تبكي ، خادمه فقيره بجلباب قديم ، تحمل شبكه الخضروات والخبر ، تتمني تلقيهم علي الارض ، تتمني تفر ، ستعود لحضن امها وتبكي ، تكره الخدمه في البيوت ، تحقد علي سيدتها واولادها ، يملكون كل شيء وهي لا تملك الا جلبابها الفقير القديم ، تحقد علي ابيها ، ياخذ راتبها يشرب به شيشه علي القهوه ولا يعطيها قرش صاغ احمر ، تكرههم كلهم ، كانت ستحبهم لو اشترت الفستان ، لكن الانسه الصغيره الانيقه مع امها المحترمه اشترته قبلها ، حظها قليل لا حظها منعدم ، من الذي حكم عليها تخدم في البيوت وتلبس الجلاليب القذره القديمه والبنطلونات القصيره ، من الذي حكم عليها تنزل السوق تشتري خضروات اثقل من وزنها وتقف في طابور الخبر يقرصها الشباب قليل الادب ، من الذي حكم عليها بهذا المصير الاسود ، مازالت تسير بخطوات بطيئه بطيئه !!!
وقفت امام باب الشقه تعرف ماينتظرها ، فتحت لها مخدومتها العصبيه ، لطمتها بالقلم علي وجهها ، ترنحت كادت تسقط ، دخلت الشقه تلاحقها الشتائم والالفاظ القاسيه ، تفكر في الفستان الذي ضاع وابيها الذي ياخذ راتبها وامها قليله الحيله ، وانفجرت في البكاء اكثر واكثر تتمني لو تدخل حضن امها وتموت !!!!!!!!!!!!
لصقت انفها بالزجاج وتتابعت انفاسها فرسم علي الزجاج النظيف دوائر صغيره هواء ساخن يخرج من فتحات انفها للزجاج يكتب قصه حياتها البائسه بلا كلمات او سطور !!!
الزجاج يعرض من خلفه اثواب انيق ، زاهيه الالوان ، مزركشه بالشرائط الستان والفيونكات والفرحه ، لاتجروء تدخل المحل ، تحمل بيديها شبكه ثقيله مليئه بالخبز والخضراوت ، تعبر علي تلك الفاترينه كل يوم ، في طريقها للسوق وحين تعود منه ، تراقب الاثواب تتغير ، كل الاثواب تعجبها لكنها لاتملك الاحق المشاهده والاعجاب ، كل يوم تعبر بسرعه ولاتجرء تقف تتأمل كل الروائع التي تعجبها ، كثيرا ماتقول لنفسها لاتقفي ولا تنظري ولاتعجبي ....
هذا العالم لامكان لكي فيه ، بالعكس تزيد سرعتها امام باب المحل ، كانها تخاف يخرج عفريتا يجذبها للداخل ، فتزداد قهرا ، سيسخروا منها ، فتاه صغيره بجدائل رفيعه كجسدها النحيل ، ترتدي جلابيه قديمه قذره ، نعم تغسلها كثيرا ، لكن الاوساخ احتلت نسيجها فلا تنظف ابدا ، ترتدي جلابيه قديمه قذره وبنطلون قصير وشبشب بلاستيك ، لو دخلت المحل لطردوها ، لكن الرصيف بتاع الحكومه ، تقف عليه بعيدا عن الباب فلاتحرج المترددين علي المحل بفقرها ، تقف تتفرج علي البائعات يغيرن الفاترينه كل يوم ، اثواب اجمل من بعضها ، بلاطي ، قبعات ، ملابس بحر ، شبشب ملون ، ملابس داخليه زاهيه ، تتفرج وتمتع بصرها وكثيرا ماتشتري في مخيلتها كل الاثواب وتري نفسها فيهم اجمل الجميلات ، تري عيناها تلمع وشعرها مرتب واظافرها نظيفه ورائحه جسدها بديعه كمثل الصابون الذي تستعمله صاحبه المنزل الذي تخدم فيه ، تشتري كل الاثواب في خيالها وتلبسهم وتخلعهم بمنتهي السعاده ، وتعود لمنزل مخدومتها تسب وتلعن هي وابيها واسرتها الحافيين الفقراء ، لكنها لاتكترث ، فالشتيمه لاتلتصق ببدنها النحيل وحلمها لن تصادره مخدومتها ولاتملك تصادره !!!!
مازالت تلصق انفها في الزجاج ، لاتعرف مالذي حدث اليوم ، كانت عائده من السوق كعادتها ، تحمل شبكه ثقيله بيديها الاثنتين ، خبز وخضروات ، تسير بخطوات سريعه لانها تعرف ماينتظرها اذا عادت متأخره ، ستشتم هي وابيها وامها ، وربما تنال قلمين وقرصه من مخدومتها ، تلك السيده العصبيه المجنونه التي لاتكف ولا تتوقف عن سبابها ، تسير بخطوات سريعه ، لكن الفاترينه الزجاج جذبتها ، مرت بجانبها وعدت ، لكن شيئا ما نادها ، عادت مسرعه ، الفاترينه الزجاجيه تلمع تسطع ، كان شمسا بداخلها تسطع ، اقتربت ، لاتري مالذي جذبها ، اثواب جميله جديده في الفاترينه ، لكنها لاتري جيدا ، تقترب وتقترب ، لكنها مازالت لاتري ، تقترب اكثر ، تلصق انفها في الفاترينه ، نعم شاهدته فستان ابيض ستان كمثل فستان مخدومتها التي ذهبت به فرح قريبتها ، فستان طويل ستان ابيض يلمع مزين بالورود والماسات الزائفه ، فستان ابيض ستان ومعه تاج ماسي ، جذبا نظرها بشده ....
يعجبها الفستان ، تري شعرها مصففا جميلا يزينه التاج الماسي ، ستترك الخدمه في منزل السيده العصبيه ، وتاخذ من ابيها جزء من راتبها الذي ادخره كما قال لها ، وستشتري الفستان الابيض والتاج الماسي ، ترتديه يوم العيد في البلده الصغيره ، ستتباهي به علي كل فتيات بلدتها ، ستري في عيونهن نظرات الاعجاب والحسد ، سترفعه من فوق الارض قليلا كي لا يتوسخ بقاذروات الطرق الترابيه التي تلعب فيها مع صديقاتها ، لن تشتري بومب في ذلك العيد خوفا علي الفستان ، لن تركب عجله ، لن تركب المرجيحه التي تعلو لفوق وتهبط لتحت ، ستخاف علي الفستان الابيض والتاج الماسي ، ستلعب مع الفتيات ولن تسمح لواحده منهم تلمسه ، اصابعهن قذره واظافرهن تنام فوق طبقات من الطين المتكلس ، لن تسمح لهن بلمس الفستان ، ستسير به متباهيه في طرقات البلده ، ستجلس به تحت الجميزه ، لا لن تفعل ، سيتسخ ، ستبقي واقفه لاتجلس تراقب صديقاتها الجالسات علي الارض بجلاليبهن الكستور الخشنه ، لن تجري معهن ، لن تتقاذف معهن بحبات الطماطم الفاسده ، لن تحدفهن بقشر اليوسفي ولن تسمح لهن يرموا عليها بذره ، لن تمص قصب يوم العيد مثلما اعتادت ، فعصيره سينهال فوق صدر فستانها الاغلي عليها من القصب وسكره !!!
تدفن انفها في الزجاج اكثر واكثر ، تكاد تخترقه بانفها ، مازالت فتحات انفها والهواء الساخن يرسما علي الزجاج شكل احلامها شكل اوهامها ، مازالت تتنفس رغبتها المستحيله ، ستمد يدها عبر الزجاج وتخطف التاج الماسي والفستان، ستتصل بابيها تبكي يحضر جزء ضيئل من راتبها تشتري الفستان والتاج وستعده لن تطالبه ابدا بعد اليوم باي نقود ولينفق راتبها كما يشاء علي اكل امها وسجائره وشاي القهوه ، ستتصل به فور عودتها لمنزل مخدومتها ، ستبكي وتصرخ امي وحشتني ، وحين تطلب لها ابيها في التليفون ، ستنسي امها وتطالبه بجزء من راتبها ، هذا الفستان لها ، لن يشتريه احد غيرها ، ستستشريه وترتديه يوم العيد وتستمتع ببريقه ونعومه ملمسه وسطوع ماسات تاجه وبعد ذلك فليحدث في الدنيا مايحدث !!!!
ضربه ، فزع ، ارتباك ، بائع خرج من المحل وضربها بقبضته بقوه علي كتفها ، امشي يابت من هنا ، تمايلت كادت تسقط ، تشفق عليه ، لايعرفها ، لايعرف انها التي ستتشري ذلك الفستان الجميل ، يضربها ثانيه ، هل سقطت علي الارض ، نعم سقطت ، هل فقدت الوعي ، نعم فقدته قليلا ، سقطت الشبكه من يديها ، تناثرت الخضروات علي الارض ، ستضربها مخدومتها حين تعود للمنزل ، تاخرت عن ميعاد عودتها ، بعثرت الخضروات علي الارض ، لن تقول لها ان الشبكه افتلتت من يديها وقت ضربها البائع ، لن تخبرها بشيء ، امشي يابت من هناك غوري يالا ، هي الارض مبعثره هي وكرامتها والخضروات ، ستقف علي قدميها ، ستقترب من الفاترينه الزجاج ، لن تكترث بلكماته ، ستودع ثوب احلامها وتتصل بابيها وتشتريه فورا !!!
مازالت علي الارض ، كانها مستمتعه بسقوطها ، علي عتبه ثوب الاحلام ، الثوب الابيض الستان والتاج الماسي ، ستقوم ، ستلم الخضروات المبعثره وتقوم ، تلصق انفها بالزجاج تودع الثوب وستعود له مسرعه ، مرت بجوارها سيده وابنتها خارجتان من المحل ، تحمل السيده حقيبه كبيره باسم المحل ، ابتسمت ، غدا او بعد الغد علي الاكثر ، ستشتري الثوب والتاج وتخرج من المحل تحمل مثل تلك الحقيبه الورقيه الكبيره ، البائع الذي لكمها الان هو الذي سيفتح لها باب الخروج ويودعها مبتسما ، وقتها لن تعاتبه لانه لكمها ، لكنها ستذكره بنفسها وتترك ضميره يؤنبه ، لانه لكم زبونه مهمه اشترت اانق اثوابه ، مازالت علي الارض تتابع السيده وابنتها ، سعيده الابنه ، تظهر سعادتها جليا من طريقه مشيتها وارجحه ذراعيها ، غدا او بعد الغد ستكون اسعد منها ، ستصرخ وقت تشتري الفستان ستضحك ستصرخ فرحه ستضحك سعيده ، ستطير وتحلق بعيدا عن الارض ، كانها ستنضم للملائكه ، ملاك صغير بثوب ابيض ستان وتاج ماسي تحلق وسط الملائكه ، ستشتري الثوب وتصرخ من السعاده ، سيفرح لها البائع ويمنحها اجمل ابتساماته ، من كان يقول ان تلك الخادمه الصغيره بثوبها القديم القذر ستشتري ذلك الثوب الملائكي الملوكي !!!
جمعت الخضروات المبعثره علي الارض وقامت تستعد للعوده لمنزل مخدومتها ، نعم ستشتمها ، نعم ستسبها ، ربما تلكمها في صدرها ، ربما تضربها قلم ساخن علي عينها مثلما تفعل كثيرا ، اليوم بالذات لن يهمني ، لن اكترث ، اعرف اني تاخرت ، كل مره كانت تظلمني لكنها هذه المره محقه ، نعم تاخرت ولن اغضب من عقابها ، تاخرت لاني كنت احدق في الثوب الانيق الذي ساشتريه للعيد ، قامت سعيده خدره ، احلامها تلون احاسيسها بلون الفرحه ، اقتربت من زجاج الفاترينه ، اقتربت اكثر واكثر ، لاتري شيئا ، لصقت انفها الصغير بالزجاج ، لم تري شيئا ، دفنته في الزجاج كانها ستخترقه ، لم تري الثوب في الفاترينه ، دعكت في عينيها ونظرت ثانيه ، لاتري الثوب ، ربما حركوه في مكان اخر بالفاترينه ، تتجول ببصرها فزعه ، لاتراه ، تسارعت دقات قلبها ، اين ذهب الثوب الجميل الملائكي الملوكي ، كان دموعها فيضانا هدم السدود العاتيه وانفجر عاتيا ، تنهال دموعها ساخنه سريعه فوق وجنتها فوق الزجاج !!!
تدخل المحل مسرعه ، خادمه صغيره ترتدي جلباب قديم قذر وبنطلون قصير ، شعرها اشعث ، تحمل شبكه ثقيله بها خبر وخضروات ، تقتحم باب المحل وتدخل مسرعه ، تبكي لاتعثر علي كلمات مناسبه تصيغ بها سؤالها الملح ، فين ال .... فين اللي كان .... الفستان .... تتلعثم ، يجري عليه البائعين ، بره يابت بره ، لاتتحرك ، دموعها تنهمر فياضه وكلماتها متلعثمه ، فين ال ... امشي يابت من هنا لانجيب لك العسكري ، لكنها لاتخاف ولاتخرج ، والنبي والنبي سؤال بس ، فين ال .... ولاتجد كلمات .... الفستان الابيض اللي كان هنا من شويه ، ينظر لها البائع مغتاظا ، اه ، قصدك الفستان الستان اللي كان في الفاترينه ،وانت مالك انت يابت بيه ، مالك انتي ، يالا امش انجري من هنا ، ترتعش بجسدها النحيل ، تسقط شبكه الخضروات من اصابعها الرفيعه ، مازالت تبكي ، ايوه يعني راح فين ، يضحك البائع ، الفستان اتباع ، ليك فيه ، بعناه للانسه الصغيره اللي لسه خارجه من المحل حالا ، امشي يابت بقي من هنا لاجيب لك العسكري ، يالا غوري ، تشفق عليها البائعه الهرمه ، تقترت منها ، مالك ياماما فيه حاجه ، يصرخ البائع فيهما ، احنا فينا من مالك ، يالا يابت من هنا ، سيبها تغور ، دي شكلها يطفش الزباين من المحل ، لاتسمعهما ، لاتفهم كلماتهما ، فقط يدوي في اذنها ، الفستان اتباع ، الفستان اتباع !!!!
مازالت تبكي ، خرجت من المحل كسيره محطمه الفؤاد ، لافيه فستان ولا حلم ولايوم العيد ولا حسد الفتيات ولا التاج الماسي ، مازالت تبكي ، خادمه فقيره بجلباب قديم ، تحمل شبكه الخضروات والخبر ، تتمني تلقيهم علي الارض ، تتمني تفر ، ستعود لحضن امها وتبكي ، تكره الخدمه في البيوت ، تحقد علي سيدتها واولادها ، يملكون كل شيء وهي لا تملك الا جلبابها الفقير القديم ، تحقد علي ابيها ، ياخذ راتبها يشرب به شيشه علي القهوه ولا يعطيها قرش صاغ احمر ، تكرههم كلهم ، كانت ستحبهم لو اشترت الفستان ، لكن الانسه الصغيره الانيقه مع امها المحترمه اشترته قبلها ، حظها قليل لا حظها منعدم ، من الذي حكم عليها تخدم في البيوت وتلبس الجلاليب القذره القديمه والبنطلونات القصيره ، من الذي حكم عليها تنزل السوق تشتري خضروات اثقل من وزنها وتقف في طابور الخبر يقرصها الشباب قليل الادب ، من الذي حكم عليها بهذا المصير الاسود ، مازالت تسير بخطوات بطيئه بطيئه !!!
وقفت امام باب الشقه تعرف ماينتظرها ، فتحت لها مخدومتها العصبيه ، لطمتها بالقلم علي وجهها ، ترنحت كادت تسقط ، دخلت الشقه تلاحقها الشتائم والالفاظ القاسيه ، تفكر في الفستان الذي ضاع وابيها الذي ياخذ راتبها وامها قليله الحيله ، وانفجرت في البكاء اكثر واكثر تتمني لو تدخل حضن امها وتموت !!!!!!!!!!!!
هناك تعليق واحد:
أقسى من الأعتيالات الدموية الوحشية
اغتيالات الأحلام
فهى الأحلى والأكثر حياة والأكبر
واغتيالها أكثر خسة
إرسال تعليق