اغرب صدفه كانوا يتمنوهااااا .....
هل مازالت تشعر بالرتابه ، هي جالسه في المطار علي مقعد موجع تنتظر !!! امامها عشره ساعات في المطار !!! نعم ... عشره ساعات باكملها !!! قادمه من بعيد ... ذاهبه لبعيد ... وبين الوصول والسفر عشره ساعات ....في مكتب حجز التذاكر سخرت من موضوع العشره ساعات واعتبرته مساله تافهه ، عشره ساعات وسيمروا بسرعه ، لكن المقعد البلاستيك الموجع الذي يكسر عظام ظهرها افصح لها وبسرعه وبعد مرور ربع ساعه ان العشره ساعات سيكونوا عذاب رهيب !!! انتفضت فجأ ، لن تبقي الوقت فوق هذا المقعد الحقير ، ستذهب لكافيه ، تحتسي قهوه وتدخن وتجلس براحه حتي ميعاد الطائره القادمه !!!
كان يجلس في مكانه يمسك قلمه الرصاص ، امامه لوحه كبيره ، ورقه بيضاء بلا خط واحد ، يفكر ، ساعات يحدق في الورقه ، انها لوحته الاخيره التي ينتظرها ، وجه واحد ينتظره ، وجه يقول له ان الرحله الطويله اوشكت علي الانتهاء ، وجه واحد يفرج عن الوجوه المعتقله اهمالا في الصناديق الخشبيه ، وجه واحد ينتظره ، يضع نقطه نهايه السطر في الرحله الطويله ، معرض الوجوه المتعبه ، سنوات يلملمها ويرسمها ، جميعها جاهزه للعرض ، لكن الوجه الاخير الاكثر تعبا الاكثر تناقضا المثير للفضول لم ياتي بعد ، شهورا طويله يتنظره ، يمسك قلمه ولوحته ويحدق في الوجوه يبحث عن الوجه الاخير لكنه لا ياتي .... !!!
عائدة من رحله سياحيه لبلد بعيد ... الرحله شكلها سياحيه ، لكنها في الحقيقه تفر من حياتها في الوطن لبلاد غريبة تبحث عن شيء جديد ، نعم شيء جديد ، يمنح حياتها مذاقا جديدا ، كل ماتعيش فيه تقليدي وممل ، قررت تكسر الرتابه وتسافر !!! اسبوعين بعيده عن وطنها ، تتفرج علي الناس ، تراقبهم ، تتامل تصرفاتهم وسلوكهم ، تدون ملاحظاتها في دفتر صغير لايفارق حقيبتها ، ترسم شخصيات بالكلمات ، تمنح كل شخصيه عنوان ، سيكون بطل تلك القصه التي ستحمل ذلك العنوان .... وهاهي الايام مرت وستعود وطنها مشتاقه لحياتها ولاوراقها ولمجموعتها القصصيه الجديده ، مرت شهور لم تكتب حرفا ، كان بئر ابداعها نضب ، تتعجب ، تكتب في عقلها سطورا كثيره لكن الجدب يقتل حروفها علي الاوراق ، هاهي عائده بتفاصيل كثيره ، ستصنع منها مجموعه قصصيه جديده ، انتبهت ان الرتابه مازالت تحتل نفسها ، لم يفلح السفر في قتل الرتابه تماما ، كانها تحملها بداخلها اينما ذهبت !!!
يجلس علي منضدته البعيده ، مل الانتظار ، يهيم علي وجهه في اماكن الرحيل يبحث عن اكثر الوجوه تعبا ، تاره يعسكر في محطه القطارات يتصلعك علي ارصفتها يبحث عن دمعة حاره علي وجه يقول له ماينتظره ، يبحث عن احدهم ينزوي في ركن مظلم محتقن الوجه بعدما رحل حبيبه ، يبحث عن طفله ملتاعه سافر ابويها وغادروها تقبض علي كف جدتها مرتبكه ، يتصلعك علي ارصفه القطار يلمح لحظات الوداع مؤثره حزينه لكنها لم تمنحه الوجه الذي ينتظره .. تاره يقيم داخل المطار في صالات السفر والترانزيت ، يلمح المسافرون اختلاجات الوداع علي وجوههم دموع الفراق حزن الوحشه ، يتأثر يتوجع لكنه لم يجد الوجه الذي يريده وينتظره !!!
تسير ببطء صوب الكافيه ، تبحث عن شهب يتوهج في روحها لكن سماءها مظلمه بلا شهب ولا نجوم ، لن تفقد الامل ، ستتعثر في قبس ينير حياتها ، فتنقشع الرتابه والملل وتدب الحيويه في اوصالها ...عانس هي ، هكذا يصفوها ، فتاه تجاوزت الاربعين ولم تتزوج ، لايراها المجتمع الاعانس ، يختصرها في تلك الحروف الاربع ، وماعدا هذا ليس له اهميه ، لم تغضب من نظرتهم لكنها لم تأسر فيها ، عانس وربما فاشله ، فالناجحه الانسه الناجحه هي التي كانت انسه واصبحت سيده بالزواج وانجاب الاطفال وتكوين اسره ، اما هي فعانس لان قطار الزواج فاتها وفاشله لانها لم تكون اسره وتحمل اسم رجل وترضع طفلين ثلاث وتنشغل بهمومهم مثل كل النساء ، فاشله !!! لايهمهم اي شيء اخر ، نجاحها في العمل ، بريق اسمها فوق صفحات الجرائد ، مجموعاتها القصصيه التي يشار لها ، الجوائز والمراكز الاولي التي حصلت عليها تنافسا مع عشرات القصاصين ، كل هذا لايهم ، كل هذا من وجه نظرهم يداري فشلا اجتماعيه وعنوسه لم تنتهي !!! نعم هي تحمل الرتابه بداخلها ، فاره من اسرتها ونظرات اللوم في عيونهم ، لايحترموا اختياراتها ويتمنوها تتخلي عن كل ماوصلت له مقابل رجل يمنحها اسمه ويسترها ويريحهم ، لكنا لم تحقق امانيهم فتجنبوها ، امها حزينه عليها وشقيقاتها يحقدن علي حريتها ويلومها عليها واخيها لايكف عن التشاجر معها باعتبارها مجنونه بل ومنفلته ، فالانسه التي تتجاوز الاربعين وترفض الزواج وتذهب وتجيء براحتها حسبما تحب وتجلب له المشاكل وقد تجلب له الفضيحه ، بالضروره منفلته !!! اسرتها تتجنبها ، مكالمه تليفونيه بارده تاتيها بين حين واخر ، كلمتين فقط لاغير ، ازيك كويس طيب ، شارده هي عن حظيرتهم وبعيدين هم عن عالمها والفجوه واسعه !!!
متي غادر منزله وقرر الا يعود ، هل في تلك اللحظه التي ماتت فيها زوجته ، غضب منها لانها ماتت وترك البيت وخرج ، لم يعد حتي الان ، سنوات قرر الا يرتبط بمكان او حبيب ، لن يتوجع ثانيه ، كفاه الوجع الذي مزقه وقت ماتت زوجته الحبيبه وتركته ، سنوات طويله قضاها معها مريضه يخدمها بمنتهي الرضاء ، تشاجر معها الف مره كي لا تياس فتعجل برحيلها ، لكنها خذلته وياست ورحلت ، كان يمرضها بحب سعيدا بخدمتها لكنها اشفقت عليه من طول مرضها ، لم تسعده بقدر مااتعسته ، اكتشفت مرضها بعد زواجهما بوقت قصير ، رفضت الانجاب كي لاتورطه في صغير يرعاه يفسد حياته بعد موتها ، تعذبت في مرضها وعذبته ، تمزق من الالم الذي يحرق اعصابها ، ينهار مع صرخاتها ، يصمت وقت تدخل في الغيبوبه وحين تفيق منها لاتلمح الا دموعه الحزينه علي حالها ، ياست من شفائها وقررت الرحيل ، ترجاها شهورا الا تتركه ، تمني بانانيه شديده ان تبقي مريضه طيله العمر ولا ترحل وتتركه ، لكنها لم تستجيب لرجاءه ورحمته من مرضها ورحلت، غضب منها لانها خذلته ، ترك المنزل الذي اثثته بذوقها وزينته بلوحاته ورحلت تركت رائحتها بين جدرانه ، ترك المنزل علي حاله ورحل ، استوطن محطات الرحيل ومطارات السفر وموانيء الغربه ، يتوجع من الفقد الدائم الذي يعيشه مستمرا في كل اماكن الوداع ، لكنه اسر نفسه في الرحيل ، ادمن لحظات الوجع ، تواري خلف دموع الاخرين ليخفي دموعه ، يشارك الجميع احزانهم ولايجد من يشاركه حزنه ، لن يصفح عنها ، لانها ياست ورحلت ، ليتها بقيت تؤنسه انفاسها ، قتلته برحيلها ، غادرته بروحها وتركته جثه تعيش بلا بهجه اسير لحظات الرحيل والوداع ، ورسم وجوها متعبه بالحزن والهم والشجن ضحايا الفراق والهجر والرحيل لكنه لم يجد بعد الوجه الذي سيطلق اسر جميع الوجوه ، لم يجد بعد الوجه الاكثر وجعا الاكثر تعبا !!!!!!!!
مازالت تجر حقيبتها وتحمل البالطو علي ذراعها وتسير صوب الكافيه ، الوقت بطيء والكافيه بعيده والرتابه تحتلها ، غابت قدر ماغابت تبحث عن تغيير في حياتها ، لكن التغير لم يحدث ، نعم عادت بكثير من الملحوظات في دفتر ابداعها ، شخصيات ملفته للنظر ، ملامح تستحق التسجيل ، اسماء وعناوين ، حماس لمجموعه قصصيه جديده ، لكن هذا كل ينزع اشواك الرتابه من روحها !!! تتحدي الرتابه المعتادة بحماس زائف وابتسامه كبيره وصخب تنقله معها من مكان لاخر ، وخطابات تكتبها لاصدقاءها تحبهم وتبثهم مشاعرها ، ترسلها من اي مكان تذهب اليه ، تمد الوصل بينهم تنتظر دفئا يؤنسها ، تاتيها كلمات قليله ساخره من رفضها استخدام الوسائل التكنولوجيه في التواصل واصراراها علي الطريقه التقليديه القديمه ، خطابات واظرف وطوابع بريد ، لاتكترث بالسخريه ، هي تحب الخطابات وترفض الاحرف الصناعيه وتحب شكل الكتابه اليدويه وانبعاجاتها الشخصيه ، مازالت تنتظر الدفء الذي تاخر كثيرا في صناديق البريد !!!
اخبرها طبيبها النفسي ان الرتابه التي تحتلها عرض لمرض يلزم عليهما معرفته ، زياره وثالثه وعاشره ،تحكي وتتكلم وتتناول الاقراص والرتابه علي حالها ، فقدت الثقه في الطبيب ، لايملك لحالتها حلا ، يستنزفها بالتنقيب في ماضيها وعواطفها واحباطاتها ، يستجلب دموعها عنوه ويضغط عليها لتذكر كل ماهو موجع وفي النهايه لاتتحسن ولاتشفي ولاتعود لروحها الحماسه الحقيقيه ، لن تذهب له ثانيه ،هكذا قررت فزياراته توجعها ، لاتفتح له سراديب النفس المليئه بوحشتها ، يلومها لانها عجزت عن الاحتفاظ بالحبيب الاول ، يلومها لانها لم تغريه للبقاء في حضنها بما يدفعه للتخلي عن احلام السفر والهجره والرحيل ، لم تفهم كلمات الطبيب ولم تفهم لماذا يلومها ، قدمت للحبيب كل ماتملك ، قلبها وحبها ، لكنه تركها ورحل ، مالذي كان مطلوب منها ، استجداء حبه استدرار شفقته البكاء تحت قدميه لاترحل فيشفق عليها ويوقع علي ورقه الزواج ، تقليدي الطبيب ولم يفهم رغم كل ماقالته له ، لم يفهم نفسيتها ، هي لا تحب اي شيء تطلبه ، هي تقدر ما يمنح لها دون طلب ،الحبيب الاول لم يكفيه حبها ،لو ضغطت عليه لبقي بجوارها ، لكنها تعرف نفسها ، لو ضغطت عليه لفقدت نفسها وحبها ورغبتها في وجوده ، فليرحل ويبقي حبه ندبه في قلبها تغلق بواباته للابد ، لن تذهب للطبيب ثانيه هكذا قررت، قررت وسافرت بعيدا !!!
استيقظ اليوم متعبا كان يبقي في فراشه لايغادره شان ايام كثيره ، لكن مل التحديق في السقف ، قرر الخروج من المنزل ، وجهته المطار ، صاله السفر ، لن يرسم اليوم ، سيدخل بالتصريح الذي بحوزته ، وكانه عامل في احد المقاهي ، هذا اتفاقه مع صاحب المقهي ، سيدخل المطار كانه يعمل عنده ، يمنحه ترخيص دخول مقابل مبلغ مالي كبير يدفعه شهريا ، اليوم كره المطار وصاحب المقهي والترخيص ، سيدخل يجلس في المقهي كالضيوف ، لن يرسم ، لن يبحث عن الوجه الضائع ويخيب ظنه مثلما اعتاد ، لن ياخذ الاوراق والاقلام ، سيرتدي ملابس بسيطه ويجلس يحتسي القهوه ويستمتع بالصمت ، كاد يخرج بلا اوراقه ، لكنها نادته ، اخذ الاوراق والاقلام غاضبا من نفسه ، ضعيف هو امام الاوراق ، سياخذها وسيتجاهلها ولن يرسم ، لن يرسم اليوم !!!!
جلست علي منضده بعيده في ركن الكافيه ، اشعلت سيجاره واحست براحه ، كانها وصلت وطنها فراشها ، كأنها شفيت من الرتابه ، لعنه الله علي المطارات والطائرات ومنع التدخين ، طلبت قهوه دوبل والقت نظره سريعه علي الجالسين حولها ، بشر بلا ملامح لايصلح احدهم تكتب عنه قصه لطيفه ، نعم هي قصاصه ، تكتب قصص قصيره ، البشر جميعهم حولها مشاريع قصص ، اسطر وحروف ، تبحث في معالهمهم عن لغز سر نظره ، تبني عليها بينان درامي و.... وقصه اخري تضاف لمجموعتها التي تعدها للنشر ، لكن هؤلاء البشر الرحل بلا ملامح ،كانهم تركوا ملامحهم في بلادهم ، جميعهم متشابهون ، ذكور واناث بلا شيء مميز ، لايصلحوا للكتابه عنهم ، هذا الرجل نائم بطريقه بلهاء والاخر سكران يصرخ ولايكف عن الشراب ورائحه جوفه النتنه تصلها تقلب معدتها ، النادله فتاه حمقاء ، ابتسمت ، نعم تبدو حمقاء ، تزين انفها بفص ماسي وخصلات شعرها متنافره الالوان مصبوغه بصبغه رخيصه ، نظره عيناها تفصح عن حمق دفين ، السيده العجوز التي تجلس في اخر الكافيه ، ملامحها تقول ان لديها قصص كثيره مختزنه ، لكن ذاكرتها وهنه لن تتذكرها علي الارجح ، اظافرها المزينه بالطلاء الاحمر وشالها الاحمر يفصحا عن انوثه كانت موجوده ولم تترك من اثارها الا ذلك الاحمر !!!
كان فرغ من فنجان قهوته ، وقت دخلت الكافيه ، وجهها نداه ، التفت لها وحدق فيها ، هل هي جميله ، لايظن ، ملامحها عربيه ربما اسبانيه ، ربما من امريكا اللاتينيه ، شعرها الاسود الليلي المنسدل علي كتفيها شده ، كحيله العين مرهقه الروح ، نعم الهم ينبعث من حدقيتها يناديه ، ليست تعيسه لكن متعبه ، ليست حزينه لكن مرهقه ، هل خواء يحتلها لايعرف ، هل تشعر ضياعا يتملكها لايعرف ، لكن وجهها اكثر الوجوه المتعبه التي صادفها في محطات الرحيل ، جميله لكن حزينه ، اسيره الهم ، تعيش لكنها لاتعيش ، ملامحها تكلمه ، يتابعها ببصره ، جلست بعيدا عنه ، المسافه الكبيره منحته احساسا برؤيتها بشكل اوضح ، ملابسها انيقه لكنها ليست متأنقه ، ترتدي باناقه دون قصد ، تخطف مايصادفها من ملابس لاتكترث بمن سيراها لكن ذوقها الجميل يفرض طابعه عليها ، القت البالطو والحقيبه الانيقه بجوارها باهمال ، تزفر الانفاس الساخنه ، ضحك ، نعم انفاسها ساخنه ، هكذا احسها من مكانه البعيد ، كانه لوحته تناديه واقلامه توخزه ، امسك القلم منتشيا ، طريقه الطويل اوشك علي الانتهاء ، سيرسمها ، سيرسم روحها ، تلك المتعبه التي تلون وجهها بالهم ، يحدق فيها ، جميله وانيقه لكن اسيره ، نعم هذا عنوان لوحته ، الاسيره ، هي تلك السيده الغريبه التي لايعرفها ، هي الاسيره بطله معرضه واهم لوحاته ، الاسيره ،ورسم الخط الاول وابتسم !!!!
فكرت في السيده العجوز طويلا ، شاهدت فيها نفسها بعد عشرات السنوات ، هل ستكون مثلها هكذا ، عجوز بشال احمر!!! ارتعدت خوفا ، لاتعجبها الفكره ، لن تكون مجرد شاهد علي انوثه محيت ، قيمتها عند نفسها اكثر من هذا كثيرا ، هذه السيده بائسه ، هكذا قررت ، اماهي فليست بائسه ، نعم تشكو من الرتابه ، لكنها ليست بائسه ، فتحت دفتر ملاحظاتها وكتبت " البائسه "ووصفت السيده العجوز وابتسمت ، لاداعي لمخاوفها ، هي ليست بائسه ولن تكون !!! عادت لقهوتها وسجائرها وافكارها ، تلوم الوقت البطيء الذي لايتحرك وتحلم بفراشها ومكتبها واوراقها ومجموعتها القصصيه الجديده !!! شربت القهوه بسرعه وطلبت فنجان اخر ، دخنت سيجاره واثنين وسرحت مع افكارها ، كم مر من العشره ساعات وكم تبقي ، الوقت في المطارات بطيء لايمر ، احست بالملل ،هامت مع افكارها ثانيه ، تبحث عن فكره قصه ، تلتهم العشره ساعات وتلغي اثرهم الممل ، لم تكن تدرك ان الساعات العشره التي ستقضيهم في المطار سيبعثوا في نفسها الرتابه التي فرت منها برحلتها السياحيه ، كانها سافرت ولفت حول العالم لتعود في النهايه لوطنها بالرتابه التي فرت منها !!!
يحدق فيها ، يكاد يقترب منها يسالها عن اسرها وسببه ، اين انت ياسيدتي ، هل محتجزه في قبو بارد ، هل معتقله خلف قضبان الوحشه ، هل محبوسه داخل نفسك لاتجدي منها مهربا ، اين انت ياسيدتي ، مالذي يؤرقك ويوجعك لهذا الحد ، يحدق فيها ويكلمها لاتسمعه لكنه لايتوقف عن الحديث اليها ، يكلمها ويرسم ، يبتسم ويرسم ، يحزن لحالها ويرسم ، يحدق فيها طويلا يلتقط بكاميرا عينه ملامحها وجعها ويرسم !!!!
افاقت علي عيون تتفحصها ، انتبهت ، ابتسمت ، لم تعتاد عين تفحصها ، هي التي تفحص الاخرين وتحاول اكتشاف اسرارهم ، لكنها مصمته كمثل مكعب الحديد لاتقوي عيون علي اختراقها ، بحثت عن العيون المتلصصه ، نعم انه يجلس في نهايه الكافيه ، في الزاويه المقابله لها ، عرفته انه هناك ، معه قلم رصاص وورقه كبيره ، انه رسام ، يرسمها !!!! ارتبكت ، ليس من حقه يرسمها ، فقط من حقها هي تكتب عنه ، تبحث في اعماقه عن قصه ، لكن ليس من حقه يقرأ في ملامحها اي قصه ، هذه خصوصياتها ، تتشاجر معه وهي تشرب القهوه البارده متغاظه ، سيجاره من سيجاره وهي متغاظه ، مازالت عيونه تلاحقها ، واصابعه تجري بقلمه الرصاص فوق ورقته الكبيره ، نعم هو يرسمها ، حسمت امرها ، ستقوم وتتشاجر معه !!!! استهوتها الفكره ، مشاجره قد تبدد الرتابه وتضيع بعض الوقت الطويل الذي يروح ويجي فوق روحها يذبحها بنصله البارد !!! استهوتها الفكره ستتشاجر مع الرجل الغريب الذي لاتعرفه ولن تقابله ثانيه ، ستتشاجر معه وتقتل الرتابه ولو مؤقتا وترحل وتتركه والرتابه خلف ظهرها وتعود لوطنها !!! القت بثمن مشاربيها فوق المنضده الخشبيه ولملمت اوراقها وحملت حقيبتها وسارت في طريقها صوبه ، كانها ستخرج من الباب ، ستسرق نظره علي ورقته ، لو وجدت وجهها او ملامحها ستتشاجر معه علي الفور ، سارت خطوات بطيئه ، مرهقه ، ومازال الوقت طويل علي طائرتها ، حانقه عليه ، افسد عليها مزاجها ، كانت مسترخاه سعيده ، تشرب القهوه بمزاج تتناسي الرتابه لكنه افسد مزاجها فليتحمل تبعات تلصصه عليها !!!
ستقوم ، ستغادر المكان ، ستفلت من قبضه خطوطه ، سترحل قبل اكتمال اللوحه ، ستتركه وهو لم يقبض بعد علي روحها وخطوطه مازالت قليله لاتعبر بدقه عن حالتها ، ستخرج من الكافيه ، لن يسمح لها بالرحيل ، حين تقترب من الباب سيقوم ويكلمها ، سيطالبها بالبقاء ، سيتوسل اليها تبقي حتي يكمل لوحته وخطوطه ، تقترب من الباب ، ارتبك ، عاجز عن الحركه ، انتظاره الطويل سيضيع هباء ، لوحته ستبقي بلا اكتمال ، لاتغادريني ياسيدتي وانتظريني ، لاتغادريني ، ارجوكي ابقي وانتظريني !!! تعجب من حاله ، غريبه سترحل ، لماذا توجعه برحيلها وهو الذي ادمن الرحيل ومراره لحظاته ، يتمناها تبقي لانه يحتاج وجودها ، ليست المشكله في اللوحه التي يرغب في اكمالها ، بل المشكله فيه ، يحتاج وجودها ، عجبا يارجل ، كنت نسيت مثل تلك الاحاسيس ، كنت استغنيت منذ زمن بعيد عن الاخرين ، لكنها ذكرتك بالمشاعر التي كنت تظنها رحلت مع الغاليه الراحله !!!! مازال يحدق فيها مرتاعا يخاف رحيلها وهو الذي ظن في نفسه بلاده لايفلح احد في محوها ، لكن تلك السيده ذات الملامح الشرقيه بشعرها الاسود بعثرت امانه وذكرته بمشاعر تصور واهما انها ماتت منذ سنوات بعيده!!! لاتغادريني ياسيدتي !!!!
اقتربت منه ، القت نظره علي الورقه ، لم تري شيئا ، اقتربت اكثر لم تري شيئا ، اقتربت اكثر ، تعثرت ، سقطت اوراقها جواز سفرها ، البالطو ، حقيبه يدها ، هب من مكانه يساعدها ، سقطت لوحته ، علي الارض تقابلا ، هي تلملم اشيائها ، هو يحدق في عينيها ، ارتبكت ، ناولها قلم الروج الفار تحت المقعد ، فرده حلق ، ارتبكت اكثر ، سالها بلغه تفهمها ، انت تعبانه ، لم تكن تعبانه ، لكن سؤاله نبهها ،نعم هي تعبانه ، مستيقظه من اليوم السابق ، سافرت ووصلت هنا ، مطار واجراءات وحقائب واوراق ، نعم هي تعبه !! هزت راسها توافقه ، همست بالعربيه ، تعبانه جدا ، سلامتك ، كادت تقول له الله يسلمك ، ثم صرخت ، يحدثها بالعربيه ، اجتاحها الحنين للوطن ، في مطار بعيد في وقت سخيف في رحله سفر طويله ، تقابل رجلا يهمس بعربيه حميمه ، سلامتك ، الله يسلمك ، ابتسم ، ابتسمت ، لمس اناملها يساعدها علي الصعود من الارض ، تركت اصابعها له بمنتهي الثقه ، كانها تعرفه من قبل ، دماءها العربيه تجري في عروقه ، قامت معه ، بلهجه مصريه تعرفها جيدا دعاها لفنجان قهوه ، اتفضلي ، ريحي نفسك ، طيارتك قربت ، هزت راسها نفيا ، لسه بدري قوي ، ضحك ، زيي ، جلست معه لاتشعر احراج التعامل مع الغرباء ....
عربيه مصريه ، مفاجأه لايتوقعها ، حين نطقت بالعاميه المصريه ، اختلج قلبه ، هذا سبب ارتباكه ، مصريتها تسللت تحت جلده ، فتحت صندوق ذكرياته الموصد ، رائحه الوطن وحميميته ، ملامحها اسرته لانها تشبهه ، لم يفطن لسر انجذابه لها ، دماءها تجري في عروقه ، عربيه مصريه لكنها اسيره ، غشاه الحزن ، حزن من اجلها ، مالنا تعساء ، هي اسيره وانا فار ، هي ملتصقه بحاله لاتحبها وانا فار من حاله لااحبها ، غريبين يعيشا حاله متناقضه متنافره لكنهما جذبتهما ، سخر من تصوراته واوهامه ، هي لم تنجذب له وهو لايعرف فعلا حقيقه احاسيسه ، الارتباك والحيره هذا مايعتريه ، يحدق فيها ولاينطق ، صامته تنتظر شيئا لايعرفه !!!
مازالت صامته ، صمت هو الاخر ،مازال ممسكا بقلمه يرسم ، لاتري مايرسمه ، سالته ، بترسم ايه ، ابتسم كطفل ضبط متلبسا بعمل ممنوع ، بارسمك ، ضحكت ، ضحك ، من ساعه مادخلتي هنا وانا عارف انك لوحتي الجايه ، خطواتك ، ملامح وجهك ،رائحتك ، طريقه احتساء القهوه ، تدخين السيجاره ، انت الوجه الذي كنت ابحث عنه لافتتح معرضي!!!
طلب من النادله قهوه دوبل ، ابتسم لها ، بتحبيها دوبل صح ، انا شفتك بتشربيها دوبل ، وافقت ، عرض عليها سيجاره من علبته ، جربيها ، وافقت ، مالها ، سالت نفسها ، تطاوعه بلا تمرد ،كانها تعرفه منذ سنوات طويله ، مالها منحته سلطه التحكم فيها ، وهي العنيده التي لاتمنح لاخر سلطه عليها ، تتوق لرؤيه اللوحه ، سالته ، ليه ، اشمعني انا ، تشعر بوجهها يسخن ، ترتبك ، اهي خجله ، غريبه جدا ، مالذي اعادها سنوات طويله للوراء ، وقت كانت تخجل وترتبك ، مالذي اعادها كل تلك السنوات للخلف ، واطال شعرها وربط الشرائط الستان في جدائلها ، والقي بحقيبه المدرسه فوق فراشها ، لماذا عادت طفله ، تضبط نفسها متلبسه بالاعجاب بصبي صغير ، يربكها ويحيرها ، مالذي اعادها طفله ، اين خبرتها ، اين الصفاقه التي تجيد رسمها علي وجهها كانها لاتكترث بمن حولها ، اشمعني انا ؟؟؟ كررت السؤال !!!
ضحك وصمت ، يمسك قياد الحديث وقياد نفسها ، معرفش ، وشك ناداني ، ارتبكت ، هل يغازلها ، هل سيغازلها ، ايراها صيدا سهلا في مطار غريب تنتظر بملل طائره ستنقلها للدفء للوطن ، هل اعتبر غربتها سبيلا للايقاع بها ، صمتت ومازال يرسمها ، غضبت ، بس كان لازم تستأذني ، ضحك ، هو مش لازم لكن اسف ، قطع عليها طريق المشاجره التي كانت تتمني الخوض فيه ....
احاسيسها اخترقت قوقعته ، نعم اغازلك ، كاد يقول لها ، اغازلك ياسيدتي ماهو رايك ، خاف من رد فعلها ، خاف تتركه وترحل ساخره من جنونه ، صمت ، لكنه صمته اخترق كهفها ، نعم هو يغازلني ، ساغادره وارحل ، لكنها تستمتع بنظراته الفاره من نظراتها ، لو تلاقت نظراتهما لباحا بكل الاوجاع التي تحتلهما ، ولو باحا بكل ما يؤرقهما ، لانهارت عوالمهم المستقله ، سيلتصقا ولن يفلح احد في فصم وجودهما ، اعرف سيدي انك تغازلني لكنك لن تقوي علي مصارحتي باحاسيسك وستبقي صامتا وسادعي اني لم استقبل رسالتك ولن ارد عليك ، لن افصح لك عن سعادتي بغزلك!!!!!!! مازالا صامتين ، كل منهما يتعجب من حاله وماحدث له !!!!
تحدق في وجه وهو يرسم ، يصلح بطلا لقصتها الجديده ، هو رجل نذل ، نعم ستجعل بطلها نذلا ، استهتر بقلب فتاه احبته وذبحها ، هكذا قررت ، سالته ، ممكن اشوف اللوحه ، هز راسه نفيا ، لا طبعا مش ممكن ، دي مجرد مشروع اسكتش ، اللوحه الاصليه تشوفيها في معرض في القاهره ، لم تلح عليه ، ماذا يظن نفسه ، سالها ، جايه منين وراحه فين ، اغتاظت من سؤاله ، ليس له ان يسألها ، ليس من حقه ، هي حره نفسها ، تاني من اي مكان لاي مكان ، هذا شأنها وليس شأنه !!
بادرته ، انت اللي جاي منين ورايح فين ، سالها مش جاي من حته ، انا عايش هنا ، بدخل المطار علشان ارسم الناس ، الوشوش ، الوداع ، الدموع ، الحيره ، القلق ، توترت ، لكنك قلت انك تنتظر الطائره مثلي ، ابتسم بهدوء ، ماانا باستني طبعا طياره اخدها واروح لكن انا ماقلتش امتي ، بارع ذكي ، ضحكت ، يصلح جدا ليكون بطل نذل لقصتها القادمه ، الانذال دائما اذكياء ولماحون ويتلاعبون بالالفاظ والكلمات ، نعم هو نذل ، سترسم رجلا نذل في سطورها القادمه يشبهه تماما ... هي تعرف هذا النوع من النذاله ، النذاله الرشيقه التي تذبح بلاقطره دم واحده ، تعرف هذا النوع من النذاله الفطريه ، رجل خلق جذابا ليكون نذلا .. كادت تبتسم ، ارتبكت ، احكامها سريعه ، لايبدو جذابا ولايبدو نذلا ، ابعدت المنطق عن تفكيرها ، هي لاتتحدث عنه ، بل تتحدث عن بطل مجموعتها القصصيه الجديده !!! مازالت شارده ومازال يرسمها !!! قررت ان يكون نذلا علها تفر من غزله الصامت ، حتي لو فهمت ذلك الغزل لن تستجيب له ، فهو نذلا ، كيف تستجيب لغزل نذل !!! سيرسمها وستقوم ، تودعه يودعها وينتهي الامر !!!
يراقبها ، يحدق فيها، يرسم ويرسم ، يسجل كل لمحات وجهها كل ايماءاتها ، كان عيونه كاميرا ، تسجل انفاسها اختلاجات وجهها ، قسمات وجها تحدثه ، هي صامته لكن عيونها تتكلم ، تفهمه لكن خائفه ، لايملك طمأنينه يمنحها لها ، هي خائفه وهو عاجز ، لايقوي علي منحها ماتريده ، عيونها تبحث عن طمأنينه ، لكنها لاتجد ماتبحث عنه ، فيزداد خوفها ،كنت اتمني عزيزتي امنحك ماتستحقيه ، لكني كالصحراء الجدباء لااملك طمأنيه ، دروبي حائره اخشي عليك فيها من التوهان !!! ومازال يرسمها !!!
شارده هي ، مستسلمه لخطوطه ، كل الرتابه التي بداخلها تطفوا علي ملامحها ، تمنحه مايتمناه ، وجها متعبا ، نعم انا هذا الوجه المتعب الذي تبحث عنه للوحتك ، فزع انت من كل مامررت فيه ، لاتملك ماتمنحه لاحد ، تفرغ مشاعرك علي الاوراق ، ارسم ايها الرسام التائه ، ارسمني ودعني ارحل ، وكفاني الله شر العذاب الذي لاتملك غيره لتمنحه لي !!! نذلا ، قررت ان نذالته سبب جدب مشاعره ، نذلا لايملك مايمنحه لها الا الوجع ، لكنها لن تمكنه من ايلامها ستتركه يرسمها وترحل !!! انتبهت علي صوته ، قهوتك حتبرد ، قبضت علي الفنجان وهي شارده ، ابتسمت له ، لن تترك له قياده حديثهما ، ستنقب في نفسيته ، لترسم شخصيه النذل بدقه ، انت عايش هنا ، لم يرد علي سؤالها واكمل حديثه السابق ، انا باحب ارسم الناس في المطارات ، واسترسل يشرح لها باستفاضه ، في المطارات البشر علي حقديقتهم ، جميعهم يدرك ان وجوده مؤقت ، في حاله وصول ورحيل وحركه قلقه ، وجوه المطار اجمل الوجوه ، انفعالات البشر علي حقيقتها ، الرحيل يكشف سر النفوس ، رواد المطار يعيشون براحتهم ، لااحد يتدخل في شئون الاخرين ولا يسالهم لاين ذاهب او مين اتيت ، لااحد يتطفل علي الاخر ويلاحقه باسئله سخيفه ، انا مش جاي من حته ، هكذا قال .. وفجأ سالها ، انت بقي حكايتك ايه .... كادت تساله حكايتك انت ايه ، لكنها لم تساله ، كادت ترفض تتحدث معه فهو غريب وهي غريبه ، لكنها لم ترفض ، ستتحدث معه ، نعم هو غريب وهي غريبه ، لكنها ستحكي له قصه غربتها الدائمه ، تصمت وتعود تجده مازال يرسمها علي ملامح وجهه تعبيرات غريبه ، ينتظر قصتها ، تطلب قهوه ثالثه يرفض ويطلب لها عصير رمان ، تشربه مستسلمه لرفضه ، وتحكي وتتكلم ، يرسم ، تصمت ويرسم ..ينصت لها باهتمام رهيب ويرسم .. يشرب قهوه وسيجاره ويرسم .... صوتها يعلو وينخفض وهو يرسمها ....الوقت يمر يمر !!! يرسمها ويغازلها ، مستسلمه لخطوطه ولاتستجيب لغزله !!! يحدق فيها عاجزا عن منحها ماتحتاجه ولايسالها تمنحه مايحتاجه !!!
ومازال يرسم وجهها علي لوحته ومازالت تنقب في نفسيته تختزن في ذاكرتها تفاصيل حكايه النذل الذي ستكتب عنه!!!!
نظرت في ساعتها ..... الوقت مر وميعاد الطائره اقتربت ... لازم ااقوم ، قالت ، للاسف ، قال .... ستتحرك ، ستودعه ، ستعود لوطنها ، وسيبقي هو غريبا تائها حزينه لانها ستغادره ، حزين لانها ستتركه ، لكن اي منهما لم ينطق وبقيا صامتين ، ففي محطات الرحيل والسفر لامجال ولا وقت للتعبير عن المشاعر المتعبه التي تحتاج وقتا طويلا لمداوه جروحها وتجاوزها !!! ..
سالها عن اسمها ، ضحكت ، الم اخبرك عنه ، هز راسه نفيا ، ماله حزين ، تلمح نظرات حزن في عينيه يداريها يقتلها لكنها لمحتها ، سالته تفتكر ايه ، ضحك مقهقها ، لااعرف طبعا ، قامت تلملم اوراقها ، حمل لها البالطو ولوحته التي لم تراها ، همست راويه وانت ؟؟ سار بجوارها تعيسا ، رجب ، انفجرت ضاحكه ، اعتذرت بسرعه ، ارتبك واتغاظ لها ، ايوه رجب ، ابويا الله يرحمه سماني رجب ، اعتذرت ثانيه ، شرح لها ، انا عارفه ان مافيش رسام اسمه رجب ، لكن انا بقي رسام واسمي رجب ، ضحك ، ضحكت ، سارا صامتين ، لاتصدق ان عشره ساعات قضتها مع رجب ، لاتحب اسمه ، لكنه قتل وقت انتظارها الطويل ، امامه نسيت الرتابه التي كانت تحتل روحها ، الوقت مر معه سريعا ، حكت له حياتها كلها بلا اي تحفظات ، حماسه وهو يرسمها حمسها لتحكي له كل ماارادت حكيه ، تذكرت طبيبها النفسي ، الفاشل يضغط عليها لتتكلم ، هاهو رجب استنطقها دون ضغط ودون دموع ودون ادويه ، كادت تساله عمااذا كان طبيب نفسي لكنها تراجعت هو مجرد رسام صعلوك يجلس وحيد علي منضده بارده في المطار يرسم وجوه الغرباء ، نعم هو كذلك ، لكنها ارتاحت له لحد لم تفهم اسبابه ، رغم انه البطل النذل لقصتها القادمه !!!
وقفا امام بوابه الخروج ، ناولها البالطو ، سالته الن اراك ثانيه ، وعدها سيتصل بها وقت وصوله القاهره ، دخلت البوابه وانهت الاجراءات والقت جسدها المتعب علي كرس الطائره ونامت وهي تفكر انها لم تاخذ تليفونه ولم تعطه تليفونها ، اجتاحها الحزن ، لن تراه ثانيه ،كان رجل عابر في لحظه انتظار طويله وانتهت .. ابتسمت ، ليس نذلا ، ان كتبت عنه لن تقول انه نذل ، نعم ليس نذلا ، ستمنحه شخصيه اخري في احدث قصصها .. ونامت!!!!
عاد للمنضده التي كان يجلس عليها ، حزينا مرتبكا ، يقبض علي لوحته كانها يحتضنها ، اجتاحه الحنين للوجه المتعب ، غضب منها ، بعثرت امانه الوهمي الذي اختبأ فيه من الحياه الموجعه ، ذكرته بانسانيته التي دفنها وزوجته الحبيبه ، فزع ، نسي زوجته الحبيبه وكاد يعبر للسيده الغريبه عن اعجابه بها ، دفن اقلامه في الحقيبه وقلب اللوحه علي ظهرها وصمت ،لن يكمل اللوحه ، تلك السيده تهدده ، تعيد اليه الحياه التي كان نسيها بكل اوجاعها ، سينساها سينساها سينساها ، وقام يجر اقدامه الثقيله عائدا لمنزله !!!
دخلت منزلها في منتصف الليل ، الصمت يلف خطواتها ، ادركت للوهله الاولي ان نباتاتها ماتت في غيابها ، القت جسدها علي الفراش حزينه علي موت النباتات ، اغمضت عينها تشتهي النوم لكن رجب تسلل لوحدتها وفرض نفسه عليها ، رجب ، رجل غريب ، قابلها في وقت ضائع ، وقت تتمني قتله لينتهي ، ساعدها ببراعه في قتل الوقت ، لم يسمح لها تري لوحته ، تحسه فنان فاشل ، كل ماحوله يقول هذا ، يضيع وقته في بلد غريب يرسم وجوه الغرباء ، فاشل ، دوت الكلمه في اذنها ، حكت له كل شيء عن نفسها ولم تعرف عنه شيء ، ليس مهما ، ستمنحه حياه وتفاصيل ودراما ،ستاخذ الاسم والمطار واللوحه وتكتب قصه تخلق كل تفاصيلها من عندها ، كانت تتمني تري اللوحه ، كيف يراها ، لكنه لم يسمح لها ،ليس مهما !!! فكرت فيه طويلا ونامت بسرعه دون ارق ، وهي بين اضغاث النوم ابتسمت ، لم تشعر بالرتابه مثلما اعتادت ولم يفر منها النوم كما اعتاد .. ابتسمت ونامت !!!!
بقي جالسا فوق مقعده الوثير وسط الظلام صامتا ، لوحته ملقاه بجوار الحائط ، يخفي وجهها ، يفر من ملامحها ، لكن ملامحها تحتله ، اجتاحه الحنين للسيده الغريبه التي قابلها مصادفه في محطه السفر ، قصت عليه حياتها ، قالت كل شيء الا سبب وجعها الموشوم علي ملامحها ، انصت اليها باهتمام لكنه لم يسالها عن السؤال الوحيد الذي يتمني معرفه اجابته ، مالذي يوجعك ، لم يسالها ولم تقل ، اضاء النور ، امسك باللوحه ، حدق فيها يسالها ، مابك ياسيدتي ، تصور وجهها يبتسم فابتسم ، حمل ابتسامتها لفراشه واحتضنا ونام لاول مره منذ سنوات بعيده نوما عميق بلا كوابيس ، لو وصفته الجنيه التي تحتل سقف غرفته وقتها ، لقالت نام مبتسما !!!!
شهورا مرت ، وهي تحاول تكتب مجموعتها القصصيه الجديده ، مازالت عانس ، ومازالت فاشله حسبما تراها امها ، ومازالت تبحث عن دفء لاتجده لانشغال شقيقاتها باطفالهن ولانشغال اصدقائها بحياتهم ولوحدتها البارده ، مازالت تذبح بالرتابه كل نهار حين تستيقظ وحيده فاقده الحماس لاي شي حتي مجموعتها القصصيه الجديده ، فقط رجب وذكراه وفضولها لرؤيه لوحته من ينسوها الرتابه ، يوترها الفضول لرؤيه اللوحه ، كيف راها ، كيف رسمها ، لكن رجب بعيد عن عالمها ولن يقترب منه ابدا ، بينهم بلاد ومطارات وغربه !!!
وقتا طويلا يضيع من حياتها تفكر في مجموعتها القصصيه الجديده ، ستكتب عن رجب اخر قصه ، ستكتب عن السيده العجوز ذات الشال الاحمر قصه اخري ، ستكتب عن النادله الحمقاء قصه ثالثه ، ستكتب عن طبيبها النفسي قصه رابعه ، سعدت بتلك الفكره ، نعم ستكتب عن طبيبها النفسي قصه تمزقه فيها تنتقم منه ومن كل عجزه عن علاجها من الرتابه ، ستكتب قصه عن مضيفه الطائره ، تلك المضيفه التي لم تكف عن البكاء طيله الرحله ، تختفي وتعود دامعه حمراء العنين ، تبتسم وتقدم المشروبات وتخدم الركاب وقطرات دموعها معلقه ، وحين تكاد تسقط تفر وحدها بعيدا تبكي بحرقه وتمسح دموعها وحين تعود ترسم ابتسامه علي وجهها الحزين لكن عيونها الحزينه الحمراء فضحتها ، ستكتب عنها ، ستمنحها سببا لاتعرفه الان للبكاء ، ستجعله سبب قاهر يستحيل معه كبت دموعها ، ستكتب عن العجوز الذي كان يقف في الشارع امام المحل التجاري الكبير يعزف كمانه بمنتهي الحماس انغام ليست جميله لكن حماسه وابتسامته ينشرا البهجه حوله ويمنحنا انغامه مذاقا خاصا !!! ستكتب القصص التي رصدتها وبسرعه وتصدر مجموعتها القصصيه الجديده وتتغلب علي الرتابه التي تحتل روحها !!!
مازال قابعا في فراشه لايغادره ، مر يوم او اسبوع وهو لايتحرك ، يترك الفراش ويتجول في الحجره كالحيوان الاسير بين القضبان ، تستعصي عليه ، ترواغه ، تفر من خطوطه ، يرسم خط واثنين ويعجز ، تلك الخطوط لاتشبها ، لوجه متعب لكنه ليس وجهها ، مالك ياسيدتي لا تكشفي لي خباياك ، سلميني روحك ، اكشفي لي مواطن ضعفك ، ساعديني احتويك ، مالك ياسيدتي تئني ولا تفصحي عن وجعك ، مالك سيدتي تتجاهليني ، تخدعيني ، تزيني لي اني قبضت علي روحك وسرعان ماادرك وهمي وخديعتي ، اسيره هي واسرتني معها في جب لااعرف عنوانه ، يلف في الحجره كالوحش الجريح ، يكاد يمزق اللوحه ، الف مره فكر في تمزيقها ، ياست راويه حلي عني ، ارحلي وسانساك ، او سلميني نفسك وحرري قلمي وروحي واستسلمي لخطوطي ، مازال عاجزا امام تعبها الذي لايفهم سببه ، اعجزته بجوارها ، ياست راويه ارحميني ، اياما خلف ايام وهو عاجز عن اكمال اللوحه عاجز عن تمزيقها ، حانق علي راويه التي اعطته نفحه من روحها سحرته كمثل لعنه الفراعنه تطارده بعجزها ، ايام خلف اسابيع ولوحته امامه دليل عجز وقصور ، لم يرسم شيئا اخر ولن يرسم ، هذا الوجه المتعب هو نهايه الرحله ، لكن الوجه المتعب يابي الخضوع لخطوطه وهو يرفض التمرد عليه ويصر علي الامساك به ، ومابين الاباء والاصرار ضاعت الايام والاسابيع وبقيت اللوحه غير مكتمله يتشاجر معها كل يوم ويستجديها الرحمه !!!
يوم بعد يوم ، تكتب هذه القصه وتنتهي من الاخري ، اوشكت مجموعتها الجديده علي الانتهاء ، فقط قصه رجب التي لم تكتبها ، تكتب كلمتين سطرين وتصمت اسبوع ، تكتب كلمه وتكرهها ، تكتب سطره وتمحوه ، رجب لايطاوعها ولايمنحها نفسه لتكتب عنه ، رجب يعرقل مسيرتها وصدور مجموعتها واستنئاف حياتها ، رجب يغذي الرتابه التي تحتل نفسها فلا تغادرها !!! زئبقي الملامح يفر من تحت قلمها ، تتصور نفسها قبضت عليه وسرعان ماتكتشف الوهم الذي عاشته ، فرجب فار من الحياه ومنها ، قضت معه وقتا لطيفا غازلها ولم تستجب رسمها ولم تري صورته لكنه لم يمنحها نفسه فعجزت عن اختراق اغواره وبقيت مجموعتها القصصيه ناقصه !!!
سيعود للوطن ...... زياره سريعه عل حالته النفسيه تتحسن ويتجاوز عجزه الممسك بتلابيبه وخطوطه وروحه !!! ستسافر بعيدا عن الوطن ..... رحله سريعه عل الرتابه ترحل عن روحها وتستعيد حيويتها وتعود للحياه التي تحبها وتستعصي عليها !!!
في مطار صغير لاتمر عليه طائرات كثيره عباره عن محطه ترانزيت قصيره للطائرات الداخليه ....
في ذلك المطار .... يلتقي رجب عائدا للوطن مع راويه المسافره بعيدا عنه ..
يلتقيا في اغرب صدفه كانوا يتمنوها ، يتلقيا في كافيتريا صغيره خاويه من روادها .. لايحمل قلم الرسم ولا تحمل دفتر الملاحظات .. كل منهما ترك عجزه خلفه ورحل باحثا عن حماس يفك طلاسم السحر ويعيد له الروح الفارة من الجسد المنهك !!!
لايتفاجئا ... كانها علي ميعاد ، كانهما خططا للقاء !!!
التقيا في الكافتيريا الخاويه ، ابتسما ،
غادرتها الرتابه وغادره العجز !!
ضحكا فتوهجت روحها املا !!!
تحدثا .....
تبادلا ارقام التليفون والعنوانين واكمل كل منهما رحلته وحيدا متونس بالاخر البعيد !!!
في الوطن منحته كلماتها البعيده الدفء الذي كان يتمناه !!
فغادره سريعا لغربته يحملها بين بطين قلبه واذينه !!!
في الغربه منحتها كلماته القليله الراحه التي كانت تبحث عنها !!!
فعادت للوطن سريعا تحمله بين جفنيها وتحت جلدها!!!
عاد للوحته ليكملها ، وحين تقف الخطوط تحت انامله يكلمها فتضحك فتنساب خطوطه بارعه دقيقه !!!
عادت لتكمل قصتها ، وحين تتعثر الكلمات وتتبعثر الحروف تكلمه يطمئنها فتفيض العبارات والجمل حانيه معبره !!!
و ......................................
وبعد شهور طويله افتتح معرضه في الوطن وارسل لها دعوه لحضور افتتاح معرضه " وجوه متعبه " وحين دخلت صاله العرض وجدت صورتها تحمل عنوان " روح كانت متعبه وشفيت " فابتسمت له فحلق من السعاده !!!
وبعد سنه ارسلت لن نسخه من كتابها " اناس قابلتهم " وحين وصل للقصه الاخيره ادرك انه بطلها " رجل فار وعاد!!!" !!!
و....................................
وغادرتها الرتابه وتحمست للحياه !!! وشفيت !!!
وغادرته الوحشه واطمئن للحياه واحبها !!!! وطاب !!!!
و............................... مازال يتواصلا !!!
ومازالت هي عانس
ومازال هو ارمل
لكنهما عاشقين !!!!!!!!!!!!!!!!!!
كان يجلس في مكانه يمسك قلمه الرصاص ، امامه لوحه كبيره ، ورقه بيضاء بلا خط واحد ، يفكر ، ساعات يحدق في الورقه ، انها لوحته الاخيره التي ينتظرها ، وجه واحد ينتظره ، وجه يقول له ان الرحله الطويله اوشكت علي الانتهاء ، وجه واحد يفرج عن الوجوه المعتقله اهمالا في الصناديق الخشبيه ، وجه واحد ينتظره ، يضع نقطه نهايه السطر في الرحله الطويله ، معرض الوجوه المتعبه ، سنوات يلملمها ويرسمها ، جميعها جاهزه للعرض ، لكن الوجه الاخير الاكثر تعبا الاكثر تناقضا المثير للفضول لم ياتي بعد ، شهورا طويله يتنظره ، يمسك قلمه ولوحته ويحدق في الوجوه يبحث عن الوجه الاخير لكنه لا ياتي .... !!!
عائدة من رحله سياحيه لبلد بعيد ... الرحله شكلها سياحيه ، لكنها في الحقيقه تفر من حياتها في الوطن لبلاد غريبة تبحث عن شيء جديد ، نعم شيء جديد ، يمنح حياتها مذاقا جديدا ، كل ماتعيش فيه تقليدي وممل ، قررت تكسر الرتابه وتسافر !!! اسبوعين بعيده عن وطنها ، تتفرج علي الناس ، تراقبهم ، تتامل تصرفاتهم وسلوكهم ، تدون ملاحظاتها في دفتر صغير لايفارق حقيبتها ، ترسم شخصيات بالكلمات ، تمنح كل شخصيه عنوان ، سيكون بطل تلك القصه التي ستحمل ذلك العنوان .... وهاهي الايام مرت وستعود وطنها مشتاقه لحياتها ولاوراقها ولمجموعتها القصصيه الجديده ، مرت شهور لم تكتب حرفا ، كان بئر ابداعها نضب ، تتعجب ، تكتب في عقلها سطورا كثيره لكن الجدب يقتل حروفها علي الاوراق ، هاهي عائده بتفاصيل كثيره ، ستصنع منها مجموعه قصصيه جديده ، انتبهت ان الرتابه مازالت تحتل نفسها ، لم يفلح السفر في قتل الرتابه تماما ، كانها تحملها بداخلها اينما ذهبت !!!
يجلس علي منضدته البعيده ، مل الانتظار ، يهيم علي وجهه في اماكن الرحيل يبحث عن اكثر الوجوه تعبا ، تاره يعسكر في محطه القطارات يتصلعك علي ارصفتها يبحث عن دمعة حاره علي وجه يقول له ماينتظره ، يبحث عن احدهم ينزوي في ركن مظلم محتقن الوجه بعدما رحل حبيبه ، يبحث عن طفله ملتاعه سافر ابويها وغادروها تقبض علي كف جدتها مرتبكه ، يتصلعك علي ارصفه القطار يلمح لحظات الوداع مؤثره حزينه لكنها لم تمنحه الوجه الذي ينتظره .. تاره يقيم داخل المطار في صالات السفر والترانزيت ، يلمح المسافرون اختلاجات الوداع علي وجوههم دموع الفراق حزن الوحشه ، يتأثر يتوجع لكنه لم يجد الوجه الذي يريده وينتظره !!!
تسير ببطء صوب الكافيه ، تبحث عن شهب يتوهج في روحها لكن سماءها مظلمه بلا شهب ولا نجوم ، لن تفقد الامل ، ستتعثر في قبس ينير حياتها ، فتنقشع الرتابه والملل وتدب الحيويه في اوصالها ...عانس هي ، هكذا يصفوها ، فتاه تجاوزت الاربعين ولم تتزوج ، لايراها المجتمع الاعانس ، يختصرها في تلك الحروف الاربع ، وماعدا هذا ليس له اهميه ، لم تغضب من نظرتهم لكنها لم تأسر فيها ، عانس وربما فاشله ، فالناجحه الانسه الناجحه هي التي كانت انسه واصبحت سيده بالزواج وانجاب الاطفال وتكوين اسره ، اما هي فعانس لان قطار الزواج فاتها وفاشله لانها لم تكون اسره وتحمل اسم رجل وترضع طفلين ثلاث وتنشغل بهمومهم مثل كل النساء ، فاشله !!! لايهمهم اي شيء اخر ، نجاحها في العمل ، بريق اسمها فوق صفحات الجرائد ، مجموعاتها القصصيه التي يشار لها ، الجوائز والمراكز الاولي التي حصلت عليها تنافسا مع عشرات القصاصين ، كل هذا لايهم ، كل هذا من وجه نظرهم يداري فشلا اجتماعيه وعنوسه لم تنتهي !!! نعم هي تحمل الرتابه بداخلها ، فاره من اسرتها ونظرات اللوم في عيونهم ، لايحترموا اختياراتها ويتمنوها تتخلي عن كل ماوصلت له مقابل رجل يمنحها اسمه ويسترها ويريحهم ، لكنا لم تحقق امانيهم فتجنبوها ، امها حزينه عليها وشقيقاتها يحقدن علي حريتها ويلومها عليها واخيها لايكف عن التشاجر معها باعتبارها مجنونه بل ومنفلته ، فالانسه التي تتجاوز الاربعين وترفض الزواج وتذهب وتجيء براحتها حسبما تحب وتجلب له المشاكل وقد تجلب له الفضيحه ، بالضروره منفلته !!! اسرتها تتجنبها ، مكالمه تليفونيه بارده تاتيها بين حين واخر ، كلمتين فقط لاغير ، ازيك كويس طيب ، شارده هي عن حظيرتهم وبعيدين هم عن عالمها والفجوه واسعه !!!
متي غادر منزله وقرر الا يعود ، هل في تلك اللحظه التي ماتت فيها زوجته ، غضب منها لانها ماتت وترك البيت وخرج ، لم يعد حتي الان ، سنوات قرر الا يرتبط بمكان او حبيب ، لن يتوجع ثانيه ، كفاه الوجع الذي مزقه وقت ماتت زوجته الحبيبه وتركته ، سنوات طويله قضاها معها مريضه يخدمها بمنتهي الرضاء ، تشاجر معها الف مره كي لا تياس فتعجل برحيلها ، لكنها خذلته وياست ورحلت ، كان يمرضها بحب سعيدا بخدمتها لكنها اشفقت عليه من طول مرضها ، لم تسعده بقدر مااتعسته ، اكتشفت مرضها بعد زواجهما بوقت قصير ، رفضت الانجاب كي لاتورطه في صغير يرعاه يفسد حياته بعد موتها ، تعذبت في مرضها وعذبته ، تمزق من الالم الذي يحرق اعصابها ، ينهار مع صرخاتها ، يصمت وقت تدخل في الغيبوبه وحين تفيق منها لاتلمح الا دموعه الحزينه علي حالها ، ياست من شفائها وقررت الرحيل ، ترجاها شهورا الا تتركه ، تمني بانانيه شديده ان تبقي مريضه طيله العمر ولا ترحل وتتركه ، لكنها لم تستجيب لرجاءه ورحمته من مرضها ورحلت، غضب منها لانها خذلته ، ترك المنزل الذي اثثته بذوقها وزينته بلوحاته ورحلت تركت رائحتها بين جدرانه ، ترك المنزل علي حاله ورحل ، استوطن محطات الرحيل ومطارات السفر وموانيء الغربه ، يتوجع من الفقد الدائم الذي يعيشه مستمرا في كل اماكن الوداع ، لكنه اسر نفسه في الرحيل ، ادمن لحظات الوجع ، تواري خلف دموع الاخرين ليخفي دموعه ، يشارك الجميع احزانهم ولايجد من يشاركه حزنه ، لن يصفح عنها ، لانها ياست ورحلت ، ليتها بقيت تؤنسه انفاسها ، قتلته برحيلها ، غادرته بروحها وتركته جثه تعيش بلا بهجه اسير لحظات الرحيل والوداع ، ورسم وجوها متعبه بالحزن والهم والشجن ضحايا الفراق والهجر والرحيل لكنه لم يجد بعد الوجه الذي سيطلق اسر جميع الوجوه ، لم يجد بعد الوجه الاكثر وجعا الاكثر تعبا !!!!!!!!
مازالت تجر حقيبتها وتحمل البالطو علي ذراعها وتسير صوب الكافيه ، الوقت بطيء والكافيه بعيده والرتابه تحتلها ، غابت قدر ماغابت تبحث عن تغيير في حياتها ، لكن التغير لم يحدث ، نعم عادت بكثير من الملحوظات في دفتر ابداعها ، شخصيات ملفته للنظر ، ملامح تستحق التسجيل ، اسماء وعناوين ، حماس لمجموعه قصصيه جديده ، لكن هذا كل ينزع اشواك الرتابه من روحها !!! تتحدي الرتابه المعتادة بحماس زائف وابتسامه كبيره وصخب تنقله معها من مكان لاخر ، وخطابات تكتبها لاصدقاءها تحبهم وتبثهم مشاعرها ، ترسلها من اي مكان تذهب اليه ، تمد الوصل بينهم تنتظر دفئا يؤنسها ، تاتيها كلمات قليله ساخره من رفضها استخدام الوسائل التكنولوجيه في التواصل واصراراها علي الطريقه التقليديه القديمه ، خطابات واظرف وطوابع بريد ، لاتكترث بالسخريه ، هي تحب الخطابات وترفض الاحرف الصناعيه وتحب شكل الكتابه اليدويه وانبعاجاتها الشخصيه ، مازالت تنتظر الدفء الذي تاخر كثيرا في صناديق البريد !!!
اخبرها طبيبها النفسي ان الرتابه التي تحتلها عرض لمرض يلزم عليهما معرفته ، زياره وثالثه وعاشره ،تحكي وتتكلم وتتناول الاقراص والرتابه علي حالها ، فقدت الثقه في الطبيب ، لايملك لحالتها حلا ، يستنزفها بالتنقيب في ماضيها وعواطفها واحباطاتها ، يستجلب دموعها عنوه ويضغط عليها لتذكر كل ماهو موجع وفي النهايه لاتتحسن ولاتشفي ولاتعود لروحها الحماسه الحقيقيه ، لن تذهب له ثانيه ،هكذا قررت فزياراته توجعها ، لاتفتح له سراديب النفس المليئه بوحشتها ، يلومها لانها عجزت عن الاحتفاظ بالحبيب الاول ، يلومها لانها لم تغريه للبقاء في حضنها بما يدفعه للتخلي عن احلام السفر والهجره والرحيل ، لم تفهم كلمات الطبيب ولم تفهم لماذا يلومها ، قدمت للحبيب كل ماتملك ، قلبها وحبها ، لكنه تركها ورحل ، مالذي كان مطلوب منها ، استجداء حبه استدرار شفقته البكاء تحت قدميه لاترحل فيشفق عليها ويوقع علي ورقه الزواج ، تقليدي الطبيب ولم يفهم رغم كل ماقالته له ، لم يفهم نفسيتها ، هي لا تحب اي شيء تطلبه ، هي تقدر ما يمنح لها دون طلب ،الحبيب الاول لم يكفيه حبها ،لو ضغطت عليه لبقي بجوارها ، لكنها تعرف نفسها ، لو ضغطت عليه لفقدت نفسها وحبها ورغبتها في وجوده ، فليرحل ويبقي حبه ندبه في قلبها تغلق بواباته للابد ، لن تذهب للطبيب ثانيه هكذا قررت، قررت وسافرت بعيدا !!!
استيقظ اليوم متعبا كان يبقي في فراشه لايغادره شان ايام كثيره ، لكن مل التحديق في السقف ، قرر الخروج من المنزل ، وجهته المطار ، صاله السفر ، لن يرسم اليوم ، سيدخل بالتصريح الذي بحوزته ، وكانه عامل في احد المقاهي ، هذا اتفاقه مع صاحب المقهي ، سيدخل المطار كانه يعمل عنده ، يمنحه ترخيص دخول مقابل مبلغ مالي كبير يدفعه شهريا ، اليوم كره المطار وصاحب المقهي والترخيص ، سيدخل يجلس في المقهي كالضيوف ، لن يرسم ، لن يبحث عن الوجه الضائع ويخيب ظنه مثلما اعتاد ، لن ياخذ الاوراق والاقلام ، سيرتدي ملابس بسيطه ويجلس يحتسي القهوه ويستمتع بالصمت ، كاد يخرج بلا اوراقه ، لكنها نادته ، اخذ الاوراق والاقلام غاضبا من نفسه ، ضعيف هو امام الاوراق ، سياخذها وسيتجاهلها ولن يرسم ، لن يرسم اليوم !!!!
جلست علي منضده بعيده في ركن الكافيه ، اشعلت سيجاره واحست براحه ، كانها وصلت وطنها فراشها ، كأنها شفيت من الرتابه ، لعنه الله علي المطارات والطائرات ومنع التدخين ، طلبت قهوه دوبل والقت نظره سريعه علي الجالسين حولها ، بشر بلا ملامح لايصلح احدهم تكتب عنه قصه لطيفه ، نعم هي قصاصه ، تكتب قصص قصيره ، البشر جميعهم حولها مشاريع قصص ، اسطر وحروف ، تبحث في معالهمهم عن لغز سر نظره ، تبني عليها بينان درامي و.... وقصه اخري تضاف لمجموعتها التي تعدها للنشر ، لكن هؤلاء البشر الرحل بلا ملامح ،كانهم تركوا ملامحهم في بلادهم ، جميعهم متشابهون ، ذكور واناث بلا شيء مميز ، لايصلحوا للكتابه عنهم ، هذا الرجل نائم بطريقه بلهاء والاخر سكران يصرخ ولايكف عن الشراب ورائحه جوفه النتنه تصلها تقلب معدتها ، النادله فتاه حمقاء ، ابتسمت ، نعم تبدو حمقاء ، تزين انفها بفص ماسي وخصلات شعرها متنافره الالوان مصبوغه بصبغه رخيصه ، نظره عيناها تفصح عن حمق دفين ، السيده العجوز التي تجلس في اخر الكافيه ، ملامحها تقول ان لديها قصص كثيره مختزنه ، لكن ذاكرتها وهنه لن تتذكرها علي الارجح ، اظافرها المزينه بالطلاء الاحمر وشالها الاحمر يفصحا عن انوثه كانت موجوده ولم تترك من اثارها الا ذلك الاحمر !!!
كان فرغ من فنجان قهوته ، وقت دخلت الكافيه ، وجهها نداه ، التفت لها وحدق فيها ، هل هي جميله ، لايظن ، ملامحها عربيه ربما اسبانيه ، ربما من امريكا اللاتينيه ، شعرها الاسود الليلي المنسدل علي كتفيها شده ، كحيله العين مرهقه الروح ، نعم الهم ينبعث من حدقيتها يناديه ، ليست تعيسه لكن متعبه ، ليست حزينه لكن مرهقه ، هل خواء يحتلها لايعرف ، هل تشعر ضياعا يتملكها لايعرف ، لكن وجهها اكثر الوجوه المتعبه التي صادفها في محطات الرحيل ، جميله لكن حزينه ، اسيره الهم ، تعيش لكنها لاتعيش ، ملامحها تكلمه ، يتابعها ببصره ، جلست بعيدا عنه ، المسافه الكبيره منحته احساسا برؤيتها بشكل اوضح ، ملابسها انيقه لكنها ليست متأنقه ، ترتدي باناقه دون قصد ، تخطف مايصادفها من ملابس لاتكترث بمن سيراها لكن ذوقها الجميل يفرض طابعه عليها ، القت البالطو والحقيبه الانيقه بجوارها باهمال ، تزفر الانفاس الساخنه ، ضحك ، نعم انفاسها ساخنه ، هكذا احسها من مكانه البعيد ، كانه لوحته تناديه واقلامه توخزه ، امسك القلم منتشيا ، طريقه الطويل اوشك علي الانتهاء ، سيرسمها ، سيرسم روحها ، تلك المتعبه التي تلون وجهها بالهم ، يحدق فيها ، جميله وانيقه لكن اسيره ، نعم هذا عنوان لوحته ، الاسيره ، هي تلك السيده الغريبه التي لايعرفها ، هي الاسيره بطله معرضه واهم لوحاته ، الاسيره ،ورسم الخط الاول وابتسم !!!!
فكرت في السيده العجوز طويلا ، شاهدت فيها نفسها بعد عشرات السنوات ، هل ستكون مثلها هكذا ، عجوز بشال احمر!!! ارتعدت خوفا ، لاتعجبها الفكره ، لن تكون مجرد شاهد علي انوثه محيت ، قيمتها عند نفسها اكثر من هذا كثيرا ، هذه السيده بائسه ، هكذا قررت ، اماهي فليست بائسه ، نعم تشكو من الرتابه ، لكنها ليست بائسه ، فتحت دفتر ملاحظاتها وكتبت " البائسه "ووصفت السيده العجوز وابتسمت ، لاداعي لمخاوفها ، هي ليست بائسه ولن تكون !!! عادت لقهوتها وسجائرها وافكارها ، تلوم الوقت البطيء الذي لايتحرك وتحلم بفراشها ومكتبها واوراقها ومجموعتها القصصيه الجديده !!! شربت القهوه بسرعه وطلبت فنجان اخر ، دخنت سيجاره واثنين وسرحت مع افكارها ، كم مر من العشره ساعات وكم تبقي ، الوقت في المطارات بطيء لايمر ، احست بالملل ،هامت مع افكارها ثانيه ، تبحث عن فكره قصه ، تلتهم العشره ساعات وتلغي اثرهم الممل ، لم تكن تدرك ان الساعات العشره التي ستقضيهم في المطار سيبعثوا في نفسها الرتابه التي فرت منها برحلتها السياحيه ، كانها سافرت ولفت حول العالم لتعود في النهايه لوطنها بالرتابه التي فرت منها !!!
يحدق فيها ، يكاد يقترب منها يسالها عن اسرها وسببه ، اين انت ياسيدتي ، هل محتجزه في قبو بارد ، هل معتقله خلف قضبان الوحشه ، هل محبوسه داخل نفسك لاتجدي منها مهربا ، اين انت ياسيدتي ، مالذي يؤرقك ويوجعك لهذا الحد ، يحدق فيها ويكلمها لاتسمعه لكنه لايتوقف عن الحديث اليها ، يكلمها ويرسم ، يبتسم ويرسم ، يحزن لحالها ويرسم ، يحدق فيها طويلا يلتقط بكاميرا عينه ملامحها وجعها ويرسم !!!!
افاقت علي عيون تتفحصها ، انتبهت ، ابتسمت ، لم تعتاد عين تفحصها ، هي التي تفحص الاخرين وتحاول اكتشاف اسرارهم ، لكنها مصمته كمثل مكعب الحديد لاتقوي عيون علي اختراقها ، بحثت عن العيون المتلصصه ، نعم انه يجلس في نهايه الكافيه ، في الزاويه المقابله لها ، عرفته انه هناك ، معه قلم رصاص وورقه كبيره ، انه رسام ، يرسمها !!!! ارتبكت ، ليس من حقه يرسمها ، فقط من حقها هي تكتب عنه ، تبحث في اعماقه عن قصه ، لكن ليس من حقه يقرأ في ملامحها اي قصه ، هذه خصوصياتها ، تتشاجر معه وهي تشرب القهوه البارده متغاظه ، سيجاره من سيجاره وهي متغاظه ، مازالت عيونه تلاحقها ، واصابعه تجري بقلمه الرصاص فوق ورقته الكبيره ، نعم هو يرسمها ، حسمت امرها ، ستقوم وتتشاجر معه !!!! استهوتها الفكره ، مشاجره قد تبدد الرتابه وتضيع بعض الوقت الطويل الذي يروح ويجي فوق روحها يذبحها بنصله البارد !!! استهوتها الفكره ستتشاجر مع الرجل الغريب الذي لاتعرفه ولن تقابله ثانيه ، ستتشاجر معه وتقتل الرتابه ولو مؤقتا وترحل وتتركه والرتابه خلف ظهرها وتعود لوطنها !!! القت بثمن مشاربيها فوق المنضده الخشبيه ولملمت اوراقها وحملت حقيبتها وسارت في طريقها صوبه ، كانها ستخرج من الباب ، ستسرق نظره علي ورقته ، لو وجدت وجهها او ملامحها ستتشاجر معه علي الفور ، سارت خطوات بطيئه ، مرهقه ، ومازال الوقت طويل علي طائرتها ، حانقه عليه ، افسد عليها مزاجها ، كانت مسترخاه سعيده ، تشرب القهوه بمزاج تتناسي الرتابه لكنه افسد مزاجها فليتحمل تبعات تلصصه عليها !!!
ستقوم ، ستغادر المكان ، ستفلت من قبضه خطوطه ، سترحل قبل اكتمال اللوحه ، ستتركه وهو لم يقبض بعد علي روحها وخطوطه مازالت قليله لاتعبر بدقه عن حالتها ، ستخرج من الكافيه ، لن يسمح لها بالرحيل ، حين تقترب من الباب سيقوم ويكلمها ، سيطالبها بالبقاء ، سيتوسل اليها تبقي حتي يكمل لوحته وخطوطه ، تقترب من الباب ، ارتبك ، عاجز عن الحركه ، انتظاره الطويل سيضيع هباء ، لوحته ستبقي بلا اكتمال ، لاتغادريني ياسيدتي وانتظريني ، لاتغادريني ، ارجوكي ابقي وانتظريني !!! تعجب من حاله ، غريبه سترحل ، لماذا توجعه برحيلها وهو الذي ادمن الرحيل ومراره لحظاته ، يتمناها تبقي لانه يحتاج وجودها ، ليست المشكله في اللوحه التي يرغب في اكمالها ، بل المشكله فيه ، يحتاج وجودها ، عجبا يارجل ، كنت نسيت مثل تلك الاحاسيس ، كنت استغنيت منذ زمن بعيد عن الاخرين ، لكنها ذكرتك بالمشاعر التي كنت تظنها رحلت مع الغاليه الراحله !!!! مازال يحدق فيها مرتاعا يخاف رحيلها وهو الذي ظن في نفسه بلاده لايفلح احد في محوها ، لكن تلك السيده ذات الملامح الشرقيه بشعرها الاسود بعثرت امانه وذكرته بمشاعر تصور واهما انها ماتت منذ سنوات بعيده!!! لاتغادريني ياسيدتي !!!!
اقتربت منه ، القت نظره علي الورقه ، لم تري شيئا ، اقتربت اكثر لم تري شيئا ، اقتربت اكثر ، تعثرت ، سقطت اوراقها جواز سفرها ، البالطو ، حقيبه يدها ، هب من مكانه يساعدها ، سقطت لوحته ، علي الارض تقابلا ، هي تلملم اشيائها ، هو يحدق في عينيها ، ارتبكت ، ناولها قلم الروج الفار تحت المقعد ، فرده حلق ، ارتبكت اكثر ، سالها بلغه تفهمها ، انت تعبانه ، لم تكن تعبانه ، لكن سؤاله نبهها ،نعم هي تعبانه ، مستيقظه من اليوم السابق ، سافرت ووصلت هنا ، مطار واجراءات وحقائب واوراق ، نعم هي تعبه !! هزت راسها توافقه ، همست بالعربيه ، تعبانه جدا ، سلامتك ، كادت تقول له الله يسلمك ، ثم صرخت ، يحدثها بالعربيه ، اجتاحها الحنين للوطن ، في مطار بعيد في وقت سخيف في رحله سفر طويله ، تقابل رجلا يهمس بعربيه حميمه ، سلامتك ، الله يسلمك ، ابتسم ، ابتسمت ، لمس اناملها يساعدها علي الصعود من الارض ، تركت اصابعها له بمنتهي الثقه ، كانها تعرفه من قبل ، دماءها العربيه تجري في عروقه ، قامت معه ، بلهجه مصريه تعرفها جيدا دعاها لفنجان قهوه ، اتفضلي ، ريحي نفسك ، طيارتك قربت ، هزت راسها نفيا ، لسه بدري قوي ، ضحك ، زيي ، جلست معه لاتشعر احراج التعامل مع الغرباء ....
عربيه مصريه ، مفاجأه لايتوقعها ، حين نطقت بالعاميه المصريه ، اختلج قلبه ، هذا سبب ارتباكه ، مصريتها تسللت تحت جلده ، فتحت صندوق ذكرياته الموصد ، رائحه الوطن وحميميته ، ملامحها اسرته لانها تشبهه ، لم يفطن لسر انجذابه لها ، دماءها تجري في عروقه ، عربيه مصريه لكنها اسيره ، غشاه الحزن ، حزن من اجلها ، مالنا تعساء ، هي اسيره وانا فار ، هي ملتصقه بحاله لاتحبها وانا فار من حاله لااحبها ، غريبين يعيشا حاله متناقضه متنافره لكنهما جذبتهما ، سخر من تصوراته واوهامه ، هي لم تنجذب له وهو لايعرف فعلا حقيقه احاسيسه ، الارتباك والحيره هذا مايعتريه ، يحدق فيها ولاينطق ، صامته تنتظر شيئا لايعرفه !!!
مازالت صامته ، صمت هو الاخر ،مازال ممسكا بقلمه يرسم ، لاتري مايرسمه ، سالته ، بترسم ايه ، ابتسم كطفل ضبط متلبسا بعمل ممنوع ، بارسمك ، ضحكت ، ضحك ، من ساعه مادخلتي هنا وانا عارف انك لوحتي الجايه ، خطواتك ، ملامح وجهك ،رائحتك ، طريقه احتساء القهوه ، تدخين السيجاره ، انت الوجه الذي كنت ابحث عنه لافتتح معرضي!!!
طلب من النادله قهوه دوبل ، ابتسم لها ، بتحبيها دوبل صح ، انا شفتك بتشربيها دوبل ، وافقت ، عرض عليها سيجاره من علبته ، جربيها ، وافقت ، مالها ، سالت نفسها ، تطاوعه بلا تمرد ،كانها تعرفه منذ سنوات طويله ، مالها منحته سلطه التحكم فيها ، وهي العنيده التي لاتمنح لاخر سلطه عليها ، تتوق لرؤيه اللوحه ، سالته ، ليه ، اشمعني انا ، تشعر بوجهها يسخن ، ترتبك ، اهي خجله ، غريبه جدا ، مالذي اعادها سنوات طويله للوراء ، وقت كانت تخجل وترتبك ، مالذي اعادها كل تلك السنوات للخلف ، واطال شعرها وربط الشرائط الستان في جدائلها ، والقي بحقيبه المدرسه فوق فراشها ، لماذا عادت طفله ، تضبط نفسها متلبسه بالاعجاب بصبي صغير ، يربكها ويحيرها ، مالذي اعادها طفله ، اين خبرتها ، اين الصفاقه التي تجيد رسمها علي وجهها كانها لاتكترث بمن حولها ، اشمعني انا ؟؟؟ كررت السؤال !!!
ضحك وصمت ، يمسك قياد الحديث وقياد نفسها ، معرفش ، وشك ناداني ، ارتبكت ، هل يغازلها ، هل سيغازلها ، ايراها صيدا سهلا في مطار غريب تنتظر بملل طائره ستنقلها للدفء للوطن ، هل اعتبر غربتها سبيلا للايقاع بها ، صمتت ومازال يرسمها ، غضبت ، بس كان لازم تستأذني ، ضحك ، هو مش لازم لكن اسف ، قطع عليها طريق المشاجره التي كانت تتمني الخوض فيه ....
احاسيسها اخترقت قوقعته ، نعم اغازلك ، كاد يقول لها ، اغازلك ياسيدتي ماهو رايك ، خاف من رد فعلها ، خاف تتركه وترحل ساخره من جنونه ، صمت ، لكنه صمته اخترق كهفها ، نعم هو يغازلني ، ساغادره وارحل ، لكنها تستمتع بنظراته الفاره من نظراتها ، لو تلاقت نظراتهما لباحا بكل الاوجاع التي تحتلهما ، ولو باحا بكل ما يؤرقهما ، لانهارت عوالمهم المستقله ، سيلتصقا ولن يفلح احد في فصم وجودهما ، اعرف سيدي انك تغازلني لكنك لن تقوي علي مصارحتي باحاسيسك وستبقي صامتا وسادعي اني لم استقبل رسالتك ولن ارد عليك ، لن افصح لك عن سعادتي بغزلك!!!!!!! مازالا صامتين ، كل منهما يتعجب من حاله وماحدث له !!!!
تحدق في وجه وهو يرسم ، يصلح بطلا لقصتها الجديده ، هو رجل نذل ، نعم ستجعل بطلها نذلا ، استهتر بقلب فتاه احبته وذبحها ، هكذا قررت ، سالته ، ممكن اشوف اللوحه ، هز راسه نفيا ، لا طبعا مش ممكن ، دي مجرد مشروع اسكتش ، اللوحه الاصليه تشوفيها في معرض في القاهره ، لم تلح عليه ، ماذا يظن نفسه ، سالها ، جايه منين وراحه فين ، اغتاظت من سؤاله ، ليس له ان يسألها ، ليس من حقه ، هي حره نفسها ، تاني من اي مكان لاي مكان ، هذا شأنها وليس شأنه !!
بادرته ، انت اللي جاي منين ورايح فين ، سالها مش جاي من حته ، انا عايش هنا ، بدخل المطار علشان ارسم الناس ، الوشوش ، الوداع ، الدموع ، الحيره ، القلق ، توترت ، لكنك قلت انك تنتظر الطائره مثلي ، ابتسم بهدوء ، ماانا باستني طبعا طياره اخدها واروح لكن انا ماقلتش امتي ، بارع ذكي ، ضحكت ، يصلح جدا ليكون بطل نذل لقصتها القادمه ، الانذال دائما اذكياء ولماحون ويتلاعبون بالالفاظ والكلمات ، نعم هو نذل ، سترسم رجلا نذل في سطورها القادمه يشبهه تماما ... هي تعرف هذا النوع من النذاله ، النذاله الرشيقه التي تذبح بلاقطره دم واحده ، تعرف هذا النوع من النذاله الفطريه ، رجل خلق جذابا ليكون نذلا .. كادت تبتسم ، ارتبكت ، احكامها سريعه ، لايبدو جذابا ولايبدو نذلا ، ابعدت المنطق عن تفكيرها ، هي لاتتحدث عنه ، بل تتحدث عن بطل مجموعتها القصصيه الجديده !!! مازالت شارده ومازال يرسمها !!! قررت ان يكون نذلا علها تفر من غزله الصامت ، حتي لو فهمت ذلك الغزل لن تستجيب له ، فهو نذلا ، كيف تستجيب لغزل نذل !!! سيرسمها وستقوم ، تودعه يودعها وينتهي الامر !!!
يراقبها ، يحدق فيها، يرسم ويرسم ، يسجل كل لمحات وجهها كل ايماءاتها ، كان عيونه كاميرا ، تسجل انفاسها اختلاجات وجهها ، قسمات وجها تحدثه ، هي صامته لكن عيونها تتكلم ، تفهمه لكن خائفه ، لايملك طمأنينه يمنحها لها ، هي خائفه وهو عاجز ، لايقوي علي منحها ماتريده ، عيونها تبحث عن طمأنينه ، لكنها لاتجد ماتبحث عنه ، فيزداد خوفها ،كنت اتمني عزيزتي امنحك ماتستحقيه ، لكني كالصحراء الجدباء لااملك طمأنيه ، دروبي حائره اخشي عليك فيها من التوهان !!! ومازال يرسمها !!!
شارده هي ، مستسلمه لخطوطه ، كل الرتابه التي بداخلها تطفوا علي ملامحها ، تمنحه مايتمناه ، وجها متعبا ، نعم انا هذا الوجه المتعب الذي تبحث عنه للوحتك ، فزع انت من كل مامررت فيه ، لاتملك ماتمنحه لاحد ، تفرغ مشاعرك علي الاوراق ، ارسم ايها الرسام التائه ، ارسمني ودعني ارحل ، وكفاني الله شر العذاب الذي لاتملك غيره لتمنحه لي !!! نذلا ، قررت ان نذالته سبب جدب مشاعره ، نذلا لايملك مايمنحه لها الا الوجع ، لكنها لن تمكنه من ايلامها ستتركه يرسمها وترحل !!! انتبهت علي صوته ، قهوتك حتبرد ، قبضت علي الفنجان وهي شارده ، ابتسمت له ، لن تترك له قياده حديثهما ، ستنقب في نفسيته ، لترسم شخصيه النذل بدقه ، انت عايش هنا ، لم يرد علي سؤالها واكمل حديثه السابق ، انا باحب ارسم الناس في المطارات ، واسترسل يشرح لها باستفاضه ، في المطارات البشر علي حقديقتهم ، جميعهم يدرك ان وجوده مؤقت ، في حاله وصول ورحيل وحركه قلقه ، وجوه المطار اجمل الوجوه ، انفعالات البشر علي حقيقتها ، الرحيل يكشف سر النفوس ، رواد المطار يعيشون براحتهم ، لااحد يتدخل في شئون الاخرين ولا يسالهم لاين ذاهب او مين اتيت ، لااحد يتطفل علي الاخر ويلاحقه باسئله سخيفه ، انا مش جاي من حته ، هكذا قال .. وفجأ سالها ، انت بقي حكايتك ايه .... كادت تساله حكايتك انت ايه ، لكنها لم تساله ، كادت ترفض تتحدث معه فهو غريب وهي غريبه ، لكنها لم ترفض ، ستتحدث معه ، نعم هو غريب وهي غريبه ، لكنها ستحكي له قصه غربتها الدائمه ، تصمت وتعود تجده مازال يرسمها علي ملامح وجهه تعبيرات غريبه ، ينتظر قصتها ، تطلب قهوه ثالثه يرفض ويطلب لها عصير رمان ، تشربه مستسلمه لرفضه ، وتحكي وتتكلم ، يرسم ، تصمت ويرسم ..ينصت لها باهتمام رهيب ويرسم .. يشرب قهوه وسيجاره ويرسم .... صوتها يعلو وينخفض وهو يرسمها ....الوقت يمر يمر !!! يرسمها ويغازلها ، مستسلمه لخطوطه ولاتستجيب لغزله !!! يحدق فيها عاجزا عن منحها ماتحتاجه ولايسالها تمنحه مايحتاجه !!!
ومازال يرسم وجهها علي لوحته ومازالت تنقب في نفسيته تختزن في ذاكرتها تفاصيل حكايه النذل الذي ستكتب عنه!!!!
نظرت في ساعتها ..... الوقت مر وميعاد الطائره اقتربت ... لازم ااقوم ، قالت ، للاسف ، قال .... ستتحرك ، ستودعه ، ستعود لوطنها ، وسيبقي هو غريبا تائها حزينه لانها ستغادره ، حزين لانها ستتركه ، لكن اي منهما لم ينطق وبقيا صامتين ، ففي محطات الرحيل والسفر لامجال ولا وقت للتعبير عن المشاعر المتعبه التي تحتاج وقتا طويلا لمداوه جروحها وتجاوزها !!! ..
سالها عن اسمها ، ضحكت ، الم اخبرك عنه ، هز راسه نفيا ، ماله حزين ، تلمح نظرات حزن في عينيه يداريها يقتلها لكنها لمحتها ، سالته تفتكر ايه ، ضحك مقهقها ، لااعرف طبعا ، قامت تلملم اوراقها ، حمل لها البالطو ولوحته التي لم تراها ، همست راويه وانت ؟؟ سار بجوارها تعيسا ، رجب ، انفجرت ضاحكه ، اعتذرت بسرعه ، ارتبك واتغاظ لها ، ايوه رجب ، ابويا الله يرحمه سماني رجب ، اعتذرت ثانيه ، شرح لها ، انا عارفه ان مافيش رسام اسمه رجب ، لكن انا بقي رسام واسمي رجب ، ضحك ، ضحكت ، سارا صامتين ، لاتصدق ان عشره ساعات قضتها مع رجب ، لاتحب اسمه ، لكنه قتل وقت انتظارها الطويل ، امامه نسيت الرتابه التي كانت تحتل روحها ، الوقت مر معه سريعا ، حكت له حياتها كلها بلا اي تحفظات ، حماسه وهو يرسمها حمسها لتحكي له كل ماارادت حكيه ، تذكرت طبيبها النفسي ، الفاشل يضغط عليها لتتكلم ، هاهو رجب استنطقها دون ضغط ودون دموع ودون ادويه ، كادت تساله عمااذا كان طبيب نفسي لكنها تراجعت هو مجرد رسام صعلوك يجلس وحيد علي منضده بارده في المطار يرسم وجوه الغرباء ، نعم هو كذلك ، لكنها ارتاحت له لحد لم تفهم اسبابه ، رغم انه البطل النذل لقصتها القادمه !!!
وقفا امام بوابه الخروج ، ناولها البالطو ، سالته الن اراك ثانيه ، وعدها سيتصل بها وقت وصوله القاهره ، دخلت البوابه وانهت الاجراءات والقت جسدها المتعب علي كرس الطائره ونامت وهي تفكر انها لم تاخذ تليفونه ولم تعطه تليفونها ، اجتاحها الحزن ، لن تراه ثانيه ،كان رجل عابر في لحظه انتظار طويله وانتهت .. ابتسمت ، ليس نذلا ، ان كتبت عنه لن تقول انه نذل ، نعم ليس نذلا ، ستمنحه شخصيه اخري في احدث قصصها .. ونامت!!!!
عاد للمنضده التي كان يجلس عليها ، حزينا مرتبكا ، يقبض علي لوحته كانها يحتضنها ، اجتاحه الحنين للوجه المتعب ، غضب منها ، بعثرت امانه الوهمي الذي اختبأ فيه من الحياه الموجعه ، ذكرته بانسانيته التي دفنها وزوجته الحبيبه ، فزع ، نسي زوجته الحبيبه وكاد يعبر للسيده الغريبه عن اعجابه بها ، دفن اقلامه في الحقيبه وقلب اللوحه علي ظهرها وصمت ،لن يكمل اللوحه ، تلك السيده تهدده ، تعيد اليه الحياه التي كان نسيها بكل اوجاعها ، سينساها سينساها سينساها ، وقام يجر اقدامه الثقيله عائدا لمنزله !!!
دخلت منزلها في منتصف الليل ، الصمت يلف خطواتها ، ادركت للوهله الاولي ان نباتاتها ماتت في غيابها ، القت جسدها علي الفراش حزينه علي موت النباتات ، اغمضت عينها تشتهي النوم لكن رجب تسلل لوحدتها وفرض نفسه عليها ، رجب ، رجل غريب ، قابلها في وقت ضائع ، وقت تتمني قتله لينتهي ، ساعدها ببراعه في قتل الوقت ، لم يسمح لها تري لوحته ، تحسه فنان فاشل ، كل ماحوله يقول هذا ، يضيع وقته في بلد غريب يرسم وجوه الغرباء ، فاشل ، دوت الكلمه في اذنها ، حكت له كل شيء عن نفسها ولم تعرف عنه شيء ، ليس مهما ، ستمنحه حياه وتفاصيل ودراما ،ستاخذ الاسم والمطار واللوحه وتكتب قصه تخلق كل تفاصيلها من عندها ، كانت تتمني تري اللوحه ، كيف يراها ، لكنه لم يسمح لها ،ليس مهما !!! فكرت فيه طويلا ونامت بسرعه دون ارق ، وهي بين اضغاث النوم ابتسمت ، لم تشعر بالرتابه مثلما اعتادت ولم يفر منها النوم كما اعتاد .. ابتسمت ونامت !!!!
بقي جالسا فوق مقعده الوثير وسط الظلام صامتا ، لوحته ملقاه بجوار الحائط ، يخفي وجهها ، يفر من ملامحها ، لكن ملامحها تحتله ، اجتاحه الحنين للسيده الغريبه التي قابلها مصادفه في محطه السفر ، قصت عليه حياتها ، قالت كل شيء الا سبب وجعها الموشوم علي ملامحها ، انصت اليها باهتمام لكنه لم يسالها عن السؤال الوحيد الذي يتمني معرفه اجابته ، مالذي يوجعك ، لم يسالها ولم تقل ، اضاء النور ، امسك باللوحه ، حدق فيها يسالها ، مابك ياسيدتي ، تصور وجهها يبتسم فابتسم ، حمل ابتسامتها لفراشه واحتضنا ونام لاول مره منذ سنوات بعيده نوما عميق بلا كوابيس ، لو وصفته الجنيه التي تحتل سقف غرفته وقتها ، لقالت نام مبتسما !!!!
شهورا مرت ، وهي تحاول تكتب مجموعتها القصصيه الجديده ، مازالت عانس ، ومازالت فاشله حسبما تراها امها ، ومازالت تبحث عن دفء لاتجده لانشغال شقيقاتها باطفالهن ولانشغال اصدقائها بحياتهم ولوحدتها البارده ، مازالت تذبح بالرتابه كل نهار حين تستيقظ وحيده فاقده الحماس لاي شي حتي مجموعتها القصصيه الجديده ، فقط رجب وذكراه وفضولها لرؤيه لوحته من ينسوها الرتابه ، يوترها الفضول لرؤيه اللوحه ، كيف راها ، كيف رسمها ، لكن رجب بعيد عن عالمها ولن يقترب منه ابدا ، بينهم بلاد ومطارات وغربه !!!
وقتا طويلا يضيع من حياتها تفكر في مجموعتها القصصيه الجديده ، ستكتب عن رجب اخر قصه ، ستكتب عن السيده العجوز ذات الشال الاحمر قصه اخري ، ستكتب عن النادله الحمقاء قصه ثالثه ، ستكتب عن طبيبها النفسي قصه رابعه ، سعدت بتلك الفكره ، نعم ستكتب عن طبيبها النفسي قصه تمزقه فيها تنتقم منه ومن كل عجزه عن علاجها من الرتابه ، ستكتب قصه عن مضيفه الطائره ، تلك المضيفه التي لم تكف عن البكاء طيله الرحله ، تختفي وتعود دامعه حمراء العنين ، تبتسم وتقدم المشروبات وتخدم الركاب وقطرات دموعها معلقه ، وحين تكاد تسقط تفر وحدها بعيدا تبكي بحرقه وتمسح دموعها وحين تعود ترسم ابتسامه علي وجهها الحزين لكن عيونها الحزينه الحمراء فضحتها ، ستكتب عنها ، ستمنحها سببا لاتعرفه الان للبكاء ، ستجعله سبب قاهر يستحيل معه كبت دموعها ، ستكتب عن العجوز الذي كان يقف في الشارع امام المحل التجاري الكبير يعزف كمانه بمنتهي الحماس انغام ليست جميله لكن حماسه وابتسامته ينشرا البهجه حوله ويمنحنا انغامه مذاقا خاصا !!! ستكتب القصص التي رصدتها وبسرعه وتصدر مجموعتها القصصيه الجديده وتتغلب علي الرتابه التي تحتل روحها !!!
مازال قابعا في فراشه لايغادره ، مر يوم او اسبوع وهو لايتحرك ، يترك الفراش ويتجول في الحجره كالحيوان الاسير بين القضبان ، تستعصي عليه ، ترواغه ، تفر من خطوطه ، يرسم خط واثنين ويعجز ، تلك الخطوط لاتشبها ، لوجه متعب لكنه ليس وجهها ، مالك ياسيدتي لا تكشفي لي خباياك ، سلميني روحك ، اكشفي لي مواطن ضعفك ، ساعديني احتويك ، مالك ياسيدتي تئني ولا تفصحي عن وجعك ، مالك سيدتي تتجاهليني ، تخدعيني ، تزيني لي اني قبضت علي روحك وسرعان ماادرك وهمي وخديعتي ، اسيره هي واسرتني معها في جب لااعرف عنوانه ، يلف في الحجره كالوحش الجريح ، يكاد يمزق اللوحه ، الف مره فكر في تمزيقها ، ياست راويه حلي عني ، ارحلي وسانساك ، او سلميني نفسك وحرري قلمي وروحي واستسلمي لخطوطي ، مازال عاجزا امام تعبها الذي لايفهم سببه ، اعجزته بجوارها ، ياست راويه ارحميني ، اياما خلف ايام وهو عاجز عن اكمال اللوحه عاجز عن تمزيقها ، حانق علي راويه التي اعطته نفحه من روحها سحرته كمثل لعنه الفراعنه تطارده بعجزها ، ايام خلف اسابيع ولوحته امامه دليل عجز وقصور ، لم يرسم شيئا اخر ولن يرسم ، هذا الوجه المتعب هو نهايه الرحله ، لكن الوجه المتعب يابي الخضوع لخطوطه وهو يرفض التمرد عليه ويصر علي الامساك به ، ومابين الاباء والاصرار ضاعت الايام والاسابيع وبقيت اللوحه غير مكتمله يتشاجر معها كل يوم ويستجديها الرحمه !!!
يوم بعد يوم ، تكتب هذه القصه وتنتهي من الاخري ، اوشكت مجموعتها الجديده علي الانتهاء ، فقط قصه رجب التي لم تكتبها ، تكتب كلمتين سطرين وتصمت اسبوع ، تكتب كلمه وتكرهها ، تكتب سطره وتمحوه ، رجب لايطاوعها ولايمنحها نفسه لتكتب عنه ، رجب يعرقل مسيرتها وصدور مجموعتها واستنئاف حياتها ، رجب يغذي الرتابه التي تحتل نفسها فلا تغادرها !!! زئبقي الملامح يفر من تحت قلمها ، تتصور نفسها قبضت عليه وسرعان ماتكتشف الوهم الذي عاشته ، فرجب فار من الحياه ومنها ، قضت معه وقتا لطيفا غازلها ولم تستجب رسمها ولم تري صورته لكنه لم يمنحها نفسه فعجزت عن اختراق اغواره وبقيت مجموعتها القصصيه ناقصه !!!
سيعود للوطن ...... زياره سريعه عل حالته النفسيه تتحسن ويتجاوز عجزه الممسك بتلابيبه وخطوطه وروحه !!! ستسافر بعيدا عن الوطن ..... رحله سريعه عل الرتابه ترحل عن روحها وتستعيد حيويتها وتعود للحياه التي تحبها وتستعصي عليها !!!
في مطار صغير لاتمر عليه طائرات كثيره عباره عن محطه ترانزيت قصيره للطائرات الداخليه ....
في ذلك المطار .... يلتقي رجب عائدا للوطن مع راويه المسافره بعيدا عنه ..
يلتقيا في اغرب صدفه كانوا يتمنوها ، يتلقيا في كافيتريا صغيره خاويه من روادها .. لايحمل قلم الرسم ولا تحمل دفتر الملاحظات .. كل منهما ترك عجزه خلفه ورحل باحثا عن حماس يفك طلاسم السحر ويعيد له الروح الفارة من الجسد المنهك !!!
لايتفاجئا ... كانها علي ميعاد ، كانهما خططا للقاء !!!
التقيا في الكافتيريا الخاويه ، ابتسما ،
غادرتها الرتابه وغادره العجز !!
ضحكا فتوهجت روحها املا !!!
تحدثا .....
تبادلا ارقام التليفون والعنوانين واكمل كل منهما رحلته وحيدا متونس بالاخر البعيد !!!
في الوطن منحته كلماتها البعيده الدفء الذي كان يتمناه !!
فغادره سريعا لغربته يحملها بين بطين قلبه واذينه !!!
في الغربه منحتها كلماته القليله الراحه التي كانت تبحث عنها !!!
فعادت للوطن سريعا تحمله بين جفنيها وتحت جلدها!!!
عاد للوحته ليكملها ، وحين تقف الخطوط تحت انامله يكلمها فتضحك فتنساب خطوطه بارعه دقيقه !!!
عادت لتكمل قصتها ، وحين تتعثر الكلمات وتتبعثر الحروف تكلمه يطمئنها فتفيض العبارات والجمل حانيه معبره !!!
و ......................................
وبعد شهور طويله افتتح معرضه في الوطن وارسل لها دعوه لحضور افتتاح معرضه " وجوه متعبه " وحين دخلت صاله العرض وجدت صورتها تحمل عنوان " روح كانت متعبه وشفيت " فابتسمت له فحلق من السعاده !!!
وبعد سنه ارسلت لن نسخه من كتابها " اناس قابلتهم " وحين وصل للقصه الاخيره ادرك انه بطلها " رجل فار وعاد!!!" !!!
و....................................
وغادرتها الرتابه وتحمست للحياه !!! وشفيت !!!
وغادرته الوحشه واطمئن للحياه واحبها !!!! وطاب !!!!
و............................... مازال يتواصلا !!!
ومازالت هي عانس
ومازال هو ارمل
لكنهما عاشقين !!!!!!!!!!!!!!!!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق