مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الاثنين، 5 أكتوبر 2009

تبكي .. تبكي .. تبكي ..وتنام !!!!



كل الناس تسآل حكايتهم ايه ؟؟؟؟؟
امرآه جميله .. تعيش في شقتها الانيقه الفارهة ... تسير فوق السجاد الشنواة وتجلس فوق المقاعد الابيسون وتنام فوق مرتبه صحيه وحمامها يسطع من بريق السرام
يك البروسلين الفاخر ... تزورها الكوافيره والماكيره كل نهار ... تتجمل وتجلس فوق مقعدها الهزاز المريح تتحدث بالساعات مع صديقاتها واصدقاءها .. تعرف منهم كل اخبار المجتمع وحواديت النميمه ... وفي نهايه الليل تجلس فوق كنبتها المريحه امام التلفزيون الكبير المعلق علي الحائط تتابع البرامج والافلام والاغاني .. تتامل الجدران حولها ... لامعه الطلاء مزينه بالتابلوهات ، تتامل وحدات الاضاءه الكرستال تتامل طفايات السجاير وعلبه السيجار الفضيه تتآمل " الباهو " الماركتري الانيق .... وفي اخر الليل تدخل حمامها تتحمم وسط ابخره الصابون السائل والمعطرات وترتدي بيجاماتها الحريريه وتدخل سريرها تسمع الراديو وتغير المحطات وفجآ تنفجر في البكاء العنيف كمثل كل ليله ، تبكي وتبكي وتبكي وتنااااااام ...........

امرآه قبيحه ...... تعيش في غرفه خشبيه ضيقه تحت السلم ..... ينام معها اطفالها الخمس وزوجها البواب ... الغرفه ضيقه بلا شبابيك ، تترك بابها مفتوح طيله الوقت بحثا عن بعض الاكسوجين القليل .. الغرفه مكدسه سرير وكنبه ونمليه وكرسي ، جدرانها مغطاه بصفحات الجرائد وبعض صور الممثلات ولاعبي الكوره ... تستيقظ من النوم فجرا ولا تنام الا اليوم التالي قبل الفجر بساعات قليله ، تقضي يومها تصرخ في الاولاد اللذين يلعبوا في بير السلم الذي قضت نصف النهار تمسحه ، تصرخ في زوجها الذي ينام حتي الضهر ويترك لها وحدها خدمه العماره وغسيل السيارات وتلبيه الطلبات ، تصرخ في البائعين الجائلين الذين يدخلوا العماره باقدامهم القذره فيوسخوا البلاط الذي دعكته بالفرشه اليوم وامس وكل يوم لكنه ابدا لاينظف ، وحين تكاد تنهار من التعب والعصبيه تنهال ضربا علي اولادها وتصرخ فيهم حتي يصل صوتها للدور العاشر وتتشاجر مع زوجها وتهدده بالرحيل وترك كل الهم له يتصرف فيه كما يشاء ، لكنها لاترحل ابدا ، وفي نهايه الليل يطرد زوجها اولاده خارج الحجره ويغلق بابها المكسور ويصمم ان يعتليها وياخذ حقوقه الزوجيه واذا تمنعت او رفضت يضربها حتي يصل صوتها مره اخري للدور العاشر ثم يآتيها غصبا وسرعان ما يتركها مبعثره في فراشها ويذهب للقهوه وتدخل اولادها للحجره وهي غاضبه من فضيحتها امامهم وحين تلاحظ نظرات السخريه علي وجوههم تضربهم وتغلق النور وتدس راسها تحت المخده وتبكي وتبكي وتبكي وتناااااااااااام ....

المرآه الجميله تكره امرآه البواب ، تتعمد اذلالها ، تناديها بالاسم ، وتطلب منها طلبات سخيفه في اوقات غريبه ، تتمني رفضها لتتشاجر معها في الثالثه ظهرا والجو نار والشمس حارقه " نضفي العربيه لاني نازله حالا " في منتصف الليل " روحي دوري علي الدوا ده لقيتي الاجزخانه قافله شوفي غيرها " في الفجر " انت ياوليه اطلعي امسحي قدام شقتي لان البسطه وسخه " امرآه البواب تطيعها ولاترفض لها اي طلب رغم انها مكشره في وجهها طيله الوقت ورغم انها لاتعطيها قرشا تبرر ذلك " جوزك بياخد مرتب وهو اللي مفروض يطلع لكن انت مدلعاه خلاص براحتك بقي " وامرآه البواب تحس ان المرآه الجميله تكرهها لكن لا تفهم سببا لان " ايش جاب لجاب " ...
امرآه البواب لاتفهم السيده الانيقه ولا طلباتها " تيجي وقت الزحمه وتقول يارحمه " تطلب اشياء غريبه لامبرر لها " اغسلي العربيه وقت النقاريه اغسل وماتنزلش يومين تلاته ولما تنزل تزعق لان العربيه وسخه " ، " هاتي دوا من الازلخانه علشان راسي واجعاني ، الف علي كعابي واجيب الدوا من اخر الدنيا ولما ارجع الاقيها خرجت ولاراسها بتوجعها ولاغيره " لاتفهم امرآه البواب لماذا تركز معها المرآه الانيقه و" حاطاني في نافوخها " !!!

وامرآه البواب ذات بوصله عاليه الاحساس ، نعم المرآه الانيقه تضعها في راسها وتفكر فيها كثير ا وتحقد عليها ، هكذا قالت لصديقتها وسط دموعها الليليه في مكالمه طويله استمرت حتي اشرقت الشمس وشربت الصديقتين كل في مكانها النسكافيه والشاي ، قالت لها " انا وحيده مش لاقيه حد يعبرني وهي .... هي عندها بدل العيل خمس " تضحك ضحكه خليعه وتكمل لصديقاتها وقدماها يمزقا بعضهما البعض " ومش بس كده ، لا كل سنه تجيب عيل ، مدلعه جوزها اللي زي الحيطه ده ، مقعداه جنبها تطبخ وتآكله مقعداه نايم واخر راحه مابيشتغلش ومابيعملش اي حاجه الا الموضوع ده ، فاهماني " وطبعا صديقتها كانت تفهمها كويس وتفهم مشكلتها العويصه انها طلقت اكثر من مره ولم يرتوي رحمها ابدا بماء الحياه ولم يقطر ثديها لبن المحبه وظلت مثل الارض الجدباء امرآه جميله مطلقه مرتين ثلاث اربع ووحيده في نهايه المطاف ، وحيده رغم الجمال والانوثه والكوافيره والماكييره والاظافر الحمراء والشفاه المكتنزه والملابس الداخليه الخليعه ، وحيده تنام في فراشها البارد تبكي ، تتمني حضنا عشقا طفلا ، لكن الدنيا منحتها كل شيء ولم تمنحها ماكانت ومازالت تتمناه ، كانت وحيده لاتشعر بقيمه لاي شيء في حياتها ولامعني لحياتها ذاتها ، تكره السجاجيد الشنواه التي اشترتها لها امها وقت الزيجه الاولي وتكره الاباجورات الكريستال التي اهدتها لها صديقتها حين خطبت للزوج الثاني ، وتكره بيجاماتها الحريريه التي تنام بها نظيفه وتخلعها في اليوم الثانيه نظيفه ومكويه ولافائده من نعومتها ولا انزلاقها علي بدنها العطش ، تكره صالوناتها الانيقه التي لاتفتح ابوابها الالصديقاتها حين تدعوهن جبرا للعشاء فيآتين مجبرات كل منهن تنظر في ساعتها تتعجل الرحيل ينتظرها زوجها واولادها اما هي فدقات الساعه الاثريه التي تعلقها علي جدران مدخل الشقه لا تعني لها اي شيء فهي تعيش منذ سنوات طويله لااحد ينتظرها !!!!

كانت المرآه الجميله تكره امرآه البواب وتحقد عليها ، فهي الانثي التي يسيل لعاب زوجها عليها لك ليله وصوت صرخاتها يدوي في سلم العماره ، هي التي تنتفخ بطنها كل سنه بطفل جديد صايع وضايع مثل اخوته لكنها تطلقه من رحمها وترضعه من ثديها وتشتمه حين يغيب عن عينها ، هي الارض الخصبه التي تنهال عليها الامطار كل ربيع فتثمر ماخلقت من اجله ، اما هي ، المرآه الجميله ، فهي مثل نساء اللوحات لاحياة فيها ، صدرها تكور مثل الكور البلاستيكيه التي يلهو بها الاطفال لم يتهدل لم ينتفخ بلبن الامومه ثم يضمر بفطام الاطفال ، بطنها مشدوده كآنها مرسومه لاتجعيده من اثر الحمل ولا ثنيه من اثر الولاده ، هي مثل نساء اللوحات لافائده منها الا الزينه ، مثل الارض البور التي تعبر عليها السيارات التائهه وتبتعد بسرعه ، وهي تحن للامومه للانوثه للخصوبه ، تكاد تجن ، تتمني رجل يرغب فيها ، يلح عليها فتتمنع عليه ، يغتصبها فتصرخ وهي في منتهي السعاده ، لكن لااحد يقترب منها عكس امرآه البواب تلك المرآه القبيحه ذات الكعوب المشققه والصدر المترهل مثل الملابس علي حبل الغسيل والبطن المعووجه مثل اكصدام السياره بعد حادث ارتطام قوي ، تلك المرآه القبيحه ، بملابسها القذره ورائحتها الغريبه خليط من عرق وفنيك وتسليك البالوعات ، باكفها الخشنه مثل سنفره النجار ، بشعرها الاشعث ، تلك المرآه يرغب فيها زوجها ويدخر صحته من اجلها وتعمل هي بدلا منه لراحته وفي الليل تاخذ راحته وعرقه وانتفاضات جسده وتسير علي الارض سعيده بوجودها الانثوي الطاغي ، تغيب المرآه الانيقه مع امرآه البواب " ست معفنه مالهاش لزمه لكن حظها في الرجاله نار ، جوزها مايعتقاش ، كل ليله صويت يهد العماره " تضحك المرآه الانيقه " دي اكيد بتجننه بقي ، شبطان فيها كده يبقي اكيد مجنناه " تهز راسها لاتصدق " بقي الست المعفنه دي معاها راجل لازق فيها وخمس عيال وبكره السادس جي ، ربنا اداها اللي ناس كتير بتشتهيه " تحس بكراهيتها " وياريت تشكر ربنا ، لا علي طول مبوزه ومكشره وحالتها صعبه قوي ، غبيه مش مقدره النعمه اللي في ايديها " ..
وتبكي المرآه الانيقه وتبكي ...
وتكره امرآه البواب اكثر واكثر وتعاملها بطريقه متعجرفه سخيفه تسخر من شكلها من ملابسها من رائحتها ولايمكن ابدا ان تنهي معها اي حديث الا بجمله استنكاريه واحده " انا مش فاهمه جوزك مستحملك علي ايه ؟؟" وتصمت متآسيه كانها تقول لها " يابختك " !!!


وتظل الحيره تآكل عقل امرآه البواب تتعجب من حال تلك السيده الجميله الوحيده التي تعاملها معامله سيئه ، لاتجد مبرر واحد لغضبها منه " ده انا عامله خدي مداس ، حاضر وبس حاضر علي طول " تحقد امرآه البواب علي المرآه الجميله " ست بطولها قاعده في شقه تمرح فيها الخيل ، قاعده براحتها لا راجل يقولها اعملي شاي ولا يقولي لها تعالي كيفيني " تبتسم امرآه البواب " حقه لو الواحد يقعد في مطرح زي ده ، اطرد الراجل بره الباب وان حاول يخش اصوت والم عليه الناس ، ماانا هانم بقي قصدي حابقي هانم ، ابعته حدا امه يخدمها وينام جنبها ويحل عني وعن بدني ، الاالنهارده يكبس علي نفسي وانا متفشفشه من مسح السلم ، ولا بكره يلزق في وانا مهدوده ونفسي انام ، ابعته عند امه واعيش في المطرح ده لوحدي ، لاحد من السكان يزعق علي ولا حد من العيال يزن فوق راسي ولايهد حيلي من كتر مابضربه " تقارن امرآه البواب بينها وبين المرآه الجميله " الوليه لهطه قشطه بيضا وفله وملبن ، وانا داسني القطر ، راح وجه فوق جتتي عشرين مره ، هي بصحتها لا عيل هد من حيلها لا بت شربت دمها ولا واد علقه روحه في رقبتها لماقطمها ، شابه ، ولابنت بنوت ، ضهرها مااتحناش من شيل العيال ولا وسطها اتكسر وهي بتحميهم ولا دراعها خدل وهي شايلاهم وعماله تلف وتروح وتيجي ، صوتها حلو وهي بتزعق وتنادي ،طبعا ، لا بتصوت في العيال كل يوم ، ولاتنام مضروبه ومعيطه ، لاراجل يغصبها علي حاجه ولا عيل يقهرها ولا سكان يكسروا نفسها ، صوتها زي هفهفه الشجر وقت الفجر ، النفر من دول يسمعه يروح ويجي ، انا بقي صوتي زي زماره القطر وسط الليل ، اللي يسمعه يضطرب ، صويت في صويت ، الواد طلع الشارع ، ليه يامخفي واصوت ، البت فتحت باب السانسير ، ليه ياموكوسه واصووت ، العيال ضربوا لوح القزاز بالطوبه اتفشفش ، ياسوادي ياامه ااقول ايه لصحاب العماره ، اصوت واصوت ، صوتي زيق زي صوت باب الجراح لما الشتا يخش لايرض يروح ولايجي ولما نستعفي عليه يزيق زي صوتي اخر الليل " تسرح امرآه البواب مع المرآه الانيقه " مره ترد الروح ، لو اني راجل كنت لبدت علي باب بيتها ، اشوف وشها صحتي ترد في ، مره حلوه ، زي عروسه المولد معسله ولو نشفت عليها تتفرفت ، ربنا رحمها من وش الراجل وزن العيال وبهدله الطلق والرضاعه ، محظوظه !!!"

وتظل المرآه الجميله تكره امرآه البواب وتحقد عليها ..... وتبكي حالها !!!

وتظل امرآه البواب لاتفهم المرآه الجميله وتبطرها علي النعمه .......... وتبكي حالها !!!!!!
وكل منهما تري الاخري سعيده الحظ وتري نفسها التعيسه التي لايدرك احد قدر تعاستها !!!!!!
وكل الدنيا لا تفهم من منهما اكثر سعاده من الاخري او من منهما اكثر تعاسه من الاخري ... كل الدنيا لاتفهم حكايتهما ايه ؟؟؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات: