مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

الصندوق المسحور

دخلت الصندوق بقدميها

كان صندوق قديم مركون بجوار الحائط المتهالك

صندوق لم يفتحه احد من زمن بعيد

الكل كان يخاف من ذلك الصندوق لايعرفوا ماذا بداخله ربما مجهول مخيف ربما طيب لكن المجازفه مخيفه فتركوه مغلق وفروا جميعا !!

اقتربت منه وفتحته ، تصورته سيعزف موسيقي وتخرج منه الجنيات الطيبه تحملها لعوالم السعاده الرحيبه لكن الصندوق فارغا خاويا لا اشباح فيه ولا جنيات ، لايعزف موسيقي ولا يضحك فارغا خاويا ساكنا صامتا .... استهواها ... فكرت تنام فيه .. سالت نفسها مالذي سيحدث لم تكترث بالبحث عن الاجابه ، لم تشغل راسها بالتفكير فيها وقررت تلعب حدقت في الصندوق خاويا استهواها اكثر دخلته بقدميها وهي تؤكد لنفسها انها ستدخله للتجربه فقط ثم ستخرج منه بسرعه لم تكن تعلم ان ذلك الصندوق ملعون مسحور منقوش علي جدرانه ان من يدخله اسير ومن يخرج منه اسير واحترس لاتفتحه ابدا ولا تطلق منها اللعنات المحبوسه
لكنها لم تكن تعلم ولاتجيد فك طلاسم الجدران ولا فهم لوغاريتمات سحره ..

دخلت الصندوق بقدميها تلهو ..

وكورت جسدها ونامت فيه ..

احتل السحر الاسود بدنها وروحها ونفسها واحتلها نسيت لماذا دخلت نسيت انها ستخرج تصورت نفسها ولدت داخل هذا الصندوق وستموت ان خرجت منه وستموت فيه لاتقوي علي الحياه بدونه ولا تجد مبرر للخروج منه نعم انه السحر الاسود الذي سلبها لبها وعقلها وحيويه روحها وابقاها اسيره الصندوق القديم سعيده كانها تحبه وكانها تمنت الدخول فيه وما فكرت ابدا في الخروج منه !!!!

اغلقت الغطاء الثقيل ونامت ، لم تخاف ، احسته مثل العالم الخارجي لامعني له ، احسته مثل حياتها خاويا اغلقت اذنيها لاتسمع الا فحيح الهواء في الصندوق اغلقت عينيها لاتري الا السواد المحيط بها في الصندوق ...

قررت انها تحب الصندوق وانها سعيده في الصندوق وانها لن تخرج ابدا من الصندوق
ومرت اياااااااااام واياااااااااااااام وسمعها يضعف لانها اغلقت اذنيها

ونظرها يضعف لانها اغلقت عينيها وعضلاتها ترتخي وتتيبس لانها لاتتحرك ... وعقلها فقد ذاكرته ونسي شكل العالم خارج الصندوق ونسي طعم الحياه خارج الصندوق وعاشت اسيره الصندوق مبتسمه في الظلام لايري ابتسامتها الا هي وربما لم تكن تبتسم لكنها كانت تعتقد انها تبتسم وانها سعيده عاشت اسيره الصندوق تغني بصوت داخلي لايخرج من احبالها الصوتيه التي نسيت الكلام عاشت اسيره الاعتقال الطوعي الذي سعت

اليه وحافظت علي قضبانه تقيدها وعلي قيوده تخنقها تروج وهما انها تحلق من كثره السعاده في سماء الصندوق ، والحقيقه انها كانت مسجاه مثل الموتي يفرقها عنهم نبضات قلب بارده بطيئه لا تؤكد انها حيه فعلا !!!

ومرت سنوات وسنوات و............ انكمش جسدها ووهن فالظلام والصمت والوحده المخيفه والثبات والسكون هدوا حيلها وبددوا قوتها وسرقوا حيويتها !!!

مرت سنوات وسنوات و.... نسيت طريقه الكلام وكيفيه الاصغاء وشكل الضوء والاحساس بالعالم الخارجي!!!

نسيت ملامح الاخرين وملامحها ، نسيت وجود الاخرين ونسيت وجودها ... فقط تفكر في الصندوق وحب الصندوق وسعاده الصندوق!!!

وفي يوم غريب جدا غير متوقع ........ فتح احدهم غطاء الصندوق واطل براسه داخله وابتسم مستغربا يسألها لماذا تحبسين نفسك في هذا السجن !!!

سمعت صوته فاحسته اجمل الاصوات لانها كانت نسيت جميع الاصوات ، شاهدت وجهه فاعتبرته اجمل الوجوه لانها كانت نسيت شكل الملامح والتعبيرات ، فهمت ابتسامته اعجابا تسال نفسها ولو لم يكن يحبني لماذا فتح الصندوق ولماذا ابتسم ولماذا اكترث بحالي!!!

فتح الصندوق واطل براسه وحين ابتعد بقيت راسه في راسها اسيره معها داخل الصندوق!!!!

تخاطبه لاتكترث بانه رحل لان راسه داخل الصندوق ..

تنصت له لايتحدث تتشاجر معه لا تصدق انه رحل لان راسه داخل الصندوق ..

تبتسم له فلا يرد الابتسامه فتحزن لاتدرك انها اعتقلت راسه داخل راسها داخل الصندوق ..

تناديه يدخل لها الصندوق ولاتخرج له فهي تخاف من العالم الخارجي تحس نفسها لم تستعد له جيدا ولم تتسلح بما يناسبه من الاسلحه لكنها في الصندوق ملكه الصندوق وملكه العالم داخله ..

لكنه لايدخل الصندوق ولا يبادلها الابتسامه ولا يتحدث اليها ولا يسمعها لانه خارج الصندوق وهي مازالت اسيره الصندوق تتمني ان تكسره لكنها تخاف فقدان الصندوق تخاف ان تحطمه ولاتكسب شيئا!!!!!!!!!

لم يفتح الصندوق ثانيه مؤمنا ان علي جدرانه نقشت طلاسم وشعوذات السحر الاسود التي اختطفتها ، خاف علي نفسه من سحرها وفر بعيدا ، كان يتمني خروجها لكنها لم تخرج فهي تنتظره يخرجها وهو ذهب بعيدا وهي مازالت منتظره!!!

وفي اللحظه التي قررت فيها الخروج من الصندوق لتبحث عنه القي احدهم بالصندوق في البحر !!!
ماتت وهي تنتظره يخرجها من الصندوق بعد ان ضيعت عمرها كله ولم تحاول ابدا ابدا ان تخرج نفسها من الصندوق المسحور اللعين!!!!!!!!

اهداء للاسيرات ... اخرجن فاحدا لن يخرجكم !!!!

نشرت بمدونه ياما دقت علي الراس طبول

http://marmar18359.blogspot.com/2009/10/blog-post_14.html

لكني اعيد نشرها هنا لانها حدوته من الحواديت


ليست هناك تعليقات: