الجزء السادس
فحبيبة قلبك
ياولدي
نائمة في قصر مرصود
( 27 )
نجية
اللعنة علي الجهل والجهلاء ، لو تزوجت امي باخر غير ابن خالتها لانجبت
اطفال اصحاء كمثل حياة تفخر بهم وتتباهي بجمالهم ، لكن الوعد والمكتوب والصغيرة
التي لم تولد والتي وهبت لابن خالتها الرضيع ، هذا الحدث البسيط اخرج من رحمها
ثلاث اطفال اصماء ، نعم ، هذا مااكتشفته يوم اخذ علي يصرخ ويصرخ حتي ضجت امي وهمست
زبيدة ليكون مابيسمعش هو راخر ، يومها سمعتها جدتي ولطمتها علي وجهها لكن ابي اخذ
تخوفها مأخذ الجد واصطحب علي معي للحكيم الذي اوضح له ان علي يعاني ثقل سمعه مثلي
وهز الحكيم رأسه متأسيا علي الابرياء الذين حكمت عليهم الدنيا بقسوتها بعزله لن
يعاني منها مثلهم ...
وحين ولدت صفيه وكانت جميله كمثل حياة وعيونها اكثر زرقة وسطوع من عيني
حياة ، حين ولدت صفية صمتت جدتي تدق الهون بنفسها يوم سبوعها ، كانت تنام فوق
المنخل والجميع سعداء يغنون ويصفقون وامي توزع الملبس والسبوع علي الجيران
والحبايب وانصاف تزغرط وزبيدة تتراقص وسط المدعوين ، جدتي صممت تدق الهون بقوه
بجوار اذنها وكأنها تقتل الشك المخيف داخلها ، لكن صفية كانت تنام علي المنخل
ببراءة وابتسامه ساحرة لفتت نظر الجميع ، بقيت صفية نائمه وجدتي تطرق الهون بقوة
بجوار اذنها ، وتزيد جدتي من قوه طرقاتها ويتوجع الحضور من الصخب المفزع الا صفية
، نائمه بريئه وكأنها مازالت في رحم امها ، وانهمرت دموع جدتي واحست قدر جريمتها
في اولاد الغالي التي وهبتم صمما بحسن نية ، هل تمنت جدتي وقتها لو بقي ابي زوجا
لام حياه لينجب لها احفاد اصحاء ، هل تمنت جدتي وقتها لو تزوجت امي بأخر يمنح
رحمها اجنة سليمة لاتعاني صمما فجره في سلسالها زواج الاقارب والامراض المستكينة
المتوارية في جذور العائله وسلسالها ، انهمرت دموع جدتي وحملت صفيه وقرصتها في
ذراعها بعنف وكأنها لم تفعل شيئا فصرخت صفية وبكت لتنفي جدتي عنها امام الضيوف
والحبايب تهمة الصمم التي كانوا جميعهم متخوفين منها ، وكانت صفيه اخر عنقودنا ،
امرت جدتي امي تكف عن الانجاب لتقوي علي خدمه حملها الثقيل ، الحق جدتي لم تشفق
علي امي من الحمل بل اشفقت علي احفادها من العلة التي تفسد حياتهم وستفسد حياة من
لم يأتي منهم بعد ، تمنت جدتي لو عاد ابي لام حياة لينجب لها اطفال اصحاء يشرحوا
القلب الحزين ، لكن ام حياة اختفت من حياتهم ، تزوجت ورحلت بعيدا واختفت ،
تركت حياة لهم واختفت ، تركت حياة لهم لتحسرهم علي تطليقها ، لتذكر جدتي بخطأها
وقتما صممت يطلقها ابي ، لتذكر امي بجريمتها وقتما وافقت تبني بيتها علي حساب هدم
بيتها هي ...
اللعنة علي الجهل والجهلاء ، سألت الحكيم وقتما اقترح علي ابي يشتري لي
سماعة طبية تساعدني علي التقاط الاصوات افضل من حالتي وقتها ، سألته ، هو مافيش
علاج تاني ، لا ، اجابني بحسم ، كنت اخجل من شكل السماعه الطبيه التي سأدسها في
اذني ، ستنبه الناس لعلتي وتثير سخريه الاخرين اكثر واكثر ، سألته ليه ، اخبرني
الحكيم ان زواج الاقارب يأتي كالسنارة بالامراض البعيده في ذات العائله ويظهرها ،
بكيت وقلت له لماذا لاتقولوا هذا للناس قبلما يتزوجوا ، كنت كأني الوم ابي لانه
جاهل لم يعرف مالذي سيفعله في ابناءه وقت تزوج ابنة خالته ، ابتسم الحكيم مشفقا
علي من حيرتي ، بنقول ومحدش بيسمع !!!
اللعنة علي الجهلة والجهلاء ، "علي" طفل جميل لكنه منطوي علي
نفسه لايلعب مع اولاد الشارع ولا يترك الشرفه الا للاكل والنوم ، "علي"
طفل جميل لكن اصحابه في الشارع يسخروا منه لانه " اطرش " ولانه لايسمع
نداءاتهم وقتما يصرخوا عليه ليمسك بالكوره قبلما تدخل الجون ، علي ذكي وجميل لكنه
تسبب في هزيمه فريقه مره واثنين ، يومها بكي "علي" حزينا فصممت حياة
تتشاجر مع اولاد الشارع وتشرح لهم انهم فشله خائبين وان "علي" ليس السبب في هزيمتهم وانه ليس من حسن الادب
والتربيه ان يسخروا منه ، يومها عاقبها ابي وحبسها في غرفتها لانها فضحته في
الشارع وصرخت في الاطفال مما اغضب ابائهم اصدقاءه في المقهي ، دافعت عنها جدتي
وطالبته يضرب الاولاد ويقاطع الاباء لانهم " مستوطيين حيطه علي وكاسرين نفسه
علي طول " سخر ابي منها وكأنها يعذبها عقابا لها علي قهرها له وكسرها لقلبه ،
لو كده يبقي حاضرب العالم كله ، سخر منها واعطاها ظهره ودخل غرفته نام طويلا ،
حياة لم تغضب لان ابي عاقبها ولم تفرح لان جدتي حاولت تصالحها ، حياة احست انها
فعلت ماكان يتعين عليها فعله ، اخيها الاصغر ولايليق بها تتركه فريسه لاولاد
الشارع يسخروا منه ويعزلوه وكأنه يتيم ، حياة تحبنا فعلا ، وتخاف علينا فعلا ، تصورت
امي انها ستتباهي علي بجمالها وشعرها الحرير الذي ورثته من امها وخلوها من علتي ،
لكن حياة لم تفعل ابدا ، بالعكس ، طالما تشاجرت معي لاني اغرق في نفسي ولااتواصل
مع الحياة ، طالما تشاجرت معي لاني جميله والجمال اشكال والوان ، طالما تشاجرت معي
لاني انزوي علي نفسي واختبيء بداخلها دون سبب ، فالمرض ليس سبة ولا فضيحه وانت
ذكيه وحلوة وست بيت شاطره ومافيش مبرر تعملي كده ، هل تصدق حياة ماتقوله فعلا ، هل
انا فعلا ذكيه وحلوة ، هل المرض ليس سبه ولا فضيحه ، لماذا لاتخبر اولاد الشارع
بهذه الكلمات ليرأفوا بعلي ، سخرت مني ، انا قلت لهم الكلام ده واكتر وقلت لهم
انهم قليلي الادب والتربية والدين وان السخريه من الاخرين تؤكد سفالتهم ، انا قلت
الكلام ده مره وعشره وحاقوله لاي حد يضايقكم ، قالت كلماتها بصدق وحنان وحماس
واحتضنتي فبكيت ، نعم بكيت ، لم اقصد ابكي لكني بكيت ، انهمرت دموعي متأثرة
بحنانها وحبها لي ولاخواتي وتمنيت لو امها تسأل عنها وتزورها وتمد بينهما حبال
الوصل ، نعم امي تعتبرها ابنتها لكنها لاتغفر لها ابدا انها ابنة ضرتها ، والسيدة
التي تعتبرها ابنتها مهما كانت حنونه لاتقارن ابدا بأمها التي انجبتها ، هكذا كنت
اتصور وكذلك حياة ، لكن امها حين ظهرت في حياتها خذلتنا وكشفت لنا ان قلبها تفتت
يوم طلقت ونبت مكانه شجرة صبار مر علقم لاتمنح غيره لحياة ابدا ....
وارتديت السماعة الطبية وصار العالم مفهوما اكثر وتحسنت مخارج الفاظي
وطريقتي في الكلام بعدما قررت انتبه لطريقتهم في الحديث وحركه شفاهم والسنتهم
ومرور الكلمات بين اسنانهم و..... صار العالم اكثر وضوحا ، لكني خجلة خجلة مما بي
والاخرين لم يرحموني من شفقتهم كثيرا وسخريتهم بعض الاحيان ....
ومازلت حبيسة الجدران الفولاذية انقش علي سطحها الاملس الناعم باظافري
مشاعري واحساسيسي واكلم نفسي وعاجزه بحق عن الخروج من الجب الذي ولدت فيه واظنني
سأموت فيه ، انا حبيسة نفسي وسأظل ، هذا مااعتقده واكرهه واقاومه لكني افشل دائما
!!!!
( 29 )
رجوات
عندما رن تليفون المنزل في منتصف الليل عرفت ان عبد الهادي مات ، كان اخي
وابي وسندي في الدنيا ، قبلما ارفع السماعه واسمع صوت سامح ينعي لي ابيه ، كنت
ابكي واشق ثوبي وامزق شعري ، واصرخ ياحبيبي ياخويا ..
وجع رحيل عبد الهادي لايضاهيه وجع ، هو الاخ الحنون الذي منحته الحياه لي
ولاخواتي بعدما مات ابي وامي ، تحمل المسئوليه برجولة وقوة وتواري امام احتياجاتنا
وانكر ذاته ولم يفكر في نفسه ابدا ، كلنا تزوجنا وانجبنا وبقي هو وحيدا يعاندني
ويرفض الزواج خوفا من كبر سنه ورفضه من العرائس التي يتمني يتزوجهن ليكمل نصف دينه
وينجب من يحمل رايته ويرفع اسمه من بعده ، تشاجر معي كثيرا كلما الححت عليه يتزوج
، اخبرني ذات يوم وهو متأثر وحزين ، ان ابناءه الذين الح عليه ليتزوج وينجبهم ،
سيربوا في غيابه مهما طال عمره وانه لن يشهد فرحهم وايام عمرهم ، واني واخوتي
ابناءه وابناءعمره ، يخشي يترك اولاده يتامي ولايجدوا من يتولاهم ويتحمل مسئوليته
مثلما فعل هو معنا ..
صممت الا اتركه وحيدا وكسرت رأسه العنيد ، وبحثت واخوته حتي عثرت له علي
ابنة الحلال ، نجية ، والحق انها كانت ابنة حلال فعلا ، تحملت نوبات غضبه وغيرته
المكتومه عليها والتي منعه كبرياءه يفصح عنها ، تحملت صراخه وهو يطالبها تشاركه
شيخوخته وتدفن شبابها وجمالها في خدمته ، بعد عشرين عاما من زواجهما صارت نجيه
امرأه ناضجه جميله ، نعم تعاني عله في اذنها وضعف في بصرها ازداد وتفاقم بعدما
لطمها عبد الهادي في ضلفه الدولاب في نوبه عاتيه من نوبات غضبه ، لكنها امرأه
جميله وانيقة وتحارب لتجد لنفسها ولاولادها مكانا في الحياه ، الحق افلحت نحبها
جميعا ، كانت مجامله ورقيقه لاتشكو لنا من فظاظه اخينا التي تخجلنا ولا من صراخه
الذي يصم اذننا جميعا ويحطم زجاج البيت ، كنت اتشاجر معه بسببها وانحاز لها وصرت
صديقتها واختها الاكبر ، تأتيني غاضبه منه تبكي وتشكو ، كنت اطيب خاطرها وابقيها
في منزلي وسط اولادي بضعه ايام حتي تهدأ وتصفح عنه ،كنت اخبرها ان زواجها به
سيدخلها الجنه لانها من الصابرات ، كنت اوصيها عليه وهو في شيخوخته لان كل هذا في
ميزان حسناتها ، كانت تطاوعني كاكل بنات الناس الاصيلات ، وتعود لمنزلها وتخدمه
وتتحمل نوبات جنونه وغضبه ، كان يغير عليها ، كلما خرجت للسوق تشاجر معها وكلما
ذهبت لمدرسه الاولاد تشاجر معها ، وحين عاد من المقهي يوما ووجد مدرس العربي مع
سامح في غرفه السفرة لم يتمالك اعصابه وطرده وسبها في شرفها لانها فتحت داره
للغرباء وانها لعوب تأتي الفواحش من خلف ظهره ، يوما جنت نجيه واخذت تصوت وتبكي ،
اتصل ابنها بحياة اختها لتنقذها من نفسها ومن ابيه ، اتصلت بي حياة واخبرتي انها
لن تقبل بعد اليوم مايفعله اخي في اختها وان اختها مش يتيمة ولا قليلة الحيله
وانها ستخبر اخيهم بكل ماتعانيه اختهم وان شالله تتدربك الدنيا علي رؤوس الكل ،
رجوت حياة الا تفعل واني سأحل المشكله ، قالت لي انها ستذهب لمنزل اختها وتأخذها
معها ، وصلت قبلها وانا اسب والعن في اخي المجنون ، اهديء نجية واعدها يعتذر لها
ويراضيها الترضيه التي تقبلها ، اسحبه من ذراعه واحبسه في غرفته وابكي والطم علي
وجهي لان بنات الناس لايعاملن بتلك المعامله القاسيه وان كل مايفعله في السيدة
المحترمه زوجته سيبقي لابنته وانه لايؤذي فقط زوجته بل وابنته ويؤذينا جميعا ، كان
رجلا عظيما انهار بسبب تصلب الشرايين والخيالات الشريرة التي تداهمه فتصور له
المستحيل حقيقه فيجن جنونه ويصدق اوهامه ويتصرف بغلظه وقسوه وجنون ، كنت ابكي
لااصدق ان اخي الاكبر الذي احترمته طيله حياتي فقد صوابه وسب زوجته في شرفها امام
المدرس الغريب وامام اولاده ، كنت احسه صرحا عظيما ينهار امامي وانا عاجزه عن
انقاذه ومساعدته ، كنت اشعر خجلا مما يقوله ويهذي به ، لايليق به ولا بنا ولا
بزوجته المصونة ان نعيش تلك اللحظه السوداء المجنونه ، كان يصرخ وكنت اصرخ ، كانت نجية تبكي والاطفال
يبكون ، دق جرس الباب طويلا ، دخلت حياة ، تصرخ فيه ليخرس وتصرخ فيها لتكف عن
البكاء تطالبها احضار ملابسها ليرحلا ، الاطفال يصرخون وهو يصرخ ويصرخ ، احاول
اسحبه من ذراعه ليكف عن الصراخ والهذيان ، شيخا عجوز في السبعين وبضعه سنوات من
عمره ، امامه زوجة ناضجه جميله تبكي وتتلاشي من كثرة البكاء ، اطفالها يبكون
لحالها ، سامح يطالبها تجري من المنزل ، انهره يزداد بكاء ، حياه تصرخ في وجهي
لاني عاجزه عن السيطره عن الثور الهائج وانفث غضبي في الطفل الصغير ، تكاد اعصابي
تنفلت واصرخ في حياة ، لايليق بك وصف اخي الكبير بتلك الاوصاف ، هو في النهايه رجل
محترم وكبير عائلتنا، اشعر ندما لاني زوجته نجية ، لم ادرك مشاعره وقتما تحترق
غيره علي سيدة في ريعان العمر وهو في اخر محطاته ، اخجل مما يقوله واخجل من نفسي
لاني ورطته في تلك الحياة ، ليتني احتفظت به وقورا كبيرا مثلما كان دائما ، البيت
يحترق من كثرة الصراخ ، احس الزجاج يرتج وصوت صفير سماعة نجية يطن كالنحل المجنون
وسط الصراخ ، يطردنا جميعا من البيت ، نعم ، فجأ يصرخ فينا جميعا لنخرج من البيت ،
يرطم الجدران بكفيه القويتين ويصرخ هذا بيتي الذي بنيته بجهدي وتعبي ، خساره فيكم
كلكم ، حياه تنظر لي وكأنها تقولي ايعجبك مايتفوه به الاحمق اخيك ، يرطم الجدران
بقوه ويرطم ، وجه يحتقن وعروق رقبته تنفر وصوت صراخه يعلو ويعلو ، الهانم ....
المحترمة ..... المدرس ..... بيتي ..... اطلعوا بره .... وينهار علي الارض ، اصرخ
ويصرخوا جميعا ، نتكالب عليه ليقف علي قديمه لكن جسده تهاوي انهار ، ثقيل بشكل
مخيف ، لانفلح في زحزته قيد انمله من مكانه ، الحظ فمه وقد اعوج وبعض قطرات اللعاب
تتجمع علي جانب فمه والحظ رعشه ذراعه واصرخ والطم وامزق شعري ، قوم يااخويا ، لكنه
لايسمعني ..
تحمله سيارة الاسعاف التي اتصلت بها حياة للمستشفي ، وسرعان ماتدرك نجية
وندرك جميعا مصيرنا الاسود ، جلطه في المخ وشلل .....
سته سنوات ونجية تخدمه ، يسيء معاملتها وتخدمه ، تربي اطفاله وتخدمه ،
ازورها كثيرا لاطيب خاطرها واشكرها لانها اصيله وبنت اصول وبتخدمه وتراعاه ، حياة
تزورها احيانا في وجودي ، تتركني لارعي اخي وتاخدها ويخرجا ، ترفه عنها قبلما
تنفجر ، البيت في حاله غم وحزن ، يصرخ هائجا يتفوه بالفاظ معووجه غير مفهومه ، يسب
اطفاله ويطيح بهم وقتما يقتربوا منهم ، لم يعودا اطفالا ، المحنة الموجعه وكل
تفاصيل حياتهم اللعينه اشابتهم ، اري حزنا في عين ثريا لاتفصح عن سببه ، سامح
ومصطفي يتناوبا مع امها علي خدمه ابيهم ....
سته سنوات وانا انتظر تليفون منتصف الليل ليعلني موت اخي مشلولا قعيدا
عاجزا .. وهاهو قد اتي التليفون ومات اخي ، مات عبد الهادي .....
( 30 )
نجية
اخبرني البيه انه اشتري قطعه ارض في حي جديد ، قال انه سيبني عليها بيت
لاولاده يؤمنهم المستقبل وقسوته ، احضر سامح ومصطفي وثريا واخبرهم فرحا بما حدث ،
يتمني ينتهي من بناء البيت قبلما يموت ، يتمني يطمئن عليهم في ملكهم لااحد يقوي
يخرجهم منه ، احدق في وجهه واري الهرم والشيخوخه يرسما ملامحهما عليه ، ازداد عجزا
، ابي اكثر منه شبابا وامي ايضا ، سيزرع في الحديقه اشجار وفواكه ، قال لهما ، وعد
ثريا بشقة كبيرة تتزوج فيها ولا تغادره ، هي نني عينه ومهجه قلبه ، يعاملها برقه
وعنف في نفس الوقت ، يحبها ويخاف عليها ، يقسوا علي سامح ومصطفي عامدا ، سيموت
ويتركهما في ريعان الشباب هكذا كان يقول لهما ، اولاد الشيبه لا اب لهم ، يعلمها
الرجوله ، هكذا يتصور ، يعاملها بقسوه وعنف ويطيح فيهما ويسبهما ويلعن ، يرسلا في
مشاوير صعبه علي سنهما ، لايسمح لي اعترض علي قراراته ، يصرخ ويصرخ ، اطفيء سماعه
اذني واحلق بعيدا عن جنونه ، هل مايفعله صواب ، اسال نفسي كثيرا ، سيموت فعلا
والاولاد صغار ، مهما طال عمره سيتركهما اغصان خضراء ، يخاف عليهما من قسوة الحياه
، يشحذ ارواحهم بالقسوة ليقويا علي تحمل اليتم وغيابه الحتمي ، لااعرف ماهو الصواب
، كل مااعرفه اني هرمت معه وصرت اكثر شيخوخه ، عيني التي طارت من لطمته مازالت
تقهر قلبي ، تذكرني بجنونه وعنفوانه الاحمق ، سألت نفسي كثيرا لماذا قسي علي مثلما
قسي ، هل كان يعدني ايضا لغيابه الحتمي ، هل كان يعرف انه سيرملني في عز نضوجي
ويريدي قادره وقويه علي تحمل عبء اولاده ، اري بعين واحده ، وكأن نصف العالم طار
من امامي ، اري نصف العالم واسمعه بصعوبة ، سماعه اذني لاتمنحني التواصل اللائق
كما كنت اتمني ، بعض الاصوات تأتيني مشوشه والبعض ممضوغ وغامض ، تعلمت اتشرنق داخل
نفسي وقتما اكره الحياه ، عندما يصرخ البيه اغلق السماعه وعندما يجن جنونه اغلق
عيني فاغرق خلف سدل الظلام وكأني لست هناك ، انسكب داخل نفسي ، احدثها وتحدثني ،
اشكو لها همي فتصبرني ، تؤكد لي ان الحياه تدخر لي جمالا عزيزا ستمنحه لي في لحظه
ما ، تصبرني فاصبر ، اري الاولاد امام عيني اشجارا مورفه فاشكر ربي الذي منحني
ماحرم الاخريات منه ، رغم كل شيء ،صرت اما لهؤلاء ، يمنحني سامح حبه دائما ويعتذر
لي عن جنون ابيه ، ثريا تدللني وكثيرا ماتمسك فرشاه الشعر وتصفف شعري ، اقترحت علي
اشتري مكواه وانعم شعري ، اخذت من عند حياه قلم روج جديد وطالبتني اتجمل به ، من
حقك ياماما ، لااعرف ماهو حقي وماهو ليس حقي ، لااعرف اين حقي ، هل مااعطته لي
الحياه هو حقي ام اقل ، من يوزع الحقوق والارزاق ، لماذا منحني صمما وعين واحدة
اري بها نصف العالم ، كنت اسال نفسي كثيرا لماذا خصني ربي ببعض ابتلاءاته ، لماذا
لم اكن مثلهن جميعا ، مثل حياة الجميلة التي اصرت تكمل تعليمها وحصلت علي شهاداتها
العليا وعينت في البنك المجاور لبيت ابي الذي كان يتباهي بها طيله الوقت فتثير غضب
امي لانها لم تنسي ابدا انها ابنة ضرتها التي سرقت زوجها بعض الوقت ، لماذا لم
يمنحني ربي عيونا زرقاء جميله مثل عيون حياه ، لكن اجمل مافي حياه انها تجاوزت
مأساه حياتها وغياب امها وغربتها وقررت تقاوم الحياه وتنتصر عليها ، اجمل ما في
حياة انها تحبني كأنها تؤام ولدنا من رحم واحد ، هي ملاكي الحارس ، هي التي تحرسني
وترعاني ، هي التي تدلل اولادي وتسرقهم من غضب ابيهم وتسافر بهم للبحر ، هي التي
ترسم في خيالهم ذكريات بديعة ، هي التي تقص عليه نوادري وذكريات طفولتي فتزيد حبي
في قلوبهم ، هي التي تتصدي للبيه وقتما يستبد بي ، تذكره بشبابي الذي منحته له
راضيه وصحتي التي ضاعت وانا اخدمه واولاده ، هي التي تتشاجر معه وتأخذني في بيتها
لاستريح من جنونه وتترك الاولاد يعذبوه ويذكروه بالمجهود العظيم الذي ابذله صامته
لااشكو ولا انتظر شكرا ، احب حياة ، احب صفية وعلي نعم ، لكني احب حياة اكثر ،
لااخجل من قولي هذا ، فهي شريكتي في الحياة الصعبه ، قررت تلتصق بي ، كأني امها
التي تخلت عنها واختفت ، قال لها ابي قبلما يموت ان امها علي قيد الحياه وانها
تعيش في اسيوط وانها انجبت اولاد وبنات اخوتها وسألها لو تحب تتعرف عليهم ، سالتني
شجعتها وياليتني لم افعل ، صاحبها ابي لاسيوط ، قابلت امها في احد الفنادق
كالغريبه ، خافت امها تستقبلها في منزلها ، خافت من زوجها ، تحبها لكنها لاتقوي
تكسر اراده زوجها وقراراته والايمانات المغلظة التي اقسمها عليها بالطلاق لو
ادخلتها بيته حيا او ميتا ، مات زوج امها وبقيت ايماناته سيفا مسلطا بالغربه علي
راس حياه ، تخاف امها من كلام الناس والفضيحه التي ستتفجر بعد كل تلك السنوات ،
لااحد يعلم انها مطلقه وانها ام لطفله يتيمه في حياتها ، هكذا واري الاستاذ قصتها
تحت التراب ، لايليق باسمه تفضحه بعدما مات ، كان لقاءا باردا ، حاولت امها تبرر
لها غيابها وقسوه ابيها وظلمه لها ، وقع الكلام باردا علي قلب حياة ، لايلزمها
ماتقوله السيدة ، سألتها لو تحب تتعرف باخوتها ، سخرت منها حياه وقالت لها انها
تعرف اخوتها جيدا ، نجيه وصفيه وعلي ، اما ابناءك فهم غرباء عني وليسوا اخوتي ...
عادت حياة وابي من اسيوط بعدما طوت حياة صفحه امها ومزقتها من كتاب حياتها ، عادت
ارتمت في حضن امي تبكي ، لاول مره انفعلت امي بحزنها ، اخذتها في حضنها وربتت
عليها ، لم تعد ابنة ضرتها ، بل هي ابنة عمرها مع بقية اخوتها ، لم تعد ابنة ضرتها
بل هي ابنتها وشقيقة ابناءها ، عندما تقدم مديرها في البنك لخطبتها ، سألها ابي لو
تحب تدعو امها للحفل ، تشاجرت معه لان لاام لها الا ماما ، امي انا ، امي امتنت
لها وقالت ان " التربيه تمرت فيها " وزفت حياة لمديرها الشاب الوسيم ،
في حفل الزفاف كنت اقف وحولي اولادي وكأني امها ، هرمه عجوز وبجواري البيه اكبر من
ابي ، كانت هي كالفراشه الصغيرة ، تتعلق في ذراع زوجها فرحة ، تحبه لاشك ، هل احب
البيه ؟؟ لااعرف ولم اسال نفسي ابدا ، اعزه طبعا فهو زوجي وابو ابنائي ، لكن الحب
الذي يسطع في حدقتي حياة لااعرفه ولااظنني ساعرفه ابدا ، هي تحب عريسها وهو يحبها
، يدللها في الفرح ، يراقصها بسعادة ، يغازلها بتباهي ، تخجل من تصرفاته لكنها
تحبه ، اراقبهما واتمني لها السعاده ، لااظنه سيصرخ فيها مثلما يصرخ في البيه ،
لااظنها سيلكمها بقبضه يده كما اعتدت من البيه ، ولو فعل ستمزق وجه ، لن تصمت ولن
تقبل ولن ترضخ ، من اين اتت قوة حياة ، هل من اليتم الذي فرض عليها ، هل شهادتها
الجامعيه ووظيفتها منحاها القوة ، هل قسوة الايام عليها قوت قلبها وروحها ، لااعرف
لكني احبها ، الحق احبها اكثر من امي ، احبها هي وجدتي ، هما من مدا لي من روحيهما
قبس يتنشلني من غياهب الصمت والخرس الذي كان مفروضا علي ، في اخر حفل الزفاف بكيت
فرحا بحياة وخوفا من فقدانها ، نعم ، خفت تنتمي لعالم زوجها وتنسانا ، خفت تغرق في
بحور العسل وتغلق صفحات الهم التي كوت قلبها ، خفت افقدها ، بمنتهي الانانية خفت افقدها ، لكن خوفي كان
بلا مبرر ، فهي ابقت الوصل بيننا ، بل حرصت عليه ، بعد يومين من زفافها زرتها في
بيتها ، اخذتني لحجرة نومها واخذت تقص عليه ادق تفاصيل ليلة زفافها ، تضحك واضحك ،
اخجل مما تقوله واتمناها تصمت ، الحق لم اخجل فقط ، بل سألت نفسي كيف كانت ليله
زفافي ، لااذكر تفاصيلها ، كل مااذكره انها لم تترك في روحي تلك السعادة ، تمنيت
لها السعاده واحتضنتها فرحه بفرحتها ...
وسرعان ماانهي البيه بناء البناية وانتقلنا للشقة الجديدة ، حياه ساعدتني
في النقل وفرشت معي المنقولات واهدتني بعض المفارش اللاسية لازين بها الصالون ،
اشترت لي لوحات زيتيه للجدران الخاليه ، قالت لي ان تلك الاشياء تمنح الاماكن روحا
، فرحت بهداياها لكن المكان اقصد البيت بقي بلا روح ، البيه يصرخ ويطرد ارواحنا
خارج البيت والاطفال تبكي فزعا وانا اغلق السماعه واحلق بعيدا عنهم ، احتمي بلوحات
حياة من البرود والقسوة التي تخيم علي البيت واصحابه ....
وهل تمنح البيوت قاطنيها سعاده ؟؟ لااظن ...
واين انا من السعادة ، انا اعتدت نصيبي في الدنيا ورزقي ، ولم تكن كومه
السعادة كبيرة ، يكفيني ان حياة سعيدة وانا سعيده بسعادتها ... انها اختي التي
احبها ، حياة ....
( 31 )
الحديقة
كنت ومازلت انا المكان المحبب لنجية ، كانت تفر من الهواء الثقيل بين
الجدران الموحشة داخل المنزل لبراح قلبي ، كانت تنتظر خروج البيه زوجها من البيت لتتنفس
الصعداء وتشعر بعض الحريه ، تتجمل وترتدي ثوبا تحبه واحبه انا ايضا وتهبط من السلم
الخلفي لممراتي الواسعه ، تتفقد الاشجار والزهور ، تقطف بضعه اوراق نعناع لشايها
النهاري ، تلتقط بضعه ثمرات لمون لتخللها ، تحدق في السماء كأنها تتمني تحلق اليها
وتبقي علي سحابتها البلورية الكبيرة التي تضلل علي اشجاري وسط النهار ، كانت تنادي
خادمتها لتأتيها بمقعدها المفضل ، تجلس تحت ظلال شجرة اللمون الوارفة وتستنشق
روائحها وكأنها تخزنها داخل روحها زادا ليقويها ، كنت تغلق عينيها السليمة وتطفيء
سماعة اذنها وتتوحد مع الشجرة ومع الارض الطينيه الطيبه ومعي ، اكم من مرات خلعت
حذائها وسارت علي النجيلة الخضراء كأنها تنفث فيها شحنات الكهرباء الموجعة التي
تحتل جسدها وروحها من كثرة الصراخ والحزن ، لاحظتها يوما تحلق باذرعتها كمثل
العصافير ، يومها ابتسمت فانهمرت الامطار حبا علي قلبها وروحها وروت اشجارها
وورودها وخضرواتها الطازجة ، يومها نزلت لارضي تبكي ، كان زوجها القاسي قد خرج
لمشاويره النهاريه ، سبها قبلما ينزل لانها لم تلمع حذائه ولم تنظم شراباته ولم
تختر له كرافته تليق ببذلته ، وصفها بسفاله انها عمياء لاتري الالوان ولا تميزها ،
لم تصمت كعادتها بل تجرأت واخبرته انه السبب وقتما ضربها وافقدها عينها ، قالت ان
عينيها الاخري توجعها طيله الوقت ، تخاف تفقدها هي الاخري ، قالت له ان قسوته
افقدتها عينيها وصارت فعلا لاتميز الالوان ، قالت له فليختر الكرافته التي تعجبه
ويكفيها جهد الاولاد وخدمته ، صرخ فيها انها عمياء فعلا ولاتحتاج فقد العين الاخري
لتفقد البصر ، قال لها انه يتحملها من اجل اولادها ، قال ان ابيها الطيب لايستحق
منه يطلقها فيفضحه ، صرخت فيها ان ابيها في مقبرته سيسعد بطلاقها ، قالت انه لم
يمنحها غيرالتعاسه ، وانها هي التي تتحمله من اجل اولادها ، قال لها يتوعدها انه
سيخرج ويتمني لا يجدها وقتما يعود ، من اين اتتها الشجاعه في ذلك النهار ، تمردت
علي سكونها وصمتها ، قالت له ان هذا البيت بيتها وبيت اولادها وانها لن تخرج منه
ابدا وان اراد فليخرج هو ويعود لشقه الحسين ويرحمها ، صرخ فصرخت سبها فاطفئت
السماعه واعطته ظهرها كأنه لايتحدث ، طرق باب البيت غاضبا وقتما خرج ، غسلت وجهها
الباكي وارتدت ثوبها الملون بزهوره الساطعه ونزلت للحديقه ، هذا وقتها هي ، تصالح
نفسها وتهون عليها مع نفسها ، الصغار في المدرسه والخادمه تنظف البيت وهي تتسلل من
ذلك العالم لتصالح نفسها ، جلست علي مقعدها الاثير تحت شجره اللمون تحتسي القهوة ،
بعض دموع تتساقط من عينيها وسط فنجان القهوه ، تمسح دموعها وتحلق بافكارها بعيدا
عن اسرها المقيت ، صوت العصافير تسلل روحها ، حركه اجنحتها الحره صوب السماء اثارت
ذكرياتها ، استدعت لمخيلتها ذكريات الجدة الطيبه ، تركت فنجان قهوتها علي المنضدة
امامها واغلقت عينيها السليمه واخذت تحلق بذراعيها صوب السماء مثلما كانت تفعل في
طفولتها البعيده ، صو صو ، صو صو ، تنطق كمثل العصافير ، تضحك بصوت عالي ، مثلما
كانت تفعل بالضبط في طفولتها ، تحلق بذراعيها اقوي واقوي ، اظنها وقتها تصورت انها
ستطير فعلا صوب السماء ، هل احست بعض الحسد تجاه العصافير الحرة ، هل تمنت لو خلقت
عصفورا حر يحط من شجره لاخري بلا قيود ، مازالت تحلق بذراعيها صوب السماء ، كنت
اراقبها فرحا ، مااجمل ان تمنح الاخرين السعاده ، هذا ماكنت احسه تجاهها ، انا
الحديقه الخلفيه الصغيرة امنح تلك السيدة بعض السعاده ، الحق انها كانت تسعدني
ايضا ، كانت خطوتها علي النجيلة الخضراء تمنحني روحا وقوه ، تمنح الاشجار ثباتا ،
تمنح الزهور بهجة ، تمنح اللمون ازدهارا والقشدة الخضراء عسلا ، في داخل هذه
السيدة روحا عظيمه روحا معطاءه ، روحها تتسلل من خطواتها الحافيه لحياتنا جميعا ،
نزدهر بوجودها ولوجودها ، لولاها لمت وماتت كل الاشجار والزهور ، هي التي ترعانا
بحبها ، سعيد الجنايني يسقينا ويقلم اوراقنا وينزع العشب البري ويهذب شجيرات
الزهور ، لكنه لايمنحنا الحياه ، هي التي تمنحنا الحياة بروحها الطيبه ، كانت
تحبني وكنت احبها وامتن لها ...
هي جنتها وبيت سعادتها ومكان راحتها ، مااجمل ان تحس باهميه لوجودك ونجية
منحتني اهميتي بحبها ...
اكم من مرات اختبأت من صخب زوجها وجنونه بين اغصان شجراتي ، كانت تتسلل
بهدوء وتتركه يتشاجر مع نفسه ، يحطم الجدران وينفث عن غضبه ، وتخرج باولادها
لساحتي الواسعه ، تعلمهم اسماء الزهور والفواكه ، تقنعهم انهم لو حلقوا باذرعتهم
صوب السماء لطاروا ، تمنحهم بعد السعاده والحريه بعيدا عن الجدران وحممها الساخنة
..
الست فريال جارتها بالدور الثالث كانت تشاهدها من شرفتها ، تنادي عليها
بفرحه وتدعو لها بالسعادة وراحه البال ، الست فريال تلحظ دموعها وتسمع صوت زوجها
يسبها ويلعنها ، تدعوها لفنجان قهوه في الشرفة ، تدعوها تشاركها المزاج النهاري
قبلما ينشغلا بالمطبخ ، بعض الاوقات تصعد لها واكثر الاوقات تدعوها لتنزل ،
يتبادلا الابتسامات والحب وتبقي كل واحدة علي حالها ..
اختها حياة منحتها صبارة كبيرة تخرج ورودا حمراء ، اوصتها تزرعها في الساحه
الواسعه ، قالت لها انها كمثل الصبارة ، قوية وجميله ، لم تقل لها انها تتحمل
العذاب والقسوة وتعيش ، لم تقل لها هذا لكن رسالتها وصلت لنجية ، اعطت سعيد
الجنايني الصبارة واوصته عليها ، كانت تراقبها بنفسها وتفرح بزهورها الحمراء وترقب
نموها ، توحدت معها وكأنها صارت جزءا منها ، نعم انا قويه وجميله ، تقول لنفسها ،
كثيرا مااقتربت من الصباره غير مكترثه بشوكها الصغير ، كأنها تختبر طاقتها علي
التحمل وقوتها ، قبلما تغرس اصابعها في الشوك تبتسم ، لاتحتاج وخزا لتدرك انها
قويه ، هي قويه والحياة لاتكف عن وخزها ....
سنوات طويله ظلت نجية تهتم بي ، باشجاري وثماري ، عندما انتقل يوسف للعيش
معها ، عودته يجلس معها في الساحه الواسعه ، تقص عليه قصه الصباره التي صارت شجرة
كبيرة ، تقص عليه نوادر ابيه واوقات طفولته التي قضاها وسط الاشجار ، اوصت يوسف
علي ، قالت له انها تحبني واني لااحتاج الا مجهود قليل لابقي وامنح الاخرين
السعاده ، اوصت يوسف علي وحلفته برحمه ابيه ورحمتها بعدما ترحل لايتركني ولايهملني
ولا يسمح للقبح والقسوة يقتلاني ، الحق ان يوسف وفي بوعده وحين مرضت السيدة وعجزت
عن النزول لبراحي ، كان كثيرا مايحملها بمقعدها ويضعها امام الصبارة كأنه يتمني
تستمد منها القوة ، وحين عجزت عن الحركه والتصقت بفراشها ، بقي يوسف يأتيني كل
صباح ، يقف امام الصبارة بوقار وحب ويلقي عليها تحيه الصباح ويرشها ببعض الماء
البارد لينعشها ، يقف امام الصبارة بمنتهي الحب وكأنها جدته ، احببت يوسف واحببته
الصبارة وهمست لنجية في سكونها ، اللي خلف مامتش ياحاجه ، ابتسمت واوصتني عليه
امنحه السعاده مثلما منحتها لها فوعدتها ووفيت ..
نهاية الجزء السادس ويتبعه الجزء السابع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق