مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الاثنين، 4 فبراير 2013

دمعة صغيرة بنكهة المولوتوف والعشق !!! ( الجزء الثاني ) ....





( المشهد الثالث في منتصف الحدوتة )

صرخ الكورس علي المسرح ، غاضبين ساخطين علي النبي المهزوم الذي يحمل قلما ، ينتظروا النبي الذي يحمل سيف ، صرخوا غاضبين ...

لا...لا...لا أملك إلا أن أتكلم
يا أهلَ مدينتنا
يا أهل مدينتنا
هذا قولي
انفجروا أو موتوا
رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجيء
لن ينجيَكم أن تعتصموا منهُ بأعالي جبل الصمت...أو ببطون الغابات
لن ينجيَكم أن تختبئوا في حجراتكمو
أو تحت وسائدِكم...أو في بالوعات الحمَّامات
لن ينجيَكم أن تلتصقوا بالجدران
إلى أن يصبح كل منكم ظلا مشبوحا عانقَ ظلا
لن ينجيَكم أن ترتدُّوا أطفالا
لن ينجيَكم أن تقصر هاماتكمو حتى تلتصقوا بالأرض
أو أن تنكمشوا حتى يدخل أحدكمو في سَمِّ الإبرة
لن ينجيَكم أن تضعوا أقتعة القِرَدة
لن ينجيَكم أن تندمجوا أو تندغموا
حتى تتكون من أجسادكمُ المرتعدة
كومةُ قاذورات
فانفجروا أو موتوا
انفجروا أو موتوا( 3 )

اغلق الستار واصواتهم تتعالي وتتعالي وتتعالي وتتعالي .. انفجروا او موتوا ، انفجروا او موتوا ............




( الجزء الثاني )


( 16 )
"" ايام شينة ""

وصلت السيارات للجامع الكبير وبعضها اكمل طريقه للكنيسه الكبيرة قرب البحر ، الاف بل مئات الالاف من المشيعين ينتظروا الشهداء علي باب الجامع ، يصرخ المؤذن الله واكبر ، تدق الكنيسه الكبيرةاجراسها ويستعد القساوسه لبدايه القداس ورائحه البخور ومسك الجنه تلف المدينه الباسله وتكافئها علي بسالتها وانتصارها وشهداءها الكثر  ، في الجامع والكنيسه الكل يصلي للشهداء وعليهم ، سخرت الاجساد المسجاه داخل الصناديق من التفرقه التي لحقت بهم ، بعضه يبكيه الشيخ وبعضهم يبكيه القسيس ، لكن المشيعين يحملوا كل الصناديق ويتمنوا لهم الرحمه والجنه ، لايعرفوا من بداخلها قبطي كان ام مسلم ، هذا لايهم المشيعين ولايكترثوا به ، الله واحد للجميع ، فليصل كل منا للرب ويتقبل ربنا جميعا ادعيتنا ودعواتنا ودموعنا رحمه ونور للشهداء ، سخرت الاجساد المسجاه داخل الصناديق من تلك التقسمه اللعينه ، شرح لهم اكبرهم ان علي ايام صباه لم تكن المدينه تعرف اي فرق بين تكبيرات الجامع وجرس الكنيسه ، فكلنا اهل بلد واحد ، حاربنا معا في العدوان الثلاثي وتهجرنا معا بعد النكسه وعدنا معا بعد اكتوبر ، هدمت بيوتنا جميعا واعدنا بناءها جميعا ، وقتها صام الاقباط رمضان وصام المسلمين صيام العدرا ووزعت النساء الفول النابت والعيش علي الفقراء في كل المناسبات وكنست القبطيات مقام السيدة نفيسه علي الصهاينه اللي هجروهم بره بلدهم واشعلت المسلمات الشمع للست العدرا يرجوها تساعد وطنهم علي النصر وتساعدهم علي الرجوع لبيوتهم وانهاء التوهه ، شرح لهم الشيخ اكبرهم ان ايامهم سوده لان الاخوات اتفرقوا والدم اللي بينهم اتقطع ،انتم ايامكم سوده ومافيهاش بركة ، الايام اللي تفرق بين الاخوات لان ده بيصلي في الكنيسه وده بيصلي في الجامع تبقي ايام شينه زي اللي بيحكموها ، لو بيحبوا البلد مايفرقوش بنا ، لكنهم فرقوا بينا ومزقونا ، ولما فرقوا بنا وعملوا اللي عملوه اثبتوا انهم لابيحبونا ولا بيحبوا البلد ، انتم محظوظين انكم متم واننا كلنا ماشين لدار الحق ، هناك الديان الرحيم يحاسب كل واحد علي اللي عمله ويغفر له ويرحمه ونخش كلنا الجنه سوا ، ضحك الشباب الصغير وهو ينتظر دخول الجامع ليصلوا عليه ، ضحكوا لان اكبرهم يحسدهم حتي علي موتهم في عز شبابهم ، ضحكوا جميعا ونسوا كيف كانوا قبل موتهم ، كل مايعرفوه الان انهم مصريين ، شهداء مصريين تبكيهم مصر كلها وان ديانه كل منهم دي في قلبه بينه وبين ربه ، واي كلام تاني فاضي ومالوش عازمه ومامنوش فايدة ، انتبهت الاجساد المسجاه في الصناديق ، ان محمد الكهربائي راح الكنيسه مع اللي راحوا وان مينا ابن عم المقدس جوجريوس لسه معاهم هنا ، سالوا الشيخ اكبرهم ، نعمل ايه ، سخر منهم ولا حاجه ، رب هنا رب هناك والصلاة حتشفع والدعا حيوصل وكلنا ولاد مصر وافقوه وضحكوا ، تعجبت بعض الصناديق من ضحكات الشهداء ، فشرحت لها بقيه الصناديق ، انها مش فاهمه حاجه وانها جديده في الكار ولسه مااتودكتش ، وان الشهداء دايما بيضحكوا ، مش بس بيضحكوا لا فرحانين ، رايحين الفردوس ، عايزينهم يعني تبقي حالتهم ايه ، خجلت الصناديق الجاهله من جهلها وفهمت الدرس واستوعبته ، من ناحيه كلنا ولاد مصر ومن ناحيه تانيه جثث الشهداء سعيده بالرحيل للفردوس الاعلي وصمتت خجلا و.......... انتهت الصلاة واستعد المشيعين للرحلة الاخيرة !!
والشهداء والصناديق ايضا !!!
والمدينة والوطن !!

( 17 )
"" تحية عسكرية ""

كادت بعض الصناديق الخشبية تؤدي التحية العسكرية للضباط قبلما تتحرك بهم صوب دار الحق ، اصابهم خرطوش قتلهم قبلما يخرجوا اسلحتهم الميري ويدافعوا عن انفسهم ويؤدوا عملهم ويؤمنوا بوابة السجن ، احدهم عرف قبلما يموت بساعات قليله ان زوجته انجبت الابنة الصغيرة التي كان يتمناها ، اشرب كل زملاءه شربات ورد لون خدود الوليدة ووعدهم بسبوع كبير وعقيقة واخيرا ربنا حقق لي املي ، والاخر عرف بعدما مات ان طلب النقل الذي الح عليه طويلا قبلته الوزاره في القاهره بعدما نشف ريقه وطلعت روحه فعلا !! لكن الرصاص دوي وهم علي بوابة السجن ، انفجار صغير اربكهم لحقه وابل من الرصاص ، قفزت ارواحهم ببراعه من اجسادهم التي تهاوت علي الارض وصرخت تحذر الباقين ان السجن يتعرض لهجوم من غرباء لانعرفهم ، صرخ احد زملائهم وهم يراهم يتاهوا امامه عينيه ونجوم اكتافهم تتغطي بالدماء الكثيرة المتفجرة من اعناقهم المتدلاة ، صرخ يحذرهم ، لكن صوته ضاع وسط الرصاص الحارق الذي استقر في قلوبهم ، صرخت ارواحهم تبا لكم ، رصاصه واحده سرقت حياة كل منهم واحلامه ، ادركوا بعد فوات الاوان ، ان مهاجميهم محترفين ، ليسوا غاضبين هواة دفعهم اليأس والحسرة للتخبط واطلاق الرصاص فقتلهم ، لا ، قاتلوهم محترفين يعرفوا كيف يقتلوا ببراعه ودقه ، مدربين علي القتل والخسة ، صرخت ارواحهم تحذر زملائهم ، هذا ليس غضب ، هذه معركه عليكم تخوضوها بانتباه وبراعة و .............. حملت الاجساد الفتيه للمشرحه وسط بقيه الشهداء وسرعان ما توارت الرتب وتضائلت امام فخر الشهاده الذي تسربلت به كل الاجساد الشهيدة حتي نسي الضباط انهم كانوا ضباط وتشاركوا مع بقيه الشهداء الموت الغالي والفخر والرحله لدار الحق والفردوس الاعلي !!!
لكن الصناديق لم تنسي ، ان في جوفها رتب تستحق التحية العسكرية ، الصناديق لم تنسي وكادت تؤدي لنزلائها التحية العسكرية ، سخرت منهم بقيه الصناديق ، اليوم هم مصريين شهداء زي بقيه الشهداء ويستحقوا منا جميعا الاحترام والتوقير وليست التحية العسكرية ، احملوهم لدار الحق مثل بقية زملائهم دون تمييز او تميز !! ابتسمت الاجساد المسجاه لمن كانوا ضباطا ، ابتسموا لان دمائهم التي سالت وهم يؤدوا واجبهم اعادتهم لحضن الوطن ، ابتسموا لانهم حصلوا وبحق علي مايستحقوه من تحية ، تحية الشهداء و .................. اصطفوا مع بقيه الصناديق يستعدوا للرحلة الاخيرة ، رحله الفردوس الاعلي !!!

( 18 )
"" العدل والحرية ""

لو انك تجلس فوق السحابه الرماديه الكثيفه التي تظلل علي رؤوس الميشعين للجنازة المهيبه التي يتقدمها خمسون صندوق تحمل في قلبها خمسون شهيد ، لو انك تجلس فوق تلك السحابه لبكيت فرحا ، نعم فرحا ، لاتصدقني ؟؟؟ ستبكي فرحا وتبتسم رغم انفك ، ستري تحتك ملايين يسيروا خلف الصناديق ، يهتفوا باسم الوطن وحبه ، يهاجموا الحكومه التي لم تقبض علي القناصه ورئيسها الذي نام متأخر حتي نسي ميعاد الجنازه وخاف معاونيه يوقظوه واعتبروا نومه الهانيء الهادي اهم من مائه جنازه بل قال احدهم يبقي يروح يمشي في جنازه بكره واثق ان تلك الايام السوداء تحمل كل يوم جنازه مهيبه ، واللي مانمشيش في جنازته النهارده نمشي في جنازه اخوه بكره وضحكوا وناموا مثل رئيسهم !!!
ستري تحتك ملايين يطالبوا وسط احزانهم بالعدل والحرية ، يعرفوا ان العدل والحريه هما المنقذين لاولادهم شهداء الغد وبعد الغد من رصاص القناصه وقهرة القلب والبطاله والمرتب العدمان وقله الجواز ، يعرفوا ان العدل والحرية هما المنجي لاولادهم وللوطن من هزيمة القلب وكسره الروح ، ملايين المشيعين يسيروا خلف الصناديق الخمسين يدعون للجميع بالرحمه والجنه ويحملوهم الامانه للرحيم القدير يرحم بلدهم وشبابهم وينصرهم علي من يعاديهم ولو كان رئيس نائم !!!

( 19 )
"" اليتيم الحيلة ""

الصناديق تتقدم الجنازه المهيبه ، الشيخ الاكبر في مقدمه الصناديق ، خلفه الواد الحيله اليتيم ، صغير ومالوش حد ومالوش دعوة ، يمشي بيني وبينكم علشان كلنا ناخد بالنا منه ، يشرح لبقيه الاجساد الراحله فيوافقوه راضين ، الشيخ الاكبر يطمئن اليتيم الحيلة ، ماتخافش يامحمد ، مش خايف ياحاج والله زعلان علي خالتي بس ، لاياحبيبتي ماتزعلش ، خالتك مش حتتساب لوحدها ، مراتي ومرات ابني حيروحوا لها وياخدوهم وسطيهم ، ماهو انت معذور انك خايف ماعشتش معانا ايام الهجره لما كان اي حد بيعيش مع اي حد وكل البيوت مفتوحه والقلوب كمان ، اهل بلدك يابني جدعان ويفهموا في الاصول والجيرة والعشرة والدم اللي بيجري في عروقنا كلنا مصري ابن مصري ، وعارفين ان الوليه الحزينه ماتتسابش وحدها لولاد الحرام ، عارفين انهم لازم يحاجوا عليها كانك موجود واكتر ، ماتخافش يامحمد ، خليك بس ورايا ، يوافقه الصغير ويلتصق فيه وكأن سيقبض علي طرف جلبابه وسط الزحام امنا مطمئنا ...

( 20 )
"" كتيبة عسكرية ""

الجنازه المهيبه يتقدمها الشيخ الاكبر خلفه الواد الحيله اليتيم ، خلفه صفوف من الشباب وكأنهم كتيبه عسكريه يسيروا في رحلتهم الاخيره بمنتهي النظام والدقه ويرددوا خلف المشيعين الادعيه والهتافات ، وتحيا مصر ، تحيا مصر ، تبكي الاجساد المسجاه في صناديقها من كثره الحب ولوعة الفراق للوطن الذي احبوه وتمنوه جميل ، لكنهم ماتوا قبلها يروا احلامهم ترفرف في سماء الوطن كمثل اسراب السمان المهاجر للدفء ، ماتوا وتركوا الوطن وبقيه اهلهم يحاربوا وحدهم وهم الذين تمنوا يشاركوهم الحرب حتي النصر ، بكي الشهداء فتبكي الصناديق وتبكي المسامير وتبكي السحابه الكيثفه ماء بارد طاهر معطر بالمورد والمزهر من نهر الجنه ، وتهدأ قلوب الميشعين ويتواري حزنهم ويسيروا يصرخوا بحب مصر ويعدوها بالمستقبل الجميل الذي لايخرج في كل نهارياته الحزينه جنازات الاحباء ، و........................ وفجأ يهمس الشيخ اكبرهم ، ريحه بارود !!!

( 21 )
"" بارود ""

ريحة بارود ، ريحة بارود ، يعرف الشيخ الاكبر هذه الرائحه ، هو حضر الحرب مره واثنين ، عاشها مرة واثنين ، نزل في خنادقها يخدم الجنود ، جري تحت قصفها يحمل الاكل للنساء المحتجزات في البيوت المهدده بالقنابل والصواريخ وسط الليل ،عاش الحرب ونجي من قذائفها ورصاصها وصواريخها ومدافعها مرة واثنين وثلاث وعشرة ، يعرف رائحه البارود وقتما تعمر به الاسلحه ، يميز رائحه من وسط مليون رائحه ، هذه ليست رائحه الحزن ولا دموعه ، ليست رائحه قهره القلوب ولا وجعها ، هذه ليست رائحه نسيم القنال الجاي وقت الضهر ، ليست رائحه حلقه السمك والسمك الصاحي يترص علي الطاولات بعد تفريغه من مراكب الصيد ، هذه ليست رائحه البواخر والبلنصات في الكنال ، رائحه بارود رائحه غدر رائحه خيانه ، هي رائحه القناصه المختبئين وسط المشيعين وكأنهم يبكوا حزاني كأنهم من اهل الوطن وابناءه ، كأنهم يهتفوا للمستقبل مثلهم ، كأنهم يحملوا الصناديق الفخورة بشهداءها مثل كل المشيعين ، رائحه بارود ، رائحه القناصه ، زفره مثل السمك الميت ، نجسه مثل الكلب العفن ، خانقة مثل ابط العاهرات ، مقززة مثل ريح الضباع بعد اكل الجيف ، رائحه بارود ، رائحه القناصة ، هم وسطنا يسيروا باكين وسطنا يصرخوا من حناجرهم بمنتهي الكذب وسطنا ، بارود بارود  وصرخ بصوت هادر عنيف قوي عالي لم يسمعه الا زملائه الشهداء ، رائحة خيانه ... خيانة خيانه ، ريحه بارود و....................... مزق دوي الرصاص سكينه الجنازه وهيبتها وصرخ المشيعين لايصدقوا مايعيشوه ، ضرب نار ضرب نار !!!

( 22 )
"" اولاد الابالسة ""

ارتبكت الصناديق الخشبيه لاتعرف كيف تتصرف في مثل هذا الموقف الذي لم تراه من قبل ولم تسمع عنه من قبل ...
الصناديق سمعت قصص كثيرة وحكايات اكثر للموت ، لكن مايحدث الان لم تسمع عنه ابدا حتي من الحاج الحانوتي الذي دفن الكثيرين وحضر جنازات كثيرة وشيع موتي كثيرين ، هذا الحاج الحانوني الذي سمع وشاهد الكثير والذي لايكف عن تكسير رؤوسهم بحواديته الفارغه وقتما يجلس مع الحاج صاحب الفابريكه ليلا يدخنا الحشيش ، ويتبادلا الكلام الفارغ ، وقتها الحانوتي يحاسب صاحب الفابريكه علي الصناديق ويهنئا بعضهما بالرزق الذي انهمر علي روؤسهما جثثا فوق جثث ، ويأكلا السمك السردين المخلل ويشربا الاوزو ويتبادلا فارغ الحديث واقبحه ويستعرضا جولاتهما النسائية وقوتهما المروعة والليالي الحمراء والحبة الزرقاء ، سمعت الصناديق من الحانوتي قصصا كثيره ليس من بينها ان جنازه ما ، اي جنازه من ايام الملك والانجليز والصهاينه وحرب 56 وحرب 73 اتضرب عليها نار ، اصل الموت له حرمه يراعيها كل الناس حتي ولاد الحرام ، لم تسمع الصناديق اي قصه تشبه مايحدث لهم الان ، لكن سؤال غريب يحير كل الصناديق ، اذا كان حتي ولاد الحرام بيراعوا حرمه الموت، مين دول امال الابالسه اللي بيضربوا نار علي الجنازه ، اللي اوسخ واحقر من ولاد الحرام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

( 23 )
""مرة ثانية ""

دوي الرصاص خلف الرصاص ... الاجساد المسجاة في اكفانها تعرف ذلك الصوت ، ومازالت تتذكره وقتما دوي وانفجر صداه في كل منهم ، كل جسد يعرف متي سمع ذلك الصوت قبلما يخرج من جسده ويتركه يتهاوي ويشاهده متعجبا من الذي يحدث ، وقتها ، وقتما انفجر الرصاص وصدي انفجاره في اجسادهم لم يفهموا جيدا ماحدث ، حين حلقت الارواح تترك اجسادها تنتفض وتشهق وتخرج نفسها الاخير لم تكن فهمت بشكل كامل مالذي حدث ويحدث ، الفهم لم يكن قد اكتمل والارواح تحلق تترك الاجساد تتبعثر وتتعثر في خطواتها وفوارغ الرصاص والدماء السيالة ، لكن الان ، كل منهم يعرف ويفهم كل شيء ، كل جسد يعرف ذلك الصوت الذي يسمعه ثانية الان ، احدهم سمعه قبلما يري رأسه تتناثر ، كان مخه يتبعثر والافكار التي فيه تتناثر علي الرصيف وهو عاجز عن جمع افكار وشتات رأسه وبقايا مخه ، احدهم سمعه ثم احس الم في صدره وسعل سعال متلاحق فتناثرت دماء متجلطه زرقاء مالحه ، هذا اخر مايذكره قبلما تمزق الرصاصه رئتيه وتبعثر حويصلاتها الهوائيه في حنجرته وعلي الرصيف ، هذا سمع الدوي مره واثنين وثلاث وبعدها رحل عن الجسده وتركه مثقوبا تسيل منه الدماء علي الجسر العتيق وتهاوي وكأنه سيسقط منه ، سمع الرصاصه الاولي التي اخترقت معدته ، الم شديد هذا مااحسه ، الثانيه اصابته ذراعه بعدما دار حول نفسه دوره كامله ليفهم مالذي حدث لمعدته ، الثالثه اخترقت جبهته بين حاجبيه بالضبط ، وقتما دار ابتسم القناص القابع علي سطح البنايه القصيره ، اصبح هدفا سهلا ، منحه وجه وجبهته ليوقع عليها برقم سلاحه الالي وطارت الرصاصه فاخترقت جبهته ، وقتها لم يعد يشعر باي الم ، وقتها ابتسم وهو يخلع جسده كالحذاء البالي ويحلق نحو السماء متحررا من الوجع والالم والحياة ، كل جسد يعرف متي سمع ذلك الدوي ، يعرف متي سمعه ومتي رحل ، لكن السنا براحلين ، السنا في طريقنا لدار الحق ، السنا لن نموت ثانيه مهما صوبتم علينا رصاصكم وخرطوشكم ومدافعهم ، لماذا تصوبوا اسلحتكم علينا مره ثانيه ، الاجساد القابعه في الصناديق الخشبيه غضبت ، ياولاد الكلب يازواني ياعواهر ياقوادين ياخونه ، مره ثانيه ستقتلونا ، مره ثانيه ستمزقوا اجسادنا ، مره ثانيه ستبعثروا جماجمنا ، مره ثانيه ستؤلمونا لنموت ونموت ونموت !!! الاجساد القابعه في الصناديق الخشبيه غضبت وغضبها مروع من اولاد الابالسه القتله ، وكأن القتل صار مزاج وهوايه ، وكأن العبث بلغ مداه ، وكأنهم جهله لاتعرفون ان الشهداء لايموتون مهما قتلتوهم الف مره !!!

( 24 )
"" رصاصة طائشة ""

اختلط دوي الرصاص بصراخ حاد هلع ، نعم الاف البشر صرخوا معا في لحظه واحده ، الاف المشيعين خلف النعوش الخمسين صرخوا معا ، لايخافوا علي حياتهم كما يتصور السذج ، فحياتهم ليست اغلي من حياة الاحباء في الصناديق العزيزة ، لايخافوا علي حياتهم التافهه التي قد تنتهي لاي سبب برصاصه طائشه اطلقها خائن في الهواء ليجرب سلاحه الجديد ، رصاصه طائشه تتحرك عبثيه عشوائيه تطير وتحلق ، تهبط وتنزل ، تجري وتبعد ، تطارد صاحبها والمكتوب اسمه عليها وفي النهايه تستقر فيه ، تطرد الحياه منه وتجلب الموت وترقد في حضن الموت هانئه باجرامها ، الحياه عبثيه ياولاد الحرام ومااحناش اغلي من اللي ماتوا ، المشيعين يصرخوا ويصرخوا ودوي الرصاص ينفجر ويدوي ، الاف المشيعين يصرخوا خائفين علي الاحباء الغاليين ، الاجساد القابعه في صناديقها راحله لدار الحق !!!

( 25 )
""الخوف""

انه مشهد رومانسي بحق ، الاجساد القابعه في الصناديق تصرخ خائفه علي المشيعين ، والمشيعين يصرخوا خائفين علي الشهداء الاحياء ، والصناديق تجري ، تجري ، تكاد تحلق فوق المشهد ، تتمني لو فرس النبي حملهم جميعا صوب الفردوس الاعلي ، تتمني لو فرس النبي انتشلهم من المعركه الغريبه التي لايعرفوا طرفيها ولا هدفهم وحلق بهم صوب سدرة المنتهي ، يوصلوا الشهداء لدار الحق ويعودوا لساحه المعركه يلملموا الجثث الجديده ويستعدوا لرحله اليوم التالي ، لكن فرس النبي لايحط علي ارضهم والمشيعين لايخافوا الموت والشهداء ايضا ، الكل غاضب من الخسه واولاد الابالسه واولاد الحرام ، ممن يعبثون بالموت ولايحترموا حرمته ولا يكترثوا بالدموع وقهره القلب !!!

( 26 )
"" يانموت زيهم ""

الرصاص يدوي والصراخ ايضا و............................. تبعثرت الجنازة والصناديق والمشيعين  ، حاملي النعوش يهرعون ليبعدوا عن مرمي النيران والنساء تصرخ لان اكرام الميت دفنه والرصاص سيؤجل الاكرام للاحباء والرجال تنتفض من الغضب وكل منهم يبحث عن ساتر يسمح له يخرج سلاحه ليصوب للقتله في اعينهم ومواطن خستهم ونذالتهم و....................... رصت الصناديق الخشبيه تحت الكوبري وفي مداخل البنايات القديمه وعلي الارصفة وتحولت الجنازة لساحه معركه حربية لايبغي المشيعين فيها الا النصر او الشهاده و.............مااحناش اعز من اللي راحوا ويانجيب حقهم يانموت زيهم !!!

( 27 )
""لااري شيئا ""

لااري شيئا لاقصه عليكم ، غلالات دموعي حجبت عني الرؤية ، الاتربه المتطايرة تحت الاقدام الملتاعة ، دخان كثيف في الجو ، حريق ربما قنابل مسيلة للدموع ربما ، غضب من عندي ربي ربما ، كل هذا اغلق عيني ردمهما بسدل من عمي ، لااري شيئا لاقصه عليكم ...
ساتواري بعيدا ، ساختبأ في مدخل بنايه مع مجموعه من النساء ، سادخل محل صغير واتواري خلف بابه الصاج الذي اغلقه صاحبه خوفا علي بضاعته وعلي حياته من الرصاص الاهوج ، سانام علي بطني خوفا من الطلقات الطائشة التي تصفر تبحث عن جسد مازال فيه الحياة لتسرقها منه وتتركه علي قارعه الطريق ينتظر صندوق خشبي مكتوب عليه اسمه ... ساتواري بعيدا فلن اري شيئا لاقصه عليكم ..
ساترككم وسط كل الاحداث الغريبه العجيبة التي شاهدها وشهد عليه الصناديق الخشبيه والاجساد المسجاه خلفها والمدينة ومئات الالوف من المشيعين  ...

( 28 )
"" القطة العمياء ""

القطة العمياء !!! لعبة كانوا يلعبوها وهم صغار ، همس احد الصناديق للاخر ، يغموا عينين واحد ويجروا ، وهو يجري وراهم وهو مش شايف واللي يمسكه يبقي هو القطه العمياء !!! سخر منه الصندوق القابع تحت بير السلم محتميا بقاطنه من الرصاص المتلاحق !!! وده وقته ؟؟ النهارده كلنا بنلعب القطه العمياء ، كلنا متغمي عينينا وكلنا بنجري ورا واحد بس ، واحد شايل الي بيضرب منه رصاص ورا رصاص ، هو مفتح واحنا مغمضين ، كلنا بنجري وراه واحنا مش شايفين ، وهو بيجري منا وهو شايف !!! انتبه الصندوق الساخر لما يقوله الاخر ، وبعدين ؟؟ ضحك الصندوق ساخرا من سؤاله الحائر ، ولا حاجه ، كلنا حنرفع الغماية ونشوف ، وكلنا حنجري وراه ، وكلنا حنمسكه !!! بسيطه ، صح ؟؟ هز الصندوق رأسه ، الحقيقه بسيطه ومنطقيه قوي ، ليه كلنا متغميين وهو بس اللي شايف ، اللعبه كده مش عاجباني ، ضحك الصندوق وصوت الرصاص يطغي علي صوت ضحكاته الهامسه ، ولا عاجباني ولا عاجبة حد ، يبقي حتخلص وقريب قوي ، وافقته بقيه الصناديق ، طبعا ماهو مش بيلعب لوحده واحنا كومبارس ، لما اللعبه ماتبقاش عاجبنانا كلنا ، يبقي كلنا نصمم نلعب لعبه تانيه تعجبنا !!! هزت الاجساد المسجاة داخل الصناديق رؤوسها او ماتبقي منها يوافقهم ، فعلا اللعبه كده مش عاجبانا ولا عاجبه حد !!!
و.................صرخ الشيخ الاكبر وسط الاجساد المسجاة ، حي علي مصر حي علي مصر ....

( 29 )
"" سرب السمان ""

طرقت الاجساد المسجاة علي الصناديق تأمرهم يفكوا اسرها ، بسرعه استجابت الصناديق فرحه وكأنها كانت تتمني ذلك الامر ، رفعت الاغطية الثقيله واطلقت سراح السمان ، قفزت الجثث خارج الصناديق ، قفزت وكأنها اعيدت للحياة وكأن الحياه اعيدت لها ...
حقراء لاتسمحوا لنا بالموت بهدوء ..
لاتسمحوا لاحبائنا يبكونا باحترام ويودعونا بما يليق بنا وبهم !!!
حقراء قتله ..
همس اكبرهم ، حقراء قتلة اولاد ابالسة !!
الاجساد المسجاة بفخرها غاضبه من اولاد الابالسة القناصه المختبئين فوق اسطح العمارات المتواريين وسط المشيعين يمطروهم بوابل استوائي من الرصاص والخرطوش ، غاضبين منهم وهم يسيروا ببراءة وكأنهم حزاني وسط المشيعين وكأنهم اهلهم ومنهم ، غاضبين لان خستهم تجاوزت مداها فتجرؤا علي الشهداء ومشيعيهم وافسدوا حميمية حزنهم ووجع فرحتهم برحيل احباءهم لدار الحق والفردوس الاعلي ..
فتحت الصناديق وقفزت الجثث ، حلقت ، طارت ، رفرفت الارواح فوق المشهد كله ، بسرعه اصطفوا بنظام كرؤوس الرماح وكأنهم سرب سمان عائد من الارض الصقيع لبلاد الدفء ، بسرعه حلقوا فوق المشهد وادركوا ببصيرتهم كل تفاصيله ، رسموا طبوغرافيا للمشهد وتفاصيله ، يمينه ويساره ، نهار خارجي يمين ، مشيعين طيبين يمين ، قناصه اولاد ابالسه مجرمين يمين ، جنازة مهيبة وخمسون نعش يمين ، سباب شتم صراخ دوي رصاص هتافات غاضبه وعيد بالانتقام ، كلمات خلف الكلمات اصوات متداخله الشعب يريد اسقاط النظام شمال يعلن ابوكم ولاد كلب شمال ، ياخونه ربنا ينتقم منكم شمال ، يانموت زيهم يانجيب حقهم شمال ، شمس دافئه تعلو المشهد وتزيح السحب الرماديه يمين ، جري وبعثرة ، يمين ، فرده شبشب مقلوبه يمين ، سيدة تجري وابنتها في كفها هرعه يمين ، صوت الطفله يصرخ ماما ياماما ماما ياماما شمال ، سرب السمان المحلق في السماء كروؤس الرماح يعلو المشهد كله ويكشفه برداراته ، يراه كله ، الصناديق تمنت تفر بالاجساد المسجاه بداخلها يمين ، الاجساد حلقت فوق ساحه القتال يمين ، حي علي مصر حي علي مصر شمال ، صوت رصاص يدوي عاليا شمال، خنجر صغير يدسه احد المشيعين في خاصره جاره الذي تصوره حزينا مثله يمين ...

( 30 )
"" والشهداء ايضا  ""

سرب السمان يري المشهد كله ، الان هم يرون كل مايحدث في الجنازة التي باغتها اولاد الابالسة ، قفزت الجثث خارج الصناديق ودخلت المعركة .... واطلقت مئات الرصاصات ، سرب السمان يدرك انه مات ولم يموت ، وسيموت ثانيه ولن يموت ، والفردوس الاعلي مكافأة الشجاع والتضحيه والفخر لنا والعار لكم يمين شمال ، يمين شمال ، يمين شمال ، يمين شمال ، الشعب يريد اسقاط النظام ، الشعب يريد اسقاط النظام ، والشهداءء ايضا ، الشهداء يريدون اسقاط النظام !!!

( 31 )
"" لاتجزعوا ""

الصبي الصغير بكي في صندوقه ، افتحوا لي واطلقوا سراحي ، يبحث عن " نبلة العصافير " التي اخبئها في الجيب الخلفي لكفنه الازرق ، عندما يخرج من الصندوق سيصطاد عيونهم بحصي نبلته ، العصافير ابرع منهم تحلق بسرعه وتختبيء بسرعه لكنه يجيد صيدها ، افتحوا لي الصندوق لاخرج افقأ عيونهم اللعينه التي تنظر في تلوسكوبات البنادق وتقتلنا مرة ثانيه ، افتحوا لي ، بكي لانهم لايفتحوا له الصندوق، جميعهم حلقوا ورفعوا اسلحتهم واطلقوا نيرانهم وصرخوا في اذن كل المشيعين ، لاتجزعوا منهم ولاتخافوا  علينا ، نحن احياء عند ربنا ولو قتلونا مائه مره ، لاتجزعوا منهم ولاتخافوا علينا ، همسوا في اذن كل المشيعين ، لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا وانتم ايضا ، لاتجزعوا ولاتخافوا لامنهم ولا علينا ، اهتفوا من قلوبكم ، الشعب يريد اسقاط النظام ، اهتفوا وسنهتف معكم ، الشهداء يريدون اسقاط النظام ، الكل يهتف بصوت قوي هادر اخاف الرصاصات فسقطت ورقدت بجوار اسطول نيلسون في قاع البحر وتحت امواجه العاتية .... الكل في الجنازة المهيبةيهتف اسقاط النظام ، اسقاط النظام ، الصناديق الخشبية والاطباء الشرعيين ، الاكفان الكتان البيضاء ودماء الشهداء ، المشيعين والموتي ، الكل يهتف اسقاط النظام الا الصبي الصغير اليتيم ، لايهتف معهم ويبكي بصوت يرتفع ويرتفع ، افتحوا لي ، يطرق علي غطاء الصندوق بقوة وينادي ، افتحوا لي ، لااحد يسمعه صوت نحيبه وسط الهتافات الهادره ، افتحوا لي الصندوق سافقأ عيونهم وقلوبهم واشارككم الفخر !! امر الشيخ العجوز الصندوق العنيد ، افتح الصندوق للصبي ودعه يشاركنا النصر مثلما شاركنا الشهادة ...

( 32 )
"" مجرد استراحة قصيرة ""

و............... اختلطت الاصوات الشعب يريد اسقاط النظام ، والشهداء ايضا بصوت الرصاص والنحيب والغضب واختلطت المشاهد والاصوات والرصاص والدعاء والهتاف والغضب والتحدي و....... وانتهت الجنازة ودفن الشهداء !!! بكت الصناديق بعدما ودعت احباءها واوصلتهم لدار الحق وعادت للفابريكه ،  بكت تحس وحشه الوداع ووجعه ، اصطفت الصناديق متلاصقة متساندة علي بعضها ، بعضهم يبكي لما شاهده ، بعضهم يدون علي جدرانه ماعاشه في تلك الجنازة ومااحسه ...
الصناديق الخشبية متراصة بجوار بعضها تغفو وتغيب وتعيش مجرد استراحه قصيرة ، خلصنا من جنازة النهارده علي خير ، ابتسمت الصناديق ساخرة ، علي خير ؟؟ اه مادمنا اوصلنا الاحباء لروضتهم الشريفة وجنة خلودهم ، اكمل احد الصناديق واللي استشهدوا النهارده ميعادنا معاهم بكره ..
و............... استعدت الصناديق الخشبيه لراحه قصيرة قبلما تشرق شمس اليوم الجديد علي المدينة بغير بعض احبابها ممن يستعدوا للرحيل لدار الحق ممتطين الصناديق الخشبيه في رحلتهم الاخيرة للفردوس الاعلي ....
ومازالت اسراب السمان تحلق صوب الدفء وماء القناة يتحرك موجيات صغيرة نحو شطيها وكأنه يرسم لوحه رومانسية طيبه لمدينة لم تكف ابدا عن الهتاف  "الشهداء يريدون اسقاط النظام ، الشهداء يريدون اسقاط النظام" .......



( 33 )
"" وبكت الصناديق ""

و............... بكت الصناديق بعدما .....................................
......................................................................................................................... ومازالت اسراب السمان تحلق صوب الدفء وماء القناة يتحرك موجيات صغيرة نحو شطيها وكأنه يرسم لوحه رومانسية طيبه لمدينة لم تكف ابدا عن الهتاف  "الشهداء يريدون اسقاط النظام ، الشهداء يريدون اسقاط النظام " .......

( 34 )
"" لوحة رومانسية طيبة ""

و............................................................................................................................................................................................ ومازالت اسراب السمان تحلق صوب الدفء وماء القناة يتحرك موجيات صغيرة نحو شطيها وكأنه يرسم لوحه رومانسية طيبه لمدينة لم تكف ابدا عن الهتاف  "الشهداء يريدون اسقاط النظام ، الشهداء يريدون اسقاط النظام " .......

( 35 )
"" الشهداء ""
و................................................................................................................................................................................................... "الشهداء يريدون اسقاط النظام ، الشهداء يريدون اسقاط النظام " .......


( المشهد الرابع في نهاية الحدوتة )

علي المسرح وسط الظلمة ونحيب عالي وقهر ، همس احدهم والنصل المسموم يمزق قلبه وروحه تغادر المدينة ، همس !!!


حين ترون الموت الأسود ..
الطاعون .. بأى مدينة ..
لا يدخل باب مدينتكم للموت مغامر ..
لا يخرج من باب مدينتكم أى مهاجر ..
فالموت الأسود لا يجدى منه هرب ..
لا يعصم منه الطب ..
لا تجدى الحيلة حين يغوص النصل المسموم بقلب!
لا يجدى السيف المدفع ..
لا تجدى الحرب !
لا يجدى غير الصبر الإصرار الصمت ..
والمكر بكل صنوف المكر !
ليس يفل الشر ..
غير الشر( 3 )
  

( نهاية الجزء الثاني والحدوتة )

( 1 ) عبد الرحمن الشرقاوي ، الحسين شهيدا ..
( 2  اسامة جاد .. بيضاء في نزهة ..
( 3 ) صلاح عبد الصبور ، ليلي والمجنون ..
( 4 ) نجيب سرور ، احباطات شعرية .. 

هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...

سيدتى الراقية كتاباتك مرآه تعكس ليس الصورة فقط لكنها ..تدق احاسيسنا البشرية وتسافر الى داخل الوجدان ..وتعبر عن صوت الشعب الذى ..تململ من الاستبداد والاحساس ..بعدم القدرة على مقاومة الاحباط ..وفى كتاباتك ..يبدو الأمل مختفيا خلف سحابات ..ستنتهى السحابات وتمر ..وتشرق شمس الحرية ..عندما ..تكون اصوات الحناجر أعلى ..من صليل السيوف والخناجر ..وتكون الصدور دروعا تهزم القناصة ..وسيأتى اليوم الذى ...يرتعش القناص من رعب الصدر العالى ..والعيون الشجاعة التى تستهين بالرصاص والنار ..

أسامة جاد يقول...

صنعت مشهدك المسرحي ببراعة يا أميرة، وقسمت المشاهد في تتابع "تجريبي" لم يكن غريبا أن يستخدم المونتاج في أجمل صور القطع الإيقاعي في الفقرات الأخيرة، كما لو فوتو مونتاج كاملا، وهي من تقنيات السينما أكثر منها المسرح، وإن كانت ممكنة مسرحيا مع تطور تقنيات السينوغرافيا
التجريبية المسرحية تنسحب أيضا على مونولوجات وحواريات الصناديق/ المسامير، الصناديق/ الجثامين، وحواريات الشهداء ..
فيما جاء اتكائك على الثيمات المصرية المرتبطة بالفلكلور والتاريخ الشعبي لمدن القناة دالا على التعيين ‘لى حادثة بعينها .. في جريمة لم يقبلها الوعي المصري عبر عهوده السحيقة: إطلاق النار في جنازة .. غير أن هذا التعيين في ذاته ما أفقد السرد في لحظات بعينها غايته الفنية المحضة ليتحول إلى نوع من "الرأي السياسي" وربما التحليل أيضا .. وهو هدف كان يمكن "تنعيمه" ليذوب من خلال الأحداث ولا يظر في صورة مباشرة بلسان شارح هو للراوي العليم هنا، الأمر الذي اضطر هذا الراوي ليبدأ أكثر من فقرة بسكونية "مازالت" التي تشي بالتدخل الصريح من الرواي .. وانفصاله عن المشهد
يبقى أن النص يشكل إضافة تراكمية تثبت ملامح أسلوبية بدأتها منذ فترة .. تؤنسنين الأشياء من خلالها وتمنحينها روحا وذاكرة وحياة .. حتى لو كانت توابيت خشب تشهد الفجيعة كلها .. وتمزجين فيها اللامعقول بالخيال الحر .. وان ببعض المنطقية المحكمة بعض الشيء .. ممتع جدا