مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

ابن الحرام ودموع الثوب الاسود ( الجزء الثاني )


الجزء الثاني

أنا شاب لكن عمري ألف عام

وحيد لكن بين ضلوعي زحام

خايف و لكن خوفي مني أنا

أخرس و لكن قلبي مليان كلام

عجبي !!!!


( 10 )

انصاف

وقفت انصاف امام باب مطبخها علي السلم ، تناول اكرم طعامه ، وقف امامها مبتسما ، طالبته بمنتهي الحنان ياكل كل طعامه ، نظرت له وتمنت لو تاخذه في حضنها ، صار شابا يقترب من الثانيه عشر ، وجدته امام بابها وقت كان رضيعا لم يتجاوز ايام ، كثيرا ما تسال نفسها كيف عاش وصمد في تلك الظروف الصعبه التي وجد فيها ، رضيع علي سلم الخدم الذي تمرح عليه القطط ، كيف رضع كيف زحف كيف اخرج اسنانه كيف مشي كيف اكل ، كيف كبر من عده ايام لاثني عشره عاما ، فقط ربنا يعرف ، هكذا تقول انصاف لنفسها ، ربنا عايزه يعيش ، تتذكر كيف كانت تمده بالاكل وتجبر زوجه البواب علي اخذه للوحده الصحيه في مواعيد التطعيم ، تذكرت كيف صرخ وقت اجبرت البواب يحميه وهو ابن اربع سنوات ، يومها كان وجهه اسود وشعره يسيل منه الزيت ، امرت انصاف البواب يحممه ، فاخذه في الجراج وفتح عليه خرطوم المياه الذي يغسل بيه السيارات ، يومها صرخ اكرم وبكي ، لكنه عاد اليها نظيفا لامع الوجه فمنحته شوكولاته فارتبط الحموم عنده بالشوكولاته ، كلما استحمي ، قادته ساقاه بلا تفكير او وعي لعتبتها فتفتح له وتناوله الشوكولاته !!!


اكل اكرم بسرعه ثم ابتسم لها والقي لها قبله في الهواء ونزل مسرعا للشارع ..


دخلت مطبخها وجلست علي المنضده تفكر فيه ، سالت نفسها مئات المرات عن السبب الذي منعها من اخذه لمنزلها وتربيته باعتباره ابنها ، فكرت كثيرا في تلك الفكره وهو رضيع ينام في الصندوق الكرتوني ، لكنها خافت منه ، خافت تظهر امه وتخطفه من حضنها بعدما تكون صدقت انه ابنها فعلا ، ربما خافت من اخلاقه وصفاته ، فهي تؤمن ان الاخلاق تنقل مع الدم من الاب للابن وهي لاتعرف ابيه ولا اخلاقه ، خافت تربيه فيسومها العذاب لانه سيكون بلا اخلاق مثل ابيه ، خافت يكون ابن حرام ، انجبته امه من خطيئه وتخلصت منه لانه يذكرها بجرمها ، وابن الحرام لا ( تتمر ) فيه العشره ولا التربيه ، خافت منه انصاف فلم تفتح له منزلها ولا حضنها لكنها منحته وهو قابع في الصندوق الكرتوني كل الحب والرعايه التي قويت عليهم ، وبادلها اكرم الحب وانتمي اليها واحسها سنده في الحياه لدرجه انه شك احيانا انها امه التي انجبته ثم القته علي البسطه لكنه لم يصدق انها تفعل هذا لانها طيبه وجميله !!!!!!!!!



( 11 )

باتعه


الوليه باتعه مرات سونه البواب دي ست ولامؤاخذه ، ازاي يعني ايه ، ولامؤاخذه ، انا شفتها بعيني بتبوس الواد تيحه بتاع الجرايد في بير السلم ، كان سونه بره العماره والواد تيحه دخل يوزع الجرايد ، الوليه خطفته من ايده ودخلت بيه بير السلم ، انا كنت نايم ، مش نايم قوي يعني لكن نايم ، سمعت صوت ، ضحك وكده يعني ، بصيت لقيتها شابطه في رقبه الجدع وهاتك ياحكحكه وضحك وبوس ، لما شفتها اتخضيت ، ماهو اصل تيحه مش سونه وسونه هو اللي جوزها ، لكن عملت نفسي نايم ، لكن بايني ماعملتش نفسي نايم قوي ، الوليه خدت بالك ، وجدت زغدتني تشوفني صاحي ولا نايم ، انا عملت نايم ، تيحه قال لها ده عبيط سيبكي منه ، وشدها يقطع فيها تاني ، كانت بتبوسه وبتبص علي ، وانا مالي ، بتبصي علي ليه هو انا جوزك ، ماليش صالح ، بس ياريت يعني تبقي تروحوا حته تانيه ....


الوليه استنت لما الواد مشي ورجعت تزغدني برجلها ، قوم ياوله اصحي ، عملت نايم وماصحيتش ، زغدتني تاني بالجامد في جنبي ، فزيت اصرخ ، جابت سكينه وشاورت علي رقبتها ، حادبحك لو نطقت ، وانا مالي ياستي ، الوليه مشيت لكن عينيها كانت بتقط شرار !!! خايفه اوي كنت بتبوسي الواد تيحه ليه وجوزك في السوق !!!!

فكرت اقول للست انصاف ، وبعدين قلت ماليش صالح ، اخليني في حالي وباتعه في حالها الا شكلها شراني لتصدق وتدبحني بجد !!!


( 12 )

السيدة ذات الثوب الاسود


وقفت انصاف في الشرفه تتفرج علي الشارع ، الوليه ام فستان اسمر ماجاتش النهارده ، كان ميعاد حضورها لكنها لم تأتي ، نادت باتعه من البلكونه وسالتها ، الا الوليه ام فستان اسمر ماجتش ، باتعه كانت مشغوله في كنس الرصيف وابنها الصغير سخن ملهلب ، مش واخده بالي ياست بتتكلمي عن ايه ، ياوليه الوليه ام فستان اسمر اللي بتقف علي اليمه التانيه كل يوم ماجاتش النهارده ، هزت باتعه كتفها بعدم اكتراث ، واحنا مالنا !!!


دخلت انصاف غرفتها قلقه ، لتكون الوليه بعافيه ولا فيها حاجه ، مش عوايدها تتاخر او تغيب ، مشغوله انصاف علي السيده التي لاتعرفها ، خرجت للشرفه ثانيه تتمني تجدها مكانها ، لكنها لم تجدها ، ازداد قلقها ، قررت وقتما تاتي في المره القادمه ستستضيفها عندها وتسالها عن اسمها وحكايتها وتاخد رقم تليفونها ... ولم تنام انصاف في ذلك اليوم ، غياب السيده ارقها ولخبط مواعيدها وبقيت طيله اليوم مزاجها عكر !!!



( 13 )

تحية


بعدما اذن الفجر ، نزلت تحيه من تاكسي امام العماره ، كانت تبكي ، دخلت السلم مسرعه وصوت بكائها عالي ، استيقظ سونه علي الصوت وخرج بملابسه التحتانيه من غرفته مسرعا ليفهم مالذي يحدث في العماره ، وخلفه باتعه غاضبه لانه يجري من فراشها بعدما تصورت انها جهزته ليمنحها بعض الرواء لروحها الجدبه من طول هجره ، وجدا تحيه تبكي امام المصعد ، القت عليها باتعه السلام غاضبه فلم ترد تحيه ، سحبت باتعه سونه من ذراعه وهي تتشاجر معه بصوت هامس ، ايه اللي جراك وقومك ، انت بتتلكك ماصدقت موضوع علشان تقوم تجري ، يرفع سونه صوته عليها ويسبها ، المره الناقصه تتكلم كلام فاضي في الوقت الغلط ، ودخل الحجره ارتدي جلبابه وخرج يجلس امام العماره ...


كنت انام علي بسطه السلم بين التاني والتالت ، ليه والله مااعرف ، اللي حصل ، مش عادتي لكن ده اللي حصل ، سمعت صوت الست تحيه بتعيط ، صوتها عالي وفيه حرقه ، باب شقتها اتفتح ، خرجت علي سلم الخدامين ووقفت تولع في ورق وتعيط ، تقطع في ورق وتعيط ، تشمت بصوت عالي في راجل خسيس ضحك عليها واتسلي بيها ورماها زي الكلبه ، الورق المولع عمل دخنه كتيره في بير السلم ، شكلها كده حتعمل حريقه ، ولا هاممها ، الدخنه زادت ، ابتديت اكحك ، الوليه سمعت صوت كحتي اتسرعت ، نزلت شتيمه ، مين اللي بيتسنط علي ، انت مين ، بصوت عالي اكثر واكثر ، قوم فز وريني وشك ، مين اللي باعتك تتسنط علي ، قمت مفزوع ، احاول افهمها ان مافيش حد غريب ، انا اكرم ، بصت لي وشهقت ، انت ياعفريت العلبه يابوز الاخص ، نايم علي عتبتي ليه ، عامل لي عمل بالكره ، مين اللي اداك العمل ، الدخنه جامده وانا عماله اكحك وهي عماله تصرخ ....


فجأ لقيت سونه واقف قدامنا ، تصرخ فيه ان الواد عفريت العلبه نايم علي البسطه رمي لي عمل علي عتبتي ، عمل بالكره واهو الراجل كرهني وراماني زي الكلب وبيتي اتخرب ، فجأ نطت قفشت في قبه قميصي ، وتصوت وتصوت وسونه يخلصني من ايدها ولا فايده ، العماره كلها صحيت ، الست سكينه فتحت بابها وصرخت فيه ايه ، الست انصاف نادتني انزل ولما اتاخرت طلعت علي راسها غطفه الصلاه ، رقعت بالصوت ، تحيه ماسكني من قبتي وعماله تصوت وسونه بيسلك فيا ولا فايده وانا طبعا عمال اعيط واصوت ومناخيري سابت من الخضه ، الست انصاف خطفتني من ايد تحيه وكيلت لها ، عمل لك ايه الواد شبطانه فيه ليه ، مااهتمتش تسمع تحيه بتقول ايه ، تحيه تصرخ وهي تصرخ اكتر ، سيبي الواد ياللي تنضربي في قلبك ، الست سكينه عماله تزعق من فوق ، جري ايه الواد سرق ايه ، الست انصاف اندارت عليها ، محدش سرق حاجه وكل نفر يخليه في حاله ، اخيرا الست تحيه سابتني ...


وفجأ العماره كلها بقت فوق راسها ، شرحت لهم اني نايم علي عتبها وبارش ميه قدامها كل يوم وباعمل لها اعمال بالفقر والكراهيه وان الراجل سابها وبيتها اتخرب وهاتك يالطم علي وشها !!! كل الناس بصوا لي كان اللي بتقوله صدق وحقيقه والست سكينه زودت الطين بله وقالت ماهو حرامي ، وبيوالس مع الشغالين يسرقوا لصالحه ، وصمتت ثم صرخت ، الاكاده فاجر ، لمحته بيبص علي مريم بنتي من تحت لتحت وده مايرضيش حد ده ، الست انصاف دارت علي الكل خناق تدافع عني وانا عماله اعيط وامسح مناخيري في ذراعي ، الست صوفيا قالت ايه القرف ده ، الست انصاف قالت لها ما تتعوجيش قوي كده علينا ، قرفانه الزمي شقتك ومالكيش دعوه بينا ، جوزها قال غلبان ياصوفي غلبان ، تحيه انفجرت تاني ، ولا غلبان ولا حاجه ، ده عمل لي اعمال علي السلم وخرب بيتي ، اصله ......... ابن حرام!!!

وفجأ صمتوا جميعا !!!!
الكلمه تدوي في اذانهم كلهم ....
الست انصاف اتخضت وسكتت ، صوفيا نظرت لي شذرا ، سكينه بغل وحقد صرخت ماانا قلت كده من زمان ، سونه وافقهم وقال العماره اللي يعيش فيها عيل ابن حرام تبقي نجسه وخيرها قليل ، انا من بكره حاخد عيالي ومراتي ونتكل علي الله!!!
صمتوا مره ثانيه !!!
كلهم فهموا ماقالته تحيه الا انا ............ يعني ايه ابن حرام !!!!!!!!


( 14 )

جميلة

كانت ليله سودا .... الست جميله نزلت من شقتها فجأ وقعدت تزعق فيهم كلهم ، ماكنتش اعرف ان الست جميله تعرف تزعق كده !!!

سحبتني من دراعي وقالت محدش له دعوه بيه ، حاخده يبات عندي
خطبت تحيه علي صدرها وقالت ينحس لك البيت
شهقت سكينه ، يابنتي حرام عليك ، تدخلي عيل زي ده بيتك وسط بناتك ، حرام عليك بناتك
صمتت انصاف لاول مره في حياتها ولم تدافع عني ... لكنها كانت تنظر لجميله بحب لم تقوي علي التصريح به
صوفيا نظرت لجميله بتأفف وهمست ، ده ولد جربان تدخليه بيتك ازاي ..
سونه سخر من جميله ، لو حاجه ضاعت من عندك بعد كده ماترجعيش تعتبي علي حد
السكان كلهم علي عتبه تحيه في الدور التالت ، قلاده زوج صوفيا نزل بالروب بعيدا ينادي زوجته ، يامدام اطلعي شقتك مالكيش دعوه ، الحاج عربي طلع علي البسطه وهو راجع من صلاه الفجر ، نظر لسكينه نظره تعرفها جيدا ، استاأذنت بسرعه وصعدت خلفه تؤكد له انا ما وقعتش يمنيك الارض ياحاج بس كانت ضروره انزل اشوف ايه الصوات ده علي الفجر كده ، لايرد عليها الحاج عربي لكنه يتوعدها بطريقته المعهوده التي تعرفها جيدا ...
نزل شوقي فجأ وخلفه امه وبعدها بطه ، صرخت ام شوقي وقتما وجدتني ، ماانا قلت الواد ده لازم ينطرد من العماره قدمه نحس وبوزه اخص قلتم اطلعي من البلد ، اقترب شوقي مني وامسكني من كتفي ، عمل ايه ابن الحرام ده ، لاافهم مالذي يقوله ، صرخت فيه جميله ، ماعملش حاجه الولد ، صرخت تحيه لا عمل ولا عمل ولا حتسكتوا له لغايه ما يقتلنا!!!!!!!!
ارتفع الصراخ مره ثانيه، جميله تدافع عني ولااحد يسمعها ، بطه كادت تنطق فزغدها شوقي بايده ، اتخرسي ، واندارت عليها ام شوقي ، بتحامي له يااختي ليه ، اه ، اكمنه من عينتك وشكلك وواطي زيك ، صرخت بطه انا وطيه يام شوقي ، ضحكت ام شوقي ولعبت حواجبها وستين واطيه يابت ، ايه مش عاجبك !!!! واشتعلت مشاجره بين شوقي وزوجته وامه!!!
وفجأ ، نزل الحاج عربي من شقته وخلفه الحاجه سكينه !!!
ياجماعه الخير كده مايصحش وعيب ، نقف نتكلم علي بسطه سلم الخدامين ، ايه مالناش بيوت !!!
بكره كلكم عندي بعد المغرب نشوف ايه المشكل علشان نحله !!!!!!
وبسرعه تفرق الجمع وبقيت انا ابكي مرتاعا ، بجواري جميله التي صممت اذهب معها لشقتها لكني خفت !!!
سحبتني من ذراعي وعلي بسطه شقتها اخرجت لي بطانيه وكوب ماء ومسحت دموعي وهمست ، ماتخافش !!!
لكني كنت مرعوب وميت من الخوف .... اغمضت عيني يتردد في اذني كلمه واحده ، ابن حرام ابن حرام ، كدت استيقظ من نومي واطرق باب ست جميله لاسالها ، يعني ايه ابن حرام ، لكني خفت وقررت ان الصباح رباح !!!!


( 15 )

البحر

كانت تبكي بكاءا حارا .... عشره ايام مرت وهي قعيده فراشها لم تقوي علي الذهاب لهناك ...

نظرت لها خالتها العجوز بلوم ، عماله تعيطي وده بيرفع ضغطك اكتر واكتر !!!
الدكتور قال لازم تهدي نفسك وتغييري جو ....... تيجي يانبيله نروح اسكندريه !!!!
فتحت نبيله عيناها بقوة وتذكرت البحر ، البحر ........................... وطغي صوت الموج علي اي صوت اخر في اذنها اربعة عشر عاما لم تري البحر ، اربعه عشر عاما مروا و كأنهم الف عام !!!!!!!!!


( 16 )

نبيلة

انها نظره وابتسامه وحضن في لحظه غامضة افسدوا حياتها الي الابد ....

لعنه الله علي البحر ... ذلك الازرق الصاخب الذي حرك مشاعرها وهي تجلس امامه لااحد يعرف مابها ولا كيف تشعر!!!

انها المراهقه اللعينه ، لكنها لم تكن مراهقه صغيره ، بل كانت مراهقه كبيرة ، تجاوزت العشرين ومازالت مراهقه ، علي اعتاب التخرج من الجامعه لكنها لم تحل جدائلها بعد ومازالت تحلم بالفارس الابيض يحملها لنعيم حبه ، فاتاها الفارس لكنه القي بها لجهنم ، هي غلطه واحده فقط ، غلطه واحده ، منحت فيها مشاعرها وحبها وجسدها وعذريتها لذئب اوهمها انه يحبها ويهيم فيها وانها مناه وامله فكان كل ماكان ...


كانت تجلس علي البحر ، وهو يذهب ويجيء ويذهب ويجيء .... شاب مفتول العضلات وسيم مبتسم انيق ، لماذا القي حولها هي شباكه ، لاتعرف ، الشاطيء مليء بالكثيرات ، من هن اجمل ومن هن اكثر ثراء ، لكنه انتقاها هي ليفسد حياتها للابد ...

القي اليها ابتسامه ثم زهره ثم رقم تليفونه ، قضت ليالي المصيف تتساهر معه طيله الليل في التليفون وعندما تشرق الشمس تجري للبحر تراقبه بعينيها وهي جالسا محدقا فيها لايتحرك من مكانه كانه تمثال ، احبك و..... مااعذب تلك الكلمه من فمه ، احبك انت ولماذا انا ، لانك انت !!! تحدق في المرأه لاتجد في نفسها ما يبرر هيامه ولا اعجابه ، لكنها تصدقه ...


حين كادت الشمس تغرب والشاطيء خالي الا من بعض الهائمين والبحر احمر .... اقترب من مقعدها ، جلس بجوارها في المقعد الخالي ، لمس باصابعه ذراعها ، ارتعشت ، ابتسمت ، اقترب منها ، انفاسه عطرا بديعا كنسيم البحر ، اقترب اكثر ، التصقت شفتاه الدافئتان فوق شفتيها ، مادت بها الدنيا وخدرت ، وشم الغروب بقبلته ، كلما تهم الشمس بالرحيل تتدفق الدماء الساخنه لشفتيها ... قبله اثنين عشره لاتعرف ، كم طال بهما الوقت وهي ترتعش كعصفور صغير في حضنه ، لاتعرف ، لكنها ثملت في مقعدها و........... تواعدا علي اللقاء فجرا !!!


قضت الليل علي التليفون معه ، لاتسالوني اين امها واخوتها ، لاتسالوها اين ابيها ، هي محل ثقه الجميع ، هي العاقله ، هي المتفوقه ، هي زينه البنات ، هي التي لاتحتاج حصص ونصائح ودروس ، شقيقتها الاصغر رعناء ، شقيقتها الصغري اتعبتهم جميعا ، تافهه ولا تكترث الا بخصلات شعرها فوق الجبين ، هن ثلاث بنات وولدين ، وام طيبه واب يشقي كثيرا من اجلهم ، هي الثانيه في طابور الاولاد واول البنات ، هي التي اراحت امها طيله العمر فلم تحتاج وقت كبرت واوشكت تتخرج من الجامعه ، لم تحتاج قيود .... وياليتهم كبلوها بالقيود وحموها من شر نفسها !!! ليتهم كبلوها بالقيود وانقذوها من عبث الرجل الذي اطاح بعقلها وشيد قصور غرامه الوهميه واعتقلها فيها حتي افسدت حياتها للابد !!!!



( 17 )

فؤاد

ماهذا الحديث الغريب وتلك الاحداث الغريبة ، هذا فيلم عربي فاشل ، لم يعد في هذه الايام فتيات تخطيء مع الشباب وتفرط في عذريتها وتمنحه جسدها وقوعا في شرك الحب ، من قال هذا ، من قال ان كل الفتيات صرن اكثر خبره ودرايه ، وانهن لن يتأثرن بمعسول الكلام وجميله ، من قال هذا ، مازالت الفتيات يحلمن بالحب وحين يحلمن بالحب ويشاركهن الحلم ذئب كاذب ، تمنحه الفتيات عن طيب خاطر كل مايملكوه من مشاعر ، تمنحه الفتيات الحب والاحاسيس والجسد والرغبه والشهوه وجنون التجربة و............ حين يفقن بعد فوات الاوان يتعلمن الدرس القاسي الذي لاينسوه ابدا بعد ما يكون قد افسد حياتهم فعلا !!!


للاسف ............ سلمت نبيلة جسدها للذئب الكاذب ، واعدته تقابله علي البحر فجرا ، تتصور مشهدا رومانسيا ، تتمني قبله دافئه كمثل اشعه الشمس تتسلل تحت عروقها تسعدها ، لكن الذئب اكتفي من القبلات وازداد شبقه وقرر يتمادي ، ولما لا يتمادي ، اذا كانت نبيله ساذجه وعبيطه وقبلت يلامسها علي الشاطيء ويقبلها في الغروب وسهرت معه طيله الليل علي التليفون تتمايع وتصغي باستمتاع لغزله!!!


فؤاد ، هذا اسمه ، الشاب مفتول العضلات الوسيم الانيق الذي اوقع نبيله في شركه !!! هل ولد ذئبا ، قرر يعيث فسادا في حياه الفتيات ، بالطبع لا ، فؤاد تعلم الدرس من عابثة ، ربما تعلمت الدرس من ذئب اخر ، فؤاد .. احبها وصانها ولم يقترب منها وصدق حيائها وامن بها وتشاجر مع اهله ليتزوجها ، وفي الليله الاولي احس خبرتها لكن العذريه التي سالت دمائها كذبت احساسه و في المره الثانيه والثالثة وما بعدها تأكد انها منحت جسدها لاخر قبله ، جن جنونه وضربها مره والثانيه وكاد يقتلها في المره الثالثه حتي اعترفت له انها احبت اخر ومنحته جسدها لكن فر منها بمنتهي النذالة وهرب وحين اكتشفت مصيبتها وخسته ، رتقت غشاء بكارتها بعمليه بسيطه ورخيصه وادخلت عليه الغش وتزوجته ، قال لها انه سيطلقها وان حياتها باظت ، سخرت من سذاجته ، لم اكن محتاجه اكثر من ورقه الطلاق حتي اعيش وسط الناس ، لم اكن عذراء لكنه كنت خاطئه والان صرت عذراء ومطلقه بورقه رسميه استطيع افقء بها عين التخين في هذا المجتمع !!!! دفع فؤاد من كرامته ثمنا باهظا لعبث تلك الفتاه ، اهانته حتي الثماله فقرر ينتقم من كل الفتيات فيها ، افقدته الثقه في كل الفتيات ، لاتدعين الشرف ولا تظهرن الحياء ولا تكذبن علي ، خلاص اتعلمت الدرس وماعدش بيخيل علي !!!!


حين قابلت نبيله فؤاد ، كان بريئه بحق واحبته فعلا ، لكنه كان يكذب عليها ويتلاعب بها ، يخدعها ولا يكترث !!!

وهل اكترثت بحالته الزوجه التي خدعته حتي يكترث هو بحال نبيله وقت يخدعها !!!!

الحياه ليست الا معركه بين صياد وفريسه ، عليك تحدد موقعك وتحدد موقع الاخر ، اما تكون صياد واما تكون فريسه ، وفؤاد كان فريسه للفتاه العابثه التي خدعته وبعدها قرر يتحول صيادا خسيسا يستمتع وفريساته ينزلقن لافخاخه ... واكم من فتيات شاركوه اللعبه ، وحين يتلقي الجسدان يكتشف كل منهما كذبه ، هي تعبث وانا ايضا ، هي تستمتع وانا ايضا ......... ولا وقت للكذب ، وبقدر ماتسمح الظروف يتشاركها الشهوه وحين ينتهي الوقت تنتهي العلاقه ويشطب الاسم من اجنده التليفونات !!!

وكل - او معظم - الفتيات اللاتي شاركنه اللعبه ، اكدن يقينه بان الفتيات للعب العابث وفقط !!!

الا نبيلة ................ نبيله احبته بجد ولم تكن تلعب ، لكنها صدقت كذبه وسلمته روحها حبا ، وحين اكتشف بعد فوات الاوان خسه لعبته معها كانت قد اختفت وبحث عنها فتره ثم قرر ينساها نسيانا لخسته ، فهو لايتحمل يعيش وخسته!!! لايتحمل يرق قلبه فيقع في شراك الاخريات ، لا .......... نبيله اختفت ومعها احساسه بالذنب والخسه وانتهي الامر!!!

هل يغير الامر شيئا لو كتبت ان فؤاد بعدما مرت كل تلك السنوات مازال يشعر بالذنب تجاه نبيله ، وانه كان يتمني لو عثر عليها واعتذر لها وتزوجها !!! لايغير الامر شيئا اي كلام يخص فؤاد ، ففؤاد اختفي من حياه نبيله مثلما اختفت هي من حياته لكنه ترك في رحمها نطفه تحولت لجنين افسد حياتها للابد !!!!

علي البحر وقت الفجر سلمته مشاعرها وشفتاها ، وحين ماجت الرغبه في نفسيهما اخذها خدره ، ليست خدره بالضبط ، للكابينه التي يعيش فيها ، وعلي فراش قذر من اثار النساء الاخريات ، عبث بجسدها وفض بكارتها والقي بنطفته في رحمها ، وحين افاقت وصرخت وغضبت طمئنها انه يحبها وسيتزوجها و............ قبلما تصل تستيقظ من النوم بعد الغدا كان قد اختفي وترك الكابينه و........... ادركت نبيله بسرعة انها خدعت ، لكنها التمست لها مائه عذر ، انتظرته يعود ، بقيت تحدق في الشاطيء المزدحم عله يظهر ويحكي له قصه منطقية تبرر غيابه ، وحين تهم الشمس بالرحيل تتدفق الدماء الساخنه لشفتيها فتلعقهما بلسانها تستعذب مذاق شفتيه و.......... انقضي الصيف ومرت شهوره وفؤاد اختفي ومعه دورتها الشهريه !!!!


نهاية الجزء الثاني ..

يتبع بالجزء الثالث ..

هناك تعليق واحد:

منال أبوزيد يقول...

أميرة

مش عارفة ليه حسيت وانا اقرأ هذا الجزء اني دخلت متحف الشمع
في كل غرفة شخصية.... وكل شخصية لها مفرداتها...
اقترب من كل شخصية فتهمس لي بحروفك
تشدني الى شريط حكاياتها ومشاعرها
ثم
انتقل الى غرفة اخرى
و... شخصية ثانية ... وثالثة

كل شخصية لها مفرداتها الخاصة
لها رائحتها المميزة
لها طعمها سواء بالمرار او باللامبالاة
ايا كان طعمها
فهي مـختلفة
لكنهم جـميعا..... اخذوني من كل ما حولي... لافهمهم

ولازلت اتابع