مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الاثنين، 3 مايو 2010

سيده تتأرجح علي كرسي هزاز تنتظر فارس لم يات !!!!





اللي مكتوب فوق جبيني

شيء ضروري تشوفه عيني
فوق جبيني اني بحبك
...............................
..................................
اعذريني مستحيل حانسي الليالي
مستحيل حد ينسي عمر غالي
...............................
...........................


مازالت تتأرجح وتتأرجح !! تحكي وتقول ...
هل مازلت لاتتذكرني .. ساحكي لك ثانيه ، ربما نسيت ما قلته من قبل !!!!
كنت طفله صغيره بجديله سوداء وشريطه حمراء وشعيرات متناثره فوق جبهتي !!! كنت صغيره الهو تحت منزلنا في الشارع الخالي الا من عصافير الاشجار !!! اقفز اتمني احلق لاسكن عشا مثل الصغير المتواري بين الفروع الخضراء !!! كنت صغيره لاافهم شيئا في فنون الحب ولا عذاب الغرام ، لاافهم الا في اجنحه العصافير الخضراء وهديل الحمام الذي يسكن سقف منزل جدتي !!! كنت صغيره بعيون لامعه ذكية وحواجب سميكه تتناثر الشعيرات الصغيره فوق خطيها تفسد انسيابيتها !!! طفله صغيره اعيش طفولتي بكل براءتها ولااحلم وقت انام سعيده الا بالعروسه الورديه التي ستشتريها لي امي وبالفستان الذي ستخيطه لها خياطتنا العجوزه من قصاقيص فستان امي الجميل !!!
لماذا اسرد كل تلك الاوصاف ،ببساطه ووضوح لاذكرك بنفسي !!!
احاول اذكرك بنفسي !!!
كنت انت في الجامعه !!! بعيون طفله في الخامسه كنت شاب طويل رجل كبير ممشوق القوام مرح ترسم خطواتك في شارعنا الطويل علي اسفلته الناعم عناقيد فرحه وبهجه وضحكات ملونه !! كنت تراني تحت البيت الهو فتخرج لي من جيب بنطالك ملبسه حمراء تداعب كفاي بها وتحيرني طويلا ثم تتركها في كفي وتتركني نذوب معا !!!

كنت انت في الجامعه وكنت انا صغيره في الخامسه لااصل لركبتك ، لكني لم اكف يوما عن قياس طولي لطولك ، لم اكف عن رفع رقبتي علها تصلك لكتفك ، لم اكف عن السير فوق اطراف اصابعي اتمني تلتقي ظلالنا علي نفس الرصيف فاقاربك طولا ووجودا فتحس بي !!!! كنت اتمني تراني ، لكنك كنت تنظر امامك ولا تنظر بين اقدامك فلم تراني ابدا ، فقط انا الصغيره التي تعطيها الملبسه الحمراء بطعم الفراوله وتبتسم وترحل !!!

تراني طفله صغيره شبحا لاتتبين ملامحه ، كاني عصفوره اقف فوق كتفك ، كاني قطه صغيره تلهو فوق كف يدك ، كاني فرع عشب صغير ينمو بقوه بين ملايين الاعشاب التي تدهسها بقدمك كل يوم ، كنت بالنسبه لك لاشيء تنتبه لوجوده ، كنت تراني ولاتراني ، كمثل حجره صغيره تقطع طريق خطواتك فوق الارض ، كنت تقذف بالحجر بعيدا وتكمل سيرك !!!

لكني كنت اراك جيدا ، انتبه لوجودك ، احسك قادما واحسك راحلا واحسك موجود ، نعم كنت صغيره للغايه لايمكنك تراني وقت ترنو ببصرك للامام ، لكنك كنت كمثل الجدار الضخم لايمكنني تجاهل وجودك ابدا ، انت امام عيني دائما لكنك لاتراني ابدا !!! كنت اراك جيدا ، كنت صغيره لااعرف مالذي يحدث لي !!! لماذا اكاد ابكي وقت اسمع خطواتك الرنانه فوق اسفلت الشارع العتيق الذي يعيش فيه اهلي واهلك ، لماذا انفعل واقفز في الهواء كاني يمامه بيضاء تتمني التحليق لاعلي السحب الورديه التي تظلل شرفتنا ، لماذا ابتسم ابتسامه سعيده واسعه كاني عثرت علي فستاني الابيض الذي ضيعته امي ولم تجده ابدا ، لااعرف مالذي يحدث لي وقت اراك اسمع صوتك المح خيالك يحتل الرصيف ويظلل راسي وانا العب مع صديقاتي الصغيرات !!! وقت اراك افرح كاني طلعت الاولي علي فصلي ، كاني فزت في مسابقه الرسم التي فشلت مرارا افوز بها ، كاني عثرت علي فرده حلقي الذهب التي استيقظت يوما لم اجدها في اذني ، كنت اتوتر كان مدرسه الفرنساوي ستاتي وتسالني عن الدوفوار الذي حفظته عن ظهر قلبي ، كان عمتي التي تسكن في البلده البعيده ستاتي لزيارتنا وتسالني اعد لها من واحد لمائه ، كان الشيخ الذي يزور جدي سيسالني هل حفظت الفاتحه ، كنت اتوتر ، لكني اشعر سعاده ، كمثل اليوم الاول الذي شاهدت فيه البحر فداهمني الدوار ، كمثل اللحظه التي تكافئني فيها امي وتشتري لي قطعه ايس كريم مانجو لاني كنت ابنه مؤدبه ولم اضايقها وقت تركتني في المنزل وخرجت ، كمثل احساسي وقت استيقظ يوم الاجازه روحي حره طليقه لاافكر في طابور المدرسه ولا كراسه الواجب ، كنت صغيره لااتذكر كل سنوات عمري الذي مر عليه سنوات كثيره ، كل مااذكره ، انك انت الرجل الكبير الذي يعود من الجامعه ظهرا يرسم فوق اسفلت شارعنا عناقيد فرحه ، انت هذا الرجل الذي كنت احبه !!!!

بالطبع انت لاتتذكرني !!!انا طفله صغيره الهو علي بسطه السلم في الشارع الخالي مع فتيات كثيرات من بنات الجيران ، لكني كنت اجملهم ، وكنت وقت اراك ازداد جمالا ، هل تتذكرني ، كل ارتدي في العاده فساتين قصيره بكرانيش ، كانت امي تفصلها لي وتزيها بالشرائط الستان ، كنت بعيون لامعه تزداد سطوعا وقت تراك ، كنت اجري خلفك علي السلم ، اناديك واختبيء فلاتراني فتصعد درجتين فاناديك مره اخري واختبيء واضحك بصوت مسرسع ، كنت صغيره اخجل من احاسيسي التي لم اكن افهمها ، كل مااتذكره اني كنت اخجل منها ، كانت بقيه البنات ينادوك ياابيه الا انت ، صممت اناديك باسمك ، تحملت لسعات امي علي ذراعي العاري وقت سمعتني اناديك باسمك ، يومها نهرتني وقاوحتها ، لم اوافقها ، لن امنحك لقبا يباعدني عنك العمر كله ، بالطبع كنت صغيره لاافهم مااشرحه لك الان ، لكني الان افهم ماكنت عاجزه وانا صغيره عن فهمه ، ساناديك باسمك ، اليوم باسمك وغدا بعدما اكبر ويصل طولي لكتفك ساناديك باسماء اخري لم تعرفها طفولتي لكني الان اعرفها !!!!

بالطبع انت لاتتذكرني ، انا الصغيره التي منحتك اجمل ابتسامه يوم نجحت في سنه اولي جامعه ، كنت اقف بجوار امي تفاصل بائع جائل احتل باب منزلنا ورفض يغارده قبل اتمام الصفقه التافهه ، يومها صعدت انت السلم فرحا ، حييت امي فقبلتك ، كنت اتابع الحديث الدائر بينكما ، اقول لك سر ، تمنيت وقتها لو اني اقبلك مثلها ، لكني صغيره لايصح لي تقبيل الغرباء رغم انك كنت بالنسبه لي اقرب قريب ، قبلتك امي وهنأتك بنجاحك في سنتك الجامعيه الاولي ، يومها بصوت مرتعش رفيع لم تسمعه همست لك مبروك وكدت اسالك عن هديه النجاح التي وعدتك مامتك تشتريها لك ، ابتسمت لي تسالني ماذا اقول لم ارد عليك لكني منحتك ابتسامه جميله فحملتني بين ذراعيك وقبلت وجنتي ، يومها حلقت فوق السحاب ، لهوت مع العصافير الخضراء ، تحولت ورده حمرا فوق الشجره الوارفه امام شرفتنا ، تحولت لقطرات عسل مذاب مثل تلك التي تسيل في فمي وقت استحلب ملبستك الحمراء ، يومها بعدت عن الارض مثل بالونه ملونه افلت خيطها من يد صاحبها ، يومها تمنيت ابقي بين ذراعيك في الهواء ، استعيد ملمس قبلتك البريئه فوق خدي ، استعيد رائحتك في انفي ، احس خشونه اصابعك فوق وسطي ، يومها منحتك اجمل ابتسامه اهنئك بنجاحك وحين حملتني بين ذراعيك اتسعت ابتسامتي كوسع الدنيا كلها ، مازلت لاتتذكرني !!!!

اعذرك والله ، كنت صغيره جدا ، وانت شاب ناضج رجل يافع ، لا تري الصغيرات وتفكر في الفراشات المحلقات يحطن بك في الجامعه وفي الشارع ، تفكر في الجارات الجميلات اللاتي يفتحن شبابيكهن صباحا ليختلسن نظره لوجهك الجميل ، كنت تفكر في الزهرات اليانعات في حديقه الحياه ومن انا وقتها لتراني او تتذكرني ، طفله صغيره تعطيها ملبسه حمراء وظهرك بمنتهي البرود والقسوه !!!

انا جارتك الصغيره التي رقصت في فرحك !!!! يومها اعدت لي امي ثوب انيق طويل ، كنت اشبه سندريلا والاميره النائمه وكل حسناوات المكتبه الخضراء ، سلسله القصص التي كنت اتهجي احرفها بصعوبه ، اعدت لي امي ثوب انيق وفكت جديلتي واطلقت لشعري الناعم العنان فوق ظهري ، ولونت شفاتي بقلم روج فاتح من اقلامها ، كنت في التاسعه يوم تزوجت ، كنت فرحه لفرحك لكني احس شيئا يوجعني لااعرفه ، شيء يقبض علي جوفي لاافهم سببه ، لم اقل لامي اني تعبه والا حرمتني من حضور فرحك ، وكنت احب الافراح ففيها نرقص ونغني ونصقف ونجلس تحت اقدام العروسه ونتحرك بحريه لانشغال اهلنا الكبار بالفرح واصحابه ، يومها ذهبت فرحك مع امي ، تعثرت وكدت اسقط وقت جذبتني امي من ذراعي لاقف بجوارك في الصورة ، لو فتحت صور فرحك ستجدني مرتبكه ، وكنت مازالت قصيره بعيده عن كتفك لكني تجاوزت ركبتك طولا ، يومها رفعت حاجبيك دهشه وعلقت علي جمال شكلي ، الحقيقه انك كنت تقول نفس الكلام لكل الصغيرات في الفرح ، لكني انا الوحيده التي صدقتك !!!

مرت سنوات باعدت بيننا ، كنت تعود احيانا لزياره منزل اسرتك ، كنت توقفت عن اللعب في الشارع ، كنت ادخل مراهقتي بخطوات مرتعشه ، كبرت وسهرت يوم الخميس امام شاشه التلفزيون اتابع افلام عماد حمدي وابكي لرحيل قرص الشمس في الاطلال وابكي لان مني لم تفلح في العثور علي احمد قبل سفره للبعثه في فيلم اغلي من حياتي واتمني لو اعترفت سعاد حسني لرشدي اباظه بحبها في فيلم صغيره علي الحب ، كنت اشتري الاوتجرافات الملونه واجمع توقيعات صديقاتي نكتب لبعضنا البعض كلمات فارغه لانفهم معانيها ، الذكري ناقوس يدق في عالم النسيان ، اكتب لك علي الورق اللموني لاني بحبك ياعيوني ، وننتظر حفله الربيع التي سيغني فيها عبد الحليم حافظ اغنيته الجديده ، كنت اسير في النادي اتباهي بثوبي مثل كل الفتيات ، لكن شابا لم يخطف اهتمامي ، فكلهم بجوارك اطفالا صغار لايستحقوا مني مجرد نظره فضول ، كنت ابدو كمثل كل الفتيات ، لكني وحين سرت هرمونات المراهقه في دمائي انتبهت لحقيقه مشاعري تجاهك، انتبهت لمشاعري وصمت ، وكيف لااصمت وانت رجل كبير وانا فتاه مراهقه تعتبرني مثل ابنك الصغيرين وتسالني كلما شاهدتني علي السلم مصادفه ، وازي بابا سلمي عليه !!! وكنت لاانقل رسالتك لابي ، فهو لن يكترث بمضمونها ، لكني انا التي كنت اهتم بها ، اعتبرها كلمات غزل متواريه لاتقصدها لكني افهمها ، مع مراهقتي فهمت حقيقه مشاعري تجاهك ، لكني كنت مازلت صغيره وانت رجل كبير واب لطفلين وزوج لامرأه تهوي التعلق بذراعك كلما دخلت العماره كانها توقع علي ساعديك انك ملكها ، كنت اتغاظ منها لكني لااصدقها ، لست ملكها ، بل انت ملكي انا ، هذا سري الاعظم ، انت ملكي انا وحين ياتي الوقت المناسب ساكشف لك مشاعري واسرقك من كل عوالمك التي تعيشها وحيدا بدوني ، كنت اتغاظ من زوجتك لكني كنت ذكيه لدرجه تسمح لي بمضايقتها كلما شاهدتها فاصرخ بصوت عالي احييها ، ازيك ياطنط ، كانت تتضايق ولا تظهر ، كنت انت تضحك دائما واحيانا تخبط علي كتفي كانك تحييني وسعيد اني اضايقها !!!

كل هذا ومازلت لاتتذكرني !!!!
انا الشابه الجميله التي كانت تقطن في منزل اسرتك ، لم اعد الطفله الصغيره ذات الجديله الطويله ، انا الشابه الجميله التي خرجت من شقتها جري علي السلم خلفك وقت كنت تودع اهلك لانك ستسافر للبلاد البعيده للحصول علي شهاده الدكتوراه ، يومها عرفت من امي انك ستغادر الوطن وانك ستغيب سنوات وانك دققت جرس منزلنا لتودعها هي وابي ، لم تفكر تودعني ، كنت شابه جميله لكنك لا تراني الا طفله صغيره حملتها علي ذراعيك ، لم تفكر تودعني ، ودعت امي التي انهالت عليك بدعواتها الطيبه وامنياتها لك بالنجاح ونزلت علي السلم ، يومها لم اكترث بامي ، فتحت الباب مثل المجنونه ونزلت السلم جري ، صرخت باسمك ، وقفت مندهشا ، القيت نفسي في حضنك لا بل احطتك بذراعي ، وودعتك وعدت جري لشقتنا !!! لمحت وانا اجري نظرات الدهشه في عيني زوجتك لكني لم اكترث ، كنت اعرف ان عقابا رهيبا ينتظرني وقت اعود لامي ، لم اكترث لكن امي لم تخيب ظني وضربتي ضربا مربحا لانك فلتانه وقليله الادب وصرخت في بير السلم واحتضنت رجلا غريب ، لم اتوقف الا امام كلمه رجل غريب ، لست غريب ، انت انت ، الرجل الذي املكه منذ كنت في الخامسه ، لم اشعر بوقع ضرباتها علي جسدي ، فقط كنت حزينه لانك سافرت وستغيب وتبقي بعيد !!!
مرت سنوات كثيره كثيره ، لم اراك فيها ، لم اسمع عنك ، لم تعد سيرتك تاتي في منزلنا ، امك ماتت بعد سفرك وهي التي كانت تتحدث مع امي عنك وعن اخبارك وتبكي لفراقك ، امك ماتت وانت لم تحضر مأتمها !!! وانا دخلت الجامعه وتخرجت منها ، وصرت عروس شابه يتهافت العرسان علي خطبتها ، هل كنت احبك لدرجه الا اتزوج ، كنت ساصبح حمقاء ، اضيع حياتي في الوهم ، فانت لاتتذكرني وسعيد في زواجك وبعيد تذاكر وتعمل للحصول علي الدرجه العلميه الراقيه ، هل ساعطل حياتي لان مشاعر طفولتني مازالت تحتلني ولانك انت الوحيد الذي اراه فارس احلامي ، انت الذي تختلس مني القبلات الصغيره في الاحلام ، انت الذي تحملني علي ساعديك وتفر بي من الاخطار المحيطه في الكوابيس ، انت الذي يعتلي فرسه الابيض وانا في حضنه والذي يراقصني علي النغمات الرومانسيه ويسمعني اجمل الكلمات ، هل اعطل حياتي لانك فارس احلامي الذي رحل وغاب وتركني واحلامي يتامي بلا فارس ،بالطبع لا ، ساتزوج وانجب صغارا واعيش حياتي ، حتي تعود ، لااقصد تعود من السفر ، بل اقصد حتي تعود لي ، وقتها كل شيء سيتغير ، وقتها الكوره الارضيه ستدور حول نفسها في الاتجاه المعاكس وستشرق الشمس من الغرب وتغيب في الشرق ، وقتها سيتوقف الزمن ، ستعود لي ملكي وحدي ، وقتها ساعيش معك مشاعري التي ادخرتها طيله الزمن انتظارا لعودتك لطفلتك الصغيره التي ولدت وكبرت وشبت ونضجت من اجلك ومن اجلك فقط !!!

نعم تزوجت ، وانجبت ثلاث صغار ، احبهم جدا واحب ابيهم ، لكنك انت تحتل اعمق اعماق قلبي تحتل نفسي تسكن روحي ، انت تحولت لحلم تمنيت اعيشه ، تحولت لامنيه مستحيله لم اياس ابدا من تحقيقها ، تحولت لرغبه عشت وهجهها ولم اتصورني ساعيشها فعلا ، تزوجت وانجبت ثلاث صغار ، واحبني زوجي لاني كنت مطيعه لااشاكسه ولااغار عليه امنحه حريتي التي يفتقدها كل الرجال في زيجاتهم ، كنت احبه لانه زوجي وابو صغاري لكنه لم يفلح يقلع جذورك من روحي ويجتث وجودك ويخرجك من احلامي ، لم يفلح ابدا في احتلال مكانتك في كوابيس كمنقذ همام من الضياع والخوف ، هو بقي زوجي وابو صغاري وبقيت انت ملكي لااظهر لك صكوك ملكيتي التي اخبئها تحت جفوني انتظر يوما تعود لي فتتغير الحياه كلها !!!!

لااعرف كم عدد السنوات التي غبت فيها عني ، ربما عشرين ، ربما ثلاثين ، لااعرف بالضبط ، لكني الان علي مشارف الاربعينيات وانت غالبا تقترب من سن المعاش ، كل تلك السنوات انت بعيد ، في البلاد البعيده لم تعد ، لااعرف عدد السنوات ولااكترث بها ، فكل الوقت الذي قضيته بعيد عني لا احتسبه من عمري وكل السنوات التي قضيتها بعيده عنك لاتحتسب من عمرك ، عمرنا سيبدأ فعلا وقت تعود تسلمني قلبك وروحك وتستلم لحبي ولملكيتي ، حتي ذلك الوقت ، تلف الكوره الارضيه حول نفسها تسجل في دفاتر الزمن اعمارا وهميه لا معني لها بالطبع لااملك اوقف حركتها وانتظرك ، لكني املك الا احتسب عمري بطريقتها ، ساحتسب عمري وقت يبدأ اليوم الاول من تقويمي وقت تعود لي !!!

سنوات طويله مرت وانت بعيد ، غائب لاتعود ....
اتابع اخبارك وانتظرك ، لكنك لاتعرفني ولا تنتظرني ولا تتذكرني اساسا!!!
سنوات طويله ، تزوج اولادك وتخرج اولادي من الجامعه وحدثت في حياتي وحياتك احداث كثيره مثل كل البشر !!! لكن كل السنوات مرت بلا مذاق خاص ، هي ايام عاديه لا يحكي عنها ، ايام عاديه نعيشها وفقط !!!
وفجأ .... فجأ وبلا اي مقدمات مفهومه او مبررة ، كمثل الاعصار العاتي الذي يفاجئك بعاصفته ، كمثل الفيضان الذي يفيض من البحر يلتهتم اليابسه ويغير الجغرافيا والتاريخ ، كمثل البركان الذي كان نائما ثم انفجر بدنه
فجأ علمت انك صرت حرا !!! علمت ان زوجتك التي شاركتها كل ايامك قررت فجأ تعود للوطن ، اوضحك لك انها تكره الغربه وصحبتك ، اولادها كبروا ولايحتاجوها وهي لاتحتاجك ولا تتحمل الغربه ، قررت انها ستعود للوطن بدونك !!! فجأ منحتك تلك المرأه صك حريتك منها فاخرجت صكوك ملكيتي لك من مخبئها نظفتها من الاتربه العالقه في ثنايا ذراتها واستعددت لعودتك لحضني وحياتي ، استعددت لاستردادك فارسي انت واحلامي وايام عمري !!!
كان يوما عاديا مثل كل ايام الحياه ذلك اليوم الغريب الذي عرفت فيه انك حرا عائدا لارضي وحياتي ، ربما عرفت ذلك الخبر في المطبخ وانا اعد طعام العشاء لاسرتي فطار الطبق الصيني من يدي طار في الهواء ثم انزلق علي الارض متناثرا الف شظيه ، ربما عرفته نهارا وانا اجلس في شرفتي اقرأ الصحف واشرب فنجان القهوه الذي طالما انتظرتك تشاركني فيه ، زوجتك غادرتك اخيرا ، اخيرا افسحت لي مكان في حياتك ، اخيرا صرت حرا ، اخيرا ستعود لي ، اخيرا ساخذ فرصتي اقص عليك حكايتي اوضح لك مشاعري افسر لك احلامي ، اخيرا ستعود لي ، لطفلتك الصغيره التي وعيت الحياه وانت بطلها الجميل وبطل ايامها ولياليها وكل احاسيسها !!!!
في تلك اللحظه ، دارت كرتي الارضيه بايقاعها هي ، وبدأ زمني او اوشك علي الابتداء ، استعد تقويمي السري ليعلن عن نفسه وذاته ويبدأ في احتساب ايام عمري وسنواته !!!
مازلت اتابعك اتابع اخبارك ... والايام تتعاقب متشابهه وحياتي لم تبدأ بعد !!! عرفت انك عدت للوطن مهموما ، زوجتك خلعتك ، رفعت قضيه وكسبتها ، اولادك رفضوا العوده معك ، انتموا بحكم السنوات المتعاقبه لبلاد المهجر ورفضوا الوطن الذي لا يعرفوه الا من الاغاني الوطنيه ومباريات كوره القدم !!! عدت للوطن مهموما وحيدا تحمل درجه علميه راقيه وخبره متميزه وشعر ابيض ووحدة !!! عدت للوطن مهزوم ، فكل السنوات التي عشتها فشلت تمنحك السعاده التي كنت تستحقها !!!

عدت مهزوما لااحد يتذكرك سواي ، امك ماتت من سنوات بعيده ، اسرتك فرقها شتات السنين ، اولادك بقوا في المهجر وتركوك تعود وحيدا ، زوجتك التي كانت زوجتك اختفت من مسرح حياتك وحاولت تستعيد حياتها التي فرت منها ، فقط انا التي اتذكرك ، انا التي انتظرك ، انا التي انتظرت عودتك واحتفت بها !!! فقط انا التي انتظرتك .... هل مازلت لاتتذكرني!!!!
ساعدني ونشط ذاكرتك ، حاول تتذكرني ، حاول تتذكر الطفله التي لم تعد والسيده التي اصبحت ، حاول تتذكرني ، فانا من قدمت اعظم تضحيات في الحياه من اجلك ، نعم من اجلك انت ، انا التي كنت انتظرك وحين عدت ، لم الومك علي طول الغياب لكني قدمت لك براهين محبتي وعشقي وغرامي ، قدمتها لاانتظر منك امتنانا ولا شكرا ، فانا ياسيدي يافارسي التي اشكرك لانك منحتني ولو في اللحظه الاخيره املا اعيش لك وفيك ومعك !!!!
وقت عرفتك بعودتك ، تحممت وتجملت واستعديت لرحله عودتي لروحي ، حان وقت الحياة ، هكذا كانت عودتك بالنسبه لي ، اسمع في اذني دقات المسرح الثلاث ايذانا بفتح الستاره عن اهم فصل في حياتي وحياتك ، لقائنا الحتمي ، حان وقت الحياه ، ساخلع ااكفان التي تسربلت بها طيله العمر ، سافك الاسر واكسر القيد واتحرر ، ساترك الرجل الذي عشت معه كل سنوات العمر ، هو لا يحتاجني مثلك وانا لااحبه مثلك ، ساتركه بمنتهي الهدوء بلا منغصات بلا ضجيج بلا صخب بلا مشاجرات ، ساتركه بلا اعترافات ، لن اقول له لماذا اتركه لكني ساصمم وسافلح وساتركه !!!

لاتندهش ، لست قاسيه ، انا استعيد روحي ، اتملك نفسي ، افرج عن وجداني ، افك اسري ، استعد للحياه التي لم اعشها ولم احلم الا بها ، صارحت زوجي برغبتي في الرحيل ، لم يمانع ، فقط صارحني انه يعلم منذ اللحظه الاولي اني لست معه ولن اكون ، اوضح لي اني لم اكن ملكه ابدا وانه كانت ينتظر لحظه رحيلي التي اتت اخيرا !!!

كان يحبني ويتالم لرحيلي لكنه تسامي عن مشاعره واطلق سراحي !!! لاتحكم عليه ولاتصفه باوصاف قاسيه ، هو رجل احترم رغبتي في الرحيل ، لم ياسرني انتقاما ، لم يستبقيني ثأرا ، احترم رغبتي في الرحيل وتركني ، تالم نعم ، اشفقت عليه من المه ، كم هو نبيل ، لم يتعامل معي بانانيه التملك ، اطلق سراحي باحسان فشكرته وبكيت فمسح دموعي بحنان فدخلت في حضنه بمنتهي الحب ، هل احبه لهذه الدرجه ، سالت نفسي وانا ادفن راسي في حضنه حزينه لفراقه ، ساحرم من حضنه ، ساحرم من حنانه الذي طالما فاض علي به ، انهمرت دموعي اكثر ، احتواني اكثر ، تمنيت لو ابقي في حضنه ، احسست يتمني بقائي ،لكنك كنت تناديني انت والتقويم الجديد الذي سيبدأ !!! انسخلت من حضنه حزينه ، تركني اخرج من الباب ومسح دموعه ، وصرت حره !!!! يااااااااااه ، بعد كل تلك السنوات ، بعد كل هذا الانتظار ، بعد كل هذا الامل والالم ، بعد كل تلك السنوات ، صرت انا حره وكبيره بلا جدائل وصرت انت حر ووحيد بلا قيود .... بعد كل تلك السنوات ، اصبح لقائنا ممكن !!! فقط حاول تتذكرني حتي تدرك معني وقيمه واهميه ومذاق مااقصه عليك !!! هل مازلت لاتتذكرني !!!

خرجت بحقيبه ملابسي واحلامي وامنياتي للحياه ابحث عنك ، لن انتظرك تاتي فانت لاتعرفني لتاتي ، سابحث عنك ، ساعرفك بنفسي ، ساقص عليك حدوتي ، ساحدق في عينيك فتدرك معني وقيمه وقوه مااقوله ، حين تنظر في عيني ستفهم مااقوله ، ستدرك مااحسسته ، ستفهم ماعشته ومازلت اعيشه وانا انتظرك وانا ابحث عنك وانا اتمناك !!!

اين انت يافارس ايام العمر ، اين انت يافارسي ، عدت من الغربه وحيدا مهزوما ، سرعان مااختفيت ، اين انت ؟؟؟ بحثت عنك ، وقت طويل بحثت عنك ، لكنك اختفيت ، كانك تبخرت ، كدت اسير في الشوارع ابحث عنك ، اكاد اسال عنك الماره ، ا لم تروا رجلا وسيما هزمته الايام عاش في الغربه وعاد بغربته للوطن فلم يشعر بحنانه ، كنت ابحث عنك كالمجنونه ، سالت عنك في منزل اسرتك ، سالت عنك اشقائك شقيقاتك ، كدت اتصل باولادك واسالهم ، اين انت ، اين انت ايها العجوز الوسيم !!!!

ايام وايام ابحث عنك !!!
اردد كل الحوارات التي اعددتها لاتلوها علي مسامعك ، ساذكرك بنفسي ، ساقص عليك قصه حبي التي بدأت قبل الوعي والادراك ، ساحكي لك قصه حياتي ايام غيابك ، فقط ساحذف مشهد الوداع الاخير حين احتضنت زوجي وتمنيت ابقي في حضنه ، لن اقص عليك تلك المشاعر ، لااريدك تغير منه ، هو لا ينافسك ولم ينافسك ، انت الحب وهو اي شيء اخر !!!
اين انت ؟؟
مازلت ابحث عنك ، كانك ذره ملح اذابتها الامطار في البحر ، اختفيت ، لم اجد اثر واحد يدلني عليك علي وجودك ، في لحظه شككت في وجودك ، في لحظه تصورتني مجنونه اختلقت شخصيه غير موجوده واخذت ابحث عنها اهدر العمر وسنواته املا في العثور علي السراب المستحيل ، لكنك موجود ، كنت موجود ، وسافرت وعدت وحيدا !!! وهذه ايامي التي ساعيشها معك ، اذن لابد اعثر عليك!!!
تجاسرت واتصلت باولادك ، لم يردوا علي تليفوناتي الكثيره ، وحين وصلت اليهم انكروك ، كانك لست ابيهم ، ربما اولادي ايضا ينكروني ، لو اتصل بهم احد يسال عني ، سينكروني بالضروره ، هم ضحايا العمر وحبه ، هم الضحايا الذين تركتهم امهم بحثا عن سراب احتلها حين كانت في الخامسه ، لم اتصل بهم ، لن احنن قلبهم علي وتصرفاتي تجعلهم في منتهي القسوه ، نعم اجرمت في حقهم لكني امنح نفسي فرصتها الاخيره للحياه مثلما تريد !!!

اين انت يافارسي !!!!
اين اختفيت !!! مالذي حدث لك !!! ايام واسابيع وشهور وسنوات وانا ابحث عنك ولم اعثر عليك !!! ايام واسابيع وشهور وسنوات قضيتها وحيده ابحث عنك !!! للاسف لم اعثر عليك !!! تركت زوجي واولادي لاعش معك فحرمت من حياتي معهم ولم اعش معك ولم اعثر عليك اساسا !!! هل يهمك تعرف مالذي حدث !!! رحلت عن زوجي وحرمت من اطفالي وبحثت عن عمل اعيش منه حتي الان ، استأجرت شقه بشرفه كبيره ، تطل علي حقول خضراء ، اشتريت كرسي هزاز ، اجلس عليه كل يوم قبيل غروب الشمس ، اجلس عليه اناديك ، اقص عليك قصتي علك تسمعها في المكان الذي انت فيه ، اقصها عليك وحين تغرب الشمس اترك الشرفه ودموعي ترصع سورها وانام اناشدك في الاحلام تعود وتظهر ، اصرخ عليك في الكوابيس تعود وتظهر ، لكنك لاتستجيب لرجائي ولا دعائي ولا احلامي ولا كوابيسي!!!
انت لاتستجيب لندائي وانا لا اقبل حقيقه غيابك الدائم !!!
ستعود لي ، ووقت تعود سيبدأ توقيتي الخاص ، سنعيش اعمارنا التي لم نعشها ، ستعود لي لانك ملكي ، ووقت تعود ساعود طفله صغيره بجديله طويله بشريطه حمراء وستعود شاب يافع في الجامعه ، سنعود لسنوات العمر التي لم نعشها ونعيشها !!! وحتي تسمع ندائي وتعود ، هاانا اسلي نفسي بقصه حبي التي لاتعرفها ، كل يوم اقصها عليك علك تسمعها في مخبئك فتظهر فنعيش!!!!
اوشكت الشمس علي المغيب !!!! وهاهو يوم اخر سيمر وانا انتظرك !!!
ايام كثيره مرت ، لم اعدها ، لكني اعرفها ادركها احسها ، ايام كثيرة !!! اتأرجح علي الكرسي الهزاز وانتظرك !!! احدق في الشمس ، تشرق وتغيب !! ليل ونهار ، خلف ليل ونهار ... وانا انتظرك !!! مازلت احكي لك قصتي التي لاتعرفها !!! احكي واقول .... وكلامي لاينفذ ، كثير لاينفذ ، ينتظر مجيئك !!! تلك اشاره نهايه الكلام !!! حين ستاتي ، سينتهي كلامي وينفذ ، لن يكون له ضروره ، لن يكون له مبرر ، لن يكون له مقتضي !!!! حين تاتي وتتذكرني ، ساعيش وتعيش ، ويصبح الكلام لاقيمه له ولا لزوم!!!
ياحبيبي مازلت فوق الكرسي الهزاز في الشرفه اناديك !!!
اتمناك تسمعني !!! نعم اشتاق لاولادي .. افتقد زوجي واحس وجعا لفراقه لكني اشتاق لك اكثر ، افتقدك اكثر ، انتظرك انت فقط !!! لااصدق غيابك الدائم ، لااصدق رحيلك المستمر ، لااصدق موتك ، لا اصدق ولن اصدق !!! انتظرك واتمناك تسمعني وانتظر قدومك ليبدأ عمري وعمرك ونعيش !!!!!!!!!!!
هل هذه القصه حقيقيه حدثت فعلا في حياه بطلتها !!!
هل هذا وهم ومحض اختلاق لا وجود له في حياه البطله !!! لااحد يعرف ؟؟؟ فالمؤلفه كتبت ماكتبته وتركت القلم فجأ وغادرتنا !!! الطفله الصغيره ذات الجديله الحمراء كتبت ماكتبته وغادرتنا !!! مازالت تتأرجح علي الكرسي الهزاز تنتظر فارسها الذي لم يات بعد !!!! هل سياتي ؟؟؟؟؟؟ هي تقول انه سياتي واثقه انه سياتي فقط تتمني يتذكرها !!!! ومازالت تتأرجح علي الكرسي الهزاز !! مازالت تتأرجح وتتأرجح !!!!!

ليست هناك تعليقات: