كانت تسقي زهورها النائمه فوق نافذه غرفتها !!!
كان يطعم البغبغاء الاخضر الذي يعتقله في قفص فاخر في شرفه منزله!!!
كانت تراه من نافذتها يجلس صامتا في الشرفه ، تمنحه سيده لاتري وجهها لانها تخبئه خلف ستائر سوداء تمنحه مشروبات لايقترب منها واطعمه يعافاها !! تراه وحيدا طيله الوقت ، فقط يهتم بالبغبغاء الاخضر ولا شيء اخر سواه !!
سالت نفسها الف مره هل يراها ، تطل من النافذه تروي زهورها بماء وفير فياض ، شلال من الماء ، تري الزهور تنتفض من الارتواء وتنفجر خصوبه وتثمر بسرعه غريبه زهيرات اكثر !! هل يراها ؟؟ سؤال طالما حيرها !!
هو جارها ، يقطن في شقه بعيده عن شقتها ، بينهما شارع واسع مظلل بنخيل عالي واشجار كثيفه الاوراق ، تراقبه منذ زمن بعيد ، بدأ الامر صدفه ، ثم انتظم ، تراقبه ، يخرج مبكرا لعمله وقت تفتح النافذه لدخول الهواء الطازج يبدد دخان السجائر ووحشه الليل واضغاث الاحلام .. يعود من العمل والليل يكاد يحتل المدينه ، تراه يجر قدميه كانه متعب ، يحمل حقيبه اوراقه بصعوبه ، كتفاه متهدلان يكادا يلمسا الارض ، في ذلك الوقت تكون امام نافذتها تنزع من احواض زهورها الاعشاب المتطفله التي تنمو رغم عنها تحت جذور الزهور تسرق قوتها وحيويتها ، تراه عائدا منهكا لاتعرف سبب ذلك الانهاك الموجع !!
تراقبه وهي لاتعرفه ، لاتعرف اسمه ، لاتعرف ظروفه !! رجل يعيش مع امرأه تختبيء خلف ستائر سوداء لم تري شكلها
امرأه لاتغادر المنزل ، لاتخرج للشرفه ، لا تبتسم ، حياتها كلها خلف الستائر السوداء ، تتمني لو تتعرف عليها ، تسالها لماذا تختبيء خلف ذلك السواد ، لكنها لم تتعرف عليها ولم تسالها ...
تراقبه ... تعرف كل تفاصيل طقوسه اليوميه ، يعود من العمل ، يغيب قليلا ، ثم يخرج للشرفه ، يطعم البغبغاء الاخضر ، يجلس صامتا في الظلام ، يجلس وحيدا فزوجته لاتجالسه ولا تتحدث معه ، فقط تقدم له الطعام الذي يعافه ولا يقترب منه ، تقدم له المشروبات التي لا يحتسيها ، وحيد في الظلام ، هو وسجائره وبغبغاءه الاخضر !!!
مازالت تروي زهورها ، في الصباح تبتسم للحياه من النافذه فتتفتح الزهور باقات فرحه ملونه ، في المساء تقتلع الاعشاب الضاره وتودع النهار علي امل اللقاء فتنام الزهور امنه مطمئنه ، ومابين هذا وذاك تسمع موسيقي وتكتب وتراقب الرجل الوحيد ....
اليوم ايقنت انه يراها ، رأها لكنه تجاهلها ، كان يطعم البغبغاء ، يسقط له فتات الطعام من بين اسلاك القفص ، سمعته يكلم البغباء ، هههههههه ، لا لم تسمعه فالمسافه بينهما لاتسمح لها تسمعه ، صوته يتبدد في الفراغ الكبير ، لكنها شاهدت شفتاه تتحرك ، قررت انه يكلم البغباء ، اصطنعت له حوار علي لسانه ، يشكو حاله للبغبغاء ، انا مثلك ، حبيس ، انت يعتقلك القفص وانا تعتقلني الحياه ، حياتي قفص مثل حياتك ... فقط غضبت لانه تجاهلها !!!
هكذا قررت .... انه ناقم علي حياته ، يتمني لو يطلق سراحه ، يتمني يفر من اسره مثله مثل البغبغاء الاخضر الحبيس الاسير الذي يتمني يحلق بعيدا لكنه لايقوي علي التحليق ، اجنحته مكسوره ، كسرها القفص باسلاكه الفولاذيه ، هو مثل البغباء الاخضر صامت لايتكلم ولايغني ، البغباء لايجد من يؤنسه ويتواصل معه ، وهو مثله يعيش مع امرأه تحتجب خلف الستائر السوداء صوتها لايخرج واحبالها الصوتيه معطله ..هكذا قررت و تعاطفت مع الرجل الوحيد !!!!
ايام متعاقبه تاتي وترحل ، نهاريات كثيره ، ليالي طويله ، وهي تسقي زهورها وتبتسم للحياه ، تسمع موسيقي وتكتب ، تطبخ اشهي المأكولات وتقيم الولائم لاصدقائها في منزلها ، تضخ بين جدرانه انفاس فرحه ، تشاركها الوقت الطويل ، هي وحيده ، لكنها ليست وحيده ، تخلق العوالم الصاخبه وتعيش فيها ، ترفع صوت الراديو ، تضحك كثيرا ، تطبخ وتستجدي الذويقه يمنحوها علي براعتها في صناعه الطعام درجات التفوق ، تسمع الموسيقي وتحفظ جملها الرنانه ، تردد ابيات الشعر التي احبتها ، تكتبها علي جدران مطبخها ، تتحدث في التليفون كثيرا ، تزور صديقاتها عبر الاسلاك ، كل هذا وتروي زهورها الجميله فوق نافذتها وتبتسم للحياه .... وتراقب الرجل !!!!
تراقب الرجل وتاسي لحاله ، لم تتعاطف ابدا مع السيده ، تلومها علي حال الرجل ، تدينها علي وحدته وصمته ، لو كانت تحبه لمنحته رحيق الحياه ، لكنها بلا قلب لاتعرف تحب جدباء مثل الارض البور ، قاتمه مثل الاسوار الحريريه السوداء التي تختبيء خلفها ، هكذا قررت !!!
حل الربيع زاهيا ، ازدادت زرقه السماء ، عصف النسيم البارد المنعش بكل رواسب الشتاء ، تفتحت الزهور فوق نافذتها وفي شرفات الجيران وعلي الارصفه ، غردت كل العصافير والهداهد والبلابل ، رسمت الطبيعه للحياه صوره جميله لمن في جوفه قلب يفهم ويحس ، تحب الربيع ، ياتي بعد قتامه الشتاء وقبل لهيب الصيف ، ايام معتدله بارده النسيم عليله الهواء مزركشه بالزهور والورود ، تحب الربيع وهو يحبها ، في تلك الايام يسكن القمر فوق شرفتها ، ويختصها النسيم باجمل عبقه وعبيره ، وتتكاثر الزهور فتملا نافذتها بهجه وتخلق قوس قزحي خاص بها ، في تلك الايام تتجمل ، تحل جدائلها وتطلق شعرها الطويل حرا فوق ظهرها ، يداعبه النسيم ويداعبها
ترسم عيناها بالكحل الثقيل والاغواء ، تلون شفتاها بروج دافء ، وتتفتح كل شراينها للحياه ، و........... تراقب جارها !!!
في تلك الايام تراقب جارها !!! طقوسه اليوميه شتويه الملامح ، كان البرد يحتل جوفه ومنزله وروحه ، نهارياته غائمه بلا شمس ، شرفته بلا زهور ، مازال يذهب للعمل مكفهرا ويعود اخر اليوم منهكا ، مازال بغبغاءه الاخضر صامت لاينطق ، كل الطيور تغرد في الافق سعيده بالحياه الا هو ، الاسر قطع احباله الصوتيه ولسانه ، اخرس متألم ، مثل صاحبه ، هكذا قررت !!! مازالت المرأه خلف الستائر السوداء وحيده ، تضع الطعام وترفعه لم تمسسه يد ، ترص المشروبات امامه فيبرد الشاي ويذوب الثلج في الاكواب ، ويقف الذباب علي الفوهات المهجوره ، وفي اخر الليل ترفع بقايا الرجل الوحيد وتظلم الشرفه وتختفي بين الاسود لاتعرفه ملابسها ام روحها او بهيم الليل!!!
في ليله غريبه موحشة ، استيقظت فزعه ، كان صراخا نبه اعصابها وطرد النوم من فراشها ، طنين هو ماتسمعه وليس صراخ ، وقفت في النافذه تتامل الشارع المظلم ، لاحظت ضوء شاحب من منزله ، تعجبت ، لايستيقظ ابدا حتي ذلك الوقت من الليل ، الطنين ياتي من منزله ، كانه صراخ مكتوم ، فجأ سيده تخرج في الشرفه عاريه الذراعين شعرها البني يسطع في الليل ، كانها تصرخ ، كانها ستقذف نفسها من الشرفه ، تفتح باب القفص للبغبغاء الاخضر وتقبض عليه وتقذفه في الهواء ، يتعثر البغبغاء ثم يحلق ، عاليا عاليا ، كانها سمعته يغرد ، السيده تقف في الشرفه بتحدي وقوه ، تري ذراع تجذبها للداخل لكنها لاتدخل ، تلمح ابتسامه مرتبكه علي وجه لم تراه ابدا ، الطنين يزاد قوه ، بضعه نوافذ اشعلت اضواءها في الليل ، كثيرين يسمعوا تلك الاستغاثات المكتومه ، تري رؤوسا في الظلام تحدق في الشرفه والسيده التي تحتمي بجدرانها ، تقبض علي السور تقاوم جذبا عاتيا يقتلعها من مكانها ليرميها في المنزل ، تقبض علي السور ، شعرها البني يبعثره الهواء ، حفيف هامس يخرج من خصلات شعرها ، كانها صرخات نداء انقذوني ، انوار اكثر تسطع من نوافذ الجيران ، كثيرون يتابعوا المشهد الغريب ، هل تلك هي السيده التي كانت تختبيء خلف الاسدال السوداء ، مالها خلعت ملابسها وقيودها وخرجت للشرفه تئن تستغيث ، تمنت لو قفزت من نافذتها للشرفه ، تحتضن السيده الشابه التي تتعثر في تحررها لاتعرف له اسلوب او وسيله ، الرجل الذي كانت تراقبه اختفي ، فقط ذراعين وكفين يحاولا يقبضا علي السيده الفاره ، مازال البغبغاء الاخضر يحلق في السماء ، تري عيني السيده تلاحقه ، كانها تحسده تحقد عليه ، تقبض علي السور وترفض الدخول للمنزل والرجل والظلام !!!!
مازال الليل موحشا ، الطنين يرتفع لصراخ مكتوم ، نحيب وبكاء ، صوت اجنحه البغبغاء الاخضر تشق السماء تتداخل مع اصوات الاستغاثه ، هل عاد البغبغاء الاخضر لاكف السيده التي افرجت عنه من الاسر ، نعم عاد البغبغاء الاخضر ونقر اصابع الرجل ، نقرها يفك قوتها من فوق ذراعي المرأه ، نظرت المرأه لعيون البغباء الحر وبكت ، نعم دموعها سطعت في الليل صرخات استغاثه ، مازالت السيده وكل جيرانها عاجزين عن الفعل ، البغبغاء الاخضر امتن لصنيعتها وهاجم القبضات التي تجذبها للاسدال السوداء بكل قوته ، مازالت تقبض علي السور ، واخذ النهار يبزغ وشمسه تشق السماء !!!
لوحه سرياليه غريبه ، نهار حنون يسطع بقوه يخيف كل اشباح الليل ويفزعها ، سيده جميله بشعر بني تتساقط الدموع علي وجنتيها ، البغبغاء ينقر الاصابع القاهره التي تجذبها لليل ، الرجل الذي تعاطفت مع السيده التي تروي زهورها يجذب السيده التي تقف في الشرفه بكل غل وقوه لداخل جدرانه ، لكنها تحررت من خوفها ومنه ، البغبغاء الاخضر يغرد بصوت صداح وينقر اصابع الرجل ، النسيم يداعب شعر السيده ويقبل راسها ، الجيران عادوا للنوم عاجزين صامتين !!! القت السيده التي كانت تعتقل خلف الاسدال السوداء جسدها من الشرفه ، روحها حلقت مع البغبغاء الاخضر بسرعه لقرص الشمس ، بقي الجسد ملقي تحت الشرفه بلا حول ولا قوه مسربل بالشعر البني الطويل الذي لم يري الشمس !!!
دخلت السيده من نافذتها تبكي ، نامت الزهور في احواضها وحجبت سحابه رماديه قرص الشمس وكاد الشتاء يعود مسرعا بلياليه الطويله وريحه العاتيه البارده يقلع الربيع من شرفتها ... لكن البغبغاء الاخضر عاد لنافذتها ، ينقر علي الزجاج يوقظها ، علي وجه امتنان وسعاده وفي صوته بحه فرح ، تحرر وغادر الاسر ، انه يحمل لها رساله من السيده التي القت نفسها من الشرفه ، لاتحزني من اجلي ، لقد تحررت اخيرا !!!!
عادت السيده تروي زهورها ، ومازال الربيع يسطع فوق نافذتها وعلي جدرانها ، مازالت الموسيقي تصدح من منزلها معها صوت البغبغاء الاخضر الذي نبت له شعر بني ناعم ساطع فجأ ، نبت وطال ومنح روحه جمالا فوق الجمال !!!!
عده ايام موحشه مرت .... وفجأ وهي تروي زهورها ، شاهدت جارها من النافذه ، يتسلل لمنزله تسير خلفه بخطوات متعثره سيده تتسربل بالاسدال السوداء ....... ومازال يجلس في الشرفه وحيدا صامتا يحدق في القفص المفتوح بلا بغباء ، ومازال لايأكل ولايشرب من يد السيده المحتجبه خلف الاسوار الحريريه السوداء ، الفارق الوحيد في حياته ، ان جارته التي تروي زهورها لم تعد تتعاطف معه ، انه من عشاق الوحشه والليل الطويل ، انه سجان يقبض علي مفاتيح العتق يعتقل في جبه النساء ، انه صامت لانه لايجد مايقوله للموت الذي يحب البقاء في اسر عجزه ووحشته وبرودته !!! الفارق الوحيد في حياته ، ان جارته لم تعد تتعاطف معه !!!
ومازال البغبغاء الاخضر بالشعر البني الطويل يحلق في السماء يغرد بصوت صداح !!!
مازال يلقي تحيه الصباح علي الجاره التي تروي زهورها
مازال يلقي تحيه المساء علي الجاره التي تروي زهورها
ومازال يحلق في السماء حرا ، يداعب النسيم خصلات شعره البني الطويل فيبتسم فتبتسم الدنيا رغم كل احزانها!!!!!!!!!!!!!
عادت الحياه اجمل مماكان ، فقط هي حزينه لانها تعاطفت كالعاده مع رجل لايستحق التعاطف !!!!
حين راودها ذلك الخاطر وهي تطل من نافذتها تروي الزهور ابتسم البغبغاء الاخضر والقي لها ورده حمرا ورحل بعيدا!!!!
اهداء .... للنساء !!!!
كان يطعم البغبغاء الاخضر الذي يعتقله في قفص فاخر في شرفه منزله!!!
كانت تراه من نافذتها يجلس صامتا في الشرفه ، تمنحه سيده لاتري وجهها لانها تخبئه خلف ستائر سوداء تمنحه مشروبات لايقترب منها واطعمه يعافاها !! تراه وحيدا طيله الوقت ، فقط يهتم بالبغبغاء الاخضر ولا شيء اخر سواه !!
سالت نفسها الف مره هل يراها ، تطل من النافذه تروي زهورها بماء وفير فياض ، شلال من الماء ، تري الزهور تنتفض من الارتواء وتنفجر خصوبه وتثمر بسرعه غريبه زهيرات اكثر !! هل يراها ؟؟ سؤال طالما حيرها !!
هو جارها ، يقطن في شقه بعيده عن شقتها ، بينهما شارع واسع مظلل بنخيل عالي واشجار كثيفه الاوراق ، تراقبه منذ زمن بعيد ، بدأ الامر صدفه ، ثم انتظم ، تراقبه ، يخرج مبكرا لعمله وقت تفتح النافذه لدخول الهواء الطازج يبدد دخان السجائر ووحشه الليل واضغاث الاحلام .. يعود من العمل والليل يكاد يحتل المدينه ، تراه يجر قدميه كانه متعب ، يحمل حقيبه اوراقه بصعوبه ، كتفاه متهدلان يكادا يلمسا الارض ، في ذلك الوقت تكون امام نافذتها تنزع من احواض زهورها الاعشاب المتطفله التي تنمو رغم عنها تحت جذور الزهور تسرق قوتها وحيويتها ، تراه عائدا منهكا لاتعرف سبب ذلك الانهاك الموجع !!
تراقبه وهي لاتعرفه ، لاتعرف اسمه ، لاتعرف ظروفه !! رجل يعيش مع امرأه تختبيء خلف ستائر سوداء لم تري شكلها
امرأه لاتغادر المنزل ، لاتخرج للشرفه ، لا تبتسم ، حياتها كلها خلف الستائر السوداء ، تتمني لو تتعرف عليها ، تسالها لماذا تختبيء خلف ذلك السواد ، لكنها لم تتعرف عليها ولم تسالها ...
تراقبه ... تعرف كل تفاصيل طقوسه اليوميه ، يعود من العمل ، يغيب قليلا ، ثم يخرج للشرفه ، يطعم البغبغاء الاخضر ، يجلس صامتا في الظلام ، يجلس وحيدا فزوجته لاتجالسه ولا تتحدث معه ، فقط تقدم له الطعام الذي يعافه ولا يقترب منه ، تقدم له المشروبات التي لا يحتسيها ، وحيد في الظلام ، هو وسجائره وبغبغاءه الاخضر !!!
مازالت تروي زهورها ، في الصباح تبتسم للحياه من النافذه فتتفتح الزهور باقات فرحه ملونه ، في المساء تقتلع الاعشاب الضاره وتودع النهار علي امل اللقاء فتنام الزهور امنه مطمئنه ، ومابين هذا وذاك تسمع موسيقي وتكتب وتراقب الرجل الوحيد ....
اليوم ايقنت انه يراها ، رأها لكنه تجاهلها ، كان يطعم البغبغاء ، يسقط له فتات الطعام من بين اسلاك القفص ، سمعته يكلم البغباء ، هههههههه ، لا لم تسمعه فالمسافه بينهما لاتسمح لها تسمعه ، صوته يتبدد في الفراغ الكبير ، لكنها شاهدت شفتاه تتحرك ، قررت انه يكلم البغباء ، اصطنعت له حوار علي لسانه ، يشكو حاله للبغبغاء ، انا مثلك ، حبيس ، انت يعتقلك القفص وانا تعتقلني الحياه ، حياتي قفص مثل حياتك ... فقط غضبت لانه تجاهلها !!!
هكذا قررت .... انه ناقم علي حياته ، يتمني لو يطلق سراحه ، يتمني يفر من اسره مثله مثل البغبغاء الاخضر الحبيس الاسير الذي يتمني يحلق بعيدا لكنه لايقوي علي التحليق ، اجنحته مكسوره ، كسرها القفص باسلاكه الفولاذيه ، هو مثل البغباء الاخضر صامت لايتكلم ولايغني ، البغباء لايجد من يؤنسه ويتواصل معه ، وهو مثله يعيش مع امرأه تحتجب خلف الستائر السوداء صوتها لايخرج واحبالها الصوتيه معطله ..هكذا قررت و تعاطفت مع الرجل الوحيد !!!!
ايام متعاقبه تاتي وترحل ، نهاريات كثيره ، ليالي طويله ، وهي تسقي زهورها وتبتسم للحياه ، تسمع موسيقي وتكتب ، تطبخ اشهي المأكولات وتقيم الولائم لاصدقائها في منزلها ، تضخ بين جدرانه انفاس فرحه ، تشاركها الوقت الطويل ، هي وحيده ، لكنها ليست وحيده ، تخلق العوالم الصاخبه وتعيش فيها ، ترفع صوت الراديو ، تضحك كثيرا ، تطبخ وتستجدي الذويقه يمنحوها علي براعتها في صناعه الطعام درجات التفوق ، تسمع الموسيقي وتحفظ جملها الرنانه ، تردد ابيات الشعر التي احبتها ، تكتبها علي جدران مطبخها ، تتحدث في التليفون كثيرا ، تزور صديقاتها عبر الاسلاك ، كل هذا وتروي زهورها الجميله فوق نافذتها وتبتسم للحياه .... وتراقب الرجل !!!!
تراقب الرجل وتاسي لحاله ، لم تتعاطف ابدا مع السيده ، تلومها علي حال الرجل ، تدينها علي وحدته وصمته ، لو كانت تحبه لمنحته رحيق الحياه ، لكنها بلا قلب لاتعرف تحب جدباء مثل الارض البور ، قاتمه مثل الاسوار الحريريه السوداء التي تختبيء خلفها ، هكذا قررت !!!
حل الربيع زاهيا ، ازدادت زرقه السماء ، عصف النسيم البارد المنعش بكل رواسب الشتاء ، تفتحت الزهور فوق نافذتها وفي شرفات الجيران وعلي الارصفه ، غردت كل العصافير والهداهد والبلابل ، رسمت الطبيعه للحياه صوره جميله لمن في جوفه قلب يفهم ويحس ، تحب الربيع ، ياتي بعد قتامه الشتاء وقبل لهيب الصيف ، ايام معتدله بارده النسيم عليله الهواء مزركشه بالزهور والورود ، تحب الربيع وهو يحبها ، في تلك الايام يسكن القمر فوق شرفتها ، ويختصها النسيم باجمل عبقه وعبيره ، وتتكاثر الزهور فتملا نافذتها بهجه وتخلق قوس قزحي خاص بها ، في تلك الايام تتجمل ، تحل جدائلها وتطلق شعرها الطويل حرا فوق ظهرها ، يداعبه النسيم ويداعبها
ترسم عيناها بالكحل الثقيل والاغواء ، تلون شفتاها بروج دافء ، وتتفتح كل شراينها للحياه ، و........... تراقب جارها !!!
في تلك الايام تراقب جارها !!! طقوسه اليوميه شتويه الملامح ، كان البرد يحتل جوفه ومنزله وروحه ، نهارياته غائمه بلا شمس ، شرفته بلا زهور ، مازال يذهب للعمل مكفهرا ويعود اخر اليوم منهكا ، مازال بغبغاءه الاخضر صامت لاينطق ، كل الطيور تغرد في الافق سعيده بالحياه الا هو ، الاسر قطع احباله الصوتيه ولسانه ، اخرس متألم ، مثل صاحبه ، هكذا قررت !!! مازالت المرأه خلف الستائر السوداء وحيده ، تضع الطعام وترفعه لم تمسسه يد ، ترص المشروبات امامه فيبرد الشاي ويذوب الثلج في الاكواب ، ويقف الذباب علي الفوهات المهجوره ، وفي اخر الليل ترفع بقايا الرجل الوحيد وتظلم الشرفه وتختفي بين الاسود لاتعرفه ملابسها ام روحها او بهيم الليل!!!
في ليله غريبه موحشة ، استيقظت فزعه ، كان صراخا نبه اعصابها وطرد النوم من فراشها ، طنين هو ماتسمعه وليس صراخ ، وقفت في النافذه تتامل الشارع المظلم ، لاحظت ضوء شاحب من منزله ، تعجبت ، لايستيقظ ابدا حتي ذلك الوقت من الليل ، الطنين ياتي من منزله ، كانه صراخ مكتوم ، فجأ سيده تخرج في الشرفه عاريه الذراعين شعرها البني يسطع في الليل ، كانها تصرخ ، كانها ستقذف نفسها من الشرفه ، تفتح باب القفص للبغبغاء الاخضر وتقبض عليه وتقذفه في الهواء ، يتعثر البغبغاء ثم يحلق ، عاليا عاليا ، كانها سمعته يغرد ، السيده تقف في الشرفه بتحدي وقوه ، تري ذراع تجذبها للداخل لكنها لاتدخل ، تلمح ابتسامه مرتبكه علي وجه لم تراه ابدا ، الطنين يزاد قوه ، بضعه نوافذ اشعلت اضواءها في الليل ، كثيرين يسمعوا تلك الاستغاثات المكتومه ، تري رؤوسا في الظلام تحدق في الشرفه والسيده التي تحتمي بجدرانها ، تقبض علي السور تقاوم جذبا عاتيا يقتلعها من مكانها ليرميها في المنزل ، تقبض علي السور ، شعرها البني يبعثره الهواء ، حفيف هامس يخرج من خصلات شعرها ، كانها صرخات نداء انقذوني ، انوار اكثر تسطع من نوافذ الجيران ، كثيرون يتابعوا المشهد الغريب ، هل تلك هي السيده التي كانت تختبيء خلف الاسدال السوداء ، مالها خلعت ملابسها وقيودها وخرجت للشرفه تئن تستغيث ، تمنت لو قفزت من نافذتها للشرفه ، تحتضن السيده الشابه التي تتعثر في تحررها لاتعرف له اسلوب او وسيله ، الرجل الذي كانت تراقبه اختفي ، فقط ذراعين وكفين يحاولا يقبضا علي السيده الفاره ، مازال البغبغاء الاخضر يحلق في السماء ، تري عيني السيده تلاحقه ، كانها تحسده تحقد عليه ، تقبض علي السور وترفض الدخول للمنزل والرجل والظلام !!!!
مازال الليل موحشا ، الطنين يرتفع لصراخ مكتوم ، نحيب وبكاء ، صوت اجنحه البغبغاء الاخضر تشق السماء تتداخل مع اصوات الاستغاثه ، هل عاد البغبغاء الاخضر لاكف السيده التي افرجت عنه من الاسر ، نعم عاد البغبغاء الاخضر ونقر اصابع الرجل ، نقرها يفك قوتها من فوق ذراعي المرأه ، نظرت المرأه لعيون البغباء الحر وبكت ، نعم دموعها سطعت في الليل صرخات استغاثه ، مازالت السيده وكل جيرانها عاجزين عن الفعل ، البغبغاء الاخضر امتن لصنيعتها وهاجم القبضات التي تجذبها للاسدال السوداء بكل قوته ، مازالت تقبض علي السور ، واخذ النهار يبزغ وشمسه تشق السماء !!!
لوحه سرياليه غريبه ، نهار حنون يسطع بقوه يخيف كل اشباح الليل ويفزعها ، سيده جميله بشعر بني تتساقط الدموع علي وجنتيها ، البغبغاء ينقر الاصابع القاهره التي تجذبها لليل ، الرجل الذي تعاطفت مع السيده التي تروي زهورها يجذب السيده التي تقف في الشرفه بكل غل وقوه لداخل جدرانه ، لكنها تحررت من خوفها ومنه ، البغبغاء الاخضر يغرد بصوت صداح وينقر اصابع الرجل ، النسيم يداعب شعر السيده ويقبل راسها ، الجيران عادوا للنوم عاجزين صامتين !!! القت السيده التي كانت تعتقل خلف الاسدال السوداء جسدها من الشرفه ، روحها حلقت مع البغبغاء الاخضر بسرعه لقرص الشمس ، بقي الجسد ملقي تحت الشرفه بلا حول ولا قوه مسربل بالشعر البني الطويل الذي لم يري الشمس !!!
دخلت السيده من نافذتها تبكي ، نامت الزهور في احواضها وحجبت سحابه رماديه قرص الشمس وكاد الشتاء يعود مسرعا بلياليه الطويله وريحه العاتيه البارده يقلع الربيع من شرفتها ... لكن البغبغاء الاخضر عاد لنافذتها ، ينقر علي الزجاج يوقظها ، علي وجه امتنان وسعاده وفي صوته بحه فرح ، تحرر وغادر الاسر ، انه يحمل لها رساله من السيده التي القت نفسها من الشرفه ، لاتحزني من اجلي ، لقد تحررت اخيرا !!!!
عادت السيده تروي زهورها ، ومازال الربيع يسطع فوق نافذتها وعلي جدرانها ، مازالت الموسيقي تصدح من منزلها معها صوت البغبغاء الاخضر الذي نبت له شعر بني ناعم ساطع فجأ ، نبت وطال ومنح روحه جمالا فوق الجمال !!!!
عده ايام موحشه مرت .... وفجأ وهي تروي زهورها ، شاهدت جارها من النافذه ، يتسلل لمنزله تسير خلفه بخطوات متعثره سيده تتسربل بالاسدال السوداء ....... ومازال يجلس في الشرفه وحيدا صامتا يحدق في القفص المفتوح بلا بغباء ، ومازال لايأكل ولايشرب من يد السيده المحتجبه خلف الاسوار الحريريه السوداء ، الفارق الوحيد في حياته ، ان جارته التي تروي زهورها لم تعد تتعاطف معه ، انه من عشاق الوحشه والليل الطويل ، انه سجان يقبض علي مفاتيح العتق يعتقل في جبه النساء ، انه صامت لانه لايجد مايقوله للموت الذي يحب البقاء في اسر عجزه ووحشته وبرودته !!! الفارق الوحيد في حياته ، ان جارته لم تعد تتعاطف معه !!!
ومازال البغبغاء الاخضر بالشعر البني الطويل يحلق في السماء يغرد بصوت صداح !!!
مازال يلقي تحيه الصباح علي الجاره التي تروي زهورها
مازال يلقي تحيه المساء علي الجاره التي تروي زهورها
ومازال يحلق في السماء حرا ، يداعب النسيم خصلات شعره البني الطويل فيبتسم فتبتسم الدنيا رغم كل احزانها!!!!!!!!!!!!!
عادت الحياه اجمل مماكان ، فقط هي حزينه لانها تعاطفت كالعاده مع رجل لايستحق التعاطف !!!!
حين راودها ذلك الخاطر وهي تطل من نافذتها تروي الزهور ابتسم البغبغاء الاخضر والقي لها ورده حمرا ورحل بعيدا!!!!
اهداء .... للنساء !!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق