مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الأربعاء، 3 فبراير 2010

ليله عزا في منزل بنات الاصول !!!!!!!!




نساء كثيره تتراص بجوار بعضها ......نساء .. نساء .. نساء !!!
البقاء لله ... ربنا يجعله اخر الاحزان .... مانجيش لكم في وحش .... ربنا يصبركم ... البركه فيكم ....
صوت بكاء .... نحيب .... وحدوووه ... لااله الا الله .... العمر الطويل لكم .... البقيه في حياتكم ....

صوت القرأن عاليا ، نساء يرتدين السواد ، النادل يدور بينهم يحمل صنيته ينحني امام كل واحده وبصوت هامس يسالها ، شاي قهوه حضرتك ، صوت القران عاليا .........
تجلس النساء في صفين ، بل اربعه صفوف يحتتلن الغرفه كلها ....
سيده تبكي ، سيده تدخن ، سيده تتكلم في المحمول ، مجموعه سيدات يتكلمن معا ، سيده في اخر الغرفه تبتسم وبسرعه تمحي ابتسامتها ، سيده تنظر في ساعتها بشكل متكرر ، سيده تنظر بغضب لاخري بعيده عنها ......... همهمه ، صخب مكتوب ، همس يتعالي ... ومازال صوت القرأن عاليا ...

البقاء لله ... ربنا يجعله اخر الاحزان .... مانجيش لكم في وحش .... ربنا يصبركم ... البركه فيكم ....
صوت بكاء .... نحيب .... وحدوووه ... لااله الا الله .... العمر الطويل لكم .... البقيه في حياتكم ....

صوت القران عاليا ...
تبكي نوجة بكاءا حارا لاتتوقف دموعها عن الانهمار ، تطبطب عليها السيده التي تجلس جوارها ، حنان الطبطبه يفجر دموعها اكثر ، تنفجر في النحيب ، تاخذها جارتها في حضنها وتطبطب عليها بقوه " وحدي الله ، وحدي الله " تصمت وتنتظم انفاسها لكنها مازالت تبكي ..تراقبها في اخر الحجره سيده رفيعه قاسيه الملامح ، ترسم علي وجهها تعبيرات ساخره ، تميل علي اخري " شايفه الكهن ، البت نوجة حتعملهم علينا ، خلاص حتموت نفسها من العياط " تحرج لبيبه " ماجايز ياابله زعلانه بجد " تضحك الابله عقيلة وتخفي فمها بطرحتها "والنبي انك هبله ، دي مرات ابوها يابت ، حد يعيط كده علي مرات ابوه " تبتسم لبيبة ويتبادلا النظرات الموحيه ويصمتا ..
نوجة لاتكف عن البكاء ، السيده تطبطب عليها جامد ، تقترب منهما اخري " بتعيطي علي ايه يانوجه ، اوعي تقولي علي مرات ابوكي " ترفع نوجه عيونها باكيه " اصل علاء سافر من غير مااشوفه " تشفق عليها السيده " ياحرام ، عيطي براحتك ، اهو موت مرات ابوكي فرصه مناسبه تعيطي علي كيفك " وتقرصها في ايدها ، ترفع نوجه عيونها علي وجهها ابتسامه " انا قلت كده برضه " !!!
مازالت عقيلة تراقبها " الاكاده الوليه مرات اخوكي دي كانت عقربه ، لكن نقول ايه اخوكي اللي اختارها " تنظر لها لبيبه " ياابله ، ياابله ، هي في دار الحق ، اذكروا محاسن موتاكم " لم يعجب عقيلة الكلام " الا مرات اخوكي العقربه دي ماكانش ليها محاسن خالص ، دي سوت اخوكي علي الجنبين وقرفتنا ، منها لله " ضحكت لبيبه " انت ياابله اللي عمرك ماكنتي بتحبيها " انتفضت الابله " قصدك ايه يالبيبه ، كانت كويسه وانا افتريت عليها " ادركت لبيبه ان شقيقتها الكبري ستبدأ مشاجره قررت تفويتها عليها " ماقصديش حاجه ياابله ماقصديش حاجه خلينا نسمع القران " نظرت لها الابله شذرا " قصدك اتخرس حاضر حاتخرس " !!!!
تنادي عقيله نوجه ، تعالي يانوجه اما اقولك ، تمسح نوجه دموعها ، نعم ياعمتي ، تزغر لها عقيله غاضبه ، امسحي دموعك يانوجه عيب تقعدي في ميت مرات ابوكي تعيطي كده ، الناس يقولوا عليكي ايه ، تبتسم نوجه وهي تمسح دموعها ، والله ياعمتي مابعيطش عليها خالص ، تضحك عقيله وتهمس للبيبه ، مش قلت لك البت مش ممكن تعيط علي مرات ابوها ، تبسم لبيبه ، قلتي ياابله ، تلتفت عقيله لنوجه ، امال كنت بتعيطي علي ايه ياروح عمتك ، ترتبك نوجه ، مخنوقه شويه ياعمتي ، تضحك عقيله بصوت عالي ، مخنوقه شويه علي عمتك يانوجه ، تضحك عقيله بصوت عالي لاتكترث ، طيب بقولك ايه بطلي عياط المهم وخلاص ، الا حد يفهم انك بتعيطي علي مرات ابوكي تبقي نصيبه سودا ، تندهش لبيبه ولاتنطق !!!!

صوت القران عاليا ...
تدخل انسه صغيره وسط النساء ترتدي اسدال اسود وجوانتي ، توزع عليهن اجزاء من المصحف ، بلهجه امره تشرح عواطف لهن " اللي ناويين يختموا المصحف لروح المرحومه يتفضلوا في اوضتها " تتحرك بعض النسوه ، تبقي الاخريات مكانهن ، تسحب من ايديهن بقسوه وسخافه الاجزاء التي وزعتها عليهن وتاخذ النساء وتذهب لاوضه المرحومه !!! تراقبها فتاه صغيره بتحفز " هي عواطف بتعمل كده ليه ، دي حيالله قريبتها من بعيد " تشرح لها احد العجائز " هي صحيح قريبتها من بعيد لكن كانت بتحن عليها " تتوتر رنا اكثر " وهو ده يديها الحق تدهوس في بيتنا كده ، انا بكره حاقفل البيت وخلاص ، ده بيت ابويا ، وهي قريبتها من بعيد ، ايه قله الدم دي " تهدئها العجوز " يارنا يا بنتي خلاص يومين العزا حيخلصوا وكل واحد حيروح لحاله " لايعجب كلامها رنا و تقوم بمنتهي العصبيه " انا حاروح اشوف بيعملوا ايه ، ال اوضتها ال ، دي اوضه بابا الله يرحمه ، بقت خلاص اوضتها ، ناس ماعندهاش دم " وتتحرك بسرعه صوب الاوضه !!!
تنصت|السيده للقران ، وتنسي رنا وعواطف ، لكن رنا تعود لها مسرعه مبتسمه ، عرفتها مقامها هي وشويه الستات اللي معاهم ، قلت لها دي اوضه بابا وبيت بابا ، وقلت للبت عواطف دي بالذات ماتدهوس في البيت لانه مش بيت اهلها ، تبتسم العجوز ، عجبتك ياطنط ، سالتها رنا ، ضحكت العجوز ، انت صحيح قليله الادب وسافله ، ارتبكت رنا ، لكن عجبتيني ، ضحكت رنا والعجوز بصوت عالي !!!

مازال صوت القران عاليا ...
صوت حديث النساء يرتفع قليلا ..
تمسك سبأ النادل من ذراعه وتساله " عندكم قرفه باللبن " تقوم افتتان بسرعه " طبعا ياابله " وتصرخ بصوت عالي "يالواحظ " ينزعج الحضور "سوري سوري " وبصوت منخفض " يالواحظ ، بقولك ايه ، انده لواحظ " يتحرك النادل لكنها تمسكه من ذراعه " ولا اقولك ، قول لها تعمل لابله سبأ قرفه باللبن " ثم تميل علي سبأ " انت تؤمري ياابله " تطبطب سبأ علي كفها " طول عمرك ذوق ياافتتان بس حاتعبك معايا " تضحك افتتان " مش من بعد ذوقك ياابله ، فاكره يوم ميت ابيه عباس ، شربت عندك بيبس " ضحكت سبأ " فكرتيني ياافتنان اصله مات في ايام حر قوي ، كان ناقص نقدم شوكولاه جلاسيه " ويضحكا ... تلوم سبأ افتتان ، معملتوش العزا في الجامع وخلصتم ليه ياافتتان " تهمس افتتان ، مش مقامنا ياابله ، مش مقامنا ، تقرصها سبأ من ذراعها ، وانتم مالكم انتم ، دي حيالله مرات ابوكم وغارت ، تبتسم افتتان ، ماهو احنا بنتحتفل اهو علشان غارت !! وينفجرا في الضحك ، تعود سبا لتلوم افتتان " انا لي عتاب عليكي ياافتتان ، هو كان لازم يعني تعملوا عزا لمرات ابوكم في البيت عندكم هنا ، اهل مامتك زعلانين خلاص ومارضوش يجيوا " تحرج افتتان " ماانا قلت لك ياابله ماينفعش مانعملش عزا ، دي مرات بابا ، واسمه نازل في النعي ، وكله في وشنا ، اهم يومين ونخلص منهم " تضحك سبأ " بنات اصول ياافتتان ولو اني يعني مراتك ابوكي كانت حربايه وماتستاهلش حاجه خالص حتي شويه القران دول " تضحك افتتان " عارفه والله ياابله " تغير افتتان الموضوع و تسالها " واخبار احفادك ايه " تضحك سبأ "عفاريت جن مسور والله ياتونه " وينهمكا في حديث ضاحك هامس !!!

مازال صوت القران عالي
لكن صوت النساء يرتفع اكثر واكثر
تشعل سيده سيجاره وتميل علي جارتها " فرح بنتك امتي " تهمس نبيله " بعد اسبوعين " تسالها " حتأجلوه ؟؟" تنزعج نبيله بشده " ناجل ايه ، كل الترتيبات خلصت وكروت الدعوه اتبعتت ، قصدك يعني علشان الوفاه " تهز راسها " ايوه " تهمس بصوت خفيض " لااااااا ماتستاهلش ، هي بنت عمتي صحيح لكن عمرها ماكانت بتحبني والحي ابقي من الميت " توافقها سعاد " علي رايك " ويصمتا ثم تذكرها بسرعه " بلبل بعتي كرت الدعوه لجوزي ؟؟ ماانت عارفاه حنبلي وبتاع اصول وااقل حاجه تزعله " تهز راسها نبيله وهي تناولها سيجاره " طبعا وده يفوتني برضه " تبتسم نبيله بل تكاد تضحك " اوعوا تيجوا متأخرين علشان تلحقوا الزفه " تبتسم سعاد ابتسامه واسعه " لا لا ماتخافيش ، انت عارفه انا احب اتفرج علي الزفه والبيه بتاعي مواعيده مضبوطه جدا " ويضحكا بصوت عالي نسبيا فترتفع عيون كثيره تلومهم فيسكتا وتخبيء نبيله ام العروس وجهها في الطرحه ...


مازال صوت القران عاليا
لكن صوت النساء يرتفع اكثر واكثر ..
تدخل من الباب شابه جميله ، تلقي بنفسها علي افتتان وهاتك يااحضان " واحشني ياافتتان واحشني موت " ، تحتضنها افتتان " يامني يا مجرمه ، مانشوفكيش الا في المياتم " تضحك مني " والله غصبن عني ياافتتان مشغوله مووووت " تلعب افتتان حواجبها ساخره " يامني مشغوله ايه بس ، انا عارفه اخبارك كلها وعارفه انك اتطلقت " تضحك مني " ماهو علشان كده مشغوله " وينفجروا في الضحك ، تسالها مني " اخواتك فين واحشني موت " تدور افتتان تبحث عن شقيقاتها بين الرؤوس " نوجه هناك اهي ، رنا مش شايفاها كانت هنا من شويه ومعرفش راحت فين " تنظر افتتان لمني " ايه الجمال ده يابت " تبتسم مني " بقولك ايه ماتضحكنيش ، انت عارفه ماليش في المعازي " تحدق فيها افتتان " قولي الحق راحه فين بعد العزا ، ماهو مش معقول الشياكه دي علشان مرات خالك " تدفن مني راسها في كتف افتتان " خارجه حاتعش برا ، قلت اجي اشوفكم علي السريع وامشي " ثم سالتها بصوت هامس " ايه رايك في لون شعري لسه مغيراه " شهقت افتتان " تحفه يابنت الايه وانا عماله اقول فيكي ايه متغير " ضحكت مني " ربنا يخليك ،اصل عندي راندفوه مهم ، تفتكري حأعجب ....." وصمتت ، هزت افتتان راسها اعجابا " طبعا ده يعجب الباشا " ثم همست " انت ايه مابتضيعيش وقت " ضحكت مني " ليه ماانا بقالي سنه بعد الطلاق قاعده زي البيت الوقف ونفسيتي تعبانه خالص " نظرت لها افتتان باعجاب وانفجرا في الضحك ، لاحقتهما كل العيون بلوم شديد ، ارتبكت مني واحمرت وجنتاها " كده ياتونه الناس يقولوا علي ايه " سحبتها افتتان من ذراعها " ولا حيقولوا حاجه وبعدين محدش غريب ، اه صحيح ، روحي سلمي علي خالاتك ، قاعدين هناك في اخر الاوضه ، تنهدت مني بغضب ، جينا بقي للكلام اللي يغم ، انت عارفه خالتك عقيله ولسانها اللي زي المبرد ، حتبهدلني لاني مابسالش عليها ، تقبض افتتان علي ذراعها ، بقولك ايه عقله تفوت ولا حد يموت ، تعالي سلمي عليها وعلي خالتك لبيبه واخلصي !!! سارت مني خلف افتتان مرتبكه تعرف ماستلاقيه من خالتها !!!

البقاء لله ... ربنا يجعله اخر الاحزان .... مانجيش لكم في وحش .... ربنا يصبركم ... البركه فيكم ....
صوت بكاء .... نحيب .... وحدوووه ... لااله الا الله .... العمر الطويل لكم .... البقيه في حياتكم ....

صوت القران عاليا ، صوت النساء يرتفع اكثر
صوت القران عاليا ، صوت النساء يرتفع اكثر واكثر
صوت القران عاليا ، صوت النساء ارتفع اعلي واعلي من صوت القرأن ، يضحكن يتكلمن يشربن شاي وقهوه ويدخن السجائر ، تسمع ضحكه ، تسمع صوت عالي وينخفض ، تلمح ابتسامه هنا ، خناقه مكتومه هناك ................ و......... صدق الله العظيم !!!
اغلقت افتتان التسجيل وجلست بطريقه توحي للسيدات بانتهاء ليله العزا !!!
وقفت هي ونوجه ورنا علي الباب يودعن السيدات ويقبلهن ...........واغلقن باب الشقه ودخلن !!! .
خلت الشقه الا منهم الثلاث ....
اشعلت افتتان سيجاره ونظرت لشقيقاتها وابتسمت ، هم وخلصنا منه !!!
وافقتها نوجه ، ارتحنا من مرات ابوكي ربنا يسامحها !!!
انفعلت رنا ، ربنا يسامحها ؟؟ علي ايه ولا ايه ولا ايه ، والله هي ماكانتش تستاهل وقفتنا دي !!!
نظرت لهن افتتان بعتاب ، احنا ماعملناش كده علشانها ، احنا عملنا كده علشان بنات اصول !!!
وافقتها شقيقاتها ، فعلا احنا بنات اصول !!!

هناك تعليقان (2):

عماد خلاف يقول...

كالعادة حكاية جديدة من حكايات البشر فأنتى أستاذة أميرة معجونة بالحكايات ومهمومه بالنفس البشرية لنجد أنفسنا أمام نص جديد ملئ بالجمل والتركيبات اللغوية الرائعة ..والنص يكشف من الداخل شبكة العلاقات الأجتماعية المختلة والمنهارة من الداخل وأبراز المشكلة الأزلية وهى زوجة الأب التى تكون دائما موضع أتهام وعداء من الجميع ..وبعيدا عن البدايات المملة والمعروفة نجد أنفسنا أمام النهاية دون الدخول فى تفاصيل المشكلة وهو العزاء الذي أقامته البنات ..وتكمن قدرة النص هنا وأيضا على فضح هذه الأزدواجية التى تبلغ حد الفصام حيث أمتلات الوجوة بالحزن لكن (اللى فى القلب فى القلب ) ويرسم النص صورة رائعة للتناقض الفاضح من الفتيات حيث يرسمن على وجوههن الحزن .وتحدث بعض الأشتباكات اللفظية والتنهيدات المحبوسة بالغيظ والمكتومة داخل البنات لتأتى العبارة الأخيرة (لتعبر عن مدى الكره والمعاناة التى عانت منها البنتين (ارتحنا من مرات ابوكى ربنا يسامحها )ويكونوا فعلا بنات أصول ..تحياتى لحضرتك ...ومزيد من الابداع والتميز

... يقول...

أمتعتيني يا أميرة بتلك الصورة الحية التي طالما صادفتني في العديد من بيوت من يطلق عليهم بنات الاصول وفي تلك اللحظة المتكررة التي يظهر فيها مكنون القلوب الحقيقي رغم محاولات الاختباء خلف ستار وهمي من الحزن ناهيك عن الاستعراضات بالجواهر والذهب الذي يحلو للكثيرات التجمل به فوق ملابس الحداد فيظهر جليا ليعكس بريقه حقيقة نفوسهن
جملك وتعبيراتك تفوق الوصف ومغرقة في الواقعية .. رائعة