مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

حين نعقت الغربان فوق شجرة اللمون !!! ( الجزء الثاني )




كل شيء حواليه يندهلك
جوايا يندهلك
ياتري بتسمعني
( 14 )

لماذا استيقظت في هذا اليوم مختلفه عن كل الايام ، سالت اصيلة نفسها وهي تنظر للنتيجه ، بعد الغد ستتم ثلاثين عاما ، كم عاما انتظرتك ياحمزه ، تسعه اعوام ، حولوني من شابه صغيره بقلب اخضر لسنديانه عجوز يرسم الاحباء علي جزعها قلوبا واحلاما ، تسعه سنوات ضاعت ياحمزه وانا قابضه علي حبك كالجمر لاافرط فيه لكنك فرطت فيه ، وكانك ستبقي هناك حتي ايأس ، لن ايأس ياحمزه ، بحسم اعطت اصيلة ظهرها للنتيجه وايامها المتلاحقه وقررت تواجهه وتتمرد علي اختياراته وعلي هروبه وعلي صبرها وانتظاره ...
ساكتب له خطابا ، قررت اصيلة ، ساكتب له خطابا ارجوه يعود ، ساقول له اني احبه وانتظره وارهقني الانتظار ، ساقول له ان سنوات عمره هناك مهما طالت لاتروي الصحراء ولن ترويها ، والماء المالح الذي يشربه هناك لن يرويه ، ساقول له ان عطشه لن يرويه الا حناني ، ساقول له عد ، لن افرح بانتصارك الذي ستكتب حكايته بغيابك وعنوستي وانطفاء نارنا ، ساقول له عد بسرعة ، فسنوات كثيرة مرت وخصوبتي تضيع ورجولتك تتبدد ، وايام حياتنا تضيع !!!
نظرت اصيلة في المرأة وانفجرت ضاحكه ، سيقول عليها مجنونه ، هو لم يطالبها بالانتظار وهي لم تعده باي شيء ، عليها تنبه انها موجوده ومازالت ، لم اعد انا الطفله ذات الجدائل الذهبيه التي كنت تغازلها بنظراتك وهي عائده من المدرسه ، ولم تعد انت الطفل ذي الحقيبه القماش الشاحبه التي ترميها علي الارض كل يوم لتقف جون في مباريات الكورة التي تضربك امك لانك تضيع وقتك فيها ، عليها تنبه لوجودها ، انا اصيلة ، تكرر اسمها علي اسماعها وكانها تذكره بنغمته ، خائفه من ردود افعاله حين تخبره انها مازالت تنتظره ، ربما يكون نسيها وسط الثروات التي يراكمها ، ستكتب له تذكره بنفسها ، انا هي التي كانت تضحك وكنت تحب صخبها ، ستكتب له تذكره بالبلده وامه وغيابه تسع سنوات ، وبعدما يتذكرها ستخطره بسرها الصغير ، احبك وكنت انتظرك تخطبني ،لكنك سافرت واختفيت وانا صنت حبي وانتظرتك !!!

( 15 )

نظرت للنتيجه ، بعد غد ستتم ثلاثين عاما ، والعنوسه التي طاردتها شبحا ستصبح حقيقه واقعه في نظر البلدة وعجائزها ، كل البنات تقصد النساء اللاتي كن بنات في مثل عمرها ، فقدن عذريتهن في احتفالات كبيرة وتعلقت المناديل البيضا مزركشه بشرفهن علي النوافذ والشبابيك وحملت ارحامهن بنات واولاد وتهدلت البطن والثدي ودخل الاطفال المدرسه ومازالت هي تنتظره تحلم بمذاق قبلته ، بعد غد ستتم ثلاثين عاما ولم تتذوق قبلته ولا قبلة غيره ، ستحاول معه وتذكره بنفسها ولن تخسر معه اكثر مما خسرت ، اذن ...ستكتب له !!!
دخلت امها عليها الحجره تعايرها بعنوستها ، استنيتي المايل لما ميلتي جنبه ، لاافتكرك ولا رجع ، تلاقيه هناك اتجوز وخلف ونسيكي ، وانت هبله مستنياه يرجع ولا عمره حيرجع !!! تبتسم لامها مثلما اعتادت وقت تقول لها كلام سخيف ، تبتسم ابتسامه بارده ،تسع سنين قاعده مستنياه ، والنبي مايستاهل ، قلبه حجر لانزل زياره لامه ولا قال انتو فين ، كانه اتبرا من البلد ومن جلده ، ده بقي اللي انت قاعده مستنياه ، اللي اصغر منك اتجوزوا وخلفوا وعمروا بيوت وانت زي الميه المعيه لاتروي غيط ولا تكبر زرع !!! تتسع الابتسامه ، كلما ازدادت سخافه الكلام كلما اتسعت الابتسامه !!!
بكره حتمي تلاتين سنه وفضيحتك بقت بجلاجل ، البنات الكسر اتنصفوا وانت اللي كسرتي نفسك وكسرتي نفسنا وركبتينا الخزي ، الواد اللي ضيعت العمر تستنيه لافاكرك ولا انت في راسه ، طول عمرك مايله زي الجره المكسوره مامنكيش رجا لاتروي عطشان ولا تسقعي مية !!!
انفجرت ضاحكه ضحكاتها الصاخبه التي اعجبته ، افاضت امها في كيل السخافه اليوم ، جرعه ازيد من المعتاده ، الابتسامات لاتجدي مع كل هذه السخافه ، لابد من الضحك درعا واقيا لروحها من السم المنتشر في الجو .. نظرت لها امها غاضبه من بلادتها ، اضحكي ياختي اضحكي ، اضحكي علي خيبتك ، بدل ماتعيطي ، كان حقي قعدت عليك يوم ماولدتك وريحت ابوكي واخواتك من همك !!!
تخرج الام من الحجره وترزع الباب خلفها ، مازالت اصيلة تضحك وتضحك !!!!
ساكتب له ، اذكره بنفسي وبعدها اطالبه يعود لان الانتظار طال !!!!!!

( 16 )

انا اصيلة ياحمزة ، فاكرني ، البنت الحلوه جارتكم ، تصدق بالله اني مكسوفه وانا بقولك كده ، بس اصلي نفسي قوي تفتكرني ، انا البنت الصغيرة ام ضفاير ذهبي طويلة وفستان احمر ، افتكرتني ، طيب افكرك اكتر ، فاكر يوم العيد لما كنا صغار لما امي ضربتني لاني وقفت العب قدام داركم وانت وقفت تتفرج علي !!! انا اصيلة ، افتكرتني ، والنبي ماتستغرب من جرائتي ولا تلومني عليها ، والنبي ماتقولش لحد علي جوابي ده ، لو اهلي عرفوا يركبهم الهم والفضيحه تجرسهم ، انا اصيلة ، لو مش فاكرني خالص ، خلاص ، مش حاعرف افكرك بنفسي ،ويبقي عليه العوض ومنه العوض .... اصيلة ..

( 17 )

قرأ حمزه سطورها عشره مرات ، وقتما استلم خطابها لم يصدق ، امه لاترسل له خطابات ، اخته تحادثه في التليفون ولاتكتب له ابدا ، ، قرأ سطورها عشرة مرات اخري ، طبعا فاكرك وعمري مانسيتك !!! تمني يطلبها في التليفون ويخبرها بحماس انتقل له من سطورها انه يعرفها ويتذكرها ولم ينساها ابدا ، لكنه لن يكتب لها ، لا سيكتب لها لكنه لن يرسل ردا ، سيحتفظ بالخطابات في حقيبه اوراقه وحين يعود ويخطبها ، نعم هكذا قرر ، حين اعود ساخطبها ، ووقتها ، ساسلمها كل ردودي علي احرفها وكلماتها !!! يقرأ حمزه اسطرها ويبتسم ، ماكان يتصور ابدا انها انتظرته ، تصورها اعطته ظهرها مثلما اعطاه ظهره وعاشت حياتها ، لكنها اجلت حياتها لصالحه وحسابه ، ابتسم حمزه ، ياحبيبتي ، يوما ما سنعيش حياتنا المؤجله معا !!!

يقرأ كلماتها مره اخري ويبتسم .... اتذكرك اكثر مما تظني وتتصوري ، اتذكرك واحلم بك كل ليلة واشتهيك واغضب من نفسي لاني اتجرأ عليك حتي في الحلم واعاقب روحي واستيقظ فزعا ، واحرم علي روحي خيالك حتي في الخيال واتمني اتزوجك واحل ضفائرك علي كتفي واجلس معك وسط الحقول الذهبيه بلون شعرك ، لكني السنوات الطويلة لاتنتهي والغربه دوامة والهم جبال ، لكني ساعود يااصيلة قريبا جدا واتزوجك و...... طوي حمزه خطابها ودسه في حقيبته وكتب لها كلاما كثيرا لم نعرفه وطوي خطابه ونام سعيدا ، لقد منحته اصيلة فوق كل مبررات العوده السريعه التي يرددها طيلة السنوات التسع علي نفسه ، مبررا اقوي من كل المبررات ، ساعود من اجلك يااصيلة ، لنعش معا ايام حياتنا المؤجله !!! في تلك الليله حلم بها ، احسها حائرة ، اقترب منها واحتضنها ، باعشقك يااصيلة ، احمرت وجنتاها خجلا ، احبك وحين ساعود للبلده ، ساعود من اجلك انت ، انفرطت دموعها انفعالا واستيقظ من نومه ، وتمني لو واتته الجراءة ويكلمها في التليفون و..... مااجملك ومااجمل الحلم بك يااصيلة !!!!

( 18 )

وقفت امام المرأة في الحمام عارية تتامل جسدها الثلاثيني ، مازال صدرها نافرا وبطنها مشدودا ووسطها ضيق وسرتها كحبه اللؤلؤ في محارتها ، تتمناه الان في تلك اللحظه يراها بعينيه ، تلمح في عينيه نظره اعجاب تربكها ، تفتح الماء الدافء علي جسدها وتحك كعبيها بالحجر الاسود وتطيب باطيها بالعطر وتعود لغرفتها بجسد مبلول يلتصق فيه جلبابها الاحمر المزركش بالغصون الخضراء وعلي كتفيها وظهرها خصلات شعرها الذهبي متناثره كالعشب البري ، تشعر قطرات الماء البارد تجري فوق جلدها كمثل نظراته ، تشعر ملابسها الملتصقه فوق جسدها كمثل حضنه ، تشم رائحه الطيب والمسك والصابون والنضافه علي بدنها كرائحه عرقه وانفاسه ورجولته تفوح من مسام جلدها ، تتمني لوعاد الان فقط وخبأها بين شفتيه وجفنيه وفر بها من كل الانتظار الطويل ، تتمني لو عاد الان فقط ، عاد واختطفها ورواها بشوقه ، اه ياحمزه لو تعود الان ، اليوم فقط وترحل بعد هذا ، امنحني حبك واقتحم القلاع الحصينه واترك لي نطفه عشق في رحمي تؤنسني وعد لغربتك والرمال الصفراء !!! وقتها سيهون الانتظار ياحمزة ويصبح للامل معني !!!!
وتستلقي علي فراشها تتمناه يأتيها كمثل شعاع القمر يحممها ويحتويها ويدفئها ويوشم جسدها بغرامه ويرحل و........... اشتاق لك ياحمزه ، الم تكتفي من الغياب والبعد!!!

( 19 )

عائدا من عمله مقتولا من التعب ، يفتح المظروف الذي يعرف راسله قبل يفتحه ، انه البنك الذي يستولي علي ثمن غربته ويمنحه خطابات منمقه تؤكد له كل مره ان ميعاد العوده مازال بعيدا !!! يفتح الخطاب يتمني معجزة تسعده ، لكن زمن المعجزات ولي والواقع مر ، مازالت الاصفار قليله ومازالت العوده بعيده ومازال الهم جبال ، يصرخ وكانه يتشاجر مع البنك لايصدقه ، يلقي الخطابا غاضبا ويتمني يموت ، مازالت الاصفار لاتكفي لعودته ، سنوات تسع والاصفار لاتنتشله من دوامه الغربة ، سنوات تسع والهزيمه تلاحقه فوق خشونه الرمال وصفره الصحراء في المدينه البعيده !!!

يتمني يكلم اصيلة ويشكو همه ، ليلي صاحي ونهاري تايه والعمر بيضيع ، والصحرا بتاكل عافيتي وتهد الحيل وانا مستحمل وحاستحمل وعايز ارجع ملك ، لااحتاج لحد ولا امد ايدي وارفع ريات النصر علي بابك واعلي جوابك واكل من ايديك الشهد واسمع ضحكتك ابكي من الفرحه ... لكنه لا يكلمها ، ويكلم نفسه مثلما اعتاد كل السنوات التسع ، اعتقل نفسه في الوحده خائفا من المدينه المدفونه في الصحراء ، لا يفهم لغتها ولا يقرأ خرائطها ولا يطمئن ، وحيدا فارا من كل الحياه التي لايعتبرها حياة ، فر من نساء المدينه اللاتي يطاردوه لينام تحت ارجلهن ليمنحوه كل الاصفار التي يحتاجها ويبقوه مهزوما ، فر من اصدقاء السوء فلم يشاركهن كيف ولا حفله عربده وخاف ربنا وقفل علي نفسه باب الوحده واستني الاصفار تقويه فيخرج من الدوامه ويروح ، انحني عامدا لصاحب العمل مالك الاصفار وابتسم خاضعا واطاعه وكل قوانينه الجائره تقهره ، وتجاهل الوحشه وكسره النفس واعتاد يبكي وحيدا في الحلم يشكو لامه علة الغربه ، وحلم بالعوده لحقول القمح الذهبيه والصفصافه لكن الاصفار اكلت الحلم والامنيه وقيدته في سياجها اسيرا ، لاترحمه وتاتي ولاتفقده الامل فيعود مهزوما لحضن الدفء !!

( 20 )

يتمني يكلم اصيلة يشكوها غلبه ، انا واحد من اللي لما بيرجعوا بينسوا كل اللي حصل ويفردوا ضهرهم اللي انحنا واتقطم واتكسر واتذل ، انا واحد من اللي بيرجعوا يعملوا فرحانين ويوزع الهدايا وكانه كان مبسوط ولما افتكر في الليل قسوه الغربة ابكي واداري دموعي واكذب علي نفسي واقول مااحلاها ايام ، انا واحد من كل الكذابين اللي بيبيعوا ايام العمر بالاصفار ولما العمر بيعدي يكتشفوا ان كل الاصفار ومتعه الاصفار ماتساويش اي ليله ضيعتها بعيد عن حضن امي وعن حضنك !!!
دوامه الغربه علمتنا الكذب وقهره القلب وكسره النفس والمذلة وبتاكل شبابنا وتهد حيلنا وتكسر عزمنا ولما نكل تطردنا ولما نمل تغوينا بكومه اصفار ، احنا اللي بنبني في بلاد الناس وسايبن بلادنا وبنبكي علي حالها ، لامدينا دراعنا نرمم حيطانها ولا في نسيج بدنها بنغزل خيطانها ولا بنعيش ايامنا ولا بنقدم لها قوه شبابنا وفي اخر الطريق وبعد العمر مايعدي بنحزن علي اننا بعنا العمر بالصحراء وفي الاخير رجعنا زي ماروحنا بالهزيمه فوق راسنا قدر ونصيب !!!
يبكي حمزه ويبكي ..... يمزق خطاب البنك ويصرخ حتي تتشرخ الجدران ، يصرخ ينادي اصيلة ، الحقيني يابنت عمي الحقيني ، مدي روحك وانشليني ، ساعديني من هنا اخرج وانصفيني ، ولما ارجع مهزوم لحضنك اكرميني ولما ابكي بدمع العين برقتك دوايني وطببيني الحقيني يااصيلة الحقيني !!!! يبكي ويكره كل الاصفار والغربه ويصمم يعود لاصيله منتصرا ولو قضي عمره كله يحارب الصحراء لينتصر عليها وينزع الاصفار الكثيرة التي تلزمه من حب عينيها !!!!
وقولي لي يااصيلة ... كل يوم اتحرمنا فيه من بعض يساوي كام !!!!
وكانها يسمعها تجيبه ، لا قولي انت بعت كل ايام عمرنا الحلوة بكام !!!
ويبكي ويبكي و............. يحلم بوحوش تنهش لحمه وتشرب دمه وتقرقش عظامه وتضحك في وجهه !!!!

( 20 )
في الحلم سمعت نداءاته ، سمعت بكاءه ، خرجت من منزلها حافيه القديم ، شعرها الذهبي يتناثر علي كتفها ، بجلبابها المنزلي القديم، خرجت تبحث عنه وسط الليل ، نعيق الغربان يحاصرها ، تخاف وتجري اسرع ، تبحث عنه ، مختئبا في غرفته البعيده ، وحيدا يبكي ، طرقت بابه بقوه ، فتح لها ، لم يصدق عينيه حين رأها ، اجمل مما يظن ، يحب جلبابها المنزلي القديم ، متلاهثه الانفاس تجلس علي طرف سريره ، محموما يبكي ، نعيق الغربان يصم اذنيها ، تاخذه في حضنها ، يشم رائحه انوثتها من بين ثنايا جلبابها ، تاسرها رجولته رغم دموعه وهذيان الحمي ، تطرد الوحوش بعيدا عن قلبه ، تحافظ عليه وترويه بدمع عينها ، كنت باناديكي ، سمعتك وجيت ، كنت محتاجك ، وانا محتاجاك اكتر ، ما تسيبنيش وتمشي ، ماتنسانيش وتغيب ، تحضنه اكثر واكثر ، روحها تطرد الحمي والغربان وتجفف الدموع وتعالج الهذيان ، يااصيلة ، تضحك ، ينتفض عفيا ، هذه الضحكات هي ترياق روحه وداء سمها ، باحب ضحتك يابنت عمي ، وانا باحبك انت ياابن عمي وحبيب عمري ، مازالت الغربان تنعق ، تحاصرها بصوتها الكئيب ، الوقت يجري ، عليها تعود لفراشها قبلما يستيقظ ابيها لصلاه الفجر ، تودعه بنظره تقسمه نصفين ، تقتله ، خليك معايا ، تبتسم وهو في حضنها ، لو بايدي كنت فضلت ، وعدها في الحلم ، بكره يبقي بيتك تدخليه وعمرك ماتخرجي منه ، ترتبك وتخجل في الحلم وتستيقظ وصوت الغربان في خيالها فتتشائم !!!
تكتب له خطابا اخر يصبرها علي غيابه ، شيء في قلبي يؤكد لي انك تحبني مثلما احبك ، اسمع صوت ندائتك يرتد لروحي من الصحاري البعيدة ، المح نظره عينيك تسطع بوهج العشق ، اشتقت لك ياحمزه ، اشتقت لك حتي مرضت ، اتمناك تعود ، امك تبكي وانا اقاسمها الدموع ، الحقول الذهبيه تناديك تخبئك بين سنابلها ، اتمناك تعود ، لااحلم بشبكه ذهبية ولا فرح كبير ، احلم بك تحتويني بين ذراعيك وترويني ، الم تشتاق لي ياحمزه !!!! كل خطاب ارسله لك اقرر انه سيكون الاخير ، مادمت لاترد علي ومادمت لاتأتي ماجدوي مااكتبه لك ، لكني الشوق اللعين يعذبني وحين يجتاحني الوجع ويعجز الاطباء عن علاجي ، لاااجد الا خيالك سندا وحضنا وملاذ ، وامسك قلمي واكتب لك ، اناديك لتعود ، عد ياحمزة وكفاك اغترابا ، ذبحتنا سنوات البعد عشرات المرات وفي المره القادمه لن تجد وريدا تريق دمائه ، جفت كل الدماء ياحمزه كمثل ابار الصحراء التي تشرب من عطشها ، والقلب المكوي بالحب يتفتت !!!! الم تشتاق لي ياحمزه !!!! اتمناك تعود !!!!

( 21 )

قرا رسالتها وبكي ، اشتاق لكي يااصيلة ، صارت في مخيلته هي الحلم والحياه والمرأه والمستحيل ، اشتاق لك اشتياقي لحياتي ولنفسي ، اشتاق لكي اشتياقي لامي والبلدة وحقول القمح ، اشتاق لكي لدرجه اعجزتني عن تحمل الغربه والسعي وراء سراب الحلم ، اشتاق لكي فاعيشك واحلم بك يقظا وافر من وجودك الطاغي في احلامي !!!
ويقرر يكلمها في التليفون ....
يطلب اخته وبسرعه يسالها عن نمرتها !!! ياحورية ، عارفه اصيلة ، عارفها صح ، ممعاكيش رقم تليفونها المحمول !!!
يتكلم بسرعه فلايسمع لوم اخته علي غيابه الطويل ، وامك بعافيه ومشتاقه تشوفك !!! يسالها عن نمره اصيلة ، ببرود ترد عليه ، مااعرفلهاش نمره ياحمزه ، عايز نمرتها ليه !!! يتجاهل سخافتها ويرجوها ، زوريها ياحوريه وقولي لها حمزه بيحبك ولسه باقي علي العهد !!! يسمع صوته فيستغرب من كلماته ، زوريها ياحوريه وخليها تكلمني ولا اقولك ، روحي حداهم واطلبيني وخليها تكلمني !!! ترفض حوريه طلبه ، الغربه غيرتك قوي ياحمزة فنسيت عوايدنا ، مايجوزش نخش بيوت الناس نتمهيص ، لاانا عيله ولاهما ناس هفأ ، اللي بتطلبه ده مايجوزش خالص ، ارتبك حمزة ، مش قصدي ياحوريه والله ماقصدي ، انا ماليش في المهيصه وشغل الصغار وانت عارفاني ، اصلها في بالي علي طول والعمر عدي ، قلت اكلمها اشوف ميتها وفاكراني ولا ايه ، انا قصدي شريف ، تغيرت نبرة حورية ،لو رايدها ابعت امك تخطبها ولما تيجي تكتب عليها ، الا انت حتيجي امتي ياحمزه ؟؟؟!!!
لايسمع بقيه الكلمات ، نعم لماذا لا يخطبها حتي يعود ، يرسل امه لتخطبها ووقتها سيكلمها براحته ويكتب لها كل مايتمني يكتبه و ...... تعجبه فكره حورية ويقرر ينفذها !!! الله ينور عليكي ياحوريه ، كانت تايهه عني ولقتيها !!! ولايسمع بقيه كلامها !!!

( 22 )

رفضت ياحمزه !!! صدمته حوريه بكلماتها ، البت رفضت ، قالت مابتخطبش لراجل قاسي ساب امه تسع سنين ماطلش عليها ، ابوها قال لما ينزل بالسلامه نتكلم في الموضوع !!!
جن جنون حمزه ولم يصدق اخته !!! اقسمت له امه مليون ايمان ، ان اصيلة رفضت زيارتها وردت لها الهدايا واكدت عليها بحسم ، لو رايدني ينزل يخطبني بنفسه !!!!
احس اهانه وكاد يقسم براس ابيه وهيبته ان ينساها لكنها زارته في الحلم باكيه ، سالت دموعها في حضنه وفوق صدره ، تلومه بلا كلمات ، لو كنت غاليه كنت قدرتني !!!! همست في اذنه في الحلم واستيقظ مكتئبا ، تأتيه باكيه وتغادره باكيه ولم تمنحه ابتسامه واحده منذ زمن طويل !!!!

( 23 )

ينتظر خطاباتها علي نار ، لكن نيران الانتظار اطفئها الصد ، لم تكتب له حرفا واحد ، انتظر وطال انتظاره ، جن جنونه ، اتصل بحوريه يتشاجر معها ، عايز اكلمها ، رفضت حوريه ، لن اذهب لها وتكسفني مثلما فعلت ، اخرجني من الموضوع !!!! وجن جنونه ونسي مؤقتا الاصفار الكثيرة التي يحلم بها و..... ومازالت تأتيه في الحلم باكيه فيستيقظ مكتئبا !!!

( 24 )

لطمت امها علي وجهها وقتما ردت حوريه وامها وتعنتت ، لطمت امها علي وجهها وهي التي فرحت بطرقات العريس التي تصورتها لن تاتي ابدا ، تشاجرت معها تحاول اقناعها بقبول الخطبه ، يابت انت القطر فاتك من زمان بتتشرطي علي ايه ، ماصدقنا عريس ودق بابنا بتتكبري وترفضيه ، تنظر لها اصيله وتبتسم ، تجن الام من الابتسامه ، لو رايدني ينزل يخطبني بنفسه ، تلطم الام علي وجنتيها بحدة ، بتتأمري علي ايه ، تبتسم اصيله ولاترد !!!

( 25 )

كانت ام حمزه وابنتها حوريه تجلسا في اوضه المسافرين مع ابو اصيله وامها ، رحب الاب بهما واحتفت الام بزيارتها ، كاد الاب يفصح عن موافقته علي خطبه ابنته اصيله لزينه الرجال حمزه ، لكنه تريث وقتما دخلت اصيلة الحجره بجمال بهر الام والاخت واسال لعابهما علي تلك الفتاه البضه الجميله عروسا لابنهما الغالي ، سالها الاب في حضره الام عن رايها ، كان ينتظر موافقتها بفرحه ، لكنها رفضت الطلب وافصحت لامه ، حمزه بقاله سنين ياما غايب ، لو رايدني ينزل ويطلبني ، اغتمت الام ولون القهر وجهها بسواد مشوب بالشحوب وكادت تبكي ، ابتسم الاب مرتبكا ، كررت اصيله كلماتها ، ياام حمزه ابنك كل البنات تتمناه لكن ماباليد حيله ، هكذا قال الاب ، لما ينزل نبقي نتكلم في الموضوع ، خرجت الام وحوريه يتعثرا في خجلهما وارتباكهما ، اصرت اصيله تعطي الام هداياها ، ابتسمت بادب وحسم ، لما حمزه ينزل وقت ماينزل ساعتها نشوف نصيبنا ونقبل هداياه لكن دلوقتي مالهاش عازه الهدايا والعريس غايب !!!!

( 26 )

خرجت حوريه من بيتها مقهورة ، اتصلت باخيها تخبره برفض العروس لطلبهما ، الاكاده قادره وحطت عينها في عينا وقالت لو رايدني ينزل ويطلبني ، صرخ حمزه لايصدقها لكن نبره صوتها المجدوله بالقهر اكدت له ماسمعه !!!!
لو رايدني ينزل ويطلبني ، حسمت اصيله الامر ورفضت الطلب الذي ارسل حمزه مراسيله من اجله ، يوافقها الاب مجبرا ، مااتخطبش لراجل مش مكلف نفسه ينزل ويطلبني ، اياكش بهيمه انا يبعت يشتريها من السوق ، تعاتب ابيها ، استحق ينزل علشاني واذا مانزلش مايستحقنيش ، يوافقها الاب مجبرا ويغلق الباب في وجه ام حمزه وابنتها حوريه ويوقن ان ابنته ستبقي عانس طيله الحياة !!!

( 27 )

تغلق اصيلة الباب وتبكي ، انتظار تسع سنوات طويله لا يجبره طلب الام والاخت ليدها ، ماكانش العشم ياحمزه ، تصورته سينزل من سفره ليطلبها ، رأته يطرق بابها فرحا ، تلون عيناه الفرحه وقلبه يرتجف من الشوق تواقا لرؤيتها ، رأته يحمل هداياه التي انتقاها لاجلها ست البنات ، سمعته يعتذر خلسه عن غيابه الطويل ، شاهدته يلبسها الشبكه التي انتقاها خصيصا من اجلها ويصمم علي كتب الكتاب بسرعه ليأخذها ويطير !!!!
لكن كل ماانتظرته لم يتحقق ، حرمها من الفرحه التي حلمت بها كل ليله في التسع سنوات ، سرق منها اخر الاحلام ، يتصورها طردا سيشحنه في عربه البضائع لغربته ، وكان سنوات الانتظار والحلم لاتستحق منه معاملتها بطريقة ارق !!! تبكي لكنها فرحه ، تذكرها ومازال يحبها ، يتمني يتزوجها ويستأثر بقلبها ، فرحه لان كل سنوات الانتظار لم تضيع هباء ، لكن الحلو مايكملش والحلم مايكملش واجمل المشاهد التي حلمت بها وانتظرتها كادت تسرق منها في وضح النهار !!! لا ، بحسم همست لنفسها ، ولاحيحصل ابدا ياحمزه ، ياتنزل وتطلبني ، ياتخليك هناك و تضيع بقيه عمرك !!!!
ونامت باكيه فلم تراه في الحلم يعتذر ولم تري باقه الورد التي اعتاد يقدمها له ، رأته ينزل من سلم الطائره فادركت ان عودته اقتربت واحلامها ستتحقق وحياتها علي وشك تبدأ سعيده وهانئه !!!! واستيقظت من النوم متفائله سعيده وحين بادرتها امها بمشاجره حاده ،ياخايبه يانايبه ياللي مالكيش زي ، ضحكت ضحكات متتاليه ، نعم هي فعلا مالهاش زي ، فتركتها امها تكاد تنفجر من الغيظ لانها ميلت بختها اكتر ماهو مايل والاكاده لسه بتضحك !!!!

( 28 )

يااصيلة ، بكتب ليكي اهم جواب ، لما نتجمع قريب تحت سقف واحد والباب مقفول علينا ، حاوريهولك واقرالك كلماته حرف حرف ، ده اهم جواب يااصيلة كتبته ليكي ، هو مهرك الحقيقي ، حااقدمك ليكي وانت مرتي وحلالي ونايمه علي حضني وجوه صدري وفي نني عيني!!!!
يااصيلة انا عمري ما نسيتك ، وسافرت وبعدت واتغربت واترحلت علشان ارجع لك ، انت سبب الغربه وجعها وانت سبب الرجوع وفرحته !!! يابنت الناس ايدي كانت فاضيه ماينفعش ااقدمها ليكي واطلبك ، كنت باعشقك لكن جيبي فاضي وانت ست الكل والحبيبه ولازم لما ااقرب من عتبتك خطوه يكون في جيبي اللي يتاقلك بالذهب ويفيض ، اذا ماكنتيش انت يااصيلة يااجمل الصبايا تستحقي الغربه والشقا مين يستحق !!!! ياحبيبتي هربت منك ومقدرتش الزمك بوعدي وانتظاري لكني التزمت انا بيك وترجيت ربي يحقق منايا ويلم شملي وتعمري داري وقلبي وتنوري كل حياتي ، هربت منك وما ودعتكيش وكيف اودعك وانت جوايا ساكنه ومتربعه ، نجمه في السما عليا مكان مااحط رجلي تنور طريقي ودنيتي وتصبرني علي الصعب والرضي والسو !!! يااصيلة ، انا رايدك وباتمناكي وماكنش ينفع تقفلي ابواب الرحمه في وشي وتصديني ، صدقيني ، لما يتقفل علينا الباب حادفعك غالي تمن صدك وساعتها حتفهمي عشقي ومعناه !!! انا يابنت الناس اللي اتكتب اسمه علي جبينك واتكتب اسمك جوه قلبه ، انا اللي هربت علشانك وحارجع علشانك وحاقدم عمري كله وغربتي مهر علشانك!!!!


نهايه الجزء الثاني
ويتبع بالجزء الثالث

هناك تعليق واحد:

مها العباسي يقول...

للحب الحقيقى كبرياء