""الجزء الخامس""
هي تدري
أنّنا حين نموتْ ، لا نعودْ
..
لمْ يعدْ
يوماً من الموْتِ أحدْ ، لبهوتْ
، رغمَ
هذا فالبذورْ ،
ليس تفْنى
حينَ تُدفَنْ ،
ربما
الإنسانُ أيضاً ..
ليس يفْنى ..حينَ يُدفَنْ ،
ولهذا قدْ
يعودْ ،
هو ياسينُ
لها ..
ذات يومْ !ذات يومْ
""نجيب
سرور""
( 52 )
الفصل
الثاني
المشهد
الثالث
يفتح
الستار وخشبه المسرح خاليه !!!
دقيقه
اثنين ثلاثه خمسه والخشبه خاليه ، يهمس واحد من الجمهور ، تاني ؟؟
فجأ ،
يدخل لخشبه المسرح عشرات الممثلين والكومبارس ، طابور طويل ، لانعرف مالذي يقفوا
امامه ، الملل بادي عليهم والغضب ايضا ، مافيش اخر للطوابير تاني ، تصرخ سيدة عجوز
حرام عليكم بقالي 3 ايام واقفه ، يدفعها شاب برعونه ، عايزه ايه ، واقفه هنا ليه ،
حتاخدي زمنك وزمن غيرك ، روحي !!! قالت له قصدك اموت، قال لها اه وماله !!! يلكمه
رجل في منتصف العمر في كتفه ، ماتخليك مؤدب ، ليه ، مؤدب ليه ، تصدق مش عارف اقولك
ليه ، لما تعرف ابقي قولي وضحك الشاب ضحكات ساخره ، لطمه الرجل علي وجهه ، عيل
قليل الادب قليل الربايه وفجأ ، كل الناس علي المسرح تضرب في بعضها ، ويتحول
المسرح لاضاءه فضيه وكأن المتشاجرين يتحركوا بالحركه البطيئه ، اغاني وطنيه مقاطع
من خطب جمال عبد الناصر مقاطع من خطبه الجمعه مقاطع من خطب السادات هتافات في
المظاهرات متداخله لانفهم معناها ، صوت رؤوف ، لازم القواعد علشان نعرف نلعب !!!
يظلم
المسرح ويعرض شريط سينمائي ، نري لجان انتخابيه عليها اسماء وعلامات كثيرة لمرشحين
كثر ، نري طوابير طويله ، وجوه الناخبين مبتسمه لكن عليها بعض الارهاق ، مشاهد
ممزقه متداخله من العمليه الانتخابيه خارج اللجان داخل اللجان وقت الفرز وقت تشميع
الصناديق وقت اعلان النتيجه !!!!
يتحول
المسرح لاضاءه صفراء شاحبه ، صوت رتيب يعلن النتيجه ، ملايين انتخبت وملايين
امتنعت وملايين اختارت و..............
صخب علي
خشبه المسرح ، فرحه ، تصفيق !!!
صرخ
شاب من وسط الجمهور ، ده تزوير وانتم
عارفين !!!
يتقدم
الملكين بعرفيهما الاحمر فوق رؤوسهما ، لا مش عارفين !!!
يهمس اكرم
لرؤوف ، اللعبه ماشيه تمام ، يوافقه رؤوف تمام قوي!!
وتنزل
الستار !!!!
( 53 )
همس
همست
الاوراق لبعضها ، ده خرب الدنيا !!!
ضحك القلم
، يوسف ، مستنكرا ماتقوله الاوراق ، يوسف مابيكتبش حاجه الا لما يخرب الدنيا !!!
شششششش ،
همس لهما يوسف ليصمتا ولا يفسدا اندفاع افكاره المتلاحقة !!! صمتا ، وهو ايضا ،
صامتا يرسم ملامح عالمه الجديد ، والافكار تجمح وتجمح والاحرف تتراص وتشكل معاني
وتفاصيل و............. جنون !!!
نعم ،
مايكتبه يوسف اليوم ، هو الجنون بعينه !!!!
همست
الاوراق فوافقها القلم !!!
ومازالت
الغرفه مظلمه وهو يعطي ظهره للعالم محدقا في الحائط الشاحب الابيض ، مازال يحدق في
الشقوق الرفيعه التي تمزق الحائط امامه وكأنها لاتفعل !!!
يحدق في
الشقوق الرفيعة تمزق الحائط العتيق مثلما تمزق كلماته وافكاره العالم كله ، او
ستمزقه !!! خلاويص ، لسه ، خلاويص ، لسه و.............. نعم مايكتبه اليوم هو
الجنون بعينيه ، يبتسم يوسف ، الجنون بعينه هو مانعيشه ، وكلماتي تشبه الايام التي
نعيشها ، جنون في جنون !!!
يبتسم عمر
ويهمس له ، احنا مالناش في الهوهوة !!!
وتختلط
الاصوات في خياله ، تششششششششك ، صوت الموت والهتافات ، قول ماتخافش هو لازم يمشي
، خلاويص ، لسه ، خلاويص لسه ، تكبير ، الله واكبر ، الله واكبر ، خلاويص ، لسه
،هو لازم يمشي!!!
يكتب يوسف
بخط كبير ، كش ملك !!! كش ملك !!!
( 54 )
الحلم
ببساطه
ياخديجة !!
فيه مخرج
وفيه مسرحية وفيه لعبة !!!
وفي نفس
الوقت مافيش حاجه خالص !!!
اللعبه
باظت والمسرحيه مااتمثلتش والمخرج اتقهر !!!
ببساطه
يايوسف ، انا اللي اتقهرت !!!
ليه
ياحبيبتي ؟؟؟
هل قال
لها ليه ياحبيبتي ؟؟؟ هل قالها ام تتمناه يقولها ؟؟؟
ليه
ياخديجة اتقهرتي ليه ؟؟
انت كاتب
افيال بتطير يايوسف ، لا مابتطيرش ، كاتب افيال بتقع من السماء ، كل مره بتقع
وعارفه مكانها ، المره دي مش عارفه مكانها فثبتت !!!
لا ياشيخ
، صرخت فيه وانفجرت في الضحك !!!!
الاوراق
مبعثره امامهم علي منضده غرفه المعيشه في شقتها الصغيرة ، اكواب شاي وطفايات مليئه
بالاعقاب ونباتات ظل كثيرة وكأنك في صوبة ورطوبة تكتم الانفاس في حر يوليو ، هذا
هو مايعيشاه وقت تلك المناقشه الصعبه !!!
تجلس هي
علي مقعدها الكبير وساقيها معقوفتين تحت بعضهما ، يجلس هو علي الارض بعيدا عنه
وظهره للكنبة وصور ابيها المعلقه علي الجدران ، ابيها الذي ابدا لم يحبه يوسف !!!
تهمس الاطر المعلقه علي الجدران ، وده وقته يايوسف ، بتحب ابوها ولا مابتحبوش ،
وده وقته ، انت مالك بيه ، هو انت حتناسبه ؟؟ ضحك يوسف ، لا طبعا ، خلاص خليك في
المسرحيه ومالكش دعوه بابوها !!! حاضر ..
لم يحب
ابيها الذي تعامل معه بتعالي منذ لحظه لقاءهما الاول ، عاد معها من المعهد ، دعته
علي الغذاء في منزلها الفاخر ، قابل ابيها ، رجل عسكري صارم ، لواء علي المعاش ،
وجهه احمر كالانجليز ، باشا كمثل ايام الاقطاع ، خديجة ابنته الوحيدة ، ابنه هاجر
لاعمامه في امريكا وتركها مع ابيها الذي لم يقتنع ابدا ان "بوبونايه حياته
" حتدرس اخراج ومسرح ولعب العيال ده ، وتصاحب الصعاليك والصيع وتعرف الاشكال
دي ، الاشكال دي الكلمه التي كان يطلقها علي يوسف وعمر ورؤوف وكل اصدقاءها ،
الفنانين المشخصاتيه كما يقول ابيها ، قابله سعادة اللواء بتعالي وطلب منه يغسل يديه قبل الاكل ويفرد ضهره
وهو جالس ، يومها ضحك يوسف كما لم يضحك ووعد خديجه يكتب مسرحيه مخصوص عن ابيها
وغطرسته ، حاخليه واقف علي المشنقه وهما بيعدموا فلاحين دنشواي ، حاخليه بيضرب
تحيه للنقراشي باشا لما خد قلاده الملك بعد مافتح الكوبري علي الطلبه وموتهم ،
حاخليه راجع من سينا حافي بعد مااتهزموا في النكسه والوكسه !!!
يومها لم
تضحك خديجه ، لم تضحك وغضبت من يوسف جدا وكادت تطرده من منزلها ، يومها اعطته درس
في الادب والاخلاق ، انت جاهل ومش فاهم حاجه ، وليه ماتخليهوش بطل يموت علي الجبهه
لما كان الجيش المصري بيبني حائط الصواريخ لما كنت انت عيل بقصة وقاعد تحشش في
غرزه علي النيل ، ليه ماتخليهوش واحد من كتيبه الصاعقه اللي قعدت في سينا اسبوع في
الصحراء بتاكل التعابين مستنيه الموت كل ثانيه علشان تجيب معلومات للجيش وحضرتك
وكل الصيع اللي زيك قاعدين تعاكسوا بنات علي الكورنيش ، وليه ماتخليهوش من ضمن جيش
عرابي اللي حاربوا الجيش الانجليزي لما الخديوي توفيق باعهم وباع مصر ، وليه
ماتخليهوش زي اللي رفعوا العلم المصري فوق القنطره يوم ماعبر الجيش وحرر سينا في
رمضان وانت نايم ومستني الفوازير ، انت جاهل ومش فاهم حاجه ، ماتعرفش بابا ولا
تعرف يعني ضابط في الجيش المصري ، الا بابا يايوسف !!!
يومها
تعرف يوسف علي وجه جديد لخديجة ، الوجه الشرس المقاتل ، تدافع بضراوه عما تؤمن به
، وهي تؤمن بابيها وستدافع عنه بمنتهي القوة والحدة والشراسه ولن تقبل احدا يسخر
من صرامته وانضباطه حتي لو كان يوسف ، الا بابا يايوسف ، في يوم من الايام ، حابقي
احكي لك يعني تكون ابن ضابط في الجيش ، ابوك رايح يحارب ويموت ، وبيربيك علي ان
البلد دي تستحق حياته واكتر ، بيحارب ورايح يموت وهو فخور بانه حيموت علشان البلد
دي ، حابقي احكي لك يايوسف علشان تغير وجهه نظرك التافهه دي ، اخرسته فلم يفتح
معها الموضوع ثانيه ولم يقترب من ابيها لا من قريب ولا بعيد ، و.......... مرت
الايام ولم تحكي له ولم يسألها لكنه بقي لايحب ابيها الذي اشعره بضآلته امامه فلم
يصفح عنه ابدا !!!
ومازال
الحوار بينهما ممتدا وطويلا وصاخبا !!!
افيال
بتطير وطوابي بتتهد وملك مستخبي وتقولي ماليش دعوه يتعمل ازاي ، طيب يايوسف ، يلعن
ابو ام جنانك !!!
( 55 )
ذات يوم
كاد يرحل
ويترك المسرح وروحه قلقه ، هل هذا وقته ، هل اصاب وقتما كتب ماكتب ، هل كان يتعين
عليه يتطوع في مستشفي ليغلق عيون موتاها وقتما يتمكن الموت منهم ، هل كان يتعين
عليه يتطوع في معسكر من معسكرات الايواء التي تزدحم بسكانها بعدما انهارت بيوتهم
وتجاهلت الحكومه عوراتهم وانوثه بناتهم وتركتهم يناموا مستابحين في الشارع ، هل
كان يتعين عليه يعمل في مخبز ، ينقي الدقيق من الحصي ويعجن خبزا لاتعافه البهائم
ويقدمه لشعب مدينته المقهورة خيرا من كلماته ومسرحيته التي لن تغير شيئا في ذلك
الواقع الموجع!!
كاد يرحل
، لكن المسرح انفجر غاضبا يتشاجر معه ، كفاك صمت ، لم تتطوع في معسكر ايواء ولم
تعمل في مستشفي ولم تعجن خبزا لكنك سمحت للخرس يحتلك فصمتت انت وكل من مثلك فاحتلت
العناكب جدراني وثقبت الفئران حجورها في ارضي وبالت الكلاب الضاله علي خشبتي
وانتشرت الظلمه !!!
تشاجر معه
المسرح ، صوت عالي هادر مختلط بتصفيق حاد وفرح وصرخات فخر تأتيه من الماضي البعيد
وقتما كانت تلك القاعه منارة فرحه فصارت كشاهد قبيح علي مقابر الصدقه التي تدفن
فيها الجثث المجهوله لرجال وبنات لم يفلح اهلهم يصلوا اليهم ويمنحوهم هويتهم
ليموتوا بها ، انه الزمن الذي يموت فيه الناس بلا اسم ولا رقم قومي ولا هوية !!!!
ارتبك
يوسف ، المسرح يتشاجر معه يلومه يعاتبه غاضب منه وقبلما يرد عليه ويشرح مأساته
والحياه التي يعيشها والجدب الذي احتل روحه سبع سنوات ، قبلما يرد عليه ، صرخت فيه
الجدران ، لا...لا...لا أملك إلا أن أتكلم ، يا أهلَ مدينتنا ، يا أهل مدينتنا ، هذا
قولي ، انفجروا أو موتوا ، رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجيء ، لن ينجيَكم أن تعتصموا
منهُ بأعالي جبل الصمت ...أو ببطون الغابات ، لن ينجيَكم أن تختبئوا في حجراتكمو ،
أو تحت وسائدِكم...أو في بالوعات الحمَّامات ، لن ينجيَكم أن تلتصقوا بالجدران ، إلى
أن يصبح كل منكم ظلا مشبوحا عانقَ ظلا ، لن ينجيَكم أن ترتدُّوا أطفالا !!! ( 1 )
صرخت فيه
المقاعد ..... مرضت أمى ، قعدت ، عجزت ، ماتت ، هل ماتت جوعا لا ، هذا تبسيط ساذج، يتللذ به الشعراء الحمقى والوعاظ
الأوغاد ، حتى يخفوا بمبالغة ممقوتة ، وجه الصدق
القاسى ، أمى ما ماتت جوعا ، أمى عاشت جوعانة ، ولذا
مرضت صبحا ، عجزت ظهرا ، ماتت قبل الليل .... ( 2 )
صرخت فيه
خشبة المسرح ....فإذا سكتم بعد ذلك على الخديعة ، وارتضى الإنسان ذله ، فانا سأذبح
من جديد وأظل اقتل من جديد ، وأظل اقتل كل يوم ألف قتلة ، سأظل أقتل كلما سكت
الغيور وكلما أغفا الصبور ، سأظل اقتل كلما رغمت أنوف في المذلة ، ويظل يحكمكم
يزيدها ... ويفعل ما يريد ، وولاته يستعبدونكم وهم شر العبيد ، ويظل يلقنكم وإن
طال المدى جرح الشهيد ، لأنكم لم تدركوا ثار الشهيد ، فاذكروا ثار الشهيد ...
( 3 )
صرخت فيه
الستائر الحمراء ، الجوعُ صانعُ الوحوشْ والناسُ في بهوتْ ، كانوا رقاقاً مثلما
أوراقِ توتْ ، وليِّنينَ كالرُّطبْ ، وهادئين كالحمامْ ، وطيبين مثل أرضِ مصْرْ ،
ورائقينَ مثلَ ماءِ النيلْ ، وناعمينَ كالنسيمِ في أبريلْ!
، لكنّهمْ جاعوا، ومنْ عامٍ لعامْ ، صاروا جميعاً كالوحوشْ ، فالوحشُ ليس وحشاً
قبلَ أنْ يجوعْ .. ( 4 )
صرخت فيه
كشافات الاضاءة ، هي تدري أنّنا حين نموتْ ، لا نعودْ ..لمْ يعدْ يوماً من الموْتِ أحدْ ، لبهوتْ ، رغمَ
هذا فالبذورْ ، ليس تفْنى حينَ تُدفَنْ ، ربما الإنسانُ أيضاً .. ليس يفْنى ..حينَ يُدفَنْ ، ولهذا قدْ يعودْ ،
هو ياسينُ لها ..ذات يومْ !ذات يومْ !!!!!! ( 5 )
انفجر
يوسف باكيا ، سنوات سبع عجاف اخرسته واليوم عاد ، ولهذا قد يعود ، هو ياسين لها ،
ذات يوم ، ذات يوم !!!!!
( 56 )
الفصل
الثالث
المشهد
الاول
يفتح
الستار ونعش وسط المسرح !!! وشريط السينما تتحرك مشاهده ببطء ، من فوق كوبري قصر
النيل ، مظاهرات صاخبه ، مدرعات الشرطه وسط المتظاهرين ، الجندي يتحرق ببطء ،
المتظاهرين يحملون زميلهم ويجروا ببطء ، المشاهد بطيئه بطيئه وشريط الصوت بطيء
فتتداخل الكلمات وتسمع صوتا ولاتفهم مالذي يقولوه !!!
النعيش
وسط المسرح ، ينفتح بدفعات من داخله ، نري غطاءه يتحرك ويتحرك وفجأ يسقط بجانب
النعش ، نري رأس رجل تخرج ببطء من الجهه
اليمين ، انا عمر ، انا مش هنا خالص، انا مش معاكم ولا بلعب معاك ولاعايز العب
اساسا !!! نري رأس جندي تخرج ببطء من الجهه اليسري ، انا اللي ماليش اسم ولا يفرق
خالص اسمي ، انا كمان مش هنا ، انا مش معاكم ولا بلعب معاكم ولا عايز العب اساسا
!!!
يعتدل عمر
ويجلس فلايري الجمهور الا نصف جسده العلوي ، وفي نفس اللحظه يعتدل الجندي ويجلس في
الجهه المقابله !!!
احنا
مشينا من زمان ، سبنا ليكم اللعبه ، هي لعبه ومش لعبه ، بس انتم بيتضحك عليكم ،
احنا ممثلين اه ، لكن انتم كمان بتمثلوا وانتم مش واخدين بالكم ..
يبتسم
الجمهور ساخرا مما يقولاه الممثلين !!!
مازال
الشريط السينمائي يجري في عمق المسرح ، احنا بنمثل وعارفين ادوارنا ، انتم مش
عارفين ادواركم ، لكن اسمحوا لي بقي اقول لكم بوضوح وبصراحه ، انكم بتلعبوا انتم
كمان !!! حتي لو مش واخدين بالكم !!! يهمس عمر وكأنه يكلمهم في آذانهم !!
، اه
والختمه الشريفه ، اجاب الجندي ، انا اللي شفت كل اللي حصل ، طيب احكي انت يافندي
لاني مهما اقول مش حيصدقوني ، صح مش حيصدقوك !!!
ينتفض رجل
عجوز من اخر القاعه ، المسرحيه دي هبل في هبل ، عايز فلوسي علشان امشي ، يضحك
الجمهور ، انت اكيد ممثل وبتضحك علينا ، ينتفض الرجل ، لا مابضحكش عليكم ولا ممثل
، انا جمهور ، يقترب منه رجل يهمس في اذنه ، جمهور ايه ياراجل ، ده انت البطل ،
شويه وكل الانوار حتيجي عليك ونقول للجمهور انك البطل ، ماهو مش لازم البطل يبقي
ممثل ، ممكن يبقي بطل العرض واحد من الجمهور ، حنديك الميكروفون وتقول اللي انت
عايزه ، اهدي واقعد بس !!!
يجلس
الرجل والجمهور ينظر له نظرات ريبه ، لايصدقوه انه واحد منهم ، يتصوره ممثل ، يجلس
لانه ينتظر يكون بطلا ، صدق الرجل وجلس مكانه ، فازدادت شكوك الجمهور فيه وصفق له
الجالس بجواره وهمس ، والله كنت حاصدقك انك من الجمهور ، انت ممثل شاطر !!!
يخرج عمر
من النعش ، انا ماليش مصلحه في اي حاجه حاقولها ، انا مت خلاص ، يعني تفهموا او
ماتفهموش مايفرقش معايا ، تتحرقوا تحرقوا البلد برضه مايفرقش معايا ، يخرج الجندي
من النعش ، بس انا يافندي الحقيقه تفرق معايا ، انا اتظلمت والظلم وحش ، اهلي
اتبهدلوا وزمايلي كمان ، اهلي بيعايروهم في البلد ان ابنكم قاتل ، قتل ابن بلده
علشان الملك ، وزمايلي مش مصدقين لكن عينهم مكسورة ، لما بيحلفوا علي المية تجمد
اننا ماقتلناش حد ، محدش بيصدقنا ، انا يافندي نفسي الناس تعرف الحقيقه وخلاص ،
علشان استريح في قبري !!!
يشرح عمر
والشريط السينمائي يمر من خلفه !!!
اللي
قتلني واحد منكم ، شبهكم ، لابس زيكم ، كان بيهتف معانا ودلوقتي بيهتف معاكم ،
واحد عامل انه مننا ، قتلني واحنا بنهتف ، كنت فاهمه جاي يهتف معايا ، قتلني وشاور
علي الدفعه وقال القاتل ، يرتفع صوت الشريط السينمائي بصرخات غضب ، نري المتظاهرين
يجروا صوب المدرعه ، قتلني وقال لازم ننتقم ، يصمت عمر ، يرتفع صوت الشريط
السينمائي ، نري المتظاهرين يجروا صوب المدرعه ، ملامحهم غاضبه ، كره لهب تطير
وتسقط فوق الجندي في المدرعه ، يصرخ الجندي علي المسرح صراخ الالم وكأنه هو الذي
يحترق ، يصرخ ويصرخ ، يظلم المسرح الا صورته وهو يحترق ، المشهد بطيء ، النيران
تلتهمه ببطءء ، يصرخ الجندي علي المسرح في الظلام ، يتعالي صوت صراخه ويتعالي
ويزداد اللهب ويزداد وكأن النار تمسك في المسرح كله و................. يتحول صوت
عمر كمعلق علي الشريط السينمائي ، قتلني وقالوا اقتلوا القاتل ، قتلوه حرقوه
و.......... يصمت شريط الصوت وينطفيء الشريط السينمائي و.............. يقف عمر
وحيدا علي المسرح ، انا باقول الحقيقه للتاريخ ، عايزين تصدقوني براحتكم مش عايزين
تصدقوني برضه براحتكم ، المصيبه انكم لو ماصدقتونيش ، حيفضل القاتل بينكم ، يقتل
ويقتل ، مره يقتلني ومره يقتل عسكري ومره يقتل جنودنا علي الحدود ، ومره يقتل صحفي
ومره يقتل شيخ ومره يضرب قسم شرطه ومره يحاصر محكمه ، حيفضل حر يعمل اللي نفسه فيه
وانتم مش مصدقين ومش عايزين تصدقوا ، براحتكم بقي !!!!
وينزل
الستار وتضاء انوار القاعة !!!!
الجمهور
صامت لايصفق ولا ينطق !!!
تتابعه
خديجه من الكواليس ، وتبتسم ، برافوا يايوسف ، برافو !!!
في نفس
الوقت كان يوسف يتابع المسرحيه من وسط الجمهور ويتمتم ، برافو ياخديجه برافو عليكي
ياسيدتي الدوقة !!!
( 57 )
الزمن
منذ سبع
سنوات في مديتني التي تعيش جنونا لايحتمل واحتملته ، وقهرا لايحتمل وتعايشت معه ،
فرت رقعه اللعبه تمردا من المدينة والخيال واللعبة وتركت الجيوش معلقه في السماء
لاتجد حربا تستهلك اعمارها ولا انتصارات تزين بهو قصر الملك المنتصر فخرا ، فرت
رقعه اللعبة فكانت تلك المسرحية !!!
هذه
الكلمات سأبد بها النص،سأربك القاريء وليتصورني مجنون ، بل ليتأكد من جنوني !!!
قرأت
خديجة المقدمه عشرات المرات وانفجرت في الضحك لاتصدق ماتقرأه ..ء
سيدتي
الدوقة ، هذا جنوني اقدمه لكي لتصبغيه بجنونك وليذهب كل العقلاء للجحيم !!!!
وقرأت
الاهداء الذي سطره اليها يوسف وازداد ضحكها اكثر واكثر!!
( 58 )
موقف صعب
ومازال
يكتب ويكتب ............
من قال
اننا نحتاج لرقعه لعب لنتقاتل ؟؟ سال الفريقين المخرج وكأنهما عثرا علي الفكره
التائهه ، فلنتقاتل بعيدا عن تلك الرقعة اللعينة ، فلنتقابل في اي مكان ، ولماذا
يتعين علينا نرتدي الاسود والابيض ، هل لو خلعنا تلك الالوان ، سنعجز عن القتال ،
هل سيتحول الجنود لملوك والملوك لصعاليك والافيال لنمور والجياد لحمير ، من قرر
تلك القواعد اللعينة ، نرتدي الابيض والاسود ، نتقاتل علي رقعه اللعبه التي فرت من
مسرحيتك وتكاد تفسد وقتنا بشأنها اللعين !!
نظر
المخرج للفريقين وصرخ فيهم بصوت عالي حتي تصوروه جن ، انتم اساس المشكله ، انتم
ايه ، في غيبوبه ، انتم مش واخدين بالكم انتم عملتم ايه ، انتم اللي بوظتم اللعبه
، قلنا اتنيلوا اقفوا يمين وشمال قلتم اشمعني ، قلنا اعملوا قرعة اتخانقتم ، قلنا
اتفقوا علي طريقه تختاروا بيها اتخانقتم ، انتم اللي بوظتم الدنيا وترجعوا تقولوا
مش عارف ايه !!!
ضحك
الفريقين ساخرين من عصبيته ، طب احنا بنلعب وحرين نلعب باي طريقه ، انتم بقي حيطق
لك عرق كده ليه ؟؟؟
تقدم جندي
خشبي وهمس للمخرج ، انا مش حالعب معاكم حتي لو رجعت رقعه اللعب ، انا زهقت من كتر
الموت ، حقي ، انا عايز العب ملك !!!! حدق فيه الملك لايصدق مايسمعه منه ، انت ،
انت تبقي الملك ، انت لازم اتجننت بجد !!!!
وافقه
الفيل ، اه ، انا كمان مش عايز العب معاكم ، انا حاروح جنينه الحيوانات افسح
الاطفال واسمع شكرهم البريء وضحكهم المبهج ، ليه احارب واضيع حياتي في الحرب وانا
ممكن اعمل حاجه لطيفه للاطفال الصغيرين !!!
همس
الوزير للملك ، كده الحرب تبوظ ، لاعساكر تحارب ولا افيال ، ضحكت الطابيه ، تعالوا
استخبوا عندي لغايه مانشوف لكم جنود تحارب وافيال تدهس اعداءكم !!!
احس الملك
حرجا لان جلالته نيافته قداسته سيختبيء في الطابيه حتي يعثر علي جنود ليحاربوا
باسمه ولصالحه ويموتوا من اجل انتصاره!!! صرخ في الجندي ، انت جندي وحتفضل جندي ،
اتخلقت كده وحتعيش كده وتموت كده ، ضحك الجندي وهو يخلع الملابس البيضاء او
السوداء وسلمه الدرع وهمس ، انا مروح ، راجع البلد ازرع الارض اللي بارت ، بقي
معقول يعني سعادتك قصدي حضرتك قصدي جلالتك ، نسيب الارض تبور علشان نحارب في لعبه
هبله ونموت علشان جلالتك تعيش !!! انا راجع البلد وان شالله يحصل اللي يحصل !!!
صرخ فيهم
المخرج ، حيلكم حيلكم ، حالاقيها منكم ولا من رقعه اللعبه اللي مشيت وسابتكم !!!
اخرج رأسه
من سطور يوسف وعاتبه ، انت خلتني هزوء خالص ، ماليش كلمه علي شويه عساكر خشب وفيل
اونطه ، انت بتكرهني علي فكره !! ضحك يوسف واغلق اوراقه ليستريح بعد ما تحجرت
اصابعه واطرافها من كثرة الكتابه ، ضحك يوسف وشرح للمخرج ، والله ابدا مابكرهكش ،
وحاكرهك ليه ، بس هي بصراحه ازمه صعبه قوي الله يكون في عونك ، لما يكون مالكش
كلمه علي شويه عساكر خشب ويبوظوا لك المسرحيه بتاعتك الله يكون في عونك بصراحه
!!!!
( 59 )
الفصل
الثالث
المشهد
الثاني
يفتح
الستار ، خشبه المسرح مربعات بيضاء وسوداء ، الفريقين علي جانبي المسرح ، رؤوف يقف
وسط المسرح ، انا المخرج وانتم اللاعبين ، اللي اقوله يمشي ، اللي اقوله يتسمع !!!
الفريقين
يقفا علي جانبي المسرح ، يحدق فيهم ، الملوك فين !!!
يشرح له
اكرم مساعد المخرج ، مشيوا يااستاذ مشيوا ، قلقوا ، خافوا ، قالك لما تستقروا
بلغوني !!!
ضحك رؤوف
، نستقر اكتر من كده ، ده احنا مستقرين علي الاخر!!
الشريط
السينمائي في عمق المسرح ، نري طوابير طويله امام اللجان الانتخابية ، صخب ، زحام
، مشاهد ممزقه للانتخابات ، نري لافتتات للمرشحين لرئاسه الجمهوريه لانلمح ملامحهم
، صور شاحبه ، بعضها ابيض وبعضها اسود ، نري رؤوسا عليها عرف ديك احمر ، نري صور
مدرعات امام اللجان الانتخابيه ، الصناديق وهي تغلق بالشمع الاحمر ، كل هذه المشاهد
بلا صوت ، وفجأ ، نري مشاهد وقت اعلان النتيجه، صوت عالي يصاحب المشاهد ، فرحه
وبكاء ، صراخ وتكبير ، نحيب وهتاف و......................... عاش الملك مات الملك
، عاش الملك مات الملك !!!
يقف رجل
من وسط الجمهور ، اهو ده بقي اللي اكيد تزوير ، تزوير ، يصرخ بعصبيه تزوير تزوير ،
يصفق الجمهور يتصوره جزءا من المسرحيه ، تزوير تزوير ، ويصفق الجمهور اكثر واكثر
!!
فجأ يدخل
ملك علي راسه عرف احمر ويصفق للجمهور وللفريقين الابيض والاسود ويضحك ويحيهم ترتفع
الهتافات ، عاش الملك مات الملك ، عاش الملك مات الملك !!!!
تصفيق من كل
الواقفين علي المسرح وتغلق الستارة !!!!
( 60 )
خلاويص
مازال
الحوار بينهما صاخب ..
هي علي
مقعدها الوثير وهو علي الارض امامها ، يتناقشا ويتناقشا ، انا لازم اقتنع يايوسف
علشان اعرف احول الكلمات دي لبشر وحركه وحياه !!
اشرح لك
تاني ، اقلعي راسك ياخديجه وانت تحسي النص !!
ده بره
الاطار ، بره المألوف ، ده جنان في جنان !!
ضحك واضح
جدا ، دي مش محتاجه شرح !!!
يشرح لها
ويشرح ، يقفز من مكانه ، يحلق باذرعته في الفضاء ، يقفز فوق الكنبه ويعود للارض ،
يمثل ويمثل ، تضحك ، ماتيجي تمثل معانا !!!
ينهرها ،
حسيني وحسي النص ياخديجه ، دي مش كلمات ميته ، دي بشر بيتكلموا بيشرحوا بيعيشوا
!!!
سيدتي
الدوقة ، فهمتيني !!!
فاهماك
طبعا بس مش مصدقه ان ده ممكن يتعمل علي المسرح !!! خبط علي المنضده امامه ، لا ده
كتير قوي قوي علي ، انا مالي يتعمل ازاي علي المسرح انا مالي انا ياخديجة ، انا
بكتب وبس ، المسرح ده شغلتك انتي !!!
تسلل
المخرج من وسط الاوراق وجلس علي المقعد الخاوي امام خديجه وابتسم مستأذنا ، تسمحوا
لي اتكلم معاكم ، سيدتي الدوقه سيدي الكاتب !!!
هزت خديجه
رأسها ، انا باحلم اكيد ، انا نايمه ، اللي بيحصل ده كله بيحصل وانا نايمه ، من
كتر مافكرت في المسرحيه نمت مكاني علي الكرسي وبحلم بيها ، باحلم بيها وتصورت ان
المخرج خرج من الورق وقاعد معايا انا ويوسف بيناقشنا في النص !!!
اشار له
يوسف ليتكلم ، ياسيدتي الدوقة ، انا اكتر واحد فاهم يوسف عمل ايه وعمله ليه ، انا
مخرج العرض جوه النص ، انا اللي مفروض كنت حاعمل مسرحيه يتخانق فيها الفريقين
الابيض والاسود وواحد فيهم ينتصر ، لكن يوسف استخسر في المسرحيه وسرق ساحه الحرب
ورقعه اللعب وسابني اتخانق مع المساعد الغبي بتاعي !!! وهي دي الفكرة بالضبط !!!!
ضحكت
خديجة واشارت لفريده لتساعدها في الفهم ، الحقيني يافريدة ، بحثت عنها ، تعالي
بسرعه الحلم الغريب ده والحقيني ، المخرج المجنون بيشرح لي كلام فاضي ويقولي ، هي
دي الفكرة!!!
ابتسمت
فريدة في فراشها وهي تتسلل لحلم خديجة وسألتها ، هو كمان مجنون ، والله العظيم
انتم كلكم حتجننوني !!! ماله بقي ياستي المخرج ؟؟؟
شرح لهم
يوسف وهو في الحانه المظلمه يحتسي زجاجه النبيذ الثانيه محتفلا بانتهاءه من النص
الغريب الذي كتبه ، شرح لخديجه وفريده ، هو قصده يقول ان مافيش مسرحيه لا في النص
ولا في الحقيقه ، قصده يقول ، قصده يقول قصدي انا ، ان المسرحيه باظت في النص لان
رقعه اللعبه مشيت ، وهي بايظه في الحقيقه لان المخرج اللي مفروض نتكلم عنه ماعملش
حاجه علشان نتكلم عنه !!! الفكره بسيطه جدا ، صح يافريده ، ضحكت فريده وهي تطفي
نور المصباح الشاحب بجوار فراشها ، مش عارفه اقولك ايه يايوسف ، صح ولا غلط مش مهم
، المهم ان ده قصدك ، اخرجيه بقي ياسيدتي الدوقه وبلاش وجع دماغ ، ماتطيري الافيال
بدام يوسف خلاها بتطير ايه المشكله يعني ، اوعي تقولي لي مش منطقي الله يخليكي ،
ماتفوقنيش وتطيري النوم من عيني ، ماهو ياسيدتي الدوقه مافيش حاجه منطقيه اساسا
!!! تصبحي علي خير بقي ورايا شغل بدري بكره !!! واغمضت عينيها ونامت فريدة ..
مازالت
خديجه قابعه فوق مقعدها الكبير تحلم بالافيال التي تطير والجياد التي تحلق
والطوابي التي تنهار والملك المختبيء بعيدا عن حافه ثقب السماء وتضحك وتضحك
.................
سالها
يوسف من حانته البعيدة ، مابك سيدتي الدوقه ، انتي سكرانه زيي !!! هزت رأسها نفيا
، ايه حكايه سيدتي الدوقه دي صحيح ياعم السكران انت ؟؟؟ اشاح لها بيده ، دي حكايه
طويله ياسيدتي الدوقه لو قصصتها عليك لتبخرت الخمرة وانتبهت وفسد الاحتفال ،
فلنؤجل الحكايه لليله اخري لاتستحق احتفالا ولاخمرة !!!
عمت مساءا
سيدتي !!!!
ومازالت
الافيال تطير والجياد تحلق والطوابي تتأرجح والملك يصرخ ، خلاويص ، لسه ، خلاويص ،
لسه !!!!
( 61 )
كش ملك
مازال
يكتب ويكتب ............
يصرخ
المخرج ، المسرحيه باظت ، واللعبه كمان !!!
يضحك
الاطفال والملك يرتعش خلف حافه ثقب السماء ويسأل وزيره المرتبك بصوت مرتعش ،
خلاويص لسه خلاويص لسه !!
ينادي
المخرج الاطفال من القريه البعيده ، تيجوا تمثلوا انتم !!!
ينهره
الجندي الفار من اللعبه ، سيب الولد في حاله يافندي ، سيبهم يتعلموا يكتبوا ويقروا
، سيبهم يفلحوا في الارض اللي بارت ، سيبهم في حالهم ، اليوم لساهم صغار بكره
يشبوا ويفهموا الدنيا ، مسرحيتك ماسخه زي حالكم ، فريقين بيتكاتلوا علشان ملك ،
وكل ملك ضعيف مرعوش مستقوي بالعساكر تموت علشانه ، اللعبه ماسخه يافندي ، يالملك
يدافع عن نفسه يايروح !!
ضحك
المخرج ، يروح فين ياابني ، انت اللي لسه صغير ومش فاهم حاجه ، الملوك مابتروحش ،
مافيش لعبه من غير ملوك !!!
يصفق
الاطفال ويغنوا ، ياعسكري ياابو بندقيه تعال موت الست دي ، يصرخ فيهم الجندي ، مين
فهمكم كده ، مين قالكم اننا بنموت الستات ولا الرجاله ، مش شغلتنا لانموت الستات
ولا ندافع عن الملك ، شغلتنا حاجه تانيه خالص ، يانراعي الارض ونكبر الزرع ،
ياندافع عن الارض من العدا وولاد الحرام ، غير كده مش حنلعب ، لاانا ولا كل زملاتي
من كل كفر وجيهه !!
يصرخ فيه
الملك ، تعال دافع عني وانا اديك نيشان !!!
خليهولك
يافندي ، مش ناقصه غطيان كازوزه !!!
يصرخ فيه
المخرج ، اخرس خالص ، انت تخرس خالص ، انت تعمل اللي انا ااقوله وبس ، دي مسرحيتي
انا ولعبتي انا ، انت حياله حته عسكري خشب ، اعمل زيك الف من رجل كرسي مكسور،
وكلهم يقفوا ويترصوا قدام الملك يحموهم ويدافعوا عنه !!!
يضحك
الجندي ، بشوقك ، انت بشوقك يافندي ، احنا خلاص حنراعي الارض اللي بارت ، ولما
العدا يستجري يقرب حندبحه ، غير كده مالناش معاكم لعب !!!
يغني
الاطفال ، قناه السويس ، حفرها جدودنا عيسي وعويس ، جانا دليسبس قالنا هس انتو
النص واحنا النص ، جانا جمال ابو الابطال حررهالنا من الاستعمار !!!! اهو يافندي
الصغار فهموها لوحدهم وانتم لسه محتاسين ومش فاهمين حاجه !!! جانا جمال ابو
الابطال حررهالنا من الاستعمار ، يوافقهم الجندي ويصفق معهم ويغني سعيدا فرحا !!!
ومازال
الملك يصرخ من الثقب البعيد ،خلاويص ،لسه ، خلاويص ، لسه!!
( 62 )
الفصل
الثالث
المشهد
الثالث
تفتح
الستارة ، الملك علي عرشه ، عيونه بليدة وعلي وجهه ابتسامه بلهاء !!
يتسلل عمر
للبلاط ومعه الجندي ، يحدقا في عينه ويصرخا معا ، هو ده ، ينظرا للجمهور ويشاورا
علي الملك ، هو ده !!! ويختفيا من علي خشبه المسرح ويبقي الملك ، عليه اضواء كثيرة
ملونه وعيونه البليدة ثابته مكانها نصف مغلقه وعلي وجهه ذات الابتسامه البلهاء ...
يتردد صدي
صوت عمر ، انا باقول الحقيقه للتاريخ ، عايزين تصدقوني براحتكم مش عايزين تصدقوني
برضه براحتكم ، المصيبه انكم لو ماصدقتونيش ، حيفضل القاتل بينكم ، يقتل ويقتل ،
مره يقتلني ومره يقتل عسكري ومره يقتل جنودنا علي الحدود ، ومره يقتل صحفي ومره
يقتل شيخ ومره يضرب قسم شرطه ومره يحاصر محكمه ، حيفضل حر يعمل اللي نفسه فيه
وانتم مش مصدقين ومش عايزين تصدقوا ، براحتكم بقي !!!!
يمتلأ
المسرح بالممثلين والكومبارس بملابسهم البيضاء والسوداء ، يصرخا في رؤوف ، اللعبه
مش عاجبنا وماكنتش عاجبنا من الاول ، انت اللي قلت العبوا ، ادينا لعبنا ، وفي
الاخر مات الملك عاش الملك ، ولا فيه اي حاجه اتغيرت !!!
يتحركوا
بخطوه بطيئه علي المسرح ، يتقدموا صوب الملك وعرشه ، يتراجعوا ، يتقدموا ،
يتراجعوا ، يعلو الهتاف ببطء قول ماتخافش ، يتداخل الصوت بصوت عمر ، انا باقول
الحقيقه للتاريخ ، انا باقول الحقيقه للتاريخ ، يعلو صوتهم اكثر واكثر ، قول
ماتخافش ، قول ماتخافش ، تعرض مشاهد متلاحقه علي الشريط السينمائي ، جنازات،
مظاهرات ، كور نار تطير ، قتلي ، جرحي ، علي كوبري قصر النيل ، في التحرير ، في
المحافظات ، مشاهد متلاحقه سريعه ، وصوت عمر يهمس ، انا باقول الحقيقه للتاريخ ،
وصوت رؤوف ، نرجع للقواعد واللي اتغلب النهارده يكسب بكره ، يتداخل وصوت الممثلين
والكومبارس علي المسرح ، قول ماتخافش ، قول ماتخافش !!!
فجأ يخلوا
المسرحه الا من الفريقين ، جنود وجياد وافيال وطوابي ، اسود وابيض ، يتراصا في
طابور واحد ، يتحركا بخطوات بطيئه صوب الملك ، يحاول رؤوف يوقف حركتهم ، اللي
بتعلموه ده مش في اللعبه ، يدخل كومبارس كثيرين من الكواليس ، ينضموا للطابور
الطويل ، قول ماتخافش ، يصرح جندي ، احنا اساسا اللعبه مش عاجبنا ، قلتم طوابير
وقفنا ، قلتم قواعد احترمنا ، قلتم مات الملك قلنا عاش الملك ، في النهايه كل ده
مش عاجبنا !!!
صرخت سيده
من الجمهور ، ايه الكلام الفاضي ده ، دي ثورة !!!
صفق
الجمهور يحييها ، هي غاضبه مماتراه والجمهور سعيد !!!
اه ثورة
!!!!
تقدم
الملك بعرشه وسط المسرح ، تحلق حوله الفريقين والكومبارس وبعض من الجمهور ترك
مقاعده وجري مسرعا ووقف معاهم وصرخوا جميعا ، قول ماتخافش ، الملك لازم يمشي !!!
ابتسم
الجندي لعمر وقاله اموت مستريح كده يافندي ، اظنهم عرفوا مين اللي قتلنا !! ابتسم
عمر وقبض علي كفه ، اكيد عرفوا ، خدني معاك نموت براحتنا سوا ....
وفجأ
.............................. نري الملك واقف علي رقعه بيضاء وحوله ثلاث جنود
ووزير وطابيه وهم يصرخوا فيه ، كش ملك !!!
واغلق
الستار !!!!
انفجر
الجمهور بالتصفيق ، وفجأ تعالت الهتافات من وسط الصاله ، قول ماتخافش ، الملك لازم
يمشي ، قول ماتخافشي ، الملك لازم يمشي !!! ينظروا لبعض ويسألوا بعض ، ممثل ،
جمهور ، ويحتضنوا بعضهم ويهتفوا معا ، قول ماتخافش ، الملك لازم يمشي !!!ا
( 63 )
الدموع
اصطفوا
جميعا علي المسرح لتحية الجمهور ...
رؤوف ،
اكرم ، صفاء ، سناء وغيرهم ....................
يصفق
الجمهور بشدة ، وفجأ يخرج رجل من وسطهم ليعتلي خشبه المسرح ، فيزداد تصفيق الجمهور
، وفجأ تخرج سيدة من وسطهم لتصعد لخشبه المسرح ، فيزداد تصفيق الجمهور اكثر واكثر
، يهتف رجل من وسط الجمهور ، قول ماتخافش الملك لازم يمشي ، يردد الجمهور خلفه
الهتاف ، يجري صوب خشبه المسرح ويصعد يقف وسط زملائه ، ارتبك الجمهور ، الممثلين
وسطهم طيله العرض ، ليسوا ممثلين ولسنا جمهور ، هذه رساله يوسف التي برعت خديجة في
عرضها علي خشبه المسرح !!!
يصفق
الممثلون والكومبارس للجمهور ، تخرج خديجه لتحيه الجمهور ، يصفقوا لهم ومعهم يوسف
، يصفق ويصفق ، تنهال دموعه علي وجهه فرحا ، تصرخ خديجة باسمه ، تعالي يايوسف ،
تسقط الانوار عليه حيث يجلس ، يلتفت الجمهور صوبه ، تعالي حيي الجمهور ، يرتبك ،
تصفق ويصفقوا جميعا ، يصفق له الجمهور ، يساله احدهم انت كمان ممثل ، يضحك لا انا
المؤلف ، يحتضنه الرجل ، يسلم فمك يااستاذ ، يهرع يوسف صوب خشبه المسرح ، يصفق له
الجميع ومعهم خديجه ، دموعها تجري علي وجهها ودموع يوسف ايضا ، يقف يوسف علي خشبه
المسرح ويصفق للجمهور ، يصفق له عمر حيث هو ، وعدت واوفيت يايوسف
و................ تغلق الستارة !!!
صخب هائل
من الممثلين والممثلات ، يحتضنه رؤوف ، يقبل يد صفاء ، تقبل رأسه ، يبحث عن خديجه
لايجدها وسطهم ، يبحث عنها في الكواليس ، بعيدا تبكي ، يقترب منها ، يحتضنها ،
سيدتي الدوقه اسمحي لي اقولك ايه الشطاره دي ، يغلق ذراعيه حول وسطها ، تخنق رقبته
بذراعيها ، عمري ماكنت اتصور يايوسف ان الجنان بتاعك ده ، حيعمل مسرحيه ابدا ،
مازالت في حضنه ، يهمس جنانك انتي ياحبيبتي اللي عمل المسرحيه !!! تبتسم وسط
الدموع ، انت قلت ياحبيبتي ولا انا بيتهيالي زي كل مره ، لا قلت ، وبتقصدها ولا
استهبال ، لا باقصدها !!! وتختلط دموعهما معا وتنزلق في حضنهما الدافيء !!!
( 64 )
اخر حاجه
!!!
معا تجلسا
فريدة وخديجة في المقهي العتيق ، يتنظرا يوسف الذي وعدهما ينهي مقابله تلفزيونيه
ويسهر معهما ....
شفتي سعيد
كاتب ايه عن المسرحيه ياخديجة ، سعيد مين ، صرخت فريدة ، سعيد ياخديجة سعيد !!!
ضحكت ساخره ،حيكتب ايه يعني ده اساسا كداب ومابيفهمش اي حاجه ، ضحكت فريدة شاتمكم شتيمه يانهار اسود ، شاتمكم بشكل رهيب ،
لا فن ولا مسرح ولا معني ولا جمال ، ضحكت خديجه ، لو قال غير كده اقلق ، علي راي
عمر ياحبيبي الله يرحمه ، هو بيهوهو واحنا مالناش في الهوهوة !!!
هامت
قليلا مع افكارها وابتسمت وهمست لفريده ، تصدقي اني نسيت اساسا اني كنت متجوزة
الحيوان ده !!!! وضحكا وفجأ انتبهت ، امال لو عرفتي الزفته قالت ايه ، ضحكت فريده
، مين الزفته ، هي مافيش غيرها ريهام ، لما باقول الزفته تبقي هي ، ضحكت فريده ،
انت بتغيري منها وشايلاها علي راسك وزاعقه ، اعتدلت خديجه ، مين مين اللي اغير
منها دي ، انا اغير من الزفته دي ، ودي مين دي ان شاءالله علشان اغير منها ، اقترب
يوسف من خلف ظهرها وهي منفعله ، رأته فريده ولم تفسد المفاجأه ، مين اللي اغير
منها دي ، دي حثاله اساسا ولا تفهم بحاجه ، لمس كتفيها ، ارتعشت ، يوسف ، جلس وهو
يسألها مالك بتردحي ليه سيدتي الدوقة يابنت سلطح بابا ، ارتبكت خجله ، مابردحش ،
نظرت لفريده نظره غاضبه ، نبقي نكمل كلامنا بعدين ، وسالته ، عرفت ريهام هانم قالت
ايه عن المسرحية ، ضحك يوسف ، عارف ، طب انا مش عارفه ، همست فريدة ، قالت ان دي
ثورة مش مسرحيه ، انفجر يوسف ضاحكا، ريهام فاجئتني انها بتفهم ، كنت فاكرها
مابتفهمش اساسا !!! هي مابتفهمش لكن جت معاها كده ، كان نفسها تشتمنا فقالت كلمتين
صح من غير ماتقصد ، عوجت خديجه فمها ولكنتها وهمست ساخرة تقلد ريهام " لو
شكبسير كان قال وقال " وانفجروا جميعا ياضاحكين !!!
وابتسم
عمر راضيا ..
نهاية
الجزء الخامس والحدوته
( 1 ) صلاح عبد الصبور ( ليلي والمجنون )
( 2 ) صلاح عبد الصبور ( مأساة الحلاج
)
( 3 ) عبد الرحمن الشرقاوي ( الحسين شهيدا )
( 4 ) نجيب سرور ( ياسين وبهية )
( 5 ) نجيب سرور ( ياسين وبهية )
هناك 5 تعليقات:
تتشابك خيوط حكايات البشر
تتداخل فى تحدى للقدر فى بعض الاحيان الا انها تخضع له فى النهايه
كثير من البشر تتعدد اقدارهم فهم مابين العاقل الذى يداعبه جنونه والمجنون الذى يمكث مابين العقلاء ولكن دائما هناك جسور سريه تربط مابينهم
انه يوسف كل البشر فى روح وكل الاقدار فى قدر وكل الخيوط تتجمع معه وتنطلق من بين انامله لا يدرى متى يرتاح من قدرة وان كان يريد ان يرتاح ولكنه مستسلم للقدر وعنيد يرفض الاستسلام
سأبدأ من العنوان يا أميرة "كلمات متقاطعة" والذي جاء محملا بأكثر من دلالة: لعبة الشطرنج في مشهديات العرض المسرحي، والتقاطعات المحورية في حياة الشخصيات المركزية يوسف وخديجة وعمر وسعيد ... واللعبة الداخلية في العرض المسرحي بين المخرج والمساعد والممثلين والجمهور .. بالإضافة للدلالة المباشرة للكلمات المتقاطعة التي تشبه البازل الذي ينبغي لرؤيته بوضوح إكمال التقاطعات الأفقية والرأسية حتى تكون الصورة في النهاية .. ويتم حل المتاهة.
الحكاية كاملة تقوم على بنية اللعبة داخل اللعبة .. أو يمكن تسميتها المسرحية داخل المسرحية .. وهو بناء يذكر بعدد من الروائع المسرحية ربما كان أبرزها مسرحية ليلى والمجنون لصلاح عبد الصبور .. على مستوى النص .. ومسرحية كارمن لمحد صبحي على مستوى العرض، لا أعني هنا التأثر بأحد هذين العملين أو كليهما .. وإنما أقصد توضيح فكرة المسرح داخل المسرح كأساس نظري تنبني عليه الحكاية هنا .. والتي يميزها على مستوى مسرحة الحدث أكثر من سمة أسلوبية وموضوعية هامة ربما يمكن توضيحها في عدة نقاط رئيسة:
الأولى: تحاول الحكاية تقديم صورة بانورامية ممتدة عبر الزمان والمكان .. بانتقالها على خط الزمن من فترة تعارف الشخصيات المركزية في معهد الفنون المسرحية مرورا بثورة الطلبة وفتح كوبري عباس على المتظاهرين فجمعة الغضب وأحداثها المشتبكة على كوبري قصر النيل .. وصولا إلى اللحظة المستقبلية، لحظة عرض المسرحية بعد 7 سنوات من الآن، ومن خلال هذا الخط الزمني الممتد تنتقل الحكاية عبر المكان بنوع من الحرية التي تحرص على تحقيق نوع ما من الواقعية المكانية التي تؤكد ضمنيا أن شخصيات الحدث وأماكنه هي شخصيات وأماكن مصرية واقعية: قد تكون أنا أو أنت أو أي من القراء/المشاهدين.
الثانية: هذا الحرص الواضح على تحقيق مسألة الواقعية لم يمنع من قيام المسرحية على أساس رمزي غاية في البساطة والتعقيد في آن .. من خلال لعبة شطرنج .. يقوم الحدث فيها على كسر قواعد اللعبة في إشارة اسقاطية على الواقع المعيش من وجهة نظر مركزية تسعى الكتابة لإثباتها أن ثمة قاتل حر بيننا .. قاتل يسعى لكسر القواعد من أجل تحقيق مصلحة فئوية محدودة على حساب هذه الشخصيات الواقعية التي يتماهى القارئ معها ويتوحد بها .. قاتل هو أول النائحين على القتلى والمطالبين بالثأر لهم.
الثالث: الميلودرامية التي أردت وسم العمل بها بصورة أقرب لميلودراميات المسرح الطليعي المصري في فترة السبعينيات .. الأمر الذي وجد شرعيته الفنية من الشكل التجريبي للمسرحية التي قدمت داخل الحكاية .. ومن الاستشهاد الذي حرصت على تصدير كل أجزاء الحكاية به للشاعر الكبير نجيب سرور الذي كانت أعماله المسرحية علامات دالة وهامة في تاريخ المسرح الطليعي .. ثم صلاح عبد الصبور في الجزء الأخير.
سأبدأ من العنوان يا أميرة "كلمات متقاطعة" والذي جاء محملا بأكثر من دلالة: لعبة الشطرنج في مشهديات العرض المسرحي، والتقاطعات المحورية في حياة الشخصيات المركزية يوسف وخديجة وعمر وسعيد ... واللعبة الداخلية في العرض المسرحي بين المخرج والمساعد والممثلين والجمهور .. بالإضافة للدلالة المباشرة للكلمات المتقاطعة التي تشبه البازل الذي ينبغي لرؤيته بوضوح إكمال التقاطعات الأفقية والرأسية حتى تكون الصورة في النهاية .. ويتم حل المتاهة.
الحكاية كاملة تقوم على بنية اللعبة داخل اللعبة .. أو يمكن تسميتها المسرحية داخل المسرحية .. وهو بناء يذكر بعدد من الروائع المسرحية ربما كان أبرزها مسرحية ليلى والمجنون لصلاح عبد الصبور .. على مستوى النص .. ومسرحية كارمن لمحد صبحي على مستوى العرض، لا أعني هنا التأثر بأحد هذين العملين أو كليهما .. وإنما أقصد توضيح فكرة المسرح داخل المسرح كأساس نظري تنبني عليه الحكاية هنا .. والتي يميزها على مستوى مسرحة الحدث أكثر من سمة أسلوبية وموضوعية هامة ربما يمكن توضيحها في عدة نقاط رئيسة:
الأولى: تحاول الحكاية تقديم صورة بانورامية ممتدة عبر الزمان والمكان .. بانتقالها على خط الزمن من فترة تعارف الشخصيات المركزية في معهد الفنون المسرحية مرورا بثورة الطلبة وفتح كوبري عباس على المتظاهرين فجمعة الغضب وأحداثها المشتبكة على كوبري قصر النيل .. وصولا إلى اللحظة المستقبلية، لحظة عرض المسرحية بعد 7 سنوات من الآن، ومن خلال هذا الخط الزمني الممتد تنتقل الحكاية عبر المكان بنوع من الحرية التي تحرص على تحقيق نوع ما من الواقعية المكانية التي تؤكد ضمنيا أن شخصيات الحدث وأماكنه هي شخصيات وأماكن مصرية واقعية: قد تكون أنا أو أنت أو أي من القراء/المشاهدين.
الثانية: هذا الحرص الواضح على تحقيق مسألة الواقعية لم يمنع من قيام المسرحية على أساس رمزي غاية في البساطة والتعقيد في آن .. من خلال لعبة شطرنج .. يقوم الحدث فيها على كسر قواعد اللعبة في إشارة اسقاطية على الواقع المعيش من وجهة نظر مركزية تسعى الكتابة لإثباتها أن ثمة قاتل حر بيننا .. قاتل يسعى لكسر القواعد من أجل تحقيق مصلحة فئوية محدودة على حساب هذه الشخصيات الواقعية التي يتماهى القارئ معها ويتوحد بها .. قاتل هو أول النائحين على القتلى والمطالبين بالثأر لهم.
الثالث: الميلودرامية التي أردت وسم العمل بها بصورة أقرب لميلودراميات المسرح الطليعي المصري في فترة السبعينيات .. الأمر الذي وجد شرعيته الفنية من الشكل التجريبي للمسرحية التي قدمت داخل الحكاية .. ومن الاستشهاد الذي حرصت على تصدير كل أجزاء الحكاية به للشاعر الكبير نجيب سرور الذي كانت أعماله المسرحية علامات دالة وهامة في تاريخ المسرح الطليعي .. ثم صلاح عبد الصبور في الجزء الأخير.
ورابعا: قامت لعبتك المسرحية على استخدام كل التقنيات المسرحية الحديثة التي انتصرت بها نظرية العرض المسرحي على نظرية النص .. من خلال كسر الحاجز الرابع بين الممثلين والجمهور مثلا .. واستخدام القواعد البريختية في مشاركة الجمهور في صناعة الحدث المسرحي .. بل والاستخدام المميز للأساليب السينوغرافية الحديثة في في اكمال المشهد ومن بينها الاستخدام البديع للعرض السينمائي .. الذي اعتمد أيضا على الجمهور ذاته لتأكيد مسألة التشارك المطلوبة في العرض.
غير أنه ولأنها كلمات متقاطعة بالفعل فقد كانت هناك الكثير من المربعات الميتة (السوداء) في اللعبة التي على الرغم من عدم تأثيرها في الخط الدرامي العام للعرض إلا أنه كان هناك حرص قسري في رأيي على تقديم عدد من الأحداث الباهتة التي لن يؤثر تظليلها على جمال العمل خاصة مع كونها أقرب للكليشيهات النمطية التي تناولتها الدراما التليفزيونية خصوصا بأكثر من زاوية ومن أبرزها شخصية سعيد .. الزوج الأول لخديجة .. والذي يبدو لي أنك حرصت على تقديمها لتحقيق نوع ما من التوازن الواقعي أو الإنساني للشخوص المتقاطعة .. حتى لا تكون هناك تفرقة قسرية بين الأبيض والأسود كما في رقعة الشطرنج .. غير أن الشخصية في تصوري لم تكن ذات أثر درامي فاعل في النص .. الأمر ذاته ينسحب على شخصية والد خديجة الذي لم يكن مؤثرا في الحدث إلا بحدود حرصك الشخصي كمؤلفة للعمل على تناول شخصية العضابط (العسكري) وتناولها في الخطاب السياسي المعاصر ... الأمر ذاته الذي استحضرت معه أغنية الأطفال عن قناة السويس وديليسبس والزعيم جمال عبد الناصر .. الأمر الذي يمكن تبريره باهتمامك بالرد على بعض المقولات السياسية الآنية ولو على حساب امتداد الحدث الدرامي فنيا
أخبرا: في تصوري أن مركزية العمل تنتمي لفن المسرح بامتياز .. أو هي الدراما السينمائية التي تتطلب مخرجا من نوعية علي عبد الخالق على التحديد ليقدم لنا أغنية جديدة على الممر .. مع كل مساحات التجريب المدهش في البناء .. وإن كنت حريصا على تسجيل اختلافي مع الاستطرادات الزائدة أحيانا والتدخل القسري بمقولات شارحة لم أجد تبريرا فنيا لها سوى أن "هذا ما يريده المؤلف"
يبقى أن أشير لأن الشخصيات في الحكاية كانت فعلا من لحم ودم لدرجة توحد القارئ معها ومعايشته لها .. وإن كانت بعض الشخصيات كما أشرت سابقا لم تكن أكثر من "كليشيهات" متكررة سيقترب فيها سعيد مثلا من شخصية درامية معروفة في بلاط صاحبة الجلالة
نص ممتع أتمنى فعلا أن تفكري في تحويله لعمل درامي خاصة وأن تعدد التقنيات المسرحية فيه سيكون بمثابة فرصة ممتعة لأي مخرج طليعي مهتم بعناصر المختبر المسرحي ونظريات الأداء
استمتعت
ورابعا: قامت لعبتك المسرحية على استخدام كل التقنيات المسرحية الحديثة التي انتصرت بها نظرية العرض المسرحي على نظرية النص .. من خلال كسر الحاجز الرابع بين الممثلين والجمهور مثلا .. واستخدام القواعد البريختية في مشاركة الجمهور في صناعة الحدث المسرحي .. بل والاستخدام المميز للأساليب السينوغرافية الحديثة في في اكمال المشهد ومن بينها الاستخدام البديع للعرض السينمائي .. الذي اعتمد أيضا على الجمهور ذاته لتأكيد مسألة التشارك المطلوبة في العرض.
غير أنه ولأنها كلمات متقاطعة بالفعل فقد كانت هناك الكثير من المربعات الميتة (السوداء) في اللعبة التي على الرغم من عدم تأثيرها في الخط الدرامي العام للعرض إلا أنه كان هناك حرص قسري في رأيي على تقديم عدد من الأحداث الباهتة التي لن يؤثر تظليلها على جمال العمل خاصة مع كونها أقرب للكليشيهات النمطية التي تناولتها الدراما التليفزيونية خصوصا بأكثر من زاوية ومن أبرزها شخصية سعيد .. الزوج الأول لخديجة .. والذي يبدو لي أنك حرصت على تقديمها لتحقيق نوع ما من التوازن الواقعي أو الإنساني للشخوص المتقاطعة .. حتى لا تكون هناك تفرقة قسرية بين الأبيض والأسود كما في رقعة الشطرنج .. غير أن الشخصية في تصوري لم تكن ذات أثر درامي فاعل في النص .. الأمر ذاته ينسحب على شخصية والد خديجة الذي لم يكن مؤثرا في الحدث إلا بحدود حرصك الشخصي كمؤلفة للعمل على تناول شخصية العضابط (العسكري) وتناولها في الخطاب السياسي المعاصر ... الأمر ذاته الذي استحضرت معه أغنية الأطفال عن قناة السويس وديليسبس والزعيم جمال عبد الناصر .. الأمر الذي يمكن تبريره باهتمامك بالرد على بعض المقولات السياسية الآنية ولو على حساب امتداد الحدث الدرامي فنيا
أخبرا: في تصوري أن مركزية العمل تنتمي لفن المسرح بامتياز .. أو هي الدراما السينمائية التي تتطلب مخرجا من نوعية علي عبد الخالق على التحديد ليقدم لنا أغنية جديدة على الممر .. مع كل مساحات التجريب المدهش في البناء .. وإن كنت حريصا على تسجيل اختلافي مع الاستطرادات الزائدة أحيانا والتدخل القسري بمقولات شارحة لم أجد تبريرا فنيا لها سوى أن "هذا ما يريده المؤلف"
يبقى أن أشير لأن الشخصيات في الحكاية كانت فعلا من لحم ودم لدرجة توحد القارئ معها ومعايشته لها .. وإن كانت بعض الشخصيات كما أشرت سابقا لم تكن أكثر من "كليشيهات" متكررة سيقترب فيها سعيد مثلا من شخصية درامية معروفة في بلاط صاحبة الجلالة
نص ممتع أتمنى فعلا أن تفكري في تحويله لعمل درامي خاصة وأن تعدد التقنيات المسرحية فيه سيكون بمثابة فرصة ممتعة لأي مخرج طليعي مهتم بعناصر المختبر المسرحي ونظريات الأداء
استمتعت
إرسال تعليق