الجزء الثاني
( 9 )
انت اجدع واحدة قابلتها
العالم كله خاوي ... وهذه نتيجه
منطقيه لرحلة الرحيل التي اكلت سنوات العمر وايامه
العالم كله خاوي ، الاصدقاء الذين
كانوا لم يعدوا
فارقت بيننا الايام والذكريات وباعد
بيننا دومات الحياه والحزن
لولاك ، لبقي العالم خالي ومت من
الوحدة
لولاكي ، لبقيت لااكلم الا نفسي ،
يأكلني الاكتئاب ويميتني الف مره كل ثانيه
لولاكي ، ويدك التي امتدت لي تنتشلني
من وحدتي وغربي وهمي وكوابيسي لضعت للابد
لولاكي انت .... مااكملت بقيه ايامي
وماعشتها
علي فكرة ......... انت اجدع واحدة
قابلتها في حياتي
ابتسمت زهرة وهي تسمع صوته
يأتيها من بعيد !!!
ابتسمت ، هو الان في مكان بعيد ، وحيد
غريب يبكي ، هو الان ، وحيد والوجع يقتله والغربه تخنق انفاسه ، هو الان ، يراجع
كل حياته فيستشيط غضبا لانه بدد الايام ولم يعشها وخاف من الموت فاضاع الحياة ، هو
الان يبكي بحرقه ويتذكرها فيرسل لها رساله تحيه من مكانه المجهول لمكانها الذي
يعرفه ...
احيانا تستقبل زهرة تحيته وهي
تحمم اولادها فتبتسم ، واحيانا تستقبلها وهي تسمع لموسيقي بعد يوم شاق طبخت وغسلت
وذاكرت للاطفال وزارت ام زوجها في المستشفي وروت نباتات الظل وفي نهايه اليوم
تحممت وجلست علي مقعدها الهزاز تسمع للموسيقي تغسل روحها من الارهاق والهم ، وقتها
تستقبل رسالته فتبتسم ، والله ليك وحشه يااسامه !!!ا
احيانا تستقبل رسالته وتحيته وهي وسط
الاطفال المرضي في المستشفي ، توزع عليهم حنانها وهداياها ، تستقبل رسالته فتتذكره
وتتمناه لو كان معها وسط الاطفال المرضي ، ليتعلم منهم معني المقاومه ومعني التشبث
بالحياه ..
تعرفت عليه وسط مجموعه اصدقاء ، لمحت
حيرته وضياعه ، قرأت روحه ومخاوفه ، لم تقرر تساعده ، ولا تنتشله من حالته ولا
تعالجه ، فقط قررت تمنحه صداقتها واخوتها ، لم تكن تعرف معني ماستمنحه لها ، انها
القشه التي تنقذ الغريق الذي شرب كل ماء البحر واوشك علي الغرق ، انها رشفه المياه
التي تعيد الحياه للتائه في الصحراء يهذي ويجري خلف السراب ، انها الضربات القويه
التي تلكم بها القلب الخامل في الجسد الذي يوشك علي الموت فيعود للحياه من قوه
الضربات واصرار صاحبها علي انقاذه من الموت ، هكذا كانت زهرة في حياة اسامه ،
الصديقه والاخت التي منحته مشاعرها الطيبه الصادقه فاخرجته من جب الصمت وحطمت من
حوله جدران الخرس الموجع !!!!
بس انا مش قاصده يااسامه ، ماهي دي
المصيبه يازهرة ، انك مش قاصده ترجعيني للحياه لكنك رجعتني !!!!
ومازالت الغربه تحاصره والوحده تقبض
عليه ومازالت زهرة صديقته الاعز والاقرب لقلبه !!!
كلما ارهق من الحياة تذكرها ، زهره
نضره في وطنه ، منحته ببراءتها صلابه وقوة لا تعرف انها منحته له !!!
مش بقولك انت اجدع واحده قابلتها
!!!
سالته ذات يوم ، حبيبت يااسامه ؟؟ قص
عليها حكايه نسمه التي اوجعته ورحلت وحكايه سابا التي قرف منها وتركتها ، قص عليها
حكايته مع الفت وبطولتها التي لم يتحملها ، قص عليها انتظاره لفاتيما التي احبها
قبلما يراها ولم يراها لكنها لم تأتيه ومازال ينتظرها ، حكي لها عن الجزائرية التي
رفض يتزوجها لان "المول" اهم في حياتها منه ، حكي لها عن زوجته التي
ظلمها مرتين ، المره الاولي حين تزوجها وهو لايحبها والمره الثانيه وهو يطلقها ،
تتابع زهره قصصه وتشعر بالاسي له وعليه ، قال لها خجلا مافيش ولا واحده فيهم ادتني
حياه في حضنها ، وانت عارفه ، قال هذه الجمله خجلا ، انت عارفه انه احيانا يكون
دفء المرأة في الفراش هو الحياة ذاتها ، هزت راسها وقالت عارفه ، سالته وبعدين ،
قال لها ولا قبلين ، انتظر من ستمنحني الحياة فامنحها مشاعري ، لاتوجعني ولا
اوجعها ، لاتصدر لي موت روحها ولا تسحب رحيق روحي وتقتلني ، ابتسمت وطمأنته وقالت
له ، مسيرك حتلاقيها ، اطمئن اسامه لكلامها ، مادامت قالت سيتحقق ، هذه هي زهره
صديقته ، ومازال ينتظر الحبيبه التي تمنحه الحياة ، سيعثر عليها مادامت زهره قالت
له انه سيجدها ، ومازال ينتظر وينتظر وينتظر !!!! ا
( 10 )
احتاج ان اعيش كراهب
لفترة
فتح كفه وسلمه لها ....
نظرت في بطن كفه وصمتت تماما ..
خير ياامي ، خير ياولد
.... كل الخطوط ممسوحه وكفك اخرس زي قلبك مابينطقش والهم جبال !!!!
ضحك ، يعني ايه لافيه خط
عمر ولا فيه خط حب ولا فيه اي خطوط !!!
هزت الاعرابيه التي
قابلها وهو يجلس في خيمه اعرابيه وسط صحراء سينا رأسها استنكارا ونفيا ، هزت
الاعرابيه راسها وهمست له بمنتهي الاسي .... خطوطك خرسا زي قلبك وقلبك مكسور والهم
جبال ... ربنا يعينك ياولدي !!!!
حدق في كفه ، فعلا كل
الخطوط ممسوحه !!!
احس الاسي ، حتي اللعبه
التي قرر يسري بها علي نفسه افسدها الخرس !!!!
شرب الكأس الاخير في
زجاجه النبيذ المعتقه التي اشترتها سابا بجواز سفرها الاجنبي ومنحتها له من خلف
الوطن وحكامه الجدد ، شرب الكأس الاخير وسري الخدر في جسده فقذف به علي الرمال
البارده وتمني الجنيات تعتليه وتمنحه اغوائها فيمنحها هواه ، لكن الصحراء لم تمنحه
الا ذراتها تردم عينيه وقلبه و............... وكأن عفاريت الوحده لاتبارح عشه !!!!
و.......................
لمست " سابا " كتفه وهمست بانجليزيه مكسرة تساله الن يذهب معها
لبيتها ؟؟!!!!
رفع راسه من فوق الرمال
وحدق فيها ، جميله سابا ، لكن نجوم الليل والوحدة اجمل !!!
هز راسه نفيا ، روحي انت
وبكره نتقابل !!!!
همس لنفسه ، احتاج ان
اعيش كراهب لفتره ، عزفت النساء وعزفتك ، لاتمنحيني الحياه التي احلم بها وحضنك
بارد ، نسمه هجرتني وتزوجت والفت اغلقت قلبها في وجهي واحبت وطنها اكثر وربما
لامتني لاني تركت العلم علي الرصيف ورحلت ، فاتيما لم تأتيني عربية الدماء غجريه
الملامح ولم تقارعني كؤؤسي علي البحر علي نغمات سيناترا ، وانت ، انت ياسابا ،
قابلتني والاربعين تلاحقني بسنواتها الكثيرة ، لم اعد شابا تحركه شهواته لاجري خلفك
، بحثت عن الحب فخدعتيني ، اوهمتيني انك تحبيني ، لكنك لاتبحثي الا عن الجنس
وظننتي ان كتفاي العريضتان وجسدي الممشوق رغم سنوات العمر والضحكات التي اقهقها
وسط الليل ستمنحك السعاده ، لكن الجنس ياعزيزتي قليلا مايمنح السعادة
كثيرا مايمنح الحزن وانت منحتيني الحزن فمنحتك حزنا اكبر وكاد مابيننا ينتهي لكنك
جبانه تتمسكي بي وانا جبان اهرب منك ، لااكترث بفراشك ولا احضانك ولا الجنس
المجاني الذي تمنحيه لي ، اتركيني وعودي لبيتك ، زهدت النساء وزهدتك ، عزفت عنهن
وعنك ، احتاج ان اعيش كراهب لفتره !!! قال كل هذا لنفسه وهي تحدق فيه تنتظر بقيه
كلامه ، لم يقل كلمه لها وابتسم واغمض عينيه ، روحي انت وبكره نتقابل ، نظرته
ونبراته كاذبه ، لن يقابلها غدا ، هذه هي اخر كلماته ، سيختفي من حياتها ، عادي ،
اكم من رجال قاسموها زجاجه النبيذ وفراشها وفي اليوم التالي هجروها واختفوا ،
لاتكترث بما يفعلوه فيها ومعها ، هي تقتنص منهم ليله او اكثر ، تفرغ شهوتها في
اجسادهم وحين يهجروها تبحث عن اخر والاخرين كثر !!!!ا
سوف تستيقظين من النوم العميق علي رائحه انفاسي في فراشك ولاتجديني ، سمعته وكأنه يهمس لها بتلك الكلمات ، اجابته صامته ، لن ابحث عنك لاني اعرف انك سترحل ، الوداع يااسامه وهزت سابا كتفيها بعدم اكتراث وكأنه لايعنيها وسارت بخطوات بطيئه تبعثر ذرات الرمال في عينيه !!!! بقي اسامه نائما فوق
الرمال البارده حتي ارتعش جسده ببرد الصباح ، لو شاهده غريب لتعجب من حال ذلك
الرجل الذي ينام فوق الرمال ملتحفا بالسماء وتجري من حول بدنه المتعب عقارب صغيره
لاتقترب منه ولا تعقره !!!!
مالك يارجل تتصرف برعونه
الشباب ولست بشاب ، انت رجل ناضج تتناثر الشعيرات البيضاء في شعرك الطويل الذي
تترك يقارب كتفيك ، لايليق بك ماتفعله ، استيقظ وعد لفراشك وتدثر بالغطاء الذي يقي
جسدك شر البرد ، يسمع اسامه الصوت الذي يلومه يأتيه من داخل راسه ، وانت مالك انت
، انا حر ، ضحك اسامه ، لست حرا ايها الرجل ، لو كنت حر لعدت للميدان ولوحت بعلمك
الملقي علي الرصيف في وجه الطغيان ، لكنك قررت الا تبقي حرا ، حريتك كانت في يديك
وقت غضبت وتظاهرت وكدت تموت ، لكنك خفت من الموت ففرت من الحريه وقنعت بعيش
لايعجبك ، لا انا حر ، حر اي اعيش زي ماانا عايز ، جبان شجان مش مهم المهم اني
عايش زي ماانا عايز ، يسخر منه الصوت البعيد ، انت مرمي علي الارض والعقارب بتحوم
حواليك ، اي عقربه يضيع دليلها وتوه في سكه رجوعها للجحر اللي ولادها فيه تسمك
وتموت مرمي علي الارض لاحد يعرف طريقك ولا يزعل عليك ، قوم ياراجل نام واتغطي وشوف
حتعمل ايه في حياتك اللي عمالك تضيعها علي النسوان ، قوم انقذ اللي فاضل ، مالك ،
قررت تكتب اسمك ليه علي اجساد النساء ، الم يعد لك ميدان تثبت فيه شجاعتك ورجولتك
الا تلك الاجساد البضه الطريه ، ساحهتن هي الساحه الوحيده المفتوحه في وجه اعلامك
، قوم ياراجل انقذ علمك المرمي علي الرصيف واصرخ وقول مش عاجبني وموت بطل ، وتسوي
ايه العيشه لما تكون مش عيشه ، تسوي ايه العيشه وانت مرمي علي الارض والعقارب
بتجري من حواليك رافضه تقرصك وتموتك وتريحك !!! قوم ياراجل ، ضحك اسامه واغلق
عينيه وقرر ينام بعمق واستدعي كابوسه الوحيد ليذكره بأن كان في يوم من الايام بطل
، نام ولاول مره فهم لماذا يطارده الكابوس ، اناني انت حتي وانت تتوجع بسم
الكابوس الذي يجري في عروقك يخنق روحك ويخنقك ، اناني انت لاتشفق علي صديقك الذي
مات بين ذراعيك ، تستدعي لحظه موته كل يوم لتذكر نفسك انك كنت بطل في الميدان
وتنسي انك تركت العلم ورحلت !!!!ا ضحك اسامه ونام والخمر المغشوش يتلاعب براسه
وبكوابيسه !!!ا
وسطعت الشمس في عينيه
ففتحها ولم يري شيئا ، لم يري شيئا لكن فكرة سطعت في راسه اوضح من ضياء شمس
الصحراء في ظهيره يوم حار ، عليه يرحل ، سيترك تلك البلغاريه التي هجرت بلدها
وعاشت في سينا تحب في رجال مصر وتمنحهم جسدها فيمنحوها دفئا لم تعثر عليه في
بلادها البارده ، سيرحل ، سيعود للفندق ، يلملم ملابسه ويعود لطنطا ، اشتاق للمشبك
ورائحه البيت ولنسمة ....
ستعود لطنطا يااسامه لن
تجد نسمة !!!! نسمه رحلت يوم مات ابيك ، تزوجت الرجل الذي اجبرها ابيها تتزوجه ،
ببساطه هجرتك!!
هل تنتقم من كل نساء
الارض يااسامه لان نسمه هجرتك ، هل قررت يومها الا تمنح احداهن قلبك ، هل قررت
تمنحهن جسدك وفورة رجولتك وعنفوانك وقسوتك وتحرمهن من قلبك !!!!
اعترف ، اعترف حتي مع
نفسك ان نسمه اوجعتك حتي الموت ، فكرهتها وخفت من الموت ، كنت تظنها الحياة فغدرت
بك فعلمتك ان الحياة غادره لاتمنح طمأنينه فخفت اكثر مما انت خائف ، اعترف يااسامه
، اعترف وانت ملقي علي الرمال البارده والعقارب تحوم حولك ، اعترف قبلما تمل عقربه
من مرواغتك فتقعرك وتسمك وتتركك تموت وحيدا ملقيا علي رمل الصحراء ، اعترف ان نسمه
اوجعتك لحد قررت معه توجع كل النساء ، تغازلهن وتهرب ، تقترب وتبعد ، تمنحهن الجنس
الموجع وتحرمهن الحب الدافء ، تغوص في احضانهن وانت غريب فتقتلهن بشهوتك ، اعترف ،
انت تهرب في اجسادهن من وجعك وان مايمنحهوه لك لايريحك ولا يطمئنك ولا يسعدك !!!!
اعترف ان نسمة جففت منابع روحك فمت الف مره في احضان كل النساء!!!ا
ضحك اسامه من كل ماسمعه
من صوت راسه ، ولعن الطبيب الذي لم يمنحه دواء يشفيه ويسعده ، لعن الطبيب ولعن
الصوت الهامس في اذنه ، ليست نسمه من هزمتني ايها الغبي ، انا هزمت نفسي يوم قررت
اعيش مثل كل الناس ، يوم تركت علمي علي الرصيف ، يوم كرهت الوطن الذي كنت احبه
لكني استخسرت فيه عافيتي ، يوم خدعت من رفاقي الذين شاركوني الهتاف ثم باعوني
واشتروا بدم الشهداء البذلات الجديده التي ارتدوها وهم يقسموا اليمين ان يراعوا
صالح الشعب وصالح الوطن بعدما صاروا حكاما واعادونا محكومين مقهورين ، انا هزمت
نفسي ، يوم خفت من الموت فرحلت من الميدان وخفت من الحياه فرحلت عن الوطن
وخفت من الحب فهربت لاحضان الغانيات ، تركتني نسمه وتركت الوطن فصارت الوحده رفيقي
في رحلات الرحيل والغربه ،هزمت نفسي يوم فررت منها ونسيت اعيش وانا افكر كيف افر
من الموت !!! انا من هزمت نفسي ياايها الغبي !!!ا
والقي ملابسه من النافذه
وترك لسابا خطابا لم تقرأه لانها قضت نهارها تبحث عن رجل يدفيء فراشها الخالي ،
والقي ملابسه من النافذه ونام طويلا في الاتوبيس يحمله من سينا لطنطا وشالله ياسيد
يابدوي ياشيخ العرب وهمس لنفسه ، من جديد سيبدأ الرجال في بلاد بعيدة رحلتهم ، لقد
دق جرس الرحيل !!!!ا ونام في الاتوبيس واستيقظ وهو يردد لنفسه كرماتك ياشيخ العرب
زيح عن قلبي الهم ...ا
( 11 )
NO WOMAN NO CRY
في فندق فاخر وسط لندن يعيش اسعد ايام
حياته ، نعم يعيش اسعد ايام حياته !!!
نعم ..... سنوات خمس من الشقا وهدة
الحيل ، واوضه حقيره في حي الزنوج وغسيل الطباق والجنيه فوق الجنيه ، والدنيا
دايما سابقاني ، كل مااقول خلاص راجع ، الفلوس تطير والبرد في الاوضه الحقيره ياكل
عضمي وايامي ويهدني ، حافضل لغايه امتي قانع بالاوضه الحقيره علشان احوش علشان
اعرف اعيش ، ماطظ في العيشه اللي من النوع ده وبالطريقه دي ، الموت احسن منها ،
الموت راحه ، يرمي ملابسه من نافذه الاوضه الحقيرة ، يسمع سبابه باذنه ، الست
التخينه اللي قاعده علي سلم البيت بتشتمه في الرايحه وفي الجايه ، مش عاجبها حاله
، وانت مالك ياوليه ياتخينه انت ، لاانا ابنك ولا ليك كلمه علي ، مالك اني باعلي
الراديو ، عايز اسمع عبد الحليم براحتي ، حتي الاغاني مش حاسمعها براحتي ، ياوليه
ياتخينه ياندله ، تجيبي لي البوليس وسط الليل ، ويقبضوا علي وياخدوا الراديو ، ال
ايه بازعج الجيران ، جيران ايه ، هما دول جيران يتعمل حسابهم ، مايتحرقوا بجاز وسخ
، انت حيالله وليه تخينه وبتشتغلي في البيوت تنضفيها وعامله لروحك حيثيه ، ال يعني
ملكه انجلترا ، مالك مناخيرك المفطوسه دي طالعه في السما كده ، ال ايه انا مصري
وانت انجليزيه ، انت انجليزيه انت ، باماره ايه ، شعرك الاصفر ولا عينيك الزرقا
ولا جسمك قشطه زي شق اللفت ، ده انت ياوليه من افريقيا ، وفوقي من اوهامك بقي ، هو
لما يبقي سيدك خواجه تبقي انت زيه خواجايه ، انت من عرق افريقي ، من جد قبض عليه
جد سيدك وحبسه في المركب وشغله عبد عنده ولما جد سيدك زهق منه ربطه في الشجره ونزل
فيه ضرب ، انت عبده ياللي مش واخده بالك ، انت عبده وانا عبد ، انت سبتي بلادك
اللي ماتعرفيهاش وجيتي ، شبطتي في الخواجات وقلتي انا منهم ، المصيبه انك مصدقه
وهما مش مصدقين ، وانا عبد ، سبت بلادي اللي اعرفها لاني مابقيتش اعرفها وجيت ،
قلت حانسي بلدي وجلدي واصلي وفصلي وحاغسل طباق الخواجات واحوش قرشين وارجع انسي حي
الزنوج والاوضه الحقيره وابقي بيه لا ابقي باشا ....
لكن السنين جريت ، ولا بقيت باشا ولا
ربع بيه ، والعيشه غاليه وفلوس غسيل الطباق ماتكفيش تشتري الايام اللي نفسي فيها ،
خلاص بقي ، ملعون ابوها بنت كلب ايام الغربه ، حارجع لامي ولطنطا وللمشبك وللسيد
البدوي اخش المقام واتوضي واصلي واترجاه يشفع لي يوم المشهد العظيم ، لما يحاسبوني
علي كل الخمره اللي شربتها وكل الحريم اللي غوتهم وغووني ، لما يحاسبوني علي امي
اللي سبتها ورايا وقلت اعيش لروحي ، وحرام عليكي ياامه الللي بتعلميه في ، عيطت
وسكتت ، وبسرعه لميت هدومي وسبتها قبل ماتصحي من وجعها وتوجعني ، وتسمعني سم
الكلام اللي اتعودته تسقيه لي نقطه نقطه !!!!
ملعون ابو دي عيشه سوده ، عمر فلوس
غسيل الطباق ماتشتري لي مستقبل في بلادي اللي اديتها ضهري ومشيت ، وحياه رحمه ابويا
الغالي لا حمشي ، ارجع بلدي واكلها بدقة !!!!
وقف اسامه امام المرآه المشروخه ،
شاهد وجه عشرين قطعه ممزقه ، وكأنه شاهد روحه !! ماتبطل تكذب علي روحك، لا انت جيت
علشان مش عارف تشتغل في بلدك ولا انت راجع بلدك لانك عايز تاكلها بدقة ، ماتبطل
تكذب علي روحك ، انت جيت لما الغربه بقت هناك وهنا زي بعضه ، لما بقي الوطن مش وطن
والعيشه مش العيشه ، جيت لما زرعت اللوتس وحصدت الحنظل والمرارة وكل الاحلام ضاعت
، ماتبطل تكذب علي نفسك ، انت جيت هنا هربان ، ولما لقيت الغربه ماسك روحك ومتبته
ومش عارف تعيش قررت تهرب من الغربه ترجع وطنك لعل وعسي تشعر ببعض الونس والطمأنينة
، انت خلاص تعبت يااسامه تعبت ، والاحلام بعيده والعمر عمال يجري ، تعبت ونفسك
ترجع الميدان ترفع العلم وتموت هناك ، كانك ندمان انك مامتش هناك ، كانت فرصتك
تعيش وتتخلد ، كانت فرصتك لكن صاحبك سرق رصاصه القناصه في قلبه وعاش في قلوب كل
الناس وانت فضلت عايش ومش عايش ، عايز ترجع لوطنك ارجع ، لكن بطل تكذب علي نفسك ،
كفايه بقي !!!
حدق اسامه في المرأة المشروخه ووجه
الممزق عشرين قطعه وابتسم ابتسامه حولتها المرايه لمعالم رعب وخوف ، انه يري روحه
ولا يري ملامحه !!!!!
عايز اروح الاوبرا ، عايز انبسط ،
عايز اعيش ، علشان لما اموت ماازعلش اني مت اونطه بعد ماعشت اونطه !!!!
قرر اسامه ينهي الغربه ووجعها ويعود
لطنطا وجري لعابه يذكره بمذاق المشبك ودفء الشمس في الدلتا الطيبه !!!
قرر ينهي الغربة ...
قذف اسامه ملابسه من نافذه الاوضه
الحقيره التي كان يقطنها ، مر علي محل الملابس الذي لم يتجرأ طيله السنوات الخمس
علي الوقوف امام فاترينته الفاخره ، مر علي المحل وسرعان مادخله ، اشتري بدلتين
واربعه قمصان وجزمه و................. حجز غرفه انيقه في الفندق الضخم وسط لندن
وسدد ثمن اقامته الايام العشره مقدما وحجز تذكره بمقصوره دار الاوبرا الملكية وجلس
في الصف الاول ببذلته السوداء الانيقه وحذائه اللامع ، احسا سخونه فخاف من حريق
يلتهم مباني الاوبرا العريقة الاثرية مثلما حدث مرتين من قبل ، لو مات
محترقا في دار الاوبرا الملكيه لخلد اسمه للابد ، شهيد الاوبرا الملكيه بلندن ،
ضحك ساخرا من افكاره الغريبه ، تبحث عن الخلود حتي في حريق دار الاوبرا الملكيه ،
عجبا لك فعلا !!!!!!!ا
جلس في الصف الاول بالمقصوره مشدوها
وهو يشاهد " مانون " ونسائها اللاتي يترنحن وكأنهن محكوم عليهن بالموت
فوق ظهر السفينه التي تبحر علي خشبه المسرح ، جلس مشدوها والراقصات يترنحن وكأنهم
سيفقدن الوعي ويشعر اسامه بالاغماء يلف راسه ومعه الويسكي الاسكتلندي الفاخر الذي
احتسي نصف زجاجه منه قبلما يبرح الفندق في السيارة الليموزين الفاخره التي
استأجرها لتحمله من الفندق لدار الاوبرا الملكية !!!!
في الفندق الفاخر عاش اسامه ايامه
جميله ولا كأنه زوج الملك ، وتحمم بالماء الساخن والصابون السائل المعطر وشرب
اجود انواع الويسكي الايرلندي واكل كافيار وتوست بالزبده وتفرج علي كل افلام الجنس
التي تعرضها القنوات المشفرة و............. انفق فلوسه المدخره في خمس سنوات ،
انفقها كلها في عشره ايام ، واشتري تذكره الطائرة وقرر يعود لطنطا معدما كمان خرج
منها ، الفارق انه اشتري عشره ايام جميله بخمس سنوات من المعاناة والهم !!!
NO WOMAN NO CRY .........في
لندن لم يمنح اسامه مشاعره لاي امرأه وقتل حلم الحب في قلبه ، في عاصمه الضباب عاش
بلا مشاعر بلا حب بلا دموع !!!
هل كنت سعيد يااسامه وانت بلا نساء
بلا حب بلا دموع !!!! سخر اسامه من صوت راسه ، لو كنت سعيد كنت فضلت قاعد لكني
بدون دموع بدون نساء بدون مشاعر مت الف مره وكرهت الضباب ومدينته وتمنيت اعود
لطنطا وبنات السيد البدوي والحب والمشاعر والحياة .........
جلس علي المقعد الوثير في الدرجه
الاولي الفاخره في الطائرة التي ستعود به لمصر .............وارتفع صوت ضحكاته
عاليا والمضيفه الجميله الرشيقه تمنحه كأسا من الشمبانيا الفاخره ، ضحك بصوت عالي
حتي اضطربت وخافت منه ، ابتسم وصمت فابتسمت ورحلت ، لاتعرف انه دفع ثمنا باهظا في
هذا الكأس ، لقد صرفت فلوس الخمس سنين ياوليه علي عشره ايام ، وكأن ايام العمر
رخيصه وسنواته ارخص ، لن اعيش حياتي كلها انتظر الايام السعيده ، اشتريت عشره ايام
سعيده بخمس سنوات من التعاسه وهانا عائد للوطن .................. ونام وشخر فلم
يأكل الوجبه الفاخره التي وزعتها الشركه علي اميز عملائها ولم يشرب كأس كونياك بعد
الغذاء ولم يشاهد الفيلم الذي عرضته الطائره لرواد درجتها الاولي الفاخره ، نام
وشخر وكأنه في اتوبيس بين بنها وطنطا وحلم بكابوسه المعتاد وشم رائحه دم صديقه وهو
يرحل مبتسما للخلود فوق ملابسه ووجه وشاهد علمه ملقي علي الارض في الميدان لايجد
من يحمله و......................... استيقظ والنيل تحت الطائرة وسحب الاتربه تلوث
سماء القاهره التي عاد لها معدما مثل خرج !!!!ا
ياريتك يانسمه تيجي دلوقتي ، تيجي
تقولي لي انك حتتجوزي وان ابوكي باعك وانك كسرتي قلبك لانك ضعيفه ، ياريت يانسمه
تيجي دلوقتي ، اصل نفسي اعيط والدموع زي الدبابيس ، انت يانسمه احسن واخده تخليني
اعيط !!!!
و...................... اغلقت محركات
الطائره ففك الحزام وقام من علي المقعد الفاخر وتحرك صوب بوابه الطائره وهو يوزع
ابتساماته علي رواد الدرجه الاولي ، باي باي ، باي باي ليكم وللدرجه الاولي وللندن
واهلا بطنطا وشالله ياسيد يابدوي و............. منح الخمس سنوات ظهره وسار علي
الممر بين الطائرة والمطار مبتسما ويكاد يضحك لايصدق صدمه امه وقتما يقص عليها انه
عمل خمس سنوات في اعمال حقيره وانفق كل امواله في عشره ايام وعاد لها خالي الوفاض
مثلما رحل ، يبتسم ويكاد يضحك ودموعه علي طرف مقلتيه ينتظرا ما يسقطهم ، انت فين
يانسمه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
( 12 )
الاختيار
عشرة سنوات من الغربه
ويزيد ربما عشرين عاما ، تاره اسبانيا وتاره دبي ، تاره مانيلا وتاره لندن ، وبين
كل رحيل ورحيل ، تعود لطنطا ، تقرر تعيش مثل كل الناس وحين يفيض بك وتقبض الوحده
علي روحك ، حين تفشل في الحياه مثل كل الناس ، تجمع ملابسك وكتبك واوراقك وترحل
...... تقضي سنوات في الغربه تحارب ، تتمني تتاقلم علي الغربه فتنسي الوطن الذي نسيك
، تتمني تتاقلم علي الغربه وتنسي الوطن والماضي لكن كابوسك يذكرك كل ليله بالوطن
وماعشته فيه وبعلمك الملقي علي الرصيف ، تسافر لتهرب من كل الذي عشته وتعود لتهرب
من الغربه التي عشتها ....مالك يااسامه لاترسي علي بر ولا تختار ، نعم الاختيار هو
الفعل الاصعب علي الاطلاق ، لكنك لاتملك الا تختار ، هل ستبقي غريبا في البلاد
الغريبه ام ستبقي وحيدا في الوطن الذي اغلق ابوابه قلبه في وجهك ؟؟؟؟؟؟ اختر
يااسامه ، ولاتسال نفسك السؤال العبثي ، مخير ام مسير ، انت مخير يااسامه مخير ،
وهاانت اخترت تعود من غربتك للوطن ، لاتسافر مره اخري الا بعدما تسال نفسك الف مره
مالذي تريده ، لاتسافر وايضا لاتبقي الا بعدما تختار !!!ا
خلع الكهل السبعيني
ملابسه وارتدي جلباب ابيض وجلس علي طرف فراشه يحدق في دفتر يومياته ، قرأ العباره
التي كتبها منذ سنوات طويله ، ضحك بصوت عالي ساخرا من كلماته ، انت بتكتب حاجه
وتعيش حاجه تانيه ، هكذا قال الكهل السبعيني للشاب الذي قبع بين اسطر دفتر
اليوميات يكتب ، قلت نفسك تحب ولما جالك الحب خفت وجريت ، قفلت الباب في وش الفت ،
كنت تقدر تفضل معاها ، هي مناضله وانت بطل ، هي من كردستان الثورة وان من مصر
التحرير ، كنت تقدر ترفع بدراعك القوي علمها وعلمك ، لكن انت خفت منها ومن الحب
ومن النضال ، مش بقولك انت بتكتب حاجه وتعيش حاجه تانيه ، اشعل الكهل السبعيني
سيجاره ونفث دخانها متلاحقا وسعل بقوه كادت تخلع قلبه من بين ضلوعه ، همس له الشاب
القابع بين اسطر دفتر اليوميات ، بالراحه علي روحك ، انت ساعات بتنسي نفسك ، ضحك
الكهل السبعيني واشار للشاب باصبعه اشاره فهمها جيدا ، انا ساعات بانسي نفسي، انت
بقي علي طول ناسي نفسك ، اتجوزت وطلقت الست من غير ذنب في لعبه ، كلمتين قلتهم
لروحهك ورحت طلقتها واختفيت ، سافرت وقلت لامك حادور علي اكل عيشي ورحت سنين ورجعت
بعد ماصرفت كل اللي كسبته ولا كانك تعبت فيه ، قلت باحب البلد ولما الحال صعب
والدنيا قفلت باب رحمتها في وشها جريت وهربت ، قلت لما تبقي كويسه حابقي ارجع ،
عمرك ماسالت نفسك حتبقي كويسه ازاي اذا الكل مشي وسابها ، ارتفع صوت الكهل
السبعيني عاليا يحاصر الشاب القابع في دفتر اليوميات ، انت مابتعرفش تحب ، ايوه
مابتعرفش تحب ، ضيعت شبابك وضيعتني ، طبعا راجل عجوز وحيد ، ليه وحيد ، لان الشاب
اللي كان لما جه وقت الحب خاف ، لان الشاب اللي كان لما جه وقت الحب هرب وسافر ،
انت مش قبطان سفينه بترسي علي كل شط شويه ولا احنا فينيقيين نعرف نهاجر ونعيش ،
احنا زي النيل موجودين من ملايين السنين ، شعب مايعرفش يعيش غير مستقر يزرع الارض
ويرعاها فتطرح ، احنا مش سماسره ولا بمبوطيه ، لابتوع عمولات ولا اسهم في البورصه
، احنا شعب نشيل حجاره ونطفح الكوته ونبي ميت هرم ، انت قلعت جلدك لما سافرت وهربت
، قلعت جلدك فتهت واحتست ومعرفتش تعيش ، احتست ومعرفتش تعيش وخفت من الموت فاحتست
اكتر ، انتفض اسامه القابع في دفتر اليوميات واشار للكهل السبعيني ليصمت ، شششششش
بطل تخاريف عواجيز وركز ، انا خفت من الموت علشان انت تعيش ، لو كنت مت من زمان كان
زمانك عمرك ماكنت ، خفت من الموت علشان اديك فرصه تعيش ، جيت علي نفسي ورميت العلم
علي الرصيف وهربت من رصاص القناصه واستخبيت في حضن امي وقلت احميني ياامه علشان
انت تعرف تعيش ، ضحك الكهل السبعيني ، عيشه سوده ، هي دي العيشه اللي انت خفت من
كل حاجه علشان اعيشها ، لو كنت مت في الميدان كنت بقيت بطل وعمر الناس ماتنسي اسمك
ولا شكلك ولاريحه دمك الطاهره الذكيه ،لو كنت مت في حضن ست بتحبها كنت خلفت عشرين
عيل شالوا اسمك والنهارده ونسوني في وحدتي ، لو كنت عشت بجد كان زمان حياتي اتغيرت
، لكن انت خفت تعيش فموتني وانا لسه عايش ، اصحي في البيت وحيد مالاقيش حد اقوله
صباح الخير ولا ازيك وانام وانا خايف اموت والدود يطرح من جتتي ولا حد يدري بي ولا
حالي ايه ، لو كنت انت عشت بجد كان زمان احفادك ماليين البيت حياه ، كان زمانهم
راعوني وخدوا بالهم من وجودي ، كان زمان كل واحد منهم بات معايا ليله ولما اصحي
الصبح البت القمر فيهم تعمل لي الشاي وتناولني الشبشب من تحت السرير ، كان زمان
الدنيا دافيه فاما اموت ، اموت وانا واثق ان فيه ميت قلب حيعيط علي ، لكن انت خفت
تعيش فمتنا انا وانت !!!! وتقولي انت ساعات بتنسي نفسك ، فعلا انا بانسي نفسي علشان
مااكرهكش لاني لو افتكرت كل اللي عشناه انا وانت كان زماني كرهتك وموت نفسي وقهرتك
الف مره لانك هربت من الموت فصاحبته انا وجبتهولك سطر في حزين في دفتر اليوميات
بتاعك ، قلت ايه ........................ ويسود الصمت ويرتفع شخير الكهل السبعيني
وهو نائم علي فراشه وحيدا ودفتر اليوميات في حضنه يذكره بالحياه التي عاشها شابا
متمردا ورجلا ناضجا وكهلا وحيدا !!!! يرتفع شخير الكهل السبعيني فينام الشاب بين
اسطر دفتر اليوميات ساخرا من كل مايحدث حوله وفي حياته ويهمس ، موعود معايا
بالعذاب موعود ياقلبي ، ولا بتهدا ولا بترتاح في يوم ياقلبي !!!! وارتفع الشخير
اكثر واكثر واكثر واكثر !!!!!!!!!
( 13 )
في سكه زمان راجعين في
سكة زمان
في نفس المكان ضايعين في
نفس المكان
ماتت امه بعد رحله مرض
قصيرة ، وقتها دعي ربه ، يارب اتوسل اليه واتضرع حافظلي عليها ، لكن ايام عمرها
الطويله انتهت فلم يستجب الرب لدعاء اسامه ، الموت علينا حق يااسامه ، هذه الرساله
التي وصلته تنعي امه التي احبها رغم انه لم يسمع كلامها ، ماتت امه ونسيت شقيقاته
اسمه وملامحه ، انه الشقيق الغائب ، رحل عنهم فنسوه ، والجزاء من جنس العمل ،
يتفهم اسامه مشاعرهن ، تجرحه توجعه لكنه يتفهمها ....
وقف في وسط الشارع ينظر
للسيارات المسرعة ...
لايعرف عمره ولا عدد
سنوات حياته ، لايكترث بكل هذا ، يحس نفسه في دوامه تلف به ويلف فيها ، يرحل ويعود
ويعود ويغيب ويغيب ويأتي ويأتي ويختفي .... دوامه تصعد به فوق سطح الماء برهه
يلتقط انفاسه وتغطس به تحت الماء طويلا حتي يكاد يموت ، سافر وعاد يبحث عن السعاده
التي لم تمنحها له عقاقير الطبيب ويبجث عن الحب الذي لم تمنحه له نسمة ويبحث عن
الطمأنينه التي حرمه منها الوطن ، لكنه سافر خالي الوفاض وعاد خالي الوفاض ،
ربماهو الان الكهل السبعيني ، ربما كان في الخمسين او اقل ، ربما توه خارجا
من الميدان بملابسه الموشومه بدم الشهداء واخر انفاسهم ، ربما كل هذا وربما لا شيء
، ربما هو في فراشه نائم يهذي بسبب ارتفاع درجه حرارته محموما في مدينه غريبه
لايعرف اسم جيرانه فيها ليستنجد بهم من وحدته وهمه والحمي التي تذهب ببقايا وعيه
وفهمه ووجوده ، ربما يقف علي اعتاب بوابه الموت يدق عليها لتفتح وتريحه من حلم
الخلود ، ربما هو مات فعلا وهذا هو عالم الموتي ، عالم تصنعه الهلاوس والافكار
المجنونه الحمقاء ، ربما هو في الغرزه امام الماريوت يدخن الحشيش بكثره حتي ذهب
ببقايا عقله ، ربما يحلم حلم اخر غير الكابوس الذي طارده سنوات وسنوات ، كل هذا
ليس مهم ، المهم ان مايراه يزعجه ويزعجه ، لو كنت ميت دعوني اموت بهدوء وارحلوا ،
لو كنت نائم ايقظوني ، لو كنت خدر بسبب الحشيش لن ادخنه ثانيا ، لو كنت في حضن
امرأه لاتحبني فاهرب من اشواكها بالفرار في براح الهلاوس ، لن اقترب منها ثانيه
!!! المهم خلصوني من تلك الحاله التي اعيشها الان وتضايقني ....... يسمع صوت ضحكات
لايعرف مصدرها ، يسمع عبد الحليم يشدو ، في سكه زمان راجعين في سكه زمان ، في نفس
المكان ضايعين في نفس المكان ، انت كمان حتقولي كده يعني مافيش امل اهرب والدنيا
تتغير ، مافيش امل اعيش حاجه تانيه ، كده برضه ياحليم ، انت برضه معاهم وعلي !!!!ا
مازالت الهلاوس تمزق عقله
وبقايا وعيه وتعبث في راسه ....ا شاهد ميكروباص يجري ،
شاهد اتوبيس مزدحم ، احس كل العوادم تخنق انفاسه ، احس رغبه في البكاء لا في الضحك
، تمني لو تجرأ وخلع بنطاله و" عمل زي الناس " فوق رؤوس كل هؤلاء البشر
، لايستحقوا منه الا بوله الساخن الذي لايجد ليفرغه فيه وسط ذلك الشارع المزدحم ...
مازال يتأمل مايحدث حوله ومشاعره متناقضه غريبه !!!!
لو نام تحت ذلك الاتوبيس
القادم مسرعا يقوده سائق مجنون ، سيفرم جسده ، الوجع الذي يحاصره سيتبدد نثرات لحم
وعضم ودماء ساخنه ، لو نام تحت ذلك الاتوبيس القادم مسرعا ، سيرتاح !!! نعم امه
ستبكي كثيرا ، نعم اخته ستغضب منه لانه قتل نفسه وهو كان اجمل من ان يفعل في نفسه
مافعله فيخسر اخرته مثلما خسر حياته !!!! لا يكترث بدموع امه ولا غضب اخته ولا
الدنيا كلها ، عليها اللعنه تلك الدنيا التي حيرته فحيرها ومابين متاهات الحيره
ووجع الالم والعجز الذي يكسر اطرافه ويتركه جذع بلا قدره وبين التشبث بالحياه تلك
الملعونه المجنونه التي يحبها ، بين كل هذا ووسطه كانت حياته ، تلك التافهه التي
تؤرقه !!!! لايستحق حياه تافهه لكنه عاجز يصنع غيرها !!!
مازال في الشارع المزدحم
ينظر للسيارات المتلاحقه ، يتمني يصرخ !!! افيقوا يابهائم ، افيقوا الحياه التافهه
التي تستغرقكم لا تستحق منكم كل هذا الانتباه ، انها تافهه مثلكم ، هذا الحمار
الذي يجري خلف الاتوبيس سيفرمه الميكروباص وستفقده زوجته التي لاتحبه واولاده الذي
يقسو عليهم وسيحمد صاحب عمله ربه لانه تخلص من هذا الحمار بلا ذنب قطع عيشه !!!
سيصرخ فيه ، ياحمار ، خد بالك ، لكن الحمار اختفي من امامه ، يعرف شكله ، نعم يعرف
شكله ، يعرف تلك الملامح ، يعرف هذا الراس الاصلع بلا شعر ، يعرف تلك الانف الغبيه
التي لابد له ورثها من امه التي لم تكن جميله ، يعرف تلك الملامح ..............
يصرخ اسامه اندهاشا ، هذا الحمار انا ، هذا الحمار انا بعد عشره سنوات من العيش في
تلك الحياه التافهه ، هذا الحمار انا وقتما اتزوج الفتاه الدميمه التي ارتبطت بها
وبعدما انجبت منها الاطفال الذين تمنيتهم يمنحوني حبا فمنحوني اعباءا واقساط وجزم
مدارس ودروس خصوصيه ................. هذا الحمار انا !!!!!
يحدق في الشارع كالمجانين
، ويضحك ويضحك ......... اللعنه علي الطبيب النفسي وعلي الادويه التي يمنحها له ،
ذهب للطبيب يشكو اكتئابا ، فمنحه عقاقير لم تشفه من الاكتئاب بل زادت عليه الهلاوس
، خرج من نفسه وصار يراها مائه مره في مائه شكل ، يجلس علي الرصيف فيري نفسه يعبر
الطريق ، عجوزا هرم ، يسند ذارعه علي يد فتاه شابه دميمه شبه امه ، اللعنه علي امه
التي ورثت الدمامه له ولذريته من بعده ، هذا الرجل الكهل العجوز ، هو انا اسامه ،
بعد عشرين تلاتين اربعين عاما ، مال ظهري انحني بتلك الطريقه القبيحه وكأني احدب
نودتردام ، مال ساقي ترتعشان وانفاسي تتلاحق ، هل هذه هي الحياه التي احارب من
اجلها ، تاره تجعلني حمارا وتاره تجعني كهلا عجوزا !!!!!!!! صوت قبيح يصدر من انفه
، صوت عالي ، لايعجبه الفيلم !!!! مش عاجبني خالص كل اللي بيحصل واللي حيحصل
؟؟؟؟؟؟؟؟ همس اسامه لنفسه واشعل سيجاره ، نفس عميق لم ياخذه لحيث اعتاد يذهب !!!!
نفسي في سجاره حشيش
وقزازه ستيلا وبت فرسه اعلمها الحب !!!!
ضحك اسامه وهو مازال
واقفا مكانه في الشارع المزدحم ، اللعنه علي تلك المدينه التي يحبها ويكرهها !!!!
اللعنه علي الطبيب النفسي
وعلي ادويته ، لماذا لاتمنحه سعاده كالتي كان يتوقعها ، علبه الدواء بثلثمائه جنيه
وتزيد همه ، دكتور حمار ، يتمني لو الاقراص حملته علي ابسطه الريح للعوالم الملونه
، تلك التي تسعد وتهون الوجع وتبدد الوحده ، يتمني لو الاقراص حملته لحضن حبيبته ،
الحضن الناعم لتلك الانثي اللعوب التي تثيره رائحتها ، التي تثيره نظرتها المجرمه
، التي تثيره انفراجه شفتيها ، لو حملته الاقراص لحضن تلك الحبيبه لبرأ من كل
امراضه ، ستمنحه الحبيبه الحب الذي يداويه وسيمنحها الرجوله التي تكسرها الايام ،
في حضنها سيعود رجلا لاتاسره المدينه القاهره ولا تكسر ارادته شياطينها ولا تقهره
دمامه امه ودموعها ومسئوليتها عنها !!!!
ياامه ، خديني في حضنك
وسيبيني اعيط ، عايز اعيط ياامه ، ماتقوليش انت راجل وعيب تعيط ، عايز اعيط ياامه
، عايز اعيط ياامه علشان ابقي راجل ، طول مالعياط مكبوت والدموع زي الامواس بتقطع
في قلبي ، طول ماانا عيل مش راضي يكبر !!! خديني في حضنك ياامه وسيبني اعيط ،
حبيبك النبي سيبيني اعيط ، طبطبي علي ياامه ، امسحي دموعي ياامه ، عيطي معايا
ياامه ، اللي بعيط مابيموتش ، واللي بيكبت نفسه بيموت من قله العياط !!!!
ايه يعني انا راجل البيت
، يعني اعمل ايه ، اهده وابنيه ، اشيلك علي كتفي للسوق وارجع ، اربط رجلي في سريرك
واقعد تحته لما تندهيني تلاقيني ، ايه يعني راجل البيت ، يعني مااعيطش علشان
ماتتكسريش ، طب وانا ياامه ، ايه اللي يصلب طولي ومايخلينش اتكسر ، عارفه ايه
ياامه ، اني اعيط ، اني اعترف لك انت وانت بالذات ، اني محتاج حضنك علشان اعيط فيه !!!!
وانفجر اسامه حيثما هو في
البكاء وصوت حليم يحاصره ، في سكه زمان راجعين في سكه زمان ، في نفس المكان ضايعين
في نفس المكان ..
انفجر في البكاء وتذكر
زهرة ، ليتك هنا ياشقيقه روحي لابكي في حضنك ، كانت وقتها تعد وجبه العشاء
لابناءها ، سمعته فهمست ياريتك يااسامه تيجي تتعشي معانا كنت حتنبسط قوي ، سمعها
وهو بعيد فبكي اكثر واكثر ،يفتقدها والدفء الاسري الذي تمنحه لاولادها ، تمني لو
كانت امه وكان ابنها ، وقتها كان سيجلس معها علي منضده العشاء وحين توجعه دموعه
سينظر في وجهها فيطمئن فيكمل عشائه هانئا ، لكنها ليست امه وهو بعيد عن منضده
عشائها لا يملك الا البكاء و..... انفجر في البكاء اكثر واكثر ..
( 14 )
اطلعي مني !!!ا
واخرتها .... سالته امه
ففر من اجابه سؤالها الاستنكاري البغيض!!!
مالهاش اخر ....انت
يادوبك لسه راجع ، حتسافر تاني ليه ؟؟؟
لم يجاوبها لكنه همس
لنفسه ، حاسافر لغايه مالوطن اللي كان يرجع احلي ولغايه مالعيل اللي لسه ماتولدش
يرفع العلم في الميدان ويهتف ، حاسافر لغايه ماانسي ، انسي نسمه اللي بتخليني اعيط
، وحضنها اتقفل في حضني وحكمت علي بالغربة والتوهة والحرمان ، حاسافر لغايه ماالاقي
نفسي والاقي طريقه تخليني عايش بعد موتي بميت سنه !!!
زارته نسمة في خياله ،
تشاجر معها ، اطلعي مني انا خلاص نسيتك ، ضحكت ، لو كنت نستني ماكنتش اتخانقت
معايا وقلت لي اطلعي مني ، كنت خلاص حابقي مش موجوده ، تشاجر مع نفسه لانها كشفت
وجعه امام نسمة !!!
حاسافر ياماما ، ماليش حل
تاني !!!
اعتاد دموع امه وحزنها ،
واعتاد صمت شقيقاته وغضبهن واعتاد الرحيل والعوده خالي الوفاض !!!!
قبل السفر جلس في الشرفه
يسمع عبد الحليم ، يتوجع ، موعود معايا بالعذاب موعود ياقلبي ، يبكي وبيتسم ، مهما
فعلوا لن يفلحوا يخرجوا عبد الحليم من قلوبنا ، ليس مطرب بل حقبه زمنيه وانتماء ،
مهما فعلوا لن يفلحوا ننسي من كنا ومن سنكون!!!!
ولا بتهدي ولا بترتاح ياقلبي
، اه والله اه والله ، ولا بتهدي ولا بترتاح ياقلبي ، يبكي ويتذكر نسمة ، كيف حالك
وانت في حضن رجل غبي بليد لايفهم حبك ولن يصونه !!!
لندن ......... عاصمه الامبراطوريه
التي لاتغيب عنها الشمس...
لندن ، محطته الجديده بل ستكون
الاخيرة !!!
هنا ساعمل ياامي واكسب نقودا واعود
لاستقر بجوارك في طنطا !!!
هناك سانسي الميدان والعلم الملقي علي
الرصيف ، هناك سابرء من اوجاع العمر وهمه ، هناك لن يداهمني الكابوس اليومي
،يذكرني باني كنت بطل ولم اعد ، يذكرني بصديقي الذي مات فخلد وبقيت انا حيا
لااساوي شيء ، هناك سانسي الوطن الذي كان والذي تمنيته وساحب الوطن الذي صار ،
ساحبه باي حال لانه وطني !!!
هناك ياامي ساحقق احلامي ووقتما تتحقق
تحت شمس الامبراطورية التي لاتغيب ساعود لك ولطنطا وساعيش مثل كل الناس !!!
عندما ساعود ، ساتزوج للمرة الثانيه
زوجة حنونه تغسل من جروحي الملح وتنزع من تحت جلدي الشوك وتحبني !!!
عندما ساعود ، ساتزوج وانجب لك
الاحفاد ، يحملوا اسم ابي واسمي ويسعدوكي !!!
سامحيني ، هنا المحطه الاخيرة ولن
اعود حتي احقق كل احلامي !!!
لماذا لاتصدقه امه ، هكذا يشعر ،
صدقيني ، هذه هيه الرحله الاخيرة !!!!
سهر في الشرفه حتي اقترب الفجر ، تسلل
لمقام شيخ العرب وهناك بكي ، ياشيخ العرب هون علي قلبي الهم !!! الوجوه في المقام
غريبه وبنات السيد البدوي اللاتي طالما صلوا الفجر في المقام وتضاحكن كمظاهرات
الفراشات الملونه والعصافير اختفين من المقام ، حتي طنطا تغيرت ، ولم يعد المقام
ملاذا للمظلومين ، صار مأوي للظالمين والقاهرين وغليظي القلب ، احس غربه فوق
الغربه وقهر فوق القهر ، صلي الركعتين وهرع يبحث عن نسمه هواء بارد ترطب علي قلبه
متاعبه ، لم تعد طنطا طنطا ولم يعد الوطن كما احبه ولم اعد انا كما اعرف !!!
وبسرعه وقبلما يودع امه
وتذبحه بدموعها كالعاده ، ركب سياره الاجره واوصي سائقها ، مطار القاهره ، ونام ..
وسافر مرة اخري ، بل مرة
عاشرة !!!!ا
( 15 )
الان كل شيء او لا شيء
الكهل السبعيني يجلس في الميدان
، وامامه يجلس شاب يحمل علم وملابسه موشومه بدماء صديقه ونثرات بارود رصاص القناصه
، وامامه يجلس رجل ناضج يحمل جواز سفر عليه عشرات الاختام والتأشيرات ، وامامه
يجلس طفل يلعب سبع طوبات ، جميعهم يجلسوا في الميدان يحدقوا في حركه السيارات
المسرعه التي تجري حوله ..
ضحك الكهل السبعيني للطفل وقال له ،
ركز وبطل لعب علشان تكبر وتبقي شاطر في المدرسه ..
ضحك الرجل الناضج وهمس للكهل السبعيني
، انت السبب اللي رجعتني بوظت كل سفريه بخوفك تموت فين واديك عايش زي القرد ولاموت
ولا حاجه ،بس بوظت علي السفر والفسحه !! نظر له الكهل السبعيني نظره لوم وسعل بعنف
وقال له ، ماترميش خيبتك علي ، انت اللي ماعرفتش تعمل اي حاجه مفيده ، سافرت ورجعت
ميت مره وكل مره ترجع من غيرهدوم ومن غير امل ، تيجي تتعالج عند شيخ العرب ولما
تشد حيلك تجري وتسافر تاني !!!
نظر الشاب يحمل العلم للرجل الناضج ،
كان عليك واجب تعقلني ، تقولي مااسيبش العلم من ايدي ، بطل ماتجري وتجرينا وراك
العمر كله ندمان واحنا كمان !!! ضحك الطفل الصغير وهمس للشاب ، انا نصحتك ، قلت لك
ماتبقاش زي العيال ، ماتخافش وتجري ، خليك ماسك العلم واهتف باعلي صوت ، وماتخافش،
لكنك خفت وجريت ، نظر الشاب للكهل وقال له انا خفت عليك ، ضحك الكهل وقال له وانا
خفت منك ، ضحك الرجل الناضج ساخرا من حوارهم ، انتم بقي نكدتوا علي حياتي كلها ،
واحد ارعن وجبان وواحد عجوز وندمان ، وانا محشور بينكم مش عارف اهرب منكم ولا
انساكم !!!!
انفجر الطفل الصغير ضاحكا ، تصدقوا
انتم التلاته كدابين ، كل واحد عمال يكدب علي التاني كأن كلنا مالناش دفتر واحد
مكتوب فيه كل حاجه عن كل واحد فيكم ، انتم نسيتم انكم واحد ولا ايه ، عمالين
تكدبوا كده كأنكم صدقتكم ان كل واحد منكم غير تاني !!!
نظروا لبعض وصمتوا ، احرجهم الطفل
البريء داخلهم
همس لهم ، احنا في الميدان وقربنا
كلنا نروح خلاص ، صح ، وافقه الكهل السبعيني ، شرح لنا ، ماعدش فيه وقت ، اللي
نفسه في حاجه يعملها قبل ما نروح للحياه اللي مش عارفين شكلها ، صرخ الشاب ، الان
كل شيء او لا شيء !!!
لم يفهموا ، لكن الطفل تطوع يشرح لهم
، خلاص الوقت قليل ومعدش ينفع انصاف الحلول ، لو حبيتم حبوا بجد او انسو الحب ، لو
ناضلتم ناضلوا بجد او انسوا النضال ، خلاص يااما كل شيء ياما لا شيء ، معدش فيه
وقت تضيعوه في المحاولات والتجارب والخوف والتردد ، الان كل شيء او لا شيء
!!!!
نظر الكهل للرجل الناضج الذي نظر
للشاب الذي نظر للطفل الصغير وصمتوا عاجزين !!!!
وقتها كان مازال العلم الذي يحمل
اسمهم جميعا مازال ملقي علي الرصيف لم يجد من يحمله ويلوح به ويهتف ضد الظلم
!!!
الان كل شيء او لا شيء !!!!
كل شيء او لا شيء !!!!ا
( 16 )
عندما يتسبب حبك لشيء في ان تكرهه
ماهذا الريح الساخن ... ؟؟؟
وقف امام بوابه المطار عائدا من بلد
بعيده باردة !!!!
يكره المطار والرحيل والوداع واللقاء
وكل تلك الطقوس !!!!
لم تكن بلادنا ساخنه مثلما احس هوائها
الان ...
كانت ربيع " طول السنه "
ضحك ساخرا ، اللي وداك في داهيه الاغاني ياعم اسامه !!!!
سبت الدنيا وعشت في الاغاني ،
والاغاني كذب وكلام فاضي وتشيلك من الدنيا الزفت لدنيا تانيه وبسرعه الاغنيه تخلص
وتقع انت علي جدور رقبتك وتفوق تلاقي الدنيا مش عاجباك تخش اغنيه تانيه وتطير !!!!
ياسلام لو ربنا خلقني انا بس لي اجنحه
زي العصافير ، اطير من الارض وابعد بعيد ، ااقعد علي سحابه عاليه اتفرج علي الناس
اللي عايشين تحت ، ياسلام لوكان خلقني باجنحه عصافير ، كنت بعدت بعيد قوي ، فوق
قوي ، كنت طرت ومارجعتش !!!!
لكن ماليش اجنحه والبلاد البعيده
مابتحبنيش !!!!
اصل البلد اللي تسافر لها زي الست ،
ياتبقي حبيبتك ياتبقي مرات ابوك !!!
ياتديك وشها ياتديك قفاها ياتديك
بالقلم علي وشك !!!!
وانا باروح وبارجع زي البريزه
الممسوحه ، ارجع لصاحبي اللي كل مره يخلص مني ، يخلص مني ويفرح والف الف وبعد
مايطول الغياب ارجع له ، وانا كده ، البلد دي بتخلص مني وانا الف الف ولما اتعب من
اللف ارجع ، ارجع عندي امل الاقيها فاتحه حضنها ، لكن الجاحده القاسيه ترجعني ولما
ارجع تقفل حضنها وبابها في وشي وتيتمني اكتر واكتر !!!!!
حمد الله علي السلامه يااسامه !!!
ابتسمت ، مليون واحد واقف ولا واحد منهم قالي حمد الله علي السلامه يااسامه ، ولا
واحد منهم مستينيني ، ويستنوني ليه ، لافتحت عكا ولا راجع من الحجاز ولا جايب فلوس
كتير تخليهم ينافقوني ولا صاحب واجب فبيردوه لي!!!!
يظهر ان المدنيه بنت الكلب دي محتلاني
اونطه لابتحبني ولا بتعتنقي !!!!
ومازال واقف علي باب المطار والريح
الساخن يلفح وجهه ويذكره بكل محطات الهروب والرحيل والوداع ، تلك المحطات التي
يتمني يمحوها من ذاكرته !!!!
ربما المره القادمه حين يعود من سفره
، سيشتري علبتين دوا مستوردين من بتوع الانبساط وقزازتين ويسكي ويعمل دماغ فلا
يشعر بوجع الرجوع ولا وطأه الوداع ولا خيبه الامل التي تغمره كل مره يعود لوطنه
فيشعر بالغربه !!!!
ماهذا الوطن الذي لايمنحنه الا الغربه
!!!! وكانك لقيط !!!! انا ابنك يابنت الكلب انت ، ابنك ، ابنك يعني حبيني ، يعني
استقبليني بابتسامه وحضن ، يعني ابتسمي في وشي ، يعني خلي الريح السخن يمشي وخلي
نسمه العصاري اللي فوق نيلك تيجي لي تستاني علي باب الرجوع !!!! انا ابنك يابنت
الكلب انت ، بتعامليني كده ليه ولا كأن ابن ضرتك وكارهاني !!!!
وقف امام باب المطار يحدق في كل
مايراه امامه يبحث عن ابتسامه تستقبله علي بوابه وطنه فتمنحه املا لكن الوجوه
عابسه والكل يائس ، انت اللي ابن كلب حمار لانك رجعت !!! بحبك ياوطني لغايه
ماكرهتك ، بحبك وانت قافل بابك في وشي لغايه ماكرهتك ، طيب واخره التوهه ايه الا
التوهه !!!!!!!!!!!!!
وصرخ ............. تاكسي ، ورمي جسده
المتعب علي الكنبه فساله السائق ، انزل اجيب لك الشنط ، ضحك اسامه ، مافيش شنط ،
رميت الهدوم القديمه وماجبتش هدايا واطلع علي طنطا وسيبني انام لغايه ماتوصل !!!
ارتاب فيه السائق وساله ، لاشنط ولا
هدايا ، طيب معاك اجره التوصيله ، ضحك اسامه وهز رأسه طبعا ما تقلقش ، انا مش واقع
كده للدرجه دي ، وديني طنطا ولما توصل صحيني و................. اغمض عينيه ونام !!!!!
(
17 )
ابتسامه وسط رائحه الموت
!!!!ا
اليوم وُلد صغيرا لااعرف اسمه ولاامه ولا ابيه ، اليوم بعدما ضاع الوطن او ظنناه ضاع ، اليوم ولد صغيرا لااعرفه مكتوب علي جبينه انه سيحمل العلم المكتوب عليه اسمه وسيلوح به في الميدان ، ربما يحمله اليوم او غدا او بعد عشرين عاما ، هذا ليس مهم ، المهم ان من سيحمل العلم قد لفظه رحم طيب للحياه ، ربما سيعيش هذا الطفل كثيرا ربما سيموت برصاص القناصه وهو يحمل العلم ، لكن في موته حياه الوطن وفي حياته حياتي وكل من قهره الوطن واخرسه صوته وحكم عليه بالغربه في الميدان وفي الوطن وفي المجره الشمسية !!!ا
ولد هذا الصغير من رحم طيب
، ولد لايعرف انصاف الحلول ولا الموائمات ولا يرغب يعيش مثل كل الناس ولا يخاف من
الموت ، ولد ابنا للوطن سيرفع رايته حتي لو مات واكم من موت جميل واكم من حياه
لاتستحق تعاش !!!ا اليوم ، صرخ هذا الوليد ينبيء الحياه بمقدمه ، وكانه يحذرنا
جميعا ، انا من صلبكم لكني لست مثلكم ، ربما اشبهكم لكني قلبي اشجع وروحي اقوي
وحياتي لاقيمه لها الا اذا منحتها للوطن اصالحكم عليه وارده لكم !!!!!!ا
ااستيقظ الكهل السبعيني
من النوم مرهقا ، انتبه ، لايصدق ماحلم به ، صغير تشده ايدي لايري صاحبها من رحم
طيب ، لايصدق ماراءاه ، لم يحلم بالكابوس الذي رافقه طيله الحياة ، لم يحلم
ببطولته ، لم يشم رائحه الدم الساخن ورصاصه القناصه يقتل الميدان ، لم يري كل هذا
، حلم حلم مختلف ، ارتاع الكهل السبعيني وتصور نفسه مات ، نعم اكيد انا مت ،
فالكابوس صار والروح صنوان لايتفارقان ومادمت لم احلم به مؤكد اني غادرت الحياه
التي اعرفها للعالم المجهول !!!ا لو كنت مازلت حيا لحلم بالكابوس ، لحلمت بالبطوله
التي وأدتها الايام ، لحلمت بالشهيد الذي لم اعد اذكر اسمه ، لحلمت بالوطن الذي
كان ولم يعد وجلست ابكي كعادتي ، لكني اليوم شاهدت شيئا اخر ، شاهدت حلما ورؤيه ،
شاهدت صغيرا قدم للحياه يعدها ويعد الوطن بالاجمل !!!ا
الارجح اني قد مت ، وان
لم اكن مت فالارجح اني جنيت تماما وفقدت عقلي وذاكرتي وذكرياتي !!!ا
رائحه الموت تخيم علي
الغرفه التي اعيش فيها ، تخيم علي طنطا ، تخيم علي مقام السيد البدوي شيخ العرب ،
رائحه الموت تعلن موتي ، انا العجوز السبعيني قد فارقت الحياه وكل هزائمي ، رحلت
ولم اترك خلفي الا الحزن والهم وعلم يحمل اسمي ملقي في الميدان ، رائحه الموت تخيم
علي حياتي لتفصح انها قد انتهت !!!ا
لكني اسمع زغروده فرحه
تمزق غلالات الحزن وتسطع ، اسمع وانا ميت زغروده فرحه تعلن عن ولاده صغير ، انه
الولد ، الذي كان في الحلم يطمئني ، كان يقول لي ارحل بسلام ، ساكمل الرحلة التي
بدأتها ، ساحمل العلم المكتوب عليه اسمك ، لن اتركه ملقي علي الرصيف في الميدان ،
ارحل بسلام واطمئن ، حياتك باقيه في حياتي وحياتي ممتده في حياه من سيأتي بعدي وحياتنا
جميعا خالده في الوطن الخالد ، نحن ابناءه ومحبيه وسنرفع اعلامه مهما طغي علينا
القهر ، ارحل بسلام ياسيدي واترك رايتك في ايدي ولا تخف ، لن انساك ولن ينساك
الوطن ، و.......انفرجت الاسارير الموحشه المرتسمه علي وجه الكهل السبعيني ، هاهي
ابتسامه تلوح لعينيه وسط رائحه الموت وتعطيه املا جميلا لم تفلح كل ايامه حياته
الموحشه تمنحه له !!!ا
( 18 )
اخاف ان تمطر الدنيا ولست
معي
رحل الكهل السبعيني بعدما
سلم علم الميدان موشوما باسمه للطفل الصغير الذي وعده سيلوح به ويهتف باسم اسامه
واسم كل من هتف في الماضي ولم يجني اثار هتافه وشجاعته !!!ا
رجل الكهل السبعيني ، وفي
رحله صعوده للحياه الخالده والسنوات تسقط من فوق جلده وملامح وجه ويعود شابا قويا
مثلما كان ، في تلك الرحله يجد الفت تنتظره بابتسامه مشرقه كشمس نهار دافء ،
تنفذ فيها حكم الاعدام بعدما قدمت حياتها لوطنها سعيده راضيه ، وجدها تنتظره قبل
بوابه الخلود ، ابتسم وهمس لها اخاف ان تمطر الدنيا ولست معي ، ابتسمت وقبضت علي
كفه وصعدا معا للحياه الخالدة ......ا
نهايه الحدوته والجزء الثاني
هناك 3 تعليقات:
اميره
(9)
انت اجدع واحده قابلتها
قد تبدو لنا القشة شيئا بسيطا
لكن كم من غريق وغريق تعلق بها ونجا
احيانا تمدنا الصدفة بالحياة
بدون ميعاد
نجد الهواء الذي نحتاج ان نتنقسه
والغريب انه يأتي بلا موعد
يعني.... بدون قصد
(10)
احتاج ان اعيش كراهب
قرأت حروفك
فنظرت الى كفي
شخبطة وليست خطوط
ممسوحة ومش ممسوحة
كأن الخطوط ملت من الوحده
احيانا بدلا من ان ننتقم ممن حولنا
ننتقم من انفسنا
والسخيف حقا... اننا نتمتع بتعذيب انفسنا
ونرجع ونقول... يارب زيح الهم
مش غريبة؟
(11)
ببساطة ايوه
ملعون ابوها ايام الغربة المـُـره
يمكن عشر ايام خياليه
تخليه يعيش اللي طول عمره ما ها يعرف يعيشه
كم من مسافر مثله؟
كم من شقيان زي حاله؟
اكيد.... كتيــــــــــــر
رحلة...هنا او هناك
هي رحلة داخل نفس بشريه
قد تكون هذه النفس...انا...انت... هم
مش مهم مين
لكن المهم بجد انها حكاية بشر
عاشوا حياه تافهه
حاولوا يعملوا منها حاجة
تعبوا... شقيوا
لفوا ورجعوا تاني لطنطا او غيرها
لكنها حكايات بشر
عايشين هنا وهناك
يمكن شفت واحد منهم في يوم
وحكيتي انتي حكاية في يوم
ويبقى حاجة واحده
"افيقوا الحياه التافهه التي تستغرقكم لا تستحق منكم كل هذا الانتباه "
رائعة يا اميره
ربما تصاحبنى لعنة ما
هل تعلمين اننى اصدق هذا لابعد الحدود هلى تعلمين ياصديقتى العزيزه اننى افكر احيانا ان هذه اللعنه لا تصاحبنى فقط ولكنها تتحكم بى تحكم كامل اشك كثيرا ان الهواء لعنه فهو ملوث وترافقنى فى الطعام عندما الفظ ما اكله فى احيان كتيره ترافقنى فى عقلى حين افكر فتوجرهنى توجيهاًلست انا المجنون بل هى هى التى تتصرف بجنون هى اللعنه الخبله التواقه للجنس وللرهبنه فى ذات الوقت للحب والكراهيه للكفر والايمان لعنتى هى المريضه ولست مريض لعنتى هى من تختار اصدقائي نعم فانت جزء من اللعنه تمنحنى دوما من الاصدقاء من يترك علامه محفوره فى جسدى بشكل او باخر ولكنها ليست دائما علامات جيده
ولكن الغريب انه رغم كل ما اعانيه فى هذه الحياه فانا احبها بشكل خفى فانا لست بالتاكيد هذا الشخص الرتيب العادى الذي يتشابه مع ملايين البشر
انا هو انا الرجل النصفيين ولكن ربما مع القليل من الاصدقاء ليستقبلوه فى المطار وهذا وحده هدف للحياه وربما يوما ما سيقرأ احد الاشخاص هذه القصه ويحكيها لاولاده وانال الخلود
ربما تصاحبنى لعنة ما
هل تعلمين اننى اصدق هذا لابعد الحدود هلى تعلمين ياصديقتى العزيزه اننى افكر احيانا ان هذه اللعنه لا تصاحبنى فقط ولكنها تتحكم بى تحكم كامل اشك كثيرا ان الهواء لعنه فهو ملوث وترافقنى فى الطعام عندما الفظ ما اكله فى احيان كتيره ترافقنى فى عقلى حين افكر فتوجرهنى توجيهاًلست انا المجنون بل هى هى التى تتصرف بجنون هى اللعنه الخبله التواقه للجنس وللرهبنه فى ذات الوقت للحب والكراهيه للكفر والايمان لعنتى هى المريضه ولست مريض لعنتى هى من تختار اصدقائي نعم فانت جزء من اللعنه تمنحنى دوما من الاصدقاء من يترك علامه محفوره فى جسدى بشكل او باخر ولكنها ليست دائما علامات جيده
ولكن الغريب انه رغم كل ما اعانيه فى هذه الحياه فانا احبها بشكل خفى فانا لست بالتاكيد هذا الشخص الرتيب العادى الذي يتشابه مع ملايين البشر
انا هو انا الرجل النصفيين ولكن ربما مع القليل من الاصدقاء ليستقبلوه فى المطار وهذا وحده هدف للحياه وربما يوما ما سيقرأ احد الاشخاص هذه القصه ويحكيها لاولاده وانال الخلود
إرسال تعليق