مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الأحد، 30 أغسطس 2009

تعالي بسرعه !!!!!!!



نصف نائمه رفعت
سماعه التليفون ، سمعت صوتا قلقا " تعالي بسرعه " وانتهت المكالمه !!!! قامت تدور حول نفسها ، تبحث عن جواز سفرها ، تلملم ملابسها في حقيبتها الكبيره ، لاتعرف لماذا ستعود لهناك ولا تعرف متي ستعود لهنا ، لم ينتابها الفضول عن سبب استدعاءها ، تعلم هي وواثقه انها كارثه تلك التي تدفع شقيقها لاستجداء عودتها بكلماته المقتضبه !!! في الطياره نامت طويلا ، لاتعرف متي ستنام ثانيه ، لا تعلم مالذي ينتظرها هناك ولن تسآل فكلها ساعات وستعيش الحدث الكئيب الذي تم استدعاءها بسببه ، لتنام الان فبعد وصولها ليس هناك شيئا مضمون ،نامت ولم تنم مر شريط حياتها امام عينيها ، عانس وحيده لم تتزوج ، احبت رجلا لم ينتبه لوجودها ابدا لكنها لم تري في الدنيا كلها سواه ، اضربت عن الزواج انتظارا لامر لاتعرفه سيحدث بينهما ، حين يحدث ستدفن نفسها في حضن جارها الرجل الوحيد في الدنيا الذي احست رغبه عارمه في الدخول في حضنه وممارسه جنونها معه ، تفكر في حياتها نصف نائمه نصف غائبه تتهادي بها الطائره فوق السحب ، سافرت بعيدا عن وطنها منذ سنوات طويله ، سافرت لتكوم الاموال تسعدها بديلا عن الجدب العاطفي الذي قتل نفسها ، تعمل في وظيفتين ، تقفز من هذه لتلك ، تراكم رواتبها في البنوك ، يسعدها خطاب البنك الشهري المليئ بالاصفار يهنئها علي قدرتها الفائقه في كنز الاموال ويخطرها بتزايد ثروتها سندها في الحياه الصعبه ، مرت سنوات العمر امام عينها تبددها في ساعات العمل الطويل والنوم المليء بالاحلام التي لم تتحقق ، تهتز الطائره قليلا تشعر توترا لا تحبه ، فهي لاتخاف علي حياتها ولاتخشي الموت ، ليس لديها ماتخاف عليه ، امها ماتت من زمان واوجعتها ، رحمها لم يخصب فلم تترك في الدنيا اثرا يضيع او يحزن وقت غيابها الابدي ، اشقاءها وشقيقاتها منشغلين بحياتهم واطفالهم ومشاكلهم ، لااحد يفتقد وجودها ، حيه كانت او ميته ، كل ماسيفتقدوه بضعه هدايا اعتادت علي وهبها لهم ، وافتقادهم هذا لا يعنيها بحق ، عادت للنوم ، عانس وحيده صامته ، نسيت شكل وجهها ضاحكا ، نسيت صوت دقات قلبها فرحا ، نسيت قدرتها علي الاندهاش او التآثر فحياتها في بلدان الغربه اكلت مشاعرها التهمت احاسيسها ، الصحراء التي تحيطها جففت ينابيعها ، الاصفر الذي لاتري غيره لونا للحياه المحيطه بها اشحب لونها وانعكس ترابيا علي كل ماتراه ، كآن كل الدنيا فقدت رونقها ، تمنت كثيرا لو تعود لوطنها لاهلها لاحباءها لكن اصفار البنك التي تتزايد يوما بعد يوم اسرتها في دوامات الرمال المتحركه ، تمنت لو تعود فلا تجد غيره ينتظرها في المطار يحتضنها يهنئها بسلامه العوده يقبل وجنتاها ، وقتها ستبقي معه ولن تعود ، هو اهم من اصفار البنك ومن البنك نفسه ، لكنها عادت عشرات المرات لم تجده وغادرت عشرات المرات لم يودعها ، انه لا يراها ، لا يلمح الارتباكه الصغيره التي تعتريها وقت تلمحه ، لا يشعر بالدقه المضطربه من دقات قلبها التي تفر منها وقت تسمع صوته ، لا يفهم سر تلعثمها في الحديث معه حين يحدق في عينيها ، لم يودعها ولم ينتظرها ولم يكتب لها الخطاب الوحيد الذي تمنته ولم يهديها الورده الحمراء التي طالما تصورته يحملها لها خلف ظهره ليفاجئها بها ولم يزين جيدها ورآسها بعقود الفل التي حلمت كثيرا برائحتها ، لذا لم تعود ولماذا تفعل ، حتي تعيش في مدينه مزدحمه تصيبها بالصداع واناس متعبون يرهقون نفسيتها وغلاء فاحش يلتهم رصيدها في البنك ويجعل حياتها والعدم سواء ، لن تعود وستبقي في مدينه الاشباح لاتري بشر ولا تشعر دفئا ولا تحمل هما ولا تتوقف عن العمل والجري وكنز الاموال ، يؤنسها حلمها الجميل الذي سيتحقق يوما حين يبوح لها حبيبها بحبه الدفين ويتوسل اليها تحبه !!! خرجت من المطار لم تجد من ينتظرها ، ارتابت في سبب دعوتها للرجوع ، فلو كانت الكارثه التي استدعوها بسببها رهيبه لوجدتهم جميعا يتشحون بالسواد ينتظروها عند سلم الطياره ، لكنها لم تجدهم ، القت بحقائبها في تاكسي ومنحت سائقه عنوان منزلها واغمضت عينيها وازدادت صمتا ، تدعي النوم لتخرس السائق الارعن الذي لم يتوقف عن الحديث منذ لحظه ركوبها معه ، تكره منظر الزحام والسيارات المسرعه ، تكره السحابه الرماديه التي تظلل سماء مدينتها ، اغمضت عينيها وتعجبت من سبب استدعاءها ، كادت تتصل بشقيقها في المحمول تسآله " اجي ليه ؟؟" لكنها وصلت فعلا وكلها دقائق معدودات وتعرف سبب تلك مكالمته المقتضبه !!! وقفت امام منزلها ، كل شيء مآلوف معتاد هاديء مثير للريبه ، انزلت الحقائب وصرخت في البواب يحملها ، تنتظر منه تفسيرا لاستدعاءها ، ربما يعرف من اصابته المصيبه وكيف اصابته ، لكن البواب اندهش لرؤيتها وسآلها ببراءه وفضول " خير " فازدادت شكوكها ، كل شيء هادي لحد موتر ، وفعت رآسها لاعلي تنظر لشرفه شقتهم ، امرها عادي والغسيل المنشور تتساقط منه قطرات المياه يؤكد لها ان كل شيء طبيعي فتوترت اكثر واكثر .. ضغطت علي الجرس بعصبيه ففتحت لها الخادمه ، حدقت فيها لا تصدق ماتراه ، ازاحتها ودخلت ، الورود الحمراء في الزهريه فوق مائده الطعام كما يحبها شقيقها نضره وزاهيه تؤكد لها ان كل الامور بخير ... القت بجسدها علي الفراش ونامت ....... حلمت بجارها الوسيم يبثها حبه فانتشت في الحلم سعيده وتمنت لو تنام الي الابد لاتفيق من حلمها الجميل !! استيقظت علي صوت اخيها يهنئها بسلامه العوده ، فتحت عينها لاتعرف مكانها ، كآنها نامت في فراش الغربه واستيقظت في حضن الوطن ، كآنها خطفت من الصحراء الصفراء للوادي المزدحم الاخضر ، سالته " فيه ايه " ابتسم "خير وحشتيني قلت اشوفك " اعتدلت في فراشها عصبيه تتشاجر معه ترفض حديثه الغريب " وبعدين .. ايه الحكايه بقي " !!! احتضنها سعيدا وهمس في اذنها " جاي لنا ضيوف النهارده وعايزين يشوفوكي " فتحت حدقتي عينها اندهاشا ، تعرف معني هذا الحديث ، تعجبت من تكراره علي مسامعها ، فعشرات المرات تشاجرت مع اخيها لاترغب في مقابله ضيوفه ، عشرات المرات افهمته انها نسيت ذلك الموضوع وسعيده بحياتها وكادت تكرر عليه كلامها ثم صمتت فجآ وسآلته بنظرات عينها دون حديث عن الضيوف المنتظرين ، فهم نظراتها واجابها بنظره عينه فانتفضت لا تصدق ما يقوله لها ، لا تصدق ان حلم حياتها سيتحقق ، لم تسآله مالذي حدث ولماذا حدث وكيف حدث ، فهمت ان جارها رجلها الوحيد الذي اغلقت باب قلبها عليه فتح قلبه واستقبل موجات حبها التي لم تتوقف سنوات وسنوات عن بثها في فضاءه تتنظره التقاطه لاشاراتها ، فهمت ان رجلها الذي لم تري غيره احس بها بعد سنوات القحط التي عاشت فيها تنتظر انتباهه ،احست ان حلمها اوشك علي التحقق ويالها من نهايه سعيده لكل احلامها .. احتضنت اخيها سعيده ، كادت تصرخ فرحه ، كادت تقفز فوق الفراش تلمس السقف وتعود للواقع الذي وكآنه اوشك علي التغيير ، نظرت في وجهها كانت جميله جدا اجمل مره شاهدت نفسها في حياتها ، قبلت شقيقها وهمست "ورحمه امك انت بتتكلم جد صح " هز رآسه يوافقها ، وخرج من الحجره وتركها تستعد للزياره المرتقبه ، نظرت في المرآه فشاهدت فتاه في السادسه عشر ربيعا فتاه جميله خفره مرتبكه تبحث عن قلم روج هاديء اللون ، تتمني لو اشترت فستان جديد لتلك الزياره ، تصفف شعرها مرتبكه ، تبحث عن حذاء انيق لا يحدث ضجه وقت السير به صوب الحبيب ، تفتح باب حجرتها وتصرخ تنادي شقيقها " جايين امتي" تراه امام باب التلاجه يشرب " حالا " تدخل بسرعه غرفتها تخرج قنينه عطر معتقه من دولابها وتسكب نصفها فوق ملابسها ، جاهزه هي لمقابله الرجل الوحيد الذي احبته طيله حياتها ..وحلقت فوق السحاب وطارت للقمر !!! ... ورن جرس الباب ، اندفعت الدماء ساخنه لوجنتيها فازدادت جمالا ، سمعت صوت اخيها يرحب بالضيوف ، كادت تخرج مسرعه ثم استوقفت نفسها وانتظرت حتي يناديها ، وحين سمعت صوته يصرخ باسمها انتفضت مكانها وتمنت لو دخل اخيها واصطحبها في يده فكيف ستدخل عليهم وتري حبيبها ولا تلقي بنفسها في حضنه ، ابتسمت " اخيرا " خرجت مسرعه ، سارت بخطوات مرتبكه كآنها ليست هي التي ستدخل غرفه الصالون لتلتقي بحب عمرها ، دخلت الحجره تجوب عيناها بسرعه وجوه الحاضرين ، لم تراه ، كادت تتراجع "العروسه جت " تلفتت حولها تبحث عن العروسه وسرعان ماادركت انها هي المقصوده ، لكن اين العريس ؟؟؟؟؟ لماذا لم يحضر مع هؤلاء الرجال ، هل ارسل اخوته وابيه لخطبتها ولم يآتي بنفسه ، جلست لاتصدق غيابه ، لاتسمع حديثهم ، تتمني لو فهمت مالذي حدث ، ماذا قال لاخيها ، ربما سيآتي ، ثبتت بصرها علي الباب عله سيدخل حالا ، نظر له اخيها يعاتبها لكنها لم تفهم سبب عتابه ، همس في اذنها " سلمي علي العريس ياعروسه" افلتت منها ضحكه لم تقوي علي كبتها وسآلته " مش لما يجي " ارتبك اخيها وشاور لها بطرف عينه علي رجل يجلس تحت الشباك ، من هذا الرجل الهرم الذي يجلس تحت الشباك وكيف يتجرآ اخيها علي الاستهزاء بها للحد الذي يشاور لها علي رجل غريب باعتباره عريسها ، صمتت وصممت علي المشاجره مع اخيها بعد ان يذهب الضيوف ، همس اخيها " يوسف يامريم " ثم يهمس بصوت اخفض " مالك اتهبلتي ، مش عارفه يوسف ؟؟ " لم تسمع كلماته وحدقت في الرجل الغريب تحاول التعرف عليه ، هذا ليس يوسف ، هذا ليس الرجل الذي احبته طيله العمر ، هذا ليس الرجل الذي لم تري في الدنيا سواه ، يوسف كان شابا وسيما مفتول العضلات ممشوق القوام ، شعره الاسود يتساقط فوق عينيه السوداويتين باهمال جميل ، هكذا كان منذ ثلاثين عاما ، لكن هذا الرجل الذي يجلس امامها ليس بيوسف الذي عرفته واحبته وحلمت به ، فهو اصلع تخين " بكرش " ملابسه قديمه بلا رونق ، يوسف كان انيقا تشم رائحه عطره الخاص من اول الشارع وهذا الرجل تفوح منه رائحه العرق النتن ، هو لايشبه يوسف فيوسف كان بشنب عريض اسود وذلك الرجل بلا شنب التجاعيد ترسم اخاديدها فوق وجنتيه ، يوسف كان شابا وسيما وذلك الرجل قبيح كريه المنظر لايشبه يوسف في اي شيء ، يوسف كان شابا وهذا الرجل الكهل هرم عجوز ربما تجاوزت سنوات عمره الستين ، حدقت في جميع الموجودين بالغرفه وخرجت مسرعه ، القت بجسدها فوق فراشها تبكي مقهوره حزينه ، لاتصدق ان ذلك الرجل هو نفسه الرجل الذي حرمت نفسها من الحياه بسببه ، تبكي غاضبه تكاد تكسر الجدران تتمني لو هي الان في الصحراء وحيده لتصرخ تتمني لو ماتت قبل ان تري ذلك الرجل القبيح الذي سرق ايام عمرها وحلمها وبدد وهمها الجميل و..... لملمت ملابسها بسرعه وقبل ان تسطع شمس اليوم التالي كانت في الطائره غاضبه من اخيها الذي لم يفهم سبب تصرفها الاحمق وهرولتها خارجه من الغرفه وتشاجر معها بعنف وقوه لانها " كسفته قدام الناس " !!! وفي الطائره نامت وحلمت بيوسف الذي تحبه الوسيم ممشوق القوام وتشاجرت مع ذلك الرجل الذي انتحل شخصيته وكاد يسرق احلامها ويفسدها !! استيقظت ونامت ثانيه للتشاجر مع اخيها تعاتبه " بذمتك هو ينفع اتجوز راجل عامل كده " ولم تجادله حين صرخ في وجهها "انت مجنونه ماهو هو ده يوسف اللي خوتانا بيه بقالك ٣٠ سنه " فقط نظرت له نظره عتاب وصمتت !!! وفي البلده الصفراء الصحراء عادت وحيده عانس صامته بلا احلام ... فيوسف هذه الايام سرق منها حلمها الذي اسعدها كثيرا ... عادت اكثر وحده اكثر صمت كسيره الحلم !!! واغلقت موضوع " يوسف " للابد فلم تعرف من اخيها مالذي جري حتي يستدعيها لتلك الزياره السريعه ، لم تعرف انه قابل يوسف جارهم علي السلم ، وانه اشتكي له وحدته بعد موت امه ، وانه صعب علي اخيها فاقترح عليه يتزوج اخته العانس الوحيده ، وان يوسف فكر طويلا ثم وافقه باعتبارها ستؤنسه وتبدد وحدته والسلام ، لم تعرف كل هذا واختلقت لنفسها حلم جديد وحيد ، ان يوسف الذي كان والذي كانت تحبه ، قابل اخيها وبثه حبها ، وتوسل اليها يوافق علي الارتباط بينهما ، وان اخيها لم يقبل طلب يوسف الا بعد ان بكي بدمع العين متآثرا من حرمانه من السيده الوحيده التي احبها فاغلقت باب قلبه امام كل النساء !!! هكذا خلقت لنفسها حلم جديد وعاشت به بقيه ايام حياتها في البلاد الصفراء الصحراء !!!!!! وحين تتذكر يوسف العريس تهز رآسها نفيا وتنام لتحلم بالرجل الذي احبته ومنحته بلامقابل عمرها كله !!!!!!

هناك تعليق واحد:

برنسيس الهامو يقول...

دي تحفةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة وحلوة وكل تعابير الجمال فيها تسلمي يا اميرة وانا بنظري اتعلمت من الحدوتة دي انو الحب موجود اه وهو نصيب لكل واحد فينا بس الاحسن والاجدر انو ما نتعلقش بحاجة مستحيلة يعني ما حبش واحد واقعد طول عمري افكر انو يجي يخطفني على حسان ابيض وكده لا بالعكس لازم اعيش حياتي بطولها وعرضها وحتى ان حبيت وشفت انو خلاص مافيش فايدة اعمل كونترول لنفسي انو حبي ما يقواش مع السنين