الحياة
ايام
وبنعيشها
( 1 )
مصطفي
تحرك النعش خطوتان ، بدن مصطفي يرتعش
تحته ويديه ترتجفان من الحزن والارتباك وثقل الصندوق، في اخر صف المعزين تسير نجاة
تبكي وبوسي تنتحب و تتمتم دون وعي ياحبيبي يابابا ياحبيبي يابابا ، تحرك النعش
خطوتان وثبت مكانه وكأن قوه جباره الصقت اقدام حامليه بالارض ...
مع السلامه ياابو مصطفي ، همست نجاه
وكأنها تشجعه يتحرك نحو مثواه الاخير ، الله يسلمك يانوجة ، همس حسين من داخل
الصندوق ، ابتسمت نجاة وكأنها سمعته في ايام رضاه البعيدة وقتما كان لايناديها الا
نوجة ، نكزتها بوسي وظنتها جنت لانها تبتسم في جنازه زوجها ، مازال النعش ثابتا
مكانه ، يصرخ احد المعزين لا اله الا الله ، فيردد الجميع ، لا اله الا الله ،
تنهمر دموع مصطفي عاجزا يتحرك وبقيه حاملي النعش صوب المقبرة ..." اوصيكم تقرءوا الدفتر ،
تحملوني واكملوه ، هي كلماتي الاخيرة لكم وللحياه ، الدفتر يخصني ولايخصكم ،
لاتمزقوه مهما غضبتم ولا تتجاهلوه مهما اوجعكم ، هي رسالتي الاخيرة لكم"..يهمس حسين في اذن المعزين بصوت خفيض
ينبعث من الصندوق ، لااحد يفهم مالذي يقول الرجل الذي مات ويرفض يتحرك صوب مقبرته
وكأنه ذنوبه التي سيحاسبه عليها الملكين تثقل خطواته الاخيرة ، يسمع مصطفي صوته
بوضوح ويفهم كلماته ولايفهم معناها ، يشعر غيظا لان ابيه كعادته يفعل مالا يتوقعه
احد في وقت غير مناسب ، تهمس نجاه دفتر ايه ياخويا دفتر التليفون ؟؟ تكذب بوسي
نفسها مثل بقيه المعزين ، لايتحدث النعش ولا تتكلم الجثة والامر كله اوهام الحزن
التي يطغي عليها وعليهم جميعا .................. تتحرك الجنازة صوب مقره الاخير
و..... مع السلامه ياابو مصطفي ، مع السلامه ياغالي !!!!
ضباب كثيف يهبط فوق المقبرة ، تغيب
الشمس وتسري نسمة باردة في اليوم الحار ، يزداد الضباب كثافه وكثافه ، يلف المعزين
والجنازه والصندوق والجسد المسجي بداخله ، يلف المكان وملامحه ، يلف المقبرة
وشاهدها ويغطيها ، يهبط الضباب فوق رؤوس الجميع وتتداخل قطرات الماء مع انفاسهم
المرتجفه فتبطيء وتبطيء ويشعر الجميع وكأنهم سيموتوا وان ارواحهم تنسحب من اجسادهم
الثقيلة ، يشعروا خدرا مخيفا ويتشاهد البعض وهو لايري اصبعه الذي يرفعه ولايري
ذراعه ولايري نفسه وينتشر رعبا ويصرخ احدهم سبحان الله ولا اله الا الله ، ويتمني
الاخرين يصرخوا مثله ، لكن اصواتهم حبيسه الاجساد اسيرة الضباب المخيف الذي لفهم
جميعا و............. يختنق الجميع وبخار الضباب يتسلل لانوفهم وافواههم يخنقهم
وصوت حسين من داخل النعش يؤكد " هي رسالتي الاخيرة لكم ، هي رسالتي
الاخيرة لكم "
ويصرخ مصطفي بصوت عالي ويستيقظ فزعا من الكابوس المعتاد الذي يحتل نومه منذ عدة
ايام ، يصرخ بصوت عالي يوقظه من النوم ويتساقط العرق البارد من جبهته ومسام جسده
المرتخي فوق الفراش وحيدا في الليل ، يصرخ مصطفي ويفتح عينيه ويتمتم بايات قرآنية
استنجادا من الكابوس المخيف الذي يلاحقه و........ " هي رسالتي الاخيرة لكم " تتردد في اذنه بصوت مخيف يفح
من داخل الصندوق الذي نامت فيه جثه ابيه ، هي رسالتي الاخيرة لكم " الصوت يدوي في اذنه ويرتفع
ويرتفع ويرتفع يكاد يصدع البناية القديمة في ميدان فيكتوريا بحي شبرا العريق فوق
كل قاطنيها وامه واخته وفوق دفتر ابيه المختبأ حتي الان بين طيات ملابسه لايعرف
احد عنه شيئا ...... ويصمت مصطفي ولايخبر احدا بالدفتر الذي يحدثه ابيه عنه ،
سيظنوه مجنون افقده حزنه علي ابيه صوابه وعقله و.... اللهم اخزيك ياشيطان ......
( 2 )
الدفتر
امسكت الست نجاه بتلابيبي
واخذت كالمجنونه بل وهي مجنونه ، اخذت تمزق في اوراقي وتبعثرها ، كنت اصرخ من
الالم وكانت تصرخ من الجنون ، كنت اناشدها تتركني في حالي وكانت تكرهني وهي تمزق
صفحاتي وتحيلها لنثرات صغيرة تتبعثر في الهواء ، لن استسلم لسكين غضبها ، لن
استكين لنيران وجعها ، سأفر من تحت يديها ، تقبض علي اوراقي بقوة وكأنها تخنق روحي
، أفر من بين اصابعها بقوه وكأني لااقصد ، دبت في الحياه والغضب ، لست ملكك
لتمزقيني ولست لكي لتبعثريني وصاحبي لم يمنحك الحق لتفعلي بي ماتفعليه ، تمزق
الاوراق من بعضها وتقبض عليها ، تلقيها في الهواء عاليا وتسقطها علي الارض ، اصرخ
فيهم اهربوا من جنونها ، حلقوا كالعصافير بعيدا عنها ، تتطاير الاوراق وتجري ، تخرج
من بين اصابعها ، تجري بعيدا عن متناول يدها ، تحلق من باب البيت وتخرج للشارع ،
يدفعها الهواء لاعلي واسفل ، كطيارات الورق المزركشه علي الشاطيء في عز الصيف تحلق
الاوراق بعيدا عن غضبها ، اصرخ فيها بعيد بعيد ، يحلقوا ابعد وابعد ، ستسقط ورقه
هنا وورقه هناك ، ليس مهما ، ستقع في يد من يهتم بقراءتها وهذا هو المهم ، الرجل
الذي قضي سنواته الاخير يرسم بخطه الجميل فوق صفحاتي وعلي اسطرها المستقيمه يرسم
قصصه وحكايته ويبثها ويبثني مشاعره واحاسيسه ووجعه وسخريته من نفسه واساه عليها
وحكمته وجنونه لايستحق منها سحقه بتلك الطريقه الموجعه ، ولو استحق هو لااستحق انا
، انا كاتم الاسرار ومستودع المشاعر وخزانه الاحاسيس لااستحق منها تلك المعامله
القاسيه ، الرجل مات وانا ايضا ومابقي اسطر مكتوبه ، تنطق بالوجع والصراحه ، تئن
بالهم والبوح ، لكنها ملكه وملكي وليست ملكا لكي ايتها المرأه المجنونه ...
مازالت تقبض علي دفتي
بعنف ومازالت تحاول تمزق الاوراق بجنون ومازلت الاوراق تتطاير بعيدا عن غضبها
وتحلق كسرب الطيور المهاجره للاماكن الاكثر دفئا وانسانية ، اهون علي الاوراق
المتطايرة الفراق والغربه ، اؤكد لهم ان يد حانيه ستلتقطهم وستعتني باسطرهم وتقدر
مشاعرهم وتشارك الرجل الذي لايعرفوه احاسيسه وخبراته و................ اخيرا قفز
مصطفي علي السلم ، ربما حلق فوق الدرجات ، انتشلني من بيد ايديها وصرخ فيها ،
كفايانا فضايح ، واحتضني بمنتهي الحسم والرقه وصعد مهرولا لشقتهم وفتح ضلفه دولابه
المغلقه واودعني علي الرف وربما هدهدني وربت علي غلافي وربما اعتذر لي بصوت ممضوغ
ضاع صداه في صراخ الست نجاة المجنونه التي اعتبرت انقاذه لي اعتداء عليها يستوجب
فقدان وعيها وسقوط جسدها الثقيل علي الارض ليرتج العقار كله ....
في ظلام الدولاب التقطت
انفاسي وراجعت فهرسي وادركت ان كثيرا من الحواديت والقصص طار ومحي مع الاوراق
المحلقه صوب الانسانية ، ادركت ان جزء من روحي حلق بعيدا عني ، لكني ادركت ايضا ان
بقيه الحواديت تلتقط انفاسها هي الاخري بعد المعركه الضاريه التي صارعتنا فيه
السيده نجاة ، غفونا جميعا في الظلام ننتظر مصيرنا الذي لانعلمه ، هل سيفلح مصطفي
ينقذنا من نجاة المجنونه ، ام ستنقض علينا تحطم الدولاب والرف وتقبض علي روحي وروح
اوراقي وتمزقنا بمنتهي القسوة والغل ، لااعرف بعد ، لكني ساعرف طبعا وقريبا جدا
......
( 3 )
نجاة
حرم المرحوم
وقفت الست نجاة امام
بوابة المقبرة وعلي وجهها تعبيرات غريبه ، تلهث وكأنها تجري مشوارا طويلا ، انزلها
سائق التاكسي علي رأس الشارع الواسع بعيدا عن بوابات المقابر ، حملت جسدها الثقيل
وزحفت علي قدميها صوب مقبرة الذي كان كل حياتها ولم يعد له اي قيمة ، هذا ماتقوله
لنفسها طيله الطريق وعبر الحارات الضيقه الملتويه الي مرت فيها من بيتها القريب
وحتي المقبرة ، تقرأ الموتي السلام وتحييهم وتستبعده من سلامها وادعيتها ورحمتها ،
تشحذ غضبها كأنها تخاف ينطفيء فلاتجد في اللحظه الموعودة التي انتظرتها مايهديء
روعها ويهديء غضبها وقتما تفش غلها فيه وتمنحه مايستحقه، تبكي غضبا وليس حزنا حتي
ظنها القريبين منها جُنت لرحيله ، ظنونهم تخنقها وتزيد غضبها ، تتمني تحكي لهم
الحكايه وتقص عليه ماعرفته ، لكن سمعه الابنة وكرامتها لن يتحملا قصص وروايات ،
تصمت مقهورة ووجهها يزداد قتامه وضغطها يرتفع وسكرها ايضا ، اياما باتت مقهوره
تمزق وجهه في الكوابيس وتستيقظ في وسط النوم بعيون حمراء تسطع بالغضب وسط الظلام ،
ايام كثيرة تكبت مشاعرها فتعبر عن وجعها في كوابيس رعناء تفسد لياليها وايامها حتي
قررت تذهب له وتمسح بكرامته بلاط المقبرة وتفرج عليه الارواح والاسياد وتفضحه وسط
سكون الراحه الابديه وتخلي اللي مايشتري يتفرج و..... البادي اظلم !!!
الرسام ينتظرها ، حارس
المقبرة وخادمها الامين ، اتصلت به نجاة في التليفون واخبرته انها ستزور فقيدها
غدا، انزعج الرسام لان اليوم وسط الاسبوع والقمامه التي يرفعها عن سور المقبرة كل
خميس تتراكم هي وذبابها الازرق خلف البوابه ،حاول يقنعها تأجل الزياره لموسم
الخميس او الجمعه ، كأنه يرجوها تمنحه برهه وقت يقوم بعمله الذي تدفع له من اجله
راتبه ، لكنها لم تمهله ولم تقبل مبرراته ، بعصبيه واصرار اوضحت له انها ستأتي غدا
مع اول ضوء وان عليها ندر ولازم توفيه وان يوم الحساب حان وقته ، عصبيتها انتقلت
للرسام فتشاجر مع صبيانه لانهم يتقاضوا راتب كبير لايعملوا به ولان المقابر تعج بالقمامه
والذباب والمياه الجوفيه تخرج من تحت شواهد القبور لايجففوها ولان السيده ستأكل
وجهه وتبعثر كرامته لان مقبره فقيدها لاتليق باللحظه الرومانسيه التي اتت من اجلها
وهو الذي غادرها منذ شهرين واقل وكانت في اربعينه تشق عنان السماء بصراخها وتروي
الصبار العطش بدموعها وتتبعثر من شده الحزن علي الغالي اللي مافيش اغلي منه ،
لماذا عدتي بعد اقل من عشره ايام واي ندر عليكي الذي اسقطكي علينا خارج مواعيد
الحزن وطقوسه المعروفه ؟؟؟
حدق في وجهها "
الرسام " حارس المقبرة وتعجب ، زوجها لم يمض علي موته الا شهرين وليست هذه ملامح
الارامل المكلومه بفقد زوجها والتي اعتاد عليها وفهمها وليست هذه هي الملامح التي
حفظ تفاصيلها يوم الاربعين وقتما كانت ارمله محطمة لموت زوجها الحبيب الغالي ، الملامح
المرتسمه علي وجه الست نجاة حيرته ، ملامح
غريبة ليست حزينه وليست غاضبه ، اتت لتتشاجر مع الزوج الذي لم يمر علي موته شهرين
، نعم هذا مافهمه من ملامحها المعقوفة وعصبيتها وتوترها الظاهر ، طالبته الست نجاة
بالخروج من حوش المقبرة بعدما فتح لها البوابة العتيقة وادخلها ، بالاذن انت
ياخويا بقي الا فيه كلمتين عايزه اقولهم للمرحوم علي انفراد ، خرج الرسام وهو
يتمني يتلصص علي همسها لكنه لم يفلح ، خرج وهي تستعد للمشاجرة مع المرحوم وتلعن
فيه وتسب ، ياواطي يادون ، انا ريحتي توم ؟؟؟ ياناقص ياعرة الرجاله ياللي مالكش
لزمه عايش وميت ، انا ريحتي توم و....................... انفجرت في البكاء حزينه
غاضبه ، ورضينا بالهم والهم مارضيش بينا ياناقص يادون ، انا الحكومه وتسقط الحكومه
، انا الحكومه ويلعن ابو الحكومه ، ده اخره اللي بينا وانساني بقي زي ماحنساك
و..........لم يسمع الا المرحوم سبابها فتملل في مقبرته غاضبا لانها لم ترحمه حيا
ولا ميتا وتمني لو اجلت زيارتها وغضبها بعدما تقرأ الدفتر عل مشاعرها اختلفت ،
لكنها متسرعه مندفعه كعادتها ، وطلب لها الرجل في مقبرته الهداية!!!!
( 4 )
بائع السندوتشات
سحب رضا بسرعه وتلقائيه
ورقه ليغلف فيهما " شقتين الفول " ويناولهما للزبون المتعجل ، لكن الخط
الانيق والكلمات المتراصه علي ظهر الورقه لفتوا نظره ، مر عليها ببصره بسرعه
وابتسم ، غلف السندوتشات في ورقة من جريده اليوم وناولها للزبون ، تفحص الاوراق
الممزقه امامه بسرعه يبحث عن صفحات اخري من نفس الدفتر الذي عثر علي احدي اوراقه ،
لم يعثر ، فانتابه القنوط والغضب ، صفحه 7 ، سال نفسه ، صفحه 7 ، ياتري فيها ايه
وياتري مالذي سبقها ومالذي سيلحقها ؟؟؟؟
وحين سطعت الشمس في وسط
النهار ، كان قد جمع اشياءه ومعداته وحملها فوق العربيه الخشبيه وتوجه للقهوه ، وجلس
يشرب الحلبة ويقرأ بفضول الورقة التي في يده ..
********************
صفحه 7
مين اللي اخترع ام دفتر اليوميات ده ، اكيد ناس حياتها زحمه
ومليانه حواديت ، بصراحه عمليه ممله ، ايه يعني لما اعمل حاجه اكتبها ، طب ماهو نص
الحاجات اللي بعملها مايصحش اكتبها ، واكتبها ليه ، ماانا مش ضامن ان الحكومه ،
اقصد مراتي الست نجاة حرمنا ماتعترش علي الدفتر ده بالصدفه ، وقتها حتبقي مصيبه
ونكد وعياط وتسيب البيت وتروح لابوها واصالحها وقرف كده ، لا وكمان تقوم علي
العيال ، الواد مصطفي والبت بوسي ، هي
تتخانق وعيالها يقفوا معاها ، العيال عمرهم ماوفقوا معايا وعلي طول في صفها ، وعلي
ايه النكد ، خلاص ، مش حاكتب حاجات كتيره ، ولما مش حاكتب حاجات كتيره مش حالاقي
حاجه اكتبها غير كلت شربت دخلت الحمام !!! وده معقول!!!
لازم الاقي طريقة عبقريه خبيثه، اكتب بيها والحكومه ماتفهمش
كلامي ، انا بس اللي افهمه !!! لكن ياسلام ، وهو
الدفتر يقع في ايدها ليه ، حتفتش في حاجتي ، لا انا مش ممكن اسمح بكده ، حاجتي
الشخصيه تخصني ، لو مدت ايديها عليها حاقطعها ويمكن كمان اضربها بونيه في وشها ، ازغدها
، ههههههههههه، هو فيه راجل برضه يقول ازغدها ، الراجل يقول اكسر دماغي ، اموتها ،
اطلقها ، مش لازم قوي كده ولا لازم يعمل كده ، لكن يقول كده بصرف النظر حيعمل ايه !!!
لكن برضه ماهو من باب الاحتياط والذكاوة ، اكتب بالسيم بالرمز
، اكتب اللي محدش حيفهمه غيري ، طبعا مش انا صاحب دفتر اليوميات ، يووووووووه ،
برضه حاكتب في دفتري بالسيم ، امال حاعيش حريتي امتي ، حاجه تقرف والله ، تسقط
الحكومه وكل حكومه الان وغدا ودايما ، ههههههههههههه ، لو الوليه قرت الكلمتين دول
حتعمل انقلاب عسكري في البيت ، حاقول لها انت مالك هو انت الحكومه ، انت قلبي فشتي
كلوتي ، هههههههههه ماهو الكلام مش بفلوس ، هي مش حتصدقني لكن حتستكت كعادتها ،
لما تحتاس ومتعرفش ترد !!! تسقط الحكومه وكل حكومه !!!! ايه القرف ده !!!!
********************
وتسيل دموع رضا من كثرة
الضحك ، وهو يري زوجته التي طالما عجز عن وصفها بما يليق بها وهي تستبد به وتخنقه
، يراها الحكومه مثل زوجه الرجل الذي لايعرفه ، ابتسم رضا وسط دموعه وهمس تسقط
الحكومه وكل حكومه يقصد زوجته وزوجه الكاتب وكل الزوجات ، تسقط الحكومه وكل حكومه
..
( 5 )
نجاة
حرم المرحوم
نادت نجاة ابنتها بصوت
عصبي عالي، تعالي يابت يابوسي ساعديني ، الاسم بنت والصنعة حيل ، لامنك ولاكفايه
شرك ، تعالي يابت ، نطلع هدوم ابوكي صدقه علي روحه ، تعالي حرام عليكي اتهديت من
كتر العياط والغم ، تصرخ علي ابنتها ، تعالي يامخفيه ، يابروطه ، ياللي مامنكيش
رجا ...
تصرخ وتصرخ وتصرخ وتناديها
بعصبية ، دخلت بوسي مسرعه الحجره ، مرتاعه ، فيه ايه ياماما ؟؟ يااختي علي برودك
ساعه بانادي عليكي واخرتها فيه ايه ؟؟ كنت فيه يامزغوده يامقروصه ياللي مالكيش
لزمه ؟؟ اول ماسمعت جيت ، سمعت الرعد في ودانك ، صرخت نجاة ، يابت تعالي ، ابوكي
ربعن وروحه شقيانه ، لازم نطلع هدومه للغلابه ، صدقه علي روحه ، يلبسوها ويترحموا
عليه ، ابوكي ربعن واحنا زي اللي غرقان درانا ، انشغلنا بالهم ، لمي يابت هدوم
ابوكي ، طبقيها بادب وعلي الجامع ، اخوكي لما يصحي من نومه ياخدها وعلي الجامع ،
الغلابه كتير ونفسهم يتستروا ، ننزل هدوم ابوكي ، من ناحيه صدقه علي روحه ومن
ناحيه تاني نفضي الدولاب علشان ارص جهازك ، تعالي يامزغوده ساعديني...........
اخذت نجاة بمنتهي العصبيه
تلقي بثياب زوجها من الرف للسرير ، لمي ياحبيبتي لمي الحاجه ، ااقري له الفاتحه ،
روحه بتشحتها يابت ، ااقري له الفاتحه بذمه ياللي تنقرصي ، ابوكي ده ولا مش ابوكي
، الفاتحه يابت تهون عليه اللي هو فيه ، تحدق نجاه في بوسي ، بتبصي لي كده ليه ،
طبعا محتاج الفاتحه وكل دعا له يهون عليه ، ماهو يعني ماكانش شيخ قايم نايم فوق
السجاده ولا كان متصدق معاه زياده يوزعها علي الغلابه يدعوا له ، كان علي قده يعني
، دنيا واخره علي قده يبقي محتاج نقرا له الفاتحه ومحتاج نوزع هدومه لجل اللي
يلبسها يدعي له دعوه تنفعه ومحتاج نزور ورجلينا ماتتقطعش نوزع رحمه وبلح ونقول
يارب ترحمه ، لعل وعسي حاجه مني دي تنفعه ..
تقاطعها بوسي ، بتقولي
ايه ياماما ، بقول الحق ياروح ماما ، هو بين ايدين رب عليم ، عارف بالمستخبي اكتر
مني ومنك ، بقول الحقيقه ، ياما قلت له صلي قالي طيب وماركعهاش ، ياما قلت له
اتصدق قالي اللي يحتاج البيت يحرم علي الجامع ، اهو النهارده تلاقيه بيقول ياريت
سمعت كلام نجاه ..
تضحك بوسي ، انتي وكأن
بتدعي عليه ياماما ، ارحميه ، تنفجر دموع نجاة ، ادعي عليه فشر بعد الشر العدو ،
ده انا بقولك اقري له الفاتحه يابت علشان تنفعه اما بادعي عليه ، صحيح يابنت ابوكي
خير تعمل شر تلقي ، اهو انتي كده طالعه زيه ، تفسري بالوحش وتدوسي علي الحلو ولا
طيب ينفع معاكم ولا كلمه عدله تتشفع لنا عندكم الا كله قساوة ونية شينة ، تضحك
بوسي ، بقولك ايه ياماما ، خلينا في بابا وهدومه ومالكيش دعوه بيا ، الا من يوم
مامات وانتي فاشه غلك فيا لما استويته ، حننزل الهدوم ولاارجع اوضتي اشوف ورايا
ايه ..
تزغدها نجاه بقبضه يدها
في صدرها ، اتلككي يااختي اتلككي ، اهربي من اللي وراكي زي عادتك ، لا حننزل
الهدوم ونقرا له الفاتحه ونقول ربنا يرحمه ، يالا القفي مني يالا ، تخرج نجاة الملابس
بعصبيه وفجأ .......... تصطدم اصابعها بشيء صلب ، تنتبه ، ايه ده ، هو ايه ياماما
، ده يابت ده اللي ابوكي حاطه تحت هدومه ، مش عادته يعني ، وبسرعه تلقي بقيه
الملابس علي الارض وتخرج الدفتر الكبير ، وايه ده كمان ، تحدق في الدفتر ، يكونش
ابوكي يابت ليه فلوس عند ناس ومقيدها علشان ماينساش ، تفتح الدفتر ، اسطر كتيره
متلاحقه تجري تحت عينيها ، لا ، دي مش حسابات ، ده كلام كتير ، تحاول بوسي تخطف
منها الدفتر ، هاتي وريني ، لا استني يابت ، وتجلس علي طرف السرير وتفتح الدفتر
والفضول يكاد يطير عقلها ، تقرأ سطر اثنين وتشهق ، يالهوي ، ايه ياماما ، فيه ايه
الدفتر ، تزيح ابنتها بعيدا بمنتهي العصبيه ، فسحي يااختي فسحي ، اما اشوف ابوكي
كاتب ايه في دفتره ده ، عاش ومات حويط ومخبيه مني ، اخص عليك ياراجل ، تلاتين سنه
بانام جنبك ومخبي عني الدفتر ، ويوميات ايه ياابو علي بقي اللي كنت بتكتبها ، هو
انت عندك حاجه تتكتب ، تكاد الابنه تخطف الدفتر من يديها ، وريني ياما بابا الله
يرحمه كاتب ايه ، تبعده عن متناول يديها ، وانت تقري ليه يابت ، ماجايز اسرار
ابوكي ومش عايزكم تشوفوها ، هاتي بس ياماما ، تحاول الابنة تخطف الدفتر من يديها
لكن قبضتها القويه التي لكمتها بها في طرف معدتها تخرجها من الاوضه ، النبي حبيبك
ياماما ما تقريه ، حتلاقيه كاتب ايه يعني ، كلام فاضي، ماتقريهوش لاتزعلي ، نظرت
لها نظره بارده اخرستها ، ازعل من ايه ياروح امك ، هو ابوكي كان بيعمل حاجه خالص
علشان ازعل ، تلاقيه كلام فاضي ، بس انتي بنته وهو ليه هيبة مايصحش تكسريها ، امشي
يابت اعملي كوبايه شايه وهاتيها و....................... انهمكت في قراءه الدفتر
وكلماته لاتصدق عينيها ولاتصدق ماقرأته ...
********************
صفحه 1
هما بيكتبوا ايه في دفاتر اليوميات دي
ايه حاقول صحيت ونمت وكلت ودخلت الحمام !!!
حاقول حلقت دقني واستحميت !!!
لا اكيد دفاتر اليوميات بيتكتب فيها حاجات اهم من كده !!!
طيب انا بس قلت افتح الدفتر واكتب كلمتين في الصفحه الاولي
وبعد كده في الصفحات التانيه حاكتب الموضوعات المهمه ، اصل اصعب صفحه هي صفحه
البدايه ، البدايه دايما صعبه ، لكن اول ماتبتدي كل حاجه تجري زي الفريره !!!!
خلاص كفايه علي الصفحه الاولي كده ...
دي الصفحه الاولي من دفتر يومياتي ... للعلم والتاريخ !!!
********************
تحدق نجاه في الصفحه
الاولي لاتصدق ماتقرأه ، تضحك بصوت عالي عالي ، للعلم والتاريخ ، يخرب بيتك يامخفي
، بقي هي للعلم والتاريخ ، طيب ، وكاتب ايه كمان ، وتقلب الصفحات وتقرأ وتقرأ
وتتحول ضحكاتها لدموع ساخنه وحزن عميق و......... الله يجحمك يابعيد مطرح ماانت
موجود ، الله يجحمك يابعيد ....
( 6 )
بائع اللب
فتح سعيد بائع اللب ،
الورق المطوية اللي عثر عليها طائرة في الهواء ، فتحها وقرأ من كلماتها الكثيرة
كلمتين وانفجر ضاحكا ، لفها ببراعه قرطاس وملأه حتي حافته باللب الساخن للزبونه
التي تشتري منه اللب كل يوم ، منحها القرطاس ضاحكا ، قزقزي واتسلي ، لم تفهم
الزبونه كلامه وسبب ضحكه ، عادي يعني ياعم سعيد ماانا كل يوم باقزقز واتسلي ، هز
رأسه نفيا ، لا كل الايام كوم والنوبه دي التسليه خصوصي وغير شكل وكوم تاني ، لم
تفهم كلامه وانصرفت وهو يضحك ويضحك ...
جلست في الشرفه الصغيرة
كمثل كل يوم ، والتهمت اللب بسرعه وببراعة ومزاج ، بقي القرطاس في يدها ، تذكرت
ضحكات سعيد وانتابها فضول ، فتحت الورقه ومرت علي اسطرها بسرعه بعينيها وانفجرت في
الضحك
********************
مقدمة ..
هذه ليست قصه .... هذا دفتر يومياتي ...
اكتب فيه مااعيشه ... كتابه خاصه جدا لن يقرأها احد .... لذا اكتب
براحتي .... طبعا
حد حيسألني باكتب ليه ، ومااكتبش ليه ، هو مين قال ان الابطال والزعماء والمتصيتين
بس اللي يكتبوا ، انا كمان اكتب ، اكتب عن حياتي ، حتقولي حياتك تافه وايه يعني ،
هو فيه حاجه تمنع ان حد يكتب عن حياته التافهه ؟؟؟ مافيش طبعا ، اذن انا حاكتب عن
حياتي في دفتر يومياتي ، ولما اموت وتلاقوه ، ااقروه او قطعوه ، مش مهم ، المهم
اني شايف حياتي تستحق الكتابه عنها ، حياتي البسيطه ( مش التافهه وخليك مؤدب ) ،
حياتي البسيطه تستحق اكتب عنها من وجه نظري ، خلاص ، اتفقنا ، محدش تاني يجي يقولي
بتكتب ليه ، ولا يسمم بدني ويقولي وايه قيمه اللي بتكتبه !!! قيمته اني عايزه
اكتبه وخلاص ، حر انا حياتي ودفتري وحواديتي !!!
اسمي ، يفرق ايه ، اي اسم راجل ينفع ، دفتر يومياتي لايعرف
غيري ، انا صاحبه ومالكه وصاحب حقوق النشر والتأليف ، يطلع اسمي محمد ، احمد ،
جرجس ، فتحي ، عويضه ، بهاء ، انطون ، اي راجل مش مهم ، حتي مسلم او مسيحي برضه مش
مهم ، لان علاقتي بالدين زي علاقه كل الناس ، مالهاش دعوه بدفتر اليوميات، لاحاقول
صليت ولا حاقول صمت ، لاحاقول حبيت بنت من دين غير ديني ولا حاقول خدت حقوقي كامله
ولا ناقصه ، مش حاقول حاجه خلاص ، مش علشان حاجه ، لاني اومن ان الدين لله والوطن
مايخصنيش !!! ولان البنات اللي من ديني هاوسنيي وشاغلين بالي ، فايه لزمه المشاكل
، البنات دول للانبساط ، اوجع راسي ليه بقي واجيب واحده تحبني النهارده وتعيط بكره
وتقولي اهلي حيموتوني بعده !!! لا خليها بعيد وخليني بعيد !!!وبعدين احب اوضح مسأله مهمه كمان ، انا باكتب في الدفتر ده بعد
وقت البنات ماعدي ومر ، وكلهم بقوا للفرجه بالكتير وبالتالي اتفرج علي مين مش مهم
، تطلع حاجه ، تطلع مقدسه ولا يفرق معايا ، ماهو كله للفرجه وبس ..
علي العموم ، انا اسمي حسين ، اسم عادي لاتركي ولا عثمانلي ولا
عربي عرباوي ، حسين ، عادي يعني ...
وده دفتر يومياتي .... يوميات رجل كان شاب ، ومازال شاب ، صحيح
خرجت علي المعاش ، لكن طظ ، الشباب شباب القلب والراجل مايعيبوش غير جيبه !!!! بس
للاسف جيبه برضه فيه مشكله ، لكن مش وقته خالص !!!!الراجل مايعيبوش غير عيبه وحاجه تانيه كمان ، والحقيقه انه كله
بايظ وبقيت راجل بركه ، علي راي الست نجاه حكومه قلبي الرشيدة !!! ماعلينا ، ده
دفتر يوميات حسين ، احكي ياحسين احكي ، احكي ياشهرزاد قبل مايدركك الصباح ويسكت
الديك عن الصياح المباح .....
********************
قرأت الزبونة الاسطر مره
واثنين وثلاثه وانفجرت ضاحكه والتمست الاعذار لسعيد بائع اللب الذي تصورته جن وفقد
عقله لسبب لاتعرفه وقتما اخبرها اليوم بالذات انها ستتسلي ، قرأت الاسطر مره
وثانية وماتت من الضحك وهي تسب وتلعن ، جتك نيله يااسمك ايه تقولش عبد الناصر ،
يوميات ايه يافقري اللي انت كاتبها ، حدقت في الورقة وتمنت لو قرأت بقية اليوميات
، وسرعان ماادركت استحاله امنيتها ، فسعيد منحها قرطاس واحد ولا يغني ولايسمن من
جوع ، الا ياتري ياحسين انت كنت كاتب ايه كمان ؟؟؟وانتابها الغيظ وقررت تعود غدا
لعم سعيد تبحث عنده علي بقيه اليوميات ، ربما اشتري اوراقها شروة واحده من السوق
فتفلح تنقذ بقيتها وتعرف حكايه المخفي اللي مايتسماش الذي قرر يكتب يومياته ويحكي
ويقول !!!!!!!!
( 7 )
مصطفي
هرعت بوسي وايقظت شقيقها
من نومه الثقيل ، قوم يامصطفي قوم ، قوم
شوف امك اتهبلت ، قافله الباب عليها وهاتك ياصويت ، انتفض مصطفي من نومه ، خير في
ايه ؟؟ معرفش ، قصت عليه بوسي بسرعه ماحدث ، وعنها مسكت في الدفتر زي القراضه
وطردتني من الاوضه وهاتك ياصويت ، تسكت حبه وتصوت حبه ، ولما احاول افتح عليها
الباب ، ترقع بالصوت وتطردني بره وهي بتصرخ ، بره يابنت الواطي ، بره لاقوم اولع
لكم في نفسي ، قوم يامصطفي شوف امك جري ليها ايه ؟؟....
الدفتر ، يانهار اسود ،
صرخ مصطفي وقفز من فراشه ناحيه الباب المغلق ، افتحي ياماما ، تصرخ صراخا عاليا
لايفهم منه حرف ، تنظر له بوسي وكأنها تقول له مش قلت لك ، افتحي ياماما افهم مالك
افتحي ياحبيبتي ، فتحت نجاه الباب لمصطفي بعد طرقات كثيرة وسمحت له بالدخول ، تركت
بوسي خلف الباب تتلظي بغيظها ، واشمعني مصطفي ؟؟ احتضنها مصطفي بقوة وهو يهمس في
اذنها ، استهدي بالله ياماما وقولي لي مالك بس ، اجلسته بجوارها علي السرير ،
اخرجت الدفتر من تحت المخده ، يرضيك ؟؟ لم يفهم ، اشارت للدفتر ، يرضيك اللي ابوك
عمله فيا بعد مامات ، يرضيك يشتمني ويسيب لي شتيمتي وقله القيمه من بعده يسمم بيها
بدني ، انفجرت في البكاء ، مش كفايه كنت عايشه ومستحمله وبارضي نفسي علي العيشه ،
يقول ممعايش اقول مش مهم ، يقولي عايز انام اقوله صحه وعافيه يقولي مزاجي مقلوب
اقوله انزل فك عن نفسه ،مش كفايه كنت مستحمله قرفه ونكده وقله كلامه ، لافسحني ولا
هناني ولا قالي كلمه حلوه اعيش عليها من بعده واخرت المتمة اطلع الحكومه وتسقط
الحكومه وكلام سافل زيه ويكيدني ويسيب ليا ااقراه ويحرق دمي ربنا يحرقه بنار جهنم
مطرح ماهو رايح ..
لايفهم مصطفي من امه اي
شيء ، تهذي وتبكي ، هذا مااحسه فيما تتفوه به ، كلمات لامعني لها ، وايه اللي فكرك
بس ياام مصطفي باللي كان واللي حصل ، ايام وراحت لحالها ، وهو بين ايدين ربنا
ماتجوزش عليه غير الرحمه ، انتفضت ، ابدا ، حاكشف راسي وادعي عليه ربنا ينتقم منه
، حاكنس عليه مقام ستنا نفيسه واندر عيش ولحمه للغلابه علشان يدعوا عليه ، وتنفجر
في البكاء ..
يطبطب عليها مصطفي وهي في
حضنه ، طب فهميني بس حصل ايه علشان اكون معاكي علي الخط لاني مش فاهم حاجه ، تشاور
له علي الدفتر ، ابوك ابن قنصل الوز طلع كاتب يوميات في دفتر ومخبيه عني ، ضحك
مصطفي ، يوميات ؟؟
ضحك مصطفي لكن خيالات
الكابوس الذي يحتل نومه ليالي طويله يداهمه ، ضباب كثيف يراه ينزل فوق رأسه ، يشعر
وكأن ابيه استيقظ من موته ، يسمع صوته ، هي رسالتي الاخيرة لكم ، يتجاهل مصطفي كل
مايتذكره ومايسمعه واضحا في اذن وينتبه لامه الغاضبه ، رحت فين يامصطفي ، معاكي
ياماما ، ابوك طلع سايب وراه دفتر ، ال ايه يوميات ، يضحك مصطفي ارتباكا ، اهو انت
ضحكت اهو ، طلع سهن وميه من تحت تبن وبميت وش ، كاتب يوميات ومخبيها عني ، شاتمني
فيها ومبهدلني خالص ، كاتب كلام صغار مايصحش يتكتب ، وانا اللي كنت فاكراه كباره
ومحترم وباكبر فيه عايش وميت ، اتاريه عره الرجاله ومتمسخر عليا وشاتمني ، يرضيك
كده يامصطفي ؟؟
يحاول مصطفي يسحب منها
الدفتر ، ترفض ، ابص ياماما ، اشوف بس كاتب ايه ، والصوت يدوي في اذنه ، هي رسالتي الاخيرة لكم ، يطرد الخيالات
والاشباح ويركز مع امه ، هو من جهه يرضيني مايرضنيش ، هو عمره ماكان يلاقي زيك ،
تمسح دموعها ، قوله يامصطفي ، لو لف علي كعابه عمره ماكان يلاقي اصيله تستحمله زيي
، اصلك صغير يامصطفي مش حتفهم انا باقول ايه ، يوافقها مصطفي متظاهرا بأنه فعلا لا
يفهم كلامها ، هاتي الدفتر ياماما حابص فيه وارجعه لك ، توعدني ترجعه ، طبعا
حارجعه ، توعدني ماتخليش البت اختك تبص فيه الا تتفتح عينيها علي قله ادب ابوكم
وعيارها يفلت ، يضحك مصطفي حاضر ياماما ولو انك محسساني يعني اني حالاقي مذكرات
فالنتينو ، مين ده يامصطفي ، بعدين بعدين ياماما ، هاتي الدفتر ، هي رسالتي الاخيرة لكم ، يهز رأسه وكأنه يطمئن
ابيه انه سيقرأ رسالته الاخيرة ، تناوله امه الدفتر بريبه حترجعه يامصطفي ، اه
والله ، وفجأ تشده من يده ، لا مش حاديك لك الا لما اقراه يامصطفي ، لتقطع صفحه
كده ولا كده ولا تخفي كلمه كده ولا كده ، عيب ياام مصطفي هو انا صغير ، حاقرا بس
افهم ايه اللي مزعلك كده وارجعه ليكي ويخرج من الغرفه يحتضن الدفتر وصوت ابيه يدوي
في اذنه والضباب الكثيف يهبط علي روحه وخيالات المقبرة وشاهدها والنعش ، كله
يتراقص امام عينيه ........... تسأله بوسي
، مالها امك يامصطفي ، ممالهاش ، يجيب عليها بنصف وعي بنصف انتباه ، ياسلام بقي
اصحيك واقولك الحقها واخرتها تقولي ماممالهاش ، مافيش حاجه يابوسي ، طيب ايه اللي
في ايديك ده ، ولاحاجه ، ولاحاجه ازاي عميا انا ، ده الدفتر اللي كان تحت هدوم
بابا واحنا بنشيلها ، فيه ايه الدفتر ده يامصطفي ، مافيهوش يابوسي وبطلي زن بقي
وغوري اعملي لي كوبايه شاي و........ اغلق عليه الباب والقي ببدنه علي الفراش
لايصدق ماسمعه من امه ولايصدق ماسمعه ليالي كثيرة في كوابيسه ، رساله ابيه من
العالم الاخر ، هي
رسالتي الاخيرة لكم يقبض علي الدفتر بين اصابعه يكاد يقتله الفضول
لاكتشاف ابيه الذي لم يعرفه ، اكتشاف ابيه واسراره المدونه في دفتر اليوميات ....
وفتح مصطفي الصفحه التي انتقتها اصابعه بشكل عشوائي ..
********************
صفحه 29
بقالي كتير ماكتبتش في الدفتر ، اصل حياتي ممله جدا ، مافيهاش
احداث ، كل يوم شبه التاني ، اصحي اتخانق مع الحكومة ، العيال عايزين مصاريف ،
المعاش خلص ، اتصرف ، معنديش تصاريف ، عيشه تقرف ، عيشتك انت اللي تقرف ، كل يوم
كده ، دي الاصطباحه بتاعت كل يوم ، تزق علي الواد عايز فلوس للكليه ، بعدين ، تزق
علي البت ، خطيبي عايز يحدد ميعاد كتب الكتاب ، ابص لها ، يلعن ابوكي ، عايز يكتب
الكتاب ليه ، ياقللات الادب ، امشي يابت غوري من وشي ، قولي لامك تبطل الحركات دي
، الوليه فاهمه اني محوش من وراها ، وخايفه اني اتجوز .......... فعايزه تقصص ريشي
!!! اطمني يااختي ، متقصص جاهز ، لا محوش من وراك ولاينفع اتجوز ، نفسي بصراحه ،
لكن مش حيحصل ، مين تتجوز راجل زيي كده ، عنده حكومه استبداديه زي اللي عندي كده ،
وعيال ولاد امهم ، هات هات ، عايزين عايزين ، وبعدين المدعوق كره الحياه وزهق منها
ونام واستريح الراحه الابديه ........ ايه الكلام الفاضي ده ، انا فل انا بومب انا
تمام ........... ههههههههههه ، كله من عادل امام ، فضحنا ، خلي النسوان تتكلم
بعين مكشوفه ، اتاريها قضيه قوميه ، ههههههههههههههههههههه ، قوميه قوميه ، يعني
مش انا بس ، ياوليه دي حاله عامه ، الناس نفسها مسدوده ، مش انا بس ، انت ماشفتيش
فيلم عادل امام ... الوليه اول مايجي الفيلم ، لو كنت نايم في عز النوم تصحيني ،
قوم اتفرج ، ااقوم اتفرج عادي واضحك واتريق ، هو انا علي راسي بطحه ، اما نصيبه
والله ، الله يخرب بيت عادل امام ، الوليه بقت عينها بجسه وجريئه ، ماتبصي علي
نفسك يااختي ،حلوه قوي !!، غصن بان !! ماانت مدوره !!، مدوره والدهن راقات وقناطير
وبتشخري لما العماره كلها حتقع ، بالذات انها متنكسه قبل كده ، انت مدوره وتقولي
حبني ، امال مين اللي يحبها حنش ، حب حب قصدك لا مافيش ، لا انت ام العيال
والعزيزه الغاليه وتاخدي المعاش وتتصرفي ، كده ابقي بحبك و احمدي ربنا ، لكن حب حب
من بتاع سعاد حسني ورشدي اباظه ، هو انت سعاد حسني ياوليه ، ماتبصي عليها ، علي
جمالها ، شفتيها في الزوجه التانيه ، لما كانت في اوضه النوم ، شفت الجلابيه
الستان اللي كانت لابساها ، شفت صدرها ، لا مش قصدي حاجه ، انا ماببصش ، انا بس
بقولك اللي مايشوفش من الغربال يبقي اعمي ، ماشي وانا كمان مش رشدي اباظه ، لكن
اكيد اكيد انت مش سعاد حسني ، انت ام العيال وبحبك ، والله بحبك ، ورحمه امك اللي
ماكانتش بتقبلك بحبك ، انام بقي ولا فيه حاجه تانيه !!! انت الحكومه ، هو فيه حد
مابيحبش الحكومه ، انت الحكومه وانا بحبك ، بحبك بحبك ... اهي اهي اهي ... تسقط
الحكومه تسقط الحكومه!!!
********************
وانفجر مصطفي في الضحك لايصدق مايقرأه
، الله يخرب بيتك يابابا ، قصدي الله يخرب بيت حضرتك ، ايه اللي انت كاتبه ده !!!
سعاد حسني ايه وقميص ستان ايه ، قناطير ايه وراقات ايه ، حرام عليك والله اللي
عملته في الست حرمك ، الست ليها حق تفقد عقلها ويجري لها اللي جري ده كله واكتر ،
بقي هو يخرب بيته عادل امام ، هي حصلت عادل امام يابابا ، ويضحك ويضحك.... وصوت
ابيه من داخل النعش يدوي في اذنه ، هي رسالتي الاخيرة لكم .....
( 8 )
قراطيس الترمس
جلس متعال ينظم الاوراق
التي اخذها من المعلم فتوح في سوق الجمعه لزوم القراطيس ، كعادته يفرد الاوراق
وينظمها لاوراق متماثله المقاس ، استرعي انتباه المكتوب علي الورقه الاولي تحت يده
، قرأها بسرعه وبحث عن الورقه التي تليها لم يجدها ، بعثر الاوراق بعدما نظمها ،
اكتشف وسط الاوراق ورقه مختلفه ، انهمك في قراءتها ، اكتشف السر المذهل ، الورقه
جزء من حكايه مسلية و..... قرر متعال الا يقرطس القراطيس وانهمك في قراءتها ونسي
نفسه ونسي ميعاد المعلم فتوح واكل العيش ...
********************
صفحه 12
قريت الصفحات اللي فاتت لقيتها مليانه كلام فاضي ، مش حاقطعها
، حابقي ادبسها في بعض وانساها ، بس بعد شويه لما اكتب كلام كتير ، طيب انا بقيت
في الصفحه الاتناشر والكلام اللي قبل كده مش عاجبني ولسه ماقلتش حاجه عليها الطلا !!!
اه .... النهارده وانا داخل القهوة ، شفت ست حلوه قوي ، ملقوظه
، نصها التحتاني حكايه ، قررت اعاكسها ، لسه حابص لها ، بصت لي وقالت ياوقح ، ضحكت
، قالت كمان وقح وشايب ومعندكش دم ، ضحكت اكتر ، عايزه اقول لها ياست انت هو لسه
قربت لك ، لسه حتي بصبصت ، ايه بتشتمي ليه ، لكن قلت علي ايه الطيب احسن ، سبتها
ومشيت ، الوليه نزلت شتيمه في ، لا ده انت ست قليله الادب بقي ، الصراحه كمان ست
وحشه ولا حلوه ولا حاجه ..
هامش ... معلش ما تتخلبطوش ... اصلي لما اشوف ست مقلوظه ونصها
التحتاني محترم كده ويملي عين التخين باقول عليها حلوه ، امال يعني حاقول عليها
ايه ، علشان بعد كده لما اقول شفت ست حلوه تفهموا قصدي ايه ، انا ماببصش علي وشها
ولا يفرق معايا بصراحه ، ست حلوه يعني حلوه !!! فهمتوا ... نهايه الهامش
خلاص كفايه هوامش ، ماهي كل حاجه واضحه ، ارجع لدفتر يومياتي
... ولا كفايه كتابه فيه كده النهارده ، تعبت من كتر الكتابه ، ال انا وقح انا ،
ياوحشه ياوحشة !!!!
********************
وبعدين ياحاج ، حصل ايه
؟؟؟ سأل متعال نفسه وهو يضحك وسأل الكاتب ، حصل ايه ياحاج بعد ماشتمتك وبعد
ماسبتها ومشيت ، بطلت شتيمه ؟؟ يحدق في الورقه ويتمني يعثر علي بقيه اوراق دفتر
اليوميات ....
نهاية الجزء الاول
ويتبع بالجزء الثاني