مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 30 يناير 2015

يوميات ميت ..... الجزء السادس


الحياة
ايام وبنعيشها



( 30 )
مصطفي

********************
ص 90
الحكومه جابت عريس يشبها للبت ، الست فاطمه شافت البت وانبسطت منها وعجبها الكيك والبسبوسة وقالت عروسه ابني والحكومه ضحكت وانبسطت وزغرطت ومبروك ياحسين بنتك اتخطبت ، وشهرين تلاته استنينا عريس الغفله لما ينزل اجازه علشان نتمم الخطوبه ، حكومه قلبي مبسوطه من العريس ونافشه ريشها لانها جابت للبت الديب من ديله ، العريس شبه حكومه قلبي وشكله كده عايز يبقي حكومه قلب البت وبس خلاص ، عريس ال ايه بيشتغل في السعوديه ومبسوط وبيته جاهز من كله وحياخدها بفستانها والباقي عليه ... يوم الشبكه ووسط اهله واصحابه العريس قعد قصادي فرحان بنفسه قوي ونافش ريشه وكأنه بيقولي اشكر ربنا اني باخطب بنتك ، البت بالنسبه له مجرد عروسه زي اللي امي جوزتها لي ، هي صوره ومواصفات ، العريس مايعرفش البت والبت ماتعرفوش ، لكن حكومه قلبي مبسوطه لان البت وقعت واقفه ...
طبعا حكومه قلبي فهمت البت ان الجواز تخليل زتون وغسل ملايات وكيك بالشوكولاته ، وباقي الجواز حكومه قلبي ماتعرفوش وماتعرفش تحكي عنه للبت ... البت مبسوطه بالشبكه الغاليه اللي نزلوا اشتروها ، ابو العريس قالي طلباتك قلت له بنشتري رجاله ، اصل كلامي وكلامه مالوش لزمه ، لان حكومه قلبي وام العريس اتفقوا علي كل حاجه ، وخدوا البت والعريس اللي قلبي مش مستريح له ونزلوا اشتروا الشبكه ، دهب كتير بيلمع وحكومه قلبي حتطير من الفرحه ، وكل شويه تنبط علي وتقولي شايف شبكه البت ، وكأنها بتفكرني بشبكتها ، وابص للبت وابص ليها ويبقي علي طرف لساني اقول لها هو انتي زي بوسي ولا في جمالها ، لكن اسكت واقول الله يخزيك ياشيطان ، الشبكه وحشه ، اه والله وحشه ، يمكن غاليه لكن وحشه ، سألت البت مبسوطه قالت اه ، يابنت الكلب ياكدابه ولامبسوطه ولازفت ، امك قالت لازم تتجوزي والعريس كويس وانتي قلتي امين ، يابت بتحبيه ، ده السؤال المهم قوي اللي معرفش له اجابه ، بطل استهبال ياحسين ، انت عارف انها لابتحبه ولانيله ، حتحبه منين هي تعرفه ، شافته مره قبل الشبكه ومره تانيه يوم الشبكه ، حتحبه منين ، وهي البت راضيه ليه تتجوز عريس مابتحبوش ، هو زمانهم لسه زي زمانا ، هي افكارهم زي افكارنا ، العريس اكيد بيقول اهي جوازة والسلام وعامل حسابه يعيش مع اياهم لو العروسه ماعرفتش تتصرف ، وليه ، ليه يقبل اي جوازه والسلام ، وهي ليه تقبل عريس مابتحبوش ، اتجرأت من يومين تلاته وسألت حكومه قلبي ، هي بنتك بتحب العريس ، حكومه قلبي نطت في زوري وقالت ايه الكلام الفاضي ده ، هي بنتك بتاعت حب وكلام فاضي ، يادي المصيبه هو الحب كلام فاضي ، طبعا ماقلتش لها ولا كلمه ، قلت كنت باتطمن عليها ، قالت لا ياخويا اتطمن العريس زينه الرجال وشقه وعربيه ونايم فوق قرشين محوشهم وشبكه دهب اربعه وعشرين وكل البنات بتحسدها .... ولله الامر من قبل ومن بعد ، سكت ومارديتش عليها ، بتحبه ؟؟ ده السؤال المهم في الجواز ، لو مابتحبوش ماتتجوزوش ويغور هو وشقته وعربيته وشبكته ومبروك علي اللي بتحسدها عليه ، لازم اسالها ، حاسال بوسي بتحبه ولا لا ، ولو قالت لي لا ، حالعن ابو حكومه قلبي وافسخ الخطوبه وارجع له هداياه ، والبت لازماني وعايزها تقعد جنبي لغايه ماتلاقي اللي تحبه واللي يموت فيها ، وغير كده مش عايزها تتجوز !!!! حاسالها ياحكومه قلبي ولو قالت مابحبوش حافسخ الخطوبه !! وتسقط حكومه قلبي وكل حكومه .....
علي فكره انا ماسالتش البت حاجه ، وكل ماانوي اسالها اقول حافتح علي روحي وجع الدماغ وغضب الحكومه وصريخ وصوات لاني باتحشر في اللي ماليش فيه وبافتح عينين البت علي الحب والكلام الفاضي ولاني باخرب عليها ولاني بوز اخص ، برضه حأسألها ، كل يوم اقول لروحي كده ولا بسألها ويوم ورا يوم وشهر ورا شهر وانا نفسي اسالها ومكبر راسي وباقعد علي القهوه اقول ياحسين ابعد عن الشر وغني له ، واديني قاعد اغني اهو .....
********************
اغلق مصطفي الدفتر واحس مسئوليه جسيمه تجاه بسمه شقيقته الوحيده ، ابيه لم يكترث يسألها هل تحب خطيبها ام لا وامها قررت انها بارت ولابد تشكر ربنا وتقبل يديها وجه وظهر لان العريس الثري وافق بها وقبل الزواج منها ، بسمه فرحت بالخطوبه كاكل الفتيات وفرحت بالشبكه التي يسطع ذهبها البندقي في الظلام ، لكن احد لم يسألها وهي لم تسأل نفسها هل تحب ذلك الرجل الذي ستشاركه حياته ؟؟؟؟ قرر مصطفي يسألها ، سيزيل بينهما الحجب المتكلسه التي راكمتها السنوات وهو بعيد عنها لايعرف عنها شيء ، هل هذه رسالتك الاخيره ياحاج حسين ، هل ترغب مني اهتم بشقيقتي واكترث بحياتها والعب الدور الذي تخليت انت عنه ، هل ترغب انقاذها من زيجه فاشله مثل زيجتك وعمر ضائع مثل عمرك ، هل هذه هي الرساله الاخيرة ، هل تقول لي من دفترك انك لم تحب زوجتك وقضيتها مع " اياهم " ولاترغب مني اكون مثلك وترغب تنقذ ابنتك من مصير موحش لانها انثي لن تقضيها مع " اياهم " ولن تقضيها مع زوجها الذي تحبه ؟؟؟
اغلق مصطفي الدفتر واخذ يفكر طويلا ، ليست هذه الرساله الاخيره يادرش ، الدفتر مليء بالرسائل ومليء بالدروس ، يبدو انك لم تكتشف  الرساله الاخيره بعد ، وحتي تكتشفها ، عليك تكلم شقيقتك وتساعدها علي اكتشاف نفسها وحقيقه مشاعرها قبلما تقع الفأس في الرأس وتضيع الحياه ويأتي الندم جارفا وقتما لاينفع الندم ، و...سأسألها ، هل تحبي خطيبك ؟؟؟؟

( 31 )
سونة القهوجي

سمعت والحي كله عن دفتر الاستاذ حسين والفضائح المدونة فيه ، سمعنا جميعا وتظاهرنا وكأننا لم نسمع ، الحق كان رجل طيب وفي حاله ولم نتصور ان فضيحه من مثل ذلك النوع ستتفجر بعد موته ، كان زبون القهوة ويأتي يوميا يقتل وقته معنا ، اعتاد طيله حياته يجلس علي منضده بجوار الشارع يتابع الرائح والاتي ، يلقي نكته ، يرمي نظره ، مثله مثل زبائن كثيرين ، زبائن المعاش الذين خرجوا او سيخرجوا عليه ، يلعبوا طاولة ، يتشاجروا في دور دومنيو وفي اخر الليل يحاسبوا علي مشاريبهم ويروحوا ، فوجئنا منذ بضعه سنوات بالاستاذ حسين يطلب من المعلم مكان بعيد عن الشارع وصخبه ، تصور المعلم ان الاستاذ حسين بعافيه شويه وحين يشفي او يروق باله سيعود لمنضدته علي الشارع والصخب والزحام ، لكنه لم يعود ، انكفء علي دفتره الغريب الذي اتي به ذات يوم واخذ يكتب فيه طيله الوقت ، سأله المعلم بعد عده اسابيع عما به ، جحده بنظره غريبه وقال له انه كويس ومش عايز ازعاج ، وعنها ، ابتعد عنه المعلم وتركه في حاله ، كنت اراقبه وانا انزل المشاريب وارفع الفوارغ ، اراقب مايكتبه ، سألته ذات يوم عما اذا كان هذا الدفتر يخص عمله المتأخر ، ضرب علي المنضده بصوت خفيض لكن حاسم وقال ، مالكش دعوه ياسونة ، وبس ، ماليش دعوه فعلا ، لم اساله عنه ثانيه ، سنوات وشهور والاستاذ حسين يجلس في منضدته المنزويه داخل القهوة يكتب في دفتره ، يسرح طويلا ويصمت طويلا وفجأ يغرق في الكتابه وكأن سيل من الافكار انهمر علي رأسه ، حاول اصدقاءه يشاكسوه ويعرفوا مالذي يكتبه لكنه ابدا لم يسمح لهم يقتربوا من دفتره ، نادوه ليلعب طاولة او يشهد هزيمه فادحه لاحدهم ، صرخوا عليه ليتابع مبارايات الكورة معهم لكنه لم يكترث ولم يتحرك من مكانه ، قال احد اصدقاءه ، ان الاستاذ حسين حالته النفسيه وحشه لانه يقترب من المعاش وحين خرج علي المعاش ، قال نفس الصديق ، ان حالته النفسيه صارت اوحش لانه صار عاطل لاشغله ولامشغله وان هذا الوضع يحطم نفسيات الرجال وقتما تذهب زوجته للعمل ويبقي هو في البيت لايجد مايفعله الا الجلوس علي القهوة مصطحبا ملله وغضبه ، اوصانا صديقه نتركه في حاله حتي يعود من نفسه للصخب ومنضده الشارع ، كنا لانحتاج توصيه لاانا ولا المعلم بعدما كبسنا مره واثنين ، وهو ايضا لم يعود لحاله ، بل بقي جالسا علي المنضده يكتب ويكتب و....... سمعنا صويت من شقته وعرفنا انه مات ، الحق انتابني فضول رهيب بخصوص ذلك الدفتر الذي كان يكتب فيه ، اين هو ، تمنيت لو نسيه في القهوه قبلما يموت لاعرف مالذي كان يكتبه ، لكنه طبعا لم ينساه واخذه تحت ابطه كعادته ومات الله يرحمه وفضولي يقتلني ، مالذي كان يكتب ؟؟؟
شهرين ثلاث ودوي صوت الست حرمه في بيتها ومليء الشارع كله بدويه وكأنه سارينه سياره اسعاف تجري في الشارع فزعه ، وعرفنا وعرف الحي كله ، ان الست ام ندي كانت تشاغل الاستاذ حسين وكادت تخطفه من زوجته لكن ربنا سلم ، الست ندي لازمت بيتها ولم تخرج منه ايام كثيرة وعرفنا انها تزوجت في نفس الوقت من جار في العماره ، زواجا سريا لم تعلنه ، لكن حينا يعرف كل الاسرار ويوصي اهله بعدم افشاءها ، تساءلنا هل الست ام ندي لاتخرج من بيتها لانها تزوجت ام لان الفضيحه كسرت نفسها وظهرها ، تساءلنا وتساءل زبائن القهوه همسا وسرعان مانسينا جميعا الموضوع ....
نسينا الموضوع كله ، الاستاذ حسين ودفتره والست ام ندي والفضيحه وعشنا حياتنا كما هي ، حتي وقعت في يدي ورقه من الدفتر ، نعم ، وقعت في يدي ورقه من الدفتر ، الست حرم المرحوم يوم الخناقه والفضيحه اخذت تمزق في بعض اوراق الدفتر وبعثرتها علي الارض وفي بير السلم ، هذا ماعرفناه بعد ذلك ، الرجل جامع القمامه اخبرني بعدها بيومين ثلاثه ، انه عثر علي الاوراق نضيفه وانه رتبها ونظمها ولم يضعها وسط القمامه بل ابقاها في شنطه صغيره وحدها وانه باعها لاحد تجار الورق ، سألته هل قرأها ، ابتسم واخبرني انه امي ولايعرف القراءه والكتابه وان الله حليم ستار وانه لايكترث بحياه الاستاذ حسين ولا اسرارها وفضائحها ، رجوته يحضر لي الاوراق ووعدته بنفحه ماليه كبيرة لو فعل ، لم يعدني بشيء واخبرني انه باع الاوراق منذ فتره وان المعلم بدوره يبيعها للسريحه وبائعي اللب والترمس وانه لايظن ابدا انه سيجد عنده اي ورق ....
غاب بائع القمامه طويلا حتي نسيت ماطلبته منه ، وذات يوم ، اتاني وجلس علي منضده علي الشارع وطلب شاي وشيشه ، ناداني وقالي المشاريب عليك ، لم افهم ، قالي جبت المراد ، كنت نسيت الموضوع اساسا ، لاحظ بلادة نظراتي وعدم حماسي ، قالي دفتر الاستاذ ، جبت لك منه ورقتين تلاته و............ كدت اطير من السعاده ، حاسبت له علي المشاريب ودللته وشكرته و............. في نهاية الليلة وبعدما شطبنا واغلقت ابواب القهوة ونظفت الارض والعدة ، في نهايه الليلة اخرجت الاوراق من جيبي وجلست وكوب شاي اقرأ المكتوب وانا اترحم علي الاستاذ حسين ...
********************
ص 56
قررت وبمنتهي الشجاعه ، حارد عليها خلاص ، وانا مروح حاضرب الجرس واقول لها من علي الباب انت اختي وانا اخوكي والدم حرام واللحم حرام ، وماببعيش مراتي وام عيالي وانتي جارة والجاره اخت ، وكفي الله المؤمنين شر القتال ودقيت الجرس مره واثنين وانا ارقب الصاعدين والهابطين خائفا من فضيحه في وقت غير مناسب بعدما قررت اغلق الصفحه وانهي الامر قبلما يبدأ ، و.................................. مابتفتحش ليه ، فتحت اخيرا ، مره حلوه وزي القشطه ، لحمها قليل الادب وعينيها سافله ، ياستي ابوس ايديك عايز اطلع للحكومه ، الكلام اتحشر في زوري ، اتفضل يااستاذ، هما كلمتين اقولهم علي السلم ، وليه علي السلم مايصحش والله ، دخلت ورجليا بتلف حوالين بعضها ، انا راجل عجوز ورجلي والقبر ، ابتسامه وكوبايه ميه ساقعه وماتقولش كده يااستاذ، انت سيد الرجاله ، سيبني اكمل علشان حانسي الكلمتين ، اصلي يعني مش حاقدر علي .......... اوعي تقولي كده يااستاذ ، اموت نفسي، مابحبش غيرك ، يانهار طين ، انت ياام ندي يابدر منور ، يالهطه قشطه ، انت مابتحبيش غيري ، والنبي بجد ، ، قالت لي اه والنبي بجد ، خلاص بقي ، ربنا يسامحني ويسترها من الحكومه ، انا كمان بحبك قوي ، صحيح يااستاذ ، يانهار طين ، الوليه نطت في حضني والمدعوق زغرط ، و......... طيب بكره بكره نروح للمأذون ، مش حنقول لاخويايااستاذ ، الله ، لما عندك اخ عايزاني اتخانق ليه مع عم بنتك، ضحكت ، سلامتك من الخناق يااستاذ ، دي حجه كده علشان كنت رايداك وعايزه حجه افتح بيها الكلام ، مالي لسه مكسوف كده ، الوليه ام ندي خطبتني ، ازاي يعني ، انا الراجل انا الي اخطبها واسيبها ، الوليه وشها مكشوف ، وايه يعني ، ماهي لامراتي ولا ام عيالي ، ام العيال اللي لازم تبقي محترمه لكن ام عيال الرجاله التانيه ماتخصنيش ، تبسطني وبس ، ونظره عينها تبسط امال بقي الحال ازاي ، المدعوق مهيص ، اصل الحكومه قتلته ونسيته الوظيفه ، اهو ياسيدي جالك اللي يفكرك بالدنيا ونعيمها ...
و........بكره ياسعاد حافوت عليكي ونروح للمأذون ، لايااستاذ ماتفوتش ، ااقابلك هناك وحيكون اخويا وابن عمي ولما نكتب مانرجعش علي هنا ، وغمزت بعينيها و..............والمدعوق اتوتر وخلاص حيفضح الدنيا و...........عندك نعناع ياام ندي لغايه بكره ، اصل يعني مايصحش اطلع كده ، ضحكت ضحكه قليله الادب تقولي علي اللي مستيني ، وقالت لولا الملامه والنبي ان البت نايمه كنت خليتك تستغني عن النعناع ، وضحكت ، لا بكره بقي بعد المأذون ، وربنا يهديك ياام ندي و...................... بس 
هههههههههههه ايوه بس ........... ماصحيتش اتجوزتها ولا رحت للمأذون ، خفت منها ، الوليه اللي وشها مكشوف كده واحنا علي البر ، تعمل في ايه بعد الجواز ، وانا صحيح شديد ، لكن علي المعاش والسن له احكام ومش حابهدل نفسي علي اخرة الايام و...........الحكومه نايمه جنبي وعماله تشخر ، شخري ياحبيتي شخري ، شخري ياحبيتي شخري وهدي العماره وقومي القيامه واعملي مابدا لك ، انا قاعد جنبك اهو لارايح ولا جاي ، و..................... بس خلاص ، لاخبطت ولا اعتذرت ولا شرحت ولا كأن فيه اي حاجه اساسا ، عملت ميت ياحكومه قلبي ، عملت ميت والست لاسألت ولا عبرتني اساسا والمدعوق نام للابد للابد ، شخري ياحبيبتي شخري  !!!!
********************
واضحك طويلا علي التخاريف التي كتبها الاستاذ حسين ، اضحك طويلا كثيرا ، قضيت ايام وليالي تكتب في الدفتر وجميعنا يظنك تكتب شعرا ولا شوقي بيه ، او روايات ولا طه حسين واخرتها بتكتب عن المدعوق والست ام عينين سافلة ، اخرتها بتكتب عن مغامرات الشيخ في صباه !!! اضحك واضحك وفي نفس الوقت اشعر شفقه علي السيده التي فضحها الاستاذ حسين وكتب فيها العبر وفضحها وفضح نفسه و... منا لله يااستاذ حسين ، منك لله ، اللي يفضح الولايا ربنا يفضحه وينتقم منه ، اه والله ...

( 32 )
نجاة
حرم المرحوم

وكأني اتعرف علي رجل لااعرفه ، وكأنه لم يكن زوجي ثلاثين عام ويزيد ، وكأنه لم ينام بجواري كل تلك السنوات .... تهمس نجاه لنفسها ، وكأن الذي كتب هذا الدفتر اللعين رجل اخر غير الرجل الذي عشت معه كل ايام عمري ، يطالبني بالكيك ابو شوكولاته ويشيد بالعاشورة التي اصنعها والرقاق والبط في الموسم والزيتون المخلل في رمضان ، كانه رجل اخر غير الذي اعطاني ظهره متججا بارهاقه وتعبه وسوء نفسيته بسبب العمل الممل وسكان بيت الجيزة ، كأنه رجل اخر غير الذي طالما طاردته باخبار الاولاد وطالبته ينتبه لمصطفي ويدلل بوسي فينهرني لانه مش فاضي للحاجات دي ولان رأسه مشغوله ولانه مخنوق وعليا لااخنقه اكثر واكثر ...
تصمت نجاه طويلا والاسئله تتقافز في عقلها تحيرها اكثر واكثر ، مادمت لم تحبني لماذا لم تطلقني ؟؟ فزعت نجاه من السؤال لكنه السؤال الاكثر منطقيه في عقلها ، الطلاق علي قسوته اهون علي من مشاعره التي خزنها في الدفتر وتركها لي قنبله موقوته تنفجر في وجهي بعد موته ...
تحس دموعا ستسقط من عينيها فتمنعها ، لن ابكي ثانيه يكفيني كل البكاء الذي سفحته منذ موته ومنذ اكتشاف الدفتر ، علي اكمل قراءه كلماته اللعينه علني افهم الرجل الذي عاشرته ولم اعرفه وعلني افهم دوافعه لذلك الدفتر اللعين...
********************
ص  140
الموضوع ابتدي لعب وقلب جد وحب ، كنت باكتب علشان اسلي نفسي، لما كتبت شفت نفسي ، شفت حياتي وعشتها ازاي ، لما كتبت شفت كل الناس ، شفتهم كويس ، الحكايه بدأت لعبه ، كنت غضبان وقلت افك عن قلبي ، لكن بعد ما كتبت وكتبت ، تحولت الكتابه لحاجه تانيه ، شفت روحي وحياتي كلها ، شفت انا كنت ازاي وبقيت ازاي ، سألت نفسي الف مره ليه ، ليه كنت باكتب شعر وبطلت ، ليه وافقت نجاه انه تضييع وقت وكلام فاضي ، ليه قبلت ترمي الكتب وتقولي بتضيع وقتك ، طيب اهو بطلت كتابه الشعر وبطلت اضيع وقت ، عملت ايه في الوقت ، قعدت علي القهوه اعاكس الحريم واتحسر علي حياتي ، هو ده بقي مش تضييع الوقت ، ليه ماكانش عندي القوه ارفض كلامها ، ليه ماكانش عندي الحجه اناقشها واغير وجه نظرها ، ليه استسلمت ليها ، هل فعلا كنت باحب الشعر ، هل فعلا كان ينفع ابقي شاعر ، اكتب كلام بجد معاني احاسيس ، ولا كانت فقاعه صابون وطارت من الشباك وفضلت طول حياتي الومها لاني كنت حابقي شاعر عظيم ومابقيتش ، لو كنت موهوب ، ليه سمحت للموهبه تموت ، ولو ماكنتش موهوب ليه اتلككت علشان اعمل فيها مكتئب ومتضايق منها ومن الحياه لانها دفنت موهبتي ، ده كله ماخدتش بالي مني في سنين العمر الطويله ، ماخدتش بالي منه وماوقفتش قصاده ، ماانتبهتش له ، عجبتني الفكرة ، حكومه مستبده تمنع الابداع وبس ، وانا المبدع وهي الحكومه ، وفضلت سنين اتخانق معاها بيني وبين نفسي ، حتي ماكانش عندي القوه اتخانق معاها بجد ، ماكانش عندي القوه ارفض سلوكها او اغضب منه واواجه نتايج غضبها ، لا ، قررت انها كسرتني والحقيقه اني انا اللي كسرت نفسي ، لا ماكسرتش نفسي، الحقيقه اني كذبت علي نفسي واستخبيت وراها علشان ابرر فشلي في الحياه !!!!
ادي فايده الكتابه ، شفت نفسي اوضح وحياتي اوضح ، الاول قررت وانا باكتب اني حافضل اكدب علي روحي زي ماانا باكدب علي روحي في الحياه اليوميه ، لكن شويه شويه ماقدرتش ، الكدب خزق عيني وواجهني بحقيقتي ، وقلت مايجراش لما اواجه نفسي علي الورق ولما اقفل الدفتر انسي نفسي ، لكن ماقدرتش ، لما واجهت نفسي وشفتها ، فضلت اشوفها حتي بعد مااقفل الدفتر ، هو انا فعلا كنت شاعر وهزمت نفسي ولا ماكنتش وكذبت علي نفسي ، انا انا اللي عملت اي حاجه في نفسي ، مش نجاه اللي عملت اي حاجه فيا ، كبرت علي التلكيك واني استخبي وراها زي ماكنت باستخبي ورا امي لما اعمل اي نصيبه وخايف من ابويا يضربني ، هي مش امي وانا كبرت وماعدش ينفع استخبي خايف من الضرب .....
يخرب بيت الكتابه واليوميات واللي خلاني اكتب واواجه نفسي في وقت صعب بعد العمر ماعدي فمعرفش اصلح غلطتي مع نفسي !!!! لسه عايزه تهرب ياحسين من نفسك !!!! مش حتعرف تهرب !!! طيب حابطل كتابه واقفل الدفتر !!!!
تقرأ الكلمات مره واثنين ولاتصدق مايقوله ، لم تكن شاعر ياحسين ابدا ، كنت تزعم انك شاعر وانك تكتب الشعر ، كنت تحكي لي عن مغامراتك الشعريه في شبابك وانك كنت ستكون شاعر عظيم لولا امك التي منعتك من الصياعة والشعر ، لم امنعك ابدا  ، بالعكس ، تمنيتك شاعر كبير وطالما رجوتك في ايام زواجنا الاولي تكتب في شعرا ، كنت اشاكسك واعاكسك وكنت تنهرني وتقول لي الشعر لايكتب حسب المزاج بل يكتب حسبما يأتي ، وانتظرته يأتي ولم يأتي ... لم تكن شاعر ابدا ، كنت تكدس الكتب فوق الكتب وتقول سأقرها وبعد عده شهور تلوم نفسك لانك لاتقرأ وتتشاجر معي ومع الاولاد لاننا لانمنحك هدوءا لتقرأ ، كنت احبس الاولاد في غرفتهم واطفيء التلفزيون واحبس روحي في المطبخ واعود لاجدك شربت علبه السجائر كامله ولم تقرأ حرفا ، هل نسيت لماذا رميت الكتب ، رميتها لان وجودها كان يضايقك وانت كسل لاتقرأ ولا ترحم نفسك من لومها ، ذات يوم تشاجرت معي مشاجره حمقاء لسبب تافه لااذكره ، يومها قلت اني امنعك تقرأ الكتب وامنعك تعيش حياتك ، يومها اخبرتك اني ساخذ الاولاد واعود بيت ابي لنترك لك حياتك تتصرف فيها كيفما تشاء ولتقرأ الكتب وتكتب الشعر وتعيش الحياه التي تحلم بها وتتصورني امنعك عنها ، يومها قضيت الليل ساهره في غرفه الاولاد بعدما تركت لك غرفتها لتنام فيها ، وفي الصباح اتيتني تعتذر وترجوني لااغادر البيت ولااحرمك من الاطفال ، اتيتني تعتذر واخبرتني انك لاتحب القراءة بحق وانك لم تكتب شعر ابدا وانها كانت رغبه ابيك التي ظلت تلومك العمر كله لانك لم تحققها ، استاذ اللغه العربيه الذي كان ابيك طالبك تقرأ الشعر وتكتبه وانك لاتحب القراءة ولا الشعر وانك وافقته حتي لاتغضبه وانك حاولت في حياته وبعد موته تحقق له رغبته لكنك فشلت وعجزت ، يومها اخذتك في حضني وقلت لك انك اجمل عندي من كل الشعراء وان الكتب ملعونه بلوم ابيك واني سأخرجها من البيت لتكف عن لوم نفسك وتعيش حياتك كما ترغب ، يومها فرحت ووافقتني وقبلتني علي وجنتاي قبلما تخرج لشغلك وحين عدت ووجدت باقه زهور اشتريتها لك مكان الكتب كدت تطير فرحا وشكرتني .............. كيف اسقطت كل هذا من عقلك وذاكرتك وخلقت اوهاما عشت فيها لتجد سببا تكرهني او تنفر مني ؟؟؟ لابد لي من كتابه دفتري انا الاخري لاروي فيه الحقائق التي انكرتها واسقطتها من ذاكرتك لاعطي الاولاد فرصه يتعرفوا علينا بحق ، ابيهم وامهم ، فنحن جميعا في الحقيقه لانعرف بعض رغم اننا عشنا معا سنوات طوال ....
صمتت نجاه وابتسمت بعدما اعجبتها الفكرة واحستها الرغبه الحقيقيه لحسين ، ترك دفتره لنعرفه بحق واوصانا نكتب دفاترنا لنعرف بعضنا البعض بحق بدل الاوهام التي تعشش في منازلنا وتمنعنا جميعا نعرف بعضنا البعض وحق ، ابتسمت نجاه واعجبتها الفكرة ونوت تشتري دفتر وتكتب هي الاخري يومياتها و.... الله يرحمك ياحسين ....

( 33 )
مصطفي

طرق مصطفي الباب طرقات صغيرة ، انت صاحية ؟؟ سمع صوتها ، تعالي يامصطفي ، دخل واحتضنها وجلس علي طرف السرير امامها ، بتذاكري ، لا ، نرغي شويه ؟؟ لم تصدق ماتسمعه منه ، ابدا مصطفي لم يفعل مافعله معها في تلك اللحظة ، هو اخيها الاكبر وعاش حياته كلها منشغلا بنفسه مابين الدراسه والوظيفه والصياعه التي كانت تتصورها مع اصدقاءه ، بينهما حاجز زجاجي كبير يراها وتراه ولايقتربا ابدا ، خير يامصطفي فيه حاجه ؟؟ فزعت بوسي وتصورت كارثه المت باخيها بحيث لم يجد الا هي ليتحدث معها ، ابتسم برقه ، خير طبعا ، تسمعه بريبه لكنها ستسايره لتري اخر تلك الزياره الغريبه لحجرتها التي لم يدخلها منذ سنوات طويله ، انتي بتحبي خطيبك ؟؟ ارتبكت وصمتت ، لا بجد ردي علي !!! هو كويس ، يبقي ماتتجوزيهوش !!! ضحكت لاتصدق ماسمعته منه ، بتقول ايه يامصطفي ، بقولك اللي انتي سمعتيه ، لو كويس وبس ماتتجوزيهوش ، لو بتحبيه وبتموتي فيه يبقي اه تتجوزيه غير كده يبقي بلاش ويلا نفسخ الخطوبه ونرجع الشبكه !!!!
مالك يامصطفي انت عيان ؟؟ لا يابسمه مش عيان !!! بسمه ؟؟؟ هو انتي مش اسمك بسمه ، ليه كلنا بنقولك يابوسي ، مع ان اسمك احلي قوي ، بسمه !!!
حدقت فيه طويلا ، انت فيك حاجه غريبه ومتغيره يامصطفي !!! طبعا لازم يكون فيا حاجه غريبه ومتغيره يابسمه ، الحقيقه لازم كلنا نكون اتغيرنا في الايام دي ، ابوكي مات وعيطنا عليه وبعدين ساب لنا دفتره نقراه ، لازم نكون كلنا اتغيرنا !!!!
صمتت بوسي لاتجد كلمات مناسبه ترد بها عليه ، تفتكري ابوكي ساب الدفتر بتاعه ده ليه ، ماقطعوش ليه ؟؟؟ هزت راسها وكأنها تبحث عن سبب مفهوم ، والله يامصطفي فكرت كتير وماعرفتش ، صحيح بابا ساب الدفتر ليه ، سابه لانه عايز يوصل لنا رساله اكيد ، اسهل حاجه انه كان يقطع الدفتر يابسمه ، لكن ابوكي قصد يسيبه نقرا ، ليه يامصطفي علشان يفضحنا ؟؟؟ لا ، طيب علشان ايه ؟؟؟؟ يتجاهل سؤالها ، انتي قريتي الدفتر يابسمه ، لا طبعا ، الست والدتك قافله عليه ومش راضيه تديه ليا ، بتقولي دي فضايح وعيب ابوكي يفتح عينك علي الكلام الفاضي ده ، يسألها مصطفي بمنتهي الجديه ، انت عايزه تقريه يابسمه ، بص يامصطفي ده سؤال صعب قوي ، انا يوم ما ماما عملت الفضيحه علي السلم للست ام ندي ، يومها نزلت بليل لميت الورق المقطع ، كنت خايفه من الفضيحه ، قريته ، الحقيقه يامصطفي اتخضيت جدا ، وصعبت عليا الحقيقه الست ام ندي ، يضحك مصطفي ضحكات كبيرة ، فعلا ؟؟ اه والله يامصطفي صعبت عليا ، معرفش ليه صعبت عليا مع اني كنت متغاظه منها قوي، لانها يعني شاغلت بابا وكانت عايزه تتجوزه ، بس لما قريت اللي ابوك كاتبه صعبت عليا ، اقولك سر وماتقولش لماما ، قولي !!! انا نزلت اديتها الورق ، حسيت حقها تقرا بابا كاتب ايه عليها وحقها كمان ان الورق ده مايقعش في ايد حد غريب !!!
يحدق فيها مصطفي لايصدق مافعلته ، حتقول لماما ، طبعا لا ، طيب انا غلطانه ؟؟ طبعا لا برضه ، بالعكس انا مبسوط بيكي ومبسوط باللي عملتيه !!!!
اعمل لك شاي يامصطفي ؟؟؟ لا ، طيب انت كنت جاي ليه ؟؟؟ اصلي بصراحه حسيت اني معرفكيش !!! اختي صحيح لكن معرفكيش ، حسيت اننا بعاد عن بعض واني عمري مافكرت اقرب منك !!! ضحكت بسمه ، انت عيان يامصطفي !!! لا والله باتكلم بجد ، حسيت اني معرفكيش وكمان حسيت بمسئوليه عنك ، ضحكت اكثر واكثر ، لا اكيد انت عيان ، قلت اسالك لو مابتحبيش خطيبك ماتتجوزيهوش !!! اشمعني يعني ، علشان ماتجيش بعد خمسين سنه وتكتبي دفتر زي دفتر ابوكي وتقولي تسقط الحكومه وكل حكومه !!!!
حدقت فيه لاتصدق مايقوله وارتبكت جدا ، هو بابا كاتب كده ، ابوكي كاتب حاجات كتيره قوي ، كلام فاضي ومليان ، عاقل ومجنون ، مواعظ ودروس ، ابوكي ساب الدفتر قاصد يقول لنا فيه اللي ماقالوش وهو عايش ، عايزه اقرا الدفتر يامصطفي قصدي يعني بقايا الدفتر ، اوعدك اجيبه لك من ماما ، مش حترضي يامصطفي ، مالكيش دعوه سيبي الموضوع ده عليا ، بس لغايه مااجيب لك الدفتر ، اسالي نفسك السؤال المهم ، بتحبي خطيبك ولا نفسخ الخطوبه ؟؟؟ سلام بقي !!!
وخرج من الغرفه وتركها حائره مرتبكه ، لم تسأل نفسها ابدا هذا السؤال ، هي بتحب خطيبها ولا لآ؟؟؟؟

( 34 )
ام ندي

شهور طويلة مرت علي الفضيحه والكارثه ، شهور طويله مرت واكثر والضغط العالي مازال يقبض علي جمجمة ام ندي  يحطمها ، تلوم حسين وتسبه وتشتمته ، ثم تلوم نفسها لانها القت شباكها علي رجل ضعيف فر منها وفضحها ، تلوم حسين لانه فضحها ، تلوم نفسها لانها سمحت له يفضحها ، شهور طويله مرت و ام ندي في حال صعب تتصرف كالمجانين ، طلبت الطلاق من زوجها الجديد ، تتوقع منه غدرا هو الاخر ، سيكتب مذكراته عنها ويتركها لزوجته وبناته ، سيقول انها شاغلته وفتحت له باب شقتها وصدر قميص نومها واغرته واغوته ، سيقول انها بكت كذبا بين يديه لانها تحبه وهي لاتحبه ولاتقبله ، سيقول انها طالبته ينفق علي البيت كمثل الازواج المحترمين وهي التي وعدته ان زواجها لن يكلفه شيئا وان القلب واحكامه سيطرا عليه ، سيكشف المستور ، سيقول ويقول ، طلبت منه الطلاق وزي مادخلنا بالمعروف ونخرج بالمعروف ، لم يفهم الرجل لكنه خاف من نظرات عينيها الحمراء وهي تطالبه بالحل عن سماها ، لم يفهم الرجل كيف تبدل حالها من عشق حاصره لكره يفر منه ، طلقها وفر بنفسه وجلده من امرأه مجنونه كما وصفها بينه وبين نفسه ، كادت تطالبه قبلما توقع علي ورقه الطلاق والتنازل عن المؤخر ان يستر عليها ولا يفضحها ولا يكتب يومياته ، كادت لكنها صمتت ، لو فتحت ذلك الباب ربما يسألها واشمعني ومين كتب يومياته وتكشف المستور اكثر وتفضح نفسها بنفسها ، استراحت بعد طلاقها من الزوج الاخير وقررت الا تلقي بشباكها علي رجل اخر ، قررت تعيش مع ابنتها ولها وتكتفي بمعاش الزوج الاول الذي مازالت الحكومه تصرفه لها بعدما اخفت عليها كل زيجاتها اللاحقه لموته ، قررت تعيش مع ابنتها وتكتفي بمعاش الزوج الاول ، قررت ترحل عن البيت الذي شهد فضيحتها ومغامراتها وتبدأ حياه جديده مع ابنتها في مكان اخر لا تطارده فيه سيرتها ولا مغامراتها ولا الدفتر اللعين ....
رغم كل هذا مازال الضغط العالي يحطم رأسها ومازالت عصبيه مجنونه ، مغتاظه من حسين ومما كتبه ، هل هي كانت معه ومع الرجال الاخيرين تلك المرأه اللعوب التي يفروا منها خوفا ورعبا ، هل كانت تلك الساقطه التي يتحدثوا عن سيرتها ويخوضوا في عرضها ببساطه وسهوله دون ذنب او تأنيب ضمير ، لامت كل الرجال الكلاب الذين رغبوا فيها وسبوها ، لامت نفسها لانها سمحت لهم يروها بذلك الشكل وتلك الصورة ...
تبكي كثيرا ولا ترد علي ابنتها وقتما تسالها مالك ياماما ، لاترد عليها ، تبكي كثيرا ، تتمني تخبرها كل الحكايه وتخبرها انها ليست المرأه السيئه التي يتحدثوا عنها ، تخبرها عن فزعها وقتما مات زوجها الاول وترك لها معاشا بسيط لايستر ولا يغني عن سؤال اللئيم ، تمنت لو اخبرتها بخوفها عليها وعلي مستقبلها بعدما مات ابيها وصارت يتيمه صغيره لاحيله لها، لست المرأه السيئه التي يتحدثوا عنها ، انا المرأه الخائفه التي مات زوجها وتركها في الحياه بلا سند ، لاثروة ولا معاش كبير ولا وظيفه ، الحياه صعبه وكل يوم تزداد صعوبه ، مالذي علي افعله لاهون صعوبتها ، زوج جديد ، الزوج هو السند ، هذا ماتعملته في الحياه ، لكن السند رحل وتركني وابنتي قشه علي وجه الموج ، انتظرت زوج جديد يطرق الباب يسندني وابنتي ، لكن من هذا الاحمق الذي يتزوج ارمله بابنتها ويتحمل فوق اعباء حياته اعباء جديدة ، انتظرت طويلا والباب مغلق لايطرقه احد ، والحياه صعبه والمعاش لايكفي واخي لايرد علي السلام واهل زوجي المتوفي لا يعرفون ابنتهم لو رأوها في الشارع ، لن انتظر ، علي افتح الباب بنفسي والقي شباكي علي من يسندني وابنتي ، لايشغلني زوج وفراش ، بل اتمني سند لي ولابنتي ، لكن الرجال يفرون من العبء والمسئوليه ويجذبهم الفراش والاحلام الساخنه ، ساخاطبهم باللغه التي تستهويهم والوح لهم بالاحلام التي يتمنوها ، ساستخدم كل براعتي لاجذب احدهم في شباكي واجبره يكون سندا لابنتي ولي ، من منهم يري مااراه او يعرف مااعرفه ، الجميع استسهل وصفي اللعوب الساقطه خطافه الرجاله ، احدا لم يري فزعي في الحياه ووحدتي التي لا اكف عن البكاء فيها وابنتي الصغيره التي اخشي عليها من الحياه وقسوتها ، هل رأيت هذا ياحسين قبلما تكتب ماكتبت ، هل ادركت الست زوجتك المصونه فزعي وخوفي وهي تردح لي في بير السلم وتفضحني الفضيحه الكبري ، لم تكن المشكله عندي انا اللعوب كما يروني رجلا يسكن رغباتي ، بل كانت رجل يسندني في الحياه القاسيه وابنتي .....
تشعل سيجاره من سيجاره وتجفف دموعها وتقرر تكون السند لابنتها ولنفسها في الحياه القاسيه الموحشة ، الفضيحه التي تركها لها حسين ازاحت الغشاوه عن عينيها ، انتي ياسعاد لستي كما يروكي ولاتستحقي نظرتهم القاسيه المنحطه ، انتي من سمحتي لهم يروكي مثلما فعلوا وعليكي تنقذي نفسك من نفسك من سيرتك من سلوكك الذي فسروه انحطاط وخلاعه ، عليكي تنقذي نفسك وابنتكي من كل مااقترفتيه فزعا وانت وحيده مكسوره الجناح خائفه فاشترتيت احتقارهم وانت لاتستحقيه وحرمتي نفسك وابنتك من الشفقه والرحمه التي كنتي تتمنيهم ولم تعثري عليهم ، كفاكي القاء الشباك علي الرجال واصطياد الازواج الذين لاتحبيهم ، كفاكي الاساءة لنفسك ولابنتك ..... تطلق من زوجها الاخير الذي لاتحبه ، وتلملم عفش بيتها وتأخد خلو من مالك البيت وتترك له الشقه وذات فجر ترحل هي وابنتها وتختفي من الحي الذي لايتذكرها ابدا الا بالفضيحه التي فضحتها لها الست نجاه حرم المرحوم ، وهم لايعلموا ان تلك الفضيحه علي قسوتها غيرت لها حياتها وانقذتها من حياه لم تكن تستحقها لحياه تجاهد فيها لتحصل وابنتها علي المكانه اللائقه والاحترام الواجب و....... الله يرحمك يامخفي !!!! تقول هذا وتضحك كلما تذكرته ، الله يرحمك يامخفي !!!!

( 35 )
بوسي

شهور مرت واكثر علي اكتشاف دفتر ابيها ، الشهر الاول مر عاصفا ، امها تتشاجر وتبكي والحياه سوداء ، لكن مصطفي افلح يهدء امه ويهون علي كلمات ابي ، مصطفي افلح يقنع امي ولااعرف كيف افلح ، ان تقرأ الدفتر علي قسوته وانه يحمل رساله ابي الاخيرة لنا ، انا ايضا ، وعدني مصطفي يأتي لي بالدفتر وصدق وعده ، قال لي هذه وصيه ابيكي وعلينا نحترمها وننفذها ....
وقرات كثيرا في الدفتر ومازلت اقرأه ، في البدايه قرأه مصطفي ثم منحنه لامي التي قرأته والغريب ان احوالها تبدلت ، في البدايه كانت تبكي وتسب وتلعن وبعدها تبدلت احوالها وكان سكون عميق وهدوء عميق سكن روحها ، العصبيه والغضب الذين كانوا يرسما ملامحها تغيرا لهدوء وسكينه غريبين ، تغير حاله امي وتبدلها من جنون العاصفه لسكون راضي اثار فضولي عن الدفتر وماهو مكتوب فيه ، الصفحات التي قرأتها مبعثرة بعدما جمعتها من السلم اثارت حفيظتي واغضبتني بل واخجلتني من ابي ، احسست انه لايليق به ان يترك خلفه مثل تلك الكلمات ، لكن الغضب والخجل سرعان ما رقدا في نفسي واثمرا اسئله محيرة عن حياه الانسان والتناقضات التي يعيشها وسألت نفسي عن افكاري المنحرفه وامنياتي الجامحه واحاسيسي الداخليه التي لاافصح عنها ابدا للاخرين ، سألت نفسي لماذا الوم ابي لانه كتب مااحسه ، جميعنا نحس مشاعر مختلفه لكننا لانكتبها ولا نوثقها بل ولانعترف بها ، جميعنا يحافظ علي صورته امام الاخرين بل امام نفسه باعتباره ملاك محلق باجنحه فضيه ، منكرا عن نفسه وعن الاخرين حقيقته وحقيقتهم الانسانيه بكل تناقضاتها ، هذا مااثاره دفتر ابي في عقلي وروحي ، اسئله كثيرة عن حياتي ومشاعري ، عن الصورة التي اظهرها امام الاخرين حتي اقربهم ، عن حقيقتي التي اخفيها عن الجميع حتي عن نفسي ، اسئله كثيرة عن فائده مصارحه الاخرين بحقيقتي ومشاعري ، اجابه واحده تطاردني علي كل الاسئله ، اكون نفسي واعيشها ، نعم ، لو اظهرت للاخرين حقيقتي مع بعض الرتوش القليلة ، سأكون نفسي واعيشها بحق ، اما لو بقيت اخفي عن الاخرين وعن نفسي حقيقتي ، ساعيش حياه اخري لااحبها لكنها الحياه المناسبة للاخري المزيفه التي اقدمها للاخرين باعتبارها انا .....
وضحكت ضحكات متلاحقه لاني اكتشفت بخلاف كل مااكتشفت ، اكتشف ان الحاج حسين ابويا الله يرحمه ، كمان كان فليسوف وترك لنا حكمه الايام وسنينها في دفتره ليعلمنا درسه الاخير الذي لو حاول قدر ماحاول وقت حياته يعلمه لنا ماتقبلناه ابدا ... ومازلت اتعرف علي ابي وعلي نفسي وسط سطوره ، مازلت اتعرف علي الحياة كلها بعين جديدة ومختلفة ...
********************
ص 165
والله نوجه ست طيبه ، نوجه دي حكومه قلبي ، نوجه ده الاسم اللي باناديها بيه لما اكون راضي عليها ، ولما تكون هي لطيفه معايا لاتقومني من السريرعلشان تغسل الملايه ولا تطردني من البلكونه لانها عايزة تنشر ولا تغير قناه التلفزيون علشان تشوف المسلسل ولا تصمم ان بوسي بارت ولازم تتجوز اي عريس يخبط علينا الباب ، لما نوجه مابتعملش اي حاجه من دي باكافئها واناديها شاي يانوجه ، العشا يانوجه ، الحق الست بتطير من السعاده اول مااقول لها يانوجه ، تطير من السعاده وتسالني بعينيها دايما ، ليه مابتقوليش يانوجه دايما ، انا بافهم السؤال وازوغ منه ، اصل ياحكومه قلبي لو قلت لك يانوجه علي طول حتفيعي وتركبيني ، امي قالت لي كده ، قالت ماتدلعش الست لاتركبك وقالت اكسر لها ضلع يطلع لها عشره ، انت طيبه صحيح لكن انا ماضمنش اني لو فضلت ادلع فيها يحصل ايه ، جايز تركبيني وماعاش ولاكان اللي يركبني !!!
ارجع واقول ، نوجه ست طيبه ، هي مش من الستات اللي تعجبني ، لكن دي مش مشكلتها الحقيقه ، دي مشكلتي انا ، مشكلتي اللي ماكنتش واخد بالي منها خالص ، كنت طول الوقت باتخانق معاها لانها مش عاجباني وكأن هي دي مشكلتها وكأن هي لو ناصحه كان لازم تعجبني لكن هي مش ناصحه ، لما ابتديت اكتب اليوميات دي ، ابتديت اشوفها بطريقه تانيه الحقيقه ، طبعا ماقلتش لها اي حاجه ، لو قلت لها اني شوفتك وشوفت الحياه بطريقه تانيه حتفيع وتركبني علي راي امي الله يرحمها ، خلاص بقي ، لما اموت تبقي تقرا الكلام ده لو ماقررتش اقطعه او اخفي الدفتر قبل مااموت ، تبقي تقرا وتعرف ان كل مشاكلنا ، مش كلها قوي ، معظمها يعني كان بسببي انا ، نوجه مش من الستات اللي تعجبني ، طيب ياعم حسين ماخدتش قرار من اول العيشه ليه تقول لها انتي مش عاجباني وسلاموا عليكم عليكم السلام !!! ليه ماعملتش كده ، ليه مااديتهاش فرصه تعيش مع حد تعجبه وانت تجيب لنفسك واحده تعجبك ؟؟؟ ليه ياعم حسين ؟؟ ليه ، لان امي كانت حتموت نفسها وتقف ضدي لان محدش في عيلتنا قبل كده طلق مراته ولان مراتي ست الستات ومافيش سبب اطلقها واخرب علي نفسي وعليها ، امي كانت حتموت نفسها ، كده استريحت ياحسين ، ركنت علي امك علشان تبرر لنفسك اللي عملته في حياتك ؟؟؟ انت مش غلطان ، اي حد تاني غلطان ، مراتك امك الدنيا ، المهم انك مش غلطان ومابتغلطش !!! استريحت كده ؟؟؟ هو ايه اخره الاستهبال ده ؟؟ بتستهبل علي مين ؟؟ انت بتكتب لنفسك ، يعني بتكلم نفسك ، مافيش غيرك انت ونفسك ، بتستهبل ليه ؟؟ امتي حتبقي شجاع او محترم ، امتي حتعترف باخطائك في حق نفسك ؟؟؟ امتي حتعترف باخطائك في حق الست المحترمه اللي انت اتجوزتها وعاشت معاك علي المره والمرة ، مافيش حلوه ، الست اللي حضرتك ياحسين باشا اتجوزتها ماكنتش عاجباك ، لكن انت قلت وماله عادي ، هو ده الجواز ، انك تتجوز ست ماتعجبكش ، لكن تبص وتبصبص علي كل الستات اللي بيعجبوك ، عادي الجواز كده !!! استسهلت وسكت ، قلت خلاص اتجوزت وخلفت وعملت بيت ، حتهده ليه ، علشان مش مبسوط ، مش مهم تبقي مبسوط في البيت ، انبسط بره يااخي ، ولانك قررت تنبسط بره ، قلت خلاص اهي ام العيال وقاعده ، اهي الحكومه وتسقط الحكومه ، وبخلت عليها بكلمه حلوه ، وتقولها لها ليه ماهي مش عاجباك ، وبخلت عليه بفسحه حلوة ، وتفسحها ليه ماهي مش عاجباك ، وبس ياعم حسين ، عشت مع الست اللي مش عاجباك لانك جبان ، خفت تهد البيت وتتحمل ثورة امك وغضب اهل مراتك ونفقه العيال ، قلت علي ايه الطيب احسن ، اعيش وخلاص زي ماكل الناس عايشه ، وانبسط بره ، حاولت تنبسط ، انبسطت ماانبسطتش ، مش مهم المهم انك حكمت علي روحك انها ماتتبسطش جوه البيت اللي عملته وكنت فاهم انك حتنبسط فيه ، وبس خلاص ، الحياه باظت ، الحق انت ظلمت نفسك وكمان ظلمت الست الي تصورتك بتحبها وخدمتك خدمه العبد للسيد ورضيت وقنعت واستحملت بوزك داخل خارج ، اي حاجه بتعملها مش عاجباك وتعجبك ازاي اذا كانت الست نفسها مش عاجباك ، تفتكر نجاه كانت ممكن تعجب كام راجل غيرك ، تفتكر كام واحد تاني كان ممكن يسعدها اكتر منك ، مش عايز ترد ، علشان اناني وجبان ، رد ياراجل ده انت بتتكلم مع نفسك ، كتير كانوا ممكن يسعدوها ، متضايق من كلامك ماتتضايق مش مهم ، كتير كانوا ممكن يسعدوها وانت كمان كان ممكن تلاقي ميت واحده تسعدك ، لكن انت خدتها من قصيرها وقلت اهي عيشه والسلام لاانبسط ولا هي تنبسط ولا حد ينبسط وهي الحكومه وتسقط الحكومه !!! خيبتك تقيله ياحسين ، انت ياحسين ضيعت فرصتك في السعاده ، كان ممكن ماتتجوزش نجاه اساسا اول ماشفت صورتها لان شكلها مش عاجبك قوي ، وكان ممكن لما اتجوزت ولقيت نفسك مش مبسوط وهي كمان مش مبسوطه ، كان ممكن تقول لها كده وتديها فرصه تعيش حياه اسعد وانت كمان ، يمكن كانت حياتك اتغيرت تماما وبقيت اسعد ، لكنك ياعم حسين جبان واناني وضيعت عمرك وبس ، بس ايه بقي وهباب ايه ، وهو بعد الكلام ده فيه بس ، والله العظيم لاقطع الدفتر الزفت ده !!! ال بس ال ..
********************
وتزداد الاسئله وتزداد الحيرة وتتوه الاجابات في عقل بوسي وتري امها بشكل مختلف وابيها ايضا ، الاهم انها تري نفسها بشكل مختلف وجديد ، تسأل نفسها ، هل تحب خطيبها ويعجبها ام تعتبرها زيجه والسلام ، تسأل نفسها هل سيأتي عليها يوما تقول لماذا تزوجته مادام لايعجبني وتلوم نفسها علي سلبيتها مثل ابيها ، وتزداد الاسئله والحيرة ومازال في الدفتر صفحات كثيره لم تقرأها بعد و.......... مخبي لينا ايه تاني ياعم حسين؟؟؟

( 36 )
مصطفي

********************
ص 88
همس علاء ، ماتفتح مخك وتبطل توقف المراكب الماشية ، انتفضت وعملت فيها شريف ، انا ماليش في السكك الوسخه بتاعتكم ، انا انسان شريف !!! ضحك علاء ضحكا ساخرا وقالي كلنا شرفا انت بس اللي خايب ....
اليوم ده كان يوم اسود ، كان فيه راجل مهم ، عرفت بعدين ان اسمه عبد المقصود ، شكله بيقول انه راجل مهم ، عايز يطلع شهاده تخص الارض بتاعت ابوه وانها متعودة باسمه ، الراجل بيقول انه بيملك 100 فدان وان الورق اتسرق من الخزنه وانه عايز الحجه وعايز شهاده تقول ان الارض ملك ابوه ، الاول الحقيقه اتحمست له ، قلت له قدم طلب وحط عليه طابع دمغه وعدي بعد يومين ، يومين ااقلب في الملفات اللي كلت الفيران ورقها ، لافيه اثر لارضه ولا ارض ابوه ولا شهاده ولاحجه ولاحاجه خالص ، جالي بعد يومين ، قلت له باعتذر حضرتك مافيش حجه بأسم والدك عندنا ، الراجل بص لي بصه غريبه قوي وقالي انت مش عارف تدور ، وميل علي وقالي انا عينيا ليك ، ضحكت وقلت له انا دورت ومافيش ورق ، قالي يبقي انتم ضيعتم الورق ، ماتجيب شهاده ان الملف ضاع ، قلت له ببرود ، مافيش حاجه بتضيع عندنا وحضرتك مالكش ورق عندنا ، الراجل بص لي بصه اغرب وقالي ماتدور تاني يااستاذ ، معرفش ليه حسيته كده بيتمرقع وقصده حاجه تانيه غير كلامه ، خبطت له علي المكتب قدامي بعصبيه وقلت له دورت تاني وتالت ومالكش ورق عندنا يااستاذ ....
الراجل مشي وكملت شغلي عادي لغايه اخر النهار ، لقيته داخل تاني وقالي انا قدمت فيك شكوي ، ضحكت وقلت له اعلي مافي خليك اركبه ، قالي قدمتها للمدير وهو حيتصرف معاك لانك ضيعت الملف ، تاني حتقولي ضيعت الملف ، تاني حترمي جتتك عليا ، اتفضل يااستاذ من قدامي ، صوتي علي شويه ، الحق علي كتير ، الزملا كلهم انتبهوا للراجل ولصوتي العالي ، الراجل اتجنن رفع صوته اكتر واكتر وقالي انت ضيعت الملف ودول ميت فدان يعني ثروة كبيرة ، مين اللي اتفق معاك تضيع الملف ، لا ده كده بيقل ادبه بقي ، كده بينبط عليا بكلام مالوش غير الجزمه علي راسك ، ماتتحرق انت وثروتك وارضك ، انت فاهم ايه ، انك حتخضني ، ترمي جتتك عليا وتقولي ضيعت الملف ، اطلع بره ، بره المكتب يالا ... الراجل خرج وهو شايط ويبص لي بصات غريبه قوي ، مافهمتش معناها الا لما اليوم خلص وانا عصبي ومتغاظ وعمال الوم نفسي لاني ماضربتوش بالجزمه علي راسه ، زمايلي يهدوني وانا مابهداش ، مالوش ورق عندنا ولا ملف والراجل ده ريحته زفره ، طيب اهدي ، مابهداش ....
وانا خارج من باب المكتب ، دخل عليا علاء ، علاء زميلي ودفعتي واتعينا سوا وبينا كتير ، وياما قعد معايا علي القهوة خدنا وادينا ، خارج من باب المكتب لقيته مستنيني ، تعالي اوصلك ، مش عايز ، عايز اتمشي افك راسي قبل مااروح للحكومه ، ضحك علاء ، تعالي اوصلك ونروح القهوه ويلعن ابو الحكومه ، عجبتني الجمله ، يلعن ابو الحكومه ميت مره ، يالا ، في العربيه لقيته بيبص لي بصات غريبه ، زي ماكان الراجل بيبص ، انت مزعل عبد المقصود بيه ليه ياحسين ، مين ده ، الراجل اللي عايز حجه الارض ، ضحكت ، انت صدقت ياعلاء ، ده مجنون ، ده نصاب ، لا له ورق ولا له ارض ، يومين فركت الملفات كلها واحد واحد ، مافيش اللي بيقوله ، يبقي الملف ضاع ياحسين ، فجأ راسي صحيت ، انت بتقول كلامه ياعلاء، وماله هو كلامه وحش في ايه ، الراجل بيقولك ياتجيب شهاده بأن الارض متعوده باسم ابوه ياتقول ان الملف ضاع ، ياعلاء بطل صياعه ، لا فيه ارض باسم ابوه ولا فيه ملف ضاع ، افرض مافيش ، ماتقول فيه والراجل عينه لك ، وصلنا القهوة ، نزلت من العربيه غاضبا ورطمت الباب بقوة ، نزل علاء وطلب شاي وشيشه وبعت علشان يجيب لنا بسبوسة ، هو انت جبت عربتيك دي ازاي ، ورث ابويا ، ياراجل ، طيب ورث امي وانفجر ضاحكا ، جبتها من اي حته المهم انها ريحتني من المواصلات والزحمه والقرف ، انت عايز مني ايه ، عايزك تطلع شهاده ان ملف الارض ضاع ، وانت مالكش دعوه بعد كده باي حاجه ، ده شهاده زور ، ولا زور ولا حاجه ، انت حتكتب الشهاده وعادي لاحد حيرجع لك ولا حيقولك انت مين ، مش حاعمل كده ، حدق علاء في وجهي بعمق وهمس ، الشهاده حتطلع حتطلع والارض حيطلع لها حجه حيطلع لها حجه ، بيك ومن غيرك ، ماتفتح مخك وتبطل توقف المراكب الماشية ، انتفضت وعملت فيها شريف ، انا ماليش في السكك الوسخه بتاعتكم ، انا انسان شريف !!! ضحك علاء ضحكا ساخرا وقالي كلنا شرفا انت بس اللي خايب....
********************
عمري ماعرفت بابا بيشتغل ايه ، ولااهتميت ، بيشتغل موظف ، هذا مااقوله لمدرسه الفصل وزملائي في الجامعه ومديري بالعمل ، موظف حكومه ، اقولها بأسي وكأني اشفق عليه من وظيفته الصغيرة او الحقيرة مثلما شعرت دائما ، موظف حكومه ، كثيرا ماتندر اصدقائي وتعاملت مع سخريتهم وكأني لاافهمها ، بل وقال بعضهم عبارات توحي بانحرافه فليس هناك موظف حكومه شريف ، جميعهم يفتح الدرج ويتلقي الرشوة تحت مسميات اخري كالاكراميه والمجاملة والشيء لزوم الشيء ، هذا ماكنت اظنه ايضا في ابي ، كنت احدق فيه وهو عائد من العمل تعب ومرهق واكاد اساله خدت رشوة كام النهارده ، ربما ضيق ذات اليد والحاله الضيقه التي نعيشها في بيتنا دفعتني اتمناه يأخذ رشوه مثل الجميع ، جميع زملائه موظفي الحكومه ، او هذا ماكنت اظنه عنه وعن زملاءه ، كنت اتمني نعيش حياه اكثر راحه فاشارك زملائي رحلات بورسعيد والحي الافرنجي والملابس المستورده وربما يشتري لي سياره وقتما اتخرج من الجامعه مثلما فعل اباء كثيرين لزملائي ، لكنه ابدا لم يفعل ، كل شيء في منزلنا محسوب ، امي تدبر راتبها وراتبه وتجيب علي رغباتنا الملحه انا واختي بأن مافيش ، وهي كلمه تشرح لنا كل شيء ، اذن اين مبالغ الرشوه التي تاخذها ، هل تخفيها لنا سرا نعرفه بعد موتك فتأمن مستقبلنا دونما تثير الشبهات لسلوكك اليومي الذي يؤكد شكوك الاخرين عن انحرافك مثل كل زملائك ، اين فلوس الرشوة ياحاج حسين ، سؤال كنت اساله لنفسي كثيرا ، واليوم وبعدما قرأت كلماتك لنفسك ، اليوم اعتذر لك عن ظنوني وشكوكي ورؤيتي المنحطه لك ، اعتذر لك وانت الان بعيد لااعرف ان كنت ستسامحني ام لا ، لكن اسمح لي انت المخطأ ، ابدا لم تقترب مني ولم تحدثني ولم تشرح لي انك موظف شريف وان معظم زملائك شرفاء وان القليل المنحرف وسطكم يظلمكم جميعا ، انت المخطأ ، لم تقل لي ان درجك مغلق لم تفتحه ابدا ، لا لسيجاره من احد من الجمهور ولا لاكرامية ولا مجاملة ، كان يتعين عليك تنظف ثوبك من شكوكي وظنوني وارائي المسبقة ، هل غضبت مني لاني شككت فيك ، هل غضبت مني لاني تصورتك حويط تتقاضي الرشاوي وتخفي مبالغها حتي لاتثير الشكوك والاجهزة الرقابيه حولك ، هل غضبت مني لانك فعلا شريف وشرفك كان وجه نظر وليس فشلا وخيبه ، اخبرك سرا ياحاج حسين ، انا غضبت من نفسي ، غضبت من نفسي لاني سايرت الرأي السائد ولم اتصدي له ، خجلت من وظيفتك فلم ادافع عنك واقل للاخرين ولاصدقائي وابائهم رجال الاعمال والتجار ان ابي موظف حكومه شريف ، غضبت من نفسي لاني سرت مع القطيع ولم افكر ، لم احترم جهدك وارهاقك في الوظيفه الحكوميه واعتبرتك فاشل لاتصلح لعمل اخر ، لم احترم راتبك الصغير الذي لم تمنحك الحكومه غيره واعتبرتك مرتشي بالضرورة وفاسد بالضرورة ودرج مكتبك مفتوح بالضرورة ...
لماذا لم تقربني منك ، الم يقولوا الابن سر ابيه ، لكنك ابدا لم تعتبرني سرك ، ولا صديقك ، لم تقربني منك ولم تحكي لي معاناتك في العمل وصراعك مع الفاسدين واستقوائك بالخوف علينا وعلي مصيرنا منعا للانحدار والانهيار في عالم المنحرفين ، هل كان لابد تموت لنعرفك ياحاج حسين ، لماذا لم تخبرنا قصصك الصغيره ونحن علي مائده العشاء ، لماذا لم تشاركنا همك في وقت الوجع والقسوة ، لماذا لم تقل لنا انك شريف لنخجل من ظنوننا ومطالبنا ورؤيتنا القاسيه لك ، لماذا لم تقربني منك ياحاج حسين ؟؟؟؟ ويصمت مصطفي حزينا ، بل تنهمر دمعتين صغيرتين من طرف عينيه خجلا من ابيه الذي لم يكن يعرفه حتي مات !!و....... همس ، الله يرحمك ياحاج حسين ، الله يرحمك ...


نهاية الجزء السادس

ويتبع بالجزء السابع  

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

كيف اسقطت كل هذا من عقلك وذاكرتك وخلقت اوهاما عشت فيها لتجد سببا تكرهني او تنفر مني ؟؟؟ لابد لي من كتابه دفتري انا الاخري لاروي فيه الحقائق التي انكرتها واسقطتها من ذاكرتك لاعطي الاولاد فرصه يتعرفوا علينا بحق ، ابيهم وامهم ، فنحن جميعا في الحقيقه لانعرف بعض رغم اننا عشنا معا سنوات طوال ....

تصدقي فعلا
انت مسيتي كل منا بداخله
الكثير منا يعيش داخل علبه صنعها بنفسه ولا يعطي اي مساحه ليري غيرها
وكثيرا منا يحتاج المواجهه مع النفس ومع الغير
مجنوووووووووووووونه
جنان يجعلنا نعقل