(
1 )
انا جمل صلب لكن علتي
الجمال
شيلني احمال ان شالها الجبل جام مال
شيلني احمال ان شالها الجبل جام مال
ترجل من السيارة
وتحرك بحماس وسط بحار الرمال ، كاد يصرخ منتشيا اعجابا وحماسا بالحياة الحقيقية
التي لم يعيشها ، بحار الرمال تحيط به ، وقرص الشمس فوق رأسه والحياه كلها بعيدة
بعيدة ، يتحرك علي الرمال بحرص وفرحه ، تغوص قدميه في الطبقه السطحيه من الرمال
الناعمه ، يتمني يغوص فيها ويغرق ، يتمني ينزلق دون قصد وشجاعه ليتعثر في الرمال
الناعمه التي لم تطئها قدم قبله ، يتعثر في الرمال فتحتويه وتلفه وتضمه وتحيطه ،
يتمني لو تعثر في حضنها ، الحياه الحقيقيه هنا ، حيث لاشيء الا الطبيعه وانت ،
واما تعيش وتقاوم واما تدفن مكانك لااحد حتي يقرأ لك الفاتحة ولا يتذكرك واكم من
جيف ابتلعتها الصحراء وتأففت الحيوانات المتوحشه عن الاقتراب منها ...
ومازال يسير ببطء
يهبط لقاع المحيط الرملي وتحيطه التلال والجبال من كل ناحيه ، مااجمل ان تشعر
بضألتك الحقيقيه وسط سطوه الطبيعه وقوتها الغاشمه ، الطبيعه لن تجاملك ، لاالعواصف
سترأف بك ولا بحار الرمال ستلقيك علي شطها الامن ولا الحيوانات المتوحشه الجائعه
ستترك لحمك الشهي بعيدا عن انيابها مالم تنقذ نفسك!!!
الشمس تثقب رأسه
باشعتها القويه والرمال تجذبه لاعماقها والهواء البارد يلفح وجهه المحترق والجبال
تحيطه من كل صوب ، يشعر ضأله تسعده ، مااجمل ان تواجه نفسك والحياه بفجاجه بلا زيف
ولا نفاق ولا كذب ، الصحراء هنا لاتكذب ولاتسمح لك تخدع نفسك، الصحراء تواجههك
بحقيقتك ، اما مقاتل قوي شجاع القلب صلب الروح تقوي علي العيش بصعوبته واما هش
تافه تردمك الرمال في عاصفه صغيره وتنساك والكل ينساك !!!
في تلك اللحظه
بالذات ، تمني لو حلقت مها من حيث هي ،وحطت علي روحه ، تمني لو اتته علي بساط
الريح وجناح الجن ، تمني لو اتته فيحتضنها ويحتويها ويمارس معها حبه عشقه جنونه
للحياه ولها ، وليموتا بعد تلك اللحظه التي يعيشا فيها الحياة بكل عنفوانها ....
يناديه الشيخ
علي ، يالا يايوسف ، كفايه عليك كده
النهارده وخلينا نهم ونرحل ، حاوديك البحر اللي ربنا ماخلقش زيه وهناك تنسي الدنيا
وتسبح بحمده ، ركب يوسف السياره التي تقافزت فوق جبال الرمال وتلالها كقشه صغيره
تعصف بها امواج العاصفه ، تحمله وتصعد بعند وتهبط باصرار ، لو انك تراقبه مثلما
يراقبه الشيخ علي وهو يقود السيارة ،
لظننته مجنون ، يبتسم بغير مقتضي ويغيب مع نفسه وكأنه غائب عن كل شيء خدر العقل ،
سأله الشيخ علي ، الا قولي يااستاذ يوسف ،
انت فعلا حتكتب كتاب عننا هنا ، هز رأسه نفيا ، احتمال ياحاج علي واحتمال لا ،
امال ايه ، مش حاعرف اشرح لك ، انت اتولدت هنا وعشت طول حياتك هنا علشان كده مش
مقدر معني الحياه هنا ولا قيمتها ، الغريب اللي زيي لما يجيي ويعيش وسطكم يفهم
حاجه بسيطه قوي ، انه ماكانش عايش قبل كده !!! يهز الشيخ علي راسه وكأنه فهم !!!
ووقفت السياره
امام بحر ازرق وسط الصحراء ، علي ضفته بعض الاشجار القالحه المحروقه بنار الشمس
وملح البحر وصامده لتعيش تلقي بعض ظلالها الهش علي الشاطيء !!!
فتح يوسف باب
السيارة وخلع الخف وسار حافيا علي الرمال الرطبه يحس ذراتها قواقع واصداف بحريه
هرستها العواصف والاعاصير والازمنه الجيولوجيه السحيقه ، جدودك كانوا بيقولوا ايه
علي البحر ده يا شيخ علي ، ضحك الشيخ ، كانوا بيقولوا انه مسكون بالجنيات واللي
يقرب منه بعد الشمس ماتغيب يروح مايرجعش !!!
يحدق يوسف في
ماءه الازرق لايصدق مايراه ، ماء صاف لحد تصوره سحابه صافيه معلقه في السماء ، وقالوا ايه تاني ، قالوا لا ليكم دعوه بيه ولا
تنزلوه ، ليه ؟؟ كان فيه ملكه جت مع الاسكندر لما جه ، جابها تعوم هنا غرقت ، من
ساعتها الجنيات سكنت البحر بتدور علي ملك زي الاسكندر للملكه المحرومه ، والرجاله
هنا شديده وحيلها مشدود ، لو الجنيات شافت واحد منهم في البحر مش حتسيبه ويعوض علي
اهله فيه وفي عمره!!!
تمني يوسف لو قفز
في البحر ، يتصور مها هي الملكه التي تنتظره منذ سنوات سحيقه ، سيقفز في حضنها
ويتمني الا يعود ، سأل علي وصدقتوهم ؟؟ انتفض علي ، طبعا ، اللي يقولوا عليه نطيعه
ولو بعد ميت حول ، هما ادري ، واللي خالف كلامهم خطفته الجنيات وماردش !!!!
جلس يوسف علي شط
البحر الغريب ، بيت الجنيات والملكه المحرومه ، يداعب الماء باطراف اصابعه ويتأمل
الجبال الرمليه العالية التي تسيجه بحمايتها ويتمني لو عاش هنا ومعها ، مع مها ،
هنا الطبيعه والحياه والاساطير والسحر والحب ، هنا الحياه التي سنعشقها وتعشقنا
و................ توحد في تلك اللحظه مع روحها وكان مئات الكيلومترات بينهما
لاشيء ، ومن قال ان الحب يحتاج قرب والوصل يحتاج التصاق والونس لايقهر المسافات
والصعب ويتأجج بين المحبين !!!
اه يامها ياريتك
كنتي معايا و.............. فجأه غشاه الحزن العميق متسائلا ، ياتري لسه فاكراني
!!!
( 2 )
وايش
بعد نوح الهوي والجاه
علي
الليل واخره ، الخطا يابا
تايهه
وراكبنا الخطا يابا
معنديش حاجه
اخسرها يارؤوف ..
عندك يايوسف ،
عندك مها اللي بتحبك ، عندك بدر اللي حرمتها منك ، والاهم عندك يوسف اللي انت
معذبه معاك ..
معنديش حاجه
اديها لا لمها ولا لبدر ولا ليوسف شخصيا ، لما حاسافر وابعد جايز استرد روحي فارجع
حبيب يستحق الحب واب يستحق الابوة وجايز اتوه وماارجعش اساسا وساعتها كلكم
حتستريحوا مني !!!!
فكر تاني يايوسف
، فكر تاني ، ماتتسرعش !!!
ضحك يوسف ضحكات
متلاحقة ، بقالي خمس سنين بافكر ، العمر كله ضاع في التفكير ، حافضل متردد لامتي ؟؟...
صمت رؤوف كأنه
يستوعب مايقوله يوسف ، ثم سأله خجلا ، انت مخبي علي حاجه معرفهاش يايوسف !!
معنديش حاجه
اخبيها يارؤوف وعنك انت بالذات ...
طيب مش حاشوفك
قبل ماتسافر ، قلق ينهش قلب رؤوف ، لا اصله مايفرقش انت معايا مهما بعدت وانا
مابحبش لحظات الوداع ، انفجر رؤوف ضاحكا ، ولاانا بصراحه !!!
وكانت هذه
المكالمه الاخيرة بينهما و اختفي يوسف وانقطعت اخباره تماما ....
(
3 )
المـــوج الأزرق في عينيـــــــــــك
ينادينــــــي نحو الأعــــمـق
وأنا ما عنــدي تجربــــة في الحـــب
وأنا ما عنــدي تجربــــة في الحـــب
ولا عنــدي زورق
""مدينة
..... اعشقها"" عنوان حرك في روحه شيئا لم يفهمه بعد وربما زيارته
للمعرض تشرح له احساسه ومعناه ، قرر يزور المعرض ويشاهد اللوحات ، من باب الفضول
باحثا عما يحرك الراكد في نفسه وحياته ، ربما يتمني يعشق المدينه التي تعشقها ..
""مدينة
اعشقها"" عنوان اختارته الفنانه التي لايعرفها شخصيا للوحاتها ، احس العنوان رسالة وصلته ، رساله
ضاله في الفضاء تبحث عن من يتلقاها ، وصلته الرساله الحائرة فقرر مقامرا لايملك
مايخسره يقتحم عالمها ليفهم صحيح مقصدها !!
لايمكن يكون هذا
العنوان لمجموعه لوحات ، انه يحمل اكثر من هذا واعمق ، هي رساله ربما لاتخصه لكنها
وصلته هو ، رساله لمعني اعمق كثيرا من اللوحات ، هذا ماقرره وسيذهب للمعرض ليتأكد
من احساسه ...
في الرابعه ظهرا
تسلل لقاعه العرض ، الشمس تأفل وتلون الجدران ببعض الشحوب المتفرق علي اللوحات
والجدران ، القاعه خاويه الا منه ، من هذا الاحمق الذي يختار الرابعه من عصر يوم
حار في اغسطس ليذهب لمعرض لوحات فن تشيكلي ، لااحمق غيره ، الم يقل انها رساله
استدعته واستدعت حياته من ركوده ليكتشف ويستكشف الامر ..
اللوحات متراصة
بنظام انيق علي الجدران البيضاء ، اشعة الشمس الراحله ترسم دوائر وخطوط وظلال فوق
الارض واطارات اللوح وبعض الجدران ، دار دورة سريعه داخل المعرض ، يبحث عن
انطباعاته الاولي التي قد تبقيه ليري باهتمام اوتنفره فيرحل سريعا.....
ابتسم وهو يخطف
نظرة سريعه علي المعرض ، "مدينة .. اعشقها " الوان صاخبه وخطوط قوية
وروح شجاعه تفرض وجودها علي حياة المدينة التي تعشقها الفنانة التي لايعرفها ،
شوارع وميادين ، اسواق ومباني ، كوبري عتيق وعاشقين ، يتجول بين اللوحات المرسومه
ويحسها تحدثه ، ايها الغريب ، هنا كنت تعيش ، وهنا كنت تلهو مع اصدقائك ، وهنا
اختلست القبلة الاولي من فتاه لا تتذكر اسمها ، احس الفنانه اختطفته داخل لوحاتها
تحكي عنه عن حياته ، ترسم القاهرة التي يحبها ، لكني اعشق الاسكندريه ، همس يوسف
لنفسه ، احب القاهره لكني اعشق الاسكندريه ، البحر والنوة والبارات القديمه
والكورنيش واحجار القلعه وحلقه السمك وجامع المرسي وخليج ابو قير ومقام ياقوت
العرشي ، مدد ياسيدي ياقوت مدد ، اعشق المدينه التي لاتعرفيها يافنانه ، انت تعشقي
القاهره وانا احب الاسكندريه ومابيننا طريق صحراوي طويل وتنهد عميقا ، كأنه اجاب
علي الرساله بالتجاهل لتعود لمرسلها ، بيننا طريق صحراوي طويل ، يجتاحه الاسي ببطء
!!
انطباعه الاول
ونظرته السريعه انحازت للمدينه والفنانه واللوح ، يبدأ المعرض ثانيه من مدخل الباب
، يتجول بين اللوحات ببطء وتأمل واستمتاع ، يحدق فيها اكثر واكثر ، تكلمه فينصت
لها ، تبوح فيصغي ، تقص عليه فيسمعها باهتمام ، فجأ يكاد يصرخ فرحا باكتشافه
الغريب ، هذه المدينة التي تعشقها هي القاهرة وليست ، هي كل مدينه يعشقها من
يعشقها ، لم ترسم القاهره تلك الماكره الموهوبة ، هي رسمت اي مدينه وكل مدينه ،
رسمت النيل من ضفة واحده واخفت الثانيه ، ربما هو النيل وقت الغروب ، وربما هو
البحر ، الضفه الثانيه بعيده ، وكأنها تقول لن نصل لها ابدا ، ضفه النيل قريبه
لكنها اخفتها ابعدتها حتي صارت كالشاطيء البعيد للبحر ، ابتسم ، وصلته رسالتها
المنسوجه بعنايه ودقه بين الخطوط والالوان العفيه القويه ، مدينه اعشقها ، هذه
مدينتي وربما تكون مدينتك ، والكل فيما يعشقون مذاهب ...
مازال يوسف يتجول
في المعرض ويتأمل لوحاته ، يحس الحياة تدب في الشوارع المرسومه ويسمع صخبها ويكاد
يشم رائحتها ويلمح وجوه عابريها ، يسمع همس العاشقين اسفل الكوبري العتيق ، يلمح
نبضات العشق تحت جلودهما تضيء عمق اللوحه ، ينصت لخرير المياة تجري امام عينيه في
النيل الذي قد يكون نيل وقد يكون بحر وشاطئه الثاني بعيد ، القاعه خاليه الا منه ،
يخرج ورقه صغيره من جيبه وقلم ويدون بعض الملاحظات عن هذه اللوحه وتلك ، سيكتب
مقالا عن الفنانة التي لايعرفها ، انتبه يوسف انه استقال منذ زمن بعيد من الجريده
التي كان يعمل فيها ، استقال وهجر الصحافه وعالمها الصخب ، كيف ايقظت فيه الفنانه
عالم كان ظنه قد اغلق بالضبه والمفتاح ، مش مهم ، سيكتب المقاله ويرسلها لاي جريده
لتنشرها في صفحه الرأي وربما صفحه الثقافه ، اسمه مازال معروفا ومكانته مازالت
مرموقة واي جريده سترحب به وبمقالاته، كيف افلحت تحركي الراكد وتوقظي الموتي
وتعيديني للعالم الذي فررت منه ، يعود لورقته وقلمه ، يدون اسماء اللوح التي كلمته وسمع لها و رد
عليها ، يتحرك ببطء والوقت طويل ، كأنها اختطفته في لوحاتها ، روحه سعيدة بما يراه
حتي وقف امام تلك اللوحه الزرقاء ، مبني صغير تحيطه حديقه باشجار عملاقه ، مبني
انيق ونوافذ واسعه وشرفات مزروعه ببعض الورود البنفسجيه ، حدق في اللوحه ، تبدو
غريبه وسط المشهد المبهج ، تتنافر مع بقية
اللوحات ، رسالتها تختلف عن كل الرسائل
الاخري ، مبني انيق بارد ، فيلا تتأرجح الظلال الزرقاء علي جدرانها الخارجيه
وكأنها تنبعث من قلبها ، نافذه صغيره بها بعض الضوء الشاحب ، تحيطها سياج وقضبان ،
يشعر اختناق ، قاطني تلك الفيلا يستغيثون بمشاهدي اللوحة انقذونا ، رغم كل الاناقه
لكن الازرق بدرجاته المختلفه وبعض الاصفر العليل يأسروا الروح بين حزنهم ، اقترب
من اللوحة ، الباستيل ، اسم اللوحه ، الباستيل ، سجن الباستيل ، تلك الفيلا
الانيقة هي سجن الروح في ذلك المعرض !!!
يحدق في اللوحة ،
درجات الازرق تخيم علي كل تفاصيلها تسبغها بحزن عميق ، الضوء الشاحب الاصفر ، عليل
، مقهور ، السياج والقضبان الانيقة فوق النافذه لاتوحي الا بالاسر ، لاحمايه ولا رعايه ، بل احتجاز قسري للروح
... طويلا وقف امام اللوحه ، احسها شارده
غريبه عن المعرض ولوحاته ، احسها خارج المدينه التي تعشقها الفنانة وخارج كل المدن
التي يعشقها هو او غيره ، لماذا ، تمني يسألها ، طوي الورقه الصغيرة بين اصابعه
يعتصرها وكأنه يتشاجر مع نفسه والمعرض والفنانه وقرر يرحل فجأ ، لن يكمل المعرض
ولن يشاهد بقيه لوحاته ، خدعته الفنانه ، خدعته مها رستم ، صادقه في مشاعرها جريئه
في خطوطها شجاعه في الوانها ، لكنها خدعته وقتما حلقت به فوق المدينه التي تعشقها
لتهوي به فوق الباستيل ، تحتجزه وروحه بداخلها وقرر يذهب ولا يعود ...
تحرك صوب الباب
يلاحقه الغيم الازرق والضوء الشاحب وملامح الفنانة التي استدعت لذاكرته وجه
الموناليزا الصامته التي لاتكف عن البوح !!!!
استيقظ من داخله
النائم دهورا وكأنه مات ، استيقظ غاضبا لان المدينة التي عشقها مازالت تضم بين
جدرانها زنزانة زرقاء احتجزت الفنانه وتحتجزه وتحتجز كل العاشقين للمدن والبشر
والحياة !!!
و..................
وقف علي الرصيف يتنفس بقوة وعمق ، يملأ رئتيه بالهواء النقي ورائحه النيل ومعني
الحياة والحرية والفرار من الاحتجاز المهين خلف جدران الباستيل ، وقرر فجأ غاضبا
يلتقي بها ويكلمها ويسمعها عله يفهم لماذا قاسيه هي هكذا مع نفسها ومع جمهورها ومع
الحياة !!!!
مها رستم ، سيأتي
ثانيه للمعرض ليقابلها ويتكلم معها ويزجرها لانها خدعته حينما زينت له املا مزيفا
بالبهجه فاذا بالحزن المر يطمس كل المعاني ، لوحه واحده قتلت بقيه اللوحات وقتلته
!!! الباستيل !!!!
(
4 )
يا دنيا ليه فوق كتوفنا
زيدتي احمالنا
وبدل م نبني ونجني خيرنا راح مالنا
وبدل م نبني ونجني خيرنا راح مالنا
في الساحه المتوهجه
ضوءا بجذع ضخم تلتهمه النيران في ليلة من ليالي ديسمبر البارده ، جلس يوسف علي
البساط الصوف وبعض الدفء يتسلل لبعض روحها وبقيتها يرتعش من الوحدة والشوق ،
يناوله الطبال العجوز سطل من عرق البلح ويبتسم باسنانه المتساقطه ،ماتفكرش كتير
يااستاذ ، ارمي حمولك علي اللي خلقك ، زيح العرق يدفيك ويرم روحك !!!
يغني الطبال
بكلمات ممضوغه علي نغمات ناي حزين ، تتأجج روح يوسف وتكاد دموعه تنهمر ، السماء
داكنه والقمر يحارب سحبها الثقيله ليسطع ، يشتاق لابنته ولامه ولكل الحياه التي
هجرها واختفي يبحث عن نفسه ، يرتفع صوت الطبال شجيا حزينا ودقات طبلته تنوح والناي
ايضا ، يفرغ يوسف السطل في جوفه بسرعه فيحترق جوفه كجذع الشجره المشتعل وتجتاحه
رغبه عارمه للصراخ والغناء والبكاء مشتاقا للحياة التي هجرها ...
يأتيه الشيخ علي
سطل اخر ويهمس له ، مايدفي القلب الا وليفه
والباقي كله تصابير علي الصبر وهمه !!! يضحك يوسف وعرق البلح يسرق وعيه
ويقظته ببطء وقوه وكأن ثعبان يتسلل لروحه يقيدها ويلجم لسانه ويخرسه ، يتمني يغني
، يتمني يرقص ، القلب بردان والروح موجوعه والوليف غايب والغربه مره ، يحاول يغني
، لكن صوته لايخرج يخرسه عرق البلح وكأنه لف احباله الصوتيه بكاتم لصوتها فتتحرك
وتتأرجح ويبقي الصوت حبيس النفس ، يارؤوف ، يارؤوف ، انت فين ياصاحبي ، يقرر يرسل
له خطابا يخبره عن مكانه ، يحثه يزوره ، يقص عليه كل ماعاشه في تلك الصحراء ، بحثت
عن نفسي ووجدتها يارؤوف ، هنا في الصحراء ، بعيدا عن الزيف والكذب ، هنا ياتعيش
ياتموت مافيش اختيار تالت ، هنا تلاقي نفسك لما تكون قوي وقادر وتتوه وتخطفك
الجنيات لما تكون ذليل عاجز ، يشتاق لروؤف ، يشتاق لامه ، يرفع بصره في السماء ،
يري القمر بدرا ، ينفجر في البكاء ، سنتين لم يري ابنته ، كيف صارت ، كيف تفكر فيه
، رفع عينيه الدامعتين لوجه البدر وناجاها ، عمري مانسيتك ، ونفسي اقرب منك ، بس
لازم اشرفك ولو مقدرتش يبقي غيابي اشرف ... ويبكي ويبكي ومازال عرق البلح يتلاعب
بوعيه ويخدره ويزيد شوقه لاحباءه الغاليين !!!! ومازالت النيران تلتهم جذع الشجره
وتنشر دفئا لكن قلبه يرتعش ومايدفي القلب الا وليفه علي راي الشيخ علي !!!
(
5 )
بصرت ونجمت كثيرا
لكنى لم اقرأ أبدا
فنجانا يشبه فنجانك
لكنى لم اقرأ أبدا
فنجانا يشبه فنجانك
في حجرته صامت
لايتكلم ، تدخل عليه سهام وتخرج ، تضع كوب الشاي وترفعه باردا ، فنجان القهوة تلو
الفنجان ، يحتسيها ويقلبها عله يجد اشاره تهديه في دهاليز الحظ لما يتعين عليه
فعله !!
اربعين يوم من
ساعه ماطنط ماتت وانت ساكت ، اكتئاب ده ؟؟ سألته ساخره فجحدها بنظره اخرستها وقررت
ان الامر لايعنيها وكلها يومين ويرجع لطبيعته !!!
الوقت يمر والصمت
يزيد وفناجين القهوه مازالت مقلوبه والاشاره لم تأتيه بعد !!! لكنها ستأتي ...
(
6 )
وزمننا جاحد
مفيش في ظلامه
رحمة لنا
علي فراشها
مستلقاة نصف نائمه ، يسري في جسدها الدف خدرا والنعاس يداعب جفونها يبدد بقايا
وعيها وكأنها ستنام ، يتساقط علي كتفها قطرات بارده من شعرها المغسول المبعثر
وافكار متناقضه تداهم عقلها فتطردها ارهاقا ، يرن تليفونها المحمول ، تحدق في
شاشته ، لاتعرف النمرة ، لن ترد ، قررت بسرعه ، يرن مره ثانيه وثالثه ، اشوف مين ،
انتابها الفضول بعدما الحت عليها ذات النمرة وحاصرتها بصخبها ، ايوه بصوت تعب ،
دكتورة مها ، اعتدلت في فراشها ، تعرف هذا الصوت ، معاكي الدكتور بهاء الازميري ،
اهلا ، ابتسمت وانتفضت في فراشها تتمني لو ترتدي بذله رسميه تتناسب وحوارها مع
استاذها ومعلمها ، حمد الله علي السلامه يادكتور ، ازيك يادكتوره واخبارك ايه
و.............. حديث طويل بدأ بينهما بالسلامات والتحيات وتبادل الاشواق وانتهي
بحزن عميق عميق !!
انتهت المكالمه
وبقيت مها تحدق في الشاشه كأنها لاتصدق المكالمه وماسمعته فيه!!!!
طرقات علي باب
الحجره اعادتها لواقعها المرير ، فتح اسماعيل الباب وادخل رأسه ، عايزه اتكلم
معاكي ، همست ، انا تعبت يااسماعيل خلاص ، تعبت ومش قادره استحمل تاني !!!!
ومازالت كلمات
الدكتور بهاء سياطا تجلد روحها وتبعثرها وجعا وحزنا !!!
(
7 )
إن كنت حبيبــــي
سـاعدنــي كــــي أرحـل عنـك
السيد رئيس مجلس
الاداره الموقر .. ارجو من سيادتكم التفضل وقبول استقالتي اعتبارا من اليوم ...
يوسف عبد الحكيم ..
حدق يوسف في
الورقه وطواها في الظرف الابيض وابتسم وكأنه تخفف من احمال طالما اثقلت روحه ، ابتسم
وودع مكتبه والجريده التي كان يعمل فيها ، اعجبته كلمه كان ، وقف علي الرصيف يؤرجح
ذراعيه حرا وكأنه سعيد واعطي ظهره لكل ماكان لايفكر في غده بعدما ارهقه امسه حتي
نسي يومه وحياته كلها!!!
(
8 )
يانار و يانار كونى برد
وسلام
وطهرى روحنا نقيم الصلب
وكونى نور مبدور فى قلب
الظلام
وإهدى قلوب متشردين فى
الخلا
يناوله الشيخ علي
كوب الشاي وسيجارة ، نص ساعه ونتحرك علي العين ، هناك حتشوف اللي لسه ماشفتوش ، بس
عايز اقولك كلمتين قبل مانتحرك ، يجلسا علي كنبه خشبيه تحت مظله من سعف النخيل
وبروده الفجر وهواءه الطازح يداعب وجوهما ، اسمعني كويس يايوسف ، محدش بيهرب من
دنيتكم يايوسف للصحراء الا والروح عليلة والعقل حيران ، يهز يوسف رايه يوافقه ،
يعني انت وراك حكايه وروايه وميت سؤال مالهمش اجابه ، يهز يوسف راسه ، طيب اسمعني
بقي ..
الصحراء تحب اللي
يحبها ، مش زياره يومين وتجري ، مش سايح بتتفرج علي الدنيا من فوق الوش ،الصحراء
تحب اللي يديها روحه فتفتح له حضنها وتريحه ، لو جاي يومين تلاته وناوي ترجع ،
ارجع وادي انت اتفرجت علي شويه مناظر ونصورك تصويرتين تقول لاصحابك بيهم انك
اتفسحت كويس !!
صمت الشيخ علي
وعينيه كعيون الصقر نافذه تخترق يوسف تبحث عن اجابات حقيقيه ، انا ياشيخ علي مش
جاي اتفسح يومين ولا جاي اغير جو ، امال جاي ليه يايوسف ، جاي ادور علي معني
الحياة وقيمتها ، لما قريت عن سيوة عن الواحه عن معني الحياه وسط الظروف القاسيه
عن الشجر اللي مصمم يعيش وسط عواصف الرمله ، لما قريت عن التاريخ والاثار وعنكم ،
حسيت اني لازم اجي واسلم روحي للواحه تشفيها ، كل اللي قريته يايوسف كوم واللي
حتعيشه كوم تاني ، لو عشت غريب تفضل غريب وتفضل الصحرا قافله قلبها في وشك ، تضحك
لك وتغشك ، لو بقيت واحد منا تحاجي عليك وتصونك وتبوح لك بمكنونها وسرها ، الصحرا
حياه يايوسف غير اي حياه ، حياه قاسيه صعبه خشنه مايقدرش عليها الا صاحب الاراده ،
من غير ارادتك هنا تتوه تضيع يتردم عليك ومحدش يحس بيك !!!
يناوله سيجاره
اخري وكوب صغير من الشاي والنهار مازال يتحسس طريقه ليبدأ ، انت عاشق ياولد ؟؟
ابتسم يوسف ، مش بالضبط ، سلم قلبك للصحراء ياولد حتعرف ، لو اللي عاشقها تساوي
حتساوي وتساوي ، لو اللي عاشقها ماتساويش حتنساها قبل ماتفكر فيها ، الصحرا حتدلك
علي الطريق اللي مكتوب عليك تسير فيه ، المهم ، اه ياشيخ علي ايه المهم ، المهم
تنسي كل اللي ورا ضهرك وتسلمنا روحك واللي مكتوب علي جبينك حتشوفه ، يالا بينا بقي
، علي فين ياشيخ علي ، ضحك الشيخ علي ضحكات متلاحقه خشنه ، الصحراء كبيرة وتجاربها
كتير واللي تقدر تعمله حتعمله ، قوم معايا وخلينا ننهض النهار قبل الشمس ماتحرقك
وانت لسه قاعد بتفكر ، قوم و............ ركب يوسف السياره مع الشيخ علي صوب مجهول
لايعرفه لكن استكان للصحراء واسرارها علها تشفيه من حيرته وتهديه للمكتوب علي
الجبين !!!
( 9 )
ستفتش عنها يا ولدى فى
كل مكان
وستسأل عنها موج البحر
وتسأل فيروز الشطئان
وتجوب بحارا وبحارا
وتفيض دموعك انهارا
وسيثقل حزنك حتى يصبح اشجارا
وستسأل عنها موج البحر
وتسأل فيروز الشطئان
وتجوب بحارا وبحارا
وتفيض دموعك انهارا
وسيثقل حزنك حتى يصبح اشجارا
يتصفح الجريدة
بملل كعادته النهاريه ، وقعت عينيه علي خبر عن افتتاح المعرض الجديد للفنانه مها
رستم " مدينة .. اعشقها " .....
ابتسم ساخرا من
الرومانسيه التي اختارت بها عنوان معرضها ، ابتسم ساخرا لكنه بسرعه خجل من نفسه ،
مدينة اعشقها ، ايه مدينه تقصدين ياسيدتي ؟؟ وسرت في روحه دفقات حنين للمدينة التي
يعشقها ولايعيش فيها !!
مدينة اعشقها ،
الاسم لفت نظره ودفيء روحه فاحس غبطه وانتابه الفضول ليري لوحات تلك الفنانه
الرومانسية الرقيقه ، هكذا قرر يراها ووصفها ورسم لها معالم في وجدانه ..
لن يذهب في
الافتتاح ، هكذا قرر ، يكره الطقوس الاحتفاليه والنفاق الاجتماعي والمديح الزائف
الذي يتطوع الجمهور في تلك الاحتفاليات في منحه للفنانه علي لوحاتها حتي ولو كانت
رديئه فجه لاتستحق اعجابا ولا مدح ، ساذهب يوما في منتصف الاسبوع ، ساذهب في منتصف
النهار ، الارجح سيكون المعرض خاويا من رواده ، لن يجد الفنانة الرسامه صاحبه
المعرض ، غالبا ستكون في صاله المعرض صباحا ومساءا وقت الزوار والصحفيين ، سيذهب
في وقت ميت ،لايكترث بمقابله الفنانه ، هدفه مشاهده اللوحات المعروضه بعيدا عن
التأثر بالرسامه ووجودها المادي ، لو اعجبته اللوحات سيكتب عنها ، ولو لم تعجبه
سيرحل عن المعرض سريعا وينسي الامر كله ..
مدينة اعشقها ...
مدينه اعشقها ، ويتمني لو يذهب الان ،الفضول يقتله ويزيد رغبته في اكتشاف الامر كله !!!
(
10 )
لم
أعرف أبداً يا ولدي..
أحزاناً تشبه أحزانك
أحزاناً تشبه أحزانك
جت لي اعاره
يايوسف مفروض اسافر اول الشهر ، الف مبروك ياسهام !!! كانت تتمناه يقول لها
لاتسافري وستعود بيننا المياه قريبا لمجاريها ، لكنها لاتعرف انه من بحث لها عن
سفر يبعدها والحاحها عن حياته ، لاتعرف ، مازالت تتمناه يعتذر لها عن خطئه غير
المقصود وقت طلقها في ساعه غضب ،هكذا تتصور الامر ، يبتسم كلما خطر بباله ماتفكر
فيه ، بليده كانت ومازالت ، لم تفطن ان حياتهما فشلت منذ ليلتها الاولي ، لم تفطن
انه تمني يطلقها قبلما يتزوجها ، تمني يفسخ الخطوبه لكن امه استحلفته برأس خالته
الا يفعل ويصغرها وسط العائله ، فتزوجها راضخا وعاش اتعس ايام حياته معها والتي لم
يشعر فيها تجاهها الا بكونها شقيقته الصغري التي تحتاج لقلمين علي وجهها حتي تكف
عن الشجار والالحاح والسخافه الذين لاتجيد غيرهم ، تتصور سهام ان يوسف طلقها في
ساعه شيطان وانه سيعود لها ويعيدها اليه وقتما يهديه ربه وان تأخرت الهدايه ،
لاتعرف انه فر من اسر زواجهما وتحرر وابدا لن يعود لها ولو كان من اجل بدر !!!
تسافري بالسلامه
وخلي بالك علي بدر !!!
اغلقت التليفون
غاضبه فلم يسمع ردها عليه وهي تسبه وتلعنه وتعلن ابواليوم الاسود الذي قبلت تتزوجه
كرامه لخالتها وللاسرة وسافرت ومعها بدر التي احتضنها يوسف بقوه في المطار وهو
يودعها وهمس في اذنها انتي حبيبة بابا ، فبكت وهي تتوسل له يسافر معها اويبقيها
معه ، يحترق بدمعها حزين لانها تفارقه لكنه لم يقوي يضيع بقيه حياته مع تلك السهام
ولو كان من اجل بدر !!
صوت رؤوف يتسلل
لعقله وسهام تسحب بدر بالقوه من حضنه حتي لاتفوتهما الطائره ، يتسلل له صوت رؤوف
يلومه لانه اناني ابن كلب فكر في نفسه فقط علي حساب بدر !!!
كاد يصرخ ، كف عن
لومي يارؤوف ، كف عن لومي وكفاياي مااشعر به و............. سافرت بدر ووجها
الباكي اخر ماودعته به ، تبكي وتناديه حزينه وهو ايضا حزين كان ومازال ...
(
11 )
والسحر
اللي احتويته
والبحر
اللي احتواني
والبحر
ابو الف موجه
والموجه
بالف حاله
وانا
المغرم صبابه
باسكندريه
يابا
امي كانت بتجيبني
معاها هنا ، فاكر وانا صغير ، كنا بنيجي كتير ..
يجلسا يحدقا في
البئر وقت الغروب والشمس تلقي بقايا اشعتها علي سطح الماء فيتوهج ، كانت تقولي
اتمني امنيه ،وتديني تعريفه ارميه ، مره طلبت عجلة ومره طلبت كوره ومره طلبت انجح
في المدرسه من غير مااذاكر ، كل مره هي كمان كانت تتمني امنية وترمي التعريقه ،
سالتها بتتمني ايه ، قالت لي اشوفك طيب !!
الاسي يكسو وجه
رؤوف وهو يحكي عن امه ليوسف ، لما عيت ، جدتي قالت لي ادعي لماما ربنا يشفيها ،
قلت لها هاتي تعريقه ، جيت هنا ، كان عندي عشر سنين ، قعدت ابوس في التعريفه واعيط
واقول يارب يارب ماما تخف ، رميته ، وبعد يومين ماما ماتت ، انا فاكر يومها قعدت
اصرخ وجدتي بتعيط وتحضني ، قعدت اقول لها ليه مشيت وسابتني ، انا رميت التعريفه
واتمنيت امنيه ، ومن كتر الصريخ اغمي علي ، وكرهت بير مسعود وبطلت اجي !!!
ينصت يوسف له
ولايوقف انسيابيه شجونه ، جدتي ماتت بعدها وفضلت انا والجنرال ، مره شفته بيعيط
قدام صوره ماما ، ومره سمعته بيشكي لها اني مش باذاكر ومش باسمع الكلام ، مره
ضربني لاني اتعورت في المدرسه ، قلت له حاشتكيك لماما لقيته اتخض ، يومها حسيت ان
ماما لسه عايشه وانها خفت وان امنيتي اتحققت ، رجعت اجي هنا تاني وارمي تعريفه
وبعدين قرش وشلن ، اتمني امنيه واحسها واقفه جنبي وبتسمعني ومره شفتها بتبتسم
ويمكن بتضحك لاني جيت ودعيت يارب الاتحاد السكندري يغلب الاهلي ، يومها امي ضحكت
وانا كمان والغريب ان الاتحاد غلب الاهلي !!!
يضحك روؤف وبعض
دموعه تتساقط علي وجهه ويضحك يوسف وتغيب الشمس تماما وترسم مصابيح الطريق حزنا علي
وجه البحر ، يالا بينا نروح نصلي العشا بقي مقام سيدي ياقوت العرشي ، مين ؟؟ ساله
يوسف ، انت ماتعرفوش طبعا ، بس حتعرفه وتحبه ، اقولك حاجه يايوسف ، لو حبيت سيدي
ياقوت العرشي يحبك ، ولو تتمني مايخيبش رجاك ويتشفع لك عند اللي خلقنا يديك وزياده
!! ينفجر يوسف ضاحكا ، انت بتجيب الكلام ده منين يارؤوف ، ايه الكلام الغريب ده ،
انت اصلك مصراوي وماتفهمش في اسكندريه واسرارها ، امي كانت تاخدني دايما للضريح ،
تقرا وتتصدق وتدعي وتتمني ولما اقول لها ليه ، تقولي عمري مارجعت الا ومجبوره
الخاطر ، بص يايوسف ، تعالي نروح ونصلي العشا وندعي وحتشوف بركه سيدي ياقوت حتحل
عليك ازاي ، امي اصلها ماكنتش تقول حاجه وتخيب ابدا !!!!
وسار الصديقين
معا علي الكورنيش يتسامرا ، رؤوف يحكي ويوسف ينصت ، فمعه عرف الاسكندريه كما لم
يعرفها ابدا ، رؤوف كشف ليوسف عن اسرار المدينه التي تصور يوسف انه يعرفها ، بكره
الصبح ، نطلع علي ابو قير ، جزيره نيلسون ، نعوم ونصطاد والست الغجريه تشوف لنا
الودع ، حدق فيه يوسف لايصدق مايسمعه منه ، بقولك ايه ، دي اسكندريه اللي امي كانت
تعرفها وعرفتني عليها ، عايز تبقي سايح مصراوي تيجي يومين تعوم وتروح براحتك ،
عايزها تاخدك في حضنها وتكشف لك عن اسرارها وتبوح لك وتسمع منك براحتك ، اختار
يايوسف عايز ايه ، توقف يوسف لحظه وكأنه سيقرر شيئا ، حدق في البحر وهمس لرؤوف ،
اصعب حاجه في الدنيا يارؤوف انك تختار !!!
ضحك رؤوف ، علشان
كده تروح لضريح سيدي ياقوت وتقولك يعينك فينيعك ، المهم تصدق ومن جوه قوي انه
حيعينك !!!
ومازال يسيرا
الصديقين علي الكورنيش والضوء الشاحب يتراقص علي موجيات البحر الصاخبه يرسم وجها
اخر للمدينه التي كان يظن يوسف انه يعرفها فاكتشف انه لايعرفها!!!
ومازالت المدينه
تبوح باسرارها للغريب الذي صار ابنا من ابناءها..
نهايه
الجزء الاول ويتبع بالجزء الثاني