مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 17 فبراير 2012

ابتسامه زيوس ودموع سعاد ( الجزءالاول )


ولا فرح يحلي بدون ما نتألم
واحنا ونس بعض اما ليلنا يطول
بتهون جراحنا لما نتكلم

( 1 )
المسرح

دقات ثلاث وفتح الستار ، لم يفهم الجمهور في القاعه مالذي يحدث ، لقد انتهي العرض ، لكن الدقات الثلاث تشير وكأنه سيبدأ مره ثانية ، خرج ادهم من الكالوس اليمين يصفق للجمهور فأنفجر الجمهوريصفق له بصخب اعلي ، ابتسم للجمهور فبادله البعض الابتسامات ، التوتر يخيم علي قاعه المسرح ، انتهي العرض لكن الصدمه مازالت تخيم علي رؤوس من بقي ومن غادر !!! بعض المقاعد خاليه ، بل كثير منها ،  تركها اصحابها وتسللوا من القاعه ، لم يتحملوا القسوة التي شاهدوها امام اعينهم ، يعرفوا ادهم ، لكنهم تصوروه نسي ، لكن ماشاهدوه امام عيونهم اثبت لهم بيقين انهم لم ينسي شيئا ، لو يعرفوا ماعرفوه بعدما انتهي العرض،  ماتحركوا من بيوتهم ، ومااستجابوا لدعوته وماشاهدوا عرضه الغريب ، بعض الجمهور التصق في مقاعده من هول الصدمه ورسم علي وجهه ابتسامه وكأن كل ماعرض امامه علي المسرح لايعينه ، كأنه لم يكن بطل المشهد ولا صاحبه ، التصفيق عاليا ، صوته غريب ، هل هذا تصفيق ام عويل او غضب ، لااحد يعرف ، لكنه تصفيق عالي مدوي ، وامام الجمهور علي المسرح ادهم يقف كالتمثال ثابتا مبتسما لايتحرك ، خفت التصفيق رويدا رويدا ، فجأ ، اخرج ادهم من خلف ظهره بندقيه آلية وقبلما ينتبه الجمهور لما يحدث او يتوقعه او يفهمه ، اطلق ادهم رصاصاته دفعات خلف دفعات وهو يضحك منتشيا ..... انقطع التيار الكهربائي عن قاعه المسرح وبقي صوت الرصاص عاليا وصراخ الجمهور وفزعه اعلي واعلي ......... ومازال اصبعه متشنجا علي الزناد ودفعات الرصاص تخرج عشرات عشرات الدفعه تلو الاخر والصراخ يزيد ويزيد !!!!
و.......... انتفض ادهم في فراشه !!! يسمع صوت الرصاص يدوي في اذنه عاليا مخيفا ...
انتفض في فراشه وكأن جدران حجرته تهاوت فوق رأسه !!!
اضاء النور ، اشعل سيجارة ، نظر في ساعته ، مازال الفجر بعيد والليل طويل !!!
يغمض عينيه فيعود الرصاص يدوي في الحجره ، يفتحهما لايصدق جموح احلامه ، يبتسم ، هذا ليس جموح ، هذه واقعيه ، نعم كنت اتمني احمل بندقيه الية واقتلكم جميعا !!!! ارتسمت ملامح مخيفه علي وجهه وابتسامته تتسع وتزيد ، الحقيقه ده ااقل ماتستحقوه!!!! واغمض عينيه مستمتعا بصوت الرصاص وصرخات الفزع !!!!ا

( 2 )
امنية

تهمس في الظلام ، وكانها تتمناه يسمعها ، لكنه لن يسمعها مثلما لم يسمعها طيله السنوات السابقه ، اتمناك تجتاحني ، كالفيضان تضرب شواطييء ، كالاعصارتقتلعني من ارضي وتغرسني في ارضك  ، كالسيول تغرقني ، كالبرق تنير ظلمه ليلي ، كالرعد تدوي في حياتي ، اتمناك غابه كبيرة بلاوحشة ، اتمناك مروج خضراء بلا توهة ، اتمناك باقه ورود بيضاء ، لكنك ياحبيبي كمثل الشمعه الصغيرة التي يتلاعب الريح بوهجها الصغير وتكاد تنطفيء ، لاتقوي تساعد نفسك فكيف ستساعدني ؟؟؟؟؟ همست امنية بعباراتها وانفجرت في البكاء لاتصدق انها تحبه كل هذا الحب وانه يحبها كل هذا الحب ولن يلتقيا ابدا !!!!
وفجأ ومض في عقلها سؤال مخيف ... هل يحبها فعلا ، وهل تحبه فعلا ؟؟؟؟
هنا ، ازداد بكاءها وصمتت تمام لاتصدق ماتفكر فيه !!!
سنوات سبع مرت ايامها وهي لم تفكر ابدا في هذين السؤالين البسيطين !!!!!
صحيح ، هل يحبها وهل تحبه !!!
سبع سنوات ياامنيه ولم تسالي نفسك هذين السؤالين البسيطين وتنتظري معجزه لم تتحقق بعد !!!!
هل ستتحقق ؟؟؟؟

( 3 )
امنية

امنية حبيسة في قلبي وروحي كل السنوات التي عشتها والتي وعيت عليها وبها !!!
امنيه بسيطه ... نفسي انبسط زي كل الناس !!!
لا ......... نفسي انبسط زي مااستحق انبسط !!!
انا مش زي كل الناس ولن اقبل اكون مثلهم ، انا احسن منهم جميعا ونصيبي في الحياه سيفوق نصيبهم كلهم !!!
نفسي انبسط يادنيا ، امتي بقي يابنت الكلب حتوريني الوش الجميل !!!
ضحك سعيدا لانه يسب الدنيا ، لانه قوي حتي يسبها ، ضحك سعيدا لانه صار اقوي واقوي مثلما تمني طيله العمر حتي وصلت قوته لدرجه انه لم يعد ينافق الحياه ولا يخشاها ، صار اقوي حتي قوي يسب الدنيا وامها وابيها !!!!
ابتسم ادهم امام المرآة معجبا بنفسه وقوته ، لون وجهه المتعب بلون التفاؤل والقوة ،  وخرج من البيت الذي يكرهه للشارع الذي يكرهه وسار طويلا حتي وصل للميدان البعيد الواسع ، هناك الشمس تلون الميدان بدفء يحبه !!!
ابتسم للشمس وللميدان و............... لن ابقي طيله حياتي في ذلك القبر الذي دفنوني فيه قبلما اولد ....
في طريقه للكلية لمعرفه نتيجته !!!
اليوم سيتحدد مصيره ومساره ..
سينجح بتفوق مثل كل عام وسياخذ شهادته ويبدأ حياته التي طالما فكر في كل تفاصيلها ..
اليوم بدايه الحياه الحقيقيه ، سينجح بتفوق كالعاده ، ستبكي امه فرحه بنجاحه كالعاده ، سيصمت ابيه كالعاده ، سيهرب من البيت لايتحمل ضجيج امه ولا كلماتها الفارغه عن تعبها الذي اثمر ولايفهم صمت ابيه الذي فاق ابو الهول وكأنه صنم لايشعر ولا يكترث ، سيفر من البيت ويجلس علي النيل في المنطقه التي اعتاد الفاشلين الذهاب اليها للانتحار كرها لحياتهم ، سيذهب اليها ويبتسم ، انا الذي ساغير اسمك من ملتقي المنتحرين لساحه السعداء ، ساذكر الناس بانه في يوم من الايام جلس علي ضفتك شاب ناجح ومتفوق وسيزداد نجاحا وتفوق ، في يوم من الايام ساصرح للحياه اني كنت احتفل بنجاحي في نفس المكان الذي انهي فيه الفشله حياتهم ، نعم اتيت لهذا المكان بالذات لاغير التاريخ والجغرافيا ، سيهرب لضفه النيل ويحدق في مياءه المتدفقه المتحركه ويرسم امنياته علي وجه الماء كالموجات الصغيرة ، لن تبقي امنيات ، اليوم بالذات وبعدما اتاكد من تفوقي ونجاحي وتخرجي من الجامعه ، ستتحول الامنيات البعيده لحقيقه ساعيشها وبحق ...
سار تحت شمس الميدان سعيدا ، حياته توشك تبدأ واحلامه توشك تتحقق واخيرا ستنال ماتستحقه ياادهم يانور ....
واكمل  سيره بخطوات تبدو واثقه وكأنه ملك يحلق فوق السحاب !!!!

( 4 )
ام المعارك

ترك سيارته الفارهه امام منزله الانيق ، سار بخطوات بطيئه صوب الباب ، فتحه ، القي بجسده فوق المقعد الوثير في الظلام ، يحب الظلام يلفه ويترك لخياله المريض العنان ، اغمض عينيه وكأنه سينام و.............رحل بعيدا للبيت القديم والجدران العطنه والذكريات الغائمه والقي بنفسه وسط مشاعره الموحشه وبدأ حلمه المتوحش !!!!
في الحلم دخل حجرته مسرعا ... اطفيءالانوار عدا قبس صغير يسقط ضوءه علي المنضدة امامه ..
اخرج الخرائط من درجه السري تحت ملابسه القديمه التي لاتمتد لها يد  ..
فتح الخرائط واخذ يحدق فيها واحده واحده ، يمسك قلم رصاص يعلم به فوق النقاط المهمه التي سينطق منها خط سيره ، يحدق في الخطوط والمسارات ، نقطه البدايه ونقاط النهايه المحتمله ... يحدق في الخرائط اكثر واكثر ، اكثر من مسرح للنزال واكثر من معركه تنتظره ، لكن كل الدروب تقوده للانتصار ، او هكذا كان يظن ، سيخوض كل المعارك في وقت واحد ، اعده نفسه جيدا لتلك اللحظه ، الم شديد ينتظره لكنه الم الساعه الذي سيحميه من الم كل ساعه .... اليوم وغدا عليه يحسم كل المعارك وينتصر !!! ليس امامه الا طريق الانتصار ، عليه يخوضه مثخنا بجراحه ويعبره وينتصره ، ينتظر طيله عمره تلك اللحظه ، لحظه الانتصار في كل المعارك ، في ام المعارك !!!!
يحدق في الخرائط ويحدق ، وعقله يتمزق شظايا من كثره التفكير ، يناقش كل الاحتمالات ، يفكر في الخطوات ، يراجع كل الاستعدادات ، اليوم اما النصر واما الموت و.......لايملك رفاهيه اختيار الموت مهزوما ، الموت هزيمه والانتظار هزيمه والتروي هزيمه ، الان ياادهم  ليس امامك الا النصر وليذهب كل العالم للجحيم !!!!
يحدق في الخرائط ويحدق و........... يسقط رأسه علي صدره وكأنه نام ، انفاسه بطيئه ثقيله متتابعه ، كأنه اختطف لعالم اخر ، رحل بروحه من الجسد المتعب للعالم الاكثر براح ، ينام ويذهب وعيه بعيدا عن الحجرة الضيقه وضوءها الشاحب ورائحتها الكريهه ، يذهب بعيدا لارض المعركه التي طالما رسم تضاريسها واستعد لها واعد نفسه وروحه واوجاعه واحلامه لخوضها والانتصار فيها .... نااااااام وبدأت احلامه تتبدي ، ياادهم طول عمرك عايش في الاحلام ، احلام اليقظة واحلام النوم و.........الحياة التي تريدها مازالت بعيده ، لا لم تزل بعيده ، الحياه كانت بعيده واصبحت قريبه المنال ، عليك فقط تتحمل كل الجنون الذي ستعيشه اليوم وغدا حتي تنتصر!!! تحمل ياادهم تحمل ، فات الكتير لم يبق الا القليل !!!!!!! وغاب ادهم عن الوعي وسقط جسده فوق خرائطه وارض معاركه ومسرح انتصاره !!!
غرق في النوم وغرق وغرق و............. تتابعت انفاسه هادئه راضيا عن معاركه التي قرر يخوضها ، واستيقظ من نومه تلتفت برأسه في الظلام ، مازال فوق مقعده الوثير في منزله الانيق ....
اشعل سيجاره وابتسم ، حان الوقت لام المعارك وابوها كمان !!!
اخذ نفس واثنين وثلاثه من الدخان واخذ يراجع في راسه كل التفاصيل ، الاعداء والاسلحه وساحه النزال والرغبه العارمه في الانتقام !!! ومازال الظلام يلفه والليل طويل !!!!

( 5 )
امنية

خلقت وسط ضلوعه ، فلم يفهمه  في العالم غيرها  ....
خلقت من ضلعه المستقيم ، فلم يؤرقه غيرها ...
كل اضلعه معوووووجه ومنها نبتت افكاره وقيمه ومبادئه وامنياته واحلام الشريرة وخياله المريض ورغباته الانتقامية ...
هي فقط التي خلقت من ضلعه المستقيم ، فكانت كالخنجر يشق قلبه ، الضلع المستقيم الوحيد اثمر زهرة حياته التي تسرق بجمالها لبه وروحه وتذكره بكل الجميل الذي يعيده انسان فيكرهها ويكره استقامتها وبراءتها ويكره روحه !!!
دمائها دمائه ونبضات قلبها علي ايقاع نبضاته وروحها تسري في روحه ، تفهمه !!!
تفهم راسه وتلافيف عقله وتقرأ تضاريس روحه ...
هي تقبض علي مفاتيحه ، تعرف اي الابواب تفتح واي الابواب تغلق ومتي ولماذا !!!
تقبض علي مفاتيحه ، تلمح وسط كل الزيف نثرات الصدق في روحه ، تلمح وسط كل الوحشه شذرات الطيبه في قلبه ، تلمح وسط كل الوجع والتوحش انسانيته التي يخفيها نقطه ضعفه !!!!
اااااااااه ياامنيه من هذا الفهم ...
اخاف منك ، احبك واخاف منك ، اخاف تري حقيقتي تكرهيني !!!
اخاف منك ولااقوي علي حبك ، هي صداقتك فقط التي اتحملها وتتحملني !!!ا
اخاف احبك واكاشفك بضعفي وعذاباتي فتكرهيني ، الصداقه تبعدني عنك خطوه واحده احتاجها لابقي ماء وجهي مصونا ولابقي كرامتي في عينيك .. لااخفي عنك حقيقتي ، اخف عنك اسوء مافي ، اوحشه ، اقبحه !!!
كل مااخبئه عنك لاني احبك ، لااقوي اكشف لك مواطن ضعفي توحشي سفالتي وحشتي ، انا ياحبيبتي التي احبك وانا مذبوح ، احد لايري دمي الا انت ، احد لايشم رائحه القيح من جروحي الا انت ، احد لا يري المتوحش السافل القابع داخلي يسن انيابه ليتقص من البشر الا انت ، لماذا تحبيبني ؟؟؟؟
اخاف من حبك !!! لو سلمت لك نفسي لضعفت ، لو استمتعت برحيق زهورك لروضتني الايام ، لن امنحك روحي الموحشه لترويها بقطرات نداك فتثمر زهورا ورياحين ، لن اترك لك انيابي لتخلعيها ، لن اترك لك اظافري لتقلميها ، لن اترك لك توحشي لتهذبيه ، لو افلحت معي لهزمتيني ، لو اعديتني انسان طيب كما تظنيني لهزمتيني ، لن اقوي علي العيش مع كل الهزائم التي عشتها دون قصاص دون انتقام دون عقاب دون انتصار !!!
انت صديقتي وحبيبتي وانت تعلمي وانا اعلم ، لكني لن احبك ولن تحبيني وانت موافقه وانا موافق ...
اليوم هذه علاقتنا اما غدا ... دعي الغد لما سيحدث فيه !!!
دعيني اكمل مسيرتي ونحن اصدقاء وبعدما اشفي من اوجاعي ساعود اليك وعلي عتبتك اعترف بحبك وابثك غرامي واقبل راسك وقدميك ، وقتها ساعترف بحبك ونواقصي وبمرضي وكيف شفيت منه ، وقتها سااتيك منتصرا مرفوع القامه ولن اخذلك وقتها ولا في اي وقت ... دعيني اليوم مثلما انا وانتظريني حتي يأتي يوم نصري فااتيك معترفا محبا عاشقا كما تتمنين !!!
انتظريني ياامنيه ، انتظريني حتي افرغ من معاركي واعود لك ابكي في حضنك الدافء لتطيبي جروحي وتعافيني ، الان لااقوي علي حضنك ودفئه ، يستجلب دموعي وهذا ليس وقت الدموع ، لو بكيت لضعفت وانا اشحذ كل قوتي لهذا اليوم ، انتظريني ياامنيه ، سافرغ من الحروب واعود لك برايتي البيضاء مستسلما لانسانيتك الحنونه ، وقتها سانام في حضنك وابكي ، ساقص عليك قدر عذاباتي ، ساحكي لك اوجاعي وهزائمي ، لن اخجل منك وانا اعري روحي اكشف عن ضعفها الذي كان ولم يعد ، سانام في حضنك ابكي واكشف عوراتي ، كيف كنت صغيرا مهزوما مقهورا ، كيف كانت الدنيا تغلق ابوابها في وجهي ، كيف كسروا اجنحتي وتركوني اتعثر بين السماء والارض ، لاازحف علي الارض مثل السحالي ولا احلق مثل النسور ، ساقص عليكي كيف كسروا ساقي وتركوني قعيدا وسط السباق فهزمت قبلما ابدء المنافسه ، انتظريني ياامنيه ، انتظريني يااجمل من عرفت ، انتظريني انتقم من الحياه واعود لك طاهرا استحقك واستحق حبك ، الان انا شجره صبار ، اشواكها ستوخزه ومرارها سيسمم حياتك والصحراء التي تحيطها ستجدب روحك ، انتظريني حتي اعود سنديانه كبيره او جميزه وافرة او شجرة برتقال عطره الاوراق والثمار والوجود !!!!
هل ستنتظريني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

( 6 )
صورة ضبابية

صورة ضبابية تطارده ، في احلام النوم وفي صمت اليقظة ، يلمح طفل صغير في يد امه ، مرتبكا ، يتواري خجلا خلف جلبابها الاسود وهي تقبض علي يده ، سيدة بجلباب اسود تقبض علي يد صغيرها ، هل هو وحيدها ، هل واحد من ابنائها الكثر ، هل صغيرها واخر عنقود خصوبتها ، لااحد يعرف ، فالصورة الضبابية لا تشرح نفسها ولاتجد من يترجم مشاهدها لواقعة مفهومة...
هل يبكي الصغير ، نعم يبكي ، تترقرق دموعه فوق وجنتيه وهو يجذب روحه من قبضة الام التي تعتقله بين اصابعها ، يشعر اختناقا من قبضتها ووجودها ، يتمني لو يفر من قبضتها ومن حياتها ، بل يتمني يفر من حياته !!!
مبكرا فطن الصغير انه كل شيء لايعجبه !!! وعد نفسه وقتما يكبر انه سيغير الحال وسعيش فقط مايعجبه ، لكنه كبر وكبر وعاش كل مايكرهه واحس الضألة وقله الحيله وهو عاجز عن تغيير الامور ، وعد نفسه ثانيه وبمنتهي الحسم ان مايحدث سيتغير ، لن يبقي الابن الصغير الفقير لتلك السيدة التي تسحبه من اصابعه تكاد تخلعها ....
ياحرام ياادهم ، هكذا يقول لنفسه كلما قبضت الحياة علي روحه ، يقولها ويغضب ، هو لايستحق الشفقه ولن يقبلها ، هو اقوي منها ومن كل الظروف المحيطه حوله ، سيهزمهم جميعا وينتصر عليهم جميعا ، هذا مايقوله لنفسه ويصدقه !!!
سيأتي يوما ، ساكتب اعلان انتصاري باحرف من نور !!!
اليوم ، اليوم فقط وبعد كل الهزائم التي تبعثر الامم وتقتل الارواح وتؤد الامل وتشيع اليأس ، اليوم فقط انتصرت !!!
تصفيق حاد ، مشهد جميل يستدعيه لخياله ويستحلب لحظته وفرحتها وسعادتها وينتشي !!!!
انها الخطبة التي سيلقيها من فوق اعلي قمم الحياة معلنا انتصاره !!! يسمع كلماته ودويها ، صدي صوته وعذوبته ، يسمع التصفيق الحاد الذي سينهي كلماته النهايه الجميله التي يتوقعها وينتظرها !!!!
يبتسم ابتسامه واسعه وينفث دخان سيجارته في الهواء ويهمس و.......... سيظل للحياة جمالها مهما قست عليك ياادهم !!!!
يهمس ادهم للطفل الصغير في الصورة الضبابيه ، ماتعيطش ياحبيبي ، يتمناه يسمعه فيغير المشهد الذي يطارده سنوات وسنوات!!!
يسأل نفسه ، هل همس احدهم ذات يوم للصغير ، لاتبكي ياحبيبي ، لو قالوها له واخذوه في احضانهم وربتوا عليه وهدءوا مخاوفه وبددوا روعه وفزعه ، ربما لتغيرت الحياه ، لكن احد لم ينتبه لبكاءه ولانحيبه ولم يري دموعه ولا اخاديد لهبها فوق روحه ووجه ، تركوه يبكي بائسا فصنعوا له حاضر ومستقبل مريرين ووضعوا نصب عينيه هدفا لن يحيد عنه ، سيأتي يوما تتغير الحياه لتصبح كما اريد ، لن ابقي اسير ظروفكم والهواء الفاسد بين جدرانكم وانسحاقكم وفقركم !!!!
لو مستحتم دموعي لشفيتوني من همي الذي لازمني العمر كله ، لكنكم كنتم من الغفله لحد لم تروا دموع لحظه الوجع وانا صغيرا فبقيت ابكي العمر كله دموعا جافه كمثل اعواد الشوك التي حرقتها الشمس مكانها وصادرت علي وجودها بحرقها...
ومازال ادهم الصغير يبكي ومازال ادهم الكبير يتوجع ومازالت المعارك تنتظرهما ...
من الذي سينتصر ومن الذي سيهزم وكيف سيكون النزال ؟؟؟؟
ينتفض ادهم من فوق مكتبه الانيق في الشركه الكبيرة التي يعمل بها ...
ينتفض وطرقات باب غرفته يدوي وكأنه طبول الحرب ، ينتفض ويتلفت حوله وكأن احدهم يراقبه ، كأن احدهم كشف سره ولمح الصورة الضبابية التي يخفيها عن اعين المتلصيين وسهام الاعداء ، ينتفض وينفجر العرق البارد فوق جبهته وكأن حمي مباغته اصابته ، يفتح الفراش العجوز باب الغرفة ويساله عمااذا كان يحتاج شيئا قبل رحيله لان ساعات العمل انتهت ، يهز راسه نفيا ويلعنه في سره ، اعرف ياعم مجاهد ان اليوم خلص ، روح انت لمراتك وعيالك والقهوة ، انا لسه قاعد مش حاروح ، اروح لمين ، روح انت ياعم مجاهد وسلم علي مراتك وعيالك و.......لاينطق حرفا واحدا فقط يهز راسه نفيا فيهم مجاهد اجابته ويغلق باب الحجره ويرحل ، يبقي ادهم يحدق في الصورة الضبابية التي تطارده ، متي ستمزقها ياادهم ؟؟؟؟
سؤال يباغته ، متي ستمزق تلك الصورة وتضع في اطارها صورة اخري اجمل لاتخجل منها ولا توجعك ؟؟
يضحك ضحكات هستيريه خرساء ، ليس مهم الصوره التي تعجبني بل المهم التخلص من الصورة التي افسدت حياتي ، ويقرر ادهم يمزق الصورة الضبابيه التي تطارده ، بمنتهي الغل والقسوة يمزقها ، يفتح النافذه ويبعثرها شذرات صغيره في الهواء ، يري امه تسقط في الهواء ، وابيه ، يري طفولته تتبعثر ، يري دموعه تنهمر ، يرتبك ويخجل ، وكأن العالم كله شاهد الصورة التي طالما اخفاها ، يشعر نفسه عاريا بلا ورقه توت وكأنه يطرد من الجنه ، يتصور ملايين البشر سيقفوا تحت نافذته يجمعوا قصاقيص الصورة ويجمعوها ويروه منسحقا ، يتمني يحلق ليلملم الصورة الممزقه ويجمعها ويخفيها مره اخري ، لكنه ليس عصفور ولا نسر ولن يكون ، ولا الملايين تقف تحت نافذته ولااحد يدري بما يعتمل في نفسه ، يحدق في الفراغ والقطع الصغيره للصوره الضبابيه تتطاير في الهواء ويعرف ان كل منها سيعود له وحشا كاسرا في احلامه ويقظته !!!
لم اتركها صوره واحده تصارعني ، بل مزقتها الف صوره ليصارعوني جميعا وكأني لم اكتف من كل الصراعات في حياتي !!!
ويعود لمكتبه ومقعده الوثير ودخان سيجاره ويبتسم ....... هانت !!!!

( 7  )
ليلة العرض

علي فراشه في الحجره الصغيرة نائما يحدق في السقف ، يري المسرح وستائره الحمراء ، يسمع الدقات الثلاث تشد الانتباه وتخطر الجمهور الجالس في الصاله الكبيرة ان المسرحيه اوشكت تبدأ ... يحلق بعيدا عن الجدران الضيقه التي تخنق روحه و......... يقف خلف الكواليس مبتسما ، انها ليلة العرض !!!
تحمم وتعطر وحدق في المرأة التي تكشف روحه فيبتسم فرحا ، اليوم روحه تبرأ من جراحها ، اليوم تتعافي من اوجاعها ، اليوم تلملم نفسها بعد بعثرة السنوات الكثيرة ...
اليوم ليلة العرض .... حفظ كل الادوار وكل العبارات ، حفظ الحركه وكيف سيروج ويجيء ، حفظ التعبيرات والملامح التي سيمنحها لكن الممثلين الثانويين في العرض ...
كتب النص وقصته ، سيناريو وحوار ، رسم المسرح وشيد ديكوراته ، صمم الملابس والوانها ...
اخرج النص ، استدعي كل الممثلين الثانويين واملي عليهم ادوارهم ، انا البطل الاوحد وانتم كومبارس ، ادوراكم معروفه ، تعيشوها في الحياة ، اعرفها لاني عشتها معكم ، ليس مهما كيف عشتها ، المهم اني شاركتكم لحظاتها ، وقتها كنتم الابطال وكنت انا الكومبارس اليوم ، انا البطل الاوحد ... انا الذي كتبت النص واخرجته ، انا الذي استدعيتكم من الذاكره والنسيان ومتاهات الوجع ، انا الذي احييتكم من موتكم ، استدعيتكم لتمثلوا امامي ، حان وقت تصحيح المسارات ، كفاكم ماعشتوه وحان وقتي انا لاعيش !!!!
خلف الكواليس يقف ادهم ، يسمع همهمات الجمهور الصامت في الصالة الكبيرة !!!
جئتم لتتفرجوا علي مره اخري ، تتصوروا انكم ستذبحوني للمرة المليون، من قال هذا ؟؟ لازلتم تفكروا بعقلياتكم القديمه ، الخناجر التي تخفوها خلف ظهورهم تسطع في الظلام تحذرني من غدركم !!!
جئتم لتتفرجوا علي مرة اخري، جهزتم دموعكم لتبكوا بعدما تشعروا كالعاده بالشفقه تجاهي ؟؟؟!!!
يضحك ضحكات شريره عاليه ، اغبياء انتم ، مازلتم اغبياء ، تتصورا انها حفله الهزيمه الكبري ، اعددتم اسلحتكم لقتلي مره جديده ودموعي لتسكبوها اشفاقا علي الرجل المجنون الذي عاش مقهورا يهذي وكأنه فقد عقله !!! مازلتم اغبياء ، تفكروا بطريقتكم القديمه ، تتصوروا اني كما انت ، وانتم كما انتم ، الا تعرفوا ان الارض كرويه ، تلف حول لنفسها وتدور حول الشمس ، الا تفهموا في تعاقب الليل والنهار ، الا تعرفوا ان ربكم وربي وحده له الدوام وان البشر دوام حالهم من المحال ، الا تعرفوا كل هذا ، اذا كنتم تعرفوه كيف فكرتم في ، تصورتم ان كل الاحوال ستتغير الا حالي انا ، سابقي مثلما تعرفوني ، طفل صغير يبكي بدموع حارقه في يد امه التي تسحبه كالشيء بلا اراده وسط العالم القبيح الذي تعيشه هي وابيه !!! تصورتم ان كل الاحوال ستتغير الا حالتي انا واني ساظل مثيرا للشفقه جالبا للدموع مثلما عرفتموني !!!
يالكم من اغبياء !!!!!
صوت الهمهات يعلو من الصالة !!!
ينظر في ساعته ويبتسم ، الان سافتح الستاره وسابدء العرض !!!
يتمني يهمس للجمهور الجالس في الصاله ينتظر بدايه المسرحيه ، يتمني يهمس لهم ، تمالكوا اعصابكم فهما تصورتم ماستشاهدوه ، ستشاهدوا ماسيصدمكم اكثر وماسيوجعكم اكثر ، انها لحظه الحساب والقصاص والعقاب ، انها لحظه انتصاري وهزيمتكم !!! وفروا دموعكم لانفسكم ، ستروا كم كنتم قساه غليظي القلوب باردي الدم اجلاف ، ستروا كم اوجعتموني وستتوجعوا قدري مليون مره وقتما ارد لكم الصاع مائه صاع !!!!
ينظر في ساعته ويبتسم ، حان وقت العرض !!!!!!!!!!!!!!
it is the show time
تصفيق حاااااااااااااااااااااد .... هذا مايسمعه ادهم يدوي في اذنيه وقلبه يحطم جدران الصمت والعزله والهزيمة !!!
مازال نائم علي الفراش في الحجره العطنه يحدق في السقف ، يرسم مشاهد مسرحيته التي ستتابع مشاهدها الواحد تلو الاخر في ذاكرته  ، هو المؤلف والمخرج والبطل ، هو كل العالم في تلك اللحظة لايكترث باي شيء اخر سواه !!!!
مازال نائم في الحجرة العطنه او هكذا يتصور ، الحجره العطنه مازالت تأسر روحه واحلامه ، وفراشه الوثير مازال عاجزا عن اجباره علي الاحلام المفرحه !!!!

( 8 )
امنية

لانها خلقت من ضلعه المستقيم فهي تفهمه .. سالت نفسها ذات يوم ، هل هو نصفي الضائع التائه ، هل لن اكتمل الا بوجوده ، هل هو شطري المقسوم بعيدا عن شطره الاخر ، هل  زيوس رب الارباب وسيد الالهه ، قسمنا بسيف غضبه وبعثرنا بقوة ريحه وحكم علينا في ملكوته بالشتات والضياع حتي يجد احدنا الاخر !!!!
سالت نفسها كثيرا هذا السؤال وهي تتعذب من وجود ادهم في حياتها لكنها لاتقوي علي اخراجه منها !!!
هل انت نصفي الاخر ياادهم ؟؟؟ اسئله بلا اجابات ، وجود ادهم في حياتها يفتح الاسئله ولا يجب عليها !!!
ادهم شخصيا هو السؤال الاكبر الذي حطم رأسها بحثا عن كل اجاباته !!!
هل انت نصفي الاخر ياادهم ، وحياتي لن تتكامل ولن تكتمل الا بك ؟؟؟
مالها تتصوره  يسال نفسه ذات السؤال ، هل انتي نصفي الاخر ياامنية ؟؟؟
هل مايجمع بينهما مجرد اسطورة قديمه بطلها زيوس ؟؟؟
ثلاث اعوام مرت منذ شاهدته للمرة الاولي في عيد ميلاد صديقه قديمه عمر صداقتهما بدأ من ايام الطفوله والجدائل الطويله ، اعجبها اناقته واعتداده بنفسه ، فهمته وقتما حدقته في عينيه ، قرأت كل الاسطر المتوارية في كتابه ، احست حزنا لم يدركه الا هي ، واثق في نفسه لحد يربك الاخرين ، احدا لن يفهم حقيقه مشاعره الا هي ... انت قصه وحكايه ايها الرجل الغامض ، قررت تخترق حجبه وتفك الغازه .....
اقتربت منه ، عرفته بنفسها ، انا امنية وانت ؟؟
ادهم نور ... همس وهو يتأملها وبسرعه ، جميله تلك السيدة وذكيه ، اخاف من النساء الذكية ..
انا صاحبة سناء من ايام ابتدائي وانت ؟؟
انا زميلها في الشغل من اول مااتعينا سوا ..
انيقة البذله التي يرتديها والكوفيه الحرير التي يدسها في عنق القميص الفاخر ..
اظافره نظيفه وكذا حذاءه ، السيجاره تنام بين اصابعه بعشق وكأنها حبيبته ...
اعجبها هذا الرجل ، الاخطر انه شحذ عقلها للتفكير ، شيء ما يخفيه هذا الرجل الانيق ...
متجوز ؟؟؟ ضحك ضحكات متتابعه ، لا تتجوزيني ؟؟ ضحكت ضحكات عالية صاخبه ...
يعزفا معا علي نفس السلم الموسيقي وبنفس النغمات والروح والايقاع ...
طيب نتعرف الاول ، همست امنية ، ضحك ووافقها ، انا بقول كده برضه !!!
اقتربت سناء ، ادهم وامنية وافقين بيتكلموا مع بعض في الزحمه .. تفحصهما بنظرات عميقة ، كانها تقول ستنشأ بينكما قصه في بيتي ، مالذي جمعكما وبسرعه ؟؟ ومالذي سيحدث لكما ؟؟ هل ستشكروني ام تلعنوني ؟؟؟؟
ادهم كويس انك قابلت امنيه ، من زمان قوي نفسي تتقابلوا ، فيكم حاجه تشبه بعض !!! بصخب قالت لهما سناء ماقالته لاتعي معناه الحقيقي ولاتعرف الاوتار الحساسة التي عزفت عليها بعباراتها البريئة !!!
نعم ، كليهما يبحث عن اخر يشبهه !!!
كليهما يبحث عن نصفه التائه !!!
وعبارة سناء مست اوتار الفضول والتمني عن كل منهما دون تدري !!!
صوت يدوي في اذن امنية ، هل ماسيجمعنا اسطورة قديمه بطلها زايوس ؟؟
ضحك ادهم ، وهو انا حلو كده ، ضحكوا جميعا لكن شيء ما ينسجه الزمن في تلك اللحظه بين الغرباء .. ربما ليسوا غرباء !!
لا بجد ، انتم تشبهوا بعض بس مش عارفه في ايه ، امنيه ، ادهم زميلي في الشغل ، راجل جدع قوي ، لما عرفته قلت ادهم بيفكرني بحد ، اه بيفكرني بامنيه ، بجد ليه مش عارفه لكن فيكم حاجه شبه بعض ، همست امنيه ، خلاص ندور احنا بقي علي الحاجه دي ، نظرت لادهم بثقه ، صح ؟؟ هز راسه ، صح جدا !!!
الم اقل لكم ان الاوتار الحساسة قد مست بعبارة سناء التي تقصدها او لا تقصدها !!!
هل ماسيجمعنا اسطورة قديمة بطلها رب الارباب وقتما اصدر حكمه علي الارواح بالشتات تبحث عن نصفها الاخر لتتكامل !!!
بس خلي بالك منه ، كل بنات الشركه ومصر بيجروا وراه وهو بيجري منهم !!! حذرتها سناء بمنتهي الجديه ، لكن من قال ان القدر يغير مساراته بالتحذيرات ؟؟!!!!
سالته امنيه ببراءه ، انت بتجري منهم صحيح ؟؟ وقبلما يجيبها لحقته بسؤال ثاني ، طيب بتجري ورا مين انت بقي  ؟؟
ضحك ادهم وكأنه ماتقوله سناء غير صحيح ، سناء بتهرج ، لاحد بيجري ورايا ولا انا بجري ورا حد !!!
ضحك لانه كاذب وضحكت امنيه لانه كاذب واكملا حديثهما وكأن تلك الكذبه البيضاء ليس لها اي قيمة امام ماسيحدث بينهما !!! 
تمني ادهم يقول لها ، باجري وراكي ، لكنه تصورها لن تصدقه ، لكنها سمعت جملته المخروسه وصدقتها ...
انت متجوزة ؟؟ طبعا لا امال وافقت اتجوزك ازاي !!! انفجر ادهم ضاحكا ، صحيح غبي ازاي مخدتش بالي !!!
وانهمكا في حديث صاخب لايقصدا اي كلمه فيه ، او كأنها لا يقصدا !!!
تركتهما سناء لترحب ببقيه ضيوفها ونسيتهما ...
سرعان ماابتعد كل منهما عن الاخر منشغلا ببقيه الاصدقاء وصخب الحفله ، ابتعدا عن بعضهما لكن السطر الاول في قصتهما بقي يذكر كل منهما بوجود الاخر في نفس المكان والزمان و........ان فيهما حاجه شبه بعض ، يذكرهما وهي بالاخص يذكرها بزايوس وسيف حكمه البتار !!!
مر وقت الحفله سريعا ، قبلما يرحل ذهب لها وودعها وطلب تليفونها ، اعطته الورقه التي كتبت فيها الرقم وطلبت تليفونه ، وعدها ، اكيد حنتكلم ، ضحكت ، اكيد ، كانت واثقه انه سيكلمها وسيقترب منها وان بينهما شيء ما ، وقتهما لم تكن تعرفه ، لكنها ستعرفه طبعا .. مالذي تخبئه لي يا زيوس ( 2 )  ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 حذرتها سناء ، بصي هو يشبهك صحيح لكن شكله متعب ، بنات كتير بتطارده لكن هو تقيل زي امين الشرطه بتاعت اغنيه سعاد حسني ، ضحكت امنيه ، مافيش حاجه حصلت بينا ياسناء ولا حتحصل ، ده مجرد لقاء عابر وانتهي ، ضحكت سناء وهي تنظر لها نظره استنكار ، هو انا مش عارفاكي ، خلاصته ابعدي عن ادهم ياامنيه ، اديني قلت اهو علشان ماترجعيش تلوميني ، هو غامض جدا وغريب جدا ، شخصيه لطيفه وحبوبه لكن غامض جدا !!!
انجذب اليه ياسيد الالهة اليونانية ، انجذب اليه قدرا وليس اختيارا ، يشدني وكأنه لايقصد ، هل هو شطري الاخر يا زيوس ؟؟؟
وصوت سناء يدوي في اذنها ، ابعدي عن ادهم ياامنية !!!
لكن صوت يدوي في الفراغ ، فحين يصدر رب الارباب حكمه يخضع الرعيه ويجمع الشتيتين بعد طول فراق !!!!
و.........بدأت القصه الغريبه !!!!
و............... ادركت بسرعه انها خلقت من ضلعه المستقيم وانه يخصها اكثر مما تظن وانها تخصه اكثر ممايتصور !!
ادركت بسرعه وادرك هو انه لاينتمي لشيء في العالم كله الا نفسه وهي !!!!
وفهمت طبعا وبسهوله معني كلمات سناء ، غامض وغريب !!!
فعلا ياادهم ، انت غامض وغريب ....
ومازالت القصه بينهما في بدايتها ...........

( 9 )
home

اشتري منزل جميل ، بحديقه صغيره ، في احد الاحياء الراقية البعيده عن وسط المدينه ، يكره المدينه ، تعيده للماضي الذي فر منه ، سيمزق كل اواصر العلاقه بينه وبين المدينه والماضي ، سيرسم تاريخا جديدا في الحي الراقي ،سيدخل بسيارته الفارهه وحذاءه اللامع وابتسامته المرسومه علي وجهه وكأنه اسعد الناس ، هناك لن يعرفوا ابدا عن ماضيه شيئا ، هو ادهم وفقط ، هو ادهم الموظف المرموق في الشركه الكبيرة ، انه العريس الذي ستتخاطفه نساء الحي الراقي لبناتهن ، لن يفهمن ابدا لماذا يفر من الزواج ، الزواج عائلات تتصاهر وعائلته هو لاتصلح لتصاهر اخري من عائلات الحي الراقي ، الزواج سيكشف ستره ويفضحه ، سيتعرف الحي الراقي علي اهله وامه بجلبابها الاسود ، نعم خلعته وارتدته عباءه انيقه اشتراها لها ، لكن رائحه الجلباب الاسود تخرج من مسام جلدها ، من سيراها سيري جلبابها ويراه صغيرا باكيا في قبضه يديها ، عفوا ايتها الحياه ، الوحدة اكرم من الزواج الذي يكشف الستر ويفضح الماضي ويعريه امام جيرانه ....
اشتري منزل جميل ، وكيف لايفعل ، تعب من الشقق المفروشه ، تعب من تجميل جدرانها بلوحاته الغاليه الاصلية ، ارهق من فرش ارضها بالسجاد العجمي الذي انفق فيه كل امواله ، لن يبقي مهاجرا بلا ارض ، وارضه اقتلع جذوره منها وفر ، لن يبقي ابن الحي الشعبي البسيط وصخبه المدوي واهله قليلي الحيله ، اقتلع جذوره فور ماتخرج من الجامعه ، قبل يد امه واعتذر لها عن جفاءه الذي سيدوم ، دخل علي ابيه الحجره الرطبه الضيقه التي يقبع فيها لايغادرها ، وعده بأنه سينجح في الدنيا ولن يعش حياته ولن يمنح اولاده قهرا مثلما فعلا ، ودعهم وادعي انه مسافر للبلاد البعيده ، وانه سيرسل لهم مالا يكفيهم ويزيد ، وانه سيعود كل سنه اجازه قصيره ، لن يشرح لهم مايعتمل في نفسه ، مسافر ياامه ادعي لي ، دعت له امه ، ودعي له ابيه ، ورحل...
لم يذهب للمطار ولا ميناء الاسكندريه ، لم يترك لهم عنوان ولا وسيله اتصال ، انا ساتصل بكم كلما امكنني ، القي بشريحه التليفون المحمول التي يعرفوا رقمها و...... استأجر اول شقه مفروشه اعجبته في مصر الجديدة ، بعيده عن عمله في المعادي ، لكنه اشتري سياره فارهه ، سيقودها كل يوم من شرق القاهره لجنوبها ، سيسمع الاغاني التي يحبها ويقود في سيارته التي يعشقها ويذهب لعمله الذي سبب سعادته وهناءه !!! لا ، هذا ليس صحيح ، كان بارع ومتفوق وشاطر لحد اجبر مدير شئون الافراد علي قبول اوراقه ، قال انه ابيه ميت وان امه عادت للبلده بجوار شقيقاتها وانه ابن وحيد ، هذا كذب ابيض ، لن يؤذي احد في العمل ، ماشأنهم وحالته الاجتماعيه ، ماشأنه وابيه ، لماذا يتعين عليه يذكر انه كان موظف صغير تافه لا احد يعرفه في عمله ، لماذا يتعين عليه يذكر لهم انه كان يعيش في ذلك الحي الفقير ، وان امه كانت تساعده النسوه في التنظيف والطبخ مقابل جنيهات قليله سددت بها ديون ابيه الفاشل ، كل هذا لايعني احد ، قدم لمدير شئون الافراد كل الشهادات التي حصل عليها والدورات التي زاد بها قدراته ومواهبه ، قدم له درجاته الدراسيه المتفوقه ، انا ياسيدي من تبحث عنه ليفجر طاقات شركتك الكبيرة ويزود مبيعاتها ويكبر اسمها اكثر واكثر ، اما ابي وامي والحي الفقير فلاشأن لك بهم ...
كذبه الابيض انطلي علي مدير شئون الافراد في الشركه التي كانت سبب سعده وهناءه وفتحت له الابواب المغلقه والتي كان يظنها لن تفتح ابدا ، كذبه الابيض انطلي علي الشركه فعينته وبسرعه تدرج في اعمالها وتصاعد راتبه ليصل لعنان السماء وبدت الوظيفه وراتبها وكأنهما الدرج الرخامي الفاخر الذي سيحمله للسماء الورديه التي طالما حلم يصل اليها وهواسير قيوده وحياته الواقعيه ..
سنوات عاشها في الشقق المفروشه ، ينتقل من هذه لتلك ، كلما زاد راتبه ، ترك الشقه التي شهدته افقر وذهب لاخري تحتفل معه بنجاحه وزياده دخله ، سنوات ينتقل بلا ارض ، الارض التي يعرفها لايحبها ، يهرب منها وكل ماضيها وذكرياتها ،  يخلق لنفسه تاريخ جديد ، كتوم صامت لايفصح عن اسراره ، هذا ماوصفته به الفتيات اللاتي لاحقنه بالمعاكسات ، صاحب اللاهيه العابثه ، رقص معها وقبلها كلما امكنه واختلي بها علي احد الشواطيء او في احد الملاهي الليليه .... ابدا لم يعد واحده منهن بالزواج ، وابدا لم تطلب واحده منهم كلمه شرف او وعد ، انتن عابثات لحد لايمكن مطالبتي بشيء ، هن يعرفن وهو يعرف والحياه بينهم تسير كما تدفعها الريح في وسط النوة ، اما الفتيات اللاتي رغب فعلا في الزواج باي منهم ، فر منهم وبسرعه ، انا صديق ولن اكون الا صديق ، لايمنح اي منهن وجهه اللطيف ولا كلماته المعسوله ولا اي مشاعر ، انا صديقكن الجميل ، في البدايه غضبت كل واحده منه وتصورته يتعالي عليها ، واحده منهم حاولت تكشف ستره وتعرف قصته الدفينه ، طالعت استماره تعيينه في الشركه ، بحثت عن اسم ابيه علي الانترنت متصوره انه من هؤلاء الذي ستجد عنهم قصصا ، فشلت ، سالته ، انت مين ، بتجهم وسخافه اجابها ، وانت مالك !!!! ابتعدت عنه لانه سخيف ، راجت عنه اشاعه في الشركه ان " مالوش في الستات " هذا هو المبرر الوحيد الذي تقبله الفتيات مبررا للصد والبعد عنهن ، سمع الاشاعه وضحك ، توعد من ترددها باغتصاب يفصح عن فحولته ، توعد حتي الرجال ان رددوها ، تعمد يخرج مع العابثات في النوادي الليليه التي يذهب اليها مديريه وضيوفهم الاجانب ، هناك رقص وسكر واحتضن الفتاه التي تصاحبه بفحش ملحوظ ، عاد المديرين للشركه بتكذيب للاشاعه ، راجل من ضهر راجل ، قالها المديرين بفخر ، نهروا الموظفات ، ابعدوا عنه وبلاش قله ادب ، بعد مشقه ووقت ليس بطويل ، افلح يجبر الشركه علي تقبله علي حاله بغموضه ، اجمل صديق للموظفات المتزوجات ، يجاملهن ، يتعرف علي ازواجهن ، ينسج مع اسرهن علاقه مميزه ، احبته الموظفات المتزوجات ودافعن عنه في الشركه ، عرضن عليه العرائس الواحده تلو الاخري ، زار العرائس واكل الجاتو ومنحهن باقه زهور في بدايه الزياره وفي النهايه تحجج باي حجه ورفض الارتباط ، وحشه ، تخينه ، بضب ، اهلها بيئه ، حوله ، مالهاش صدر ، مالهاش ....... وبراحتك !!! ادرك الجميع انه لن يتزوج بكل الطرق التي  يعرفوها ، احبوه كما هو وابتعدوا عن شئونه الخاصه ، افلح يصل لما يريد ، ليس لكم عندي الا الوجه الظاهر الذي افصح عنه ، غير هذا لاشأن لكم بي !!!!
سنوات مرت يعمل في الشركه الكبيرة ، يتفوق فيترقي لوظائف اعلي ، يشيع البهجه في المكان ، يجامل الجميع ، يخرج مع العابثات ، غامض غريب ، لااحد يعرف عنه شيء ، ويتنقل من شقه مفروشه لاخري ، يشتري السجاد الغالي واللوحات الاصليه ويحلم بمنزل يخصه يفرش فيه مقتنياته الثمينه ويستمتع بالحياة !!!
واخيرا ، اشتري منزل في احد الاحياء البعيده عن المدينه ، هنا ، ستبدأ حياته مره اخري ، الشركه منحته حياه جديده والمنزل الجديد سيمنحه حياه اجدد واطول ، اشتري منزل صغير ، دورين ، بحديقه صغيره ، زينها بالورود والجهنميات الحمراء ، شيد علي الرووف برجولا خشبيه انيقه ، هنا سيقضي امسياته يتفرج علي غروب الشمس ، زين البيت بالسجاجيد واللوحات الاصليه والمفروشات القديمه ، نعم يبحث عن اصاله لايملكها ، يمد بخياله جذوره في ارض الغير ، اولاد العائلات الراقيه الاقطاعيه، يشتري مفروشاتهم وقتما يعضهم الفقر ويحتاجوا لنقود سائله تحفظ ماء وجههم في المجتمع الذي تشقلب حاله فنزلوا او كادوا ينزلوا لقاع السلم الاجتماعي قبل ابيه بقليل ، يشتري مفروشاتهم ويمنح كل منها لقب ، هذه سفره جدي ، وهذا صالون عمتي وهذه لوحه ورثتها امي من ابيها العمده وهذا سرير نحاس نامت عليه عمتي ليله عرسها ، اشتري كل المفروشات القديمه ومنحها قصصا جميله احبها ومنحته اصاله لايملكها وتاريخ عائلي كاذب لا يملك احد فضحه !!!
وامه وابيه ..... ابيه خرج علي المعاش فقل دخله وزادت عزلته داخل غرفته العطنه ، وامه جلست في البيت امام التلفزيون تتشاجر معه لانه كابس علي نفسها ، يشتاق لهم ، لا يشتاق بالعكس ينساهم كل يوم اكثر واكثر ، يرسل لهم نقودا شهريه كثيره كأنه يشتري بنقوده غفرانهم عن جحوده ، يرسل لهم نقودا كثيرا ويكلمهم كل شهرين ثلاثه مكالمه قصيره يطمئنهم عليه ، يسمع نهنهات امه لانه يوحشها ، يقشعر بدنه ، كفاك دموع ياامي ، الم تزهقي من كثر البكاء ، يتساءل هل خلقت امه في الحياه للدموع؟؟؟؟
و............. حين نام ليلته الاولي في منزله الجديد لم يحلم الا بالبيت الفقير الذي عاش فيه والغرفه الرطبه العطنه التي اعتقلت طفولته وصباه وشبابه ، لم يحلم الا بالجدران المتهالكه التي تكاد تسقط فوق راسه ، استيقظ مذعورا ، انت تركت الماضي خلفك لكنه لن يتركك ، هكذا استيقظ في وسط الليل يصرخ فتدوي صرخاته بين الجدران الانيقة واللوحات الغالية ...

( 10 )
المشهد الاول من المسرحية

مدرسه صغيرة ، فناء ضيق ، فصول مكدسه ، اطفال يطفح علي وجوهم نثرات بيضاء ، علامات سوء التغذية والفقر ، ارديه شاحبه كلون الرمال البعيده ، تضفي كأبة علي المشهد فوق كل الكآبة التي تحتل نفوس الاطفال الابرياء ...اي مجتمع هذا الذي يكسي اطفاله بملابس شاحبه مثل لون وجوههم كلون الصحراء ، وكانه يكرس حرمانهم من البهجة والفرح...
مدرسه صغيرة بدكك خشبيه فقيرة تتأرجح وكأنها ستتفكك ، تأن بسبب حركه الاطفال الدائمه وكأنها تستجير منهم ومن طفولتهم ، تتمناهم كهول عجزة ليجلسوا عليها بلا حركه ، تتمناهم موتي فلا يزعجوها بشقاوتهم ، دكك خشبيه فقيرة مثل الاطفال والمدرسين والحي المكدس ببشره قليلي الحيلة مثل الايام السودا التي حكمت علي هذا الطفل المتمرد ان يكون من ضمن قطيع الاطفال الفقراء في تلك المدينه المتوحشه التي تشرب دم اولادها كل يوم ولا ترتوي !!!
في تلك المدرسة الصغيرة ، يقف فصل من الاطفال الصغار بملابس رياضيه رخيصه يرتعدوا من البروده التي لم تمنع مدرسهم الخائف من تفتيش الناظر عليه من اجبارهم علي خلع ملابسهم الشاحبه واستبدالها بملابس رياضيه اكثر شحوبا وفقرا ...
وسط هؤلاء الاطفال البؤساء الفقراء ، يقف ادهم ... علي وجهه ملامح التمرد وفي عينه ومضات الغضب !!!
لم يأتي بالملابس الرياضية مثلما امرهم الاستاذ ، اخبر ابيه بطلب المدرسه فلعن ابيه الفقير شكله وجدوده وابو المدرس واشاح له بيده ليبعد عنه قبلما يفتك به ، الاول ااكلكم وبعدين نشوف المدرس بتاعك ، سمعه ادهم وسمع الشتائم والسباب وعرف مالذي سيلقاه وقت يعود للمدرس بلا ملابس رياضيه ، عرف ان مدرسه سيسبه بكل الالفاظ المهينه وسينهال فوق اصابعه بسن المسطره الخشب وسيكهرب جسده بلسعات كفه الغليظ واصابعه الوارمة ، عرف ادهم ماسيلاقيه ، لكنه عرف ايضا انه لن يقوي علي الفرار منه ، سيقف وسط الاطفال ويسمع شتائمه ويلمح نظرات السخريه والشماته في عيون زملائه ، عرف كل هذا وقتما اشاح ابيه بيده في وجهه  ....
.................
هل ينفع هذا المشهد الموجع ، كاول مشهد في المسرحيه التي تعود فيها ياادهم لدور البطولة بعد كل السنوات التي قضيتها كومبارس لااحد يدري بوجودك ... سؤال سأله ادهم لنفسه فهز راسه بالموافقه ، نعم هذا هو المشهد الاول ، سيصدم الجمهور والمتفرجين ، سيكشف لهم وبسرعه جرائمهم وعقابي ، سيعرفوا مالذي اقترفوه في حقي وكيف سيكون عقابي ... مااجمله مشهد لافتتح به المسرحيه ، مشهد موجع صادم قبيح مثل ابطاله ، الاب والمدرس والتلاميذ الاخرين ... عليهم جميعا يندموا علي مافعلوه في حياتي!!!!
.........................
في المدرسه ووسط كل الاطفال الفقراء المرتعشين والهواء البارد يمزق اجسادهم النحيلة ويمر تحت ملابسهم الرياضيه الرخيصه كالسياط ، وسط كل هؤلاء الاطفال يقف ادهم في جانب وجميعهم في جانب اخر ، يصرخ فيه المدرس ، ليه ماجبتش هدوم الالعاب ياولد ، مابتردش ليه ياحمار ، هل اذنيك تلك التي تطول ياادهم فوق راسك ، لاترد عليه ياادهم ، لو رديت سيخرج صوتك من فمك مثل نهيق الحمار ، سيضحك الاطفال اكثر واكثر ، صرت حمار ياادهم باذنين طويلتين ونهيق مكبوت ، لاترد عليه ياادهم ، مابتردش ليه ياحمار يابجم ياجاموسه ، ماجبتش ليه هدوم الالعاب ... لاتقل له الحقيقه ياادهم ، لاتخبره ان ابياك اشاح في وجهك بيده ورفض يشتري لك ملابس الرياضه متعللا بثقل حمله وعجزه عن اطعامهم ، لاتقل له الحقيقه ياادهم سيسخر منك ومن ابيك ومن فقرك ، سيعايرك زملائك بحديثك ويستلوا منه الف سكين يذبحوك به ، لاتقل له الحقيقه ياادهم ، لاتكشف عن ضعفك وانت امامه ، تحداه ، وكأنك لست فقير وكأنك تملك الملابس ونسيتها ، سيصفك بالاهمال ، الاهمال اهون من الفقر ، سيعايروك باهمالك ولن يقتلوك بفقرك ، لاتنطق ياادهم ، اذنيك طالت والنهيق مكتوم في قلبك ، لاتنطق ......... مابتردش ليه ياحمار ياجاموسه يابجم ، نسيت لسانك في البيت جنب امك ، لاتستفز من كلماته ، ليس مهم سخريته من امك ، لاتستفز من كلماته ، لاتقفز لتلكلمه في معدته ، سيمزقك هو والناظر والتلاميذ ، ربما يرفدك من المدرسه ، ستعود لابيك مرفود فيمزق جسدك بحزامه القديم ، لن يصدق الحقيقه ، لن يصدق ان المدرس سب امك ، وحتي لو صدق لن يكترث فامك كمايراها ابيك خلقت للسب منه ومن المدرس ومن الدنيا كلها ، لاتقفز وتضربه في وجه بقبضه يدك الصغيره لن توجعه ، لاتقفز وتضربه بالشلوت في اماكنه الموجعه  ، لو فعلت هذا ، وقتها سيعلقك في السقف ويترك راسك تتارجح مقلوبه في الهواء ، ستطير مريتلك ويظهر لابسك الداخلي الممزق ، ستجلب لنفسك رثاء وسخريه اكثر مما تظن ومما تحتمل ، لاترد عليه ياادهم ولا تكترث بكل مايقوله .......... ينام ادهم داخل نفسه وهو واقف امام المدرس يسبه ويشتمه ، وفجأ يفيق علي عباره لم يتوقع سماعها ، طيب بدام نسيت لبس الالعاب اقلع المريله والعب وسط زمايلك باللباس علشان تبطل تنساهم في البيت وانت قاعد بتحكي جنب امك وتجيبوا في سيرة الناس ، يفتح عينيه لايصدق مايسمعه ، يخلع مريلته ويبقي بملابسه الداخليه ، انها الفضيحه ، الا يعلم المدرس ان لباسه ممزق وان امه خيطت رتوقه بخيط ملون وان عورته ستظهر لبقيه التلاميذ ، افاق ادهم ، صمته جلب له فضيحه اكبر مما كان يظن ..... والنبي ياافندي ، مافيش والنبي و............ انهال علي جسده بالمسطره الخشبيه ، لايشعر بالالم فقط ينتظر الفضيحه والضحكات التي ستتحول لخناجر تطعنه وكرامته وسط زملائه ، و............النبي يافندي مش حاعمل كده تاني ، سبق السيف العزل ياادهم ، لن يستجب لرجائك ، يقبض علي ذراعه ، يمزق ازرار مريلته ويسقطها علي الارض ، يغمض ادهم عينيه ويتمني يموت ، يغمض عينيه فلن يري كل مايحدث حوله ، يعرف ان فانلته واسعه علي جسده النحيل وان لباسه ممزق يزينه بعض الرتوق والخيوط الملونه ، يري نفسه كالمهرج في السيرك يفجر الضحكات والدموع ، يري ساقيه نحيلتين يخرجان من فتحتي اللباس ، منظره مضحك ، هو يعرف ان منظره مضحك ، حتي اخته الشريره تضحك عليه وقتما تداهمه في الحجره وهو يغير ملابسه ، هذا الصوت الكريه يعرفه ، انها ضحكات زملائه علي منظره ، يسخروا من فانلته الواسعه من لباسه الممزق الواسع من ساقيه النحيلتين ، المدرس ايضا يضحك ، الكل يضحك ويسخر منه وهو يتمني يموووووووووووت !!!! ...
يبكي المتفرجين وهم يشاهدوا ذلك المشهد امامهم علي المسرح !!!
يبكوا وينتفض الاستاذ العجوز في الصف الاخير لايصدق قدر قسوته وقتما خاف من الناظر يفتش علي عمله فقسي علي طفل صغير من تلاميذه بتلك الطريقه المتوحشه ، ينتفض الاستاذ سلامه مدرس الالعاب ويتمني يترك العرض ويروح يصلي ركعتين لله ويطلب منه الصفح والمغفره !!!
يهمس ادهم في اذنه ، منور يااستاذ !!!
ينتفض الاستاذ سلامه ويتمني يتعذر لادهم ، لكن ادهم بوجه مخيف يبتسم في وجه ويشرح له ، اطلع علي المسرح ، اقلع بنطلونك يااستاذ ، لايصدق سلامه مايسمعه ، اطلع يااستاذ اقلع بنطلونك ، خلي الناس تضحك عليك زي ماضحكت علي ، انت عجوز ومسلول ورجليك شكلها اعوذ بالله ، لباسك مقطع انا عارف ، انت طلعت علي المعاش من زمان ومش فارق معاك لباسك شكله ايه ، عمرك ماتصورت انك حتقلع قدام الناس ، عمر الفكره ماجت في راسك ، هز سلامة راسه يوافقه ، تمني لو يتوسل اليه يصفح عنه ويعفيه من تلك الاهانه ، لكن ادهم لن يفصح عنه ، لن يشفي غليله الا منظره علي المسرح ولباسه الممزق يظهر عورته وقبحه لكل المتفرجين ، ياابني ، ماتقولش ياابني ، ولما قلعتني وضحكت العيال علي كنت ايه ، كنت ابنك برضه ، ماتقولش ياابني وماتستعطفنيش لاني عمري ماحاسيبك ، قوم ، بصوت راعد صرخ ادهم فاهتزت جدران المسرح ، تسلل الاستاذ سلامه من وسط الجمهور وكشافات الاضاءه تسلط نورها عليه ، يشرح ادهم بصوت الراوي في المسرحيه ، ده الاستاذ سلامه المربي الفاضل اللي ضحك الناس علي ، اهو قدامكم ، شوفوا انتم بقي لباسه ورجليه اللي زي اعواد القصب الممصوصه وجسده القبيح وتعبيرات وجهه المتذللة ، شوفوه وهو بيقلع وهو بيشرب من نفس الكاس اللي سقاني منه ، شوفوه واضحكوا وصقفوا وحيوه ، حيوه علي كل اللي عمله !!!
يقف سلامة علي خشبه المسرح ، يخلع بنطاله الرث ووجه يسود ويسود ، لاتفلح كل اللمبات المسلطه عليه في انارته ، يخلعه بنطاله الرث فيظهر ساقيه المعوجتين ولباسه الدمور الممزق ، ينفجر الناس في الضحك ، تمسح سيده من الجمهور دموعها لاتصدق ماتراه ، فكرت تترك مقعدها وتعود لمنزلها ، حاولت ، لكن جسدها ملتصق بالمقعد ، هذا العرض لن يسمح لجمهوره يغادره قبلما ينتهي ، هذه اراده ادهم وقراره وعليهم جميعا ينصاعوا له ، يتعالي الضحك اكثر واكثر ، ينكمش سلامة ليصغر جسده اكثر واكثر ، يعيش نفس المشهد الذي عاشه ادهم ، يعود هو التلميذ الصغير الفقير الذي كان في المدرسه ومدرسه يصرخ فيه مابتردش ليه ياحمار ، يري ادهم سلامة يعيش لحظته الموجعه يشعر نفس الخزي والفضيحه ، سلامه عاش فضيحتين ، الاولي وهو عجوز هرم يقف علي المسرح والناس تضحك علي شكله الرث والثانيه وقتما عاد بدلا من ادهم للمدرسه وخلع مريلته فظهر لباسه الممزق وعورته ، سلامه عاشه الفضيحتين وتجرع سمهما حتي بكي بصوت رفيع مضحك وهو يقف علي المسرح ، بكي وبال علي نفسه فاغلق ادهم الستاره منتشيا ببراعته الاخراجيه ونصه المسرحي الجميل و....................... انتهي المشهد الاول من مسرحيته!!!!
.............................
مشهد الغي من المسرحية ....
ينزل ادهم من سيارته الفارهة امام محل الملابس ، يدخل قسم الملابس الداخليه ، يشاور للبائع علي النوع الفخم المخصص للتصدير ، يبتسم البائع ويناوله مايرغب ، يعيد له ادهم مااعطاه له ، عايزمقاس اصغر ، يشرح للبائع ، اصلي بحب قوي الهدوم تبقي ماسكه علي ، بحب الاستك جامد والهدوم ماسكه قوي ، فاهمني طبعا ، يبتسم البائع وهو مش فاهمه ، يناوله ماطلبه ، ملابس داخليه اضيق من مقاسه ، يبتسم ادهم ويجزل له العطاء بقشيش كبير ، يحمل اللفه في يده ويخرج سعيدا ، يري جسده الممشوق داخل الملابس الداخليه الضيقه ، يبتسم سعيدا فرحا .... يتذكر الاستاذ سلامه وسخريه التلاميذ ، يجذب بنطاله المستورد خشيه سقوطه ، يشد الحزام اكثر ، يتحسس ملابسه الداخليه الضيقه تكتم انفاسه فيشعر بالثقه ويكمل سيره !!!!

( 11 )
امنية

انا حذرتك وقلت لك ، ابعدي عن ادهم ياامنية ، حيوجع قلبك وتوجعني قلبنا وفي النهايه كله محصل بعضه !!! كانت سناء تحذرها باخلاص ، لكن امنيه لم تصغي لكلماتها ، بالعكس ، سناء حرضتها دون تقصد علي الاقتراب منه ، احب الغموض والغرابه ، همست امنية لنفسها  ،  تكره الرجال الفارغه التي تقترب منها تعرض عليها الزواج والثراء والحياه الرتيبه ، اكم من عشاق بكوا بدمع عيونهم يبثوها حبهم ، لم يحركوا فيها ساكنا ، مروا امام عينيها وكأنهم هواء شفاف ، لم يفلحوا يحركوا شعره في راسها فمابال قلبها الصلد ، هم مثل الصفحات البيضاء ينتظروا قلمها لتكتب وجودهم ، حبهم يقشعر بدنها ، ليس هذا هو الحب الذي انتظره ، ولو كان لايوجد غيره لايلزمني !!!
فهمتيني ياامنية ، سالتها سناء ، هزت راسها تؤكد لها انها سمعتها ، لكنها لم تقل لها حقيقه مشاعرها تجاه ذلك الرجل الغامض ، لم تقل لها انها تشعر ان هذا الرجل هو نصفها التائه !!! امنية لاتبحث عن الحب والعشاق ، بل تبحث عن بقيتها التائهه بين ملايين التائهين !!! لو عثرت علي نصفها المشطور باراده زايوس لاكتملت حياتها ولو بقيت تائهه عن نصفها وهو بقي تائه عنها لبقيت مثلما هي لايحرك الرجال فيها ساكنا ولا تشعر بهم ولن تشعر ولايلزمها حبهم ولا مشاعرهم !!!
لم تقل لها ولم تقل لاحد .... لكن بقاءها بغير ارتباط ولا علاقه غراميه امرا مريبا غير مفهوم لكل المحيطين بها ومن يعرفوها!!!
ربما هذا هو الشبه بين امنيه وادهم الذي لاحظته سناء لكنها لم تفهم سره ، لماذا بقي كل منهما بلا ارتباط ولا علاقه غراميه جاده رغم ان كل منهما محاط بالمعجبين والعشاق وطالبي الرضا ، هو عابث يتسلي بالعابثات وهي منشغله بدراستها وابيها ولا تسمع طرقات العشاق والمعجبين علي بوابة قصرها المسحور !!
تخرجت من الجامعه وهي اجمل دفعتها ، وتوافد الخطاب علي عياده ابيها يطلبوا القرب منه ، سخرت منهم وشاركها ابيها السخريه ، فكل منهم لايصلح لابنته ، هذا مايعرفه بحق عن ابنته الغاليه امنية ، ابدا لن تكون مجرد زوجه لرجل ثري ابن رجل ثري ، لن تكون ورده في عروة جاكتته ، هذا ليس دورها ، يسمع صوت صمتها يدوي انا امنيه درويش فمن يستحقني ومن استحقه !!!
امنية درويش ، الابنة التي حملت اسم ابيها الذي لم ينجب رجل فمنحه الله ابنة بمائه رجل ، ناجحه لحد الابهار وطيبه لحد السذاجه وذكية لحد ارباك الاخرين ، انت طبعا عارف اني عمري ماحاتجوز بالطريقه دي ، ضحك ابيها ، طبعا عارف  ، واكمل بمنتهي الجديه ، لكن ده مايمنعش اني اقولك علي العرسان اللي حيموتوا عليكي ، وبتقولي ليه ؟؟ علشان تعرفي ان فيه فرص كتير جت لغايه عندك وانت رفضتيها تقومي لما تختاري تتحملي نتيجه اختيارك !!توافق ابيها فيحتضنها ويصمتا ، واكم من صمت ابلغ من كل الكلام ، انه صمت الفهم العميق ، هو يفهمها ويحترم ارادتها وهي تفهمه وتحبه ...
امنية ، حياة ابيها وعمره ، ماتت امها منذ صغرها وتزوج ابيها من طنط رقية ، السيده المحترمه التي ربتها وحنت عليها ، لم تنجب اطفالا لابيها ولا اخوه لها ، اكتشف الطبيب البارع ان زوجته الجديده عاقر وان كل الطب واختراعاته لن تفلح تمنحه ولد من رحمها ، قنع بامنية التي احبتها رقية وكأنها ابنتها واكثر ... احبت امنية رقيه وكأنها امها ، كانت رقيه من الذكاء الانساني لحد لم تتدخل ابدا بين امنيه وابيها ، احبكما معا لكني وسطكما غريبه ، ثمن لها الاب ذكاءها واحبتها الابنة اكثر ....
هذه امنية .. وحياتها ببساطه  ..
وقتما اقابلك ساحكي لك عن حياتي في كلمتين ، وانت هل ستحكي لي عن حياتك ؟؟!!!!
لم يرد عليها ادهم ولم تلح عليه ، تعرف انه غامض ولن يحك لها عن حياته ببساطه !!! ربما يحتاج بعض الوقت ليقص علي حياته ، هكذا كانت تظن ، لكن الايام اثبتت لها انها كانت واهمه وانه لن ينطق ابدا !!!
همست وهي تطلب رقمه بعدما عادت منزلها ، انا امنية ، هل قال لها عارف ، هل قال لها كنت مستني تليفونك ، هل قال لها كنت لسه حاطلبك ، هل قال لها وحشتيني ، لاتذكر اي كلمه مما قالها لها ، كل ماتذكره ، انا بقيت تتكلم معه ساعات طويله حتي اشرقت الشمس فنامت فوق التليفون مبتسمه وحلمت بكل الفراشات الملونه والعصافير والغابات الخضراء ...
وكتب السطر الثاني في قصتهما الطويلة ...
بح لي يا زيوس  بسري ، انت تعلمه وانا لااعلمه ، هل هو شطري الاخر ونصف التائه وقدري ؟؟؟
بح لي يا زيوس ولن اذيع لك سرا !!!!!
لكن  زيوس لم يبح لها بشيء ، لايأتيها في الاحلام ولا يرسل لها فكره تومض في عقلها ولا معني تنتظره !!!
زيوس لا يبوح لها بشيء وادهم ايضا !!! ادهم ايضا لايبوح لها بشيء وكأنها خلقت لحل الشفرات وفك الطلاسم !!!
تتمني تخبر ابيها بسرها ، ومبرر رفضها لكل العرسان والعزوف عن العشق والغرام والعلاقات العاطفيه ، تتمني تخبره بسرها لتريح قلبه ، تتمني تهمس له وهي في حضنه ،  انتظر نصفي الاخر ، النصف التائه ، اعلم يقينا اني ساعثر عليه ، لن اكتمل الا به ومعه ، لن امنح روحي الا لروحي ، لن يفهمني غريب ولن احس به ، انا نصف الكائن ياابي واعرف ان قدري الانتظار حتي اعثر علي نصفي الاخر ، ربما ابدا لن اعثر عليه فابقي نصف كائن بلا نصفه الاخر ضائع تائه ، وبما يعثر علي فنتكامل ونتوحد ونسعد ونعيش!!
هذا سري ياابي ، اصغر اسراري الذي اخبئه عليك ، لو اخبرتك بجنوني ستحزن من اجلي ، لااقوي علي حزنك ، لن ابح لك بجنوني وحمقي ، لكن هذا السر ياابي هو مفتاح الحياه ، اما عثرت علي المفتاح ففتحت لي الابواب الموصده ومن خلفها اعثر علي كنز سعادتي واما ساتوه في دروب الحياه ابحث عن مالن اعثر عليه ، وقتها لاتسالني عن سبب نظره الحزن في عيني ، لن اقوي افسر لك حزني ، لو تريد بحق تعرف سبب حزني وشرودي ، اسال  زيوس  !!!! ا

( نهاية الجزء الاول - يتبع بالجزئين الثاني والثالث ) 

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

مجدي السباعي

واخدانا علي فين؟؟؟؟؟؟؟

manoola يقول...

أميره

كلنا كما قال يوسف بك وهبي
نعيش في هذا المسرح الكبير
تمنى كل واحد منا -يوما من الايام-
ان يـُمسك برشاش ويطلق ذرات الرصاص على الكثير من حولنا
بل احيانا على لحظات من عمرنا
ونستيقظ...او.. لا نستيقظ
لكن يبقى هناك "خيال مآته" اسمه الرشاش نتركه جانبا ونتذكره في لحظات معينه من ايامنا

وتكثر الاماني... ومعها تذوب المعاني
فلا معنى لأمنيه تبقى دفينه في اعماقنا
نسير في دروبنا... نحمل احلامنا
منها ما يرى نهارنا
ومنها ما يلبس معنا...أكفاننا

الكثير منا يحب الظلام
ونفس هؤلاء احيانا يكرهون الظلام
لماذا؟
لانه يكون في اعماقهم اكثر مما يكون حولهم
ونهرب من هذا الظلام الذي في اعماقنا كثيرا بالنوم.. وكأننا ندفن اهاتنا في توابيت مغلفة بالاماني التي يسمونها الاحلام!

لا المفاتيح تبقى
ولا الابواب في كثير من الاحيان تـُفتح
نخاف...نحب..نهرب..ثم ...نموت
كلها حالات تبدأ بحرف "النون"
ولكنها في نفس الوقت
كلها ما تـُلحق بحرف الياء
"انتظرني...انتظريني
حبيبي.. حبيبتي.
ابكي.. ضعفي.. حضني..."..الخ..الخ..
هل لاحظتي يوما حروف "الخ؟ "
اظنها تحتوي على نفس احساس الالم

ربما كان كل ما سبق بسبب الضباب
الذي يكمن في اعماقنا في لحظات من لحظات الحياه
نصفق لانفسنا عندما لا نجد من يصفق لنا
ونبكي كثيرا عندما يصفق لنا الناس
ونتناثر في الهواء كدخان سيجاره
احترقت بين اصابع لا نعرف من صاحبها
ربما كانت الايام.. ربما كان الاصحاب
ولعله كانت "الانا" التي تكمن في الاعماق

في اعماق الكثير منا "ادهم"
بطفولته.. بالسواد الذي يلفه
طبعا... فهو أدهم

وكم ليلة عرض عشناها في حياتنا
نرتب الحياه كما يرتب السيناريو المسرحيه
الذكي هو الذي يفكر في حروفنا
ويبحث عن احساسنا
ويهمس لنفسه
ماذا وراء هذه الابتسامه
ولماذا هذه الكلمة
ولماذا هذه البراءة المغلفة احيانا كثيره بالقساوه

وفي النهاية يا أميره
كم فصل من "أدهم " في اعماق كل واحد منا
الكثيرون لا يعرفون
لكنه قابع هناك في الاعماق

آه منك يا أميره
ومن حروفك

منال أبوزيد