مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الأحد، 20 أبريل 2008

الزبال .... حامل الاحلام !!!!



( ١ )

وقفت العروس في صالة المنزل المزدحمة بورود ليله العرس و اوراق الشيكولاته الفارغه الا من فتات صغيره ملقاة في جنبات الصالة ، تلف حول نفسها ، مرتبكة ، لاتعرف مشاعرها ،تشعر فرحا بأن ليله الفرح مرت ، ام غضبا ان الرومانسية التي حلمت بها تبخرت بسبب تجاهل زوجها الحبيب لتصوراتها الفارغه عن الحب وليلته الاولي ، وقتها جمعت باقات الورد الذابله ، و اوراق الشيكولاته المجعده ، و كبستهم جميعا في كيس اسود للقمامه ، ومعهم ليلتها الاولي ،وفتحت باب الشقة وتركت بجوار العتبه للقطط الشارده والزبال ، ودخلت لتواجه بقيه حياتها مع الرجل الذي اختارته فاختارها ..

( ٢ )

خرجت السيدة من غرفه نومها ، تلملم اوراق الكيلينكس في قبضه يدها ، تلك الاوراق الرطبه المكرمشة ، وبحثت عن كيس الزباله ، تدفنها فيه ، ومعها احباطات الليله العاشرة للزواج السعيد ، فقد تحول الزواج السعيد الي عاده ، تقضي سريعا ، وتترك اثارها علي فخذيها سائل رجولي ، يعبر عن انتصارات الزوج و نشوته ، يحرقها ، فترفعه من فخذيها و من علي الملاءة بمناديل ناعمه لاتترك اثارا ، مناديل تتكوم ، وتدفن في كيس الزباله ، الذي ينتظره الزبال بشوق ليعرف حال السيدة التي لايعرفها ، ولكنه يعرف من كيس قمامتها حالتها النفسية و تطور زواجها السعيد ..

( ٣)

خرجت السيدة من المطبخ ، تخلع مريلته ، و تفرك كفيها لتزيل اثار السواد الذي كسي اصابعها ، وهي تطهو لزوجها طبق لايحبه ولن يحبه ، تدخل الحمام تنظر في المرأة فتري سوادا كسي وجهها ، ليس من اثار الطهو ، انما من اثار حرقه الدم التي اصابتها ، بسبب لزوعه كلامات زوجها الحبيب ولزوجتها ، فهاهي بعد الزواج السعيد مازالت لا تشبعه مثل امه ، ويبقي طعامها ملقي باهمال مثلها علي الرخامه ، حتي تمل منه فتفرغه في كيس القمامه الاسود ، وتلقي به علي عتبه الباب يسيل لعاب القطط الشارده جوعا وهي تتابع كيس القمامه الاسود المغلق باحكام ، ذلك الكيس الذي ينتظره الزبال بترقب ، متحسرا علي حاله وحال الزوجه التي لايأكل زوجها طعامها اللذيذ ..

( ٤ )

تدخل السيده المطبخ ، تفرغ الطفايات الكريستال من قشر اللب ، ذلك الصديق الذي امضي معه زوجها امسيته ، و عكر رائحه فمه بمذاقه اللاذع ، وتركها تتابعه بملل حتي تثائبت فلم يتحرك ، وحتي غفت سريعا فلم يتحرك ، واذ افاقت وجدت الطفايات قد امتلئت مثلها ، فأفرغتها ولم تفرغ غضبها ، و تركت زوجها الحبيب و اللب ، يتقاسمان الامسية البارده ونامت بعد ان بلعت قرص مهدي ، القت بشريطه الفارغ في جردل القمامه الفضي المجاور لسريريها ، ليجده الزبال صباحا في قاع الكيس الاسود ، فيمصص شفتيه حزنا علي مصير العروس التي لم يراها بعد ، لكنه يحفظ كل امسياتها و يدعو لها بالفرحه التي لن تأتي ..

(٥)

جمعت السيدة علب البيرة الصفيح الفارغه في حضنها الفارغ ، و سارت بها لتلقيها في كيس القمامه الاسود ، احست من حضن الصفيح البارد دفئا لاتجده ، وقفت ثانيه امام الكيس الاسود ، تنظر في قاعه كأنها تنظر في اعماق نفسها ، فارغه مليئه بالتفاهات التي لامعني لها ، فارغه مليئه بكل الاشياء التي لا يحتاج اليها احد ،احست توحدا مع الكيس كأنها ستقفز فيه ، ترقد في قاعه ، لكنها افرغت حضنها من الصفيح البارد وعادت ، لتجد زوجها الحبيب ضخم الكرش من اثر السوائل الكثيرة يهرول في طريقه لدوره المياة يفرغ مشاريبه وطاقته ، يترنح من اثر السكر المهدر علي تنظيف الكلي بدلا من ترقيه المزاج ، وفي الصباح حمل الزبال كيس القمامه الضخم الخفيف ، و ابتسم ساخرا متسائلا عن اثر البيرة علي مزاج العروس ، لكن شريط المهديء الفارغ جرح اصبعه بنصله الحاد ، فافاق من تساؤلاته ، وادرك ان كليه الزوج قد غسلت واعصاب الزوجه قد ازداد التهابها ، فدعا لها بالراحه ، وحمل كيس القمامه و اكمل مهمته الكريهه ..

( ٦ )

فتح الزبال كيس القمامه علي عتبه الشقه ، هش بكل قوته القطط الشارده متوحشه ،تنازعه علي محتويات الكيس ، بعثر قشر اللب و علب البيرة الفارغه و شرائط المهديء ، فحص اوراق الكلينكس ، هي نظيفه الا من مخاط الانف دون اي سوائل اخري ، احس بالحسره علي العروس ، فضرب الجرس ، وحين فتحت له الباب بعيونهاالمرهقه ونظراتهاالجائعه و جسدها الممشوق ، مد كفه بحذر وترقب ، راقبته ، مده اكثر ، اندهشت ، مده اكثر ، ثم تشجع وطبطب عليها يواسيها ، واعطاها ظهره مسرعا وحمل كيس القمامه وهرول ، فلم يري علي وجهها نظرات الامتنان ، فحنان كفيه ، اعطاها امل ان احلامها تلك التي رمتها في كيس القمامه ، عثرت علي من يستحقها ، ولو كان زبال ..

ليست هناك تعليقات: