مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



السبت، 26 أبريل 2008

عنقود العنب


هرول ورائها ، صرخت فضحك ..

إزداد صراخها فزعا ، إزداد ضحكه هستيرية .. أنقض عليها محاولا الامساك بها ، صغيره عارية الا من لباس أبيض صغير لايغطي الا عورتها الصغيرة ، يتناسب وطفولتها ودرجة الحرارة المرتفعة .. تفر منه تتصورها لعبة وستنتهي!!

يقترب منها بساقيه الطويلتين ، يعدو خلفها بجدية كأنه يهرب من مطاردة شرسه او يمسك حرامي ، لا تفهم لعبته ، تتوقف برهة بفزع ، تنظر خلفها ، لجسده الضخم المحيط بها وبظلالها الملقاة علي الحائط ....

ينقض عليها ثانية وفي هذه المرة يخطف من يدها الصغيرة عنقود العنب ، تحاول التمسك به ، يعتصر كل أصابعها الرفيعة بأصبعه الغليظ ، تسيل علي كف يدها الهشة بعض قطرات العصير ، تختلط علي وجهها بدموعها الحانقة .. يسبقها ، لا تلحق به ، تصرخ وتصرخ ، يضحك ويضحك ، تتلاهث انفاسها ، ينظر لها من بعيد بعيد بتحدي ، تحاول الاقتراب منه ، يلوح لها بالعنقود ، ينتقي اكبر حباته وانضجها ويسقطها في فمه ، يمضغها بتلذذ ، مستعرضا قوته وجبروته .. تفهم انها ليست لعبة !!

تصر علي انتزاع حقها من يده ، تجري نحوه بسرعه ، تضرب ساقه بقبضتها الصغيرة ، ضربة تضع فيها كل قوتها وغضبها ، تتسلقه ، تحاول الوصول الي ذراعيه الطويله المعلقة قرب السماء تحمل عنقود العنب يتأرجح كثريا عالية ، تصرخ في وجهـه المبتسم ، تناشده ، يقترب بالعنقود من رأسها ، من فمها ، يلوح به امام عينيها الباكيتين ....
يسألها بسخرية " عايزاه ؟؟ " تتردد في الاجابة ، لا تثق فيه ، تتأمله ، عملاق بأذرع طويلة عالية تحمل في قمتها عنقود الكهرمان البعيد " عايزاه ؟؟ " سؤال لا تعرف كيفية الاجابة عليه ، لا ترد يطريقة مباشرة ، لكنها تمسك في الذراع بجسدها الصغير الرفيع ، تجلس علي احدي ساقيه الطويلتين ، لتري ظلالها بجوار ظلاله في الحائط القريب ، حجمها اصغر من حجم العنقود المعلق ..

يهبط بذراعيه تدريجيا يقترب من فمها المرتعش ، تهدأ حركتها ، تنتظر فرجا وعطاء ، تتصور اللعبة انتهت .. وقبل ان تصدق نظرها ، تري فمه الكبير يلتهم كل العنقود دفعة واحدة و يلتهمها ، تتناثر من بين اسنانه المصقوله الحاده جزئيات مسكره ممتزجه بلعابه الكثيف .. يٌخرج لها من فمه فرعا عاريا ممضوغا ويلقيه عليها وهو يكاد يموت من الضحك !!! اليست لعبة ؟؟!!

لا تصدق ، لا تبكي ، لا تحس مزيدا من القهر ، تشعر خوفا علي اصباعها الصغيرة ، علي جســدها المرتعش وتفر هاربة ، تلقي في وجه الفرع الفارغ من ثماره ، تنظر له نظرة رعب ، وتبحث عن جحر صغير تدفن فيه نفسها ومخاوفها ..

تجري بعيدا يطاردها صوت ضحكاته العالية المنتشية ، يشعر انتصارا مزيفا ، انتصار عملاق كبير علي عقلة الصباع الصغيرة .. تنام تعبا ورعبا ، مرسوم علي وجهها اخدود دموع ، وعلي شفتيها يترسب طعمها المالح .. ينام ارهاقا من كثره الضحك والتخمة ومن كثرة اللعب !! في الحلم يأتي لهــا رجل طيب يحتضنها ويواسيها ، يقول لها " اخوك الكبير ، ماتزعليش منه " .. تبتسم وتقرر انها لن تزعل منه !!

اما هو فلا يأتيه احد في الحلم يقول له " اختك الصغيرة ، خد بالك منها ومتضايقهاش "" لذا يصر بين اضغاث نومه علي اللعب معها ، يصر علي اختطاف كل ما يجده في يدها ليلتهمه وينام سعيدا فرحا بلعبته المرحة !!!

ليست هناك تعليقات: