والله إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها، وكأنني أرى الدم بين العمائم واللحى.
الحجاج بن يوسف الثقفي
انهم مجموعه من الرجال محتجزين في حجره واسعه كبيرة بجدران عالية صلده صلبة مشيده من احجار البازلت السوداء .محتجزون بارادتهم ، اتفقوا يبقوا في تلك الحجرة ولا يغادروها ، ينتظروا مهمة خاصه جدا ، لم يأتي ميعادها بعد ، ينتظروها وجميعهم محتجزون في تلك الحجرة ذات الجدران العالية ..
في منتصف احد الليالي البعيدة ، وصلتهم رساله سريه بشفرتهم التي يحفظوا مفاتيحها عن ظهر قلب ، رساله تقول لهم ان ساعه الصفر ستاتيهم وهم في الحجرة ذات الجدران العالية ، وحتي يعرفوها عليهم ينتظروا معا في تلك الحجرة ، ساعه الصفر ستأتيهم لعملية هامه جدا ، تساؤلوا عن طبيعه العمليه ، تساؤلات لم يفصحوا عنها حتي لبعضهم ، ربما ستكون عمليه حربية ، انزال ربما ، قد تكون موقعه بالمدافع والطائرات ، قد تكون مجرد حرب شوارع ، قد يواجهوا استسلاما يفاجئهم ويحققوا انتصارا لم يدفعوا ثمنه ، لايعرفوا ولايكترثوا ، هم جاهزين لكل المهام ، مدربين عليها ، حين يواجهوا اي موقف سيتعاملوا معه بالطريقه المثلي ......... وحتي تاتي ساعه الصفر هم محتجزين في الحجرة الواسعه ذات جدران العاليه الصلدة ......... يقتلوا الوقت بالانتظار ويقتلوا الانتظار باللامبالاة !!!
هم يعرفوا بعضهم ويشبهوا بعضهم ، يأنسوا لبعضهم ويسكنوا لبعضهم ، لايعرفوا مالذي جمعهم ولا كيف تجمعوا ولا يكترثوا بالبحث عن اجابات لتلك الاسئله ، هم محتجزين بارادتهم في تلك الحجرة ، يشعروا بالقوة التي تجري في عروقهم كالدماء الزرقاء ، يشعروا بالزهو كالديوك منفوخه الاوداج ، يشعروا بالتعالي كسكان الابراج العاجية العالية ، يشعروا بانهم فوق البشر وكل البشر تحتهم ، يشعروا انهم يملكوا الدنيا لكنهم رغم كل هذا باقين في تلك الحجرة بارادتهم الحرة ، لن يخرجوا منها الان ، لو ارادوا لخرجوا من الحجرة ، لو ارادوا لحطموها ، لو ارادوا لحطموا العالم كله حولهم ، وقتها لااحد يقوي عليهم ولا يقوي علي منعهم لكنهم الان وفي هذه اللحظه وهم يعلموا قدر نفسهم ووضاعه الاخرين راضيين عن بقائهم في الحجرة الواسعه وخلف جدرانها العالية ، سعداء بالانتظار ، ينتظروا ساعه الصفر ، انهم راضون في هذه اللحظه عن بقائهم في الحجرة اما اللحظه التالية التي لم تأتي بعد ، لحظه ساعه الصفر ، فلانعرف مالذي سيقرروه ، هل سيبقون خلف الجدران ويشربوا انخاب انتصارهم السهل ام سيهدموها فوق رؤوسهم ورؤوس الجميع ويحاربوا وينتصروا ويشربوا الدماء الساخنه في جماجم الضحايا الرخيصه و.............. لانعرف ولا يعرفوا و......... لم تات هذه اللحظة بعد ومازالوا محتجزين في الحجرة وخلف جدرانها !!!
انهم مجموعه رجال بلا ملامح ، حينما تحدق في وجوههم لن تلحظ فارق في ملامحهم ، لن تنتبه ابدا للعيون الصغيره لهذا او الانف الكبيرة لهذا ، كل ماستنتبه له الشوارب السوداء الكثه التي تحتل نصف وجوههم !!! انهم رجال بلا ملامح لكن شواربهم الكثه تؤكد رجولتهم القوية العاتية ، انها هرمونات الذكوره التي تجري في عروقهم وشواربهم تحدد علاقتهم بالحياه التي يعيشوا فيها ، هرمونات الذكورة التي تجري في عروق الاسود فتهاجم وفي عروق الثيران فتنطح وفي عروق الكلاب فتعقر وفي عروق الدبابير فتقرص وفي عروق الثعابين فتنشر سمها موتا وفي عروق النمور فتتربص وفي عروق الذئاب فتعوي وتخيف وفي عروق الصقور فتنقض علي فريستها .... انها هرمونات الذكورة التي تنتشر في عروقهم ترسم ملامحهم شراسه وقوه وعنف وقلب ميت ودماء بارده وبراعه في التصويب وقدره علي القتل بمنتهي السهوله وبغيرما يطرف جفنهم !!! ....انهم خبراء في فن القتل واصحاب تاريخ طويل في الانتصار وصناعته !!!
انهم قتله بالسليقه والبراعه وبالتدريب وبالرغبه ، مايجيدوه هو صناعه القتل وفنه ، ليس مهما المبررات والذرائع التي يروجوها تحسينا لصورتهم في عين الاخرين ، ليس مهم القصص التي يرووها والحكايات التي يخترعوها ، انهم يقتلوا اولا ثم يبحثوا عن المبرر الذي دفعهم للقتل ، ومن يهتم بمبرات القتل التي يقدمها صناع القتل ومحترفيه !! انه الفن الذي يجيدوه والمهنه التي يحترفوها والهواية التي يعشقوها !!!!
وحتي تاتي ساعه الصفر ، هم باقون بمنتهي الرضا والسعاده محتجزون داخل الحجرة الواسعه ذات الجدران العالية ، كل مايرغبوا فيه يجدوه ، اكل شرب ، تلفزيون جرايد ، حتي نسائهم يسمح لهن بزيارتهن مره كل يوم لو رغب الرجال ..والحياه تسير ...
كل رجل من الرجال يفهم في كل شيء او هكذا يظن !!لو تحدثت في الهندسه سايروك ولو تحدثت في الكيماء تفوقوا عليك ولو حللت مايحدث في المجتمع فتحوا اضابيرهم واخرجوا تحليلاتهم وخطئوك ولو دخلت المطبخ لتطهي اكله شهيه تعلمتها من والدتك عدلوا عليك !!!انهم يفهموا في كل شيء !! او هكذا يظنوا !!او هكذا اقنعوهم ، انتم تفهموا في كل شيء وتقووا علي كل شيء !!!انتم فوق الناس والناس تحتكم !!! انتم فوق بعض ، الاعلي اقوي والادني اقل !!!انه قانون صناع القتل !!!
حين تضغط علي زنادك انت معك كل الحق ، لاتفكر فيما سيقوله الاخرين ، تبا للاخرين فليذهبوا للجحيم !!حين تغمد نصلك في قلب من يقف امامك ، معك كل الحق ، الدماء التي تقفز من جسده وروحه التي تغادر جسده دليل براعتك وقوتك وضعفه لحد يستحق معه الموت !!! حين تلوي عنق من يقف امامك بصلف وكبرياء ، حين تلويها فتكسرها وتسمع صوت فقراته وهي تنسحق تحت قوه اصابعك انت تسمع موسيقاي تصويريه لفخرك وقوتك ، فهذا الاحمق الذي قرر يقف امامك متجاهلا من انت ومن هو يستحق ان تكسر عنقه بحركه واحده ولو شاهدك وانت تكسره لاعجب ببراعتك !!!انهم صناع القتل ، معا في حجرة واسعه بجدران عاليه ، ينتظروا ساعه الصفر !!!
الحجرة التي تحيطهم جدرانها وااااااااااااااسعه جدا وبلا نوافذ !!لايعرفوا مالذي يحدث في الخارج ولماذا يعرفوا ، الاخرين هم الجحيم وهم القمامه المتراكمه فوق بعضها جبال جبال !! الاخرين هم الجهلة والبشر الذين بلا قيمة ، لاراي لهم وان تحدثوا لايقولوا وان قالوا لايفهموا وان فهموا لايجيدوا التعبير عن انفسهم !! الاخرين لا لزوم لهم ، هم ملح الارض ووقود السيارات واسفلت الطريق والحيوانات المنويه والبويضات التي تحافظ علي استمرار الحياه ليتمكن صناع القتل من ممارسه عملهم وهوايتهم وبراعتهم !! الاخرين الضحايا المحتملين والجثث المرتقبه ليس لهم اي معني اخر ولا مبرر لوجودهم الا تمكين صناع القتل من اقتناء الاوسمه والنياشين وكتابه اسمائهم في كتب التاريخ باعتبارهم صناع الانتصارات والفرحه !!!
ياله من عالم غريب الذين يعيش فيه هؤلاء الرجال ، يتصور الاخرين انهم يدافعوا عنهم وهم يقتلوهم !!!معادله غريبه في عالم اكثر غرابه !!!!الاخرين هم القمامه والجحيم والضحايا المنتظرين ومداد اوسمه الفخر وقلادات البراعه والنصر !!! هؤلاء الرجال المحتجزين خلف جدران الحجره الواسعه يحتقروا الاخرين ، الحقيقه لايحتقروهم ، الحقيقه لايروهم حتي ليحتقروهم ، يعرفوا بوجودهم ولا يكترثوا بهذا الوجود ، هم موجودين لنتحكم فيهم ونحكمهم ونقتلهم ان لزم الامر فيصفق لنا الاحياء فرحه بقتل من ماتوا ولكل انسان عمر سينتهي باي طريقه لسنا مسئولين عن الموت نحن نمارس عملنا في حمايه من سيبقي من الاحياء وتنظيف العالم من قذاره من مات ، نحن حماة الحياة والضحايا لاثمن لهم والاحياء لا صوت لهم ، المجد كل المجد لقوتنا وضعفهكم واستبدادنا وقهركم ........... هذا هو ببساطه قانون اللعبة !!! انتم تعيشوا مثلما تعيشوا لانكترث بكم ونحن نحكمكم ولا نكترث برأيكم فينا ، من انتم ايها الحثاله حتي تقولوا رايكم فينا !!!
الرجال المحتجزين بارادتهم خلف الجدران الصلدة لايعرفوا ماذا يدور في الخارج ولو عرفوا لايكترثوا ، احيانا يصلهم صخب الحياه خارج غرفتهم ، يتحسسوا مسدساتهم ومدافعهم وخناجرهم ويستعدوا للقتل ، فالصخب لايستدعي في عقولهم الا القتل ، لكنهم اعقل ينصحهم لايستحقوا نفرغ في اجسادهم العنفه رصاصنا الطاهر ، دعوهم يعيشوا بطريقتهم ، دعوهم يمارسوا الصخب الفارغ لامعني لكلماتهم ولا حديثهم ، يندفع احمقهم صارخا ، لكنهم يؤرقوا مضاجعنا ويوقظونا بصخبهم ، يضحك الاعقل ، دعهم يعووا وحين يفيض بنا الكيل ، نخرج لنخرسهم !! يضحك الاحمق سعيدا ينتظر تلك اللحظه !!! يتحسس الجميع مسدساتهم يتاكدوا انها محشوة بالرصاصات و......... يحكموا اغلاق اذانهم ويصمتوا ينتظروا لحظه الصفر !!!
يشرح الفليسوف فيهم للجاهل الغاضب من صخب الحديث وفارغه ولغوه ، تجاهل ماتسمعه ، انهم مثل الحشرات واقل ، يضحك الجاهل ، يؤكد عليه الفليسوف ، تعلمنا من حكمائنا ان الاخرين مثل النمل ، النمل يعيش في مملكته وفقا لنظام دقيق ، يحدق في الفراغ كانه يخرج من الحجره ويخطب في الصاخبين في الشارع ، انتم حتي اقل من النمل ، انتم تعيشوا في فوضي بشعه ، النمل لايفكر لذا ينتج ويخزن اكل الصيف للشتاء ولاتخرج نمله من الطابور ، اما انتم ، فقد صدقتكم ان في جماجمكم الفارغه عقول يجب ان تعمل ، انتم كارثتكم التفكير ، مجموعه من الجهله يفكرون وطبعا كل مايفكرون فيه لامعني له !!!انتم مثل النمل واقل ، وهل نشفق علي النمل وقتما نرشه بالمبيدات الحشريه لانه يتجرأ ويتسلل لاجوله السكر التي تحلي الشاي والبسبوسه !! بالطبع لا ، عندما يتجرا النمل ويخرج من طابوره ويتسلل لاجوله السكر البلوريه الفاخره لايستحق الا الاباده وبقلب ميت ودم بارد !! يهز الجاهل راسه مصغيا بسعاده للكلمات التي تقطر تعالي وكراهيه يسمعها وكانها اعذب الالحان في اذنه ويتحسس مسدسه العامر بالطلقات المميته ويتمني يفرغ رصاصات سلاحه في النمل الذي يتحرك تحت قدميه ، لايفكر يسحقه بالحذاء الثقيل الذي يرتديه ، يفكر فقط في ضربه بالرصاص ، هذا ماتعلم يفكر فيه ، العدو لايضرب الا بالرصاص ، الحذاء للارض والكف الغليظ لوجه الاصغر والاتفه اما العدو ففقط دواءه الرصاص المنهمر كمطر المناطق الاستوائية ، يتحسس مسدسه ويتمني يخرجه ويطلق رصاصه علي النمل هو مغمض العينين ، هو لايخطيء اهدافه ، هكذا تعلم يصيب الهدف مهما صغر او بعد بمنتهي الدقه بعشرات الرصاصات .. لكن وقت الرصاص لم يأتي بعد ويكفي النمل سحقه بالبياده الثقيله ، يقفز فوق رؤوس النمل يسحقه وهو يصرخ ، يصرخ غيظا ، اه من ضبط النفس اه من قهر الاراده اه من التعقل اه من النمل اللعين الذي يستحق يتمزق بدنه الهش وارجله الرفيعه وعيونه المغضمه بالرصاص الحي !!!!!! يبتسم الفليسوف ويهز ذراع الجاهل ، افق ياصديقي ، النمل لم يقترب منك بعد ولا يجرؤء !!!!
لكن الرجل الجاهل يصدق انفعالاته وخيالات وينفعل اكثر واكثر !!! ينفعل جدا ويتمني لو يكسر الجدران ويخرج منها لخارج الغرفه حيث الصخب والضجيج الفارغ ، يتمني لو تاتي ساعه الصفر فيشهر مسدسه ويقتل كل من يصادفه ، فيموت النمل والصخب ، لكن ساعه الصفر لم تأتي وهو منضبط و مازال يطيع الاوامر ، مازال يضبط نفسه ويقهرها ، يخرج مسدسه بسرعه ، و.......... تكتم الانفاس ، كل يتابعه ، لو ضرب طلقه واحده علي النمل لاعدم فورا .. من شده انفعاله جميعهم جميع الرجال شاركوه اوهامه وخيالاته وتصوروا معه النمل يقترب منهم وسيهاجهم ، تصوروا ان النمل يزعجهم ، تصوروا ان النمل يعاديهم ويعارضهم ، تصوروا ان النمل يصرخ يحتج عليهم غاضبا منهم ، جميعهم عاشوا وهم زميلهم الجاهل وتفاصيل خياله وتصوروا النمل يحيطه ويزعجه ، وخافوا يندفع يتهور يتحامق ويطلق رصاصه علي النمل ويخالف الاوامر ويصنع ساعه صفره بنفسه ، جميعهم يعلموا ان الاوامر التي لديهم و لدي زميلهم الجاهل حتي الان لاتسمح له ولا لاي منهم بضرب النمل بالرصاص .. وعاشوا الخيال بتفاصيله ، وشاهد كل منهم نفسه وسط النمل الذي يتحرك في خيال زميلهم الجاهل ، عاشوا جميعهم الخيال وتصوره حقيقه وفكر كل منهم في حاله وسط تلك الحقيقه الوهمية ، ابتسم اعقلهم وهو يري نفسه يتعالي علي النمل الصاخب ويسمع له بالحياة ، وابتسم الفليسوف وهو يري نفسه يعطي النمل الذي يكرهه ابتسامه كبيره وكانه يحبه ويري نفسه وهو ينصح النمل بالتروي والانصات والادب وكانه امر النمل يهمه ، ابتسم الاحمق وهو يري نفسه يقف وسط النمل في الميدان يجاريه ان غنوا غني وان صرخوا صرخ وان ناموا نام ، ابتسم سعيدا لانه ادرك انه قوي الاراده رغم حمقه وقادر علي مجاراه النمل فيما يهواه !! ابتسم وكاد ينطق لست احمق ايها الساده لقد ظلمتوني !!!
كل هذا وهم يتابعوا الجاهل الذي يكاد ينفجر من الغضب ، لايعرف لماذا يتعين عليهم ضبط النفس ، تصوروه سيطلق رصاصاته علي النمل ويفسد خططهم ويقدم ساعه الصفر التي ينتظروها ، تلك الساعه التي يعرفوا انها حين ستأتي سيطلقوا رصاصتهم علي النمل غير مكترثين باي شيء الا اشباع غريزه القتل وهوايته لديهم !!! لكن الجاهل فاجئهم برزانته غير المتوقعه ، فهو رغم انفعاله مازال منضبطا واخرج النمل من خياله واعطاه ظهره و ........... واطلق الزناد طلقه اثنان عشره عشرين ........................ صوت دوي ضخم فرقعه كبيره ، يضحك الرجال ، نعم مازالوا يتمتعوا بضبط النفس ، لم يصوب الرجل علي النمل الذي يتحرك تحت قدمه ، بل افرغ مسدسه ورصاصاته في الحائط الضخم القوي السميك و................. خدش الحائط خدشا صغيرا ........... واستراح الرجل وافرغ غضبه المفاجيء في الجدران العاليه ، اشعل الرجل سيجارته وجلسه علي مقعده الوثير سعيدا ، افرغ طاقته في الحائط واستراح و............. ضحك ضحكات شريره عاليه وهو يتوعد النمل في خياله ، بكره ييجي اليوم علي النمل وساعتها يوريني حيجري مني فين ؟؟؟
يراقبه الرجال بتوتر وحين افرغ طلقاته في الجدران ، انفجروا ضاحكين فرحين ، نعم الجاهل دون يدري منحهم طريقه بديعه للتنفيس عن غضبهم ، حين يفيض بهم الغضب ويزداد صخب النمل وصوته العالي وكلامه الفارغ وتمرده ، سيفرغوا رصاصات مسدساتهم في الجدران العاليه حولهم ، وفهموا بسرعه العقليه العبقريه التي جمعتهم في تلك الحجره الواسعه بجدرانها العاليه القويه ، نعم تلك العقليه تفهم نفسياتهم ، تفهم سرعه غضبهم تفهم قوه انفعالهم ، تفهم انه سيأتي وقتا عليهم ينفجروا من شدة الضغوط رغم ارادتهم القويه في ضبط النفس ، تفهم ان انفجارهم ات ات ، لذا منحتهم رصاصات كثيره وجدران عاليه و........... من يغضب او ينفعل او يشط ، عليه يطلق رصاصاته في الجدران ، سيفرغ غضبهم ويريحهم ويؤجل انفجارهم الاخير حتي تاتي ساعه الصفر !!!
ومتي ستاتي ساعه الصفر يافليسوفنا ؟؟ ستاتي حين تعجز الجدران عن منعنا من الانفجار الغاضب !! ومتي ستعجز الجدران عن منعنا من الانفجار يافليسوفنا ؟؟ اجاب اجهلهم بعفويه وبراءة ، ستاتي ساعه الصفر وقتما لايكون هناك جدران !! ضحك الفليسوف وصفق الجميع يستشعروا الحريه التي سينعموا بها وقتما لايكون هناك جدران تحتجزهم خلفها ، هم لن يتمردوا علي الجدران ولن يكسروها لكنها وقت تتلاشي سيشعروا بحريه كبيرة وحين تاتي ساعه الصفر التي تسمح لهم بالخروج من الحجرة واطلاق رصاصاتهم في كل اتجاه سيمارسوا بسعاده هوايه القتل ومهنته التي يحبوها ، وقتها سيقتصوا من النمل الذي ازعجهم بصخبه ، وقتها لايلوم النمل الانفسه !!! وازدات سعاده الرجال وقوتهم وغطرستهم !!!! الجدران مهما احتجزتهم خلفها ستتلاشي وضبط النفس مهما طال سينتهي والصبر مهما كثر سينفذ و................ ستاتي اللحظه السعيده التي ينتظروها !!!
وسارت الايام متعاقبه بنظامها الدقيق وانضباطهم القوي يتخللها فورات غضب ينفثوا عنه في الجدران ............ في يوم ما اطلق الاحمق عشره رصاصات في الحائط وقتما قرأ صدفه مانشيت في احدي الصحف يسخر منهم !! كان بائع السندوتشات قد غلف بضاعته بورق جرائد قديم ، اكل الاحمق السندوتشات وطالع المانشيتات فاحس الما في معدته التي تقلصت من الغضب وترك بقيه السندونشات واخرج مسدسه بسرعه واطلق رصاصات متتاليه ، وابتسم وعاد لبقيه اكل و....... خدش الحائط خدشا كبيرا لكن بقيه الجدران مازالت عاليه قوية!!!!!!!! ومازال النمل في امان !!!!
وفي يوم اخر ................ اشهر الفليسوف مدفعه الالي واطلق دفعات من الذخييره متتاليه صوب الحائط ، لااحد يعرف عدد طلقاتها ، ربما مائه وربما الف ، ضحك الجاهل وهو يراه ينفس غضبه بتلك الطريقه العنيفه ، شرح له الاحمق وهو يراقب الفليسوف بفرحه واعجاب ، شرح له ان الفليسوف لايغضب لكن اذا غضب استعرت النيران في صدره لايطفئها الا الدم ، لكن ساعه الصفر لم تحن ووقت الدم لم يأتي ، اتق شر الحليم اذا غضب هذا ماقاله الاحمق للاخرين مفسرا الحاله التي انتابت الفليسوف ، غضب بشده لان ماسمعه باذنه من تلك المحطه التي تعرض برامج السهره افقده صوابه ، اطلق الرصاصات عشره مائه الف ثم اشعل سيجاره وابتسم ، شرح الفليسوف لبقيه الرجال ، اصعب حاجه ان الحمار يتصور ان بيفهم ، اللي بيتكلم ده كان حمار وعمال يقول حاجات غبيه ويسخر منا ، لو كان قصادي كنت قطمت رقبته بايدي وكان زماني اتعدمت ، لان قتلت قبل ساعه الصفر ماتيجي ، الحمد لله انه في الاستديو البعيد ، ضحك الاحمق وقاله ، انت زعلان من حمار يافليسوف ؟؟؟ هز الفليسوف راسه ، زعلان طبعا انه حمار للدرجه دي وزعلان ان فيه حمير بتسمعه وحمير سمحت له بالكلام وحمير سمحت له يلعب في عقول المتفرجين !!!! وهمس ، لو ساعه الصفر كانت بدري شويه كان زمانا ربينا كل الناس دول وعلمناهم ازاي مايبقوش حمير ، الدم السخن اللي حيطرطش في وشهم حيعلمهم يفكروا قبل مايتكلموا ويفكروا كتير قبل مايجيبوا سيرتنا ، الدم السخن اللي حيطرطش في وشهم حيعلمهم ان الادب فضلوه علي الصوت العالي وان النمل مالوش ديه وان اللي يرفع حاجبه علي سيده تتقطع رقبته وان الحياه حلوه لو يعرفوا يعيشوها !!! ضحك الجاهل وقاله وازاي يعرفوا يعيشوها ، اخذ الفليسوف نفس عميق من سيجارته ولمعت عيناه بالذكاء وهمس بصوت خفيض عميق ، يعيشوها من غير فذلكه و دوشه ، ياكلوا ويشربوا ويناموا وبس خلاص ويسيبوا التفكير والتصرف لينا احنا !! وانفعل مره اخري لانه تذكر الكلمات التي اعتبرها غبيه والتي سمعها في التلفزيون فاخرج مدفعه الالي مره ثانيه وضرب عشرات الرصاصات في الحاط وتنفس بعمق وطلب من زملاءه ينسوا كل ماحدث لانه لايستحق التفكير فيه و..................... خدش الحائط خدشا كبير حتي تصور المؤلف الذي يحكي قصه هؤلاء الرجال ان جزءا منه قد انهار ، ربما جزء من الحائط انهار او لم ينهر بعد ، لكن الامر المؤكد به ان صبر الرجال المحتجزين قد نفذ وان ساعه الصفر قد اقتربت !!!!
قبع المؤلف في مخبأه يراقب الرجال ، كل دقيقه احدهم يخرج مسدسه ويفرغ رصاصاته في الحائط ، مره الحائط اليمين مره الحائط الشمال ، مره في الحائط الشرقي مره في الحائط الغربي !!! قبع المؤلف في مخبأه مرتاعا ، كلما سمع صخب الاخرين خارج الغرفه يتبعه صوت فرقعه الرصاص يزداد المؤلف رعبا لان غضب الرجال يتزايد وضبط النفس يتراخي وبحور الدماء قادمه قادمه ، يلاحظ المؤلف ان الجدران تتشقق بفعل الطلقات المتتاليه التي تمزق بدنها وصبر الرجال ينفذ والذخيره في حوذتهم كثيرة لانهايه لها وساعه الصفر تقترب تقترب !!!
وفي يوم غائم ...................... اخرج كل الرجال اسلحتهم وتتابعوا في اطلاق الرصاص علي بقايا الجدران التي كانت عاليه وقويه .................. الصخب في الخارج عاليا مدويا ، كلام فارغ ولغو ، يقسم الفليسوف انه يسمع شتيمته باذنه ، يقسم الاحمق ان النمل استقوي عليهم ويكاد يعقرهم ، ضحك الجاهل لان تعقلهم وصبرهم طمع النمل فيهم ، فتصور النمل التافه نفسه ديناصورات ، وتصور الرجال اصحاب الشوارب الكثه نمل ضعيف يقوي علي سحقه بكلماتهم الصاخبه ، في ذلك اليوم ، اخرج كل الرجال اسلحتهم واطلقوا الرصاصات خلف الرصاصات و........... تهاوت بقايا الجدران ومعها بقايا الصبر وضبط النفس و.................... صرخ اكبرهم حانت ساعه الصفر !!!!!!!!! واصم زئير الاسود كل الاذان ومازالت تزأر!!!!
وسقطت الاقنعه وظهر كل شيء علي حقيقته و............. من اقنع الاخرين بطيبه هؤلاء الرجال وانهم يحبوهم !!! ايها الحمقي لايحبوكم ولا يوافقوكم ولا يحبوا صخبكم وابتساماتهم تخفي خلفها ملامحهم الحقيقيه !! كيف صدقتم كل الزيف الذي باعوه لكم وقت صمتوا ومنحوكم وقتا طويلا لتتحدثوا وتختلفوا وتتفقوا وكانكم اصحاب القرار !!! ايها الحمقي هل كنت تحتاجوا كل هذا الدم لتعرفوا حقيقه الامر !!! رحمكم الله ، لقد عرفتم ماكان يلزم معرفته بعدما فات الاوان ، فالجثث لن تبعث فيها الحياه مره اخري لتصحح اخطائها !!! رحمكم الله وغفر لكم مافعلتوه في انفسكم وفينا !!!!
ومرت ايام طويله وليالي ثقيله وتعاقبت الايام والليل والنهار و الشمس والقمر والفصول الاربع ......... و.... مازال الرصاص يدوي والمدافع تضرب والجثث تتراكم فوق بعضها جبالا تحجب قرص الشمس وضوء القمر ، وانتشر الخرس بين الموتي وبين الاحياء وتعالي انين الجرحي حتي يموتوا فترمي جثثهم فوق الجبال العفنه وانتشرت رائحه الدم مع رائحه التبغ والرجوله والتعالي و................. تبعثر النمل تحت ارجلهم الثقيله التي دهسته وساد الصمت الا صوت الرصاص !! مرت ايام طويله وليالي ثقيله والموت مازال يحتل الخريطه وابطال صناعه الموت مازالوا يحكموا و........... النمل تبعثر تحت الاقدام و............ من يجروء علي الحديث لايجد الا الرصاصات الرخيصه تعلمه فضيله الصمت !!!! وتكاد الجثث تصرخ في موتها ... كم خدعنا ، تكاد تصرخ لقد تعلمنا الدرس وفي المستقبل لن نخدع ثانيه !!! لكن الجثث خرساء لاتصرخ ولا تتعلم !!! رحمها الله ورحمنا!!!!
هناك 4 تعليقات:
مجدي السباعي
فعلا انه قانون صناعة القتل
ليتناسب نفهم ونعى ماكتبه بروعه و عمق اميرتنا
أميرة:
وسقطت الاقنعة
ورأينا وجوها عاشت معنا وما عرفناها
لم يـُقنع أحد الاخرين بطيبه هؤلاء الرجال وانهم يحبونهم
انما هم من ضحكوا على انفسهم
هم من لبسوا اقنعة
هم من صدقوا طيبة الاخرين
لانهم ببساطه
حمقى
انهم يحبون الحياة التي يسرقوها منا
فيبتسمون لنا.... كما تبتسم الوحوش لفرائسها
ابتسامة شهوة القتل الممتعه...
شهوة سلب الحياة التي تشعرهم بعظمتهم
صدقنا الزيف ببساطة لاننا أردنا الراحة
حملنا لائحة مكتوب عليها بدمائنا:
اللي تعرفه احسن من اللي ما تعرفوش
مازال الرصاص يدوي
والجثث تترامى هنا وهناك
والناي يبكي على شاطيء النيل الحزين
فما عاد احد يجروء على الحديث
لانه ما كان هناك اصلا من يعرف الحروف
الخرس يا سيدتي هو عنوان وطريق
منذ زمن طويل كل واحد يمشي بلا صديق
لنبحث عن بعض الفضائل
لنبحث عن قبور ندفن فيها جثثنا
فمن العار ان نمشي وقد فارقت اجسادنا الحياة
آه والف آه يا سيدتي
هل بعد كل هذا لازلنا نطمع في
رحمة الله؟
علينا السلام
أعتقد ان الفكرة فلسفية لكن رائعة
إرسال تعليق