مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين
الأحد، 27 يونيو 2010
الجمعة، 25 يونيو 2010
شجرة الرجال .. و .. زهرة الروح !!!! الجزء الاول !!!
( 1 )
شجرة الرجال
شجرة الرجال
انها عائله غريبه جدا ...... كل من يعرف تلك العائله يدرك غرابة احوالها .....عائلة كبيرة العدد ، انجب رأسها منذ سنوات بعيده ، انجب سبعه ذكور واربعه اناث!!! وبسرعه كبر ابناءه الرجال وتزوجوا وانجبوا ذكورا حملوا لقب العائله واسمها .... وبسرعه كبر الاحفاد وتزوجوا وانجبوا ذكورا حملوا لقب العائله واسمها .... الجد الاكبر انجب ذكورا ، الابناء انجبوا ذكورا ، الاحفاد انجبوا ذكور ......انها شجرة كبيرة جذورها ضاربه في الارض وفروعها تعلو علي السحب البعيده وتشق عنان السماء ، كل فرع من الفروع الكبيرة يحمل اسم ابن واسماء احفاد واسماء احفاد الابن ، انها شجرة الرجال !! اين الاناث؟؟؟؟؟؟؟؟؟
( 2 )
الجد الاكبر والحفيد الاصغر
الجد الاكبر والحفيد الاصغر
قص علي جدي في لحظه افاقه قصيره من توهته المتكررة بسبب تصلب شراينه وتحلل خلايا مخه التي ارهقتها الايام الكثيرة والسنوات المتعاقبه من لحظه ميلاده البعيد ، قص لي ان بناته الاربع متن امام عينه ، وانهن حرقن قلبه حين تبعثرت اوراق زهورهن اليانعات قبل الاوان ، قص علي ان امهن ، رحم تلك الاسرة وخصوبة شجرتها ، جدبت بعدما تساقطت الزهيرات الواحده تلو الاخر امام عينها هباءا منثورا في الفضاء ، قال لي ان التراب الذي وراهن احترق بدموعه وتخضب لونه بدماء انوثتهن التي وأدت قبل الاوان !!!لم يكن جدي بالضبط ، كان جد ابي ورأس العائلة ، كان عجوز هرم ، كانه عاش الف سنه ، علي وجهه تجاعيد كل الزمن ، في ذاكرته وقت تعود الاف القصص والحكايات ، كانه عاش الحياه كلها منذ بدأ الزمن دوراته و بدأت الحياه وجودها....ثلاث من بناته متن صبايا في ربيع العمر ، كل واحده ماتت بلا قصه ، ماتت ببساطه !!! اخبرني جدي ، انه بكي الابنه الاولي وحزن علي الابنه الثانيه وقهر وقت ماتت الابنه الثالثة ومنح كل حبه لبناته الاربع لابنته الصغري التي تصور انها ستعيش حتي تبكي عليه ....لااعرف ابنته الرابعه .... نسي جدي يقول انها ماتت هي الاخري امام عينه ، عاشت قدر ماعاشت ثم خدعته وماتت ببساطه مثل شقيقاتها الثلاث ، وتركته بلا ابنة من دمه تبكي عليه وقت يموت ، ماتت امام عينيه بعدما طال به العمر بلا معني الا ليقهر علي اخر زهراته قهرا لا يغادره ابدا مهما غابت ذاكرته وعادت ، وهنت وقويت ، الشيء الوحيد الذي لاينساه ابدا ، ان بناته الاربع متن امام عينيه !!!لااعرف ابنته الرابعة .... لكني سمعت عنها من كبار العائلة !!! زهرة ..... هذا اسمها ... العمة زهرة .... كما كان يناديها البعض .. الجده زهرة .... كما كان يطلق عليها البعض .. كانت جميلة ... ذكية ... ماهرة في كل شيء تقوم به !!!! هي الوحيده من بنات الجد التي عاشت طويلا ، وتزوجت وانجبت ابنة واحدة وماتت !!!!جدي الاكبر ، يعيش في منزله الريفي وحيدا ، مع يمامه بيضاء لاتغادر كتفه وخادمتين عجوزتين ، بقايا الايام التي كان العز فيها صفه منزله وحياته !!! يعيش وحيدا مع اليمامه البيضا بعيدا عن كل البشر ، يجلس في الشرفه الواسعه فوق كرسي كبير وعلي ساقيه بطانيه عتيقة صيف شتاء .. يستيقظ لينام وينام ليستيقظ ... وحين تلقي شمس الظهيره اشعتها فوق وجهه تتدفق الذكريات البعيده !!! كثيرا مايبكي بناته اللاتي متن امام عينيه فباكهن كمدا ولم يعشن ليبكوه !!!حين يستيقظ من النوم ليبكي تنهره الخادمه العجوز ليكف عن البكاء خوفا علي بقايا نور عينيه وتجفف اليمامه البيضاء دموعه بجناحيها ، الغريب ان الجد الاكبر الذي كانت البلده ترتعد من صوته وقت يهمس ، يستجيب للخادمه العجوز ويكف عن البكاء ويصمت وينام !!!!وحين ينام يهذي بكلمات غير مفهومه ، هي هي ذات الكلمات التي يرددها طيله الوقت حين ينام ، كأنه يحفظها ، هذيان منظم متكرر غير مفهوم !!!تخبر خادمته العجوز طبيبه الذي يزوره مره كل اسبوع ، تخبره انه لايكف عن الهذيان وهو نائم !!! تخبره انها لاتفهم كلماته ولاتعرف لها معني ، تخبره ان الكلمه الوحيده التي تفهمها من وسط عشرات الكلمات هي " زهره " يبتسم الطبيب ويناشدها تتركه براحته يهذي مثلما يحب !!!في يوم غريب استيقظت من نومي مرتاعا يجتاحني الشوق له ، خفت يموت ، تصورت شوقي هاتف يناديني اطمئن عليه قبل رحيله ، سافرت بسرعه لاراه ، لم اخبر ابي وامي اني ساذهب لجدي الكبير ، وصلت قبل العصر ، جالس في الشرفه علي مقعده مثلما يجلس دائما ، اليمامه البيضا نائمه فوق كتفه ، صوت هديل حمام يلف المكان ، حفيف سعف النخل يتداخل مع الهديل من نغمات ناي بعيد ، احسست الطمأنينه وقت وقفت امامه ، انفاسه منتظمه ، طمأنينه لاافهم مبررها تلون ملامحه ، لم اناديه لاخبره بوجودي لكنه احس بي ، فتح عينه وابتسم ، كثيرا يناديني باسم ابي ، احيانا يفيق ويسترد كل ذاكرته ويحدق في وجهي ويؤكد لي انه اشبه ابي وقت شبابه ، لااحس هذا ، عندما كنت صغير كنت اجادله لكنه يصمم ويتشاجر معي ، ابيك حفيدي الاول وانا اتذكر وجهه وقتما كان شابا ، يجادلني ، وقت ولد ابيك كنت في عز الشباب والنضوج وذاكرتي كانت قويه لاتعاني فجوات الزمن مثلها الان ، انت شبه ابيك ، هكذا يصر جدي الاكبر ، ظللت اجادله ويتشاجر معي و حين كبرت وافقته شفقه عليه من انفعاله واصراره ، لكني لااراني اشبه ابي ، ذات يوم نام وهو يتشاجر معي وحين استيقظ حدق في وجهي وهمس ، انت لاتشبهه ، وجهك لايشبهه ، لكن روحك تشبهه وابتسم ونام ثانيه !!!! وحين استيقظ عاد يناديني بأسم ابي ، لم اجادله ولم اصحح له خطأه ، ابتسمت كاني ابي ، اتسعت ابتسامته وسالني عن زهرة ، عمتي ، لم ارد عليه ، كسي الحزن وجهه ونام !!!رحبت بي الخادمه العجوز ورجتني ، يايوسف ارسل له زهرة تؤنسه ، تقسم لي انه حين يراها يعود شابا ، وعدتها باني سابذل قصاري جهدي !!! قبلت جدي ورحلت ، احسسته يقبلني بروحه وهو يغط في النوم ، همست في اذنه الا يتركنا ويرحل ، هز راسه وهو نائم يؤكد لي انه لن يرحل قبلما يري زهرة !!!!
( 3 )
زهرة
زهرة
لااعرف لماذا ماتت اخواتي كلهن وتركوني ... مازلت اتذكرهن ..جميلة ماتت وهي صغيرة ... كانت تلهو في الحديقه ، سقطت علي الارض وسعلت سعالا متتاليا ، صرخت اناديها تقوم لنكمل لعبنا لكنها لم ترد ، اقتربت منها وهي ملقاه علي الارض اهز بدنها فلم تضربني غاضبه مثلما اعتادت ، صرخت في اذنها فلم تنتفض ، شددت جديلتها البنيه الطويله ، لم تتأوه ، لم تكمل لعبتنا التي كنا بدأناها ، لم تغضب وتضربني مثلما تفعل كل مره ، مازالت ملقاة علي وجهها ، صرخت ، اقبل ابي مهرولا ، لم يسالني مابها ، حملها فوق ذراعيه وبكي ، بكيت وقت بكي ، سالته مالها ، لم يرد علي ..... وفي اليوم الثاني دفنت جميلة ، امي صرخت وشقت جلبابها وبكي اخوتي الشباب ، خيم الحزن علي منزلنا طويلا ... ابي يجلس تحت شجره المانجو العالية في الصباح وحيدا يبكي بصوت عالي ، كلما بكي اشاطره البكاء ، كانت جميله جميله ، طيبه وحنونه ، بعيون عسليه وشعر بني ، كانت صديقتي وليست اختي فقط ، لكنها سقطت علي وجهها وماتت !!! سالت ابي ، لماذا ماتت ، كنت صغيره ولاافهم معني الموت ، عمرها انتهي ، ببساطه ووجع شديد شرح لي الامر ، الموت لايحتاج اسباب ولا مبرر ، الموت حقيقه لا فرار منها وكأس سيشرب الجميع من ماءه المرير ، الناس تموت حين ينتهي عمرها ، ومتي ساموت ياابي ، احتضني وصمت ، اتمني يومي قبل يومك ، قالها ابي وهو يبكي كأنه لايثق في تحقق امنيته !!!لااعرف كيف ماتت بهية ، كنت في بيت عمتي الهو هناك ، صراخ عالي حطم جدران الصمت في بلدتنا الصغيره الصامته ، فزعت عمتي وسقط الابريق الفخار من يدها ، كانها لمحت طائر الموت يخرج من دارنا ، سحبتني من يدي وهرعت لهناك ، لم اجد امي في الحديقه ، المقعد الذي يجلس عليه ابي كان فارغا ، لطمت عمتي علي وجهها ، ظنته اخيها التي تحبه وليس لها غيره ، لكنه صوت عويله طمأن قلبها ، همست من بين دموعها بركه ياحبيبي انك طيب ، اخيها مازال حيا لكني اختي انا التي ماتت ، بهيه اكبر اخوتي ، عروس شابه استعد الخطاب لطلب ودها ، لكنها اعطتهم ظهرها ورحلت عن عالمنا كله ، عمرها انتهي ، تذكرت قول ابي ، لم اسال كيف ماتت ، فحين ينتهي العمر لايحتاج الموت لاسباب ، امي وقفت في صاله الدار شعثه الشعر تصرخ صراخ عالي من قلبها المحترق بلوعه فقد فلذه الكبد واول الفرحه ، ابي جلس بجوار فراش بهيه يمسك يدها ويقرأ القرأن ويبكي ، في عينيه نظره موجعه ، كانه يعاتبها لانها رحلت ، يافرحه العمر التي قتلت قبل تمام الفرحه ، انا ونور انزوينا في ركن مظلم من الغرفه البعيده ، احتضنا بعضنا وبكينا ، هاهي جميله رحلت وهاهي بهيه لحقت بها ، اغلقت نور ذراعيها حول وسطي بقوه فقبضت علي جسدها بقوه اكثر ، كل واحده تقول للثانيه لاترحلي وتتركيني ، حين خرج نعش بهيه من البيت لم تصرخ امي مثلما صرخت وقت خروج جميله من البيت ، ارتج جسد ابي كانه سيسقط ، امسك اخي الاكبر بذراعه يسنده ، ودعها ابي شامخا مكانه لكن الحزن سري في عروقه كالسم ، حفر القهر علي وجهه اخاديد عميقة ، كبر ابي عشرات السنين فوق عمره حين ودع بهية !!! مازال ابي يجلس تحت شجره المانجو العاليه يبكي وحيدا ، امي ارتدت السواد ولم تخلعه !!! حزن عشش في قلوبنا جميعا ، نسينا الضحك والسهر في ليالي القمر ،انفرط عقد الطمانينه الذي كان يجمعنا ، حين يحط الليل بوحشته علي البلده ، نهرب جميعا لاسرتنا ، نختبيء من الواقع المرير الذي سمم حياتنا ، فقدت الاسرة ابنتين وتوجست خيفه مما تخبئه الايام لها ...كنت انام انا ونور في فراش واحد ، تتشابك اكفنا كاننا نخاف من الليل ، كل واحده منا تقبض علي الاخري حتي لاترحل وتتركها ، ابي قال لي ان الانسان يموت حين ينتهي عمره ، لكنه لم يقل لي ان نور ستموت وانا اقبض علي كفها احرسها من طائر الموت لكنه تسلل من بين اصابعنا وفك قبضتنا وقبض روحها وتركني وحيدة ، كانت تنام جواري وحين يستعد الليل للرحيل تدخل في حضني ترتعد ، حين تستيقظ صباحا تبكي وتقص علي كوابيسها ، جميله وبهيه ينادوها لتلعب معهم في الحديقه الواسعه التي اشتراها لهن الرجل الطيب ، هكذا كانت تقول ، تقسم لي انها ردت عليهن بانها لن تتركني ، احتضنها ونجدد الوعد بينا ، لاتتركيني ولا اتركك !!! حين قصت ذات يوم كابوسها اليومي علي ابي ، لمعت الدموع في عينيه ، احتضنها وهو يرتعد ، تمني لو كانت طفله صغيره تهذي من الخوف ، تمني لو شقيقتيها تركاها له ، امي صرخت فيها لاترددي تلك الخرافات ، كانت تصف الحديقه الواسعه التي تلعب فيها جميله وبهيه ، جنات تجري من تحتها الانهار ، قالها ابي وبكي ، في عينيه نظره غريبه ، كانه يعرف ان نور سترحل وسينطفيء وهجها ، كان يقبلها قبل نومها ويحتضنها بقوه ، كان يقرأ القرأن في اذنها كل ليلة ، كان يلقنها الشهادتين ، قبل ماتنامي يابتي اتشاهدي ، كانت تردد الشهادتين خلفه ،يتحشرج صوته وتختنق عبراته ، قلبه يعرف ان ميعاد رحيلها ازف وحان !!! في ذلك اليوم الكئيب استيقظت فزعه ، نحيب يحاصرني ، لبرهه حلمت بشقيقاتي الثلاث ، جميله وبهيه ونور ، رأيتهن يلعبن معا ، هذه هي الحديقه التي وصفتها نور ، النحيب يعلو ويعلو ، فتحت عيني لاجد ابي يرفعها بين ذراعيه وذراعها ملقي بجوارها ، اصابعي افلتت من بين اصابعها ، عرفت مالذي جري ، نور تركتني ورحلت لشقيقتيها ، غضبت منهن ، هل عدل تتجمعوا معا وتتركوني بين الاخوه الرجال ، لااجد منهم من يلهو معي بالعرائس ولا يشاركني الرقص ولا يدخل معي المطبخ حين تصر امي علي تعليمي الطبيخ ، عمر نور انتهي فرحلت للحديقه الواسعه مع شقيقاتها !!!امي لم تصرخ ولم تشق جلبابها لكنها كانت تعوي مثل الكلبه الصفراء التي تسكن طرف حديقتنا الواسعه وقت سرق احدهم صغارها المولودين ، بحثت عنهم وثديها يسقط لبنا يختلط بتراب الحديقه ، وحين يأست من العثور عليهم ، انزوت تعوي ، صوت عوائها موجع مخيف ، يومها بكت امي في الشرفه وذهب ابي للكلبه الصفراء يربت علي ظهرها ، جلس علي الارض بعبائته الصوفيه يحدث الكلبه ، هي تعوي وهو يكلمها ، تتساقط دموعه فيزداد عويلها ، يكلمها ويبكي ، سكنت بين كفيه ، وصمتت ، ونامت ، وفي اليوم التالي لم نجدها في الحديقه ، غادرتها ولم تعد اليها ابدا ولم نراها بعد ذلك اليوم!!!!امي كانت تعوي ، صوت غريب يخرج من جسدها بلا دموع ، لم تصرخ ، اقترب منها ابي وربت علي كتفها ، تجمع حولها اخوتي الذكور واحتضنوها ، ناشدها اخي الاكبر تبكي لكنها عجزت عن البكاء ، فيضانات الحزن التي اقتلعتها من طمأنينتها وحرقت قلبها جففت دموعها وروحها ، ابي دفن ابنته بجوار شقيقتيها ، همست امي الحلم اتفسر ، كدت اقص عليها حلمي لكني خفت منها ، عاد ابي من المقبره يجلس تحت شجره المانجو يبكي ، حدقت امي في وجهي وانهارت ، كانها تسال نفسها متي سينتهي عمري ، سؤال حائر في اعين الجميع ، عمتي واشقائي واهل البلده والجيران والاصدقاء ، متي سينتهي عمر زهرة ، فتلك العائله لاتعيش لها بنات ، سؤال حائر مكتوم لم يقو احد يساله لكنهم جميعا انتظروا الضربه الغادره التي ستجيب عليه !!!!حتي انا سالت نفسي ، متي سينتهي عمري ، لكن الايام تعاقبت علي كثيره ولم ينته العمر ، كل ليله يداهمني ذات الحلم ، حديقه واسعه تلعب فيها شقيقاتي الثلاث وانا اجلس امام البوابه المغلقه اراقبهن!!! استيقظ من النوم وانا اصرخ باسمائهن لكنهن لايسمعوني ، سالني ابي ذات يوم لماذا اصرخ باسماء اخوتي ، قصصت عليه الحلم ، ماله فرح حين عرف ان البوابه مغلقه في وجهي ، احتضني ودعا لي بالعمر الطويل ، قص الحلم علي امي فكفت عن زيارتي ليلا في فراشي تطمئن علي حياتي ، قصت امي الحلم علي اخي الاكبر ففرح واكد لها ان البوابه ستظل مغلقه في وجهي للابد ، نسي الجميع السؤال واطمئنوا علي وعاشوا حياتهم طبيعيه !!!!مرت الايام وهرمت شجره المانجه وشاخت فامر ابي بخلعها من الارض وهمس لامي ، انها شجره الاحزان وكفاها ماشربته من دموعي ، كنت اجلس في الشرفه اقرأ في كتاب ، رمقتني امي بنظره احسستها ، سعيده بموت شجره المانجه واقتلاعها من جذورها ، اخبرت ابي عن زياره السيده جارتنا التي قضت معها ساعات طويله يتضاحكا ، همست امي لابي بسر ناداني بعده وحدق في وهمس ، كبرت يازهره وبقيت عروسه جميله ، لم افهم كلماته ، كدت اساله وهل انتهي عمري ، لكني اشفقت عليه ، اوصي امي تشتري لي ثوب جديد وتجملني لاني كبرت ، اخي الاكبر نادني وسالني هل تجيدين الطبيخ ، ارتبكت ولم ارد ، لامته امي علي حديثه معي ، شرحت له اني بارعه واطبخ احسن منها ونفسي في الطهي شهد ، ضحك اخوتي الذكور ، همس شقيقي الاصغر ان عريسا تقدم لخطبتي ، ارتبكت وخجلت ، نهره ابي واستعد منزلنا للافراح!!!مازلت اذكر يوم زفافي ، ارتديت الفستان الابيض الجميل التي فصلته لي امي ، فككت جدائلي واطلقت امي شعري الطويل خلف ظهري ، احتضني ابي قبل يسلمني لعريسي والبسني في جيدي عقدا ماسيا اشتراه خصيصا لي من الاسكندريه ، امسك ابي بذراعي وسار بي في الزفه خلفي اخوتي الذكور السبع ، حين خرجت روحي من جسدي وقتها وتفرجت علي المشهد ، عادت لجسدي منتشيه من السعاده ، رجال ثمانيه يحتضنوني باعينهم وابتساماتهم ، استلمني عريسي من ذراع ابي الذي اوصاه علي ، توعده اخوتي ضاحكين بالقتل لو اغضبني ، وعدهم انه سيحملني فوق راسه وفي نني عينه ، ضحكوا جميعا وخجلت انا ، قبض عريسي علي ذراعي فسرت كهرباء في جسدي وتعثرت خطواتي ، دقات الدفوف عالية والزغاريد اعلي ، و........... نمت في حضن عريسي لاول مره منذ سنوات طويله لم احلم بشقيقاتي والبوابه المغلقه ولم انادي عليهن ....
( 4 )
الخادمة العجوز
الخادمة العجوز
ارسلتي الحاجه الكبيرة لاخدم ابنتها العروس في بيت زوجيتها ، كان زوجها طيب وابن حلال ، يحبها وتحبه ، صممت ستي الحاجه اترك المنزل الكبير واذهب لاخدم قرة عينها ، سافرت خائفه ، هي اول مره اترك امي واخرج من البلدة ، منذ وعيت علي الدنيا وامي تخدم في المنزل الكبير وانا اتردد عليه كثيرا العب في الحديقه ويمنحني البيه الكبير من نفحاته الكريمه الكثير ، حين تزوجت زهره امرت الحاجه الكبيرة امي لترسلني اخدم ابنتها في مصر ، سافرت مع احد البهوات للقاهره ، دارت بي راسي وكدت افقد وعيي مرات كثيرة حين جرت الاشجار والحقول خلف ظهري وانا ارتعد في ركن السياره التي تقلني للقاهره ، في المره الاولي صرخت ، الاشجار تجري ، ضحك السائق وسخر مني البيه وامرني اخرس ، ابتلعت صوتي وصمت تماما ، لكن الاشجار مازالت علي جانبي الطريق تجري بسرعه ومعها الحقول والبيوت ، كل الاشياء تجري للخلف والسياره تتجه للامام ، انتهي الطريق الاخضر فجأ ودخلنا مدينه كبيرة مزدحمه بسكانها ، الشوارع واسعه والسيارات تجري والبشر يهرولون ، دارت راسي واجتاحني الاعياء ، سافقد وعيي ، افقت لاجد زهرة مبتسمه تحدق في وجهي ، تتشاجر برقه مع اخيها الذي يسخر من حالتي ، يقلدني وقت صرخت ، يسخر من نبراتي وقت ناشدته يحميني من الدوار الذي اسقط راسي في الارض واركبني مرجيحه المولد بلا مولد ، ابتسمت زهره ابتسامه طيبه ، رحبت بي ووعدتني ان تعجبني الاقامه في منزلها ، سخر اخيها منها ومني وشرح لها اني بهيمه لايهم راحتي ولا رايي ، وامعانا في السخريه سالني ، مش كده ، هززت راسي وضحكت فانفجر ضاحكا لكن زهرة لم تضحك وربما ترقرقت الدموع في عينيها لكنها دارتها بسرعه ، تلك الدموع اسرتني ، هي لاتراني بهيمه ولايعجبها حديث اخيها ، احببتها حبا جارفا ومازلت احبها !!!!اقمت مع زهره سنوات طويله ، لاتتمني هي وزوجها الا طفلا يكمل سعادتهما ، كل شهر تتوتر تنتظر خصوبه رحمها تسعدها ، لكن رحمها مثل ارض الصحراء يشرب ملحا ولا ينبت زهره !!! اطمئنها بثقه ، لسه الميعاد ماجاش !!! وفي يوم شبه كل الايام ، تاخرت الست زهره في الاستيقاظ وهي التي تستيقظ قبل الفجر ، تحدث جلبه في البيت تحتفي بالفجر تنصت لصوت الكروان ويرتسم علي وجهها شوق لبلدتها الريفيه الصغيره وفجرها الصحو ، لم تستيقظ زهره من النوم ، احتلت الشمس الساطعه السماء ونام الكروان ، اكد لي زوجها قبل ذهابه للعمل علي ضرورة الاهتمام بها ، علي وجهه تعبير غريب ، فرحه وتوجس ، دخلت عليها حجرتها ، كان نائمه ، كان وجهها حنون وجميل اجمل مما رايتها في اي يوم اخر ، همست اناديها ، فتحت عيناها وابتسمت ، فرحتني وقالت ، خلاص الميعاد جه ، فرحت وزغردت ، ارتبكت وخجلت ، تحمل جنينها التي طالما اشتاقت له ، اخبرت ابيها وامها ، انفجرت الفرحه في البلده الريفيه والمنزل الذي غادره اصحابه كلهم لمنزلها ، احتفاء واحتفالا بزهره وطفلها القادم ....تسعه شهور مرت كالثانية ، ازدادت زهره بهاءا وجمالا ، الفرحه ترتسم علي كل الوجوه ، في يوم مخاضها ، قبضت علي ذارع امها تصرخ ، قبلت ابيها والحت عليه يدعو لها ، الكل في صاله المنزل ينتظر الفرج ، سمعنا صوت المولود ، صرخ البيه الكبير من الفرحه وهلل الاشقاء ، تدافعوا علي الحجرة ليهنئوها يسبقهم زوجها ، فتحت الام باب الحجرة دامعه العينين ، ابنتها تعبه من مخاضها ، تحمل طفله صغيره جميله ، الزوج جري للشارع يبحث عن طبيب ، الاخوه تهاوت قاماتهم ارتباكا ، الاب التقط الصغيره من بين ذراعي زوجته وانزوي بعيدا يتأمل منمنمات ملامحها ، قبضت باصابعها الصغيره علي اصبعه ، قبضت في ذات اللحظه علي قلبه ، صرخت الام صرخه يعرف الاب معناها ، نظر للصغيره التي صارت يتيمه وصمت ، ادرك الاشقاء اجابه سؤالهم القديم ، رحلت زهره للحديقه الواسعه لتلعب مع شقيقاتها ، تركت طفله صغيره كتبت علي جبينها اليتم ، نظر الاب لحفيدته وهمس ، زهرة ، انتبه الجميع لصوته ، فتحت الوليده عيناها ، ، همس زهرة ، انتبه الجميع لصوته ، جدها اسماها زهره علي اسم امها ، هذه هي زهرتهم الجميلة التي ستجعل حياتهم اجمل ، ماتت زهره الام وولدت زهرة الابنه وعاد الحزن لكل القلوب الا قلب الجد الذي رضي بنصيبه من الحياة التي حرمته من زهره ومنحته زهرة اجمل منها !!!عدت للبلدة مع البيه الكبير والهانم وزهره الصغيرة والاخوة الحزاني علي شقيقتهم الوحيده التي رحلت لشقيقاتها وتركتهم !!!ظلت الام تبكي ابنتها وكل بناتها حتي نهرها الاب ، كفاكي حزنا ، لاتستحق الصغيره تشب وسط كل تلك الاحزان ، القي الصغيره في حضن جدتها ، ان كنت تحبي ابنتك فهذه ابنتها الصغيره اليتيمه ، الاولي بالرعايه والحب والاهتمام !!!!احتضنت الجده الزهره الجديده في حياتها ومسحت دموعها ووعدت ابنتها زهره برعايه ابنتها زهرة حتي نهايه العمر!!! ابكي كثيرا من خلف ظهر البيه الكبير ، وامسح دموعي حين يناديني ، اصل للشرفه دامعه العينين فاراه يسمح دموعه ، الميعاد ماجاش ، جمله تتردد في اذني طويلا ، اي ميعاد قصدت ، ميعاد الحمل ام ميعاد الموت !!! اسال نفسي هل كان لابد تموت زهرة حتي تولد زهره !! اسال نفسي ، لماذا ؟؟؟ لااعرف اجابه !!!!احمل زهره فوق ذراعي واغني لها فتنام ، يحملها جدها لفراشها ويستعيذ بالله من الشياطين وكل انواع الشر ويدعو لها بالصحه والرضا يتركها في فراشها ومعها قلبه ويطفيء النور ويخرج من الغرفه !!!! ................ سنوات طويله مرت !!! ماتت الست الكبيرة وتزوج كل الابناء وخرجوا من المنزل القديم لحياتهم الجديده وانشغلوا بها ونسوا كل شيء حتي زهرة !!! الوحيد الذي تعلقت روحه بها ، هو الجد ، لايفكر الا في زهرة !!!!
( 5 )
زهرة
لم اري امي ، ابي تزوج بعد وفاتها بشهرين وتركني عند جدتي ، جدتي حزينه ولاتخلع رداء حزنها ابدا ، قال لي خالي اناديه بابا ، قلده جميع الاخوه فصارح لي سبعه اباء !!! لااعرف كلمه ماما ، كنت انادي جدتي بلقبها المعروف للكافه ، جدتي وفقط !!!صغيره انا جدا علي هذا البيت الكبير !!! وحيدة جدا !!! هكذا ادركت منذ انتبهت اني افهم ... جدي يجلس في الشرفه وجدتي في المطبخ وانا اسير في البيت احسني نمله صغيره تسير بجوار الهرم الاكبر !!! بالطبع كنت صغيره جدا فلم افهم احساسي بالضأله كما اصفه الان ، لكن الان وبعدما كبرت عرفت اترجم احاسيسي المبهمه التي كانت تحتل نفسي وانا صغيره وسط كبار ، يحبوني ولكن لااحد يلعب معي ، تاخذني جدتي في حضنها وتبكي ، حتي تصورت وانا صغيره ان البكاء من ضرورات الحضن الحاني ، وحين حضنني جدي ولم يبكي سالته وكنت لم اتجاوز خمسه سنوات لماذا لاتبكي وشرحت له ان جدتي تبكي حتي تبل كتف فستاني فناداها ونهرها ومن يومها لم تحضني ولم تبكي !!!سنوات مرت لااذكرها في هذا المنزل ... وجودي وسط اناسه مثير للبكاء ومفجر للاحزان ، سالت جدي عن امي فاخبرني انها مع شقيقاتها في الجنه ، قاطعته قلت له هي معهن في الحديقه الواسعه ، فتح جدي عيناه مفزوعا ، سالني من اين عرفتي قصه الحديقه الواسعه ، لم اعرف اجاوبه ، لكني اعرفها ، اعرف الحديقه الواسعه التي تلعب فيها امي مع شقيقاتها ، اعرف جميله وبهيه ونور !!!اعرف حكايات كثيرة لم يحكها لي احد ، اعرفها جيدا ، كاني عشتها وعايشت احداثها ، كاني جزء من تفاصيلها، كنت اجلس مع جدي في الشرفه ، اقضي النهاريات بجواره ، تحضر له جدتي القهوه ، اضحك واسالها عن كوب الماء المزهر ، ترتعد جدتي ويبتسم جدي ويسالني كيف عرفت قصه تلك الكوب ، لااعرف كيف اجاوبه لكني اعرف ، اعرف انه تشاجر مع جدتي يوما حين احضرت القهوه دون ماء وتشاجر معها حين احضرت الماء دون زهر ، اعرف انه يومها رفع صوته فطارت العصافير من فوق شجرة الياسمين وسقطت الكوب من يد جدتي وتحطمت وجرحت قدمها ، اعرف كل هذا لكن احد لم يقله لي !!!اعرف ان شجره المانجو الكبيرة كانت في مواجهه الشرفه وان ابي اقصد جدي كان يجلس تحتها يبكي ، اراه يبكي بصوت مكتوم ، اسمع خطوات جدتي فالمحه يجفف دموعه وبسرعه ، اتذكر فرحه جدتي يوم قلعت تلك الشجره العجوز من جذورها ، انها شجره الاحزان !!كنت في البدايه صغيره لااعي معني مااقوله ، كلما عشت حدثا يذكرني باخر قديم لم اعشه لكني اعرفه كنت احكي واتكلم ، تحيطني وقتها نظرات الرعب ، جدتي ترتعد والخادمه تشهق وتصمت وابائي السبع يحدقون في وجهي لايصدقون مااقوله ، الا جدي ، كان ينظر لي نظره حنان ويصمت ، في البدايه كنت اتكلم لاافهم ردود افعالهم ولا مبرر لفزعهم ثم كبرت ووعيت مااقوله وادركت خوف الاخرين منه فانتبهت لغرابته ، نعم كيف اعرف مالم اعشه ، كيف عرفت كل تلك القصص والحواديت ، لم اسمعها لكني عشتها ، نعم انا عشت تلك القصص من قبل ، اعرفها بكل تفاصيلها ، وعيت ان مااقوله مخيف لمن حولي فكففت عن الكلام وصمتت تماما !!!كنت طفله في الثانيه عشر من عمري علي اعتاب المراهقه حين صمت تماما ، انزويت في ركن من البيت لااتكلم مع احد ، ولماذا اكلمهم وانا اعرف انهم يخافوا مني ، عندما صمت ، لم تتركني جميله وبهيه ونور ، فرضوا نفسهم علي كل ليالي ، زاروني وضحكوا معي ولعبنا سويا ، كانوا لايسمحوا لي ابدا بدخول حديقتهم الواسعه ، لكنهم يخرجوا منها ونلعب جميعا امام السور ، فقط جميله وبهيه ونور يلعبوا في الحديقه الواسعه ، امي لاتلعب معهم ، هم لايسالوني عليها ، هم يسالوني عن ابي وامي ، في الحلم اقول لهم ان ابي تزوج وامي ماتت فيضحكوا ويتركوني استيقظ متغاظه من ضحكهم !!!ايام كثيرة تمر ... اكبر في المنزل الريفي ... ابائي السبع خرجوا من المنزل وتزوجوا وتركوني مع جدي وجدتي !!! في ليله شتويه بارده ، نمت ارتعد من الحمي ، اخذني جدي في حضنه وقرأ ايات كثيره في اذني ، لكني ظللت ارتعد ، نمت محمومه ، حلمت بجميله وبهيه ونور ، يرتدوا ملابس انيقه ، يلعبوا في الحديقه الواسعه ، بوابتها مفتوحه ، رايتهم يحدقون في البوابه يشخصون ببصرهم خارج الاسوار ، انهم ينتظروا زائر ، سالتهم عن سر سعادتهم ، ابتسمت جميله وبهيه وصمتا ، لكن نور اقتربت من اذني وهمست ان امي ستزورهم ، صرخت فرحه في الحلم واستيقظت ، كان جدي مازال يحتضني وجسمي يصب عرق في حضنه ، سالني عن الحلم فلم ارد ، اتمني اعود للنوم مسرعه ، ساري امي في الحلم تلعب مع جميله وبهيه ونور ، صمت واغمضت عينيا بقوه ، اشحذ عودتهم لحلمي ، لم انام ولم يأتوا ، اناديهم استجديهم ، افتحوا لي طاقه الحلم لاري امي ، امي التي ماتت وهي تلدني ولم اراها ، لكنهم لم يفتحوا لي بوابه الاحلام وتركوني ابكي وارتعد من الحمي !!!!استيقظت غاضبه منهن ومن امي ، لو كانت تحبني لاجبرتهم يفتحوا لي طاقه الحلم ، لاراها واحضنها ، لكنها لا تحبني ، ماتت حين انجبتني وتزور شقيقاتها ولا تزورني ، استيقظت غاضبه مريضه ، اعطيت العالم ظهري وظللت في فراشي عازفه عن الاكل والشرب والكلام ، لم اري جدتي ذلك الصباح ، جدي يدخل حجرتي يطمئن علي ويخرج ، علي وجهه ملامح غريبه ، فهمت بعد سنوات طويله وبعدما كبرت ، انه احس بتحليق طائر الموت فوق منزلنا ، خاف علي ، كنت مريضه صغيره ارتعد من الحمي ، تصور جدي ان طائر الملاك سيسرقني من حضنه ويذهب بي للحديقه الواسعه مع امي وشقيقاتها ، لم يفهم جدي اني لست المقصودة ، لكن احداث اليوم افهمته كل شيء ، كانت جدتي في فراشها ، نادت الخادمه وطلبت كوب ماء ، شربته وتلت الشهادتين واغمضت عينها وصمتت ، تركتها الخادمه واغلقت عليها الباب ، ظنتها نائمه واوصت بقيه الخادمات الا يحدثن جلبه حتي تستيقظ الست الكبيرة ، لكنها لم تستيقظ ، ماتت ببساطه وهدوء مثل بناتها...كان جدي في الشرفه ينتظر القهوه ، نعق غراب بصوت عالي ، رفع جدي بصره للسماء ، لمح جناحا كبير يحلق من خلف المنزل صوب الشمس ، نادي جدتي ، جائته الخادمه تشرح له انها نائمه ، ازاحها من طريقه وتساقطت دموعه ، رفيقه عمره رحلت في هدوء بلا وداع ، دخل غرفتها احتضنها وبكي كالاطفال ، هي شريكه الدرب والحياه والاحزان ، عاتبها ، لماذا لم تودعيني ، همست في اذنه لن اغادرك حتي اودعك ، ابتسم وترك جسدها في الفراش وخرج للشرفه مره اخري صامتا ، اتصل بابناءه و.................. دفنت جدتي بجوار بناتها ، سار جدي وابناءه الذكور السبع في طريق الاحزان ، فوق تلك الارض سار الرجال مشاوير كثيره يوصلن نسائهم واناثهم للحديقه الواسعه ، يقسم كل السائرون في الجنازه ، ان يمامه بيضا حطت علي كتف جدي منذ خرج من المنزل خلف نعش جدتي وحتي عاد ، يقسموا انها كانت تمسح دموعه بجناحها الابيض ، انا صدقتهم لكن كثيرين لم يصدقوهم ، يقولوا انها هلاوس الحزن ، لكني انا صدقتهم !!! وعشنا في المنزل الكبير طقوس الحزن علي جدتي رحم الاسره وخصوبتها ... بكي الرجال وقرأ القرأن و.............. انفض المأتم ورحلوا جميعا وتركوني مع جدي والخادمه العجوز !!!
( 6 )
الغريب
ياحاج ارجو موافقتك علي اقامه زهره معي ، هي ابنتي وستعيش مع اخوتها في منزلي ، هكذا صممت ، فتح الحاج عينه نصف فتحه وابتسم وهمس ، دي بنتي انا ، واغمض عينه وتجاهلني ، ناديت زهره ، صرخت باسمها ، فتاه في الخامسه عشر جميله تشبه امها ، خرجت من صاله المنزل الكبير للشرفه ، اجلس محاصر باخوالها وجدها ، احتضنتها ، تيبست وتركت جسدها في حضني بلا احساس ، همست وحشتيني ، ابتسم ببرود وسحبت جسدها من ذراعي وجلست بجوار جدها ، ناشدت اخوالها ، ياجماعه دي بنتي ، لما كانت صغيره قلتم محتاجه جدتها ، جدتها ماتت والبنت كبرت وانا اولي بيها ، ابتسم خالها الاكبر وقال كلام فاضي ، زهره بنتنا كلنا وانت اخونا ، ده بيتها وماتعرفش غيره ، ابويا روحه فيها ، حدقت في الحاج الكبير ، في منتصف العقد السابع نصف نائم طيله الوقت ، كانه لايعي ماحوله لكنه يعي كل شيء ، رجل قوي ماكر طيله عمره ....سالتها ، تحبي تمشي معايا ، نظرت لي نظره اعرفها ، كانت امها تنظر مثل تلك النظره حين ترغب في لومي بادب ولاترغب في احراجي امام الناس ، كررت سؤالي ، انا ابوكي واحبك تعيشي معايا ، ابتسمت بادب وهمست ، ده بيتي ومش حامشي منه ابدا ، فتح الحاج الكبير عينه وبحنان شديد وحسم واضح اكد لي ، البنت بنتك والبيت بيتك وقت ماتحب تزورها تعالي ، واعتدل مكانه وسحب زهره من كفها ودخلا المنزل وتركاني في الشرفه مع ابناءه ، احسست حرجا لانه عاملني بتلك الطريقه المتعاليه ، وددت لو تشاجرت معه ، لكن ابناءه السبع حولي واللياقه لاتسمح لي بالمشاجره معه في منزله ، ناديتها زهرة استني ، وقفت ، اقتربت منها ، اعرف هذه الرائحه ، لجسدها رائحه جسد امها ، لمحت ارتعاشه تحت عينها اليمني ، هكذا امها كانت وقت تغضب ، تكبت غضبها فيرتعش جفنها تحت العين اليمني ، اقتربت منها واحتضنتها ، اشوفك علي خير ، احتضنتني بحنان وهمست ، خلي بالك من نفسك ، هي عباره زهرة التي كانت تقولها وقت اودعها ، همست للاب ، اللي خلف ماماتش ، هز راسه يوافقني وهمس ، مش قلت لك دي بنتي انا ، ودعني وسحبها في كفه ودخل للمنزل ....غادرت المنزل والبلدة حزين لان زوجتي ماتت وابنتي لاتعرفني وعدت للقاهره لزوجتي الثانيه واولادي ونسيت زهره وموضوعها تماما !!!!
( 7 )
الحفيد الاصغر - يوسف
عدت لمنزلي تعبا ، رحله السفر والعوده في نفس اليوم مرهقه جدا ، سالني ابي اين كنت يايوسف ، قلت له عند جدي ، ابتسم ، انت الوحيد الذي يمد حبال الوصل معه ، تحمل اسمه وطباعه ، احبه وانت تعرف ، وافقني ابي ، وهو يحبك اكثر من كل الابناء والاحفاد ، همست لابي ، سالني عن زهره يتمني يراها ، غشي الحزن وجه ابي ، ياريت نقدر نخليها تروح له ، حاحاول ، الحيت عليه ، حاول من فضلك ، هو متعذب في غيابها ، ثم سالته بخوف ، تفتكر نقوله ؟؟انتفض صارخا ، طبعا لا ، جدك كبر قوي ، داخل علي الميت سنه ، مش حيستحمل يعرف اخبارها سيبه في حاله ، تهاويت علي مقعدي ، سالته بحزن ، وبعدين ؟؟؟ حزن عميق ارتسم علي وجه ابي ، حزن وقله حيله ، لايملك شيئا حيال كل مايحدث ، مش عارف ، حاحاول اتصرف !!!!!!همست ، اظنه يعرف كل شيء !!! وافقني ابي وانا ايضا اظنه يعرف !!!رجوته ، كلم جدي يعتقها ويفك اسرها !!! لم يرد علي ، اغمض عينه مثل جدي وقتما يقرر يهرب مما يحدث حوله ، تركته في صمته وتمنيت لو تصرف فعلا وحل الامر وذهبت زهره لجدي !!!!!!
( 8 )
الابن الاكبر
الابن الاكبر
احب زهرة جدا ، هي ابنه اختي وابنتي ، فتاه جميله رقيقه ، تشبه امها جدا ، حاولت كثيرا اخذها منزلي لتعيش مع اولادي وزوجتي ، لكنها صممت الا تترك جدها ابدا ، تحب اولادي وتحبني ، لكنها لاتنتمي لعالمنا ، هي تنتمي للبلده الريفيه والبيت الكبير ولجدها وفقط!!!هي فتاه مثل كل الفتيات ، ربما غريبه الاطوار قليلا ، لكنها غرابه كانت وانتهت ، وقتما كانت طفله ، كانت تكذب كثيرا بمعني ادق كانت تفشر ، تخلق عوالم وهميه وتتكلم عنها كانها حقيقه ، كانت تسمع قصص الماضي من الخادمات وتحكيها لنا كانها عاشتها فعلا ، في البدايه جميعنا خاف من اكاذيبها حتي امي ، ابي فقط نهرنا وسخر من خوفنا ، اكد علينا ، هي لاتكذب ، لكنها تكذب ، تردد قصص الماضي كانها عاشتها ، خفت عليها تكون مجنونه ، اختليت بها وحدي وافهمتها ان الناس حتقول عليها مجنونه ، عليها تكف عن الكذب والادعاء انها تعرف قصص الماضي ، فهمت كلامي وصمتت تماما وحلت المشكله ...عندما ماتت امي كانت محمومه في فراشها ، تصور ابي انها ستموت ، حين صرخت الخادمات في المنزل ، ظن الجميع ان زهره ماتت ، موتها سيكون عاديا ، فهذه الاسره لاتعيش لها بنات ، هكذا تقول عنا البلدة ، وهو قول غير صحيح ، فبناتي وبنات اخوتي كثيرات ، فقط ماتت اخواتي البنات ، وهي مجرد مصادفه لاتعني شيئا !!زهرة عاشت مع ابي في المنزل الريفي وحين ماتت امي حاول ابيها ياخذها معه مصر ، لكن ابي رفض وصمم ، عانده لدرجه الجنون ، قال له ان زهره هي ابنته هو ، طبعا كلنا فهمنا كلامه علي انه غيظ في زوج اختنا الذي تزوج بعد وفاتها وبسرعه وترك طفلته مع امي وابي ، رحل ابيها خاوي الوفاض من غيرها ، انتصرت هي وجدها عليه ، تركناها مع ابي وعدنا لاعمالنا واسرنا في القاهرة !!!بعد وفاه امي تعلق ابي بحفيدته زهرة ، هي التي تطعمه وتخدمه وتقدم له القهوه والماء بالزهر ، حفظت من جدتها كل ماكانت تعمله لزوجها وحلت محلها وقدمته لجدها ، سار البيت الريفي كالساعه ، زهره ادارته بدقه واهتمام و.... تعلق بها جدها اكثر واكثر !!!الحقيقه كلنا امتننا لزهرة ، اراحتنا ، لو ماتت امي وتركت ابي وحده لتعين علينا مراعاته ، وربما تعين علي واحد منا ياخذه في منزله ، كان سيحرم من منزله وشرفته ومقعده في المكان المشمس ، لكن زهره حلت المشكله ، كانها خلقت لهذا الغرض ، حين تموت امها وجدتها تتولي هي خدمه جدها وفتح البيت وادارته ، كلنا ممتن لها ... لكنها لا تهتم بهذا الامتنان ، حين نشكرها ترتبك وتتمتم بما معناه انها لاتفعل شيئا تستحق الشكر عليه !!!!تركنا زهره مع جدها تخدمه وترعاه ، لكنها بلغت سن الزواج ، وبدأ الخطاب يطرقوا باب منزلنا يحملون الهدايا والامنيات ، لكنها عازفه عن الزواج ، لاترغب في ترك جدها وترك المنزل ، خطيب واثتنين وعشره وهي ترفض وجدها يوافقها!!!اشتكي ابيها من سلوك جدها ، ستبور البنت وهي جالسه بجواره تخدمه ، يتعين تتزوج مثل كل البنات ، تفتح بيت وتنجب اطفال وتكون اسره ، تشاجر معنا ابيها ، حلوا مشكله ابيكم ، ودعوا ابنتي تعيش حياتها ، اتفقنا انا واخوتي نذهب للبلده لحل تلك المشكله ، العريس الاخير لا يرفض ، مواصفاته وعائلته وثروته يستحيل رفضها ، هذه البنت غريبه الاطوار هكذا همست لنفسي فسمعني اخي فوافقني !!!عندما وصلنا البلده ، لم يرحب بنا ابينا مثلما يفعل كل مره ، كانه كان يعرف سبب ذهابنا ، زهره رحبت بنا ترحيبا باردا ، اختليت بها ، انا ابيك ، وافقتني ، لماذا ترفض كل الخطاب ، هزت كتفها بعدم اكتراث ، لم يحن الميعاد ، شرحت لها ان السنوات تمر والعريس الاخير مناسب جدا بل ممتاز ، ضحكت وقالت لم يحن الميعاد وتركتني وخرجت من الحجره !!!اجتمعنا بعد الغدا مع ابينا في الشرفه ، عليكم تقنعها توافق علي الزواج ، ضحك ساخرا من اجتماعنا ، ستوافق وقتما يحين الميعاد ، يكرر كلماتها ، انفعل عليه اصغرنا ، لاتوافقها علي كلامها الفاشل ، هي فتاه ومصيرها الزواج مثل كل الفتيات ، رعد ابي وصرخ فينا كانه يطردنا من منزلنا ، نظر لاخينا الاصغر نظره زلزلته ، اعتذر لم يسمع ابي اعتذاره ولم يقبله ، نظر لنا نظره بارده واكد علينا ، انها ستتزوج عندما يحين الميعاد ، وافقته وعدنا للقاهره بخفي حنين ، لم نفلح في اقناعهما بشيء ، اخبرنا ابيها بفشلنا ، لو يرغب يناقشها عليه بها ، هي ابنته فليقنعها ، لكن ابيها يخاف ابينا ، قرر يصمت وينسي الموضوع برمته !!!!بعدها بسنه اخبرنا ابينا ان زهره ستتزوج بعد يومين ، لم نصدق ، سافرنا نجري للبلدة ، نحن وعائلاتنا واولادنا ، لم اراها جميله مثلما رايتها في ذلك اليوم ، ستتزوج شاب من اقاربنا ، ستعيش في منزلنا الريفي مع جدها ، هذا شرطها الذي وافق عليه العريس !!!تشاجرت مع ابي لانه يظلمها ، فتاه صغيره تتزوج شاب صغير ويعيشا بين انقاض الذكريات في المنزل القديم ، سمعتني فتشاجرت معي ، اكدت لي انها لن تتزوج الا في هذا المنزل ، همست هنا منزل امي ، وافقتها ، منزل امك وجدتك ومنزلنا كلنا ، ابتسمت ، لا هذا منزل امي ، لم ااقاوحها ، منزل امها وجدتها ومنزلنا جميعا ، خفت علي العريس تكون ضغطت عليه ليقبل يعيش مع جدها العجوز ، اختليت به قبل الحفل وسالته ، اكد لي انه اتفق معها علي ذلك ، هي اقترحت وهو وافق ، اكد انه يحب البيت القديم ويحب جدها ويحبها واي شيء يسعدها يسعده!!!وتزوجت زهره في بيتنا القديم ، مثلها مثل امها ، اشتري لها عريسها ثوبا ابيض جديد ، لكنها ارتدت ثوب امها ، فردت جدائها علي ظهرها ، ارتدت العقد الماسي التي ارتدته امها يوم عرسها ، وتجملت ، خرجت من الحجره في ذراع جدها الذي دبت الحياه في جسده ، سلمها لعريسها مبتسما ، رقص بالعصا امامها ، رقصت معه ، نظرت انا واخوتي لبعضنا البعض ، كانها امها عادت للحياه ، زهرة عادت للحياه ، هذا المشهد شفناه جميعا من قبل ، ابي ونحن السبع نحيطها ، توعدنا عريسها ضاحكين مثلما توعدنا ابيها ، سنقتلك لو اغضبتها ، كل مايحدث حدث من قبل ...ابيها بعيدا ينزوي في ركن لايقترب منها ، هو ايضا احس ان زهره بعثت للحياه ، تمني لو يمسك بذراعها ويسلمها لعريسها ، لكنها لاتنتمي له ، هي تنتمي لجدها ، الذي سلمها لعريسها ، انفجر الاب باكيا ، يري حبيبته بعثت للحياه ويري ابنته لاتنتمي اليه ويري نفسه غريبا ...زهره ترقص مع جدها ، يسحبها العريس من الجد ، يتركها ابي فرحا ، لكن دموعا تترقرق في عينيه ، لانفهم سرها ، نفسرها دموع فرحه ، لانساله ولا يشرح لنا ..................و في نهايه الليله ، تدخل غرفتها وعريسها ونغادر جميعنا المنزل ويبقي ابي في الحديقه تحت الياسمينه مكان شجره المانجو العجوزة يبكي ويغني تؤنسه في ليله الطويل اليمامه البيضا التي كانت اختفت وقت الفرح وعادت له وقت جلس وحيدا !!!!!!!!!
( 9 )
الجد الاكبر
الجد الاكبر
لااحد يفهم مايحدث ولن اشرح شيئا ، هي لا تكذب ، هي تقول الحقيقه لكن احدا لن يصدقها ، انا فقط اصدقها ، لكني لن اشرح شيئا لاحد ، زهرة .... سر الاسرار .... كانت صغيره جدا ، لم تتعلم الكلام لكنها تقول لي اشياء لايعرفها احد ، اخبرتني انها كانت تقبض علي كف نور وقت ماتت ، لااحد يعرف ذلك الا انا وامها !!!
انا وزهرة فقط نعرف انها كانت تقبض علي كف شقيقتها وقت رحلت ، يومها فككت اصابعهما عن بعضها البعض بصعوبه ، عندما قالت لي لم افهم كلماتها في البدايه ، كانت تتعثر في الكلمات ، لكنها قالت نور نور ، تذكرت المشهد وقت دخلت غرفه النوم تجري ، حدقت في السرير التي كانت زهرة ونور يناما عليه ، تساقطت دموعها ، تصورتها ارتطمت بخشب السرير فتألمت ، احتضنتها وطبطبت عليها ، سالتها عما بها ، نور نور ، تمد لي اصابعها ، نظرات عينها تحكي القصه ، سمعتها ولم افهم ، فهمت ولم استوعب ، كيف علمت هذه الصغيره بواقعه موت نور خالتها !!!
لم تكن هذه قصتها الاولي التي تعرفها ولم تعشها ، عشرات مئات القصص تعرفها ولم تعشها ، عاشتها امها زهرة ، لكنها تعرفها جميعا كانها عاشتها ، حين حملتها بين ذراعي وقت ماتت امها لم احسها حفيدتي ، احسستها ابنتي التي كانت ، حين ناديتها زهرة فتحت عيناها ، تاكدت من احاسيسي ، تصوروني وسط بكائهم اسميتها زهرة ، لكني كنت اناديها ، اتاكد من احاسيسي ، حين قبضت باصابعها الرفيعه علي اصبعي احسستها تخاطبني ، كانها تقول لي انا هنا لاتحزن ، كانوا يبكوا مفجوعين لوفاه الام وانا في عالم ثاني لااشاركهم حزنهم ، نعم لاافهم لماذا يحدث مايحدث ، لماذا ترحل زهره الام وتعود ثانيه في جسد وليدتها ، لم افهم لكني لم اكترث بالفهم ، هاهي زهرتي عادت لي واعادت لي شباب حياتي وروحها ....
احيانا اشك في عقلي ، اتصورني حزينا علي ابنتي لدرجه الهلوسه والوهم ، تتناقض احاسيسي واتلخبط ، احسم امري ، هذه هلاوس لااساس لها من الصحه ، زهره الام ماتت وهذه هي حفيدتي وفقط ، زهره ابنتي ماتت مثل بقيه اخوتها البنات ، انا لم يعش من صلبي الا الذكور ، حين اطمئن لتلك الحقيقه واصمت ، تشاكسني زهره تزعزع يقيني ، تؤكد لي بتصرف لا تقصده وهي طفله صغيره لاتعي مايحدث حولها ، تشاكسني حتي اصدق انها هي ابنتي وليست ابنتها ، ليس مهما جسدها ولا شكلها ولا طفولتها ، لكنها ابنتي بروحها بسلوكها بوجدانها بذكرياتها ، انسلخت من جسد الام وعادت في جسد الابنه !!!
هي تعرف حلم الحديقه الواسعه ، تري فيه جميله وبهيه ونور ولاتري زهره ، تراهم من خلف السور والبوابه مغلقه ، يلعبوا معا ولاتلعب معهن ، لو زهره ابنتي رحلت مثلهن ، لشاهدتها الابنه تلعب مع شقيقاتها ، لكنها لا تراها ، هي صغيره لا تستوعب ماتراه ، لكني انا العجوز الهرم استوعبه جيدا ، ذات يوم قصت علي حلم الحديقه الواسعه ، تحلم به يوميا بعدما ادمنت الصمت ، علمت ان خالها الاكبر نهرها وطالبها بالكف عن الكذب ، لانها تحكي عن قصص لم تعشها كانها عاشتها ، نهرها واخبر امه التي اخبرتني ، وافقتهما ظاهريا لكني كنت اعرف انها لاتكذب ، هي لم تسمع تلك القصص من الخادمات ، الخادمات اساسا لايعرفن تلك القصص ، امها فقط التي كانت تعرفها ، وحين تكررها وتصر علي انها عاشتها ، تقول بطريقه تتناسب وسنوات عمرها القليله ووعيها المحدود انها هي زهرة ، لكن الجميع يرتاع من حديثها يخافوا منها ، خوفهم يدفعهم لتكذيبها ، يدفعهم لنهرها والشجار معها ، حين تجاوزت العاشرة ادركت معني شجارهم معها ...
قررت الصمت ، اعطتهم ظهرها لاتكترث بشكوكهم ، هي تعرف اليقين بداخلها لكنها اعجز من التعبير عنه ، لذا صمتت واعطتهم ظهرها ، كانت تتكلم معي فقط ، وبحذر شديد لايتناسب وطفولتها البريئه ، قصت علي يوم ماتت بهيه ، حكت لي ان اختي تصورتني انا الذي مت ، كان تقول تلك الكلمات ببراءه وكانها لاتقول شيئا ، بركه ياحبيبي انك طيب ، هذه عباره اختي التي قالتها يوم موت بهيه ، اعرف هذا ، اخبرتني شقيقتي بحمق وهي تضحك وتبكي ، انها دخلت البيت علي صوت صراخ ، وجدت مقعدي فارغ ، تصورتني مت ، سمعت صوتي ، همست ببلاده بركه انك طيب ، قصت علي زهره القصه لاتعي معناها ، كانت توصل لي رساله تؤكد شكوكي وتعيد لي يقيني انها ابنتي وليست حفيدتي !!!!
يوم ماتت زوجتي ، عرفت من جميله وبهيه ونور وقت زاروها في الحلم انهن ينتظرن امها ، كانت طفله فهمت الحديث باعتباره عن امها زهرة ، لكني فهمت انها تتكلم عن امها زوجتي ، هي طفله صغيره معذبه بسر اكبر منها لم تستوعبه ولم تفهمه ، كانت محمومه وقت وفاه امها ، حين رحلت زوجتي عادت لي في شكل يمامه بيضا ، مسحت دموعي واكدت لي انها لن تغادرني ، اليمامه البيضا سر ايضا لاافهمه ، لماذا رحلت وعادت ، فكرت قليلا ثم ادركت ان الموت علي الجميع حق والاجساد فانيه ، لكن الارواح لاتموت ، وروح زوجتي عادت لعالمي تؤنسني ....
ربي يشفق علي من كبري ووهني ووحدتي ، اعاد لي زوجتي يمامه بيضا حطت علي كتفي لاتغادرني ، يراها البعض احيانا واحيانا اخري لا يروها ، تكشف نفسها لي انا فقط ، زهرة ابنتي رحلت لان ميعادها حان وعادت لي روحها في جسد زهره الصغيره ، ابنتي لم تغادرني .......... لكني ايضا لن اكشف هذا السر لاحد ، لن يفهموني ، سيقولوا الرجل العجوز هرم وخرف !!! ولماذا اقوله لهم ......... انا وزهره واليمامه البيضا سعداء بصحبتنا ولانكترث بالاخرين !!!!
حين حضر زوج ابنتي لاخذ زهره مني ، توسلت لي لااتركها ، بكيت في حضنها ، لن اتركها حتي اموت ، لااحتاج استجداء ولا توسل ، عاملته بغلظه افهمته ان طلبه مرفوض واني ابدا لن اسلمه ابنتي ، عاملته هي الاخر بغلظه تفهمه انها ليست ابنته ، هي ابنتي انا ، لم يفهم ، لكنا لانعبأ بما يفهمه !!!
افهمت الجميع انها ستبقي في هذا البيت ، وحين وافقت علي الزواج من الشاب الطيب الذي خطبها ، رجته تعيش معي فوافق ، ولو رفض كنت ساتركها له يخرج بها لحياتها الجديده ، لكنها رجته وهو رحب بطلبها ، قبل الزفاف افهمته ان زهره ابنتي وقره عيني ، وعدني باتقاء ربه فيها ، ماكنت اتمني اكثر من هذا ، اشتري لها فستان جديد لكنها رجتني ترتدي فستان امها ، قالت لي هذا فستاني واحبه ولن اغيره ، فهمتها ، ارتدت العقد الماسي وكشفت الروح عن وجودها ، تبدلت ملامح الحفيده لترسم ملامح الام الابنه ، في الزفه هي زهره ابنتي ، روحها نظراتها فستانها خطواتها ، روحها تلبستني ، عدت للوراء عشرين سنه ، رجل في الخمسين ارقص في زفه ابنتي ، هذا احساسي لم احس غيره وانا اسلمها لعرييسها ، هي ابنتي زهره ....
كل المدعويين شاهدوها وعرفوا انها زهره الابنه وكذبوا احاسيسهم ، خافوا من مايروه ، ابنائي تأكدوا انها اختهم ، ابيها ادرك انها زوجته التي رحلت عادت في جسد ابنتها ، في ليله العرس انكشف السر وعرف الجميع ماكان مستورا طيله عشرين سنه ، انكشف السر وتيقين الجميع مما رأوه ، لكنهم ارتعدوا وخافوا وانكروا ما شاهدوه ، حتي اليمامه البيضا التي كانت فوق كتفي وانا ارقص في الزفه ، انكروها ، شاهدوها وانكروها ، وانا وافقتهم ، لن اسمح لهم يقولوا عني عجوز خرف !!!!
زهره تزوجت منذ شهور ، ازدادت جمالا بعد زواجها ، زوجها رجل طيب ، يحبها ، احاول قدر مااستطيع اخفف احمالها ولااطالبها بشيء ، لكنها ابدا لا تتركني وتهتم بي اكثر ، مالها تزداد بهاءا ، مالها تزداد جمالا ؟؟؟؟ سالتها عما اخاف منه ، صارحتني ، احمل جنيني من شهرين ، توجست خيفه في البدايه ، هل ستسير علي دربها ، هل ستلد طفله وتموت وتتركها ، لكني ابعدت الهواجس بعيدا عن رأسي ، ماحدث لن يتكرر ، وان تكرر يكون قدرا ومكتوبا لا فكاك منه ، جنينها يكبر وجمالها يزداد ، صارحتها احدي الخادمات ، ستلدين بنت ، هي وهبتك جمالها فازددت فوق جمالك جمال ، ابتسمت كانها تعرف ....
طلبت طبيبي لزيارتي في المنزل وعرضتها عليه ، اساله عن صحتها ، حالتها العامه ، فحصها وهنأني ، هي في افضل حال وجنينها في افضل حال اطمأنيت عليها ، لن تكرر ماحدث لامها ، لن تكرره ، ستلد طفلا تربيه علي يديها ، سيستمتع بامومتها ويمتعها ببنوته ، تمنيت تلد فاري بعيني وانا في اوائل السبعينيات الجيل الرابع من صلبي ، وليدها حفيده زهرة الام التي رحلت وتركتها لي ، قررت انسي انها هي زهرة ، قررت انسي انها الام والابنه ، قررت انسي ان روحها هي روح امها ، سانسي هذا اللغو ، سانساه ، وانتظر حفيدي بمنتهي الطمأنينه !!!
كنت اجلس في الشرفه ويمامتي البيضا تسكن كتفي ، اقص عليها اخبار زهره ، ميعاد ولادتها اقترب ، تهفهف بجناحيها في وجهي ، كانها ترقص ، سعيده يايمامتي ، تؤميء براسها ، هي سعيده مثلي ، تنتظر معي حفيدنا !!!! اجلس في الشرفه علي مقعدي احدق في نجوم الليل الساطعه وادعي ربي يحفظ زهره ويحافظ عليها ، قبل الفجر صرخت زهره صرخه اعرفها ، انتفضت من مكاني ، صرخت اعلي ، اعرف هذه الصرخات ، كم صرختها زوجتي واطفالنا يصلون للدنيا ، ابتسمت ، حفيدي او حفيدتي علي وشك الخروج للدنيا !!!!!!!!!!
لم تكن هذه قصتها الاولي التي تعرفها ولم تعشها ، عشرات مئات القصص تعرفها ولم تعشها ، عاشتها امها زهرة ، لكنها تعرفها جميعا كانها عاشتها ، حين حملتها بين ذراعي وقت ماتت امها لم احسها حفيدتي ، احسستها ابنتي التي كانت ، حين ناديتها زهرة فتحت عيناها ، تاكدت من احاسيسي ، تصوروني وسط بكائهم اسميتها زهرة ، لكني كنت اناديها ، اتاكد من احاسيسي ، حين قبضت باصابعها الرفيعه علي اصبعي احسستها تخاطبني ، كانها تقول لي انا هنا لاتحزن ، كانوا يبكوا مفجوعين لوفاه الام وانا في عالم ثاني لااشاركهم حزنهم ، نعم لاافهم لماذا يحدث مايحدث ، لماذا ترحل زهره الام وتعود ثانيه في جسد وليدتها ، لم افهم لكني لم اكترث بالفهم ، هاهي زهرتي عادت لي واعادت لي شباب حياتي وروحها ....
احيانا اشك في عقلي ، اتصورني حزينا علي ابنتي لدرجه الهلوسه والوهم ، تتناقض احاسيسي واتلخبط ، احسم امري ، هذه هلاوس لااساس لها من الصحه ، زهره الام ماتت وهذه هي حفيدتي وفقط ، زهره ابنتي ماتت مثل بقيه اخوتها البنات ، انا لم يعش من صلبي الا الذكور ، حين اطمئن لتلك الحقيقه واصمت ، تشاكسني زهره تزعزع يقيني ، تؤكد لي بتصرف لا تقصده وهي طفله صغيره لاتعي مايحدث حولها ، تشاكسني حتي اصدق انها هي ابنتي وليست ابنتها ، ليس مهما جسدها ولا شكلها ولا طفولتها ، لكنها ابنتي بروحها بسلوكها بوجدانها بذكرياتها ، انسلخت من جسد الام وعادت في جسد الابنه !!!
هي تعرف حلم الحديقه الواسعه ، تري فيه جميله وبهيه ونور ولاتري زهره ، تراهم من خلف السور والبوابه مغلقه ، يلعبوا معا ولاتلعب معهن ، لو زهره ابنتي رحلت مثلهن ، لشاهدتها الابنه تلعب مع شقيقاتها ، لكنها لا تراها ، هي صغيره لا تستوعب ماتراه ، لكني انا العجوز الهرم استوعبه جيدا ، ذات يوم قصت علي حلم الحديقه الواسعه ، تحلم به يوميا بعدما ادمنت الصمت ، علمت ان خالها الاكبر نهرها وطالبها بالكف عن الكذب ، لانها تحكي عن قصص لم تعشها كانها عاشتها ، نهرها واخبر امه التي اخبرتني ، وافقتهما ظاهريا لكني كنت اعرف انها لاتكذب ، هي لم تسمع تلك القصص من الخادمات ، الخادمات اساسا لايعرفن تلك القصص ، امها فقط التي كانت تعرفها ، وحين تكررها وتصر علي انها عاشتها ، تقول بطريقه تتناسب وسنوات عمرها القليله ووعيها المحدود انها هي زهرة ، لكن الجميع يرتاع من حديثها يخافوا منها ، خوفهم يدفعهم لتكذيبها ، يدفعهم لنهرها والشجار معها ، حين تجاوزت العاشرة ادركت معني شجارهم معها ...
قررت الصمت ، اعطتهم ظهرها لاتكترث بشكوكهم ، هي تعرف اليقين بداخلها لكنها اعجز من التعبير عنه ، لذا صمتت واعطتهم ظهرها ، كانت تتكلم معي فقط ، وبحذر شديد لايتناسب وطفولتها البريئه ، قصت علي يوم ماتت بهيه ، حكت لي ان اختي تصورتني انا الذي مت ، كان تقول تلك الكلمات ببراءه وكانها لاتقول شيئا ، بركه ياحبيبي انك طيب ، هذه عباره اختي التي قالتها يوم موت بهيه ، اعرف هذا ، اخبرتني شقيقتي بحمق وهي تضحك وتبكي ، انها دخلت البيت علي صوت صراخ ، وجدت مقعدي فارغ ، تصورتني مت ، سمعت صوتي ، همست ببلاده بركه انك طيب ، قصت علي زهره القصه لاتعي معناها ، كانت توصل لي رساله تؤكد شكوكي وتعيد لي يقيني انها ابنتي وليست حفيدتي !!!!
يوم ماتت زوجتي ، عرفت من جميله وبهيه ونور وقت زاروها في الحلم انهن ينتظرن امها ، كانت طفله فهمت الحديث باعتباره عن امها زهرة ، لكني فهمت انها تتكلم عن امها زوجتي ، هي طفله صغيره معذبه بسر اكبر منها لم تستوعبه ولم تفهمه ، كانت محمومه وقت وفاه امها ، حين رحلت زوجتي عادت لي في شكل يمامه بيضا ، مسحت دموعي واكدت لي انها لن تغادرني ، اليمامه البيضا سر ايضا لاافهمه ، لماذا رحلت وعادت ، فكرت قليلا ثم ادركت ان الموت علي الجميع حق والاجساد فانيه ، لكن الارواح لاتموت ، وروح زوجتي عادت لعالمي تؤنسني ....
ربي يشفق علي من كبري ووهني ووحدتي ، اعاد لي زوجتي يمامه بيضا حطت علي كتفي لاتغادرني ، يراها البعض احيانا واحيانا اخري لا يروها ، تكشف نفسها لي انا فقط ، زهرة ابنتي رحلت لان ميعادها حان وعادت لي روحها في جسد زهره الصغيره ، ابنتي لم تغادرني .......... لكني ايضا لن اكشف هذا السر لاحد ، لن يفهموني ، سيقولوا الرجل العجوز هرم وخرف !!! ولماذا اقوله لهم ......... انا وزهره واليمامه البيضا سعداء بصحبتنا ولانكترث بالاخرين !!!!
حين حضر زوج ابنتي لاخذ زهره مني ، توسلت لي لااتركها ، بكيت في حضنها ، لن اتركها حتي اموت ، لااحتاج استجداء ولا توسل ، عاملته بغلظه افهمته ان طلبه مرفوض واني ابدا لن اسلمه ابنتي ، عاملته هي الاخر بغلظه تفهمه انها ليست ابنته ، هي ابنتي انا ، لم يفهم ، لكنا لانعبأ بما يفهمه !!!
افهمت الجميع انها ستبقي في هذا البيت ، وحين وافقت علي الزواج من الشاب الطيب الذي خطبها ، رجته تعيش معي فوافق ، ولو رفض كنت ساتركها له يخرج بها لحياتها الجديده ، لكنها رجته وهو رحب بطلبها ، قبل الزفاف افهمته ان زهره ابنتي وقره عيني ، وعدني باتقاء ربه فيها ، ماكنت اتمني اكثر من هذا ، اشتري لها فستان جديد لكنها رجتني ترتدي فستان امها ، قالت لي هذا فستاني واحبه ولن اغيره ، فهمتها ، ارتدت العقد الماسي وكشفت الروح عن وجودها ، تبدلت ملامح الحفيده لترسم ملامح الام الابنه ، في الزفه هي زهره ابنتي ، روحها نظراتها فستانها خطواتها ، روحها تلبستني ، عدت للوراء عشرين سنه ، رجل في الخمسين ارقص في زفه ابنتي ، هذا احساسي لم احس غيره وانا اسلمها لعرييسها ، هي ابنتي زهره ....
كل المدعويين شاهدوها وعرفوا انها زهره الابنه وكذبوا احاسيسهم ، خافوا من مايروه ، ابنائي تأكدوا انها اختهم ، ابيها ادرك انها زوجته التي رحلت عادت في جسد ابنتها ، في ليله العرس انكشف السر وعرف الجميع ماكان مستورا طيله عشرين سنه ، انكشف السر وتيقين الجميع مما رأوه ، لكنهم ارتعدوا وخافوا وانكروا ما شاهدوه ، حتي اليمامه البيضا التي كانت فوق كتفي وانا ارقص في الزفه ، انكروها ، شاهدوها وانكروها ، وانا وافقتهم ، لن اسمح لهم يقولوا عني عجوز خرف !!!!
زهره تزوجت منذ شهور ، ازدادت جمالا بعد زواجها ، زوجها رجل طيب ، يحبها ، احاول قدر مااستطيع اخفف احمالها ولااطالبها بشيء ، لكنها ابدا لا تتركني وتهتم بي اكثر ، مالها تزداد بهاءا ، مالها تزداد جمالا ؟؟؟؟ سالتها عما اخاف منه ، صارحتني ، احمل جنيني من شهرين ، توجست خيفه في البدايه ، هل ستسير علي دربها ، هل ستلد طفله وتموت وتتركها ، لكني ابعدت الهواجس بعيدا عن رأسي ، ماحدث لن يتكرر ، وان تكرر يكون قدرا ومكتوبا لا فكاك منه ، جنينها يكبر وجمالها يزداد ، صارحتها احدي الخادمات ، ستلدين بنت ، هي وهبتك جمالها فازددت فوق جمالك جمال ، ابتسمت كانها تعرف ....
طلبت طبيبي لزيارتي في المنزل وعرضتها عليه ، اساله عن صحتها ، حالتها العامه ، فحصها وهنأني ، هي في افضل حال وجنينها في افضل حال اطمأنيت عليها ، لن تكرر ماحدث لامها ، لن تكرره ، ستلد طفلا تربيه علي يديها ، سيستمتع بامومتها ويمتعها ببنوته ، تمنيت تلد فاري بعيني وانا في اوائل السبعينيات الجيل الرابع من صلبي ، وليدها حفيده زهرة الام التي رحلت وتركتها لي ، قررت انسي انها هي زهرة ، قررت انسي انها الام والابنه ، قررت انسي ان روحها هي روح امها ، سانسي هذا اللغو ، سانساه ، وانتظر حفيدي بمنتهي الطمأنينه !!!
كنت اجلس في الشرفه ويمامتي البيضا تسكن كتفي ، اقص عليها اخبار زهره ، ميعاد ولادتها اقترب ، تهفهف بجناحيها في وجهي ، كانها ترقص ، سعيده يايمامتي ، تؤميء براسها ، هي سعيده مثلي ، تنتظر معي حفيدنا !!!! اجلس في الشرفه علي مقعدي احدق في نجوم الليل الساطعه وادعي ربي يحفظ زهره ويحافظ عليها ، قبل الفجر صرخت زهره صرخه اعرفها ، انتفضت من مكاني ، صرخت اعلي ، اعرف هذه الصرخات ، كم صرختها زوجتي واطفالنا يصلون للدنيا ، ابتسمت ، حفيدي او حفيدتي علي وشك الخروج للدنيا !!!!!!!!!!
البقيه بالجزء الثاني !!!!
شجرة الرجال .. و .. زهرة الروح !!!! الجزء الثاني !!!
( 10 )
الابن الاكبر
الابن الاكبر
اخطرني ابي بصوت شاب كانه لم يكمل عامه العشرين ان زهره انجبت طفله جميله وقامت بالسلامه ، اخبرني احضر زوجتي واولادي للاحتفال بالسبوع الكبير الذي سيقيمه لحفيدته ، حفيدة زهرة ، اتصل باخوتي جميعا ، يهنئهم بسلامه زهره ويخطرهم بميعاد السبوع ، اتصل بابيها ، هنأه ، صرت جد ، دعاه لحفل السبوع ، انتظرك واخوتها للاحتفال بسبوع الوليده الجديده !!!لماذا لم يساله احد منا عن اسم المولوده ، هل نسينا ، كيف نسينا ، زهره انجبت طفله ، السؤال الاول الذي نساله عاده ، مااسمها ، لكننا لم نسال ، لا انا ولا اخوتي ولا ابيها ....حملنا الهدايا وذهبنا للبلدة ، قابلنا ابي شابا قويا علي بوابه الحديقه ، البيت مزين باللمبات الملونه ، صوت المزمار يدق ، في الشرفه تقف زهره تحمل طفلتها ، اقتربنا صاخبين ، تهاني مباركات فرحه ، سالها ابيها فجأ ، مااسم ابنتك يازهره ، قالت سميتها علي اسم امي ، زهرة!!!! انتفض ابيها ، جف حلقه ، لم يجد كلمات يرد بها عليها ، لم اصدقها ، اختليت بابي وسالته ، لماذا سمحت لها تسمي ابنتها زهرة ، ابتسم ابي ، الاسم يجري ورا صاحبه ، لكنها هي زهره وامها زهره ، لماذا لم نغير الاسماء لنغير الحظ والمصير ، سخر مني ابي ، لااحد يغير مصيره ولا قدره والاسماء لاعلاقه لها بالقدر والحظ ، الاسماء اسماء !!!حدقت في الطفله ، تشبه جدتها ، تشبه امها ، لها نفس العينين ، لها نفس الملامح الساكنه ، لها نفس الرائحه ، الغريب انها تقبض باصابعها الرفيعه علي اصبع ابي وقت حملها في حضنه بمنتهي الحنان بالضبط مثلما فعلت امها وجدتها !!!باركت لزهره وناشدتها ، اختاري لها اسم اخر ، ابتسمت وقبلتني ، لكنه اسمها ياخالي ، لم اختره !!!! ارتبكت ، ستعود البنت لغرابه اطوارها ، هي التي منحت ابنتها الاسم وكنا نتمناه مختلف !!! غريبه الاطوار هي ، تصطنع الغرابه والبراءة ، حين اكلمها تبعد عيناها عن عيني ، ترد ردود مقتضبه ، تصطنع الغموض ، تقول كلمتين ولاتكمل الجمله ، نعم عادت لغرابه اطوارها !!!مرت الليله سعيده وزهره الصغيره نائمه في حضن امها ، ابي استرد عافيته ، يرقص بالعصا في الحديقه ، يضحك فتتمايل فروع الاشجار ، يوزع صدقاته علي اهل البلده بسخاء كعادته ، الفرح لون وجهه كمثل قوس قزح ، عاد له شبابه ، نسي احزانه كلها وفرح بزهرة !!!طالت الليله قدر ماطالت ، ليله استرد فيها بيتنا العتيق فرحته القديمه ، وحين انتهت ، حمل كل منا اسرته في سيارته ورحل !!!! لكن فرحنا لم يطول !!!!!!!
( 11 )
يوسف
كنت صغير ، وقت صرخت امي والقت سماعه الهاتف من يدها ، قفز ابي من فراشه مضطربا ، سالها مابك ، لكنها لم تقوي تقول له ماتعرفه ، همسا بلا ارتباك سالها ، مات ابي ، لم ترد عليه ، لم يخطر بباله ان زهره ماتت ، نعم ببساطه مثل خالاتها وامها ماتت !!!كرر سؤاله ، مابك ، اختنقت الكلمات في حلقها ، تتمناه يفهم ، لكنه ابدا لم يفهم ، مازال واقفا ببرود امام انهيارها !!! همست تمتمت بكلمات لم اسمعها ، لكن ابي انهار في مقعده ولم ينطق !!!!اتصل ابي بجدي وهمس له بعبارات ممضوغه ، ابنه عمتي ماتت ، لم يفهم جدي !!! كرر ابي عباراته ، صراخ مكتوم يصلني من السماعه التي يكتم ابي صوتها ، يزداد حزن ابي وارتباكه ، يصرخ في امي ، سنذهب لجدي فورا ، حملتني بملابس النوم كأني احدي حقائبها والقتني في السياره ، وصل ابي للبيت القديم بسرعه شديده ، كان يطير من فوق الطريق وامي لاتكف عن الصراخ ، جدي يجلس بجواري تنهمر دموعه ، يهمس ، عيله سلسال بناتها انقطع وحيفضل مقطوع ، تنهد ابي ، تمني جدي لو زهره التي ماتت كانت رجلا وتمني لو زهره التي ولدت كان رجل ، لكنهن اناث فروعهن مقطوعه من شجره الرجال ، شجره العائله ، تلك الشجره التي لم تثمر الا زهرة واحدة !!!وصلنا البيت الريفي في الظلام ، كان جدي الكبير علي مقعده في الشرفه يحمل زهرة بين ذراعيه يهدهدها ويغني لها ، ساله جدي عن زهره وكيف ماتت ، ابتسم جدي ساخر ، عمرها انتهي ، هكذا الامر ببساطه ، ارتبك جدي ، جلس بجوار ابيه يبكي ، نهره جدي ، بكاءه سيوقظ زهره ، حدق جدي في زهره بين ذراعي ابيه وساله ، وحنعمل فيها ايه ، بحسم وقوه وغضب همس جدي ، حاربيها انا !!!اقتربت من جدي ، مد ذراعيه بزهرة وابتسم لي في الظلام ، احملها يايوسف ، هي لك وانت لها !!احدق في وجهها ، صغيره جميله ، ارتبك من نظراتها البريئه ، يضع جدي كفها الصغيره فوق كفي ، هي لك وانت لها يايوسف لاتنسي !!!زهره ساكنه بين ذراعيه ، تنظر في وجهه كانها تفهم مايدور حولها ، قبضت علي اصابعه كانها تقصد ، هدهدها جدي الاكبر واخذ يغني لها ، مازالت زهره مسجاه فوق فراشها ، داهمهم الليل فلم يواروها التراب ، دخل جدي البيت وانا خلفه مسرعا ، نهرني لاعود لكني رفضت ، حذرني ساخاف من منظر جثتها لكني لم اطاوعه ، دخلت معه الحجره ، زهره ، تلك السيده الجميله تنام فوق فراشها ، اقتربت منها ، ليست ميته ، هي نائمه ، مثل الاميره النائمه التي قرأت عنها في قصص المجموعه الخضراء ، هي تنتظر فارس يفك عنها السحر ، سالت جدي ، حتصحي امتي ، انفجر في البكاء ، خرج من الححره وبقيت مع زهره ، عمتي زهرة ، انظر لها اتمني اسالها لماذا انت نائمه ولماذا يبكون ولماذا لاتستيقظي وتحملي صغيرتك بين ذراعيك ،، لكن الصمت في الحجره مخيف ، لااسمع انفاسها ، الاميرة النائمه كانت تتنفس ، هل هذا هو الموت ؟؟؟؟؟؟ احببت عمتي زهره بعد فوات الاوان ، بعدما ماتت !!!خرجت لجدي الاكبر ارتميت في حضنه ابكي ، فتحت زهره عيناها ، احببتها واحببت جدي وتمنيت لو بقيت معه ومعها العمر كله !!!! يتردد في اذني كلماته هي لك وانت لها ، هي لك وانت لها .....
زهرة
كانت جميله وبهيه ونور يلعبوا في الحديقه الواسعه ، البوابه مغلقه ، اقف بعيدا عن السور ، اصرخ انادي عليهن لكن لا يجاوبوني !!! يمامه بيضاء تعبر السور ، تقف علي كتف جميله تقبل بهيه تلاعب اجنحتها في وجه نور وسرعان ماتخرج من الحديقه وتحط علي كتفي وتأمرني بالرحيل !!!! سالت جدي العجوز ، لماذا لا تلعب زهره جدتي ولا زهره امي معهن؟؟؟ احتضني جدي ولم يرد علي !!! حلم يتكرر ، جميله وبهيه ونور يلعبون معا وزهره لاتلعب معهن !!!سالت الخادمه العجوز ، كيف ماتت امي ، اخذتني في حضنها وصمتت ، سالت جدي لماذا منحتني امي اسمها ، ابتسم ، هي منحتك اسمها وحياتها وروحها وكل شيء ، كنت صغيره لم افهم مالذي يقوله جدي!!هل تحبني ياجدي ، سالته ، ابتسم واحتضنني ، نعم وصمت !!! اين ابي ياجدي ، اشاح بوجه بعيدا عني ، رحل وتركني مع جدي واختفي من الحياه ولم يسال عني ابدا !!!انام في حضن جدي ، ياخذني بين ذراعي وينام ، تاتي جميله وبهيه ونور لحلمي ، يلوحوا لي ، يرسلوا لي قبلاتهم ، اتمني العب معهم لكن بوابه الحديقه موصده في وجهي طيله الوقت ، صرخت انادي جميله ، خذيني معك ، ابتسمت جميله ، لن تاتي ابدا ، وانصرفت تكمل لهوها مع شقيقاتها !!!سالت جدي عن شجره المانجه العجوز ، حدق في وجهي واحتقن وجهه واحتضني ، كنت اعرف كنت اعرف !!!نظر لي وهمس ، يوسف يازهره ، هو لك وانت له ، لاتنسي ابدا ، مهما حدث لاتنسي !! هذه اخر جمله سمعتها من جدي !!! بعدها لم ينطق !!! مازال حيا لكنه لاينطق ، لا بل يتحدث كلاما لايفهمه الا اليمامه البيضا التي لاتغادر كتفه !!! مرض جدي واوهنته الشيخوخه ، ثمانين عام ومايزيد ، يحبني ، واثقه انا من حبه ، نعم لايقوي علي الحديث ، لكن نظراته وحضنه الدافء يصرخ بحبي !!! ابكي في حضنه لماذا مرضت ياجدي وسترحل وتتركني ، يبكي بلا صوت ، تنهال دموعه فوق شعري ، ترفرف اليمامه البيضا فوق راسي كانها تواسيني ، يغيب جدي عن الوعي كثيرا وحين يفيق يصرخ باسمي ، اهرع اليه ، يحتضنني ويصمت !!!في حضنه اسمع صوته يأتي من بعيد ، كنت صغيره وكان ابي ، كنت صغيره وكان جدي ، هاانا الان صغيره وهو جدي وكل مالي في الدنيا ، اسمع صوته يخرج من قلبه يشكو لي خرسه الجبري ، قلبه يبكي لانه عاجز عن رعايتي ، انت ابنتي وحفيدتي وقلبي ، ربنا يحفظك يابنتي ، اخرج من حضنه وانام في فراشه مطمئنه !!!سنوات مرت ، جدي مازال مريضا صامتا لاينطق ، وان تكلم لايفهم احد ماذا يقول ... تخرجت من الجامعه وانا مع جدي !!! اعود من المدينه لاجده جالسا علي مقعده في الشرفه ، اهرع اليه اقبله ، يقبلني بعينيه ، اقص عليه احداث يومي ، يبتسم كانه يفهمني ، اخذه لفراشه يقبض علي يدي لايتركني ، انام في حضنه مثلما كنت افعل صغيره ، تتعالي صوت انفاسه ويتهدل جسده سكينه وراحه !!!في حضنه اري جميله وبهيه ونور .... اري اليمامه البيضا ... اناديهم لايسمعوني ... استيقظ اكلمه ، يفتح عينيه ويصغي لي ياجدي ، هو انا عشت قبل كده ، يهز راسه نفيا ، امال انا ليه حاسه كده ، يكتم انفاسي بكفه ، يطالبني اخرس ، نعم انت تعرف اني عشت حياه سابقه ، بل اكثر من حياه ، الماضي يجري امام عيني كشريط سينما ، كل ماحدث في هذا البيت قصته علي الجدران ، يصرخ جدي غضبا ، يتشاجر معي وهو محتجز داخل نفسه لايملك فرارا ، يناشدني بدموعه اصمت ، اصمت لكني لاافهم لماذا يوتره كلامي !!!ساعرف بنفسي مالذي يحدث !!!اسال جدي ابن جدي ، عن ما يدور في راسي ، المح نظراته تستريب في ، اكاد اسمع همسه الداخلي ، غريبه الاطوار كامها ، يسالني ، بتشوفي احلام ، اقص عليه مااراه ، يصرخ جدي في فراشه غضبا ، تطير العصافير من فوق الاشجار فزعا ويقف الهواء صامتا اخرس وكان الزمن وقف ، اقترب منه لاهدئه ، يلطمني بيده لطمه قويه ، اول مره في حياته يفعلها ، لماذا ياجدي ، تصرخ عيناه اخرسي ، اخرسي ، يخاف علي ، لكني لم افهم خوفه !!! ينظر لي جدي ابن جدي نظرات مريبه ويبتسم ابتسامه مصطنعه ويتركنا !!!
الخادمه العجوز
كان يوم اسود ، هجم البيه الكبير علينا في البيت ، دخل علي زهره حجرتها ، خلفه رجالا يرتدون ملابس بيضاء ، صراخ زهره يخلع القلب ، يكتفوها ويحملوها غصبن عنها لسيارتهم السوداء ، يصرخ سيدي البيه فزعا ، يصرخ ويصرخ ، هو لايري مايحدث لكنه يصرخ فزعا ، اليمامه البيضا تصاب بلوثه عقليه ، تصرخ هي الاخري ، تطير في صاله المنزل بعنف وغضب ، صوت اجنحتها يعلوا احيانا علي صراخ سيدي البيه ، يوهن صراخ زهره وتبعد السياره التي اختطفتها من المنزل !!!
سيدي البيه يصرخ ويصرخ ، يقترب منه ابنه الاكبر ، احنا عملنا كده لمصلحتها ، البنت مخها تعبان ، يلطمه سيدي البيه علي وجه بقوه ، يترنح ، لايصدق ، لايفهم سر تلك القوه التي اطاحت بتوازنه ، ابيه يقترب من التسعين ، ومريض لاينطق ، اعجزته الشيخوخه ، من اين اتي بتلك القوه ، لطمني علي وجههي فكدت اسقط !!! طرده من الغرفه وحين جلس في الشرفه خرج يتساند علي الخادمات وسحبه من ملابسه والقي به خارج المنزل ، عيناه تصرخ لاتعد عندي ثانيه ، كلنا نرتعد من قوته التي دبت في جسده وارادته فجأ ... يخرج من البيت الريفي مشفقا علي ابيه من جنون شيخوخته كما قال للجميع !!!
اختطفت زهره من البيت وغابت فانهار سيدي البيه صحيا ، الطبيب لا يغادر منزلنا حتي يعود ، يسمع هذيان سيدي البيه ويربت علي كتفه ويناشدني ، محدش يضايقه ، احدق فيه ، عجوز هرم ، انفاسه تخرج من جسده كانها لن تعود وتدخل لرئتيه كالسكين في لحمه الحي ، اؤكد له ان مافيش حد بيضايقه ، يهمس البيه زهره ، يهمس الطبيب ، مين زهره ؟؟؟ لاارد وان رديت لن يفهم !!!
ينام سيدي البيه ويستيقظ .. يستيقظ وينام يهذي ويهذي ....... كلمات ممضوغه لن يفهما احد ، فقط ندائاته علي زهره هي التي تعيد لمراكز احساسه الاحساس!!!
هما خطفوها ودوها علي فين !!!!!!! سيدي البيه يصرخ ويصرخ ، يقترب منه ابنه الاكبر ، احنا عملنا كده لمصلحتها ، البنت مخها تعبان ، يلطمه سيدي البيه علي وجه بقوه ، يترنح ، لايصدق ، لايفهم سر تلك القوه التي اطاحت بتوازنه ، ابيه يقترب من التسعين ، ومريض لاينطق ، اعجزته الشيخوخه ، من اين اتي بتلك القوه ، لطمني علي وجههي فكدت اسقط !!! طرده من الغرفه وحين جلس في الشرفه خرج يتساند علي الخادمات وسحبه من ملابسه والقي به خارج المنزل ، عيناه تصرخ لاتعد عندي ثانيه ، كلنا نرتعد من قوته التي دبت في جسده وارادته فجأ ... يخرج من البيت الريفي مشفقا علي ابيه من جنون شيخوخته كما قال للجميع !!!
اختطفت زهره من البيت وغابت فانهار سيدي البيه صحيا ، الطبيب لا يغادر منزلنا حتي يعود ، يسمع هذيان سيدي البيه ويربت علي كتفه ويناشدني ، محدش يضايقه ، احدق فيه ، عجوز هرم ، انفاسه تخرج من جسده كانها لن تعود وتدخل لرئتيه كالسكين في لحمه الحي ، اؤكد له ان مافيش حد بيضايقه ، يهمس البيه زهره ، يهمس الطبيب ، مين زهره ؟؟؟ لاارد وان رديت لن يفهم !!!
ينام سيدي البيه ويستيقظ .. يستيقظ وينام يهذي ويهذي ....... كلمات ممضوغه لن يفهما احد ، فقط ندائاته علي زهره هي التي تعيد لمراكز احساسه الاحساس!!!
( 14 )
زهرة
افتح عيناي بصعوبه ، الجدران بيضاء والفراش بارد والصمت مخيف !!! اغلق عيناي ثانيه ، ادخل الحلم طواعيه ..
ابعدوني عن جدي واحتجزوني في تلك الحجره ..
حرموني من بيتي والشرفه الدافئه وشجره الياسمين وحواديت الجدران ..حرموني من جدي وحضنه ، من غرفتي وذكرياتي منذ ولدت في ثوب جدتي وحتي عدت في ثوبي !!لم يبق لي الاحلام ملجأ وملاذا ... انام كثيرا اهرب للاحلام .. ابعدوني عن جدي واحتجزوني في تلك الحجره ..
انادي جميله وبهيه ونور ليلعبوا معي .. الحمامه البيضا تحط علي كتي في الحلم وتنصحني ، لن يسمعوكي ولن يلعبوا معك !!! افتح عيناي بصعوبه ، غلالات من الدموع المعلقه علي مقلتي .. اتذكر جدي ، افتقده ، يوحشني !!! اتذكر حنانه وحواديته ويوحشني !!!
اري وجه يوسف مبتسما ، المح وجه جدي مبتسما ، هو لك وانت له ، لاتنسي يازهره لاتنسي !!! .......................... يدخل الطبيب للغرفه ، يمسك معصمي ببلاده ويسالني ، ها بقيت كويسه ؟؟؟؟ لااجد اجابه ولاينتظر هو اجابتي !!!الجد الاكبر
تأتيني زهره في احلامي تبكي ، ابني الاكبر حرق قلبي عليها وحرمني منها ، حمار ، طيله حياته حمار ، لايفهم الا مايفهمه الحمير ، من قال ان زهره مريضه ، زهره ليست مريضه ، لكنه لم يصدقني ، يتقول عليها ، يدعي انها تهذي ، اوافقه ، مالك ومالها ، تهذي هذا شأنها ابعد عنها ، لايسمع كلامي ، هي مريضه نفسيه ، تعيش في الاوهام والعوالم الخياليه ، اهز راسي نفيا ، انت لاتفهم ، يكاد يتجرأ علي ويقول لي ، انت الذي لاتفهم ، يشرح لي ، المرض النفسي ده مرض زي اي مرضه ، له علاج ، ماتخافش عليها !!!
حمار ، وصفته بما يستحقه !!! زهره ليست مريضه نفسيه ولا تتخيل عوالم وتعيش فيها ، كل ماتقوله حدث ويحدث حتي لو كانت لا تفهم مالذي يدور حولها ، اهمس في اذنه ، زهره اختك لم تمت ، روحها في روح ابنتها في روح حفيدتها ، كلهن واحده فقط ، هي زهره ، لاتنظر لي مثلما تنظر لست مجنون ولست مختل ، اقول لك الحقيقه ، لكنك لن تفهمها !!!
يصمني ابني بالجنون والعته ، يشرح لاخوته ، ابيكم يدخل علي عامه التسعين ، الشيخوخه افقدته بقايا العقل الذي تركته له سنواته التسعين!!!
لا زهره مريضه نفسييا ولا انا مجنون .... هي سر الاسرار وانا التي كشفت السر وفهمته !!! لماذا يحدث كل مايحدث !!! انا لااعرف ولااحد يعرف !!!! ومهما حاولنا نفهم لن نفهم .... اليمامه البيضاء فوق كتفي لا تبارحني ، اوصيها ، اذهبي لزهره ، اطمئني عليها !!!
انادي يوسف في خيالي ، اذهب لها وحررها من اسرها ياابني ، فهي لك وانت لها !!!
احسه سمعني ، انام مطمئنا !!!
حمار ، وصفته بما يستحقه !!! زهره ليست مريضه نفسيه ولا تتخيل عوالم وتعيش فيها ، كل ماتقوله حدث ويحدث حتي لو كانت لا تفهم مالذي يدور حولها ، اهمس في اذنه ، زهره اختك لم تمت ، روحها في روح ابنتها في روح حفيدتها ، كلهن واحده فقط ، هي زهره ، لاتنظر لي مثلما تنظر لست مجنون ولست مختل ، اقول لك الحقيقه ، لكنك لن تفهمها !!!
يصمني ابني بالجنون والعته ، يشرح لاخوته ، ابيكم يدخل علي عامه التسعين ، الشيخوخه افقدته بقايا العقل الذي تركته له سنواته التسعين!!!
لا زهره مريضه نفسييا ولا انا مجنون .... هي سر الاسرار وانا التي كشفت السر وفهمته !!! لماذا يحدث كل مايحدث !!! انا لااعرف ولااحد يعرف !!!! ومهما حاولنا نفهم لن نفهم .... اليمامه البيضاء فوق كتفي لا تبارحني ، اوصيها ، اذهبي لزهره ، اطمئني عليها !!!
انادي يوسف في خيالي ، اذهب لها وحررها من اسرها ياابني ، فهي لك وانت لها !!!
احسه سمعني ، انام مطمئنا !!!
( 16 )
يوسف
يوسف
كل يوم احلم بجدي الاكبر ، اسمعه يناديني ، يوصيني بزهره ، يتشاجر معي لاتتخلي عنها ، هي لك وانت لها ، استيقظ من النوم متوتر ، اسال نفسي هل ساعه رحيله دنت ويناديني ، سازور زهره وازوره بعدها....
ادخل المستشفي وجل مضطرب ، اكره تلك المصحات ، تشاجرت مع ابي وجدي وقت قرروا مع بقيه العائله يودعوا زهرة مصحه نفسيه ، قرروا انها تعيش في الوهم وتهذي وتخرف ، ناشدتهم يتركوا وشأنها ، هي تعيش مع جدي وحياتهما هادئه ، لاشأن لنا بهما ....لكن جدي تشاجر معي ، انت جاهل ، هكذا وصفني ، البنت محتاجه علاج ، البنت بتقول كلام غريب ، بتكذب طول الوقت ، فاهمه نفسها عاشت زمان ، همس جدي لشقيقه الاصغر ، هي غريبه الاطوار مثل امها ، واجبنا نعالجها !!! مازلت في المصحه ، جدران خضراء واضاءه صفراء شاحبه وممرضات بوجوه بارده ، كل شيء هنا ، كريه !!! فتحت لي الممرضه الباب ، زهره علي فراشها تحدق في السقف ، ابتسمت حين راتني ، احتضنتها ، احتضنتي بقوه اكثر ، لم اجد كلمات اقولها لا ، احسها ليست مريضه لكن الجميع الطبيب وجدي وابي والعائله كلهم قرروا انها مريضه يلزم علاجها ، لااجد مااقوله لها ، تمسك كفاي بقوه ، احس روحها تتسلل من بين اصابعها لجسدي ، اشفق عليها ، فتاه عشرينيه العمر جميله شاحبه محتجزه في غرفه خضراء اضائتها شاحبه حزينه هي ، تسالني عن جدي ، اطمئنها عليه ...تلمع عيناها وتهمس ، عايزه اشوفه ، اعدها احاول اقنع الاسرة بفك احتجازها ، اعطيها عسلية تحبها ، تبتسم فرحه ، توصيني بجدي ، انا معرفش حاروح امتي ، خلي بالك منه ، اعدها برعايته ، اودعها ، تسالني علي باب حجرتها ، هل تصدق اني مريضه ، اهز راسي نفيا ، تقبلني في خدي وتودعني وتعود لفراشها تحدق في السقف ، اخرج من الحجره ساخط علي العائله التي تخلصت منها باحتجازها في تلك المصحه !!!! اخرج من المستشفي مرهق الروح ، يتردد في اذني كلمات جدي ، هي لك وانت لها ، هي لك وانت لها !!
ادخل المستشفي وجل مضطرب ، اكره تلك المصحات ، تشاجرت مع ابي وجدي وقت قرروا مع بقيه العائله يودعوا زهرة مصحه نفسيه ، قرروا انها تعيش في الوهم وتهذي وتخرف ، ناشدتهم يتركوا وشأنها ، هي تعيش مع جدي وحياتهما هادئه ، لاشأن لنا بهما ....لكن جدي تشاجر معي ، انت جاهل ، هكذا وصفني ، البنت محتاجه علاج ، البنت بتقول كلام غريب ، بتكذب طول الوقت ، فاهمه نفسها عاشت زمان ، همس جدي لشقيقه الاصغر ، هي غريبه الاطوار مثل امها ، واجبنا نعالجها !!! مازلت في المصحه ، جدران خضراء واضاءه صفراء شاحبه وممرضات بوجوه بارده ، كل شيء هنا ، كريه !!! فتحت لي الممرضه الباب ، زهره علي فراشها تحدق في السقف ، ابتسمت حين راتني ، احتضنتها ، احتضنتي بقوه اكثر ، لم اجد كلمات اقولها لا ، احسها ليست مريضه لكن الجميع الطبيب وجدي وابي والعائله كلهم قرروا انها مريضه يلزم علاجها ، لااجد مااقوله لها ، تمسك كفاي بقوه ، احس روحها تتسلل من بين اصابعها لجسدي ، اشفق عليها ، فتاه عشرينيه العمر جميله شاحبه محتجزه في غرفه خضراء اضائتها شاحبه حزينه هي ، تسالني عن جدي ، اطمئنها عليه ...تلمع عيناها وتهمس ، عايزه اشوفه ، اعدها احاول اقنع الاسرة بفك احتجازها ، اعطيها عسلية تحبها ، تبتسم فرحه ، توصيني بجدي ، انا معرفش حاروح امتي ، خلي بالك منه ، اعدها برعايته ، اودعها ، تسالني علي باب حجرتها ، هل تصدق اني مريضه ، اهز راسي نفيا ، تقبلني في خدي وتودعني وتعود لفراشها تحدق في السقف ، اخرج من الحجره ساخط علي العائله التي تخلصت منها باحتجازها في تلك المصحه !!!! اخرج من المستشفي مرهق الروح ، يتردد في اذني كلمات جدي ، هي لك وانت لها ، هي لك وانت لها !!
( 17 )
الجد الاكبر
يوسف ... يقف امامي مبتسما ، هو الوحيد الذي لا ينتظر موتي ولا يتمناه ، افتح عيني اراه ، هو ابيه ، يشبهه ، ابتسم في وجهه لكن جفوني تتهدل وتغمض عيني رغما عني وانام ، اراه يجلس مع زهره في الشرفه ، هذا الحفيد طيب ويحبني ، من تحبه زهره احبه ومن يحب زهره يحبني ، زهره لاتبتسم في الاحلام الا في وجوده .... زهره تحبه وتطمئن له وانا ايضا ، رائحه سكينتها تنبعث من مسام جلده !!!
جدي .... نداء يستجلب وعيا من دروب بعيده ، افتح عيني ، عايزه اخرج زهره من المصحه ومحدش موافقني ، كلماته مثل الدبابيس توخز مراكز الاعصاب والانتباه ، افيق من غفواتي المتكررة ، اعمل ايه ياجدي ؟؟؟ اسقط في غفوتي وهو يكلمني ، كلماته تطمئني ، اخيرا عثرت علي الفارس الذي سيمتطي المهرة العفيه ويرحل بها بعيدا عن جدران الاسر ، اهمس بصعوبه ، ستجد طريقه تحرر روحها ، هي لك وانت لها ، لايفهم كلماتي المجدوله بهذيان الشيخوخه ، اوصيه بها ، يفهمني ، يعدني بحمايتها ، اصدق وعده ....
اعود للغفوه واسمع انفاسي بطيئه تخرج من صدري بصعوبه وتعود اليه بصعوبه اكثر ، اراها مبتسمه اطمئن ، زهره تبتسم وهي تجلس في الحديقه تحت شجره المانجو العتيقه ، لم تعد الشجره للبكاء والحزن ، زهرة منحتها روحها ابتسامات سعيده ، اثمرت حبات حمراء يتساقط منها العسل ، تمنحني زهره قبله وياسمينه وقطعه مانجو ، مسكره جدا ، الوكها في فمي ولااقوي علي ابتلاعها !!!
تلوح لي تودعني ، اخذها في حضني ، تطمنني ، ساكون سعيده ، تمنحني اذنا للرحيل ، اسرق ابتسامتها وادسها في جيبي نجمه ساطعه ستنير لي اوقات الوحشه ، سأطمئن عليك دائما ، تهمس انت معي لن تغادني ، اطمئن دائما ، حان الميعاد ، اهمس لها تفهمني ، توافقني نعم حان الميعاد ، بناتك ينتظروك في الحديقه الواسعه ، تجملوا وارتدوا اجمل ثيابهم وفتحوا لك البوابه ، اخذها في حضني ، وانت ؟؟ تدفعني برقه بعيدا علي بدايه طريق الشمس ، تدفعني وتلوح لي تودعني ، انا معك حيثما تكون ، فيك وانت في ، اطمئن علي ... نبرات صوتها الدافئه الحنونه تطمئني ، اقف علي بدايه الطريق واعطي ظهري للظلمه واستعد للرحيل !!!
جدي ، جدي ، صوت يأتيني غريبا ، مازالت قطعه المانجو في فمي ، عسلها يسيل فوق لساني وشفتاي ، مازال الصوت يأتيني بعيدا ، جدي جدي ، زهره تبتسم له في حلمي وتهمس حان الميعاد ، الوح له اودعه ، هو اطيب احفادي ويحب زهرة ، اودعه وعسل المانجو بين شفتاي ، صوته ياتي ابعد وابعد ، انادي زهره ، اوصيها به ، ساترك فيه روحي ، اناديه في الحلم واوصيه بزهره ، حافظ عليها واحمها ، امنحه قطعه مانجو في فمه وتمنحه زهره قبله فوق جبينه وتبتسم وتلوح لي تودعني و............................... اغيب !!! تحط اليمامه البيضا فوق كتفه وتودعني !!!
جدي .... نداء يستجلب وعيا من دروب بعيده ، افتح عيني ، عايزه اخرج زهره من المصحه ومحدش موافقني ، كلماته مثل الدبابيس توخز مراكز الاعصاب والانتباه ، افيق من غفواتي المتكررة ، اعمل ايه ياجدي ؟؟؟ اسقط في غفوتي وهو يكلمني ، كلماته تطمئني ، اخيرا عثرت علي الفارس الذي سيمتطي المهرة العفيه ويرحل بها بعيدا عن جدران الاسر ، اهمس بصعوبه ، ستجد طريقه تحرر روحها ، هي لك وانت لها ، لايفهم كلماتي المجدوله بهذيان الشيخوخه ، اوصيه بها ، يفهمني ، يعدني بحمايتها ، اصدق وعده ....
اعود للغفوه واسمع انفاسي بطيئه تخرج من صدري بصعوبه وتعود اليه بصعوبه اكثر ، اراها مبتسمه اطمئن ، زهره تبتسم وهي تجلس في الحديقه تحت شجره المانجو العتيقه ، لم تعد الشجره للبكاء والحزن ، زهرة منحتها روحها ابتسامات سعيده ، اثمرت حبات حمراء يتساقط منها العسل ، تمنحني زهره قبله وياسمينه وقطعه مانجو ، مسكره جدا ، الوكها في فمي ولااقوي علي ابتلاعها !!!
تلوح لي تودعني ، اخذها في حضني ، تطمنني ، ساكون سعيده ، تمنحني اذنا للرحيل ، اسرق ابتسامتها وادسها في جيبي نجمه ساطعه ستنير لي اوقات الوحشه ، سأطمئن عليك دائما ، تهمس انت معي لن تغادني ، اطمئن دائما ، حان الميعاد ، اهمس لها تفهمني ، توافقني نعم حان الميعاد ، بناتك ينتظروك في الحديقه الواسعه ، تجملوا وارتدوا اجمل ثيابهم وفتحوا لك البوابه ، اخذها في حضني ، وانت ؟؟ تدفعني برقه بعيدا علي بدايه طريق الشمس ، تدفعني وتلوح لي تودعني ، انا معك حيثما تكون ، فيك وانت في ، اطمئن علي ... نبرات صوتها الدافئه الحنونه تطمئني ، اقف علي بدايه الطريق واعطي ظهري للظلمه واستعد للرحيل !!!
جدي ، جدي ، صوت يأتيني غريبا ، مازالت قطعه المانجو في فمي ، عسلها يسيل فوق لساني وشفتاي ، مازال الصوت يأتيني بعيدا ، جدي جدي ، زهره تبتسم له في حلمي وتهمس حان الميعاد ، الوح له اودعه ، هو اطيب احفادي ويحب زهرة ، اودعه وعسل المانجو بين شفتاي ، صوته ياتي ابعد وابعد ، انادي زهره ، اوصيها به ، ساترك فيه روحي ، اناديه في الحلم واوصيه بزهره ، حافظ عليها واحمها ، امنحه قطعه مانجو في فمه وتمنحه زهره قبله فوق جبينه وتبتسم وتلوح لي تودعني و............................... اغيب !!! تحط اليمامه البيضا فوق كتفه وتودعني !!!
( 18 )
يوسف
وحيدا في البيت القديم ، اجلس في الظلام ، احدق في الجدران !!! عادت العائله بكل الابناء والاحفاد وجيلنا الرابع لحياتهم بعدما دفنوا جدي الاكبر في مقابر الاسرة !!! ثلاث ليال للمأتم وقرأن ومعزين ... والكل يتلهف لانتهاء الطقوس والعوده لحياته !!! فقط زهره التي كانت ستبكي عليه ، لكنها حرمت من موت جدها فلم يبكيه احد !!! حتي انا ، حاولت ابكي حزنا علي جدي الاكبر لكن دموعي عصتني فسارت جنازته بلا دموع ودفن بلا نحيب ومرت الليالي الثلاث سريعه بعدها هدم صوان العزاء وانصرف الجميع لحياته !!!
لن اذهب معكم ، بحسم وقوه لم اعتاد عليها ، افصحت لابي وجدي اني لن ارحل من البيت الان !!!
سابقي بين الجدران ، اشم رائحه جدي ، اسمع حكايات الجدران ، سابقي في البيت القديم حتي تشفي روحي من ارهاقها!!!
ليتك كنت هنا يازهره ، كنت منحتي المأتم روحه وحزنه الذي يليق بجدنا الاكبر !! واثق انك الان تعرفين كل مايحدث ، نعم احدا لم يخبرك لكنك تعرفين !!!
ليتك كنت هنا يازهره ، دموعك السخيه كانت ستروي الارض الجدباء للعائله التي انشغلت باحوالها ولم تمنح رأسها العظيم ولا دمعه يستحقها حزنا علي فراقه !!!
وحيدا في الظلام اجلس في البيت القديم ... اخرج للشرفه ، اجلس علي مقعد جدي ، ارتجف من لسعه البرد فاحيط بدني ببطانيته !! ارتجف اكثر ، جدي الاكبر ياخذني في حضنه ، تلك البطانيه منسوجه بانفاسه وعرقه وحنانه وحسمه ، تلك البطانيه مزركشه بروحه !!!
اسمع صوته ... يوسف
كانه يكلمني .... انت اصغر الاحفاد ... لكنك الاكثر حنانا ، انت تشبهني ، قوي عنيد صارم حنون نعم انه يكلمني اسمع صوت انفاسه ، نبراته الممضوغه ، كلماته المتعثرة لاتخذلني ولاتخذل زهرة ..
هي لك وانت لها ..
لاتخذلها ولا تخذلني يايوسف
اهز راسي نفيا في الحلم ...
هل انا نائم ... هل احلم بجدي الاكبر لكن اصابعه القويه تمسك كتفي ترجني ، لاتخذلني ولا تخذل زهره!!! اعده لن افعل .... حفيف الاشجار واجنحه اليمامه البيضاء في اذني يوقظني !! الفجر يطل علي استحياء من خلف سحب الظلمه ، اجلس علي مقعد جدي في الشرفه اتدثر ببطانيته !! لست انا الذي كنت !! جدي لم يرحل عني واحتلني !!! ترك روحه في روحي وتخلص من عبء جسده الوهن وسيكمل حياته في حياتي !! افهم مايحدث وماحدث !!!
هذه مسئوليه كبيرة ياجدي !! هكذا صرخت !!! هل طارت العصافير من فوق الشجر وسكنت الريح خوفا من رعدي !!! لست انا من يتكلم ، هو صوت جدي قوته حضوره الطاغي !! همسا يأتيني حنون في اذني ... احم زهره والبيت القديم ونفسك افتح عيني ، كنت احلم ، نعم كنت احلم !!! اليمامه البيضا فوق كتفي تغرد !!!
اجوب البيت ... افتح الادراج المغلقه .... اتأمل ملابس جدي عصاه الابنوس ، المصحف الذي بليت اوراقه من كثره ماقرأه اوراق الملكيه وصكوكها ، شهادات الميلاد والوفاه والزواج شجره العائله ، صك ملفوف حول نفسه عشرات مئات الاسماء والانساب والاقارب اقبض علي عصا جدي وابتسم انزل للحديقه ، اجلس تحت الياسمينه ، هنا كانت شجره المانجه العجوز التي اقتلعها جدي اشم رائحه زهره في طين الارض في وريقات الياسمينه في بطانيه جدي ساعود لها وافك اسرها واخرجها من المستشفي!!!
اسمع صوته ... يوسف
كانه يكلمني .... انت اصغر الاحفاد ... لكنك الاكثر حنانا ، انت تشبهني ، قوي عنيد صارم حنون نعم انه يكلمني اسمع صوت انفاسه ، نبراته الممضوغه ، كلماته المتعثرة لاتخذلني ولاتخذل زهرة ..
هي لك وانت لها ..
لاتخذلها ولا تخذلني يايوسف
اهز راسي نفيا في الحلم ...
هل انا نائم ... هل احلم بجدي الاكبر لكن اصابعه القويه تمسك كتفي ترجني ، لاتخذلني ولا تخذل زهره!!! اعده لن افعل .... حفيف الاشجار واجنحه اليمامه البيضاء في اذني يوقظني !! الفجر يطل علي استحياء من خلف سحب الظلمه ، اجلس علي مقعد جدي في الشرفه اتدثر ببطانيته !! لست انا الذي كنت !! جدي لم يرحل عني واحتلني !!! ترك روحه في روحي وتخلص من عبء جسده الوهن وسيكمل حياته في حياتي !! افهم مايحدث وماحدث !!!
هذه مسئوليه كبيرة ياجدي !! هكذا صرخت !!! هل طارت العصافير من فوق الشجر وسكنت الريح خوفا من رعدي !!! لست انا من يتكلم ، هو صوت جدي قوته حضوره الطاغي !! همسا يأتيني حنون في اذني ... احم زهره والبيت القديم ونفسك افتح عيني ، كنت احلم ، نعم كنت احلم !!! اليمامه البيضا فوق كتفي تغرد !!!
اجوب البيت ... افتح الادراج المغلقه .... اتأمل ملابس جدي عصاه الابنوس ، المصحف الذي بليت اوراقه من كثره ماقرأه اوراق الملكيه وصكوكها ، شهادات الميلاد والوفاه والزواج شجره العائله ، صك ملفوف حول نفسه عشرات مئات الاسماء والانساب والاقارب اقبض علي عصا جدي وابتسم انزل للحديقه ، اجلس تحت الياسمينه ، هنا كانت شجره المانجه العجوز التي اقتلعها جدي اشم رائحه زهره في طين الارض في وريقات الياسمينه في بطانيه جدي ساعود لها وافك اسرها واخرجها من المستشفي!!!
( 19 )
زهرة
زهرة
جميله وبهيه ونور اخبروني ان ابي وجدي رحل لحديقتهم !!!
احتفوا به واحتفي بهم ..
فتحوا بوابه الحديقه فدخلها علي فرسه الابيض
وزع عليهم فراشاته البيضاء وفروع ياسمين
بكت الفتيات الثلاث اشتياقا لابيهم
اخذهم في حضنه واغلق بوابه الحديقه الواسعه
سالته لماذا لاتعيش اناث تلك الاسرة الا في الحديقه الواسعه
سخر مني ، قال لي انت ستعيشي حياه كل الاناث مئات السنوات
ولن تدخلي ابدا الحديقه الواسعه !!
لماذا ياجدي ، اشمعني انا ...
ابتسم ، كل مااعرفه انك الحياه المستمرة
روحك جذوه لن تنطفئ ، من جسد لجسد ومن زمن لزمن وانت حيه
تخلعين الاجساد والوجوه وتبقي حيه !!
اعطاني ظهره واحتضن بناته الثلاثه وخرجوا من احلامي للابد
ابي مات ، جدي مات
ظللت ابكي طيله الليل ولمده ثلاث ايام
ابي يستحق كل هذه الدموع واكثر !!!
في اليوم الرابع زارتني اليمامه البيضاء في الحلم
منحتني بطانيه جدي وعصاه الابنوس وصوره يوسف
راقصتني ووعدتني بالفرج وتركت لي ريشه بيضا تحت مخدتي ورحلت
( 20 )
يوسف
يوسف
وقفت امام زهره مبتسما ارتمت في حضني وقت ادركت وجودي بكت دموع سخيه علي جدنا الذي يستحق فراقه كل الحزن طبطبت عليها
ساخرجك من هنا وان طال الزمن هزت راسها توافقني ، اعرف
ودعتها وكلي اصرار علي فك اسرها كنت واثق اني سانجح وكانت واثقه ........ وكذلك جدي كان واثقا ...
صوته يتردد في عقولنا في نفس اللحظه
هي لك وانت لها
هو لك وانت له ..
صوته قوي واضح حاسم يكرر كلامه بثقه وطمأنينه
( 21 )
يوسف وزهرة
في شرفه البيت الريفي ورائحه الياسمين تطغي علي المكان وتحتل اجواءه
جلست زهرة في حضن يوسف يتدثرا ببطانيه الجد مطمئنين
وبعيدا فوق الشجره الكبيرة التي تضلل علي المنزل كانت اليمامه البيضاء
تبتسم سعيده تستعد للرحيل للحديقه الواسعه
يناديها الجد بصوت القوي حان وقت الرحيل
تنتظرها جميله وبهيه ونور والجد !!
يوسف كان يعرف هذا وزهره ايضا !!
لوحا لليمامه البيضاء يودعاها واغمضا عينيهما وسكنا في حضن بعضهما !!!
صوت الجد يلف المكان ، هي لك وانت لها ، هو لكي وانت له .........
نهاية الحدوتة بجزئيها الاول والثاني
فتنة ....................!!!! الجزءالثاني ..
الجزء الثالث
الصراع
( 1 )
رؤوف
رؤوف
استيقظ رؤوف من نومه مصمما علي انقاذ ذلك الشاب من نفسه ، سيكتب عنه مقال طويل ، سيذكره بموهبته التي كانت وقتلها ، سياتي بعبارات من روايته الاولي المدهشه ، سيحيي شخصياتها الحقيقيه ، سيذكره بالموهبه التي تغافل عنها عامدا ... امسك كتابه الاخير ، تصفح وريقاته ، احس غثيان موجع ، لمعت الدموع في عيونه ، قرر يكبتها ، لن ابكي فماجدوي البكاء ، البكاء لن يعيده لصوابه ، البكاء لن يذكره بما كان وبما اصبح ، رؤوف المناضل المقاتل استيقظ من سباته ، عاد لساحات القتال التي تخلي عنها طواعيه ، كان مناضلا قضي نصف عمره في السجون والمعتقلات ، كان مؤمنا بالثوره والتغيير ، كان مؤمنا ان الغد المقبل اجمل من الحاضر الحالي ، من اجل افكاره وقناعاته دفع ثمنا باهظا ، جاهر بمعاداه الحكومه الديكتاتوريه ، سخر من كذبها علي الناس ، انضم لتنظيم سري ، امن بقيادته وخطه السياسي ايمانا مطلقا ، لا يهم حياتي امام قضيه الوطن ، سخر وجوده وافكاره لصالح الوطن والتنظيم ، اعتقل مره واثنين ، لم يكترث ، هو بطل ، يدفع ثمن اختياراته السياسيه الصعبه ، حوكم مره واثنين ، وفي المره الاخيره حكم عليه بالسجن خمس سنوات ، ارتدي بدله السجن الزرقاء وكتب الشعر علي جدران الزنزانه وقصص الغرام للنساء المجهولات اللاتي سيقعن في حبه بعدما يفرج عنه ، ولما لا اليس هو بطل مضحي دفع ثمن باهظ دفاعنا عن افكاره وقناعاته والغد المقبل ............ لكنه حين خرج من السجن ، وجد الدنيا تغيرت والغد الذي ينتظره لم يأتي ، ورفاقه خذلوه وباعوا القضيه التي جمعتهم ، بحث عن فلول التنظيم لم يجدها ، بحث عن القياده اكتشف انها سلمت رايتها للحكومه الديكتاتوريه التي قضي خلف قضبانها سنوات خمس من حياته ، اكتئب واكتئب ، اطال لحيته واعتقل روحه سنه كامله في غرفه نومه ، مزق الخطابات التي لم يجد نساء يقراها لهن ، نسي الشعر الذي كتبه علي جدران الزنزانه ، ياس من بكره الذي لن ياتي ، سنه كامله يعتقل نفسه داخل غرفته ، هذه المره هو يعاقب نفسه ، في المره الاولي عاقبته الحكومه الديكتاتوريه علي معارضتها في المره الثانيه يعاقب نفسه علي انضمامه لمثل هؤلاء الكاذبين المزيفين الذين باعوه هو وكل زملائه وجيله ممن امنو بهم وصدقوهم باعوه ثلاث مرات قبل صياح الديك ........ وانتهت فتره العقوبه وخرج للحياه غريبا ، لا يعرف اللغه التي تتحدث بها ولا يجيد فهم مفرداتها ، اغلق علي نفسه باب مكتبه ابيه وقرأ كل ماوصل ليده من كتب وروايات ، وذات ليله غريبه ، قرر يكتب نقدا لاحد الكتب التي قرأها ، وكانت الخطوه الاولي في الطريق الطويل الذي مازال يسير فيه !!!!
اعتكف الحياه ولم يراها الا من وجه احرفها وسطورها ، لايشارك فيما يحدث مهما حدث ، فقط يكتب ويقرأ ، واكم من احداث استفزته حميته ليشارك فيها ، وبدا له وقتها ان بكره الذي ينتظره اوشك فجره علي المجيء ، لكنه لايشارك ليس خوفا بل عزوفا عن الوقوع في الكمائن التي لايعرف مدي عمقها ، وكلما عزف عن المشاركه كلما ابتعد بكره الذي ينتظره فيعود يقرأ ويكتب و............. لايدخل اي معارك الا الادبيه ولا يهتم الا بالكتب والروايات ......... هذا حاله حتي قرر يخوض مع نبيل معركه كبري تشبه معاركه القديمه ، سال نفسه اشمعني ، نعم لماذا هذا النبيل الذي استفزه لحد استعداده لخوض معارك كان قد اعلن بوضوح ابتعاده عنه ، لايعرف رؤوف لماذا نبيل استفزه لهذا الحد .......... لكنه استفزه وشحذ فيه قدراته القتاليه ، شحذ فيه روح كان نسيها منذ زمن بعيد ، لن يستسلم ، لن يصمت ، لن يقبل ويدعي عدم اكتراث ، لن يشارك في الجرائم التي تحيطه بالصمت والتعالي !!!
امسك كتاب نبيل الاخير ( عشق في ديوان المظالم ) امسك الكتاب والتهمه بسرعه ، احس غثيان يشبه ذلك الغثيان الذي احسه وقت اكتشف ان قاده التنظيم السري ارتموا في حضن الحكومه الديكتاتوريه واشادوا بها وبسياساتها العظيمه ، انه غثيان الحصار والهزيمه الحتميه ، نعم انه نفس الغثيان ، لكنه في ذلك الوقت كان شاب اهوج لايملك خبره الايام ولا شعرها الاشيب ، لكنه اليوم رجل مخضرم قاتلته الايام ولم تهزمه حاصرته ولم تقتله ، الان لا وقت للغثيان ، لا وقت لاجترار الحصار ووجع الهزيمه ، لا وقت لليأس ، الان عليه انقاذ ذلك الرجل من نفسه من يأسه من حصاره ، الان عليه واجب وطني عظيم ، انقاذ نبيل من نفسه !!!!
القي الكتاب بعيدا وامسك التليفون يطلب رقم يحفظه جيدا لكنه لم يطلبه من قبل !!!!!!!
( 2 )
فتنة !!!
فتنة !!!
مازالت فتنه تجلس فوق المكتب تهز ساقيها ، تتابع نبيل الجالس امامها علي المقعد منذ عشره ساعات ساكن لايتحرك ، تتابعه ، يفكر بعمق ، يكتب كلمتين ثم يمزق الورقه ويغيب عن الحياه كانه استنشق مخدر فذهب بوعيه بعيدا .... تحاول تتلصص علي كلماته لكنها تفشل ، تراقبه ، تجوب تلافيف عقله تبحث عن الفكره التي تدور فيه لكنها لاتجد شيئا ، انه يفكر في اللاشيء ، انه لا يفكر لكنه خدر العقل ، منتشي بلا وعي ، يعتدل في مقعده ، يحدق في الاوراق البيضا امامه ، يكتب كلمتين عبارتين ، ثم يمزق الورقه ويبكي !!!!
تشفق عليه من نفسه ، تهمس في اذنه ، اكتب عني يااستاذ !!!
الغريب انه يرد عليها ........ اكتب عنك ايه ، عاهره منحطه اكتب عنك ايه !!!
تغضب منه لكنها لاتفر من مواجهته ........ وبتشتم ليه يااستاذ ، بتشتم ليه !!! خلاص اكتب عن اللي انت عايزه براحتك !!!
تقول له هذا وهي تعرف انه لن يكتب شيئا !!!!
يغادر الحجره يذهب للمطبخ وهي تتابعه ، يفتح التلاجه يشرب زجاجه ماء بارده دفعه واحده ، كانه يبحث عن مشروب مخدر لكنه لايملك الا الماء البارد يسكر به ، هو سكران من غير مشروبات لكنه يتمني عذر يرتكن عليه لتبرير حاله جمود راسه وجدبها ، انا سكران ، هكذا يبرر لنفسه عجزه عن الكتابه ..
تضحك فتنه ، امبارح كان نفسه في ست والنهاره سكران وبكره تعبان والاسبوع الجاي ماليش نفس ، المحصله التي تعرفها انه لن يكتب !!
تهمس في اذنه بالحاح وسخف ...... والله يااستاذ مش حتلاقي حد تكتب عنه احسن مني !!!
ينتفض وهو عائد لحجرته ، ينتفض كانه يطرد شبحا !!! اكتب عنك ايه ، ااقول وزير حبك ولا اقول نزلتي مظاهره ولا اقول رحتي حفله الاينرويل !!! تضحك ضحكه خليعه وتسخر منه ، وايه اللي زانقك علي الوزير والمظاهره واللي مش عارف ايه ده ، ماتكتب عن الناس في الشارع ماتكتب عن الحياه ، ماتكتب عن زبوني الاخراني ، موظف ومرتبه مابيكفيهوش ورغم كده خد فلوس البيت وجالي ، بسطته ولسه فاكره ابتسامته وهو ماشي سعيد ورافع راسه من كتر الرجوله ، تضحك ، اه يااستاذ ماهو اللي حاسس برجولته يعرف يرفع راسه واللي مايحسش بيها يفضل مطاطي علي طول!!! يسمعها ويرفض كلماتها ، رجل ايه ورجوله ايه ، مش حاكتب عنك مش حاكتب عنك !! تتحداه وتهمس في اذنه بتصميم ....... حنشوف !!!
يعود يجلس فوق المكتب يحدق في الاوراق البيضا ، قلمه لايتحرك وعقله راكد وافكاره ممحاه !!!
يتذكر فتنه تلك العاهره التي يرفض يكتب عنها ، يحاور نفسه ، طيب ماجايز هي دي اللي تفك النحس !!
تبتسم فتنه وتكلم نفسها ، ماانا قلت لك يااستاذ !!!!
لكنه يهز راسه ، نحس ايه ، دي هي النحس نفسه ، كمان حاكتب عن ش.............. لا مش حاعمل كده !!!
تنهال دمعتيها ، اخص عليك يااستاذ ، انا كده برضه زي ماانت بتقول ، ابدا والله ، انت اللي مش فاهم حاجه !!!!
وتصمت تراقب صمته المستمر !!!!!!!!
( 3 )
رؤوف
رؤوف
يلقي رؤوف السماعه ، حين يسمع الجرس يلقي السماعه ، يتلعثم ، لايجد كلمات مناسبه يقولها لنبيل ، سيطلب مقابلته ، سيفهمني خطأ ، لا لن يفهمني خطأ ، ساقول له اني قرأت كتابه الاخير واريد مناقشتك فيه ، ساقول له اني قلق لانه لايكتب من فتره طويله ، لن يفهم كلماتي ، سيتصورني اسخر منه ، هاهو يدخل قوقعته مره ثانيه بمبررات واهيه كعادته ، يجلس رؤوف علي المكتب ويحدق في الكتاب ، ايه القرف ده ، هكذا احس ، لن يفهم مااقوله ، مغرور فرح بنفسه ، يتصور ان تلك التفاهات روايه ، كان يكتب وقت كان موهوب ، الان قتل موهبته وينشر زبالة متصوره انها ادب رفيع .........
يغطس رؤوف اكثر داخل نفسه ، سنوات تعود علي حواره الداخلي تعود علي شكل احرفه علي الاوراق ، هذا هو الحوار الوحيد الذي يجيده ، هو واحرفه واوراقه ، لن يكلمه ،لافائده فيه !!!!!!!
ضحك رؤوف ........... بارع في تبرير تقاعسه عن عمل اي شيء مفيد !!!
كلما هم ليخرج من القوقعه التي اغلق بابها عليه من سنوات طويله ،كلما هم يتحرك همس لنفسه مافيش فايده ، وهي كلمه سحريه تحبط همته وتعجزه اكثر مماهو عاجز !!!!
صرخ رؤوف ، مافيش فايده !!!
وحدق في السقف !!!!
( 4 )
نبيل
نبيل
كاد يفتح النافذه ، لكنه قرر الا يفتحها ، ضوضاء الشارع تفسد مزاجه ، صراخ السيارات والعوادم واصوات الفرامل المفاجئه التي تصدرها سيارات يقودها عابثون تفسد مزاجه ، تعجزه عن الكتابه ، لن يفتح النافذه ، فالحجره علي حالها هي التي شهدت ابداعه القديم ، حين يفتح النافذه سيدخل اليه العالم الخارجي بضجيجه بصخبه بازعاجه !!!
همست فتنه التي مازالت تجلس علي المكتب ، افتح الشباك للدنيا يااستاذ ، خلي الدنيا تخش عندك علشان تلاقي حاجه تكتب عنها !!!
لكنه يرفض نصيحتها !!!
تحكي له جبرا عن انفه ، انا باحب قوي افتح الشباك ساعه المغربيه ، ابص علي الناس رايحه وجايه ، ده راجع من الشغل تعبان ، ده نازل يشتري عشا ، الناس قاعده علي القهوه تضحك ، بنات مروحه بدري خايفه من علقه ابوها ، ست راجعه من شغلها متكسره ، عيل صحي من النوم بعد الغدا خرج يلعب في الشارع ، باقف في الشباك اسمع الراديو من عند الجيران ، اسمع عبد الحليم ، اسمع الست ، انسي انا مين وانسي حكايتي ، وانبسط من قزقزه اللب واشوف الحمام اللي راجع الغيه واشوف العيال مطيره الطيارات واسمع خناقه بين اتنين الدنيا خنقاهم ، افتح الشباك يااستاذ خلي الدنيا تخلش عندك !!!
يهز راسه نفيا !!!
في تلك اللحظه انتبه ان فتنه تتكلم معه !!!
وانه يرد عليها !!!
فتنه لم تطويها الاوراق المطويه ولم ترحل عن خياله !!!
سخر من نفسه ، الوحده افقدته عقله ، فتنه مشروع شخصيه لم يكتب عنها الا سطرين ، كيف تحتل عقله !!!
ضحكت سمعها ، ايوه يااستاذ انا هنا لسه موجوده
ضحك ساخرا ، هو انا سكرت من الميه الساقعه
ضحكت ، انت محتاج تفوق يااستاذ لانك ولامؤاخذه يعني سكران علي طول
همست والنبي ماتزعل مني ، افتح الشباك علشان ربنا يكرمنا ونسمع عبد الحليم والهوا النضيف يخش الاوضه !!!!
ابتعد عن الشباك خائفا كانها ستفتحه رغم عن انفه
ابتعد عن الشباك وقرر يستحمي ، سيقف تحت دش الماء البارد ، سيفيق ، ستتوالد الافكار كعادتها مثل الايام البعيده !!! تحت الدش ستأتيه الفكره العبقريه التي ستفك صمته وتنهي جدبه وتجري قلمه فوق الاوراق
ضحكت فتنه ، طيب خليك براحتك حاستناك هنا انا بقي
وبخبث سالته ، ولا اجي ادعك لك ضهرك !!!!!!
تلفت نبيل حوله ساخرا من اوهامه ، العاهره التي كتب عنها سطرين تطارده !!!!
انه الجنون بعينه !!!!
وخلع ملابسه فاعطته ظهرها وقررت تفتح الشباك رغم انفه فور خروجه من الحجره !!!
ساخره ضحكت ، حيعمل في ايه ، حيقطع الورقتين ويموتني ، مش مهم ، المهم اني اكون فتحت الشباك ، ماهو ساعات الواحد يتخلق في الدنيا علشان حاجه صغيره لكن مفيده قوي ، ياسلام لما تبقي العاهره اللي زعلان منها هي اللي فتحت الشباك ، تبقي روايه عظيمه والله يااستاذ ، ياسلام بس لو تسمع كلامي !!!!!!!!!!!!!
سار عاريا في طريقه للحمام يحلم بالمياه البارده تعيد اليه وعيه وابداعه !!!
وحين خلت الحجره الا من فتنه ، قفزت للشباك فتحته ، القت بنصفها الاعلي منه ، تابعت السائرين في الشارع ذهابا وايابا ، سمعت خناقه محتدمه بين سائقين كل منهما اتهم الاخر بانه حمار ، ضحكت ، هما الاتنين حمير ، كادت تنادي عليه ، تعالي بص يااستاذ ، كل واحد شايف التاني حمار ، اكتب عنهم ، قول مين فيهم حمار وليه ، لكنها ادركت انه لو دخل الحجره ووجد النافذه مفتوحه ربما يلقي بنفسه منها غضبا لان الجو المكتوم في حجرته تغيرت رائحته !!!
في تلك اللحظه كان يقف تحت الدش يغني سعيد ، كانه فعلا استعاد موهبته وسيكتب فورا روايه جديده !!!
سخرت منه فتنه التي تقف في الشباك تنظر للشارع وتجلس داخل تلافيف دماغه ، سخرت منه ، والنبي يااستاذ انت مش حتكتب غير عني ، ماتتعبش نفسك وتتعبني معاك ، مااهو ياانا يابلاش !!!!!!!!!
مازال يغني !!!
مازالت تقف في الشباك !!!!
الجزء الرابع
المواجهة !!!
المواجهة !!!
( 1 )
نبيل !!!!
تصور نبيل وهما وهو تحت الدش ان شباك غرفته قد فتح ، خيل اليه انه سمع صوت ضوضاء الشارع وضجيجه ، ضحك بصوت عالي ضحكات متتاليه مثل المجانين ، من سيفتح الشباك ، لام نفسه ، لابد اني جننت ، المنزل خاوي الا مني !!!
تذكر يوم هجرته حبيبه !!!!
تقلصت معدته وارتبكت امعاءه !!!!
كلما تذكر يوم رحيلها احس الما في جهازه الهضمي !!!!
غاضب هو من حبيبه التي هجرته لكنه لايملك امام غضبه الا نسيانه !!!
كانت حبيبه زميلته في الجامعه ، امنت بموهبته ، تصور انها تحبه ، افصح لها عن حبه ، لكنها اوضحت له موقفها ، لااحبك بالمعني الذي تتمناه ، احبك بمعني خاص ، قرر يتجاهل كلامها ، هي تحبه ولاتدرك حقيقه مشاعرها ، احبك بمعني خاص لا مكان فيه للرجوله والانوثه ، احبك حبا انسانيا راقيا ، وافقها ظاهريا ، اعلن قبوله لشروطها ، كانت تؤمن به كاتب عظيم ولا تراه رجل تعشقه ، لكنه هو الرجل والكاتب معا ، تصور اعجابها بالكاتب غراما مستترا للرجل ، كانت تتصور انه فهمها وقبل كلامها ، تصور انها تراوغه مثل كثير من الفتيات ، تصورت انه احترم مشاعرها مثلما افصح !!! في يوم زارته في منزله ، لتقرأ مسوده كتابه الاول ، كانت جميله تشع بهاء وحيويه ، جلست علي المقعد القديم في الصاله نصف المظلمه ، ظلال المصباح وقعت علي وجهها زادتها جمالا ، اقترب منها حاول يبثها غرامه ، اندهشت لانه لم يصدقها ، غادرت المنزل ولم تعود !!!
سخر نبيل من نفسه ، هل تلك الزياره التي انتهت بسرعه تعني ان حبيبه رحلت وهجرته !!!
سخر من نفسه ، هو ينسج قصص ذات حبكه دراميه !!!
انتبه فجأ لقصته القصيره مع حبيبه !!!
لما لايكتب عنها وتصبح هي بطله روايته القادمه !!!
جفف جسده وعاد لحجرته مسرعا ، جلسه علي مكتبه وفتح اوراقه ، كتب في منتصف السطر ، حبيبه القلب !!!!
ضحكت فتنه التي مازالت جالسه تهز ساقيها فوق المكتب وهمست في اذنه بميوعه وفجر ، والنبي لو عملت ايه مش حتكتب الا عني !!!!
ساعات مرت وهو يحدق في العنوان ...
يبحث عن جمله يبدأ بها قصته .... لكنها جمله مستعصيه علي الامساك بها !!!
ساعات يجلس امام المكتب حتي تيبست عضلاته والمه ظهره واحس صداع رهيب فقرر ينام !!!
ترك الحبيبه علي الاوراق بلا كلمه واحده تتابعه فتنه ساخره من عنده ، ماقلنا يااستاذ مش حتكتب الا عني !!!
سمعها نبيل وهو بين اليقظه والنوم ، همس لا ، ونام ليهاجمه الملثمين يحرقوا كتبه !!!!
ومازال ينتفض في الفراش يتمني ابعادهم عن ساعات راحته ، لا يعرف انهم ينتقوا وقت راحته بالذات ليهاجموه فيه ، يتمنوه يكف عن الراحه ويبدأ في بذل مجهود يستحق بموهبته والا مصير كل مايكتبه تلك المحرقه الكبيره التي لم تنطفي ء نييرانها منذ الليله الاولي التي داهمه فيها ذلك الكابوس !!!!!!!!
عندما نام نبيل ، قررت فتنه تريح بدنها وتنام هي الاخري ، يكفيها ساعات اليقظه الطويله التي قضتها تحرضه علي الكتابه عنها ، مادام نام ساتركه للملثمين يحرقوا كتبه امام عينه لعله يتعظ ويكتب عني وسانام !!!!! وتسللت للاوراق المطويه في الدرج ونامت !!!!
( 2 )
رؤوف
رؤوف
بقي رؤوف يحدق في السقف صامتا !!!
ربما ندم انه تحمس للاتصال بنبيل ليحثه للرجوع لموهبته !!!
همس رؤوف ، القابض علي دينه كالقابض علي الجمر !!!
يعرف انه ترك الجمر من يديه بعدما حرق كفيه ، ترك الجمر ومعه مبادئه وافكاره وقناعاته وانتظاره للغد البعيد !!! ترك الجمر وقتما قرر ان مافيش فايده مبررا لتقاعسه عن المشاركه في اي شيء !!!!
فجأ انتبه ........ نبيل مثله بالضبط ترك الجمر وامسك الهوي بيديه علي راي عبد الحليم !!!!
نبيل مثله ترك الجمر وهم الموهبه وانصاع لاليات السوق والذوق المنحط والقراء الاميين وحلم بكتبه تطبع اكثر من مره فلم تقرأ ولم تطبع الا بعدما ترك الجمر من يديه وامسك قطعه ثلج بارده لامعني فيها ولا ليها ، هناك كتب كتب منحطه باع الناشر منها الاف النسخ وطبعت رواياته مره واثنين وعشره وذاع صيته وانتشر اسمه وكسب نقودا كثيره !!!!
انتبه رؤوف ان نبيل قال مافيش فايده وباع قضيته !!!
وهو قال مافيش فايده وباع قضيته !!!
همس .......... جميعنا ترك الجمر وقبض علي ثلج بارد خدر اعصابه واحساسه ووجوده !!!!
تمني لو يبكي ، لكن الدموع في تلك اللحظه ملت منه وقررت تفر من حدقتيه ، كفاك دموع ، لم تعد مجديه !!!!!!!
ضحك رؤوف وتذكر زنزانه السجن التي قضي في حضنها خمسه سنوات ، كان زركش جدرانها بابيات شعر واقوال مأثوره منها قول السيد المسيح ......... تري القشه في عيني ولا تري الشجره في عينك ، ضحك بصوت اعلي ، تلوم نبيل الشاب لانها تخلي عن موهبته مابالك وانت الشيخ الهرم العجوز تخليت عن مبادئك !!!!
وانهمرت دموعه فياضه سخيه !!!!
( 3 )
فتنة ..
فتنة ..
انفاسها مخنوقه داخل درج المكتب !!!
تتمني لو حن قلب المؤلف وافرج عنها !!!
تتمني لو احس بها وادرك حكايتها بعمق يتفق مع احساسها بحياتها !!!
همست تعاتبه ، يااستاذ لو كتبت عني حتحل كل مشاكلنا !!!
تقلب في فراشه لم يفهم عبارتها التي تسللت من درج مكتبه لعقله الباطن !!!
هرب من الملثمين يناديها اغيثني !!!
سمعته ولم تصدق اذنيها ، هو يلجأ اليها لتنقذه !!!!
فرت من الاوراق المطويه واحتلت خياله !!!
سالته ، هل ستكتب عني !!! !
هز راسه ، ولماذا اكتب عنك والملثمين يحرقوا كتبي واسمي وشخصياتي تفر من مصيري !!!
بمنتهي الجديه قالت ، اكتب عني ولن يحرقوا كتبك !!!
لم يصدقها !!!
كررت كلامها ..... اكتب عني ولم يحرقوا كتبك ولو احرقوها لن افر من مصيرك وسابقي معك نحترق معا !!!! هل احس نبره صدق في صوتها ...
افاق من كابوسه مرتاحا عكس مئات الليالي السابقة !!!!
قرر سيكتب عن فتنة !!!!
ابتسمت وهي قابعه بين اوراقه المطويه ونامت نوما عميقا !!!!
اسعدته الفكره ونام نوما عميقا .............
( 4 )
نبيل
نبيل
استيقظ من نومه مرحا ، احس نهما للحياة ، فتح النافذه فسمع صوت القرأن ينبعث من المقهي تحت منزله ، احس ارتياحا وطمأنينه !!!
اشتاق لكوب شاي علي المقهي الصاخبه ، غير ملابسه وفتح باب شقته وخرج ، داس علي مئات الخطابات المغلقه ملقاه امام عتبته التي لم يخطو فوقها منذ شهور طويله !!!!
تتابعه فتنه من فوق المكتب سعيده ، كانت قد تحممت وخلعت ملابس النوم وارتدت جلبابا منزليا مريحا ، وجلست فوق المكتب بعدما نظفته تنتظر عوده المؤلف ليكتب عنها راويته الجديده !!!
جلس علي المقهي يشرب الشاي بسعاده ، اشتري جريده نهاريه وقرأ مانشيتاتها وابتسم ، كانه من اهل الكهف العائدون للحياه بعد سبات عميق ، قرأ الحظ مثلما اعتاد وقت كان يطالع الصحف اليوميه ، نهارك سعيد يحتاج لمجهود ، هز راسه وابتسم ، طلب شاي ثان ، ارتشفه بمزاج رشفه رشفه ، يتابع فتيات المدرسه الثانويه وهن يقتربن من سور المدرسه التي يكرهها منذ سكن في تلك البنايه ، فتيات جميلات يسرن بصخب وفرحه لايحملن للحياه هم ، تمني لو يكتب عن عالمهن روايه ، سمع صوت الطعميه التي تلقي في الزيت المغلي ، فتحت شهيته لطبق طرشي ، تمني لو دخل المطعم واكل باصابعه العشر ولحس مذاق الاكل من فوق اصابعه ، تمني لو شاركته حبيبه افطاره الشعبي ، الشمس تلقي اشعتها وظلالها علي الشارع المزدحم ، ابتسم لاحد الماره دون سبب فظنه الاخر مجنون ، ضحك ولم يكترث ، اختطف نظره عابره علي وجهه في مرأة المقهي ، لمح تجاعيد لم تكن موجوده وقت جلس علي المقهي في المره الاخيره ، لاحظ شيبا يتسلل بين شعيرات راسه السوداء ، سال نفسه ، منذ متي لم ينزل المقهي ، لايعرف ، منذ متي لم يخرج من منزله ، لايعرف ، لكنه واثق ان المره الاخيره التي جلس فيها علي المقهي كان شعره اسود ووجه خالي من التجاعيد ، يبدو ان زمن طويلا مر وهو يحتجز نفسه داخل جدران حجرته هو وابداعه العاجز عن الامساك به !!!!
رحب به صاحب المقهي متعجبا من غيابه الطويل ، كاد يساله عن فتره غيابه لكنه خجل !!!
حين دفع حساب الشاي ادرك بذكاءه ان فتره طويله جدا قد مرت بين هذا النهار والمره الاخيره التي جلس فيها علي المقهي !!!
فثمن الشاي تضاعف عده مرات وهو امر يؤكد ان زمنا طويل قد مر بين المره الاخيره وهذا اليوم !!!
سطعت ذاكرته فجأ ، نعم المره الاخيره التي جلس فيها علي هذا المقهي الشعبي ، يوم استلامه للنسخه الاولي من روايته الاولي ، كان عائد من دار النشر ، يحمل تحت ابطه نسخه من كتابه الاول تحمل اسمه ، يومها جلس في المقهي طويلا ، قرأ الروايه كانه ليس كاتبها ، كان سعيدا يكاد يحلق من السعاده ، يومها تصور ان صفحات الادب ستفتح له ابوابها والجوائز ستنهال عليه ، بقي في منزله بجوار الهاتف ينتظر تليفونات التهئنه لكن احد لم يتصل به ، قبع في منزله اسبوع يفحص كل الصفحات الادبيه في كل الجرائد ينتظرا تحليلا لروايته لكنه لم يجد عنها ولا خبر حتي من سطر واحد ، اتصل بالناشر يساله عن عدد النسخ المبيعه فساله الناشر عن اسمه لانه لايذكره وحين اخبره عن اسمه ساله عن اسمه الروايه وحين ذكره بها اخبره الناشر ان نسخه واحده قد بيعت وان الكتب مكدسه في كل المكتبات لاتجد من يقترب منها !!! لم يصدق الناشر الكاذب الذي يريد سرقه ثمن روايته وطاف علي المكتبات يسال عن روايته فتأكد مما سمعه ، يومها عاد من مروره علي المكتبات محبطا مقررا الا يكتب حرفا واحدا بعد ذلك اليوم !!! و.............. كتب روايات سخيفه كاذبه واخترع شخصيات لاتمت للواقع بصله واحداث لن يصدقها احد وكدس صفحات رواياته بحديث عن الجنس والدين والسياسه والمرأه والخيانه ووصف بعض اللقاءات الجنسيه بين ابطاله وصفا مستفيضا وشتم الحكومه وسبها واحضر رجال الدين وخلع عنهم ردائهم والبسهم ثوب المسوخ وسخر من لحاهم وساقهم لاقدار دراميه عنيفه مخيفه ، فانتشر اسمه وبيعت كتبه وفتح حساب في اكثر من بنك لكنه لم ينزل القهوه ولم يفتح شباكه وتواري عن جيرانه وزملائه وقنع بالزيف الذي يكتبه باعتباره مناسبا للايام الرديئه التي يعيشها ولانه مافيش فايده من اي حاجه جد ومحترمه ولاننا لازم نعيش !!!!!!!
سنوات مرت منذ تلك اللحظة ، لم يجلس علي القهوه ولم يسر علي الكورنيش ولم يفتح النافذه ولم يغير هواء الحجره ولم يحب شخصياته التي يفبرك وجودها وهاجمه الملثمون في كابوسه المتكرر ولم يبارحوه لحظه واحده !!!!!!!! سنوات رسمت عددها بتجاعيد علي وجهه وارهاق روحه وشيب في شعره ووحده لم يحاول كسرها ونقود كدسها في البنوك لايعرف كيف ولا اين ينفقها ولم يستمتع بها !!! كانه باع موهبته للشيطان مقابل اصفار مكدسه في البنك لايجد نفسا لانفاقها ولا الاستمتاع بها !!!!
تذكر فتنة !!!
العاهره بارادتها !!!
هل يشبها ؟؟؟ ساله نفسه ؟؟؟ هي باعت جسدها والسعاده للاخرين وبقت انسانه تقزقز لب وتتفرج علي الشارع من الشباك !!!
هو باع موهبته وكتب زيفا وفقد انسانيته وخنق التراب المتراكم في حجرته انفاسه وقتل موهبته واعجزه حتي عن كتابه الزيف وانساه كتابه مايجب يكتبه !!!!!!!
ابتسم ........... هذا هو موضوع روايته الجديدة ........ التي اختار لها اسما واضحا مباشرا ( فتنة ) !!!!
وعاد مسرعا لمكتبه ، فتح اوراقه البيضا ، فتح الدرج ، اخرج اوراقه المطويه ، قرأ عباراتها فاحبها وانهالت بقيه العبارات فوق راسه امطارا اعصاريه وفيضانات لم يقوي علي السيطره عليها فكسرت كل سدوده وجرفت امامه كل العطن الذي كان يحتله والقيح الذي سمم بدنه وروحه و.................. احس شبابه يعود اليه واحب الحياة واحب العاهره بطلته الجميله التي اصرت علي الوجود وتشبثت بالحياه وقاومت دفاعا عن وجودها فانتصرت !!!!!
الجزء الخامس
الوجود
الوجود
( 1 )
نبيل
استيقظ نبيل سعيدا ، نام نوما هادئا ، رحل الملثمون عن غفوته وتركوه يستريح ، تحمم وغني وحمل مسوده الروايه وخرج سعيدا ، لمع في مرايه المقهي ان تجاعيد وجهه تلاشت وشعره الاشيب اختفي وشبابه عاد طاغيا !!!
رفض الناشر طباعه روايه " فتنه " وساله باسي ، ليه يااستاذ سبت الخط اللي كنت فيه ، ده كان ناجح قوي وله زبون وبيعمل فلوس !!!
اخذ منه نبيل مسوده الروايه وخرج يسير وسط زحام الشوارع سعيدا !!! لقد استرد نفسه ، لو اعجبت تلك الروايه الناشر لشك في نفسه لكنه الناشر الذي اعتاد نشر الزيف رفض نشر روايته الجديده ، نعم هو عاد لنفسه واستردها ، سار في الشارع الصاخب مبتسما !!!
(2 )
رؤوف
رؤوف
فتح رؤوف باب شقته ، ليجد نبيل امامه يحمل روايته الجديده " فتنة " ارتبك رؤوف لم يتوقع زياره نبيل له ابدا ، جلس نبيل كالتلميذ بين يديه ، منحه كتابه واعتذاراته وطلب منه رايه في " فتنه " وتركه وخرج مسرعا !!!
امسك رؤوف الكتاب وقرأ الاهداء "الي من نصحني فلم انتصح وحين ضعت لم يساعدني لاعود وحين عدت اهديه فتنه منقذتي علها تخبره كيف ضعت وكيف عدت " ........
قرأ رؤوف الاهداء واحس كهرباء تجتاحه وبكي صادقا واحب فتنه قبل يقرأها وتمناها تنقذه هو ايضا !!
( 3 )
فتنة !!
فتنة !!
مازالت فتنه تقف في الشباك تقزقز لب وتسمع عبد الحليم وتحلم بحياه مختلفه !!!!
وحين تتذكر المؤلف وماقاله لها تسخر منه ومن نفسها ، ال ايه وزير ومظاهره ومش عارف ايه ، والنبي هو ده كلام حد يكتبه ، اهو ، لما فتح الشباك عرف يكتب وحب حياته وحب نفسه وحبني !!!!!!
وتتابع مشاجرات الشارع ومعاكسات الولاد للبنات والحمام الزاجل والطيارات الورقيه وتحب حياتها اكثر !!!!
( 4 )
نبيل ورؤوف و فتنة !!!!
نبيل ورؤوف و فتنة !!!!
ذهب رؤوف لنبيل حيث يجلس علي المقهي في الحي الشعبي الصاخب ، ساله من فتنة ، ضحك نبيل وهز كتفه ، لااعرفها ، هي فتاه قاتلت من اجل وجودها وفرضت علي اكتبها ، ابتسم رؤوف وطلب شاي بالنعناع وقال له ، انا حبيت الروايه لانك لقيت نفسك فيها ورجعت عن سكه اللي يروح مايرجعش وحبيت فتنه لانها عرفت تصالحك علي الدنيا ، الحقيقه مش حبيتها لا وكمان احترمتها وياريت لو شفتها تبلغها احترامي وتحياتي !!!!
همس نبيل لرؤوف حاضر حابلغها !!!
ابتسمت فتنة سعيده وكادت تحضن نبيل ورؤوف وتشكرهما لان كل منهما احس بها ولمس موطن الحقيقه في روحها !!! ابتسمت وهي مازالت واقفه في الشباك تقزقز لب وتسمع عبد الحليم !!!!
وتساءلت فجأ ياتري الاستاذ كتب عني ايه !!!
كانت تتمني قراءه كلماته لكنها اميه لاتعرف الكتابه ولا القرأة !!!
ابتسمت وهمست لروحها ...... مش مهم كتب ايه المهم انه فتح الشباك ودخل الهوا النضيف حياته ورجع يكتب !!!
انا مش مهم !!!!!!!
وقتها بكي نبيل في المقهي تأثرا !!!
وبكي رؤوف في منزله تأثرا !!!!!!
التسميات:
طبعة ثانية منقحة,
فتنه ، الجزء الاول والثاني
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)