مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 1 مارس 2013

كلمات متقاطعة .. الجزء الثاني

الجزء الثاني






هي تدري أنّنا حين نموتْ ، لا نعودْ ..
لمْ يعدْ يوماً من الموْتِ أحدْ ، لبهوتْ
، رغمَ هذا فالبذورْ ،
ليس تفْنى حينَ تُدفَنْ ،
ربما الإنسانُ أيضاً ..
ليس يفْنى ..حينَ يُدفَنْ ،
ولهذا قدْ يعودْ ،
هو ياسينُ لها ..
ذات يومْ  !ذات يومْ

""نجيب سرور""


( 16 )
خامس مرة

مازال يكتب ويكتب ..........................
كلاكيت خامس مرة !!!!
ايها الساده والسيدات ، انتم فريقين ، تعلمون هذا حق العلم والمعرفه ، فريقين ، ابيض واسود !!! 
هزوا رؤوسهم بالموافقة !!! 
علينا نبدأ اللعبة ...علينا نبدأ اللعبة .................. علينا نبدأ ..
لكن الفريقين قررا الا يبدأ اللعبة ، تجاهلا صراخه وصخبه وغضبه وهو عاجز يجبرهم يبدءوا اللعبة ، وقفا متلاصقين الانوف ، صفين متقابلين ، يصرخا بصوت عالي ، فلتدق طبول الحرب ، تتقافز السيوف في مراقدها تناشدهم اشهارا وقتلا ، سيتحاربا ، همس السيف المعقوف في جراب هذا الملك للسيف المسنون في جراب الملك الثاني ، سيتحاربا ، ومن سينتصر سيحدد قواعد اللعبة ، سيحدد كيف يلعبا !!!
ابتسمت السيوف ساخرة من غباء الفريقين ، هل يحتاجا كل هذا الدم وكل تلك الجثث ليحددا كيف يلعبا ؟؟ ابتسمت السيوف ساخرة وهي تستعد للاقتتال والقتل  !!!
في النهايه هم يموتوا ونحن نبقي لنحكي قصص غبائهم وحمقهم وصراعهم ، نبقي مرة ثانيه لنقتل ونقتل ، هذا دورنا الموت اما دورهم فهو الحياة لكنهم يبددوا الحياه في القتل والموت !!!
ضحك السيف المعقوف ، القتل من اجل الحياة ، ضحك السيف المسنون ، بل الحياة من اجل القتل و............. تجادلا يحاولا يفهما هؤلاء البشر وكل مايفعلوه من اجل لعبة عجزا بكل الطرق عن الاتفاق علي قواعدها!!!!

( 17 )
عيون بليدة

دخل صالة منزله مترنحا يبحث عن فراشه ليلقي عليه جسده المتعب ، الخمر الرخيص يلعب برأسه ، يعيده لهناك ، لكوبري قصر النيل ، للحظة التي تصورها لحظة انعتاق الوطن من قيده واسره ، تصورها لحظة حريته...
يلقي جسده علي المقعد ويغلق عينيه ويغيب ، يعود لهناك ، وقتما تحرك من امام الاوبرا ضمن مسيرة صغيرة من زملائه الفنانين صوب التحرير ، سيتظاهروا ضد الشرطه وعسفها والحكومه وتعاليها علي الشعب والنظام الهش المتحالف رأسماله ونفوذه السياسي وانحيازاته الطبقية المعاديه للشعب ، سيتظاهروا ضد الشرطه ويصرخوا يطالبوا باقالة الوزير ورئيس الوزراء ويطالبوا بحرية اكثر للوطن والمواطن ويهتفوا بالعداله الاجتماعيه التي ستمنح فقراء الوطن بعض من خيره المستأثر به اغنياءه الظالمين المتحالفين مع وزير الداخليه ومدرعاته المصفحة وعصي جنوده ، هذا ماتصوره وقتها ولم يحلم باكثر منه ..
الصالة مظلمة وروحه ايضا ، عينيه مغلقتين وقلبه ايضا ، هلاوس الخمر تأتي بذلك اليوم وكل تفاصيله لصاله منزله ، شريط سينمائي تجري مشاهده امام عينيه ، دموع رقراقه تتساقط تمنح كل المشاهد فلاتر تغير تفاصيل الصورة وتتلاعب فيها وبها .. 
تحركت المسيرة وهو وسطهم ، يهتف مثلما يهتفون ، مبتسما ، وكأن احلامه اوشكت تتحقق ، منذ كان طالبا في الجامعة وخرج في انتفاضه طلابها ضد النظام الذي قبل الهزيمه العسكريه واجل الحرب لانتشار الضباب في سماء العالم ، يوما طالب بالحرب ، وبعدها بسنوات حارب الوطن وانتصر ، لايعنيه مالذي حدث بعد ذلك ، لايعنيه المفاوضات والاتفاقيات والسياده المنقوصه علي الارض التي سالت عليها الدماء لتحريرها ، كل هذا لايعنيه ، مايعنيه انه هتف من اجل الحرب والكرامه فخضع النظام لصوت طلابه وشعبه وحارب وانتصر الجيش ، دهاليز السياسه التي افسدت الحرب والانتصار لاتخصه ،ليس شأنه !!!
اليوم وسط المسيرة يقول لنفسه مااشبه اليوم بالبارحه وكأن الشباب عاد والايام الكئيبه الثقيلة التي مرت تقهره كل يوم لم يعيشها ولم تحدث وهو مازال شابا والايام مازالت وستكون جميله ، و................ اقتربت المسيرة من الكوبري ، زحام شديد هذا مايراه ، هتافات صاخبه هذا مايسمعه ، وجوه كان يعرفها لكن الشيب غير ملامحها هذا ما يلمحه وسط الزحام ، وجوه شابه لايعرفها لكنه يحبها ، هي شبابه الذي كان وهو هرمها الذي سيكون ، ابتسم للوجوه الشابه المنتفضه بالغضب وهي تهتف وتصرخ وتسب في الشرطه وتلعن ، ابتسم وكأنه يقول الحياه مستمره بكم وبنا والنضال ايضا ، اجيال تسلم اجيال الرايه العاليه دفاعا عن الوطن وشعبه حبا فيه وفي ارضه وكرامته و...........ياحرية فينك فينك امن الدوله بيني وبينك !!!
علي الكوبري ، صخب وزحام شديد ، المسيرة تبعثرت وسط الجموع الحاشده ، تتحرك صوب التحرير لتضم علي الالوف التي قالوا عليها ملايين ليرتفع صوت الغضب اكثر واكثر ...
مازال يتذكر ، عمر ، كان يقبض علي ذراع صفاء ، هي حبيبته وزوجته وقلبه العمران بالحب ، كان يقبض علي ذراعها وسط المظاهره وكأنهم في نزهه غراميه ، يلمحهم بعدما تفرقت المسيرة وسط الزحام وبسببه ، يناديه ياعمر ، كأنه يقول له لاتبتعد عني ، يأتيه عمر بعدما ترك صفاء مع بعض الاصدقاء ، يلوح لها وكأنه كان يعرف انه يودعها ، ماتتحركيش لغايه ماارجع لك ، لكنه لم يرجع ، اقترب عمر من يوسف ، احتضنا بعضهما بشوق وفرحه ، باين ايام الشقاوة رجعت و....... حاسس اني رجعت شباب ، وعبارات اخري لايتذكرها يوسف ، كل مايتذكره حضن عمر ، فرحته بالغضب الشعبي الذي سيغير وجه التاريخ ، لم تقتلنا الثلاثين عاما من الصمت ، لم تقتل ارواحنا ، وهاهي مظاهرات الغضب تثبت اننا مازلنا احياء ومازلنا قادرين و................
يتذكر يوسف الان وهلاوس الخمر تعتمل في عقله تذهب بوعيه وتأتي وتستدعي ذكرياته وتطمسها  ، يتذكر الان وهو خدر العقل والخمره تجري في عروقه اكتئابا وسما ، يتذكر العيون البليدة الزجاجيه التي احاطت بهم ، اناس يشبهوا المتظاهرين ، نفس الملابس نفس الملامح نفس الهتافات ، لكن اصواتهم صدئه وعيونهم بليده زجاجية و........ لم ينتبه يوسف وقتها لما يراه وكيف ينتبه وقت الصخب والهتاف والفرحه والتمرد ، لو انتبه لنبه عمر للشر المحيط به ، لكنه لم ينتبه ، ربما لو نبه عمر لما يحيط به لنجي عمر ومات عمر اخر ، مش مهم ، نعم فليمت العالم كله الا عمر ، سخر يوسف من انانيته ، تخرج مظاهرات تطالب بالعداله الاجتماعيه للوطن الذي لا تعاني انت بحق من ظلمه وحين يموت صديقك تحزن عليه وتتمني اخر مات غيره ، صديق لاخر لاتعرف يموت ويترك بقيه الحياه لصديقك !!!
يضحك يوسف ضحكات عابثه وهو جالس علي مقعده الوثير في الصالة المظلمه والخمر يذهب بعقله ويعود والدموع تنهال شلالا يضحك ويبكي ويعود لهناك ، الكوبري مزدحم ، بشر كثيرون ، مسيرات كثيرة متداخله ، مدرعات شرطه وسط المتظاهرين ، جنود امن مركزي يجرون وسط المتظاهرين ، يرفعوا عصاهم فوق الرؤوس ولايسقطوها ،لايضربوا المتظاهرين لكنهم يهددوهم ليعودا من حيث اتوا ، لكن المتظاهرين لايعودون والجنود لايضربون والهتافات تتعالي وتتعالي و.................. المدرعات ترش عليهم سيول ماء كالكرابيج وحمم البراكين  ، يغضبوا ويضحكوا ، وكأنهم في نهار مرح شتوي والامطار تغسل ارواحهم وابدانهم ومازالت الهتافات تتعالي وتصرخ غاضبه والمتظاهرين اكثر غضبا ، ينظر لعمر وكأنه يسأله هل سيعيد التاريخ نفسه كذلك اليوم البعيد فيفتح الكوبري ويسقط المتظاهرين في النيل كيوم مذبحه كوبري عباس ، يهز عمر رأسه نفيا اليوم غير البارحه وكوبري قصر النيل غير كوبري عباس وضابط الشرطه المصري ليس هو الضابط الانجليزي ولن يموت المتظاهرين !!! يطمئن يوسف ويلتصق بعمر اكثر واكثر ويهتفا ويصرخا ويرقصا رقصه الحرية تحت سيول الامطار البوليسية !!
يرتفع صوت نحيبه ويتردد صداه في صاله منزله الباردة المظلمة ، الغضب يجتاحه والمشهد الذي عاشه مليون مره بكل تفاصيله يداهمه ثانيه ، مازال يقف بجوار عمر متلاصقين ، يتحركا ببطء وسط الجموع ، كتله بشرية كبيرة تاخدهما صوب التحرير و................. يدين مدربتين علي القتل تسللت لرقبة عمر ، كان ينظر صوب صفاء مبتسما ، يدين مدربتين علي القتل تسللتا وسط الزحام وبسرعه وقبلما ينتبه عمر ولا يوسف ...تششششششششششششك .. تدلت رقبه عمر فوق صدره ومات مبتسما !!!!
يلقي يوسف بدنه علي الفراش في الحجرة المظلمة ، يغطي وجهه باللحاف الثقيل ، كأنه يفر من العيون البليدة التي تحاصره من تلك اللحظة ولم تبارح خياله ابدا ، ينفجر في البكاء ، يبكي ويبكي ................. ومازال يعيش لحظة موت عمر ولم تغادره ابدا و....... يبكي ويبكي ويبكي !!!! والليل مازال طويل والنهار بعيد والايام والليالي كلها بطعم الملح المر والقهرة والحزن !!!!

( 18 )
تمرد

ومازال يكتب ويكتب .............
انا لست الا رقعة كبيرة مساحة واسعة ، عالم خيالي وهمي من التقسيمات المتضادة ، مربعه سوداء والاخري بيضاء ، لو نظرت لي وحدقت في تفاصيلي لاصاب عينك الزغلله ورأسك الدوار ، لاتحدق في وانتبه ، اني بضعه مربعات بيضاء والاخري سوداء !!! 
المربع الابيض ليس اطيب من المربع الاسود ولااكثر نقاءا كما يتصور البعض والمربع الاسود ليس اكثر شرا من المربع الابيض كما يتصور البعض ، والمربعات السوداء لاتجلب النحس والمربعات البيضاء لاتجلب الحظ الطيب ، فاكم من فرق هزمت وهي تتأرجح فوق المربعات البيضاء واكم من فرق انتصرت انتصارات ساحقه وهي تتراقص فوق المربعات السوداء ، لايعجبني النظره السطحية للاشياء ، لايعجبني التطير العبثي ، فهذا يتشاءم من الاسود وذاك يتفاءل بالابيض ، لايعجبني من يختصر كل اللعبه وقوانينها المعقده في القفز فوق المربعات وكأن الابيض سيمنحه الحظ والاسود سيحرمه منه !!!! 
انا لست الا عالم خيالي وهمي ، رقعه من المربعات البيضاء والسوداء ، علي وجههي تتراقص الاحجار التي اطلق عليها مخترعوا اللعبه اسماء وهمية ، جعلوني ساحه حرب وجعلوهم محاربين وملوك ، رسموا لهم خطوات محسوبه فوق المربعات واخترعوا لهم طرق ووسائل وحاصروهم بالقواعد واطلقوهم فوق ساحتي مقيدين لينتصروا وينهزموا عبثا ، انه قتل للوقت ، لعبه ساذجة لقتل الوقت ، وكأن كل القتل الذي يرتكبه اللاعبون وجنسهم لايكفيهم ولايشبعهم فاذا جلسوا ليلهوا ويتسلوا ، قتلوا الوقت والجنود وفي النهايه يقتلوا الملك وينتصروا و............... مجرد لعبه عبثية!!!

( 19 )
سرمحة

اتصلت به غاضبه ، عايزه اقابلك يايوسف ضروري ، الساعه عشره الصبح ، باي ، لم يسألها عن السبب ، يكفيه انها خديجة وانها ترغب في لقاءه ، يكفيه هذا ليذهب !!
في الميعاد الذي حددته ، دخل المقهي ،علي المنضدة المعتاده وجدها ، فيه ايه ياخديجه ؟؟ جلس وطلب قهوة ، بطل سرمحه يايوسف ، نعم ، انت سمعتني ، بطل سرمحه وصياعه ، انفجر ضاحكا، مصحياني الفجر علشان تقولي لي بطل سرمحه !!
لم تضحك ، بحدة وعصبية صرخت فيه بصوت عال ، احنا مش الفجر ، احنا الساعه عشرة الصبح ، الناس المحترمه راحت شغلها من زمان وانت لسه مش عارف تفوق وسكران وحالتك زفت ، بطل سرمحه عيب!!
حدق فيها وادرك ان ماستقوله اكثر كثيرا مما قالته ، بسخف همس ، وانت مالك ؟؟
كلمتين اشعلتا براكين غضبها ، مالي ، طبعا مالي ، انت فاهم انك كده حتسكتني ، اسمع يايوسف ، هما كلمتين ، بطل سرمحه ، بطل صياعه ، اوعي تفتكر لانك بعيد اني مش عارفه انت بتعمل ايه ، انا عارفه عنك كل حاجه ،انفجر ضاحكا ، يختبيء في ضحكه وسخريته من غضبها ، ايه بوليس سياسي حضرتك ولا حاجه ؟؟
بطل سرمحه يايوسف ، بطل صياعه ، بطل بارات وكباريهات ، بطل الغرز اللي بتروحها تدخن زفت وتتوه ويشيلوك وانت مروح ، عيب يايوسف انت ماتستاهلش من نفسك كده !!!
يشرب القهوه بهدوء ويبتسم ، انا صايع ياخديجه صايع وضايع كمان ، انت مالك ، انتي امي حتربيني ، مراتي حتشخطي في ، انتي مالك !!
يغيظها بعباراته البليدة المستفزه ، يعرف انه يغيظها لكنه طريقته للفرار من خوفها عليه !!!
انفعلت فاطاحت بفنجان القهوه فوق المنضده وعلي ملابسها والارض ، حدق فيها وانفجر ضاحكا ، وحياه ربنا ده مشهد لو قعدت افن سنين مااعرفش اكتب زيه ، مالك ياخديجه اتجننتي !!!
تحدق فيهما المرآة العتيقة وتضحك ، تحدق فيهما جدران المقهي فتبكي ، تسخر منها المرأة ، زعلانه ولا خايفه ، هي ذي طبيبعتهم ، يتخانقوا قوي ويتصافوا قوي ، انت عامله فيها عبيطه ليه ، تهمس لها الجدران ، يوسف صعبان علي ، ابتسمت المرآة ، لا ماتخافيش عليه ، هو تايه لكن مسيره يرجع لطريقه ، عادي الدنيا ياما فيها !!!
مالك ياخديجة اتجننتي ؟؟
انفجرت في البكاء ، ارتبك يوسف ودموعها فيضان ، مالكش دعوه بيه يايوسف ، انفجر في الضحك ، كافكا ياخديجة كافكا ، مسرح العبث ، اللي بيحصل ده عبث يفوق كل العبث ، ماليش دعوه بيكي ، ماشي ، انت كمان مالكيش دعوه بي ، احنا هنا ليه بقي ؟؟؟؟؟؟؟؟
تبكي وتبكي ، لكن كلماته تتسلل لعقلها فتري المفارقه العبثية التي قبض عليها ، فتضحك و...... تبكي وتضحك ، تضحك وتبكي !!!
يمسح القهوه من علي ملابسها ويناولها ماء لتشرب وتهدأ ويشعل سيجاره ويعطيها ظهره ، تفهمه ، اهدئي لاكون معك ، الان لست معك ، الان انا مع نفسي وفقط ، اهدئي ، هذه رسالته ، تمسح دموعها وتسيطر علي ضحكاتها العبثيه وتهمس ، بطل سرمحه يايوسف ، حرام عليك نفسك ، انت خساره في كل اللي بيحصل ، بطل تغيب عن الدنيا مره بالاكتئاب ومره بالصياعه في البارات مع البنات اللي انت عارفهم ، سيبك من شغل المثقفين الضاييعن والفنانين البوهيمين اللي بيقضوها حوارات ومناقشات وسكر وعياط ورقص وهبل وسجارتين حشيش بالمرة ، انت عمرك ماكنت كده ، مالك يايوسف ؟؟؟
سؤالها الاخير شق قلبه برقته وحنانه ، تعبان ياخديجة ، عارفه ، طيب بحاول اعالج نفسي ، لا انت بتدمرها ، انت بتنتحر يايوسف ، بتموت نفسك ، مابقيتش قادره اسكت يايوسف ، كل مااروح في حته يقولوا لي شفتي يوسف ، عمل وعمل وسوي وسوي ، كل سيرتك فضايح يايوسف ، صيع وسط البلد اتجرؤوا عليك ، انا دافعت عنك كتير لكن خلاص مابقاش ينفع اسكت واسيبك كده !!!
يتابعها وقلبه حزينه وروحه ايضا ، عارف كل اللي بتقوليه ياخديجه ، عارفه انك عارف وانك مش لاقي حل وانك بتهرب مني علشان مااقولكش اللي باقوله ، لكن كده مش حينفع يايوسف مش حينفع !!!
نفس العبارة قالها له عمر من سنوات بعيده ، كده مش حينفع يايوسف ، مش حينفع ، وجده سكران في بار صغير وحيدا يبكي ، ماتت امه والهيئه رفضت تنشر كتابه الجديد وخديجه تزوجت سعيد والعالم صار خاويا موحشا ، مفلس وحيد حزين ولاشيء له اي قيمة ، اختفي بعيدا عن عمر وكل اصدقاءه ، لايكتب مقالاته ، لا يرد علي تليفونه ، رافق عاهره صغيرة في البار وقرر انه يحبها ، قرر ينتشلها من عهرها ومهنتها الاقدم في التاريخ ، قرر ان ظروفها اجبرتها علي انحراف مقيت وانه سيغير ظروفها وظروف العالم كله فتترك ماهي فيه وتبحث عن وظيفه محترمه و......... عاش في اوهامه حتي فشل وبسرعه واعطته العاهره ضهرها ودرسا في الحياه وواقعيتها وانها ليست بطله روايه يكتبها وان الحياة اللي بجد متوحشة وعايزه اللي ااقوي منها مش زي اللي بتكتبه في مسرحياتك يااستاذ و......... اكتئب اكثر وغرق في الغيبوبه فارا من نفسه ومن العالم ، ينام طيله النهار ويستيقظ ليلا يبحث كالخفافيش عن مكان يغيب فيه عن الوعي والعقل والحياة كلها!!!
جلس عمر بجواره في البار ، لم يحتضنه كعادته ولم يحييه ، كده مش حينفع يايوسف ، مش حينفع ، انا مش حاسيبك تدمر نفسك ، اشرح ولا حتلم نفسك ؟؟!!! فتح جفنيه الثقيلتين وكلمات عمر تتسلل لعقله بطيئه بطيئه ، حتلم نفسك يايوسف وتفوق وبكره الصبح ، لا بعده ، نتقابل ونتكلم حتعلم ايه في حياتك الهباب دي ، ماشي يايوسف !!! تمني يرد عليه ، ماشي ياعمر ، لكن الخمر الرخيص اخرسه فلم يفتح فمه ، حاستناك في القهوة بعد بكره الصبح يايوسف وانت حر بقي !!!
لماذا افلح عمر وقتها فيما لم يفلح فيه الكثيرين، كلماته الحاسمه اعادت يوسف لصوابه لعقله لوعيه للحياة ، ربما ماحملته الكلمات من تهديد اخاف يوسف ، مااقسي ان يفقد عمر وهو سيفقده ان بقي في غيبوبته و............ مرت الايام وقتل عمر ودخل يوسف في غيبوبه جديده واثقا ان عمر لن يخرجه منها وانه سيسقط في هاويتها للابد !!!
مش حينفع كده يايوسف ، مش حينفع !!!
صرخت خديجه وهي تبكي وتضحك !!!
عايزة ايه ياخديجة ؟؟
عايزه يوسف صاحبي اللي بحبه وبخافه عليه وشايفاه بيضيع قدام عيني وانا مش عارفه اعمله حاجه !!! ياااااااااه ياخديجه ، لمست العصب المكشوف ، نكأت الجروح المتقيحه ، اوجعتني ياسيدتي الدوقة ، افلحتي ياصديقتي افلحتي !!!
يطلب قهوة ويمسح باصابعه دموعها المنساله علي وجنتيها ، برقه يهمس ، بطلي عياط وحياه ابوكي مش ناقصه نكد !! وفجأ ينفجر في الضحك المجنون ، تاني ابوكي ، تصدقي اول مابفتكر ابوكي مابقدرش امنع نفسي من الضحك ، اصلك سافل يايوسف سافل ، لا ابوكي اللي كان صعب قوي ياخديجه وياما هزأني ، علي فكره انت شبهه !!!
يضحك ويضحك فتضحك وبقايا الدموع في عينيها ، انتي شبهه بجد ، ازاي مخدتش بالي ، انك زيه ياسيدتي الدوقة عايزه الدنيا تبقي صح قوي !! وده غلط يايوسف ، لا ياخديجه مش غلط بس اللي عايز الدنيا تبقي صح قوي ،مايعرفش اشكال وسخه زيننا كده و................ ينفجر في الضحك وهي ايضا والمرآة العتيقة وجدران المقهي !!!
و............. فوق يايوسف وبطل سرمحه !!!
خلاص ياخديجه فهمت والله العظيم فهمت ، حالم نفسي حاضر واشوف ام العيشة الطين دي اخرتها معانا ايه !!!
وانهمكا في حوار لايهمنا ، لكن عمر كان ينتصت اليهما راضيا سعيدا بما افلحت فيه خديجة مع يوسف !!!
الله يخرب بيتك يايوسف تاعبني دنيا واخرة !!!!

( 20 )
علي الكوبري

مازال يكتب ويكتب ......
اقترب صاحب العيون البليدة ومد اصابعه الماهره المدربة علي القتل ولوي عنق عمر وكسره فمات مبتسما و................... صفق الملك الذي يستعد للجلوس علي العرش فرحا ، جنوده حاصروا عرش الملك وسيسقطوه وسيجلس هو علي العرش ملكا جديدا متوجا بالفخر و....................... مازالوا يلعبوا والغالب مستمر !!!

( 21 )
عالم مدهش

وده يتنفذ ازاي يايوسف ؟؟
اعتبريه كلمات متقاطعه ، مربعات فاضيه ومربعات سوده ، حلي اللغر الشفرة ، دوري علي الحروف اللي ناقصه ، دوري علي المشاهد اللي ناقصه وكمليها ، نفذيه زي ماتنفذيه !!!
ضحك ساخرا يأسا ، انا ماليش دعوه يتنفذ ازاي ، انا اكتب وبس ، انت بقي تفكري تحرقي راسك تكسريها في الحيطه ، المهم ، توصلي لطريقه يتنفذ بيها علي المسرح !!!
انا الكاتب ياسيدتي الدوقة وانت المخرج !!!
اكتب مايحلو لي وانت تصنعي عالمك المدهش مما اكتب !!!
ومازال يضحك ويضحك وهي تحدق في الورق لاتصدق ماتقرأه!!! انت طول عمرك مجنون يايوسف !!!
شكرا للمديح الجميل سيدتي الدوقة !!!!
ولوح لها مودعا وتركها في صاله منزلها ، مبعثرة الشعر زائغه الحدقات تفكر في الاوراق التي في يدها وكيف ستحولها من عبارات وجمل لمشاهد وعالم مدهش كما قال يوسف !!!
لعنه الله علي جنونك يايوسف !!!
همست المنضده امامها وعلي جنونك انتي ايضا سيدتي الدوقة ، الطيور علي اشكالها تقع ، والمجانين ايضا !!!
ابتسمت للمنضده ودفعتها دفعه صغيره بقدمها وكأنها تقول لها برقه لاتتدخلي فيما ليس شأنك ، ابتسمت المنضده ، هذا شأني ، والحياه كلها شأني حتي لو ظننتي انت ويوسف وكل المجانين علي شاكلتكم انه ليس شأني !!!
ومازالت الاوراق مبعثرة امامها والاحرف والاسطر والعبارات تتقافز امام عينها وكأنها تمد لها يدها بطرف الخيط الذي سينسج لها العالم المدهش!!!
سيدتي الدوقة ، سيدتي الدوقة ........... صوت يوسف يدوي صداه في اذنها ، لماذا لاتبدأ المسرحيه بتلك العباره الفخيمه ، سيدتي الدوقة!!!
وانفجرت في الضحك والمنضده ايضا !!!

( 22 )
ابتسامة

يأتي الموت احيانا في وقت غير مناسب ، يأتي مبكرا ، هذا ما قاله عمر لنفسه بعدما مات ، مات مبتسما وسط الزحام الشديد ، متظاهرين يهتفون بحماس ، مدرعات شرطه وسط الكوبري يحاصرها المتظاهرون ، بعض جنودها يخرجون من كوه السقف يبتسمون للمتظاهرين، كأنهم يقولوا لهم نحن معكم لولا  "المأمور وعبد المأمور " ياحريه فينك فينك امن الدوله بيني وبينك ، هذه اخر كلمات عمر الذي قتل وبقيتها وسط شفايفه ، كان يبتسم لصفاء ويناديها لتقف بجواره هو ويوسف ، قبلما تأتي مات عمر ، يد قاتله مدربة علي الغدر تسللت لرقبته وكسرتها !!!
ادرك عمر انه يموت ، وان يوسف سيجن لفقدانه وان صفاء ستبكي ولن تتوقف دموعها ، ادرك انه سيتحول لاسم يدون في صفحه بيضاء مزينه بشريطه سوداء ، ادرك انه سيتحول لكومه ذكريات يتذكرها اصدقاءه ويبكوا لانهم فقدوها وفقدوه ، عرف عمر ان الموت اتاه مبكرا ، كان يتمني يعيش الثورة حتي تنتصر ويموت بعدها ، كان يتمني يكتب عن ذلك المشهد الذي عاشه لاخر لحظة في عمره ، وقتما خرجت المسيرات صوب التحرير ، وقتما شاهد الشيوخ خلعوا شعورهم البيضاء وعادوا شبابا يستكملوا مابدأوه من سنوات بعيده ، وقتما تظاهروا يطالبوا بالحرب وانهاء الهزيمه وقبلها وقتما تظاهروا يطالبوا بمحاسبه قاده الجيش المتسبيين في الهزيمه بعد احكام الطيران الهزيلة ، كنتم انتظرتم ايها القتله كنت اتمني اعيش الفرحه والانتصار واموت ، لكنكم غدرتم بي قبلما تكتمل فرحتي وقبلما ينتهي عمري !!!
شاهد عمر اليد المدربة علي الغدر وهي تتسلل صوب رقبته ، احدهم يشبهه ويشبهنا جميعا  ، عيون سوداء وشعر اشعث وشنب كث وبنطلون وجاكته كمثل الذي يرتديهم معظم المصريين من بالات بور سعيد ووكاله البلح ، اقتربت منه العيون السوداء بنظره غريبه لم يفهمها عمر الا بعدما قصفت رقبته ، اقتربت منه فابتسم ، تصوره زميل نضال ورفيق احلام ووطني يحلم بمصر اجمل ، اقترب منه فقرر يحييه ويصرخ فيه اهتف معانا ، قول ماتخافش النظام لازم يمشي ، في تلك اللحظه ناده احدهم ، صوت اتاه من الخلف ،التفت ليري مالذي يريده ، في تلك اللحظه تسللت الايدي المدربه علي الغدر و.تشششششششششك ، لم يكمل عمر الهتاف ومات !!!
روحه صعدت بسرعه من الجسد المتهاوي تحت الاقدام ، صعدت بسرعه لتكمل الهتاف مع المتظاهرين ، حزنت الروح قليلا لان القاتل سلبه بقية الحياة ومنحه الموت مبكرا وفي وقت غير مناسب ، كان سينشر كتابه الجديد ،كان سيزور امه في البلد ، كان سيمنح صفاء بذره في رحمها تنبت صغير يشبه ويحمل اسم ابيه ويمد جذور الشجرة العريقه في الارض الطيبه ، كان سيذهب مع ابنته حبيبة للمدرسه في يومها الاول ، كان سيرقص في الشارع يوم يرحل النظام العجوز وتفوح رائحه اللوتس في جنبات الوطن ، كان وكان وكان ، لكنه مات ، حزنت الروح قليلا وسرعان ماتمالكت احزانها وقررت تكمل الهتاف مع بقيه المتظاهرين بمنتهي الحماس ، الجسد تهاوي تحت الاقدام ، صراخ عالي يضيع ويتلاشي وسط الهتافات العاليه ، يسمع احدهم يصرخ ، البوليس قتل عمر ، تغضب الروح وتتمني لو عادت ثانيه للجسد المتهاوي ، لتقول للمصريين الحقيقه وتموت، ليست الشرطه من قتله ، هذا الجندي المعتلي المدرعة ويخرج سلاحه من كوة سطحها ، هذا الجندي لايملك ذخيره حية ، لم يصرف له رؤساءه الا بضعه طلقات فشنك ، تخيف بصوتها العالي لكن لا تقتل ، ليست الشرطه من قتلني يايوسف ، همست الروح التي تحررت من اسر الجسد المتهاوي  ليوسف وهو يحتضن عمر صديقه ويصرخ فيه ، ماتموتش ياعمر ، انا موت خلاص يايوسف ، بس مش الشرطه ، عارف ، طب ماتقول يايوسف ، مش عارف انطق ، لازم تنطق يايوسف ، مش عارف ياعمر ، مش عارف ياعمر !!!

( 23 )
سخرية

ومازال يكتب ويكتب ...........
سخرت الرقعه من اللعبه التي تتخذها ساحه لانتصاراتها وهزائمها ، فردت لها اللعبة الصاع صاعين وسخرت من الرقعه وتمردها علي اللعبه وقواعدها وشرحت لها ان الحياه كلها عبثيه ومليئة بالقتلي والمجرمين ، القتل العشوائي اليومي عبثي والموت العشوائي اليومي عبثي ، واللعبه التي لاتعجبك اكثر احتراما ومنطقيه من الحياة التي يعيشوها جميعا ...
في اللعبه التي لاتعجبك يقتل بعض الجنود والافيال والجياد  وفي النهايه يحاصر الملك فيرفع الرايه البيضاء ويعلن هزيمته ...
في الحياه التي تعجبك يقتل الشباب والصبية والبنات والامهات والاباء ومعهم الاحلام والامان ويحاصر الملك في قصره فيهرب من قصر لقصر وحين يزداد الحصار يطلق نار بجنون وحمق وغضب فيقتل اكثر واكثر ولايعلن هزيمته ابدا حتي يدك القصر والحصون والطابيه ويموت الوزير وكل مجلس الوزراء ، اللعبه التي لاتعجبك عبثيه لكن الحياه التي تعجبك اكثر عبثيه وجنون  !!! 
سخرت الرقعه المزركشه بالمربعات البيضاء والسوداء من اللعبه ، لاتعجبني الحياة ، ولاتعجبني اللعبة ايضا ، لاتعجبني الحياه لانها عبثيه مثلما تقولي ، ولاتعجبني اللعبه لانها نسخة من الحياه معاركها وقتلاها ، لاتعجبني لانها تلاعبت بالقتلي والجنود بنفس الطريقه العبثية الحمقاء ، وكأن قدرهم وقدرنا القتل باي طريقه وكل طريقة في الواقع وفي الخيال والجد والهزل !!!
ضحكت اللعبة ساخرة من الرقعة ، تتحدثي وتنتقدي مايحدث وكأنك صاحبة راي او قرار ، تتحدثي وكأنك شريكه في اي قرار او اراده ، انت مجرد ساحه للعب ، هكذا قرروا وهكذا كنتي ، ساحه يتلاعب فوق تناقضاتك اللاعبين ، بالقواعد التي اقررها انا ، انا حددت القواعد وانتي ساحه اللعبه التي اخترتها فكنتي !!!
تمردت الرقعة علي دورها ، مللت اكون ساحه قتل ، مللت اري الجنود يتساقطون والجياد تجري والافيال تصارع والوزراء والملوك يخافون ويحتمون خلف الطوابي وصفوف الجنود ، وينتصروا فوق جثثهم ، مللت اكون ساحة قتل لانتصارات ملك لايستحق الانتصار ، لايسعدني هذا الدور !!!

( 23 )
نصاب

بطلي زن وانا حاشرح لك ..
لما حسيت اني حابقي نصاب قررت اسكت !!!
ولما اتأكدت اني حاقول ، قررت اكتب !!!
معادله سهله اهي ، صح ؟؟
تجلس امامه علي المكتب في بيته ، طلبها لتاخذ المسرحيه ، سيقرأها معها كعادتهم القديمه ، فرحت باتصاله ، سعيده انه قهر الخرس وكتب ، اول سطر في الاوراق اثار فضولها  ، اشمعني فبراير 2013 ، يعني من سبع سنين ، اشمعني التاريخ ده ؟؟؟ ده التاريخ اللي لقيت روحي مش عارف اقول ولما باتكلم باكذب ، في اليوم ده قررت اسكت لاني لو اتكلمت حابقي نصاب مجرم كذاب زي ناس كتير ، ارتبكت خديجه لانها تعرف واحد من هؤلاء الناس الكتير ، تحول مع سبق الاصرار والترصد لنصاب كبير ومجرم محترف ، يقتل الارواح ويوأد العقول بعمد حقير ، سعيد !!!
لاحظ يوسف ارتباكها ، تجاهله ، يعرف كل ماتفكر فيه ، ويتمناها تنساه ، تنسي سعيد وترحم نفسها من عذابات الذنب الذي يتملكها والتكفير عنه الذي يوجعها ويورقها ، انسيه ياخديجة ، انسي سعيد خالص ، امسحيه من حياتك من ذاكرتك وكأنه اصلا مااتولدش ولاعمرنا شفناه !!!
يكمل يوسف حديثه .. ماكانش ينفع ياخديجه اتكلم ومااقولش وماكنتش عارف اقول ، سكتت بارادتي بقرار فرضته علي نفسي ، اخرس خالص وزي ماانتي شفتي عشت سبع سنين سكوت ، حتقولي كانوا سبع سنين طين يايوسف طين ، ضحك وكأنها لم تقاطعه ، فلما جيت اتكلم ، ابتديت من نفس اللحظه ، ابتديت اتكلم من نفس لحظه الخرس وكأن السنين السبع اللي فاتوا مافاتوش !!!
ابتسمت خديجة ، الله يطمنك بالخير ، واضح ان المسرحيه حتكون نصيبه وسوده كمان !!!
ابتسم يوسف ، قولي يارب ياسيدتي الدوقه ، قولي يارب !!!

( 25 )
علي الكوبري

مازال يكتب ويكتب ......
تسلل من وسط المظاهرة وصرخ قتلوا عمر ، القوا كتله لهب حارقه علي رأس الجندي وسط المدرعه ، احترقت الملابس والمدرعة وجسد الجندي ولسانه وهو يقسم برأس ابيه في البلد انه لم يقتل عمر ، مات الجندي محترقا مكروها متهما بالقتل و........................ صفق الملك الذي يستعد للجلوس علي العرش اكثر واكثر و.......... اقترب العرش منه اكثر واكثر و........... ....... مازالوا يلعبوا والغالب مستمر !!!

( 26 )
وجع

تنصت صفاء لما تقوله خديجة وحدقتيها مفتوحتين لاتصدق ماتسمعه !!
تنقل بصرها بسرعه علي بقيه زملاءها ، الدهشة وعدم التصديق يلونوا كل الوجوه ، تقاطع خديجة ، افيال ياخديجة ، افيال ؟؟
يضحك اكرم فتجحده خديجه بنظره يعرف معناها فيدفن رأسه في الاوراق صامتا ..
لاتنتظر صفاء اجابه من خديجة ، هي فقط تستنكر ما تسمعه ، تهمس خديجة وعينيها مدفوتين في الاوراق ، احنا لسه ماخلصناش قرايه ياصفاء ، اصبري ، وتكمل قراءة للنص !!!
للكلمات وقع غريب علي الممثلين كلهم  ، بعضهم يجنح بخياله بعيدا يحاول تصور كيف ستفلح خديجه في تحويل تلك الكلمات العابثه لمسرحية وحركه ، بعضهم يهيم بافكاره محلقا يفكر في شكل تلك المسرحيه غير المعتادة ..
تقرأ بضعه صفحات والكل ينصت مأخوذا ، وفجأ يصرخ رؤوف ، يوسف ده عبقري بجد ، عمري ماكنت اتصور انه حيكتب زي ماكتب كده ، قام رؤوف من مكانه ، تحرك بسرعه حول المنضدة ، المسرحيه دي رمزيه بدرجة مخيفه ، مافيش اي حاجه في النص زي ماهي مكتوبه ، كل حاجه ليها معني تاني، دي الشطاره بقي ، يتحرك بسرعه بسرعه حول المنضده ، يرفرف باذرعته في الفضاء وكأنه يهوي وبسرعه من ثقب السماء الذي كتب يوسف عنه ، شطاره كل واحد منا ، انه يحس بالمعني اللي يوسف عايز يقوله ، هو كتب حاجه علشان يقول حاجه تانيه ، لو كل واحد منا حس هو مفروض يكون ايه ويقول ايه ، المسرحيه دي تكسر الدنيا ، صح ياخديجة ؟؟؟
اشعلت خديجة سيجاره تتابعه وهو يتحرك ويقفز ويرفرف بذراعيه ، تبتسم وتسأل صفاء ، فهمتي ياصوفه ؟؟ تهز صفاء رأسها نفيا ، لازم اقرا المسرحيه مره واتنين يمكن علشان القط الاحساس اللي جه لرؤوف ده ، يوافقها اكرم ، المسرحيه دي مستحيل تتقري وتتلقط من اول مره ، يسأل رؤوف ، انت قريتها قبل كده ، يهز رؤوف رأسه نفيا ، يسأله ، طيب يوسف حكي ليك بيكتب ايه ، يضحك رؤوف ، طبعا لا ، انت تايه عن يوسف ، امال ايه ؟ تساله صفاء ، ولا حاجه ياصفاء ، قررت ابقي مجنون ، اسمع النص وانا مجنون ، حسيته جدا ، ده كلام مجانين ، لازم يتقري ويتسمع ويتمثل واحنا مجانين ، العقل ماعدش نافع !!
قاطعته خديجة ، بالضبط ، ده الاحساس اللي يوسف عايز يقوله ولازم كلنا نعرفه نوصله للجمهور ، العقل في وقت ما يبقي رتابه يبقي عطن يبقي ركود يبقي موت ، الجنون ضروره في بعض الاوقات كمثل ايامنا هذه !!!
يسمعهم الجنود المعلقه في الهواء والافيال الطائرة والجياد  بذيولها الطويله المرفوعه في الهواء ، تسمعهم الطوابي المبعثرة في الهواء وتكاد تهوي وتتحط ، يسمعوهم ويبتسموا ، ده طلعوا مجانين اكتر من الكاتب ، صرخ الملك من ثقب السماء ، واخرتها ، صرخ فيه الوزير ، هانت يا مولاي!!! يتسائل الملك بغضب ، ازاي ؟؟ يهمس الوزير ، مش عارف لكن حاسال خديجة!!!
ومازالت خديجة تقٍرأ ماكتبه يوسف ، ومازالت صفاء مندهشه عاجزه عن سماع النص باذن مجنونه مثلما فعل رؤوف !!!
في تلك اللحظه بالذات تمنت صفاء لو كان عمر حيا ، هو مجنون مثلهم جميعا ، كان ستسأله ، فاهم ياعمر، كان سيجيبها ، انت كمان فاهمه ياصفاء بس مخضوضه ، كانت ستضحك ، بجد اه مخضوضه ، كان سيضحك ، اهو ده اكتر حاجه بتعجبني فيك ، انك بتتخضي بسرعه وبجد ، زي الاطفال ، كانت ستغتاظ منه ، انا مش طفله ، كان سيدللها ، ياستي انا شايفك طفله وبحبك كده ، ليكي شوق في حاجه ؟؟ كانت ستهمس باحبك وكان سيهمس باحبك ، كانت سترجوه ، طب اشرح لي ، كان سيشرح لها ، كانت ستفهم كل كلمه بوضوح وبساطه ، كانت ستشكره ، متشكره ليك ياعمر انك في حياتي ، كان ................. انتبهت صفاء ان عمر لم يعد في حياتها وانه مات وسط الكوبري ، وقتما قتلته الشرطه!!!
انتفض يوسف حيث هو ، صرخ فيها ، لا مش الشرطه اللي قتلت عمر ياصفاء ، انتفض يبكي ويبكي ، لو كنت قلت الحقيقه كلها كان زمان صفاء فاهمه الحقيقه ، فاهمه ان اللي قتل عمر كان واقف وسط المتظاهرين وكان بعيون بليدة زجاجيه ، لكني ماقلتش الحقيقه ومش قادر اقولها !!
ومازالت خديجه تقرأ ومازالت صفاء تتمني لو كان عمر معها ليشرح لها كل مايستعصي عليها فهمه  وهو في هذه الايام صار كثيرا جدا!!!

( 27 )
اكثر تعقيدا

ومازال يكتب ويكتب ...........
نظرت الرقعة للعبه نظرة عابثه ، لو كفوا عن القتل في الحياه ماغضبت من اللهو بالقتل فوق ساحتي ، كنت ساحسها مجرد لعبه وستنقضي مهما طال وقتها ، لكنهم يقتلون قبل اللعب وبعده ، ويتعلموا في عالمي الافتراضي سبل وطرق للقتل لايكتفوا بتفيذها علي ساحتي بل ينفذوها في الواقع وتسيل الدماء فوق ساحتي شريكه معهم في القتل والذنب ، يتعلموا كيف يقتلوا الجنود الابرياء فوق ساحتي حتي يتقنوا القتل وهنا يشرعوا بسيوفهم في الواقع يقتلوا الجنود ببراعه اللعب وبراءته وكأنهم لايرتكبون ذنب ولاجرم !!!
نظرت اللعبة للرقعه البائسه بمصيرها وشرحت لها ، لو كفوا عن القتل واكتفوا بالانتصارات الوهميه لسارت الحياه اجمل ، لكن القتل والصراع يمنح الحياه معني ويمنح القاتل عارا ويمنح القتيل شهادة ويمنح الشرطه عملا والقضاة منصه والمجرمين سجنا ، اللعبه لاتمنح البشريه متعة تضاهي متعه الدماء الساخنه التي تتفجر قطراتها والاجساد العفيه التي تتبعثر نثراتها ودوي المدافع والرصاص ، اللعبه للاطفال والحياه للاقوياء والبقاء للاقوي !!! 
مازالت الساحه متمردة علي دورها والدماء التي تسيل فوق مربعاتها البيضاء تلوثها والسوداء تزيد قتامتها ، قررت رقعة اللعبه تلملم اطرافها وتنزوي بعيدا وتترك الجيوش المتحاربة تائهه حائرة تقتل بعضها البعض بعيدا عن وجهها المرهق من كثرة القتل !!
وازداد الامر تعقيدا !!!

( 28)
الزفتة  

دخلت المقهي الذي يجلس فيه يوسف نهارا ، المقهي خالي من رواد نهارياته المعتادين ، وجدته جالسا علي منضدته التي لايغيرها ، القت حقيبتها علي الارض بصخب مقصود ، لم يراها وهي تقف امامه ، غائبا عن الدنيا هائما مع افكاره ، انتبه لوجودها ، خديجة؟؟ بدهشه نطق اسمها وكأنه يسألها انت هنا بجد ؟؟ ايوه زفته ، جلست علي المقعد امامه وهي غاضبه ، ضحك ، ومالك بتخانقي دبان وشك كده ليه ؟؟ تحدق فيه لاتصدق مايقوله ، اكمل ليغيظها ، اوعي تقولي زهقانه وقرفانه ومافيش شغل ومافيش فلوس ، اوعي تقولي مخنوقه وعايزه اموت نفسي ، ضحك ضحكات متتاليه كالمجانين، اوعي تقولي كده لاني اساسا مش طايق نفسي ...
طلبت قهوه وانتظره يصمت ، مين الزفته اللي انت رايح وجاي معاها دي؟؟ لم يفهم ، الزفته اللي ماشيه في كل حته تقول انا ويوسف حنتجوز ، يتسلل الفهم لرأسه بطيئا ، انت صحيح حتتجوزها ؟؟
بتتكلمي عن ايه ياخديجه علي الصبح لحسن مش فايق لك ، اتجوز مين؟؟ الزفته ، ايوه انهي زفته ، هي مالهاش اسم ؟؟ ضحك يوسف ساخرا منها ، الزفتتات كتير قصدك علي انهي واحدة!!!؟؟؟
تسمعه هادئا ساخرا وتكاد تنفجر من الغضب ، قابلت ريهام وهي خارجه من الاوبرا ليلة امس و.. تسترجع وبسرعه ذكرياتها مع هذه الزفته !!!
ريهام تلك الفتاه الثريه التي تتصور الحياه تحت حذائها وخلقت خصيصا للترفيه عنها واسعادها ، نصف مصرية لام انجليزية واب سافر للدراسه هناك ولم يعود، انهت دراستها في المسرح ، تخصصت في شكسبير ومسرحياته العظيمة ، تتردد علي مصر بين كل حين واخر ، تلتقي بالفنانين والمبدعين وتتناقش معهم بلكنه معووجه عن المسرح المصري القديم وتاريخه المدون علي جدران معابد الفراعنه وتنحاز لشكسبير ومسرحياته وقت تقارنها بالنهضه المسرحيه التي يدعوها في ستينيات من القرن الماضي ، محدش قدر يبقي زي شكسبير ولا نصه !!!
حينما اندلعت الثورة ، استقرت في القاهره وسكنت الميدان وصارت اكثر حماسا من ثواره ونشطائه ، تحمست للياليه الصاخبه وعروضه المسرحية والاجواء الثورية التي تخيم عليه ، صادقت الثوار والادباء والمبدعين والنشطاء ، ادمنت مقاهي وسط البلد وندوات الاتليه وحفلات الهناجر ، في كل مظاهره تجدها وفي كل مسيرة تلمحها وفي كل وقفه احتجاجيه تقابلها ، تعرفت علي يوسف مثلما تعرفت علي الكثيرين ومنهم خديجة ، علاقات  بارده يتناقشوا في امور المسرح واحيانا في امور السياسه ومستقبل الثورة ومصيرها...
تشاجرت معها خديجة ذات يوم ، انت ماتعرفيش المسرح المصري ، لا قريتي نجيب سرور ولا الفريد فرج ولا صلاح عبد الصبور ولا سعد الدين وهبه ولا الشرقاوي ، ولا رحتي القومي ولا الطليعه ولا الجيب ، لا شوفتي مسرحيات الثقافه الجماهيريه ولا مسرح الجامعه ، بتتكلمي عن ايه ؟؟؟ كانت ريهام تسخر من المسرح المصري الحديث وكتابه ، فلم تقوي خديجه علي الصمت ، احست تلك المتفرنجه تجرح كرامتها وكرامه زملائها وتهين تاريخهم العظيم ، هاجت فيها وافسدت اللقاء الذي حضرته بالصدفه وقتما اتصلت بيوسف لتطمئن عليه فدعاها لتخرج معهم في البار اياه اللي انت عارفاه في وسط البلد ، وصلت والمناقشه محتدمه وريهام تحاضر يوسف واصدقاءه عن المسرح المصري ونواقصه وعجزه عن الوصول للعالميه ، انصتت خديجة قليلا لحديثها المهتريء التافه وسرعان ماهاجمتها وسخرت منها ، يمكن العربي المكسر بتاعك مش مساعدك تقري مسرحياتنا وتعرفي ان كانت وصلت للعالميه ولا لا  ، ابقي خلي جوجل يترجمها لك و........... قفزت في مكانها وهي تلوح للجميع وتودعهم ، صاحبها يوسف لسيارتها ، وهو يكاد يموت من الضحك ، مش بالراحه شويه علي الموزه ، كل ردح حوش بردق يابنت سلطح بابا طلع مره واحده كده ، نهرته ، لما يكون معاكم الاشكال دي ماتقوليش تعالي ، اشكال ايه دي دكتورة في شكسبير ، ضحكت خديجه بقله ادب واكملت وصله الردح ، خضتني يايوسف ، حتخليني اروح اديها بالجزمه هي وشكسبير بتاعها ، ونظرت له بغضب جارف ، ابتسم ساخرا ليتدارك غضبها ، ياخديجه باهزر باهزر ، خلاص والله ، حقك علي ، لما تكون الموزه معانا تاني مش حاقولك تعالي ، ضحكت ، لا ابقي قولي تعالي علشان اهزئها كل مره !! وانفجرا في الضحك ، دخلت سيارتها فهمس ، طميني عليكي لما تروحي ، وقبل ماتصل منزلها اتصل بها ، هديتي ، وصلتي ، لما تطلعي البيت كلميني ، وقبلما تخلع ملابسها اتصل بيها تاني ، وصلتي ، طيب عايز اقولك انك طفشتي الموزه ، مبسوطه ؟؟ واغلق السكه بسرعه حتي لايسمع سبابها له وللموزه واللي جاب ام ابوها !!!  
امس ، قابلت ريهام  وهي خارجه من الاوبرا ، سلمت ريهام عليها بحرارة ، لم تبادلها خديجه الحماس ، سلمت عليها ببرود ، من يوم المشاجره القديمة وخديجه "مابتطيقهاش" ، شيء ما يقف حائل كبير بينهما ، واحشني ياخديجه موت ، ابتسمت خديجه وتمتمت بكلام ممضوغ ، مش تباركي لي ، الف مبروك ، تصورت خديجه تسمع من ريهام اي شيء الا ان تقول لها ، انا ويوسف حنتجوز !!!! والله ، الف الف مبروك ، امتي بقي ، قريب جدا ، هو ماقالكيش ، غريبه قوي مع انكم مفروض صحاب قوي ، انا لو منك ازعل منه بجد ، ابتسمت ريهام ساخره وكأنها سجلت هدفا في مرمي خديجة ، لكن خديجه اعادت لها الكره الطائشه في وجهها ، انا ويوسف حاجه تانيه خالص غير كل الناس علشان كده عمري ماازعل منه ولاهو يزعل مني ، الف مبروك ياحبيبتي ، باي و................... قضت خديجه ليلة سوداء تنتظر انتهاءها لتبحث عن يوسف وتقتله!!!
باتكلم عن ريهام يايوسف ، البت الفافي السيس الزفته ريهام ، ايه حتستهبل وتعمل نفسك مش عارف انا باتكلم عن مين ؟؟
ضحك يوسف ضحكات متلاحقه ، ريهام الموزه ، ايوه مالها ؟؟ ايوه ريهام الزفته ، مش عارف فيه ايه ، لا ، يوسف بطل تستفزني بطل استهبال ، ريهام قالت لي انكم اتفقتم تتجوزوا !!!
يضحك ويضحك ............... ده كان هزار ياخديجه كنت سهران مع رؤوف في البار ، دخلت مع اصحاب ليها ، قعدوا معنا ، كلمه منها كلمه مني وكلنا سكرانين ، قالت تتجوزني ، قلت لها طبعا وانا اطول ،وضحكنا كلنا وبس خلص الموضوع !!!
بس هي امبارح كانت بتتكلم جد وماكنتش بتهزر ، ومصدقه فعلا انكم حتتجوزوا ، ابتسم يوسف ، براحتها تصدق زي ماهي عايزه ، انت شفتيها امتي ؟؟ ماقلت لك امبارح يايوسف امبارح ، ايه مش سامعني ، ضحك وضحك ، بتتخانقي ليه ياخديجة ، دي حكايه قديمه من شهرين تلاته وخلصت زي ماابتدت في البار ، ايه اللي فكرها بيها علشان تقولك كده امبارح ... اكيد عايزه تغيظك !!!
انتفضت خديجة ، مين دي اللي تغيظني يايوسف !!! انتفضت لايعجبها الكلام لكنها احست فعلا ان "الزفته" دي كانت عايزه تغيظها فعلا !!!
اشعلت سيجاره وعينيها محتقنتين كمثل زهرة النار في سيجارتها ، فوق يايوسف وبطل استهبال ، ده بتقول لمصر كلها انكم حتتجوزوا ، يعني مش بتهزر !!!
اعتدل في مقعده ونظر لها بمنتهي الجدية ، طيب نتكلم جد بقي بما انك جايه عينيك حمرا زي امنا الغوله كده ، ريهام دي للهزار ، اهزر معاها اه مافيش مانع لكن اتجوزها لا ، وانت عارفاني انا مابحبش اخلط الجد بالهزار ، قابلتها في بار سكران واحنا بنهزر ، قالت لي تتجوزني ، انا بصراحه يعني ومن غير زعل ومن غير ماتتخانقي معايا فهمت انها عايزاني انط عليها ، قلت وماله ، اتجوزك ، يعني مستعد انط عليكي وبس ، ضحكنا والكلام خلاص ، لانطيت ولا اتنيلت ولا طبعا حاتجوزها ، هي بقي تقول للناس حتتجوز ، اللي يعرفني مش حيصدقها واللي مايعرفنيش يلعن ابو امه مايفرقش معايا يصدقها ولا مايصدقهاش !!! مالك بقي ياخديجة ؟؟؟
تطفيء سيجارتها بعصبيه وتمسك حقيبتها وتستعد لتغادره ، استني بس فهميني مالك ؟؟ بصراحه مستخسراك في وسط الزفت ده كله ، بارات وخمره ونط وقرف ، مستخسراك جدا ، ولما الزفته قالت لي انكم حتتجوزوا ، قلت يوسف اتهبل رسمي وقلت لازم اجي اعقلك ، لاهي زيك ولا انت زيها واحنا مش ناقصين بهدله وقرف !!!!
طيب حتمشي ليه ماانا لسه ماعقلتش !!! لا شكلك عقلت ، يبقي اسيبك لنفسك بقي واروح اشوف ورايا ايه !!!
حدق فيها طويلا وابتسم ، انت بتغيري علي ياخديجة ؟؟
انتفضت ، لا باغير ولا باتنيل ، انت صاحبي وصديقي ، ومستخسراك وسط الزباله اللي انت مصمم تقعد معاها ، انت فنان كبير ، الزباله دي مخلياك اخرس مش بتنطق ، وانا متضايقه عليك ومنك ، اغير ايه وزفت ايه بس !!!
طيب استني نشرب قهوه تاني وبعدين قومي !!
طيب مش ناوي تكتب ، مش كفايه خمس سنين وانت اخرس كده ، بتعمل ايه في حياتك ، بتحل كلمات متقاطعه وتنش الدبان بالمنشه ، كفايه خمس سنين خرس يايوسف وواوعي تقولي عمر والمظاهرات ......... مش حاقولك حاجه خالص ، حاقولك لما الاقي حاجه اكتبها حاكتبها !!! اقعدي بقي اشربي قهوة معايا !!! طيب !!!
وضع النادل فنجانين القهوه امامها وهما صامتين ، هو يفكر فيها وماقالته له ، وهي تفكر فيه وماقاله لها ، انتهت القهوه وهما صامتين ، حاقوم يايوسف ، طيب ، والنبي خد قرار تكتب ، بسخريه ، حاضر خدت القرار ، طيب يارخم باي باي ، تحركت خطوتين ثم نظرت له ، يعني انت مش حتتجوزها يايوسف ، انفجر ضاحكا لا والله ياخديجة مش حاتجوزها ،  ابتسمت مطمئنه ، داعبها ، بقولك ايه ، ايه رايك  تتجوزيني وتنقذيني من الزفته وكل اللي زيها  ؟؟!!!
ضحكت ضحكات متلاحقه ، انا كنت باقول انك اتهبلت لكن ماجاش في دماغي انك اتهبلت قوي كده ، وتحركت خارج المقهي وبقي السؤال يلف في رأسها ، ايه رايك تتجوزيني ؟؟؟ تبتسم ساخره من يوسف ، لكن سؤاله يطاردها ، ايه رايك تتجوزيني ؟؟؟

( 29 )
البروفة النهائية

يجلس يوسف في اخر القاعه مثلما اعتاد ، لست كاتبا ولست مؤلفا ، متفرج كمثل الكثيرين ، انتظر المسرحية التي اقتطعت من قوت اطفالي في هذه الايام السوداء ثمن تذكرتها ، غاضب من كل حياتي ولاانتظر الا بعض السعاده ، لو اضعتم الوقت وكيلتم فوق قرفي وغضبي قناطير ، ساحطم المسرح ، ساسبكم والعنكم ، ساسترد ثمن التذكرة وربما تعويض ...
هذه روح التربص التي تحتل يوسف ، يراقب خديجه عن بعد ، تتحرك بعصبيه فوق خشبه المسرح ، يخيل له انه يسمع صراخها وهي تسب وتلعن في الحياه والمؤلف المجنون والممثلون وام الدنيا كلها ، يغلق اذنيه عن صراخها ، يعلم انها تتقن عملها ، يعلم انها لاترضي بقليله ، يعلم انها ستحول كلماته لعرض مبهر ، ربما قاتم بعض الشيء ، ربما محزن ، الاكيد انه عرض مجنون مثله ومثلها ومثل كل شيء حولهم !!!
اطفئت الانوار ، دوت الدقات الثلاث التقليدية تشير للبدايه !!!
يلمح خيالا في الظلام يقترب منه ، يجلس في مقعد بجواره ، لايحيه فلا يرد له التحيه ، يحدق الخيال في الستارة الحمراء ، وفجأ يسلط عليه الضوء ، العرض بدأ !!!
يفتح الستار ، خشبه المسرح مقسومه لنصفين ، احدهما ابيض والاخر اسود ، الارض مربعات كمثل رقعه الشطرنج !!
تتسلل سناء بثوب ابيض لوسط المسرح !!!
اوعوا تفتكروا اني حلوه علشان لابسه ابيض او تفتكروا انه ، وتشاور باصبعها علي الخيال الجالس بجواره ، انه الجندي الذي احترق في مدرعته فوق الكوبري ، يعرف يوسف ملامحه جيدا ، اوعوا تفتكروا انه علشان لابس اسود يبقي وحش !!!
لا الابيض حلو ، تهمس سناء ، ولا الاسود وحش يشرح الجندي !!
دي مجرد ادوار في اللعبه !! يصرخ رؤوف وهو يسير صوب خشبه المسرح من وسط الجمهور !!!
احنا بنلعب !!! يشير للجمهور ، وانتم كمان بتلعبوا !!!
احنا بنمثل ، وانتم بتمثلوا !!!
احنا حافظين ادوارنا وانتم .... ابتسم ، انتم جايز مش عارفين انكم بتلعبوا ، مش عارفين ان ليكم ادوار بتمثلوها ، مش حافظين النص والكلمات ، لكن احب اطمنكم ، انتم كمان بتلعبوا زينا بالضبط !!!
يمتلأ المسرح بالممثلين والكومبارس !!!
اللي لابس ابيض يروح يمين !!! واللي لابس اسود يروح شمال !!
صخب علي خشبه المسرح ، لااحد يتحرك !!!
كلمات هامسه ،  ليه ، اشمعني ، مش رايح ، تعالي انت ...
يتابع يوسف مايحدث امامه لايصدق ان خديجه شاطره كده !! يؤكد له الجندي ، الحق الست شاطره قوي شاطره خالص براوه عليها!!! يبتسم يوسف يشكره ، يهمس الجندي ، استني يافندي لما نتفرج علي السيموتغراف !!! يضحك يوسف ، نتفرج وماله !!!!
وتصدح الموسيقي عاليه والممثلين والكومبارس علي خشبه المسرح يتشاجروا لايطيعوا روؤف ولا يتبعوا تعليماته !!!
يصرخ فيهم ................ هي دي بالضبط اللعبه اللي احنا بنلعبها وانتم كمان !!! لازم نبقي فريقين ، فريق يمين وفريق شمال علشان نعرف نلعب ، غير كده المسرحيه حتبوظ واللعبه كمان !!!
يبتسم الجندي ، لازم يسمعوا الكلام ويطيعوا الاوامر ، هما قالوا لنا كده ، النفر منا مايمشيش بدماغه ، النفر منا مابيفهمش ، لازم حضره الضابط يقول واحنا نقول حاضر يافندم !!!
يبتسم رؤوف علي المسرح ، مش لازم قوي كده يادفعه ، مش لازم نكون عبد المأمور ، لكن علي الاقل لازم يبقي فيه نظام واحنا بنلعب والا اللعبه تبوظ والمسرحيه كمان !!!
يظلم المسرح فجأ و................... يقفز يوسف من مكانه لايصدق مايراه!!! انه كوبري قصر النيل وماحدث فيه في تلك اللحظه التي لم تغيب عن ذهنه ابدا !!!!

( 30 )
طابور ثالث

يكتب ويكتب ...............
الاختيار هذه المرة اسهل ، هكذا ظنوا ، اليوم الاسماء قليلة والاراده واضحة وكل مامررنا فيه علمنا الا نسمح لهم يخدعونا ، كنا نتصور ان المستقبل الجميل قريب ، لكنهم يعرقلونا ، ينصبوا الافخاخ والكمائن ، يضربوا الرصاص والمولوتوف ، يقصوا شعر الفتيات في الشوارع ، يقصفوا رقبه التماثيل والتاريخ ، يسيجوا الشمع ليطمسوا الحضارة والتاريخ ، كل هذا فعلوه واكثر ، لكنهم لم يعرقلونا ولن ، سيأتي المستقبل جميلا بارادتنا ، بارادتنا وليس بارادة القردة والقوادين واكلة لحوم البشر ، السنا احرار ، نعم ، السنا اصحاب اراده ، نعم ، اليست ورقه التصويت امامنا واضحه والاختيارات مفهومه ، نعم نعم نعم !!!
طابور طويل من السابعه صباحا ، تركت النسوة الطبيخ ونسي الرجال حلاقه ذقونهم وتجملت الشابات احتفاءا بالمستقبل وطالت الطوابير وطالت حتي دخلت اللحظة موسوعه جينس للارقام القياسيه ، انه الشعب اللي ماشي خطوته تطلع شرار ، انه الشعب اللي اتكتب له الانتصار و................. اختارت الطوابير ماارادته وعلمت الاقلام التي لايعرفوا انها سحريه علي مرشحهم الذي سيحملهم للمستقبل و................... اتت الصناديق والقردة بما لم نختاره و..................... زغرذت جماعته واعدت حقائبها لتغادر القريه للقصر وصار لنا ملكا جديد بعدما تصورنا ان الحكم للشعب وبكي الشهداء حزنا !!!
ومات الملك ............. عاش الملك !!!

( 31 )
اخيرا  

انا حاتطلق يايوسف ...
كان يجلس في مكانه المعتاد في القهوة ، يتصفح بعض الكتب الجديده التي اشتراها ، يتابع حركه الماره والسائرين يبحث عن وجه يكتب عنه او مشهد يبدأ به مسرحيته الجديدة ، دخلت عليه خديجه ، سحبت كرسي وجلست ، لم تلقي عليه تحيه الصباح ، بادرته وبسرعه ، انا حاتطلق يايوسف !!!
رفعه رأسه وحدق فيها وكأنه يتأكد انها جاده فيما تقوله ..
اخيرا  ياخديجة .. ابتسمت !!!
تشربي قهوه ، هزت رأسها ، تاخدي سيجاره ، ضحكت وليه الكرم ده ، بنحتفل بقي ، بسيجاره وفنجان قهوه ، بنحتفل مبدئيا بالخبر ، وضحك ، انت بتتكلمي جد ، صح ؟؟ هزت رأسها ، جدا يايوسف جدا ، جد جدا ...
ابتسم اكثر ، مش حسألك ليه لاني كنت متوقع ، لكن لو عايزه تتكلمي انا مستعد اسمعك دايما ، عارفه يايوسف ، لما حابقي مستعده اتكلم ، حاحكي لك ، خلال يومين بالكتير حنتطلق ، هو مشي وساب البيت ، ضحكت، بصراحه طردته ، ضحك ، اكيد ماهو معندوش دم انه يمشي من نفسه !!!

نهاية الجزء الثاني ويتبع بالجزء الثالث 

ليست هناك تعليقات: