مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الأحد، 23 سبتمبر 2012

وجع .. في دروب الوصال والوحشة .. الجزءالثالث



الجزء الثالث




الحياة من غير لقانا مش حياة 
ام كلثوم



الحياة من غير لقانا مستحيل 
راغب ، منال 

( 21 )
الخوف

يحدق في البحر والشمس توشك علي المغيب ، السماء برتقاليه مشوبه بالسنه لهب حمراء تودع الشمس التي ترحل ..
لحظات الرحيل توجعه وتذكره بكل محطات الرحيل التي اجبر علي المرور فيها .. ودع ابنته في المطار بدموع عينيه ، تمناها تبقي بجواره ولاتتركه وترحل ، هاهي مثل امه ترحل وتتركه وحيدا ، مسحت دموعها في حضنها وبكت في حضنه ، والنبي ماتعيط يابابا ، لم يقوي يطيعها وبقيت دموعه سياله حتي بعدما غابت عن عينه ، ابنته الحانيه رحلت ، وامه الحانية رحلت ولايبقي في حياتة الا ذكريات الوجع ، جدته القاسيه وزوجته البليدة ووحدته !!!
الان يتذكر هجرة ابنته ، ويتوجع لرحيل امه ويتمه ، ويفكر في منال التي توشك هي الاخري علي الرخيل والخروج من حياته بسبب تصرفاته التي تعجز عن تفسيرها ، احبها طبعا ، وهي تعرف وواثقه ، لكن الحب معي لايكفي ، اين الطمأنينه ، الطمأنينة ، هي كلمه السر التي تحل الالغاز والطلاسم !!!
لماذا تخاف منها ياراغب ؟؟؟ ولماذا لاتشعر معها بالطمأنينة !!!
هي ليست امك ياراغب ، لاتهددك بموت ولا رحيل مفاجيء ، لاتهددك بقطع الحبل السري الذي يربط روحك بروحها ، هي حبيبتك التي تحتاجك وتحتاجها ، امنحها روحك ياراغب ، امنحها روحك !!!
يبتسم باسي ، لكنه يخاف منها ، احتياجه له يرعبه يخيفه ، احتياجه لها يفسد احساسه بالحب ، السعاده التي يشعر بها معها تعيده لايام الرعب في البيت الكبير في النجع ، تعيده للوحشه والخوف من الاشباح ، تعيده لليتم الذي تعذب منه في ايام المدرسه ، اتمناها تبقي معي ولاترجل ، لكني اخاف رحيلها ، اخاف احبها لحد تقتلني لو رحلت !!!
يطلب من النادل فنجان قهوه اخر ويشعل سيجاره ويحدق في البحر ، يلمح طفلا صغيرا يلهو في الرمل وحوله العابه الصغيرة الملونه ، لم يعش ذلك المشهد ، لم تمنحه امه جاروف و رشاشة ، لم تعطيه جدته طياره ورق ولم تسمح له يركب برسوار فوق الموج ، انت عشت محروم ياراغب !!
ومنال مالها ، منال جايه بالحياه ، جايه تفكرني بكل اللي ماعشتوش ، تفكرني بكل اللي ضاع مني ، جايه بوعد تعوضني عن كل اللي اتحرمت منه ، عظيم !!
لا عظيم ازاي ، ماهي ممكن توعدني وتخلف ، وممكن تسيبني وتمشي ، وممكن تعشمني وماتحققش اللي عشمتني بيه ، مقدرش استحمل !!
الطفوله اليتيمه والجدة العجوز والزوجه البليدة والام التي ماتت ، كل هذا تحمله راغب ، كلها سلاسل من الوجع والقهر والالم ، لكنه اعتاد الالم وادمنه ، السعاده فقط هي التي ترعبه !!!
السعاده تخيفه ترعبه تزلزل كيانه ، السعاده تمنيه بحياه تمناها طويلا وحرم منها ، يخاف يتعلق بالامل ويتمناه ويحلم ، وفجأ لاي سبب من الاسباب يحرم من تلك السعاده فيتألم من جديد وهو منهك لايتحمل اي الام جديده !!!
يهمس راغب لنفسه ، انت خايف جدا ..
يوافق نفسه ، ايوه خايف جدا ..
طيب ومنال ذنبها ايه ، منال ذنبها اني حبيتها ، ذنبها انها فتحت لي ابواب الامل ، ذنبها ان وجودها عشمني بحياة تانيه ، وخايف افقدها لاي سبب !!!
الخوف ............. انها الاجابه التي يبحث عنها !!
الخوف هي اجابه كل الاسئله التي حيرته طويلا !!!
الخوف من اليتم الجديد ، من الجده القاهره من الزوجه البليدة من الحياه الموحشه من الوجع ، من الاشباح والعفاريت ، الخوف من فقدان رحم امه ولايجد له بديلا ، الخوف من تمزيق الحبل السري وضياعه بلا سند ولا حمايه !!!
الخوف ياراغب ، الخوف !!!!!!!!!
انا كمان باخاف عليها !!!! فعلا بتخاف عليها ؟؟؟
هنا طلب راغب فنجان قهوه خامس واشعل سيجاره وحدق في البحر طويلا طويلا قبلما يفكر في اجابه للسؤال الصعب ، فعلا بتخاف عليها ؟؟؟

( 22 )
الحاح

تحدق في بناتها لاتصدق انها تجلس معهن ، ميعاد لقائهن الاسبوعي ، يوم الجمعه في النادي ، علي منضده خشبيه مهتزه ومقاعد غير مريحه ، تقابل بناتها كل اسبوع ، تاتي بالهدايا والبلوفرات التي اشتغلتها بيديها والكيك اللي بيحبوه ، تقضي معهن بضعه ساعات لاتروي ظمأ مشاعرها لهن ، بالعكس تعود كل مره بيتها تبكي لانها تفتقدهن اكثر واكثر !!!
تحدق في البنات وهن مبتسمات فرحات كفراشات ملونة و تتمناهن يجلسن علي قدميها في حضنها ، مثلما كانت تفعل وقت كن صغيرات ..
تسالهن بالحاح عن احوالهن ، يقصصن عليها تفاصيل ايامهن والمدرسه والواجب وبابا وتيته ، يقصصن عليها الرحله التي ذهبوا اليها مع المدرسه ، وتيته نسيت تحط الاكل في الشنطه ، تبكي فيضحكن ، براءه طفولتهن تقيهن من وجع عميق كمثل وجعها ، تتمني لو صنعت لهن السندوتشات ووقفت في النافذه تلوح لهن حتي يركبن اتوبيس المدرسه وتسال عليهن بالتليفون تطمئن علي وصولهن للحديقة اليابانيه ، تمنت لو عدن من الرحله عليها وقصصن عليها ماشاهدوه ومااسعدهن ، تمنت لو هي التي طهرت الجرح العميق في ركبه فاطمه بعدما سقطت من فوق المرجيحه ، لكنها لم تفعل كل هذا ، هي ام مع وقف التنفيذ ، هي ام ممنوعه من ممارسه اموتها ، معاقبه بالحرمان ، تسمعهن وتبكي وهن يضحكن ، احنا كويسين ياماما ، يطمئنوها لكنها لاتطمئن ، تتمني تسب ابيهن وجدتهن وتخطفهن وتجري ، لكنها لاتفعل كل هذا وتبقي صامته تبكي دموع مالحه تحرق وجنتيها وروحها !!!
تذكرت امها ، امها ضعيفه عجزت عن حمايتها من الاب المتعسف ، وهي ؟؟ هي ليست ضعيفه ، لكنها في النهايه عجزت تحمي بناتها من عسف ابيهن وجدتهن !! هل يعانين البنات من عسف الاب والجده ، هذا تصورها الذي لم يوافقوها عليه ابدا ، هل لم تفلح تنقذ نفسها من عسف زوجها رغم قوتها ومن عسف القاضي وحكمه الجائر ومن عسف الجدة العقربة وقت حرمتها من بناتها !!
تسائلت منال ، مافائدة القوة التي لاتحمي !! تذكرت راغب ، هل تملك قوة تحميني بها من عسف الدنيا واهلها ؟؟ سؤال مفتوح بلا اجابه يضاف لعشرات الاسئلة الكثيرة التي لاتجد اجابه عليها ..
تحدق في بناتها بعيون دامعه وابتسامه من القلب لانها تجلس معهن تستمتع بطفولتهن البريئه ووجودهن ، كأن روحها عادت لجسدها بعدما رحلت معهن وتركتها جسد متيبس بلا روح ..
يرن تليفونها ، راغب يبحث عنها من الصباح ، تهرب من مكالماته ، لن ترد عليه ، كفاها ماقاسته منه طيله الاسبوع الماضي ، تشاجر معها لسبب لاتعرفه ، اعتكف واختفي ، لاحقته بالتليفونات ، لم يرد عليها ووقتما رد نهرها لانها لاتقدر حالته النفسيه ، نهرها لانها انانيه لاتفكر الا في مشاكلها ولا تفكر في حاله ، كادت تصرخ فيه ، انت اللي اناني ، انت اللي مابتحسش الا بنفسك ، انت اللي عامل مشاكل لروحك من غير مشكله ، كادت تصرخ فيه ، انامحتاجاك ودلوقتي حالا ، لكنها خرست وصمتت واغلقت الخط وانفجرت في البكاء ، تبكي بحرقه ، انا محتاجاك دلوقتي حالا ، تاخدني في حضنك تطمني ، تاخدني في حضنك وتحتويني ، القاضي الظالم حرمني من بناتي ، ابوهم حيتجوز ويعيش حياته وهما يترموا مع جدتهم ، وانا افضل محرومه منهم وهما محرومين مني ، تبكي بحرقه لانه الان بالذات لايشعر بها ولا بوجعها ، الان بالذات هي تحتاجه وهو بعيد عنها في رحم امه يروض روحه علي مالاتعرفه ، الان بالذات تحتاجه والان بالذات لايسمعها ، قررت تبعد عنه ، قررت تنهي العلاقه ، قررت تخاصمه ، قررت تخرجه من حياتها !!
كتبت له رساله ، انا تعبت وكفايه بقي ، لم يرد عليها ، كانت تعرف انه لن يرد عليها ، تعرف انه سيكتئب ويصمت وينزوي اكثر واكثر ، لكنه لم يكن يعرف انه صمته يهينها اكثر واكثر ، صمته رساله انا لااكترث بك ولا بتعبك ، كانت تعرف انه سيتصل بعد فتره من الزمن وقتما يتمالك نفسه وروحه ويقرر يعاود اقتحامها ، لم يكن يعرف انه ستقاومه وترفض وجوده الموجع في حياتها لان الحياه مش ناقصه وجع !!!
هاهو يلاحقها بتليفوناته ، هاهو يطلبها للمره المليون ، وهاهي لاترد عليه ولا علي رسائله ، هاهي تجلس مع بناتها تبكي لان ركبة فاطمه جرحت ولان تيته نسيت السندوتشات ولان طنط خطيبة بابا لطيفه قوي ، تبكي لانها اتصلت بطليقها ترجوه يعيد البنات لها فرفض واوضح لها ان ده موضوع اتحسم خلاص !!!
تجلس مع بناتها تبكي ، والبنات يضحكن لان كل حاجه كويسه ياماما ، انت بس بتوحشينا قوي ، بس كده ، كادت تسالهن ، بس كده ، باوحشكم قوي ، بس كده ، احست ببراءتهن نصل في قلبها بجوار نصل القاضي وحكمه الظالم ، امومتها اختزلت في بتوحشينا قوي ، الا تفتقدوني الا تتمنوا العودة لحضني ، الا تتمنوا اوقظكم مثلما كنت افعل واحضر لكن الطعام مثلما كنت افعل ونجلس نضحك ونتكلم مثلما كنا نفعل !!! حياتهن سارت بدونها وكأنها لاقيمه لها ، هذا مااحسته منال وهي تجلس مع بناتها وتمنت لو تقبلهن وترحل ، تمنت لو عادت بيتها تصرخ بصوت عالي بين جدرانها الصامته ، لكنها لم تفعل اي شيء تمنته ، بقت تسمع قصصهن البريئه عن بيت بابا وخطيبة بابا وتيته والسندوتشات ، وهي تحترق من الغيره والغضب ، وراغب يطاردها بتليفوناته ، رنين الجرس افقدها صوابها ، كادت تلقي التليفون بعيدا ، مش حارد عليك ياراغب ريح نفسك ، تضحك فاطمه ماتردي ياماما ، توافقها عائشه ايوه ياماما ردي ، وينظرا لبعضهما نظرات موحيه ويضحكا ، كأنهما يقولا لها ، ماتردي علي صاحبك ياماما ، تخجل من نظراتهم ، تغلق التليفون وتلقيه في قاع حقيبتها وتمضي معهن بقيه النهار حزينه شارده و......... حين تودعهن بحضن كبير ، تنهمر دمعه صغيره من عين فاطمه تخفيها بسرعه ، فتبتسم منال وسط دموعها ، الدمعة الصغيره اكدت لها ان بناتها يتوجعن لغيابها مثلما تتوجع لغيابهن وان الحياه كلها قاسيه وصعبه و........... تعود لبيتها تلقي ببدنها علي فراشها وتبكي وتبكي وتبكي !!!

 ( 23 )
الطمأنينة ...

روح واحدة في جسدين !!! هل هما راغب ومنال ؟؟
هكذا ظنا وربما هي الحقيقة ، بينهما الكثير ، مزاج واحد ،يضحكا علي نفس المزحه بنفس النغمة ، يبكيا معا علي الاحزان التي تحاصرهما ، ينطقا في نفس اللحظه بنفس الكلمات الغامضه التي لايفهمها الا ايهما او كليهما ، يعرفا بعض ويفهما بعضهما بسهولة ويسر وبساطة حتي ظنا انهما روح واحده في جسدين!!!
هذا ماظناه ، لكنه ظن سرعان مابددته الايام ووحشتها التي تحاصرهما ..
يؤكد راغب لنفسه كلما تشاجر معها او غضب عليها او فر منها ، كلما خاف منها و عليها ، كلما اسعدته فاوجعته وكلما اوجعته فاتعسته ، يؤكد لنفسه ليست روحي ولا بقيتها ، ليست من احلم بها ، ليست من كنت اتمناها ، هي سيدة مثل الكثيرات ، ربما جميله لطيفه ، لكني زهدت النساء الجميلات اللطيفات ، ابحث عن من تكملني ، عن من تستوعبني وجنوني ونزقي وحمقي وعقلي واوجاعي ، ابحث عن من تحتويني تسرقني تجذبني تشدني تفقدني اتزاني وعقلي تبدد مخاوفي ، هي لم تفلح تفعل كل هذا ، ربما لم اعطها الفرصه ، ربما هي لاتصلح وليست من احلم بها ، هي سيدة جميله لطيفه وفقط !!
يصارع راغب احتياجه لها ، يصارع امنياته في الاستحواذ عليها ، يصارع رغبته في الاستئثار بمشاعرها وحبها ، يتمناها له وحده لكن بناتها يشاركاه مشاعرها ، بناتها يستجلبن دموعها ويفرضن عليه حزنها وهو عاجز عن قشع الغمه التي تحيطها ، عاجز عن حل مشاكلها ، تأتي بمشاكلها معها فوق راسه المتعب بمشاكله ، يفر منها ، لست قادر علي تحمل نفسي فكيف ساتحملك ، يبرر لنفسه الفرار بعيدا عنها ، هي غيري !!
هي غيري وليست بقيه روحي وليست بقيتي وليست حلمي ولاتشعر مثلي ولاتفكر مثلي ولا احبها ..
منال لم تشاركه رحم امه ، لم تتجرع معه كأس اليتم ومرارته ، لم تربيها جدته العجوز بصرامة وقسوة .. لم تقاسمه احزانه ، نعم فهمت احزانه وشاركته قصصها ، هونت عليه وجعها واسعدته ، ربتت علي روحه ترتق جروحها ، لكنها لم تقاسمه احزانه ولم تشاركه وجعها !!
هل هما روح واحدة في جسدين ؟؟
سؤال تسأله منال لنفسها كلما جن جنونها وفقدت صوابها وطاش عقلها لانه صمت واختفي ، لان فر وهرب ، لانه عاملها بقسوة وفظاظة ، تسأل نفسها ، هل هو بقية روحي والذي تبحث عنه لتكتمل وتتكامل ؟؟ هل انت فعلا نص روحي ، ام هذا وهمي الاكبر !!! لو انت نصف روحي او بقيتها او كلها او انا نصف روحك ، اصبحت المعركه مع الحياه حتمية لامفر منها حتي لو كنا لاندرك ، لو انت نصف روحي او بقيتها او كلها او انا نصف روحك ، لاستحقيت انت و استحقيت انا ان نقاتل للتكامل والتوحد للروح المبعثره بين اجساد ضلت طريقها كثير وقد يكون حان وقت تكاملها والتئام جروحها ... اما لو كنت روح شارده لم تنبعث من روحي وكنت انا روح شارده لم تنبعث من روحك ، مهما تقاربنا ومهما تفهمنا بعضنا البعض ، فالمعركه الكبري لاتستحق منا اي جهد ، لان كل منا وقتها سيتعين عليه يبحث عن بقيه روحه بعيدا عن الارواح الضاله التائهه التي تحوم حوله ......
هل انت نصف روحي وبقيتها ياراغب ، تسال نفسها وتفتش في وجدانها عما يؤكد لها انهما روح واحدة في جسدين .. وكلما تعمقت في سراديبها اكثر واكثر ، ابتعدت عن هذا اليقين ، راغب لم يتجرع احزانها ولم يعش لياليها السوداء ، لم يعاقبه ابيه مثلما عاقبها ابيها بسبب وغير سبب ، لم تنزوي امه وتتركه فريسه لعسف الاب ، لم يتعلم من الايام الموحشه ان يكون قويا ، مثلما تعلمت هي القوة لتحمي نفسها من العسف من اقرب الاقرباء ولو كان ابيها ، راغب لم يطلق مثلها ويلقي به فجأ خارج الطمأنينة ، لم يحرم من بناته مثلها ، لم يمزق القاضي قلبه بحكمه القاسي مثلها ، لم يحاصره المجتمع بادانته مثلها ، هو يشبها لكنه ليس مثلها ، عاش الاحزان مثلها لكن بطريقه مختلفه فتأثر بها بطريقه مختلفه ، هذا ماعرفته وقتما اقتربت منه !!!
انه يشبهها لكنه ليست بقيتها ، قريب منها ولكنه ليس بقية روحها ، هذا ماعرفته وتيقنت منه ...
 لسنا روح واحدة في جسدين ، هذا ماقرراه وقتما قررا ينهيا وبسرعه العلاقه المحمومه التي بدأت بينهما ..
راغب خاف منها وهي صممت تقتحمه ...
حاصرها بحبه وهي قررت تفر منه ..
تبادلا الادوار والمواقع ، كر وفر ، اقبال وفرار ، مد وجز ، عاشا كل المشاعر وتبادلا فرحتها ووطئتها ووجعها وتمزقت روحيهما اكثر واكثر وهما يتصارعا من اجل اللقاء من اجل البقاء من اجل التكامل والاندماج الذي يتمناه كل منهما ويخافه ويبحث عنه ويهرب منه ويسعد به ويشقي بوجوده ..
يحبها ويهرب ... يحسها كمثل امه وحنانها مثل حنان امه وامومتها المقهورة تحاصره بحب يخاف يفقده فيهرب اكثر واكثر ، خوفه يحول كل مايراه لاشباح مخيفه ، الاشجار اشباح والمباني اشباح وجسدها الجميل شبح وملامحها الرقيقه موحشه كالاشباح ، الخوف البسه نظاره مقعرة فابصر العالم كله معووج فخاف اكثر واكثر ..
يراها احيانا كمثل صفاء بليدة لاتفهمه ، واحيانا مستبده مثل جدته يراها ابنته التي هاجرت وامه التي رحلت فيوجعه وجودها ، يفر ويأتي ، يذهب ويعود ، يصرخ حزنا ويرقص طربا ، حين تطارده بمشاعرها يفر منها موحشا متوحشا ، يصرخ بصوت مخيف هادر يأتي من روح منهكه مرتعده ، يصرخ فيها ، هذا ليس حب ، هذه رغبه في الاستحواذ والملكيه ، وانا حر ياسيدتي حر ، لاتملكي علي ارادتي قرار ولا علي حريتي سبيل ، يراها مستبده مثل جدته التي طالما نهرته حتي ظنها تكرهه ، جدته تكره وتقبض علي ايام حياته وامه تحبه وماتت وتركته يتيما ، يري منال مثل جدته تكرهه ومثل امه سترحل حتما وتوجعه ، فيخاف منها ويجري بعيدا !!!
هل هما روح واحدة في جسدين ؟؟
امومتها المقهورة وجدت فيه يتيما حزينا قد تفلح في مصالحته علي ايامه واحزانه ، قد تفلح في اخراجه من رحم امه لرحمها ، من وجع غياب امه لبهجه وجودها ، قد تفلح في استيعابه واحتواءه ، قد وقد ، لكنه لايمنحها الفرصه ويفسد كل ماتقدمه ، ان اقتربت بعد وفر ، وان فرت اكتئب وصمت ، وان كسرت جدران الصمت تقوقع بعيدا وان صرخت صرخ في وجهها يلومها لانها لاتقدر حالته !!!  انت ابني وحبيبي ، تهمس له دائما ، لكنك لست امي ، امي ماتت منذ زمن ، يتمني يقول لها ، لكنه يصمت !!!
يخاف من امومتها توجعه بغيابها لو غابت ، يخاف يتم جديد يفقده توازنه بعدما اعتاد يتمه ، يخاف الفرحه بامومتها فيرفض مشاعرها ويجري ، يرفض مشاعرها ويبكي ، يتمنها ام وحبيبه ، لكن خوفه من تجدد الاحزان يدفعه للفرار منها كأم وحبيبة !!!
هل هما روح واحدة في جسدين ؟؟
هو يحس بهذا وهي ايضا ، لكن الارواح مبعثرة والدروب بينهما مغلقه والتواصل مفقود ، الارواح مازالت حائرة تائهه تبحث عن الطمأنينه لتسكن لبعضها البعض ، اين الطمأنينه ؟؟
يسأل راغب نفسه وهي ايضا ؟؟؟

( 24 )
الشرك  

وقف امامها في الطابور ، شرح لها انه يرغب تحويل امواله للبنك ، همس بطريقه موحيه ان " بنككم احلي " فهمت رسالته وابتسمت ، تنورنا ياافندم !!
وكأنها لاتعرفه ولم تتعشي معه منذ عده ايام سابقه قريبه ، وكأنه لايعرفها ولم يفكر فيها طيله الوقت ولم يقرر نقل نقوده عندها ليراها كثيرا !!! وكأنه لم يغازلها وكأنها لم تفهم مقصده وكأنه في بدايه العشرينات من عمره وكأنها في السادسه عشر !!! تصرفا كمراهقين ، كل منهما ارتبك من نفسه ومن الاخر !!!
لم يصدق راغب انه يقف امامها مرتبكا متلعثم وانه عاجز يفصح لها عن رغبته في لقاءها بعيدا عن اجواء العمل !!!
لم يصدق مايشعر به ، استفزه العجز الذي يتعثر فيه ، يبحث عن كلمات مناسبه لايجدها ، يبحث عن ملامح يلون بها وجه يفشل ، يبحث عن ايماءات تفهمها النساء يتوه ، عاجز عن ارتداء  اقنعته المعتاده ، امامها واضح جدا هو واعجابه وشغفه وماخفي كان اعظم !!!
هي تفهم مخاوفها منه ومن سيرته ومن انفلاته المشهور ، تخاف علي بناتها ، علي حقها في الحضانه ، علي صلاحيتها كأم ، تفهم مخاوفها ، لكن تلك المخاوف لم تخرجه من رأسها ولم تمحو كلمات الغزل المتوارية البسيطه التي همس لها بها يوم عشاء المدير من ذاكرتها ..
مرتبكين ، هي خلف الشباك وهو امامه ، اتفضل حضرتك عند المدير ، غاظته وهي تحيله لمديرها ليقدم له خدمه ممتازه باعتباره من كبار العملاء ، تحرك من امامها حانقا عليها ، ربما فرارها منه استفزه ، من انت لتفري مني ، الاتعرفي كم النساء التي تلقي نفسها في طريقي ، تسمع حواره الداخلي ، تبتسم ساخره ، عارفه بس مش فارق معايا ، يزداد حنقه ويقرر يقتحمها ويتعرف عليها ويخرج معها و....... الباقي ربنا يسهل عليه بقي !!!
في تلك اللحظه كانت منال مجرد سيدة يتمني قضاء بعض الوقت معها ، الوحده صعبه وقاسيه ، اولاده تزوجوا وانشغل كل منهم في حياته ، جدته العجوز ماتت من زمن بعيد ، وامه قبلها ، الوحدة قاسيه ، بيته خاوي بلا صخب بلا ونس بلا دفء ، يتمني سيدة بنت ناس تونسه ، نعم بنت ناس ، مل العاهرات والعابثات والباحثات عن الفراش ، مل اسلوبهن وابتزالهن واجسادهن الموشومه ببصمات الاخرين ، مل الضحكات النزقة العابثة والنظرات الموحية والتقصعات الجسديه ، مل كل هذا ، يبحث عن شيء مختلف ، يتمني لو امه عادت من قبرها وسكنت منزله واحتوته بحنانها ، يتمني لو عادت ابنته المسافرة مع زوجها من غربته واخذته في حضنها مثلما اعتادت تفعل ، يبحث عن ونس يطمئن روحه ، بعض الوقت مع سيده محترمه بنت ناس ، نتكلم في الادب والسياسه والسينما واحوال البلد ، ادعوها للاوبرا لحفلات الموسيقي العربيه وحفلات الباليه ، ادعوها لعشاء مميز في المطعم الدوار علي النيل ، ابحث عن صحبة تطمئن روحي وتونسها ، هذا ماكان راغب يبحث عنه وقتما لاحق منال ، هي سيدة بنت ناس كما يبدو له ، خلفها حكايه طبعا ، ومن منا بلا حكايات ، دموعها تفصح عن حزن دفين ، وماله ، الحزن مالي حياتنا كلنا ، لاحقها بحثا عن صحبة وونس ، لم يعرف انه سيقع في الشرك الذي طالما فر منه ، لم يعرف انه سيعشقها كما اثبتت له الايام ، لم يعرف انه سيحبها ويعذب نفسه ويعذبها ، حفر حفرة لها فوقع فيها بارادته ، تصور انه سيصاحبها بعض الوقت ويادر مادخلك شر ، فاسرته ومشاعره في حضنها و... احتدم الصراع بينهما عاطفيا واقعيا عنيفا ...
ورحب به المدير ترحيب كبير ، والله انت منور ياراغب بيه !!!
رد عليه بنصف عقل ، ده نوركم ياباشا و......... يفكر في منال التي كانت في تلك اللحظه بالذات تفكر فيه ، عايز مني ايه ؟؟

( 25 )
البحر

انا ماروحتش البحر الا وانا ثانوي .. رفعت حاجبيها دهشة !!
كانت جدتي بتاخدني معاها البلد ، هناك في الصعيد الجواني ، اول مالمدرسه تخلص ، ياولد هو فيه زي بلدنا وطينا وارضنا ، نرد لاصلنا ونوصل المقطوع ونشوف اللي ورانا لغايه ميعاد المدرسه ، حكمت جدته واطاع هو ، يقضي صيفه في البيت الكبير في النجع القابع في بطن الجبل في الصعيد الجواني ، هناك في البيت يتوه وحيدا لاينتبه لوجوده احد ، يتوافد الزوار علي الست الكبيرة ويمتليء البيت بالنساء والمزارعين وصخب موحش لايجد لنفسه مكان فيه ، ينزوي بعيدا ، ربما في طرف الحديقه ، ربما يتسلل خارج السور للجبل ، ربما يصاحب بعض الكبار للدوار او المندرة ، يستمع لقصص لاتخصه وحواديت لايكترث بها ، وعندما يحط الليل ، تنتشر الاشباح والعفاريت ، تخوفه جدته يغادر المنزل ، ياولد برضه الاشباح مابتسيبش ولد في حاله ، خليك ريحي ماتروحش لاهنا ولا هناك ، يلتصق بها وجسده يرتعش ، تقرأ قرأن قبلما تنام ، يدوي صوتها رخيما في سكون البيت الصامت ، تترحم علي ابنتها وتبكي وتداري عنه دموعها ، يشاركها البكاء فتنهره لانه راجل والرجاله ياولد مابتبكيش ، يصمت حزينا ويتمني حضن امه يطمئنه في البيت المخيف الذي يترفع سقفه عاليا حتي بيوت العفاريت في السماء ،يلتصق بجدته مرعوبا من الصمت وتلاعب السنه الكلوبات علي الحوائط الجيرية ومن اصوات غامضه تأتيها من الحقول المحيطه بالبيت وعواء الذئاب في الجبل وصوت طلقات الرصاص البعيدة ، يلتصق بجدته اكثر واكثر لكنه يغرق في رحم امه ويختبيء من كل مايخفيه ،  وحين تدخل جدته لفراشها بعدما تغطي جسده المرتعش بغطاء خفيف يقيه شر الناموس ولدعاته ، يغمض عينيه رعبا في الفراش الكبير ويتمني ينام او يموت ، لكن الاشباح لاتتركه في حاله ، يسمع اصواتها تعوي في الفضاء الملاصق للبيت ، يتصورها تركت الجبل ونزحت لفناء بيتهم ، يتصورها ستقتحم البيت وتفتك به في فراشه وتشرب دماءه كماتقول الجدة وتسحب عقله ليصبح مجذوبا مجنونا كمثل الرجل العاري الذي يهيم في النجع صارخا ، يغلق عينيه اكثر واكثر ، وينام مرعوب وفي الحلم يختبيء في رحم امه ويغلقه بوابته باقفال حديدية ويقطع النفس خوفا من الاشباح تهتدي لروحه فتقتله ..
كل هذا بالطبع لم يقله لمنال ، فقط قال لها انه لم يذهب للبحر الا في المرحله الثانويه في رحله مع المدرسه ، وقتها اصابه دوار من لون البحر واتساعه ، مادت الارض تحت قدميه وكاد يسقط مغشيا عليه ، سخر منه زملائه ، شعر كسوفا واحراجا وحرمانا ، كل منهم يقص عليه قصص البحر والعائله وسندوتشات الام والبرنيطه التي تكبس علي راسه جبرا خوفا من الشمس والفريسكا وتأجير العجل والمشي علي الكورنيش ، كل منهم عاش البحر بطريقته وله فيه ذكرياته الا هو ، هل يقص عليهم ذكرياته في النجع البعيد والحر والناموس ، وبر النيل اللي بيمشي عليه مع كبار العائله وهو صغيرا لاتنتبه لوجوده الاقدام العابرة ، هل يقص عليهم قصص الاشباح التي اخافته وارعبته ، هل يقول لهم ان امه ماتت قبلما تكبس البرنيطه علي راسه وقبلما تلقمه سندوتش الحنان علي شط البحر ، وقبلما تحذره من ركوب الموج والدخول للغويط ، لن يقول شيئا لكن البحر اوجعه مثل اشياء كثيرة اوجعته في الحياة !!!
عارفه يامنال ، نفسي اروح البحر معاكي ، تعملي شنطه سندوتشات ونقعد لغايه الغروب وبعد الشمس ماتغيب نتمشي ونبل رجلينا واخدك في حضني و............. هذا مايتمني يقوله لها لكنه لم يقوله ، هذه مقابلتهما الثالثه ، اتفقا في المقابله الاولي يكونا اصدقاء ، هو لايرغب في الزواج بعدما اخد حظه من صفاء ومؤسسه الزواج ، وهي لاترغب في الزواج حتي لاتفقد حقها في حضانه البنات ، نحن اصدقاء ، ابتسم كل منهما راضيا عن الاتفاق الذي لم يحترماه ولا لثانيه واحدة !!!

( 26 )
الغيرة

لااقوي علي عشقك بتلك الطريقة ، لااتحمل هذا الحب ، تدفعيني للجنون ، اغار من من لايستحق اغار منه ، اين انا واين هو ، لكن انفاسك التي تخرج من صدرك وتمتزج بانفاسه التي تدخل لصدره ، تلك الانفاس تحرقني ، وهج جسدك بجوار جسده يفقدني عقلي  ، النظرات الطيبه التي تغدقيها عليه وانت تشرحي له العمل يطيش صوابي ، من هو ليجلس بجوارك وتحدقي في وجهه وتشرحي له بصوتك الرخيم الهامس العمل وطبيعته !!!
لااقوي اعشقك بتلك الطريقة ، لااتحمل هذا الارتباط النفسي بك ، لااتحمل قدر احتياجي لك ولا غرامي بك ولا تفكيري فيكي !!!
انت تضعفيني ياسيدتي ، تضعفيني باحتياجي لكي ، لو تركت لك روحي لتحكمت فيها ، منحتيها الحياة والموت ، لو تركت لك نفسي لملكتيها ، ستسعديني ، ربما ، بل الارجح ، لكنك ستملكيني ، ولو قررت غدا او بعد الغد او بعد عشره سنوات ، لو قررت تتركيني ستذبحيني ، نعم اليوم تصالحيني علي روحي وحياتي وتهوني عذابي وتشفيني من وجعي ويتمي وبعثرتي علي كل الموانيء ، اليوم تصالحيني علي الدنيا لكن غدا من يضمن لي انك ستبقي معي ، ستظلي تحبيني ، من يضمن لي انك لن ترحلي مثل امي ولن تهاجري مثل بنتي ولن توجعيني مثل الدنيا !!!
اذن اليوم بيدي انا وليس بيدك ، اليوم علي الرحيل وانا مازلت اقوي عليه قبلما تستبدي وتتحكمي فيه وتعجزيني عن الرحيل وعن الحياه ذاتها ، هذا قراري النهائي الاخير ياسيدتي ، مابيننا انتهي ، لااقوي علي حبك ولا حبك غيرك بتلك الطريقه ، وداعا يامنال !!!
 هكذا قرر مع نفسه ينهي تلك العلاقه الشائكه الموجعه ، الحب حد الوجع ، العشق حد العذاب ، لست صغيرا ولامراهقا لادخل في تجربة جديدة ، كفاني تجارب ، قرر ينهي العلاقه الشائكه ولم يعد امامه الا اخطارها ، سينتقي الالفاظ الرقيقه اللطيفه التي يخبرها بها عن عجزه عن حبها ورغبته في الفرار منها ، سينتقي الالفاظ الرقيقه اللطيفة التي تذبحها وتذبحه وتسطر نهايه لعلاقة كانت جميله وربما كانت ستستمر جميله ، لكنه الوجع الذي لااقوي عليه ولا اقوي علي تحمله !!!
وداعا يامنال ، وجلس علي مكتبه يفكر كيف سيقول لها ان مابينهما انتهي ..
هل هو انتهي فعلا ياراغب ؟؟

( 27 )
الاختيار

ياولد ، انا اخترت لك عروسه زين ، تحافظ عليك ، علي شرفك وعرضك ومالك ، تصونك في غيابك وحضورك ، بت ناس طيبين نعرفهم ويعرفونا ، مليحة ، اخترتها لك تسترك وتحافظ عليك ..
هذه كلمات جدته العجوز التي قالتها له وهي تعرض عليه صفاء ليتزوجها ، البت قليله الخبرة وصغيرة ، شكلها علي كيفك زي ماانت عايز ، طوع وحتريحك ، امها حبيبة امك الله يرحمها وكانت موعوده لك طوله العمر ، اهلها ناس كمل من بلدنا ، وبينا وبينهم نسب ، مش حنلاقي اصل احسن من كده ولا ربايه واخلاق ، سيبك من النساوين اللي انت بتجري وراهم ويجروا وراك ، دول مايعمروش بيوت ولايربوا صغار ، صفاء نقاوتي وتحت عيني من زمان ، مراقباها من وهي صغيرة وعارفه انها الكمل بنت الاصول اللي تعشش ماتطفش !!!
واصدرت جدته العجوز حكمها عليه بالتعاسه !!!
كان تجاوز الثلاثين ويعيش حياته بالطول والعرض عابث سعيد ، تراقبه جدته وهي ترتعش خوفا عليه من الضياع من نساوين مصر اللي مابيعمروش بيوت ، تنصحه مره وتتشاجر معه عشرة مرات ليتزوج ويتلم ويكمل نص دينه ، تعرض عليه عرائس كثيره ، كل واحدة منهن تعشش وماتطفش ، لكنه كان " يطفش " من العرائس وتقل دمهن ويعيش في الحياه باندفاع الشباب ونزقه ينهل من الحياه كل مايرغب فيه من متع ولهو ..
جدته العجوز تكبر اكثر واكثر ، والمرض ينهش ايام حياتها وبوابه الرحيل فتحت استعدادها لمغادرتها ارض الحياة للحياه الابديه ، وقتها قررت جدته لاترحل وتتركه في عبثه وضياعه ، حان وقت الجد ، لازمن تتجوز ياابن بنتي ، مش حاموت واسيبك كده صايع ضايع ، يضحك ، انا ياجدتي، ايوه ياابن بنتي ، انت صايع وضايع وسمعتك شينه وانا عارفه عنك كل حاجه ، وقت الجد حان ، تتجوز وتتلم قبل مااموت اطمن عليك واموت مستريحه اني خلصت رسالتي معاك ، ااقابل امك بضمير مستريح واقول لها وفيت بديني يابتي وربيت وكبرت وجوزت واطمنت !!!
مريضه هزيله ترتعش وهي تخاطبه بحدة ووضوح ، وقت الجد حان ولازمن تتجوز !!!
ليه ياراغب مارفضتش !!
ليه ماقلتلهاش ان صفاء مش عاجباك وانك بتحسها اختك او حتي ااقل ، ليه ماقلتلهاش ان الكذا مره اللي شوفتها فيهم ماحركتش شعره في راسك فازاي حيتقفل عليكم باب واحد وتاخدها في حضنك !!!
مارفضتش وماقلتش ، كانت كبيره وعجوزه وتعبانه قوي ، صعبت علي ، حسيت ان رفضي حيموتها ، قلت اهي زوجة والسلام ، نتجوز ونخلف ونجيب صبيان وبنات ونعيش في تبات ونبات ، وفي الضلمه كل الحريم زي بعض ، ويالا حسن الختام !!!
انصاع لجدته وتزوج صفاء و............ كان ماكان ..
ايام تعيسه عاشها مع زوجه لم تفهم ولم تشعر بروحه القلقه وهي تحترق بتعاستها ، ماتت جدته وهي راضيه عنه ، وتركته غير راضي عن حياته ، صفاء بنت الناس الطيبين الكمل لم تفهمه ، زوجه تقليديه تطبخ وتغسل وتربي الاطفال ، تتدلل عليه مثلما علمتها امها لكن دلالها بلا روح ، وكأنها تصطنع الانوثه فلا تحرك فيه شعره !!!
تحمل وصبر وهون علي نفسه ، قرر ان كل الزوجات مثل زوجته ، وان الزواج نظام اجتماعي فاشل ، وفتحيه زي سنية ، لكنه لم يقوي علي التحمل ولاالكذب علي نفسه ، قرر ينظر في عيون اطفاله ويشبع ويتحمل ثقل دم امهن وبرودها والفجوة بينهما من اجل الاطفال ، قرر لايمنحهن يتما مثل يتمه ولا بيت مكسور مثل بيته ولا انعدام امان مثل ماعاش ، وصبر وتحمل ، لكن عيون اطفاله لم تمنح روحه القلقه طمأنينتها ، قرر يبقي البيت والمؤسسه والاطفال في امان ويرحل بنفسه يبحث عما يحتاجه مع النساء الاخريات ، صاع وعرف نساء وخان زوجته ودخل علاقات وخرج منها وفاحت سمعته السيئه وتكلمت عنها مجتمعات النميمه لكن هذا كله لم يروي ظمأه للحنان الذي يبحث عنه ، العلاقات العابرة والخيانه لم يمنحوه الطمأنينه التي كان يبحث عنها ، يلف يلف وفي نهايه الليل يعود لفراشه ورحم امه يتكور داخله ويبكي ، يتمناها لو ابقت الحبل السري بينها وبين يحميه من حرمانه الموجع!!!
فشلت كل الحيل وانهارت جبال الصبر وطلق صفاء و............ نام يبكي في رحم امه وبدأ رحلة اخري في حياته ...


( نهاية الجزء الثالث ويتبع بالجزء الرابع ) 

هناك تعليق واحد:

مها العباسي يقول...


ابحث عن من تكملني ، عن من تستوعبني وجنوني ونزقي وحمقي وعقلي واوجاعي ، ابحث عن من تحتويني تسرقني تجذبني تشدني تفقدني اتزاني وعقلي تبدد مخاوفي
ربما لانها كل ذلك شعر بالخوف وقرر الهرب
تحاصره بحب يخاف يفقده فيهرب اكثر واكثر