مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الثلاثاء، 11 يناير 2011

وقت اندهشت المنضدة الخشبية !!!!ا




ياعزيز عيني انا بدي اروح بلدي
بلدي يابلدي انا بدي اروح بلدي
فلكور مصري


يااهل مدينتنا
انفجروا او موتوا
رعب اكبر من هذا سوف يجيء
صلاح عبد الصبور


ان أجمل الأنهار لم نرها بعد
وأجمل أطفال العالم لم تولد بعد
وأ
جمل أيام العمر لم تشرق بعد
وأنا لم أهمس في
أذنك أجمل ما أتمنى أن أهمس لك به.
ناظم حكمت




سنلعب اطفال !!!!


( 1 )
التحرر !!!!


تحرر كل منهم من همومه واحزانه وتركها خارج الباب الخشبي القديم وعبره طفلا صغيرا بقلب اخضر وشقاوة ورغبه شديده في النهل من دفءالحياه التي يحاصره صقيعها خارج الابواب ... دخل كل منهم طفل صغير انفلت من كف ابيه وامه وتمرد علي القيود والطاعه والادب واخرج قميصه من داخل "الشورت" وخلع حذائه .. وفكت الفتيات جدائلهن واطلقن لشعورهن الطويله حرية الانطلاق العابث فتناثرت ترسم فوق رؤوسهم تيجان الطفوله البريئه والتقوا مبتسمين فسطعت ابتساماتهم جميعا نجوم متوهجه في ليل موحش ادمنوا خوفه وتجرعوا سمه مع الكوابيس الطويله التي مايفيقوا منها حتي يعودا لها ، فكوابيس اليقظه تخيفهم مثل كوابيس الليل واكثر !!!!
انهم حين تقابلوا كانوا مجموعه اطفال ، بشعور بيضاء وتجاعيد نقشت علي الملامح هم كل السنين التي قرروا جميعا بمنتهي التلقائية التحرر و التخلص منها ولو لبضعه ساعات قليله !!!!


( 2 )
اللقاء ...

في الخارج كان الجو باردا والريح الموجع يخترق العظام بوخز بارد يوهن العزيمة ويدفع للبقاء تحت الاغطيه الثقيلة في المنازل الدافئه بهواءها المكتوم ، لكن الوجع الصقيعي في القلوب الوجلة حرض اصحابهم للتمرد علي دفء البطاطين والبحث عن دفء الارواح ووهج الانفاس وحميمة القلوب المشتاقه للونس والطمأنينة !!!!
اعطي كل منهم لحياته بكل مافيها ظهره في تلك الساعات القليلة ، مع سبق الاصرار والترصد ، خلع الاحمال والاوجاع والهموم واليأس والفزع من فوق جسده المرهق بالاستمرار في الحياة ذاتها وقرروا سيتقابلوا اطفالا ابرياء بقلوب شجاعه ، نعم حتي الذعر الذي يتملكهم ويرج ابدانهم من قمه رؤوسهم لاطراف اصابعهم ، هذا الفزع قرروا يخلعوا ارديته من فوق كواهلهم ويتقابلوا كسرب الفراشات المحلقه فوق المروج الخضراء او قطيع الغزلان الطيبه علي ضفه النهر العذب او كالطيورة المهاجره التي تعلم ان طريقها مازال طويلا لكن تختطف وقتا قصيرا كاستراحة ضرورية قصيرة ، نعم الطريق مازال طويلا لكن الانسانيه الحقه والحفاظ علي العقل يفترضا استراحه قصيره بلا احساس بالذنب ، لسنا محاربين نتمترس في الخنادق ولا نقف علي خط النار ، نعم النيران تحرق ملابسنا وتكاد تزهق ارواحنا ، ونحن نحاول امام الحريق الهائل الذي وصلنا دخانه من بعيد الا نفر!!! نحاول طفي الحريق بانفاسنا المتعبه من لهاث الطريق الطويل ، لكن كل هذا لايعني انه ليس من حقنا استراحه قصيرة نلتقط فيها الانفاس ونعود في نهايه الليلة لاسرتنا نستدعي الكوابيس والهم وننام لنستيقظ نحارب ونحارب ، مااصعب الحياه التي لاتعرف تعيشها الا محاربا من اجل الوجود ذاته !!!


( 3 )
الذعر !!!

نعم ... في الحقيقه هم مجموعه من المذعورين !!!
هم مجموعه من المذعوين ، مثل الملايين حولهم ، لكنهم قرروا يتنكروا لما يخلع قلوبهم ويدميها ، هم
مجموعه مذعورين قرروا لبضعه ساعات ينكروا خوفهم ومخاوفهم ، ويتركوها مع الهواء المكتوم واشباح الكوابيس والصقيع حبيسي البيوت الساكنه كمثل مدن الاموات لاتطرح بهجه ولا تثمر فرحه ولا تسطع بالدفء ولا تتجمل بالامان ، هذه بيوت مدينتنا .... وهذا نحن وهم ..... هذه حكايتنا وحكايتهم !!!
فحين يتملك الخوف من القلوب والارواح والنفوس ، يجتاح الذعر المدينه الصاخبه ويصبح كل انسان فيها غريب ، غريب مهما تصور انه يألف الشوارع والبشر ، فالغربه من روحه لارواحهم ترتد كصدي الصوت في الصحراء الموحشه المخيفه ، حين يتمكن الخوف من القلوب والارواح والنفوس لايبقي للبشر المرتاعه الا الاحضان الدافئه ملاذا اخيرا ووحيدا يبحثوا عنها باصرار وتحدي ، تحدي لكل الوحشه والوحدة والهم الساكن بين الاضلع والمتربص بالانفاس ، الاحضان الدافئة هي الامل الوحيد والممكن حتي اشعارا اخر ، فالحياة موحشه لحد اقوي من التحمل والهم ثقيل والاسئله كثيرة بلا اجابات وذعر صامت يحتل الاحلام والخيالات والامنيات ولااحد يشكو ولا ينطق لكن الكل يعرف ان القلوب تئن من اوجاعها ، هنا لايكون امام البشر القابضون علي انسانيتهم كجمر النار الحارق الا التمرد علي الصقيع والبحث علي الالفة والدف ..... والارتداد التلقائي الفطري لسنوات البالي الخالي والحياه الملونه والساحرات الطيبات وسحرهم الجميل يخطف المحظوظين لكتب الحواديت ومحلات اللعب والحدائق الواسعة والطمأنينة !!!!
في مديتنا الصاخبة الموحشة المسكونه بالاشباح ، لايملك المذعورين الا اختيار الطفوله البريئه سياجا يحميهم من السقوط ومن الجنون ومن الاكتئاب ، وهكذا كانوا وهكذا صاروا ... اطفالا بارادتهم رغم الشعر الابيض والهم ، اطفالا لا يكترثوا بكل مايحدث حولهم حتي لو رسموا علي ملامحهم تعبيرات خادعه بانهم يهتموا باي شيء خارج لحظتهم المسروقه من هم الدنيا ووحشتها !!!!


( 4 )
الفرار

اه منك يامدينتا وقتما تقسي علي اجمل ابناءك فتشنقي احلامهم البسيطه الصغيرة علي بواباتك وتخنقي عافيتهم وتمردهم داخل زنازين خوفك وتحاصري افكارهم وخيالاتهم داخل سراديب قلاعك القديمه وتهدديهم بالنفي والطرد والخرس والوحشه ، اه منك يامدينتنا وقتما لاتعرضي في فتارينك الزجاجيه الفاخره الا ثياب الحداد وثياب العهر وتخيرينا بين المراثي وبين المساخر وتكتبي بابجديه لم نتعلمها وتغني باصوات تنفر الغربان من فوق الاشجار وتوقظ الموتي فيلعنوكي ويلعنونا وتصلبي الشعراء عبرة لمن تسوله نفسه يمجد بحب ابناءك المغيبين بالمشاعر والعواطف ، اه منك وقتما تصري علي منحنا قبحا لا نستحقه ولم يوصم ملامحنا لكنك تقعري مراياتك فلانري فيها الا قبح تمنحيه لنا بكل اصرار بعدما خزئت عيوننا باسياخ الخوف والصمت والتوجس والريبة والانكار .... اه منك يامدينتنا ، وقتما تمارسين قسوتك بمنتهي الوجع ، فتحاصري الفقير عاريا في مربع فقره وتعلقي الطيب علي احبال الوهم وتهددي المحب بالنفي خارج الجدران والزمن وتخلعي الايمان من القلوب وتزرعي فيها الوجل والخوف والرغبه في الفرار ، اه منك يامدينتنا وقتما تفتحي اسوارك وابوابك للاعداء وترحبي بهم علي دقات الطبول وتأسري لهم النساء وتلبسيهم ثوب الجواري وتعتقلي المؤمنين بالله وافكارهم وتعدي مقاصلك للاخوه تخوفيهم ليعترف كل منهم علي اخيه وعلي نفسه انه الخائن الذي باع مفتاح المدينه لاعداءها ، اه منك يامدينتنا وقتما ترتدي علي وجهك الطيب الذي نحبه اقنعه الوحوش وتزأري بصوت مخيف فيفر الجبناء ويلتعثم الشعراء وتفر الابجدية من الاسطر ويسود الخرس !!!
اه منك يامدينتنا في ذلك الوقت .... لايكون امام اجمل ابناءك الا الفرار للانسانية والارتداد اللحظي للطفوله وكسر اغلال الروح وتحريرها بضعه ساعات ، فقط بضعه ساعات ، ليسرقوا من الزمن الماضي بعض السعاده ويختلسوا من المستقبل البعيد بعض الطمأنينه فيعيشوا ويتحملوا وحشه الحاضر الذي يتمنوه ينقشع بغمته عن سماء حياتهم!!!!

( 5 )
التمرد !!!!

من تلك المدينه الصاخبه المخيفه المسكونه بالاسئله والوحشه خرج ابطالنا وبطلاتنا من منازلهم ليلا ، متمردين علي الحياة التي تأسرهم ، يبغون لقاء رتبوا له باصرار ودأب ، ربما لو كانت لياليهم السابقة سعيده هانئة ما تحملوا عناء الخروج من تحت الاغطيه الدافئه ، لكن الليالي الهانئة سراب لم تمنحهه لهم حتي اعذب الاحلام ، البيوت تشكو من الهم والاغطيه عجزت عن تدفئه قلوبهم والاسئله الكثيرة والمستقبل ضبابي والهم ثقيل و.......... يالا نتقابل .... يوم 8 الساعه 8 ترابيزه 8 ..... وكانت البدايه موحيه ببهجه وبراءة وكثيرا من التمرد !!!

وفي الميعاد المحدد وربما قبله ببضعه دقائق ، دقت الاحذيه علي السلالم العتيقة خطوات تبدو جاده خطوات قويه تطغي علي صدي نبضات القلوب المتشوقه للطمأنينه والدفء ودخلت الابتسامات للمكان الواحده تلو الاخر ، ابتسامه كبيره يعلوها شنب اكبر ، ابتسامه مرتبكه ملونه بروج هادي ، ابتسامه واسعه بلا الوان ، ابتسامه رقيقه مثل صاحبتها ، ابتسامه مليئه بالتحدي كملامح الوجه الذي تزينه بنورها .... دخلت الابتسامات للمكان متلاحقه مرسومه علي وجوه غرباء لايعرفوا بعضهم بحق ، نعم هناك بعض المعرفة وبعض التقارب لكنه في الحقيقه لقاء بين الغرباء ، لقاء بين غرباء قرروا في تلك الليله في ذلك اللقاء كسر حواجز الغربه وحرق المسافات والانصهار في بضعه ساعات يقضوها وكأنهم ولدوا معا ونضجوا معا وكبروا معا وهرموا معا وعاشوا كل ايام الحياة معا !!!! نعم في تلك الليله وتلك الساعات لامجال للغربه ولا الاغتراب ولا الصقيع ولا الوحشه ولا الهم الثقيل ولا الوجع الموحش ، لامجال للبحث عن اجابات للاسئله التي ضيعت العمر في البحث عنها ولا مجال للحذر المشوب بالتوتر ولا مجال للصمت المنتظر فرصه تأمل او وقت للتعارف ، لاوقت للتعارف ولا للتقارب ولا للحذر ولا للفهم العميق ، كلهم ضحايا كافه اشكال الوجع الذي يثقل الكواهل فتنوء باحمالها واليوم القوا بالاحمال خارج البوابه الخشبيه وخلعوا الاحذية وفككوا الجدائل وارتدوا ثياب طفولتهم وبرائتهم وجلسوا معا وكأنما وقع عليهم الاختيار الجبري ليكونوا صغارا علي دكك خشبيه في فصل واحد لايملكوا الا التعارف والتقارب والانصهار والامتزاج والاقتراب ومنح الدفء لبعضهم البعض وليسقط الصقيع والاغتراب والهم !!!!

( 6 )
الفرحة !!!

لو ان غريب عبر تحت النافذة الموصده التي كانوا يجلسوا بجوارها ، هؤلاء الاطفال الكبار ، لسمع صوت ضحكاتهم زلزالا يقوض جبال الخوف والوحشه والبرد وتصورهم سعداء لايكترثون بالحياه وهمومها ، ربما سبهم لان الدماء التي تجري في عروقهم بارده مثل ضحكاتها الصاخبه في الليل الدامس ، كيف يضحكون رغم الهم الراسخ علي كل القلوب ، سؤال سيسأله الغريب العابر لنفسه ولن يجد اجابته فيسبهم غيظا ويكمل طريقه الوعر الموحش ، ربما حقد عليهم لانهم لايبالون للدنيا هما ، فمن يحمل قليل من الهم لن تطاوعه ضحكاته مثل تلك الصاخبه التي يطلقوها واحده تلو الاخري عاليه في الليل الساكن المسكون بالذعر والقلق ... لو ان غريب مر تحت النافذة الموصده لن يشعر الا بالدهشه!!! هل مازال في هذه المدينه اناس يقبضون علي بقايا انسانيتهم ؟؟؟؟!!!

حتي المنضدة الخشبية التي كانوا يتحلقوا حولها ، ويلقوا عليها بحقائبهم واوراقهم ويستاندوا عليها باذرعتهم واكفهم ، تلك المنضدة الخشبيه اندهشت من كل ماتراه ، احست توه وحيرة واندهاش مما تراه وتسمعه وتحسه ، وكانها غادرت ذلك المكان الذي حوله رواده الاخرين لقبر يبكوا علي شواهده كل احزانهم ، كانها رحلت من ذلك المكان بجدرانه البيضاء وزينته الشاحبه ونُصبت في مرج اخضر تتلاعب النسائم باشجاره فتفوح الورود عطرا وتتالق الشمس وهجا وتنتشر الطمأنينة ، حتي تلك المنضدة الخشبية عانت طيله تلك السهره من اندهاشا واستغرابا لحد عدم التصديق ، هل هؤلاء الاطفال الصاخبين بضحكاتهم العالية وملامحهم السعيده وابتسامتهم المنفرجه من الاذن للاذن ، يجلسون علي ضفافي في ذلك المكان الذي فرض عليه رواده وحشه وحزن لا تنتهي ، تعجبت المنضده الخشبية من ضيوفها ، لايرتدون ثياب الحداد ولا يجففوا دموعهم في مفرشها الابيض ولا يتقيئون علي ارجلها ولا يندبون حظهم العثر ولا واقعهم الكئيب ولا اوجاعهم المتجدده ، ظنت المنضده الخشبيه انها سرقت لعالم رحب كانت تسمع عنه وقتما يفتح دفتر التاريخ صفحاته ويحكي لها عن بعض الايام النادره القليله في حياة تلك المدينه وقتما سطعت الشمس بالنهار وتوهج القمر بالليل ومنحت احضان العاشقين للعشاق مذاق اجمل كل ليالي الغرام ، انها الصفحات الموشومه بالطمأنينه وقتما كان الوطن وطنا واما وحضنا وقتما كان الانتماء للوطن عباده والعباده لله الرحيم سرا لايدس الاخر انفه في طقوسه ومناسكه ومعناه والجيران لاتغلق ابوابها ولاتخاف من الغرباء ، في ذلك الوقت عاش البشر حياه انسانيه لطيفه ، وربما جميله ، يعملوا وينتجوا ويبدعوا ويتنفسوا بكل حرية ، في تلك الصفحات كان الضحك الصاخب يقهر مرثيات الحزن ويطفشها خارج الجدران والحدود ، وكانت المناضد الخشبيه تفرح بروادها وزائريها وضيوفها ، ياتون للاحتفال لليلا بالنجاحات النهاريه الصغيره ويضحكون من قلوبهم ويبتسموا براحه وملامحهم طيبه مثل ايامهم ، ا
لمنضدة الخشبية اندهشت مما تراه ، لكنها الدهشة المزركشه بالفرحه ، عجبا حولي يتحلق سعداء ، هكذا ظنت او قررت !!!

( 7 )
التجاهل !!!

اه منك يامدينتنا ... لماذا تعطينا ظهرك وتصم اذنيك عن شكوانا ... لماذا تتجاهلينا وكأننا الغرباء ونحن اصحاب الوطن ورفقاء دروبه الشاقه ...لما لا تبتسمين في وجوههنا وتعفري اشجارك ووردك بتراب شاحب يخنقنا وتخيم سحبك الرماديه في كل نهارياتنا !!!
لماذا يامدينتنا تقتلي الشعراء والحكماء وتخلدي السفهاء وتمجدي التفهاء وتكرهينا !!!
الايشفع لنا في مقامك حبك الذي يوجعنا ، الا يشفع لنا في رحابك بقاءنا في ارضك كالاشجار العجوز والمسلات ، لاتقتلعها الريح العاتيه مهما ضربت في جنباتها ... لماذا يامدينتنا محوت تاريخنا وزيفت تاريخا جديدا لم نعشه ، لماذا محوت افراحنا وتركتي لنا في صفحاتك كل الهم ، همنا وهم كل من مر عليك وراوغتيه ولم تمنحيه ابتسامتك ولا حتي الامل في انتظارها !!! لماذا يامدينتنا اخرست اصواتنا وصممت اذنيك وقت تحاملنا علي انفسنا وهتفنا بحبك ، لماذا اعطيتنا ظهرك وقسوت علينا ونحن العشاق والمحبين !!!
اه منك يامدينتنا وقتما تغلقي عقلك وقلبك في وجوههنا وتطاردينا في ازقتك ونحن نفر من قسوتك لحنانك نبحث عنه ونتمناه ...
لاتغضبي منك حين نخلع من رؤوسنا العقل وننزل عن اكتفانا عبء حبك ونرحل !! الن تغضبي !!!! ياقاسيه ياموحشه ياحبيبه ياغاليه يامن تعذبينا وتستمعي بعذابنا ، الن تعودي فنعود ؟؟!!!!
اه منك يامدينتا .... سنلعب اطفال حتي تبرئي فنبرأ ، وحتي تفتحي احضانك فنرتمي فيها ، وحتي تسمعي شكوانا ونجوانا واغاني عشقنا فتشفقي علينا وتخلعي اقنعه القبح من فوق وجهك القبيح وتمنحينا اجمل ابتساماتك !!!! حتي تعودي فنعود ..
سنلعب اطفال ، هل ستلعبي معنا ؟؟!!!!

( 8 )
الوداع

تبادلوا الاحضان والقبلات والمصافحات القوية وتحركوا بنفس الهمة والحماس في طريقهم لاستئناف حياتهم والعوده لما كانوا عليه ... نعم الساعات الجميله مرت بسرعه ، منحتهم كل ماكانوا يتمنوه واكثر ، دفء تسلل لارواحهم وفرحة رسمت ابتساماتها علي ملامحهم وقوة تساعدهم علي التحمل والاستمرار في الحرب الغاشمه التي شنتها عليهم المدينه التي صارت موحشة ، الساعات الجميله مرت بسرعه ، لااحد يعرف بالضبط مالذي حدث في تلك الساعات ولا سرها ، لااحد يعرف كيف منحتهم تلك الساعات يقينا بان الحياه التي يعيشوها تستحق الحرب التي كانوا يخافوها ، لااحد يعرف كيف هزمت تلك الساعات مخاوفهم وخوفهم ، كيف هدهدت ارواحهم فسكنوا لانسانيتهم ولم ينكروها ولم يعتبروها وصمه عار ولا نقط ضعف ولاكعب اخيل الذي سيرديهم مهزومين ، لااحد يعرف كيف ضمدت تلك الساعات جراحهم القديمه ونظفتها من القيح وتركتها في سبيلها للتعافي والشفاء ...

في تلك الساعات التي قضوها ، هطلت عليهم السعادة امطارا روت ارواحهم للتواصل الانساني الصادق ، لااخاف منك ولا ارتاب فيك ، لن تقتلني ولاانتظرك بخنجري لاطعنك ، لاانافقك ولا تملك تجبرني اتودد اليك ، كل ماعشناه في تلك الساعات حقيقي ... ارتددنا اطفالا وخلعنا ارديه الخوف وتمسكنا باهداب الامل المتصاعد من نفوسنا التواقه للبراح والانصاف والبهجه ، ارتددنا اطفالا والتقينا .. تكلمنا فيما رغبنا فيه بلا خوف من التربص وبلا وجل من الكراهية وبلا ارق من الاحكام المسبقة والنفاق ، ارتددنا اطفالا باراده جماعيه ، اليوم فرح ولهو وغدا ، نعم غدا ، لن نسمح للمدرسه تعاقبنا وتدس وجوهنا في الحائط وسيعمل كل منا الواجب عليه بابرع طريقه ممكنه وكل الذكاء والصبر !!!

ارتددنا اطفالا باراده جماعيه .... لم نأكل بنهم لان الارواح سعيده لا تبحث عن شهيه لاتجدها فتدس في جوفها سما يوجعها وكانه السعاده ، شربنا الماء البارد فسكرنا واطلقنا لعقولنا عنان حدودها وضحكنا علي نكته بسيطه جمالها قدرتها الفائقه علي كشف مواطن انسانيتنا التي خبئناها عن اعين الاعداء والغرباء والمتلصصين والبصاصين ... ارتددنا اطفالا ابرياء فكأننا لعبنا كوره ونطينا الحبل ورقصنا علي نغمات الاعلانات وخرجنا من الاوضه الضلمه نصرخ من الفرحه لاننا نجينا من قسوه اللعبة واحكامها الصارمة ... كأننا فرشنا قضبان القطار علي الارض وتحلقنا حولها وقطارنا الصغير ببطارياته ينهب القضبان والارض ويطلق صافرته زهوا ونحن نصرخ بصوت اعلي من كثره الفرحه والسعاده ... كأننا جلسنا علي شاطيء البحر نبني قلعه كبيره بسور عالي يحميها من الاعداء وزينا بواباتها بالقواقع والاصداف واوراق الياسمين وقسمنا الادوار علينا من يحفر ومن يبني ومن يجلب ماء ومن يزين ومن يتابع بكل سعاده وفرح .... كأننا اجتمعنا في بيت العائلة يوم العيد نرتدي ملابسنا الجديدة واحذيتنا اللامعه فرحين بالعيدية والاكل البيتي ولمه الاسرة ودفئها ..... انها بضعه ساعات اقتنصوها من انياب القسوة وتسللوا بها خارج بوابات الوجع وافترشوا العابهم وبراءتهم علي قارعه الطريق لايخافوا من الغرباء .... مجرد بضعه ساعات من الانسانية!!

( 9 )
الانتصار

حين انفرد كل طفل كبير بنفسه ، في طريق عودته لمنزله ، انتبه لابتسامه مرسومه علي وجهه وعلي قلبه فقرر ان يتصل ببقيه الاطفال في اليوم التالي يدعوهم للقاء ثان ، يمارسوا فيه طفولتهم وانسانيتهم وينتصروا مرة ثانيه وثالثه وعاشرة علي المدينه الموحشه التي يحبوها ولا تطمئنهم !!! حين انفرد كل طفل كبير بنفسه ، احس بالطمأنينة التي كان نسيها واجتاحه الامتنان لان لعبه الاطفال اثمرت دفئا عجز الكبار الاف المرات عن نثره في الجو وفي الارواح!!!!

( 10 )
الاندهاش !!!

حين القي السقف المزين برسوماته الباهته القديمه برأسه لينظر لضيوف القاعه التي كانت - قبل ضيوفها الاطفال - لاتعرف الا ضحك السكاري ودموع الحياري وهم المكتئبين ، لم يصدق السقف مايراه ، اناس حقيقين ، يضحكوا ويضحكوا بانطلاق وحيوية وكأنهم سعداء ، تعجب السقف مما يراه ، بل هم سعداء ، اختلوا بانفسهم بضعه ساعات قليله ليتعافوا فتعافوا فعلا من امراض الوطن التي استشرت في ابدان الجميع فكسرت عظامهم وقلوبهم ، هؤلاء السعداء يبدوا وفقا لقوانين الزمن الغبي الموجع وكأنهم غرباء فرقت بينهم الاكاذيب والغباء والكراهية ، لكنهم مجموعه سعداء ....
كانت المقاعد فرحه بضيوفها السعداء ، وكادت تلح عليهم يبقوا اكثر مما بقوا ، لاترحلوا ، فغدا سيأتي فريق من الاكتئابيين بكلماتهم الكاذبه الجوفاء ومرارتهم اللاذعه يحتلوني وينشروا السم بكل براعه في ارجائي وحولي ، ابقوا اكثر ، فحتي انا ممن كنت اظن نفسي اعتدت الهم اكتشفت اني اكرهه واحب الفرحه لكني لااعثر عليها ، ابقوا اكثر ، فساعات الفرح قصيرة مهما طالت وانا اسيرة المدينه الموحشه وضحاياها الحزاني المكتئبين !!!!
كانت الاكواب الزجاجيه الرخيصه والاطباق فخورة بمشاركتهم تلك الليلة وساعاتها الحنونة ، كانت الجدران تضحك واللوحات القبيحه المرسومه عليها تتمايل زهوا فصدي الفرحه الذي تتنفسه مجموعه السعداء ازاح الاتربه والهم من فوق الاماكن ونظف الهواء من التلوث والغازات السامة وغسل السلالم واضاء الانوار فسطعت وكان الشمس غافلت الليل وتسللت للقاعه وسطعت علي كل الوجوه ابتسامات فرحه !!!
حدق السقف في ضيوفه وابتسم ، يتأمل الوجوه والارواح والاصرار علي اختلاس بضعه ساعات السعاده ولو كانت قصيرة ، من هم هؤلاء الضيوف ، ابتسم اكثر وصوت ضحكاتهم يرج الجدران والارض ، من هم هؤلاء الضيوف ،
ربما اطفالا ربما ناضجين ، لكنهم مجموعه سعداء متجانسين رغم الاختلاف الواضح ، نساء اطلقن شعورهن ويزين صدورهن بصليب صغير يعرف الاخرين المكان الذي يتعبدون فيه ، ونساء اخريات يخبئن شعورهن تحت حجاب واخريات يعلقن علي صدورهن ايه الكرسي وكلهن منسجمات متوافقات وكأن الامطار هطلت علي قلوبهن جميعا فاثمرت حبا شح وجوده في تلك المدينه التي كانت طيبه ولم تعد ، رجال دخلوا المكان بعدما انتهوا من صلاة العشاء واخرين يلون الصليب الازرق اذرعتهم وجميعهم يعبدوا الله والوطن بنفس الطريقة وبمنتهي الاخلاص ، انهم مجموعه من السعداء ، ربما اكبر مصدر لسعادتهم انهم قهروا الاعداء الاغبياء الخونه ممن حاولوا بكل الطرق تنفيرهم من بعضهم البعض وكأنهم فرق متشرذمه تتربص ببعضها البعض ليهزموا جميعا ، ربما اكبر مصدر لسعادتهم انهم توحدوا واقتسموا لحظه الفرح ، فانت لاتتشارك في الفرح الا مع الاحباء ممن تطمئن لهم !!!! تعجب السقف اكثر واكثر واغمض عينيه يستمتع بتلك اللحظه التي يقتسم بهجتها مع مجموعه السعداء !!!!
حين بدأ اللقاء ، كانت الارواح متعبه والمكان ينتظر كعادته دموعا ونحيب !!!
وحين انتهي اللقاء ، برات الارواح من وجعها وتمايل المكان فرحا بضيوفه الذين فاجئوه باصرارهم علي السعاده حتي لو كان بضعه ساعات قليله !!!!!

( 11 )
الرحيل

للشوارع التي كانت موحشة تقطر دمعا ، خرج الاطفال عائدين لمنازلهم !!!
علي عتبه الباب الخشبي قرروا يرتدوا همومهم التي خلعوها ، يرتدوها ويعودوا لحياتهم العادية الموحشه التي كانت وستظل !!! او هكذا ظنوا !!!
لكنهم لم يجدوا الهم الذي تركوه علي قارعه الطريق !!!
وحين اعطا كل منهم للاخر ظهره ، لم يخاف مثلما عاش خائفا ، بل اجتاحته الطمأنينه كحضن الام وقت تقبض علي الابن المرتاع بالكوايس وتطمئنه !!!
وحين ساروا في الشوارع التي يعرفوا شكل وحشتها لاحظوا علي وجهها ابتسامه صغيرة!!!
وحين دخلوا اسرتهم زارتهم الجنيات الطيبه ومنحت كل منهم قبله وورده وبيتين شعر وعلم للوطن الذي يحبه واوصته يلوح بيه وقت الفرح ، وحين سالوا الجنيات ، ومتي هو وقت الفرح ، اجابتهم وقت الفرح قريب استعدوا له !!!ا
وحين استيقظوا من نومهم صباحا ، لم يجدوا الشعر الابيض ولا التجاعيد وعادوا اطفالا بقلوب خضراء !!!!
فتحوا نوافذهم فوجدوا المدينه مازالت موحشه وحزينه ، فلوحوا بالعلم ربما يأتي وقت الفرح !!!
ومازالوا يلوحوا بالعلم ويضحكوا وينتظروا ميعاد لقائهم القادم بكل شوق ولهفه !!!! ومازالوا يلعبوا اطفال وينتظروا وقت الفرح لياتي يصالحهم علي المدينه التي احبوها ومازالوا وسيظلوا !!!!

( 12 )
الحلم !!!!

وكأنك يامدينتنا تحبينا بحق !!!
كأنك تحبينا وقررت تعطينا وجهك الجميل !!!

هناك تعليقان (2):

منال أبوزيد يقول...

أميرة
بعد "الفرحة" يأتي "التجاهل"
اليس هذا منتهى القسوة؟
يـُـقتل الشعراء.... تمزق الاوراق
وتكتم الانفاس....
هي قاسية... موحشة... لكنها في النهاية حبيبه
أهكذا يكون الاحباب؟

رائعة يا أميرة

الحسينى يقول...

"مااصعب الحياه التي لاتعرف تعيشها الا محاربا من اجل الوجود ذاته"
غريبة مدينتهم الحياة فيها مثل العشق أو كإدمان مهما تعذبت لا تستطيع التوقف عنه كذلك هى الحياة فيها.
مهما قست وأظهرت وجهها القاسى يظل المخلصون لها كأطفال يعرفون أين السعادة يتجمعون حول لعبة صغيرة وقطعة حلوى ويخبئون أسرارهم الملونة الصغيرة فى صندوق فى مخبأ سرى أو ملجأ سحرى يصنعونه بغطاء سرير وشمعه يتبادلون حولها حكايا مبهجة طوال الليل وعندما يحل الصبح يعودون أطفال كبار يرتدون المعاطف الرمادية الكئيبة ويحنون لموعد سرى فى الليلة التالية حول شمعة.
جميلة جداً
تقبلى تحياتى.