مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

حين نعقت الغربان فوق شجرة اللمون !!! ( الجزء الاول )



وكل شيء بينسرق مني
العمر من الايام
والضي من النني
وكل شي حواليه يندهلك
جوايا يندهلك
ياتري بتسمعني
وفينك
بيني وبينك احزان وبيعدوا
بيني وبينك ايام وينجضوا
شجر اللمون دبلان علي ارضه


كام عام ومواسم عدوا
شجر الليمون دبلان علي ارضه

( 1 )

العتمة تحتل الغرفة وايضا الاشباح !!!
الضوء الشاحب المعتل المتسلل من خلف قضبان نافذتها لايبدد الوحشه ولا يطرد الاشباح !!!
مازال شبحه يطاردها ، يأتيها كل ليله باعتذرات كثيرة وبباقة ورد لاتقبلهما منه ، تطرده فيأتي ثم تطرده فلا يغادرها ويبقي في الغرفه خلف القضبان بعيون مقهورة يناديها ، تستيقظ من النوم مثل كل ليله ، تسمعه يناديها ، بعيون كسرها القهر يناديها ، يستسمحها ، يطلب غفرانا وصفحا وحبا واملا ، تبتسم ، لحوح لدرجه تسعدها ، لكنها لاتقبل اعتذاراته ولا تاخذ منه باقه الورد وتطرده ، وتفتح عينيها ، مازال أذان الفجر بعيدا والليل طويل والعتمه تحتل الغرفه والاشباح !!!
ها هي سنوات عمرها الكثيرة تطاردها ، ترسم عارا للاسره لايمحوه الا عريس ينقذهم من وجودها ، لكنها لا تشفق عليهم ولا تقبل اي عريس يطرق بابهم حتي انفضوا عنها وتركوها تكتب بانتظارها الطويل لقبا جديدا لم تعرفه اسرتها وبناتها ، لقبا جديدا منحته لها القريه وعجائزها بمنتهي الكرم ، عانس ، اشفاق يحاصرها واسئله بلا اجابات ، اتهامات لا تنفيها ولايملك احد يؤكدها ، شيء واحد يعرفه الجميع ، اسرتها واهل القريه وامه ، انها لن تتزوج اخر حتي يعود ، لكنه حتي الان ورغم كل السنوات لم يعود !!!! تري سيعود !!! لاتقبل اعتذاراته في الحلم ، لن يصالحها الا انفاسه التي اشتاقت اليها وحضنه واسمه وعودته ، لاتكترث بالعوده ، مهزوما منتصرا ، لايهم ، المهم يعود !!! لكنه لم يعود !!! ومازالت تنتظر !!!
يزورها الغراب في الحلم ، تهشه وتستيقظ حزينه تبحث عن كروان يؤنسها يطمئنها يبدد وحشتها !!!
لكن الاشباح تحتل الغرفه والغربان تحتل الحلم وهي مازالت تنتظره ولم يعود بعد !!!!

( 2 )

في فراشها ، تتقلب ، كأنها نائمه لكن النوم غادرها ، تغرق في سبات مزعج ، تحلم احلاما لاتفهمها ، تستيقظ برهه وتغرق في النوم ثانيه تتمني تنام بحق او تستيقظ وتقوم ، لكن جسدها المرتخي بالارهاق لايطاوعها وعقلها المشغول بالفكر لا يكف عن ازعاجها ، فتبقي ساعات في فراشها نصف نائمه ونصف منتبه وصداع يكسر راسها تعرف دقاته ومعناها ولا شيء اخر تعرفه !!! ومازال الليل طويل!!!
تغيب في نوم متعب تكرهه وتحلم باعتذاراته وعودته ، لكن لم يعود والنوم يغلبها والاشباح تحتل الحلم وتحتل الغرفه وتحتلها و.... تتسلل الشمس علي استحياء لغرفتها ، الضياء يسكن الغرفه ومقلتيها ومساحات الحلم ، تضيع الملامح في الباهت ويطغي الباهت علي كل التعبيرات وعينيها المغلقتين لايرتاحا ولا تهدء المقلتين عن الدوران في محارهما والنوم عزيز !!!
نسمه بارده تدفع ضلفه الشباك وتقتحم دفئها عنوة .... ترتعش الروح في الحلم وتختبيء فزعه تحت البطانيه وجلة من النسمه ومن الضياء ومن طغيان الافكار وتقاوم بعنف الارق واليقظه والفكر المزعج وتكمل نومها جبرا وقهرا ...

( 3 )

هناك ........ في البلدة الصغيرة البعيده المدفونه في رمال الصحراء ، كان يجلس علي فراشه متعبا ارقا ، لايجد النوم ، يتمني يعود لحضن امه ويبكي ، لكن غادرها ورحل ، وعدها بالعوده سريعا لكنه لم يف بوعوده ، خذلها بالغياب الطويل الذي لايعرف اخره !!! يجلس علي الفراش عاري الصدر هش الروح غريب في بلاد غريبه ، يتمني يعود لبلدته وحقول القمح الذهبيه يجلس علي شط الترعه تجري مياهها السوداء العفيه توزع الرزق والخصوبه علي الارض والارواح ، لكنه بعيد عن بلدته وعن ترعتها ، كمثل مجرد ذرة رمال صفراء بعثرتها الريح العاتيه في الهواء ، لااحد يراها ولايشعر بها ، لعنه الله علي الغربه !!! هكذا قال لنفسه وهو علي فراشه جالس يستجدي النوم ويرجوه يحتله ، يتمني يبكي ، لكن دموعه جدبت مثل روحه وقت غادر وطنه للبلاد الصحراويه الغربيه الغبيه ، لعنه الله علي النقود التي اخرجته من حضن بلدته لاشواك الغربه ورمالها الصفراء ...
يتمني يشرب كوب شاي من يد امه ، محلي بابتسامتها ، يتمني قطعه بسكوت عجنتها بحبها ومهارتها ، يتمني يجلس في فراندة بيتهم القديم ، يجلس تحت شجره الياسمين يشرب الشاي الساخن يدفء بروده صباحه المنتعش بالامل والصحبة ، يبحث عن ابتسامه امه ، يتمني يسمع صخب ضحكات الفتاه الجميله التي احبها من خلف قضبان نافذه بيتها العالية ، صخب ضحكاتها يعطي نهارياته المبكره مذاقا جميلا ويمنحه مزاجا بديعا ، لكنه في الغرفه المغلقه الصغيره في البلده الصحراويه البعيده وحيدا محروما من امه وشايها ومن جارته الجميله وصخب ضحكاتها ، محروم من اصيلة ومعتقل داخل نفسه وداخل اختياراته التي يكرهها ولايقوي علي تغييرها !!!!

( 4 )

يصبر نفسه وهو وحيدا مهزوما يبتلع الرمال الصفراء من هواء الصحراء الشاحب العليل ، سيعود يوما ، وقتما يحقق الانتصارات التي دفع الثمن الغالي لتحقيقها ، لن يعود مهزوما مكسورا يشمت فيه الاصدقاء ويعايروه بالسنوات التي ضاعت من عمره ولم يجن فيها حتي الان الا الانكسار وضياع الروح والهزيمة ، سيعود لبلدتهم منتصرا ، هذا هو القانون الذي لن يخضع الا له ، سيغيب قدر ما يغيب ويعود منتصرا ، والانتصار يعني الاصفار الكثيرة في الحساب البنكي والثروة التي ترفع هامته لمكان عال لايتصور احد ان يصل اليه ، اي شيء غير هذا هزيمه لن يقبلها ، ففي الزمن المتوحش لن يساوي شيئا في نظر الجميع الا ان كدس الاموال في البنك ، بغير هذا سيكون مثل الملايين التي يشفق عليها ، سيكون مجرد صفر علي الشمال لااحد ينتبه لوجوده مثل ذرات تراب الطريق التي يدوس عليها الجميع ولااحد يشفق عليها !!!
بتعجب حمزة من حاله وماصار اليه ، هاهو يسير علي طريق انتصاره والفرار من هزيمته وفقره لكنه عليل النفس شاحب الوجه بلا روح ، في بلدته وقتما كان مجرد ذره تراب ملقاة علي الارض مثل الملايين غيرها ، لا يكترث به احد ولا ينتبه لوجوده كان عفيا متمردا مشاكسا قويا يحب الحياة وينهل من رحيقها بكل نهم ، اما الان في البلاد البعيده المدفونه في الصحراء و حينما صار مجرد ذره رمل صفراء تتبعثر طيله الوقت برياح العاصفه لكنه ثريا او كاد يصبح ، هرمت روحه وجدبت نفسه واعتل رغم كشوف البنوك المليئة بالاصفار الكثيرة التي طالما تاق اليها باعتبارها نصره الساطع علي الواقع الرديء والهزيمه الذي فر منهما ...

( 5 )

مازال جالسا فوق الفراش يستجدي النوم علاجا لملل الاجازه الطويله التي بدأ يومها منذ ساعات ، يكره الاجازات ، تفضح ضعفه ، وسط الشغل وفترتيه الطويلتين ووسط الصخب والانسحاق تحت تروس العمل واوامر صاحبه لايجد وقتا ليفكر ، لكن الاجازه تفضحه ، تعري بدنه المزركش بالجروح النافذه ، تكشف وحدته وعورات روحه ، هش وضعيف وحيد وغريب ويتمني ينام وعاجز عن الراحه ، لاراحه يشعرها الا في حضن فراشه المعدني العتيق في البيت القديم القريب من الترعه الصبية ومياهها المتدفقه بالخصوبة والحياة ....
كان يتمني يبقي في بلدته لايغادرها ابدا ، لكن الحلم المذبوح بتلامة الواقع طرده من امام الترعه الخصبه لرمال الصحراء ، عقد عمل ودعوات امه واحلام بالثراء يسيل لها اللعاب ، كل هذا خلعه من ارضه للصحراء ، وقتها وبحسم وبمنتهي الاستعجال خوفا من تردد يعجزه ، لملم كتبه وافكاره ودفن احلامه وقرر يترك شاطيء الترعه وصوت النايات وضحكات اصيلة ويرحل للمدن المزروعه قهرا في رمال الصحراء ، مدن جدباء كأرضها تحن للبشر حنين الارض العطشي للمطر ، بسرعه قرر يقبل العمل ويرحل للصحراء ، سينتحر هناك بضعه سنين ويعود حيا بنقود كثيره تحقق احلامه في بلاده التي لفظته وقهرت احلامه ، سينتحر سنين ويعود للحياه مقبلا عليها اكثر عنفوانا وقوه وقدره ومحفظه مليئه بالكروت البلاستيكيه وارقام حساباته في البنوك ، تلك الحسابات المتخمه بالعملات التي تشتري اشياء كثيرة وتشتري كل شيء...

( 6 )

لحظه الرحيل بكي في حضن امه وودع اخته ولم يودع اصيلة صاحبة الضحكات الصاخبه القابعه خلف القضبان منذ زمن بعيد تنتظر زيارته يطلب يدها وقلبها ، منذ سنوات بعيده وهو يسمع صخب ضحكاتها يكسر قضبان نافذتها ويحلق حرا في الفضاء فيرتعش بدنه وينتفض القلب في جوفه معجبا محبا ، انها الفتاه الصغيرة التي وقفت امام بيته يوم العيد تلعب الحجله ، يتناثر شعرها الذهبي علي كتفيها مثل اشعه الشمس الطيبه ، حينما وقعت عينيه عليها سرقت قلبه ببراءتها وجمالها ، كان صغيرا لايفهم معني الحب لكنه كبر وهي معه وبداخله حتي فهم الحب واكتوي بنيرانه يعيش ينتظر لحظه يخطفها ويغلق عليها باب داره ، منذ طفولتها احبها لكن لم يخبرها لصغر سنها وحين كبرت وصارت عروسا جميله في المرحله الثانوية استعصي عليه الامر اكثر واكثر وكيف يخبرها بحبه وقد حجبت بعيدا عنه وعن اعين كل المتلصصين بصرامة تقاليد القريه التي يحترمها ولا يقوي ولا يرغب في مخالفتها ، احبها صامتا ولم يسمع منها ابدا انها تحبه ، لكن صخب ضحكاتها تتسلل من خلف قضبان غرفتها وقضبان التقاليد كانت رساله تصله منها كل يوم ، كانها تقول لها اعرف بحبك وانتظرك بكل اللهفة تطرق باب بيتي لتضع يدك في يد ابي ، بمنتهي التحفظ والوقار تخبره بحبه من خلف كل القضبان وهو استقبل الرساله وفهمها وتمني لو يطرق باب البيت !!!

( 7 )

تولد الاحلام في بلدتهم مهزومه ، او هكذا تصور ، فقرر الفرار للثروة والصحراء وفي وقت الرحيل لم يطرق بابها ولم يودعها ورحل باكيا بصورتها موشومه بنار الشوق علي قلبه و.... لم يودعها عامدا وتسلل من بلدته في جنح الليل في نفس اللحظه التي كانت تشكوه للقمر لانه اصم لايسمع ندائاتها والحاح قلبها ولم يطرق باب دارها ويفرح قلبها ويرفع راس ابيها ... تسلل من بلدته في جنح الليل وترك لها رساله علي ورقه توت معلقه علي شجره تظلل علي شباكها ، رساله كتبها بمداد القلب وووجعه ، رساله لم يرسلها لها يعتذر فيها عن يأسه وعجزه ويشرح لها ..... ولااملك مااحبك به فالحب وحده في بلادنا لم يعد مهرا كافيا للزواج ، لااملك ذهبا ولا طينا ولا منزل واسع ، لااملك وظيفه في البطاقه الشخصيه ولااملك عزما يبقيني احرث في الماء وانتظر معجزات السماء ولااملك راتب اقترض علي قيمته مائه ضعف قيمته ولااملك ضامن يضمنني لاشتري لك الاجهزه الكهربائيه بالقسط واسدد ثمنها سنوات طويله من عمر الوظيفه التي حتي لم انجح في اقتناصها ، لااملك الا وداعا سابخل به عليك مثلما بخلت الايام علي بكل شيء ... لكني ساعود منتصرا في يوما ما !! في رسالته المطويه بين ثنايا قلبه لم يقل لها انتظريني فهي لن تنتظره او هكذا تصور ، لم يقل لها انتظريني لكنه وعد نفسه ووعدها بالانتصار وتركها وفر للصحراء بمنتهي الخسه ورحل !!!

( 8 )

ترك الاخضر خلف ظهره توته وصفصافه وشجرة لمون وشجرة ورد ونخله تطرح بلحا احمر مثل الشهد وترك حقول القمح الذهبيه وقرص الشمس الاحمر وقت الغروب وباع ذهب امه واشتري تذكرة للصحراء وادعي كذبا عشقه للاصفر وضجره من الضجه واحتياجه للشحوب والصمت وللراحه والقي ملابسه القديمه من فوق الكوبري ومعها الذكريات والدفء ووجع البعاد والحسرة وسافر للصحراء عاريا الا من بدنه واصراره علي تحقيق الثروه التي رفضت بلدته الدافئه تمنحها له او نصفها او ربعها او اقل القليل منها ، وسافر مهزوما يسعي للموت حتي الانتصار ، فما قيمه حياته وهو صفر كبير علي الشمال كل مايتمناه مؤجل لاجل لن يأتي !!!

سافر وترك النوم الهانيء خلفه في بلدته ، عجز يدسه في حقيبه الاوراق ولم يجده منذ الليله الاولي لوصوله وحتي مرت بعدها الليله الالف والالف بعد الالف ، رحل يكتنز الثروه ويدخر راتبه ويحرم نفسه من كل ماكان يحبه ، حتي يعود سريعا يشتري معها ولها كل ما تمنته وتمناه ، لكن "سريعا" لم تأتي والسنوات مرت خلف السنوات وهو اسير الصحراء والغربه في البلده البعيده المحاصره برمل الصحراء !!! لم ينام منذ وصل للغربه وحتي الان !!!

( 9 )

عرفت اصيلة برحيله مثلها مثل الاغراب ، سمعت في السوق عن بكاء امه الذي لم ينقطع منذ سفره ، لم يطعنها الخبر في قلبها ولم تشعر حزنا ، سافر وسيعود ، وستنتظره حتي يعود ، ببساطه قررت الجميله صاخبه الضحكات تنتظر الرجل المهزوم حتي يحقق انتصاراته ويعود ، لم تقرر تنتقم منه فتبيع نفسها لاول رجل عاد للبلده بانتصاراته وحسابات بنوكه والكروت البلاستيكيه وعلبه الشبكه ، وقتها سانتقم من نفسي وامزق قلبي بيدي واتعذب ، لن انتقم منك فاعذب نفسي ، سانتظر انا والتوته والصفصافة وورود الشجرة التي صارت تجمعها قبلما تتفرفط اوراقها اهمالا ، تجمعها وتصبرها وسط الكتب والقصائد وصور فساتين الزفاف ، سانتظر حتي تعود منتصرا !!

( 10 )

في قلب الصعيد ، ولدت اصيلة مثل الاف الفتيات لها مصير معروف ، شهاده لاتلزمها ورجل يتسلم زمام امورها من ابيها في فرح كبير يرفع راس الاب ورجال العائلة ، مصير حتمي معروف لاتسال فيه الابنه ولايؤخذ رايها والا لماذا خلق الله الاب ورجال العائلة ، لكن اصيلة تمردت علي التقاليد وعلي مصيرها وعلي اشناب الرجال ، تمردت دون تعي معني التمرد ، كل ما قررته تحتفظ بقلبها وروحها بعدما ولي زمن وأد الفتيات وقتلهن ، لو عاشت مصيرها المرسوم لوأدت حية ، كل ما قررته فقط تحافظ علي قلبها وعلي حياتها ، وكان لها ما قررته ، في نفس اللحظه التي تنتظر فيها امها طرقات الرجل الذي سيريحها من هم الفتاه وعارها ، اغلقت اصيلة بابها في وجه العابرين واعلنت بجراءه ووضوح انها لن تتزوج وبصوت خافت همست لنفسها انها لن تتزوج حتي يعود حمزة !!!

رضخ ابيها لتمردها وصمت كانه لاينتبه لما تفعله ، رضخ ولم يكسر راسها فعذاب معاشرة امرأه لايحبها حمي ابنته من زواج قهري لاتريده ، ورضخت امها لتمردها وصمتت ، رضخت لها لان الانفاس الخانقه التي تسللت لصدرها من رجل اجبرت علي معاشرته وهو لا يحبها ولم يحاول سممت حياتها فلم تقوي علي معارضه الابنه وقهر ارادتها وكسر انفها ، تمنت الام لو سعدت الابنه في حياتها السعاده التي حرمت منها وقتما كسر ابيها انفها وزوجها بمن طرق الباب بقوة عائلته ونفوذه !!!!
من قال ان الصعيد لايفهم في الحب ، انهم الحمقي الغرباء ممن يكتبوا القصص عن حياه لايعلموها !!!!
الصعيد يفهم في الحب لكن بطريقته الخاصه !!!!

( 11 )

حين رحل حمزه دون يودعها وقبلما يطرق باب بيتها يطلبها ويرهنها لصالحه حتي يعود ، قررت اصيلة بحسم ووضوح وثقه سانتظره حتي يعود ، لن اكون مثل ابنه خالتي التي قهرت في قلبها من حبيب تركها وتزوج اخري دميمة ابنه رجل ثري ، ابنة خالتها قررت تنتقم من الحبيب الغادر وتمنح جسدها لاول عابر سبيل يصحب في ذراعه مأذون وقسيمه زواج بلااسماء ، ستضع اسمها في القسيمه ودبلته في اصبعها ويدها في ذراعه وتمنحها جسدها باردا منطفئا ، تزوجت ابنه خالتها رجلا ثريا لم تحبه ، ليس ثريا كما يفترض يكون الثراء ، لكنه يملك ثمن الشبكه والشقه والمهر الذي طلبه الاب ، ثري وسط ابناء القريه ممن يملكون قلوبا محبه وخيالا حنونا وجيوبا خاويه ، اعطتهم جميعهم ظهرها ووافقت علي الزواج من الغريب ، الذي لم تراه الا مرتين ، مره يوم قدم لابيها هداياه الكثيرة والمرة الثانيه وقتما سالها المأذون عن وكيلها في عقد القران ، لم تكترث بالعريس ، هو رجل مثل اي رجل ، فالرجل الوحيد الذي كانت تعتبره رجلها باعها وتزوج انثي دميمه بساقين يرفعا في الهواء ورحم ينجب اطفالا واشتري راحته وعشرين بذله وسياره سدد ابيها قسطها وخانها مليون مرة بضمير ميت !!! العريس هو اي رجل مثل اي رجل ، قتلت ابنة خالتها قلبها وحبها وتزوجت بمن طرق الباب ، لكن الحزن سكن عينيها ولم يغادرها ، في ليله العرس فضحت عيونها الحزينه كل ادعاءات الفرحه التي رسمتها علي ملامحها ، وهاهي سنين مرت وعينيها مازالتا حزينه ، قتلت ابنه خالتها قلبها وحبها والفرحه في عينيها واشترت رجلا تزوجته وحزنا سكن قلبها ولم يبارحها ابدا ، لن تكون مثلها ابدا ، لن تكون مثلها !!!

( 12 )

تمردت اصيله علي المصير المحتوم وقررت تنتظر الحبيب الذي فر ولم يعدها بشيء !!! ومازالت تجلس خلف القضبان ، امام النافذه التي كانت تضحك امامها لاتقصده يسمعها لكنه يسمعها ، مازالت تجلس خلف القضبان ، حبيسة سفره وقرارها بالانتظار ، شيئا لم يتغير في حياتها منذ رحيله ، مازالت تنام في غرفتها فوق فراشها القديم ، مازالت تلتحف بغطاء صنعته جدتها لامها قبل زواجها ، مازالت تنظر في المرأه فتري روحها جميله تنتظر فارس يفتح اسوار المدينه المغلقه ويفك اسرها ويحررها ، فقط جافاها النوم ، كلما تغلق عينيها تراه يعتذر ، تتمني تراه بجوارها علي الفراش القديم ، تتمني تراه امامها مبتسما كما كان يبتسم كلما مرت امامه في السوق ، تتمناه يطرق بابها ويطلب يدها وقلبها من ابيها ، لكنه في الحلم لايمنحها املا ، فقط يعتذر لها !!!
ومتي ستعود ياحمزة فقد طالت الغيبة !!!..... تسال اصيلة نفسها كل يوم قبلما تنام ووقتما تستيقظ !!!

( 13 )

هل حياه كل الناس رتيبه مثل حياته ، يسال حمزه نفسه ولايجد اجابة ، الماء البارد علي وجهه لاينعشه ، والحمام الدافء لايفك توتر عضلات جسده ، الطعام يزيد الدهون في شراينه بلا مذاق يعجبه ، وقت العمل مثل الوقت بعد العمل ، كلها اوقات يحرقها يتمني يعود لبلدته وامه ولاصيلة !!!
سنوات تسع قضاها في الغربه ، في البلدة البعيده المدفونه في رمال الصحراء ، في سنته الاولي قرر الا يبقي في تلك البلاد الجدباء ، لن يبقي وسيعود بلدته بسرعه ، مجرد سنه واحده سيحرقها في تلك البلدة وستنتهي باي شكل ويعود لحياته ، لكن البنك اوضح له في خطابه الاخير ان السنه الاولي لم تحقق احلامه وان الذهب ارتفع ثمن جرامه ولن يفلح لو عاد يشتري لامه ذهبا بدل الذي باعته ليشتري التذكرة ، سنه اخري وسيعود ، لكن الخطاب الذي ارسلته له امه يوصيه بارسال نقود لزواج اخته ابقاه بعده عامين ، فامه تلح عليه ليرسل نقودا لاخته والصحراء لا تسقط علي راسه امطارها وما يتبقي من راتبه لايكفي لاحتياجات اخته وزفافها السعيد !!!

قرر يبقي عامين بعد الثلاث الاول ، من حقه بعد هذا العذاب وتلك الغربه يعود ثريا ، يفتح مشروعا يربأ صدع نفسه ، لن يعود لبلدته اجيرا ولن يبحث عن وظيفه ولن يترك مديرا او رئيسا يتحكم فيه ، لابد من مشروع خاص ، لكن كل الاموال التي ادخرها في نهايه العام الخامس لاتكفي لتنفيذ مشروعه ، عليه يبقي عامين اخرين ، وفي نهايه العام السابع سيعود لبلدته ويتجوز اصيلة صاحبه الضحكات الصاخبه ويمحو تلك المرحله الصفراء من عمره ، لكن الاسعار ارتفعت وكل مدخراته لن تمنحه لو عاد الان في نهايه العام السابع ، لن تمنحه الا كشك سجاير تافه سيبقيه قريبا من قاع الحياه ومهددا بالسقوط اليها طيلة الوقت ، ومرت السنه الثامنه بسرعه وحين اوشكت السنه التاسعه علي الانتهاء حسب مدخراته وبكي ، سحقا لتلك البلاد ، ايامها خشنه مثل الرمال العطشه ، مهما ترويها لا تخضر ولا تثمر ، ملعونه اموال تلك البلاد البعيدة ، اموال جمعت بمقايضه العمر والفرحه بالمدخرات ، لكن المدخرات رخيصه لاتكفي ابدا للعوده وكان القدر مكتوب علي رمال الصحراء ستأتي مهزوما مفلسا وتعود بعد ضياع العمر مهزوما مفلسا ويعوض الله عليك العمر وايامه والفرحه وشوقك اليها !!!
ومازال عاجزا عن النوم ............ ومازال يحلم بالعوده وحقول القمح الذهبيه وحضن امه واصيلة !!!


نهايه الجزء الاول
ويتبع بالجزء الثاني

هناك 4 تعليقات:

مها العباسي يقول...

ليس كل رحيل فراق وليس كل ابتعاد اغتراب
الانتظار امل موجع ولكنه حب بلا نهايه او اسباب

Unknown يقول...

سعيده أن أقرأ لكاتبه متميزه مثلك ملأت أنوفنا برائحة الصعيد المنعشه و لمست مشاعرنا بعذاب الحب و براءته و ضعفه أمام الماده
ذبح الحلم بتلامة الواقع..ما أجمله تعبير
تحياتي العطره و كل سنه و انتي طيبه

الحسينى يقول...

فى أنتظار البقية والحكم بعد المداولة :)

momken يقول...

شوفى يا ستى

هناك رحيل
وهناك فراق
وهناك هجر

والثلاثه يختلفون شكلا وموضعا عن بعض

الرحيل هو ذهاب احد الاطراف دون ارادته ودون اتفاق ويتالم له الطرفان

الفراق هو ما يحدث نتيجه اتفاق مسبق بضروره الفراق والبعد ويكون اكثر الامور عقلانيه واقلها ضرراً رغم وجود بعض الالم الاساسى

الهجر
وهو ابشع الوسائل واكثرها مقتاً ويقوم به احد الاطراف بارادته دون اتفاق ..والاكثر غباء انه يتجاهل اراده الاخر مما يؤدى الى شبه موت للطرف المهجور


اما الانتظار فهو الحاله السلبيه جدا لامر مستحيل حدوثه

(نحن البشر دائما ننتظر من لن ياتى ابداً)

استمتعت جدا بحديثك

تحياتى