مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



السبت، 22 أغسطس 2015

انا كنت عيدك ... الجزء الاول

قلوب العاشقين لها عيون
تري مالايراه الناظرون (1)



( 1 )
عشق

انت بتعشق الحياه يايوسف ؟؟ حدق في عينيها طويلا وهمس ، طبعا باعشقك ....
خجلت وارتبكت ، انا بأسألك عن الحياة ؟؟؟
وانا رديت عليكي ، باعشقك ، انتي الحياة ياليلي ...
والله انتي كل الحياة ...
( 2 )
""وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ""
""يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء""
""وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "" ( 2 )

زغردت "دوسة " وقتما اخبرها الحكيم ان زوجة ابنها بكرت بصبي ، ودعت ربها يزرقه حكمة يوسف علي خزائن مصر والمقام العالي ويكفيه شر امرأه العزيز وحسد الاخوة وظلام الجب ووزعت جنيهات ذهبيه فرحة بقدومه وعلب سيفر محشوة شوكولاته ، ومنحته عشره فدانين من اجود اطيان المنيا وارضها الخصبة واقامت الافراح والليالي الملاح فرحا بحفيدها وفرحة قلبها "يوسف" ....
( 3 )
"الـداءُ مـا الـداء يــا ليـلـى ســوى عـطـش"
"إلـــى لـمــاك ، فــهــات الـثـغــر واسـقـيـنـي"
"قـالــوا: جـنـنـت بـليـلـى؟ قـلــت ويـحـكـم"
"مـــــــا لـــــــذة الــعــيـــش إلا لـلـمـجـانـيــن" ( 3 )

كان الاستاذ " الصناديلي" الناظر في اجتماع مع المدرسين عندما طرق المقدس نوولي باب الغرفه وهمس في اذنه بأن الجماعه تعبانة فانهي مسرعا الاجتماع وهرع لزوجته يدعو لها بالعافية ، وسرعان مازغردت شقيقته في ردهة المستشفي وطمأنته ان صفيه قامت بالسلامه وانجبت له الابنة التي طال انتظاره لحنانها ، حملها علي ذراعيه يحدق في جمالها ممتنا لربه يحسها هديته لروحه ، يحدق فيها لايصدق ان هذه الصغيرة الجميلة البريئة " ليلي " هي ابنته التي تمناها وانتظرها طويلا !!! 
(  4  )
الليل ياناس عناقيد نجوم
ليلي انت في الساحل  صح ؟؟ اه ، انا قريب منك ، مسافه السكه حاكون عندك !!!
انهي يوسف مكالمته السريعة ، وتركها تتلظي بتساؤلاتها الحائرة التي لاتعرف لها اجابه!!!
لو مش عايزاه يجيي كلميه قولي له ماتجيش ، صوت من اعماقها يلح عليها ، وصوت اخر  ينهرها ، لا تفعلي ياليلي وكفاكي حمق وسخافه ، ترغبي في حضوره وتتمنيه وتنتظريه منذ عدة ايام ، لكنها مرتبكه من كل ماتشعر  به ومنه...
سابدل ثوبي واتزين واصفف شعري واضع بعض العطر ، ابتسمت الانثي داخلها وتوهجت فرحا ، ستتجمل ليراها مثلما حلمت به دائما يراها اجمل ماتكون بل اجمل نساء الارض في عينه ، سأبدل ثوبي واتزين ، يأتيها صوت رتيب بارد من ندوب جروحها القديمة يشرخ فرحتها ، لن اتحرك من مكاني ولاانتي ياليلي ايضا ...
علي مقعدها الغاطس في الرمال امام البحر تهمس بحسم  ، مش حاتحرك من مكاني عليه يراني مثلما انا بالجلباب الهندي الازرق ووجهي المغسول وشعري المعقوف فوق رأسي ، عليه يراني مثلما انا ، انها مجرد زياره وليس ميعاد غرامي ، الم يقل سنتعارف فلنتعارف !!!
ياكدابة ، صرخت الانثي المشتاقة تؤنبها وتفضحها ، انت كدابة بشكل رهيب ، تتجاهلها وتتجاهل حقيقة ماتقوله وتصمت  وكأنها لاتسمع فقط في تلك اللحظه فقط الا صوت الموج والليل وهمهمات النجوم واخر كلمات يوسف ، مسافه السكه حاكون عندك !!!
هل تلمح نظره لوم في عيني يوسف حين سمع صوت مخاوفها يكسر مجاديف فرحتها ويحبط عزيمتها ويسربلها باليأس الموحش ويقطع الوصل بينهما رعبا ، هل جن يوسف وقتما تأكد من انقيادها للوجع وهزيمة فرحتها ، هل تراه استدار في الطريق ليعود من حيث اتي ، هل سمعها وغضب من كذبها المفضوح ووأدها لمشاعرها ؟؟ ايوه هي مجرد زياره مش اكتر !!! ياكدابه ياكدابه تصرخ الانثي وتدافع عن حقها في الفرحة والوجود !!!!
تحدق ليلي في البحر وامواجه المتلاحقه وزبده الساطع وبقايا سناء القمر المتواري بين الامواج كأن المكالمه بينهما لم تحدث ، وكأنها لاتنتظره ، وكأن يوسف لن يأتي ، وكأن روحها لاتتمرد علي جرحها القديم ، وكأن جرحها القديم لا يطبق علي انفاسها ليفسد في حياتها اكثر واكثر ....
ثابته مكانها هي والبحر الهائج والليل الموحش والوحدة والجروح القديمة والخوف ، تنظر في ساعتها بطرف عينها وكأنها لاتقصد ، دقائق وسيكون امامها وهي لاتعرف كيف تتصرف وماذا عليها تقول ، تحدق في البحر والفراغ  ، افكارها حائرة خرساء وكأنها مذياع انقطع عنه ذبذبات الارسال ، تغرق في نفسها اكثر واكثر وتتجاهل كل ماتشعر به من ارتباك وحيرة ، تدفن الاسئله الغريبه مع اصابع قدميها في الرمال وتبتسم ببلادة ، تنكر خوفها ومخاوفها وتتجاهل اللحظه وغرابتها ، لست الا مصطافه علي شاطيء البحر اقتل وقت الفراغ وفقط ، لست عاشقه ولاانتظر حبيبي ولا اتمناه يسرع ولا اكترث بالامر كله اساسا ....
وتصمت اكثر وترتبك اكثر واكثر .....
يلمس يوسف كتفها مرحبا وكأنه هو الذي ينتظرها وهي التي اتت ، يسحب مقعد بجوارها ويجلس ، حمد الله علي السلامه يايوسف، حمد الله علي سلامتك انتي !!! غريبه كلماته ومشاعره ، لاتساله ماذا تقصد وتصمت ، السكه عامله ايه ؟؟ كويسه قوي ويهمس ، اي  سكة اخرتها ليلي تبقي سكه السلامة !!!
هل اسمع فعلا مااسمعه ؟؟؟ هل يقول فعلا هذه الكلمات ولا اصطنعها من وحي خيالي واحلامي ؟؟ ومضات تسطع في رأسها اسئله حائرة مرتبكه مثلها ، تبقيها اسيرة جبها العميقة ولاتنطق بها انكارا لحيرتها ولكل ماتعيشه ...
نعم هو يقول مايقوله وانتي تسمعي ماتسمعيه ، الفرحه اخيرا تطرق بابك والعاشق المكتوب اسمه علي جبينك يغزوك ويقتحم قلاعك ويفتح احضانه لكي ، الا تدركي ماتعيشيه ياليلي ، ام تدركيه وخائفة كعادتك ؟؟؟
اصوات متناقضه تتصارع في رأسها وتصارعها ، فيزداد ارتباكها وصمتها وجمالها كما يحسها يوسف وكما يراها دائما وبالاخص في تلك اللحظة ...
الليل يلفهما وصوت الامواج يهمهم ايقاعا لطيفا حولهما ومعه الصمت ساكن هاديء يترك لهما براح الوصل كيفما يرغبا وحسبما تسوقهما المقادير ...
انتي اتأخرت قوي علي فكرة !!! يهمس يوسف ..
انا ؟؟ تساله ليلي ..
الحقيقة وانا كمان !!! يهمس يوسف بمنتهي الاسي ..
ويصمتا طويلا ...
تفتكري ياليلي ليه اتأخرنا كدة ؟؟؟
مش عارفة ، تفتكر ليه ؟؟؟
فكرت كتير وماعرفتش الاقي اجابة ..
تضحك ليلي ، يمكن  هو ده الوقت الصح يايوسف !!!
يوافقها يوسف ، تصدقي اه اكيد ، مدام خلاص بعد كل السنين دي اتقابلنا ، يبقي ده الوقت الصح  ويزيد بأسي ، بس الصراحه يعني متأخر قوي قوي ... ويصمتا طويلا ...
ومازال صوت الموج يلفهما وسكون الصمت ايضا ..
تمد ساقيها امامها علي مقعد صغير  ولاتنظر اليه تحدق في الفراغ امامها وكأنها تمنح نفسها فرصه تفكر وتستوعب كل مايحدث ، التفت بمقعده صوبها واخذ يحدق فيها متأملا معجبا ، تشرب قهوة ؟؟ سألته كسرا للصمت والتوتر والارتباك وفرارا من الطوفان الذي يغرقها في دواماته العنيقة ، يهز رأسه نفيا ، لا ، تعود تحدق في زبد الامواج الساطع علي سطح البحر وسط الظلام وتصمت ، يسألها ، شايفه النجمة الصغيره اللي فوق راسك دي علي طول ، ترفع رأسها للسماء ، مكتوب عليها اسمي ، تضحك ضحكات متلاحقة صغيرة ، اه والله مكتوب عليها اسمي ، النجمه دي ماشيه معاكي من زمان يمكن من قبل ماتتولدي ، انتي بس اللي كنتي بتبصي تحت رجليك ومابتبصيش ابدا للسما !!!  وانت كنت بتبص فين يايوسف ، تتمني تسأله ،لكنها لاتفعل ، وكأنه يسمع صوت صمتها ، وانا كمان كنت بابص تحت رجليا ...
تصمت و يصمت ايضا ويتوه عنها فيها ، يتأملها وكأنه يطبع قسمات وجهها وملامحها فوق شغاف قلبه صورة لاتفارقه ولن ...
انت ايه اللي جابك هنا يايوسف ؟؟ يضحك بصوت صاخب كصوت الموج وقت العاصفه ، يرتعش قلبها الاخضر وتحس ذنبا يؤنبها لانها جرحت مشاعره بسؤالها البليد ، انتي بجد مش عارفه ايه اللي جابني !!! عارفه ومش عارفة ، تقول لنفسها ولاتقول له ، تصمت ، لو مش عارفه ايه اللي جابني امشي ، يقف مكانه وبمنتهي الجديه يستعد للرحيل ، تلمس باناملها اطراف اصابعه لتستبقيه فيبقي بعدما صعقته لمستها التي طال انتظارها وطالما تمناها ..
تشرب قهوة ؟؟؟ اشرب ، اقولك تعالي ياليلي نروح نعملها سوا ، لا خليك مكانك حاروح اعملها انا وارجع علي طول ، خلاص مش عايز ، بجد ؟؟ اه مش عايز قهوة لاني مش عايز اتحرم منك كل الوقت ده !!!
تبتسم فرحة ولاتصدق كل ماتعيشه ، تتمني تقول له ، انت بتتكلم بجد ؟؟ لكنها لاتقول شيئا ، تسأل نفسها امتي حاصحي من الحلم ؟؟ يجيبها بصمته ، انت صاحية علي فكرة ياليلي وده مش حلم  ده الواقع والحقيقة اللي احنا عايشينهم ، تهرب منه ، حاقوم اعمل لك القهوة يايوسف!! انفجر ضاحكا ، تاني ، ماقلت لك نعملها سوا ، نروح سوا ونرجع سوا ، يالا تعالي ..
يمد يده لتسند عليها وهي تقوم من فوق مقعدها الغاطس ، يحوطها بذراعيه وكأنها ستسقط ، تحدق فيه ويزداد ارتباكها وحيرتها ، لاتصدقه ولاتصدق نفسها ، لاتصدق مايقوله ويفعله ، ولاتصدق تجاوبها وسعادتها ، يلف ذراعه حول وسطها برقه وحزم وكأنها سيحملها ، ويسيرا خطوات بطيئه فوق الرمال الباردة صوب الفيلا والقهوة ...
يسيرا متجاورين وفوق رأسها تسطع النجمة المكتوب عليها اسمه !!
وصوته يدوي في اذنها " اخر السكه زي اولها ياليلي انا واثق ، انا راجلك وانتي حبيبتي"..
وصوت الامواج يعلوا ويعلوا والليل يزداد جمالا ....
( 5 )
يوسف
لم اتصور اني سأصادفها ابدا ، تمنيتها وانتظرتها طويلا وحلمت بها كثيرا ولم تأتي ، طال انتظاري وطال فتصورتها مجرد حلم جميل يؤنسني في حياتي الجافه الرتيبة ، حلم جميل يساعدني اتحمل مااعيشه ولايعجبني ولااغيره ولايتغير ، حلم جميل يهون علي وحدة الليالي الطويلة وعبث الرجوله المتمردة ويصبرني علي مااعيشه ولااحبه ، حلم ولااكثر ...
لم اتصور اني سأقابلها فعلا واعيشها فعلا، طالما حلمت بها وانتظرتها وراهنت نفسي علي وجودها واستفتيت قلبي وافتاني وصدقته ، ومرات من شده يأسي خسرت الرهان ، ومرات من قوة املي ويقيني نهرت يأسي وازحته عن ايامي وتمسكت بها وبالحلم واثقا انه سيتحقق ولو تأخر  و سأعيشه وان طال الانتظار ...
كنت واثقا ان شمسها ستنهي ليلي الطويل مهما تأخر شروقها ، ودفئها سيزيح برودة الايام مهما طغي الصقيع ، وحنانها سينزع الاشواك من تحت جلدي وروحي ، كنت واثق واثق بلا ذرة شك ولا تشكك ...
اين ؟؟ متي ؟؟ كيف ؟؟ اسئله صعبة طالما فكرت فيها وبحثت عن اجاباتها ولاعبت نفسي علي كل الاحتمالات الممكنة واستبعدت فروض ورجحت اخري ، سنوات العمر فرت من الحلم والشيب غزا روحي وشعري واحلامي ، انتظرتها تشاركني الحياه فجرت الحياه بغيرها ليست حياة و السنوات المتعاقبة رسمت بلادتها علي روحي علامات عجز والحبيبة التي ستعيد الحياه للحياه طال انتظارها ولم تأتي ..
اعرفها بعين قلبي اعرف ملامحها رائحتها روحها نبرة صوتها اختلاجه ، اعرفها لانها مني وانا اعرف نفسي ، اعرف من التي ستأتي حين تأتي ، لكني ابدا لم اتصور اني ساقابلها في مصادفة عبثية بسيطه كالتي حدثت  معنا .....
ام الغريب قالت لي ان اسمها مكتوب علي كفي ، حدقت في كفي طويلا لم اري اسمها ولم اري شيئا وكدت ايأس وانساها وانسي ام الغريب ..
كثيرا فكرت في لحظه اللقاء بها وفرحتها ، ماذا ساقول لها وماذا ستقول لي ، اين سنلتقي ؟؟ ربما نلتقي علي البحر وانا بقميص مزركش وقبعه بيضاء وهي ترتدي ثوب ساطع الالوان واساور كثيرة وشريطة ستان تلم بها شتات شعرها المتطاير ، ربما في حفل رسمي وانا ارتدي بذلتي الرسمية وهي ترتدي ثوب سهرة اسود انيق وعقد ماسي ، ربما علي رصيف المحطه وانا اهبط من القطار وهي تصعد فيه ، مصادفة ما ستجمعنا ، مصادفة سعيدة طبعا ، هذا ماكنت واثق منه وواثق فيه ، لكن ماحدث بيننا اختلف عن كل تصوراتي واسعدني لاقصي السعادة ....
ليلي .....
 ( 6 )
دايما بشوفك في الخيال

جحدته بنظرة اطاحت بروحه وثباته وزلزلت الارض تحت قدميه ، هذه هي النظرة التي طالما انتظرها وبحث عنها كل سنوات عمره ووجوده ، هذا السطوع الوهج الدفء الحنو الالق الذين يشعوا من مقلتيها يرتدوا لقلبه فيغشاه سناء مبهر بعد ظلام موحش طال واستبد....
جحدته بنظرة اطاحت بروحه ، الظلام يحيط بهما وسط صخب لايليق معه كل مايعتمل في روحه من مشاعر ، هما معا في تلك اللحظة يتشاركا فرحها دونما قرار او اختيار ، هما معا في تلك اللحظة ، يتقاسما حصاد العمر وبهجته في حفل تخرج الابناء من المرحله الثانوية واستعدادهما لصعوبات الحياه وتجاربها وكأنهما اتفقا يتقابلا في تلك اللحظة بالذات ...
جحدته بنظرة اطاحت بروحه وثباته ، كيف لمحها ، شاهدها ، حدق فيها ، كيف ابصرته وبادلته النظرة بالنظرة والوصل بالوصل ، كيف رمته بحنانها يخترق قلبه وحياته تخبره انها ملاذه ومنتهي امله وضالته التي اعياه اضناه اعجزه بحثه عنها ، كيف فهم رسائلها واجابها في نفس الثانية بفرحته لانها اخيرا نورت حياته بعد ظلام دامس كثيف، لايعرف ولاهي ايضا تعرف...
مصادفة سعيدة ضمتهما في قاعه المسرح المظلمة وسط صخب الغرباء في لحظه طالما تصورها حالمة انيقة رائقه صافيه مثل امنياته واحلامه ، يجلس خلفها وهي امامه بينهما صفين من المقاعد والغرباء ، تعويذه العشق وصلت بينهما رغم الضجيج ومدت لهما حبائلها وسط الصخب والزحام ، انها المصادفه التي طالما ظن انها ابدا لن تحدث ، تمناها وحلم بها لكنه لم يصدق ابدا انه سيعيش لحظتها ويومها ، لكنه الان يعيشها ويعيش كل احساسها وفرحتها  ..
يجلس علي مقعده وسط قاعة المسرح الكبير ينتظر صعود عمر للمسرح مع زملائه في طابور الخريجين ، كان يومه قاسيا صعبا مزدحما مرهقا حتي ظن في لحظه انه لن يفرغ من عمله ولن يذهب للحفل ولن يراه يتسلم شهاده تفوقه ، لكنه افلح رغم كل شيء يسرق نفسه من مسئولياته ونهب الارض صوب المسرح واثقا ان القدر لن يخذله ولن يخذل عمر وانه سيصل قبلما يصفق له جمهور الحضور بدونه ..
وصل يوسف متأخرا بضعه دقائق عن الميعاد المقرر للحفل ، اتصل بعمر قبيل لحظات من وصوله ، اخبره انه اوفي بوعده وانه سيكون في مقعده قبلما يتعلي طابور الخريجين خشبه المسرح وانهما هو وعمر سيتشاركا فرحته والحفل ..
يسرع خطاه صوب باب القاعة ،يتناهي لسمعه بدايات المارش الموسيقي ، سيصل مقعده في الوقت المناسب ، يجلس لاهثا و طابور الخريجين يتحرك صوب المسرح وعمر وسطهم ، لو اطلق لنفسه عنانها  لناداه يخبره بوجوده وربما هرع اليه يحتضنه ويقبله ويهنئه بفرحته ونجاحه لكنه لن يفعل ...
تصمت الموسيقي فجأ ، عطل كهربائي في سماعات القاعة يعطل الاحتفال ، تطن اذنه بهمهمة الخريجين غاضبين من افساد لحظه دخولهم للقاعه ، يصفق تصفيقا عاليا لعمر وزملائه فيجاريه الجالسين في القاعه كلهم ، هي رساله طمأنينة للشباب اهدءوا ، شيئا مهما كان لن يفسد فرحتنا ابدا ..
يلتفت حوله كسرا لملل الانتظار وتوتره ، يحدق في المحيطين به يستنشق عطورهم يتلصص علي احذيتهم وحقائبهم ، علي تصفيفات شعر النساء واغطيه رأسهم ، ينتبه للحظه التي يعيشها الان وكأنها نهاية الرحلة ، هاهو عمر ينهي دراسته الثانوية وينتقل منتصرا لمرحله اعقد واجمل في حياته الجديده ، سيستقل بحياته ويغادره بعد اسابيع قليله لفرنسا ليبدأ دراسته هناك في جامعه السربون ، الفكرة توجعه وتسعده ، كبرت ياعمر ، نعم كبر يايوسف ومن حقه يعيش حياته حسبما يري وكما يختار ، لكن رحيله يوجعه فرغم كل زحام حياته وظروف عمله سيترك عمر ندبة في قلبه وحدة وقلق وحشه وخوف عليه من حياته واختياراته و" ابناءكم ليسوا لكم ، ابناءكم ابناء الحياة " ومازال الفنيين يصلحوا سماعات القاعه ومازال كل شيء معطل والحفل لم يبدأ بعد ....
وفجأ يلمحها ، تتشابك نظراتهما الشاردة وتسكن العيون للعيون  ، نظراتها تحلق من مقلتيها وتحط علي قلبه وكأنها فرخ مهاجر اعياه التعب قبلما يصل لنهاية رحلته ويسكن لعشه وطمأنيته ، انتبه يوسف لنظراتها التي تجتاحه يعرف هذا الوهج هذا الدفء هذا الوصل وكل معانيه ، يبحث عن صاحبة العينين الالقتين ونظراتهما النافذه الصريحه القوية الحنون واثقا انه سيجدها كما يتوقعها واجمل وان بينهما سيكون شأنا وحكاية ، كضوء المنار الخافت وسط العاصفه يطمئن التائهين يرسل لها ابتسامته تطمئنها وتوصل ماسيكون بينهما لتنير روحها مثلما انارت نظرتها روحه وطمأنت قلبه ، يلتفت برأسه يمينا ويسارات يبحث عنها وسرعان مايعثر عليها ونظراتها ساطعه وهجه دافئه تأتيه مباشرة من حبيبته التي طالما انتظرها لتنير القاعة وحياته والكون كله!!!
صدحت الموسيقي وعلي صوتها بين جنبات القاعة ، هرع الخريجين في طابورهم الطويل متلاحقين واثقي الخطوات خلف بعضهم علي ارض القاعة صوب خشبه المسرح ، وقف الجمهور يحييهم ويصفق لهم ، ، تحمس لعمر وللحياه عموما ، وقف يصفق بفرحة وزهو وذارعيه اعلي راسه وكفيه يرتطما ببعضهما علي نغمات الموسيقي رساله فخر لعمر ووصل للحبيبة صاحبه العينين المتوهجتين، انا هنا واعرف انك هنا واخيرا التقينا ، يتمني يقترب منها ويبح لها بما يعتمل في روحه في لحظه الفرحة التي انتقي عمر  و ليلة لنا لحظتها تمد بيننا حبال الوصل والعشق....
يجري الوقت وهي مكانها لا تلتف صوبه وهو مكانه لايرفع نظره عنها يعيشا الحفل وفرحته وبينهما مابينهما ماكان وماسيكون ، النفوس تتعارف وتفتح الابواب الموصدة والكتاب المغلق وتفك الطلاسم والشفرات وتمنح الارواح التعبه مرفأها الامن و النظرات تذهب وتجيءتزيح ركام الايام وتفتح الطريق لعشق طالما انتظره صاحبيه واضناهما البحث ويأسا او كاد من العثور عليه ...
كيف مر الوقت ..... يوسف فرح لعمر وبه ونصف روحه مع الحبيبة يخافها تختفي في الظلام وتفر بحلم عمره بعدما اوشك يقبض عليه ، يراها منشغله بالتصفيق لليلة فيشاركها فرحته وكأنها ابنته ، بل هي ابنته وابنة حبيبته التي طالما تمناها ولم ينجبها ..وفي نهاية الليلة يغادر المكان ويستودعها روحه وعمره وقلبه وحبه ويهمس الي لقاء قريب ....
( 7 )
ليلي

عمري مر  وسنواته جرت خلف ظهري ، وانا اناديه وصدي صوتي يرتد لي انصال تذبح الحلم وتغلق طاقات التمني ، الشعر الداكن تزركش بالخصلات الفضيه اواريها تشبثا بحلم لم اعيشه واتمني اعيشه ولا يأتي ...
لماذا الان ؟؟ والان بالذات ؟؟ هل سمع همس حنيني ؟؟ هل قرأ شفرتي وفسرها ؟؟ هل راودته امنياتي علي الوصل والقرب ؟؟ هل ناديته فأتي واستقبل ارسالي وذبذبات احتياجي وفهم لغتي ، هل انت فعلا من كُتب اسمه علي جبيني وانت نصيبي وقدري وحظي وفرحتي؟؟ هل انا بقية روحك وبعضها وانت بعضي وكلي ، هل انا التي تتكامل معها وتتكامل بك ؟؟ هل انت يايوسف سكه السلامه والنصرة الموصوفه في فنجان حظي في نهايه درب الوجع ؟؟ هل انا يايوسف التي قرأت العرافه اسمها علي كف يدك واخبرتك انك لن تقرأ اسمي الا حين تقابلني وتحط بشراعك في مرساتي ومرفأي؟؟ هل انت وهل انا ؟؟؟
يوسف .....
( 8 )
دايما باشوفك في الخيال

تجلس في الصف الثاني متوارية وحيدة في القاعه الكبيرة المزدحمة ، تلف بعينيها علي كل المقاعد المشغوله جانبها وتجتاحها الحسرة ، وحيدة في وقت كانت تتمني حضن تبكي فيها من شده فرحتها ، ابنتها الصغيرة ليلة تتخرج من المدرسه الثانوية وتتسلم شهادتها متفوقة ، وحيدة ولااحد يشاركها اللحظة ، ابنتها الكبيرة مسافرة والثانيه مشغوله باطفالها ، امها وعدتها تأتي معها وفي اللحظه الاخيرة اعتذرت وابيها دعي لها ولابنتها بالنجاح والفلاح وتمني لو صاحبها للحفل لكنه علي مقعده المتحرك صعب الحركه عبء ثقيل ،تلف بعينيها علي كل المقاعد المشغوله وتتسائل عن حال الجالسين وهل سعداء كما يبدو عليهم اما مثلها يلونوا ارواحهم المرهقه بالبهجة الكاذبه ..
وصلت ميعاد الاحتفال مبكرة وجلست في حديقه المبني وحيده تشرب سجائرها وتنتظر يفتحوا القاعه ، كل معاني الوحده تجسدت لها ، لا يد تشعل سيجارتها ولا ساعد تتكأ عليها وهي تصعد السلم بحذائها العالي ، لااحد يسألها كيف تحب القهوة التي تتمناها ولا تليفونها يرن ويأتيها صوت غالي يطمئن عليها وعلي ليلة ، كل الطرق في حياتها قادتها للوحدة التي تعيشها الان ، لاحضن مفتوح ولا يد تربت علي قلبها ولا تمسح دموع فرحتها ولا احد يشاركها مشاعرها والحياه جافه وبارده وتسير وستسير...
كل الطرق في حياتها قادتها للوحدة التي تتجسد الان في اوجع صورها وهي جالسه علي مقعدها وتضع حقيبتها علي المقعد الخالي بجوارها بعدما منحت المدرسه ليلة تذكرتين لمن يرغب يحتفل بها فاحتلت المقعدين هي وحقيبتها نعم ، كل الطرق قادتها للوحدة ، ومازالت تلتف حولها تتفرج علي المقاعد المشغوله بجورها يتحدثون ويضحكون ويتهامسون الا هي تكلم نفسها ونفسها فقط كعادتها ..
تتساقط دموعها قهرا والوقت يمر بطيئه تنتظر بدايه الحفل الذي تأخر لعطل في سماعات القاعه ، تلتفت برأسها يمينا ويسار وتنظر في الجالسين امامها وخلفها تكسر مللها ووحدتها وانتظارها ، تتمني لو خرجت من القاعه تدخن سيجاره وتعود لكنها تخاف يبدءوا قبلما تعود ، ستغضب ليلة وهي ايضا ستغضب ، تشعر فجأ بنظرات حانية تطرق بواباتها وتعتلي اسوارها وتقتحم حصونها وتبعثرها وتلملمها وتربت عليها وعلي روحها  ، تلتفت برقبتها للخلف وتراه ، يحدق فيها ولايرفع بصره عنها ، تبعد وجهها عنه وتحدق في الفراغ المظلم امامها وتتصور انها مجرد نظره عابرة ومرت ، لكن نظراته مازالت تحتضنها ، نعم هذا مااحست به نظراته تحتضنها ، ستنظر للخلف ثانيه ، ستجده انشغل عنها  ، ستفيق بسرعة من اوهامها وتعود لرشدها ، تنظر ناحيته ، مازال يحدق فيها ودفء من عينيه يحوطها اكثر واكثر ، يبتسم لها ابتسامه حنون ، ارتبكت وكأن كل الحاضرين يعرفوا مايدور بينهما هي والرجل الغريب ، لاشيء يدور بينهما فقط مجرد ملل يكسراه ، تنظر صوبه مره ثالثة ، واثقه ستجده منشغلا في شئونه ويتحدث مع السيدة التي تجلس جواره ربما يقبض علي كفها ربما يتشاجر معها لانها اخرته عن ميعاد الحفل ، فتجده مازال يحدق فيها وتجده وحيدا مثلها يشاركه الحفل مقعد خالي بجواره مثلها بالضبط ، وحيد مثلها ، ونظراته مقصودة و تخصها وحضن عينيه الدافيء لها ...
وانتهي الحفل وغادر الجمهور القاعة ................ مامي تعالي تعالي اتصوري معانا ، ليلة تقف وسط زملاءها وتناديها  ، تراه يقف بعيدا بضعة خطوات يدخن سيجارته ويحدق فيها ، ترتبك وتحاول ترسم ابتسامه بارده مؤدبه علي وجهها وهي تقف مع ابنتها واصدقاءها ، تجري ليلة وبقيه الشباب ويتركوها وحيدة ، يتحلقوا حوله ويلتقطوا معه عده صور، فجأ يتقدم يوسف صوبها ، الف مبروك ياهانم ، الله يبارك فيك يافندم ، الف مبروك لعمر ، البركه في حضرتك...
( 9 )
يوسف 

امسكت تليفوني وحدقت فيه ، هاهما يومين مرا علي لقاءنا ولم تتصل ليلي ، قلق اجتاحني وخوف، ربما لم تصدقني ، ربما شكت في مشاعري ومشاعرها ، ربما ليست هي التي تسير تحت النجم الذي يحمل اسمي ونصيبها ليس نصيبي ..
افتح كفي واحدق فيه ، هي الموعوده وانا الموعود وان طال الزمن ، المح ابتسامة ام الغريب ليتها امامي لاخذها في حضني شكرا وامتنانا ، منحتني اليقين في اللحظه الصعبه التي طال انتظارها ..
اطلب من الفراش فنجان قهوة عاشر ، واخرج من خلف المكتب واجلس علي الكنبة المريحه في صالون ضيوفي ، اعيد ترتيب رأسي وافكاري ، واثق من مشاعري ومن مشاعرها ، افهم مخاوفها ورعبها ، الخطوة التي يتعين عليها تخطوها مرعبه ، هي لاتصدق ماتحسه ولاتصدقني ، تنكر كل ماتعيشه ، هي تهرب مني و لاتهرب ، خائفة مرتبكه لاتعرف كيف تتصرف ، لن اتركك ياليلي خلف ابوابك الموصده وجدرانك العاليه ، ساقتحم عالمك واعتلي اسوارك باقدام وشجاعة و احطم البوابات باندفاع وجموح ، لن تهربي ياليلي ولن تختبيء مني ، ساختطفك من شرنقتك واروي روحك بشعاع شمس ادخرته لكي انتي الحبيبة التي طالما انتظرتها ، ساقبض علي كفك واشبك ذراعك في ذراعي واعلمك كيف نسير معا خطواتنا الاولي ، العشق من امامك ويوسف من خلفك ياليلي وانتي لي وفي حضني وقضي الامر وامامك اما  تستلمي لطوفاني وفيضاني واما تستلمي لطوفاني وفيضاني ولاشيء اخر ...
فتحت مجلد الصور في تليفوني وهمت طويلا مع الرسم والمعني ، افكر فيكي وفي سطوعك الوهاج في روحي وابحث عن لوحة توصل لكي وهجي وتوصل روحي بروحك ، هذه هي ، ياسمينه بيضاء صغيرة ، حانيه مثلك دافئه مثل قلبك فواحه بالحياة مثل روحك ، هذه هي تلك الياسمينه التي ساهديها لك ياحبيبة عمري ( وكلما مررت ببالي نبتت في ذاكرتي شجرة ياسمين ) وارسلت لها اللوحه والعبارة وكل مشاعري وامنياتي وجلست احتسي قهوتي المرة سعيدا فرحا لن اتركها تهرب ، لن اتركها ابدا ، وفاحت رائحه الياسمين في قلبي وابتسمت فرحا ...
( 10 )
جنون

مرت عليها ليلة لقاءهما الاول طويلة طويلة ، لم تغفل عينيها ثانية ، لاتعرف كيف عادت لمنزلها ولا كيف خلعت ثيابها ولا كيف دخلت غرفه نومها واغلقتها عليها بالمفتاح كأنها تخشي احد يقتحم عالمها ويعرف سرها الجميل  ...
لاتعرف كيف حدث كل ماحدث ، كل ماتعرفه هو انها الان تفكر فيه ، نعم تفكر فيه وتسترجع كل ماعاشته معه في ذلك اليوم الغريب ، معه ؟؟ تتعجب من الكلمه ووقعها عليه ....
تتذكر  كل تفاصيل ذلك اللقاء العابر بينهما لحد ازعجها وحاصرها وخوفها ، ملامحه ، لون بذلته ، ملمس اصابعه ، نبرات صوته ، نظراته التي كانت تلاحقها دونما تدري ، تفاصيل تفاصيل تغرقها و تغرق فيها ...
ساعات الليل تجري وهي مكانها جامدة كتمثال تموج في عقلها الاسئله الحائرة وفي روحها سكينه وابتسامه صغيرة تختبيء من عاصفتها الهادرة التي تعصف بروحها ، تصورت انها كانت تحلم واستيقظت من الحلم ، اقنعت نفسها انها تؤنس وحدتها ببعض التصورات الرومانسية الوهمية وسرعان ماستفيق منها وتعود لحياتها العاقله وايقاعها المنتظم وادوارها المرسومه بدقة ، تقول لنفسها اشياء كثيرة لاتقنعها ولاتنتصر علي افكارها ومشاعرها الطاغية ...
 تطفيء النور وتنزلق تحت الغطاء ، تقرأ الفاتحه عشرة مرات كما اوصتها آمة سعيده وقتما يفر منها النوم ، تشعل النور عطشي وتغادر فراشها للمطبخ تحتسي وبسرعة كوبا من الماء البارد وكأنها تسكبه فوق رأسها لتفيق من افكارها وتنام ، تفتح الراديو ، يطنطن بجوارها همهمات لاتعيها ولا تطربها ، تغلق الراديو ، تسحب كتاب من مكتبتها وتجري بعيونها فوق اسطره وكأنها تقرأ وهي لاتقرأ ، تغلق النور ثانيه وتنزلق تحت الغطاء وتحكم اغلاق عينيها وهي مصممه تنام لكن النوم يجافيها والافكار تصرعها وتصارعها ...
يوسف هو اللي بيحصل ده بجد ؟؟ لاتصدق مااحسته وقتما هنئها بنجاح ليلة ، الف مبروك ياهانم ، لماذا لم تشعر به يهنئها ولم تفهم كلماته المفهومه مثلما قالها ، لماذا احسته ينطق بتلك الكلمات لكنه يقصد ويعني معان اخري غير التي يفهمها الجميع ، لماذا احست كلماته مجدوله بشفرة لايفهمها الا هي ، وان هذه هي رسالته التي قصدها والتي فهمتها بمعانيها الحقيقية ...
انت مجنونه ياليلي ، اكم من مرة همست لنفسها غاضبه تتشاجر معها وهي ترفض تنام ولاتكف عن اجترار افكارها الحمقاء ، انت مجنونه ياليلي الراجل سلم عليك ومشي وقالك مبروك ياهانم ، انت مجنونه بجد !!!
تطفيء النور وتنزلق تحت الغطاء وهي مصممه تنام ، لكن النوم لايأتي واذان الفجر يصدح فتتوضيء وتصلي وتبكي وتتمني ربها يرحمها من افكارها المجنونة ، الراجل ماعملش اي حاجه تخليكي تفكري كده ، استهدي بالله ياليلي ، تتمني لو كانت آمة سعيده بجوارها ، كانت ستسألها ، هو ده اللي مكتوب اسمه علي جبيني  ؟؟؟ واثقه من اجابه آمة سعيدة ، واثقه انها ستبتسم وتحتضنها وتهنئها لانها اخيرا عثرت علي سعدها وان كل روح ليها روح وكل اسم له اسم ، وربنا يكملها بالفرحة !!
النهار يشرق بضوءه الشاحب وهي لم تغفل ثانيه وقلبها تتسارع دقاته وجسدها ينتفض والافكار تعصف بعقلها ونومها وكل وجودها ، انفجرت في البكاء والضحك ، انت مجنونه ياليلي ، انت مجنونة انتي وآمة سعيدة ، حظك خلاص وعشتيه والايام عدت وقربت تخلص ، واللي بتقريه في قصائد الشعر كلام لابيحصل ولاعمره حيحصل !!!
هكذا قهرت نفسها وقررت بتعسف ان كلام الشعر لابيحصل ولاعمره حيحصل ، واحكمت اغلاق الستائر واغمضت عينيها وهي تقرأ الفاتحة عشره مرات بل مائه وتتلعثم في كلماتها وتنسي البدايه وتقفز فوق النهايه وتعيدها مره ثانيه وعشره ووجه يتقافز امامها وابتسامته وشعره الرمادي وصوته يهمس لها مبروك ياهانم ، كل هذا يتقافز امامها ويشاكسها ويستقوي عليها ، وتتصور انها نامت وربما سمعت صوت شخيرها وهي تسقط ببطء ببطء في دوامات النعاس ، لكن ابتسامته تغزو فراشها وتراه  يمسح دموعها ويربت علي روحها ويقترب منها بانفاسه وكأنه سيقبلها ، وجهه يتقافز امامها وهو يقسم لها بكل الايمانات ان كل ماتشعر به حقيقه ، وانه ابدا لم يقصد يقول لها مبروك ياهانم و كان يقول لها وحشتيني وخاف تتصوره مجنون فقال ماقال واثقا ان مشاعره الجياشة ستصلها وتغزو روحها وقلبها مهما قال ولو كان مبروك ياهانم !!!!
تفيق من سباتها منتبهه واعية وكأنها نامت دهرا طويلا وحيرتها اكثر ومخاوفها اكثر ورعبها اكثر والاسئلة الغريبه تلح عليها اكثر واكثر ، هل ماتحسه حقيقه غريبة ام مجرد اوهام حمقاء سببها آمة سعيده وحواديتها !!!!
و.......... تسترجع التفاصيل مره وعشرة وكل مره يزداد يقينها بما تحسه وشعرت به ، يزداد يقينها انه كان يقصد غير ماقال ، وان ماقصده وصلها ، وان الامر كله غريب وعجيب كمثل الشعر الذي تقرأه  وربما اغرب واعجب !!!!


نهاية الجزء الاول ويتبع بالجزء الثاني 

هناك 9 تعليقات:

soad ragab يقول...

ياااااه يا استاذه هو لسه فيه حد بيكتب يالاحساس الراقى الناعم ده ؟
كل كلمه وتعبير مكتوب باحساس عالى قوى وتدخل القلب بلا استئذان وتحرك المشاعر برقه اسلوبك الجميل
بجد بجد تسلم ايديكى والى الجزء التانى

soad ragab يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
Hoda يقول...

تحفة وكأننا كلنا ليلي ننتظر ذلك المجهول خلصت الجزء الاول يا ميروووو

egylondner يقول...

قلبتى عليا المواجع هوة دة لسة فيه منه؟؟؟

Unknown يقول...

صراع الرغبه داخل الأنثى
عبرت عنه بشفافية وإحساس

غير معرف يقول...

الله علي الرومانسيه الجميله الراقيه ... مشاعرك الساميه و مشاعر ابطال قصتك خطفتني من الوهله الأولي ...... الله الله الله

غير معرف يقول...

الله علي الرومانسيه الجميله الراقيه ... مشاعرك الساميه و مشاعر ابطال قصتك خطفتني من الوهله الأولي ...... الله الله الله

ايمان جميل

manoola يقول...

أميره
ليلى ....و ..... يوسف
هي حلم.... وهو منتهى الحلم
يهمس لها بكل ما تشتهي ان تسمعه أنثى
يغوص بإحساسه في أعماقها
يقول له كل ما تتمناه الحبيبه
فتظن انها حالمه
اجل لابد انه حلم
فمثل هذا الاحساس هو كل ما تتمناه البنوته فما بالك .... بالأنثى
يظل الرجل الحالم المختبيء في أعماقه ينتظرهما
وتظل الاميره النائمه في اعماقها تنتظره
احساس اللحظه التي بينهما اكاد أجزم انها حلم كل فتاه.... وامرأه ايضا

نظره مختَلسَه...
كم هي النظرات التي تمنت كثير من النساء ان تكون حقيقه وليس حلما
خصوصا عندما تكون..... وحيده
لا يوجد من يسألها ابسط الاسئله
او يهتم بها اقل اهتمام

وسهرت ليلى
فقد ايقظ مشاعرها
فما عاد للنوم مكان في فراشها

أميره.....
قرأت الجزء الاول مرات ومرات
احسست في لحظات كثيره حيرة ليلى... خجلها... هواجسها...
والآن اخاف ان امضي للجزء الثاني....
فماذا بعد كل هذا الصراع الدائر في اعماق يوسف... و ليلى ؟

أميره....... صدقك بيخوف
ويوجع ... وكمان بيفرح
تحياتي لقلبك النابض بين السطور

منال أبوزيد

Isis of The Nile يقول...

أكتر من رائعة ... حالمة .. مجنونة ...
عزفت على أوتار حلم شبه مستحيل ... حلم ... ليس أكثر ...
ولكنه حلم عمر ... حلم عمر كل ليلى لم يأتيها يوسفها ... بعد ..
"كل روح ليها روح وكل اسم له اسم" ...

إنجى البنا