مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



السبت، 22 أغسطس 2015

انا كنت عيدك ... الجزء الخامس

  
قلوب العاشقين لها عيون
تري مالايراه الناظرون (1)



( 44 )
عشق

سألته ، انت متأكد يايوسف ان ده مش حلم وحنصحي منه ..
اجابها فرحا ، اللي متأكد منه ياليلي اننا اخيرا صحينا من الكابوس ..

( 45 )
ليلي

اين تختبأ الاحلام ؟؟ وتحمي نفسها من التلاشي والتبعثر والزوال ، لوقتها الممكن فتسطع وتتحقق ، اين تختبأ الاحلام ؟؟ في مكان آمن في الروح ؟؟ في مستقر دافء في النفس ؟؟ مكانها القلب؟؟
اين تختبأ الاحلام وتتواري حتي تظنها ماتت ، وتفقد الامل فيها وفي نفسك ؟؟ لتفاجئك في لحظة وتبعث حية قويه عفية وتخطفك مره ثانية في دوماتها المبهجة وتعيد لك البسمة والفرحه وتداعبك وكأنها ستتحقق ، وهل ستتحقق ؟؟
سنوات طويلة اجهضت الدنيا فيها كل احلامي ، عشت قدر ماعشت وعملت كل ماطلب مني وفرض عليا ونجحت فيما قمت به وحققت نتائج اسعدت الجميع الا ليلي ، نعم ليلي لم تعش احلامها ومرت السنوات طويله ثقيله باردة حتي ظننت ان احلامي ذابت في دموع الهم والحسرة والتمني المقهور وكدت استسلم للواقع الذي اعيشه فلن يحدث فيه غير مايحدث ولن اعيش غير مااعيش ....
نسجت الاحلام وامنياتي ، فرحة فرحة ، كلوحة زاهية علي جدران روحي وتمنيتها تتحقق ، وصارعت من اجلها وحاولت وهزمت وانكسرت ، و راكمت الايام عليها اتربتها وقسوتها ، فبهتت الوانها وشحب ألقها وتحولت كشاهد قبور يذكرني ان هنا يرقد عزيز مات قبلما يعيش ...
هذه كانت احلامي وكنت انا ، لانعيش ومتعايشين وكأن الحياة تعجبنا وراضيين عنها ، وفجأ يظهر هذا الرجل المدهش يأتيني من حيث لم اتوقعه ، في الوقت الذي تملك اليأس قلبي والوحدة روحي والهم كياني ، وكدت استسلم لما اعيشه باعتباره المتاح والممكن الوحيد وغيره اوهام حمقاء اثبتت الايام انها ابدا لن تتبدل حقائق وفرحة ، في تلك اللحظه المريرة ، وانا احدق في المرأة واري الشابه المبهجة التي كنت اخبئها طيله عمري للحظه الفرحه تكاد تلفظ انفاس هزيمتها وتفقد معني وجودها وترفع رايتها الزرقاء يأسا واستسلاما ، في تلك اللحظه يداهمني كالطوفان قويا عنيفا هادرا واثقا يجتاحني ويحطم ابواب مقاومتي ويغلق نوافذ هروبي ويقيدي في قلبه بقيد لااتمني منه سراح ولا حرية ...
يأتيني ويجتاحني ويذكرني بليلي التي كانت تحلم ونسيت الحلم وفقدت ذاكرة الامل ، ويذكر الاحلام بها لتخرج من مخبأها العميق وتحلق كالفراشات الملونه في سماء كتب الاطفال وحواديتهم الخرافية ...
لااصدقه ولااصدق نفسي ، ارتاب فيه وفي مشاعري ، انكره وانكر كل مااحسه ، لااصدق حضوره الطاغي يبعث احلامي ويعيشها معي ، لااصدق حنانه ودفءه وجنونه وحمقه ، لااصدق جموحه واندفاعه صوبي ينفض عن روحي ركام الايام ويعيدها صبية مليحة تملك احلامها وتحلم اكثر وتعيش كل ماحلمت به وتمنته !!!
انه يعيدني للمنيا ، ويصالحني عليها بعد طول خصام ، ويأتيني باقلامي الملونه واوراقي الساطعه والفرحه والعشق ، يأتيني بكتب الشعر وقصائده ويغرقني في بحوره ، يأتيني ليوقظ كل احلامي وامنياتي ، ويفرج عن الشابه الصغيرة التي عاشت في المنيا غريبه تبحث عن المنيا وعن نفسها ، يصالحني علي المنيا ويطلق فيها سراحي وفرحتي بعيدا عن سطوة امي ، وياخذني لمكتبه ابي ويفتح كتبه الحنون ويقرأ لي ابياتها تبعث في نفسي ونس الايام البعيده ، ياخذني لمحل الفضة ويبعثر محتوياته ويطلب مني فنا وعشقا وروحا تنسكب علي الفضه تحولها جمالا يشبهني هكذا قال وهكذا صدقته ، يأتيني ويركب معي قطار العمر ويصالحني علي محطاته وايامه ويقويني علي همها ويرتق جروحها ويلمس رأسي وروحي بعصايته السحريه فتعود الدنيا بالالوان الطبيعيه بعدما اغرقني الابيض والاسود في برودة قسوتهم ، يعيشني طفوله لم اعشها ، ويروي قلبي بكلماته ومشاعره فيثمر معني جديد للحياه ولنفسي ، يمنح حياتي معني مختلف واكتشف نفسي معه واتعرف عليها ، نعم ، ازاح ركام الايام من فوق روحي فسطعت وابصرتها غير كل ماعرفته عنها ، بدد الهم والوجع من نفسي فتألقت وصارت كما كنت اتمني واحلم ، اكتشفت نفسي معه وتعرفت عليها بطريقه مختلفه ، كأنه بعث في روح ليلي التي اعرفها ليلي اخري عاشت حياتها صامته مختبئه لاتجد لوجودها مكان في الوجود ، ليلي مختلفة تشبهني واجمل ، بعث في روح ليلي ليلي اخري ربما ادخرتها الايام له ولتشاركه الوجود والمعني !!!!  معه صرت انا التي اعرفها واحبها ولااخاف منها ولاعليها ، معه صرت انا الحقيقية التي ترغب تكون فكانت ...
تمنيت كثيرا اسأله وسأسأله اكيد  ، كيف افلحت يايوسف تزيح كل الايام وتصنع لي تاريخا جديدا ، هو هو نفس العمر الذي عشته ، وهي هي نفس الايام التي عشتها لكنك منحتها بوجودك معني جديد ومذاق مختلف واحاسيس اجدد ومشاعر اكثر رقة ورهافة وفرحه ؟؟ كيف افلحت يايوسف تعيد صياغه الحياه بتلك الطريقه المدهشه ؟؟ تمنيت اساله كثيرا لكنه لايترك لي فرصه لاساله ، لايترك لي فرصه لانقب في الايام البعيده ، ويحملني علي كفيه للايام الجديده الطازجه التي لم نعشها لنعشها معا ، لايترك لي فرصة الا لاعيش معه حياتنا القادمة لحظه لحظه وكأنه حول الحياه لقطرات عسل صابح تسكر العمر مافات منه وماهو ات !!!
كيف افلحت يايوسف ؟؟ كيف افلحت ؟؟؟
مااغرب ان تجد بقيه روحك تشاركك الحلم الذي اختبأ بعيدا حتي يأتيك من يستحق تشاركه فيه !!! مااغرب ان تجد بقيه روحك تقاسمك الفهم والوعي والبصيرة ، وتري العالم والكون بنفس عينك ، وتشعر بنفس احاسيسك في الحياه والدنيا ، وتقبض بمثل حرصك علي لحظه فرحتك ، وتسعي بكل اصرار معك ومعك فقط لتعيشها وتعيشها لاجلك ومن اجلك !!! منتهي الغرابه وربما الجنون !!!!
هل اهذي هل اخرف ، هل مااعيشه هلاوس تحتاج علاج ، تخاريف تحتاج تعقل ؟؟ ام حقيقه يايوسف ، هل مااعيشه بقيه الاوهام والصبر يايوسف ، ام الحقيقة ؟؟
لما لاتجاوبني يايوسف ؟؟؟؟
لما لاتجاوبني يايوسف ؟؟؟؟
 ( 46 )
يوسف

كانت الساعه تدق الثالثه صباحا وقتما دخلت غرفه مكتبي واغلقت الباب علي ، قبلما التقط انفاسي ، اقتحم رجاء الغرفه وسألني ، كنت فين ، انت مالك الايام دي ، واوعي تقولي مافيش ، عمر كويس ؟؟ ابتسمت ودعوته للجلوس ، الحمد لله عمر كويس وزي الفل ، ماتقعد يارجاء وتطلب لنا قهوة ، قهقه رجاء ، شكلك قررت تعترف اخيرا ياابو عمر مالك وفيك ايه ، اشاكسه ، جايز !!! 
نحتسي القهوة صامتين ، مختفي فين ؟؟ لسه جاي من الاسماعيليه ، وبعدين ؟؟ اقص عليه مااعيشه ، يسمعني ولايصدق مااقوله ، انت بتتكلم بجد يايوسف ، جدا يارجاء ، وهي اللي اسمها علي كفك فعلا ، اه ، معقوله ، بعد العمر ده كله ، مش مصدقك حاسس انك بتحكي لي عن فيلم ، اضحك واشرح لرجاء ،  هي كمان علي فكره مش مصدقه ومخضوضه جدا ، انا بس اللي مصدق و جدا ...
وبعدين ؟؟
مش فاهم يارجاء ..
حتعملوا ايه ، عمر ، بناتها ، اهلها ، اهلك ، حتعملوا ايه ، ناوي علي ايه ؟؟
حنعيش يارجاء ، حنعيش الحياه اللي طول عمرنا نفسنا نعيشها ...
وقبلما يكمل حواره معي ، سألته بنبرة مختلفه وملامح مختلفه ، اخبار الشغل ايه بقي ؟؟ ينفجر ضاحكا ، خلاص خلصت كلام او بمعني اصح استكفيت ، الشغل تمام ، التقارير كلها علي مكتبك واجتماعنا في ميعاده ، اقوم واسيبك تقرا التقارير وتقول رايك فيها ...
وتحرك صوب الباب ليخرج من الغرفه ثم وقف ونظر لي بمنتهي الجديه ، خلي بالك منها يايوسف لاانت ولاهي صغيرين ، في عيني ، وفتحت الملف الكبير علي مكتبي وبدأت اقرأ في التقرير الاول !!!
( 47 )
ليلي

سألها ، اشمعني محل فضه ياليلي ، فكرت كتير والله يايوسف عايزه اعمل ايه في حياتي ، حاجه تخلي ليها قيمه بدل حياه رتيبه ممله ، كنت باحس ان كل حاجه في السوق كدابة ، محدش بيدي اي حاجه بيعملها ولا فتفوته من روحه ، حسيت اني عايزه الستات تلبس فضه جميله وصادقة ، عايزه الستات تلبس حاجه ليها معني وقيمة ، حاجه تبسطهم بجد وكأنها بتقولهم باحبكم زي مابتحبوني ، ينظر اليها مبتسما سعيدا بما تقوله ...
كنت باقعد ارسم علي الورق عقود واساور ، اكتب عليها شعر وحكم ومعاني ، وحسيت اني عايزه انفذ ده في الحقيقة ، عارف يايوسف ، حسيت عايزه ابقي سفيرة الفرحة والستات تلبس حاجات بتحبها وتفهمها وتشبهها ، ضحك يوسف ضحكات كبيرة ، تصدقي انتي بجد سفيرة الفرحه ياليلي والله سفيرة الفرحة ، اساليني انا ..
بس برضه ليه الفضه ؟؟؟ صمتت تفكر ، ضحك وقال لها ، انا عارفه وانتي عارفه اني عارف صح ، بس برضه احب اسمع منك احساسك ، ضحكت ليلي ، طب ليه وجع القلب بقي ماانت عارف حاقول ايه  ، سلامتك من وجع القلب ياحبيبتي، قولي بقي ، مش انتي اللي قولتي نتعرف ، ادينا بنتعرف ، ضحكت وضحكت وضحكت .... ليه الفضه ، الفضه عريقة يايوسف ، عريقة وقديمة واصيلة ، تحسسك ان الدنيا دفا وبخير ، زي ضوء القمر كده ، مش بيقولوا عليه شعاع فضه ، انا بقي قررت اخد شعاع الفضه واعمله اساور وعقود للستات  ، ينور ارواحهم المغبونة بشيء اصيل وحقيقي ودافي .... وليه  تاني ياليلي ؟؟؟؟
كنت عايزه اعمل خلاخيل زي خلخال آمه سعيده ، حقيقي وتقيل ومشغول بالفن ، يمكن لاني حسيتها الفضه حزينه زي وقت ماكنت عايز اكسر الدنيا واجري ، حسيت ان الفضه حتفهمني وتحس بيا ، حسيت اني حاعرف اكلمها وترد عليا ، حسيت انها شبهي !!! ابتسم يوسف وهمس ، انتي اجمل منها ميت مرة  ...
وايه تاني ياليلي ؟؟ مش عارفه يايوسف ..
ضحك  وقال .... علشان دوسة كانت بتحب الفضة قوي وانتي بنت قلبها ورثتك حب الفضه ، ماهو دوسة برضه كانت سفيرة فرحة زيك بالضبط !!!
ضحكت ليلي ، ماكنتش اعرف ، اديكي عرفت ياحبيبة قلبي .....
ويتحدثا ويتحدثا ، يتعارفا ويقتربا اكثر واكثر  ....
( 48 )
فنجان قهوة 

اتصلت بها بعد الفجر ، رنه واثنين وفي الثالثه اجابتني بصوت ناعس مثير ، ايوه يايوسف ، نايمه ؟؟ لا خلاص باصحي ، بحبك ، صمتت طويلا واجابتني ، صباح النور يايوسف ، صباحك جميل ياحبيبتي ، بقولك ايه ، انا عندي 4 ساعات فاضيين ، من دلوقتي للساعه 10 ، ايه رايك اعدي عليك وننزل نفطر سوا ، انت مجنون يايوسف ، عارف ياحبيبتي ، نص ساعه حاكون عندك !!!
في المقهي اخذت تحتسي القهوة وهي صامته مبتسمه ، انت جاي منين يايوسف ؟؟ من الشغل والله ياليلي ، وراجع تاني بعد اربع ساعات ؟؟ لا بعد ثلاثه ونص ، تحدق في تستوعب مااقوله ، اطلب لك قهوه تاني ، اه طبعا علشان اركز في اللي بتقوله !!!
بصي ياليلي ، انا عارف كويس ان ظروفي شغلي صعبه جدا ، تسمعني بانتباه ، ماعنديش مواعيد ولا نظام ولا عمره حيكون ، هزت رأسها وكأنها تفهمني ، فاهمه ، ضحكت تنتظر بقيه كلامي ، لاانتي مش فاهمه والحقيقه مش حتفهمي الا تشوفي بعينيك ، اشعلت لها السيجاره ، طيب ايه يايوسف ؟؟ ولاحاجه بس حبيت اقولك ، واقولك كمان اني عارفك كويس وفاهم انك حتفهمي وتقدري وتستحملي ...
انت بتشتغل ايه يايوسف ؟؟ مش عارفه ياليلي باشتغل ايه ؟؟
لا عارفه ، متيهالي اني عارفه بس عايزه اعرف اكتر ، انت بتشتغل ايه يايوسف ؟؟ باكسر حجارة ، رفعت حاجبيها اندهاشا ، لا والله باتكلم بجد!! بمنتهي الجديه اجبتها ، وانا والله كمان باتكلم جد جدا ، باكسر حجارة وابني بيها مستقبل !!!!
انت بتتكلم بالالغاز يايوسف !!!  يفرق معاكي ؟؟ ولاقصدك خريج ايه ؟؟ اطمني معايا شهاده جامعية وماجستير وحاناقش الدكتوراه قريب جدا ، اتأمل تعبيرات وجهها وانتظارها لاكمل حديثي ، هو انتي ليه محسساني انك حتسألي عليا وبكره حيجي لي تليفون من ابوكي يقولي طلبك مرفوض ياابني معندناش بنات للجواز ..... واضحك ولاتضحك تنتظر بقيه حديثي ، بجد يايوسف ، انا باتكلم جد والله ، باكسر حجاره وابني بيها مستقبل و...............
اقترب منها واهمس ، بصي ياليلي ، مش حاقولك كلام محدد ، لاانا دكتور عندي عياده ولا استاذ جامعه باروح محاضرتين واروح ، انا بابني مستقبل وباعمل كل حاجه لازمه علشان نبنيه صح وبالشكل اللي يرضينا كلنا ...
عارفة الهرم ياليلي ؟؟ ضحكت ، فكرتني  بالفيلم بتاع هي دي مصر ياعبله ، لم يضحك وتبدلت ملامحه ، انا باتكلم جد ياليلي ، ارتكبت وخجلت ، طبعا عارفاه ، اللي بنوا الهرم كانوا بيبنوا مستقبل وحضارة ، مهندسين علماء عمال ناس بشر  رجاله ستات صغيرين كبار كهنة ملوك عظماء صعاليك كلهم كانوا ومع بعض بيبنوا مستقبل وحضارة ، انصت ولاانطق ، احنا دلوقتي بنبني ميت هرم ، بنبي مستقبل وحضارة  كلنا مع بعض ، مش مهم مين بيعمل ايه ولا حناخد نياشين ويمكن محدش يعرفنا ولايسمع عنا عايشين او ميتين ، بس اكيد الاهرامات اللي حنسيبها ورانا حتقول للتاريخ ولكل الاجيال الجاية ان فيه ناس مخلصه قضت حياتها تكسر حجارة علشان تبني المستقبل ، طبعا فاهماني ، اشعر خجلا اكثر ، طبعا يايوسف فاهماك ، طب واحنا يايوسف ، مين احنا ، ااقصد انا ، انتي ياليلي اللي بتطمنيني وبتقويني من زمان ومن قبل مانتقابل ، انتي بتطمنيني علي ان كل التعب ده اخرته فرحه ، ايه عايزه تكسري احجار انتي كمان !!!
و........ ملت عليها اكثر واكثر حتي كدت الصق شفتاي علي وجنتيها وهمست في اذنها بكلمات قليله كانت تلزمها لتفهم وبعمق ...بس !!!
اوكي ، فهمت !!! والله ياليلي كلامي كان مفهوم من الاول ، باكسر حجارة وابني بيها مستقبل ...صمتت طويلا ثم همست ، ياحرام .. ويابختك !!!
حبيبتي ، همست ، مهما كانت ظروفي وظروف شغلي ، انا مشغول موجود مختفي لاقياني مش لاقياني ، انتي معايا في كل ثانيه ، وانا معاكي في كل لحظه ، احنا مع بعض ، وانا دايما حواليكي وموجود ومعاكي ، اوعي تتصوري غير كده ، زي ماقلت لك انا راجلك وحبيبك ومالكيش في الدنيا غيري ، فاهماني طبعا ، هزت رأسها فاهماك طبعا !!!
طلب اخر فنجان قهوة والحساب و........... نخلص القهوه واوصلك البيت وارجع المكتب ...لا وصلني المحل وارتسمت علي وجهها ابتسامه قالت لي في تلك اللحظه من النهار المبكر كل مشاعرها ومايختلج في روحها ، ولم اكن اطمح في اكثر من هذا ليبدأ يومي جميلا  كوجهها ومشاعرها ...
( 49 )
ليلي

وقفت في المطار ابكي واحتضن ليلة ، وهي سعيده فرحه لان ماارادته كان ، اتصل بها ابي وبصوته الوهن اوصاها تحافظ علي نفسها ، امي كلمتني تسبني وتسبها لاني ام ضعيفه ماليش كلمه علي بناتي ولانها صايعه ومالهاش كبير ، لاتنسي امي تذكرني بشريف وتترحم عليه وتلومني لاني لم احافظ علي بناته واتلفت املهم ...
اقبض علي ذراع ليلة لاارغب اتركها تدخل صالة السفر  ، استبقيها معي بضعه ثواني وكأن تلك الثوان ستفرق في حزني وتوتري ، خلي بالك من نفسك ، حاضر يامامي ، ابقي كلميني ، حاضر يامامي ، ماتتأخريش بره وتنامي بدري ، تنفجر ضاحكه ، حاضر يامامي ، احتضنها بقوه فتحتضني بقوة ، كنت عايزه اجي معاكي والله ، تعملي ايه يامامي بس ..
تحتضنها لبني ، حتوحشيني ياحماره ، وانتم والله كلكم حتوحشوني ، خلي بالك من مامي يالبني ، ضحكت ، هي اللي تخلي بالها مني قولي لها  تيجي تقعد معايا في الجونه ، هززت رأسي نفيا ، ولاعمره حيحصل ، ضحكت ليلة طيب خلاص روحي بقي وامرك لله اقعدي مع تيتة  في المنيا ، وانفجرنا ضاحكين ودموعي تنهمر علي وجهي لاتكف عن منح اللحظه القاسيه مزيدا من القسوة ..
نظرت ليلة في ساعتها وهمست ، نخلص بقي الفيلم ده ، يالا اورفوار يامامي واحتضنتي بقوة ، وودعت اختها واولادها ، واعطتنا ظهرها صوب المطار وهي تلوح لنا تودعنا ، قلت للبني ، اختك بتعيط ، بتعقل اجابتني ، عادي يامامي ماتسيبها تعيط ، طيب ليه بس ماكنا قاعدين كلنا سوا ، ضحكت لبني ، انتي علي فكره مش معقوله يامامي ، خلاص الكلام ده وقته خلص..
اتابع ليلة بنظري ، واشفق عليها من التجربه الصعبه التي اختارتها ، فجأ تقف قبلما تدخل صالة السفر ، وتعود لي مسرعه وتحضني بقوة وتهمس ، يامامي ، ابقي سلمي علي التصميمات وتنفجر ضاحكه وانا ايضا ، باي ..
و.... سافرت ليلة وعدت طيله الطريق ابكي ، اخرجت منديلي من حقيبه يدي لامسح دموعي فاضاء تليفوني ، رساله من يوسف ، كلميني ياليلي اول ماتقدري ، اتصلت به ، بطلتي عياط ؟؟ ضحكت ، لا لسه ، طيب بطلي عياط ياليلي وخلي بالك علي نفسك ، ليلة حتبقي كويسه وانا عيني عليها هناك وهنا ، ماتقلقيش ، حاكلمك لما اخلص اللي في ايدي و.... لم اسمع صوته طيله اليوم لانشغاله الشديد وتفهمت هذا ، لكني كنت اشتاق له و جدا ..
( 50 )
يوسف
تيجي نقعد علي قهوة ؟؟
اتصلت بها ، حأمر عليكي بعد ساعه ، نروح نقعد علي قهوة ونشرب شيشة ، بتشربي شيشة ياليلي ، لا طبعا ، خلاص حتشربيها ، كل حاجه حنعملها سوا ، المهم ، ساعه حاكون عندك ..
علي قهوة الفيشاوي جلسنا ، طلبت شاي بالنعناع وشيشة وامسكت يديها ولم اسمح لها تهرب مني لاهي ولا يديها ..
انت اجازه ، انفجرت ضاحكا ، لا مزوغ ساعتين ، مش مزوغ قوي يعني ، قلت لهم رايح مشوار مهم ، وقلت نشرب القهوة سوا وارجع اكمل شغلي ...
انت مدهش يايوسف ، من الاسماعيليه للحسين ، اكمل كلامها ، للمنيا لاخر الدنيا سوا ، ارتبكت وكنت اعرف ، هو ليس ارتباك ، هو ادراك للحياه الجديده التي نتقاسمها ونعيش فرحتها معا ...
ليه الاسماعيليه يايوسف ؟؟ سألتني ..
انتي روحتي  الاسماعيليه قبل كده ياليلي ؟؟
الحقيقه يعني وماتضحكش عليا ، لا !!!
ابتسم ، علشان كده الاسماعيليه ، علشان نمشي علي طريق مامشيتيش عليه قبل كده ونروح مكان ماروحتيهوش قبل كده ، ونكون سوا في مكان تروحيه اول مره !!! اخلق عالمنا الجديد ياحبيبتي ، اخلق تاريخنا الجديد ياحبيبتي ، اخلق وجودنا الجديد ياحبيبتي ، لم اقل لها كل هذا طبعا ، لكني كنت اعنيه وقد فهمته وادركته جيدا !!!
وانت عرفت منين اني عمري ماروحت الاسماعيليه ؟؟
ماعرفتش بس توقعت ، وقلت اجرب ولو طابت ابقي ماشي صح وطريقي صح ، واهي طابت ياليلي ، واضحك وتضحك وتتعانق قهقهاتنا سحابه فرحة فوق رؤوسنا وقلوبنا ...
وليه المنيا ؟؟
المنيا دي حكايه تانيه ، دي الاصل ياليلي وصدقيني ماكنتش اعرف انك من المينا لكن اول مافكرت فيكي ولقيتك اتمنيت نروح المنيا ونزور دوسة ونبات في البيت الكبير ونشرب الشاي الصبح هناك ونركب مركب في النيل وقت المغربية ونروح مولد العدرا ، تقومي حضرتك تطلعي من المنيا ، كأن المنيا شخصيا جت تدخل في حضني وتحت جلدي وتجري في عروقي ...
تضحك وفي عينها ومضه فزع ، تخافني وتخاف مني ، تراني مرآة افكارها وامنياتها واحلامها ، تراني احتلها واكشف مكنونها فتخافني اكثر واكثر ، مين دوسة ؟؟ جدتي بس مش اي جدة ، دي حكايه طويله حاحكيها ليكي طبعا ...
احدق في وجهها واري الطيبه والحنان والاصالة والصدق ، انت شبه المنيا ياليلي ، اصيله جميله دافيه زي شمسها طيبه زي ارضها ، انت شبه المنيا ياليلي بتطمنيني زيها بالضبط ، بتحسسيني ان الدنيا لسه بخير زي المنيا بالضبط ، ابتسم ، وانا بحب المنيا قوي عارفه ياليلي اول مرة شفتك شفت المنيا في عينك وروحك ، اه ياليلي لو دوسة شافتك كانت قالت هي دي يايوسف واوعي تفرط فيها ، وكنت طبعا حاسمع كلامها وعمري ماافرط فيكي...
تسمعني جيدا وكلماتي تقع علي روحها فرحه وخوف فيزداد ارتباكها اكثر واكثر ..
عجبتك الشيشة ؟؟؟ لا خالص ، يضحك ويضحك ، مسيرها تعجبك !!


نهاية الجزء الخامس  ويتبع بالجزء السادس 

هناك تعليقان (2):

manoola يقول...

أميره

حقيقي.... "أين تختبيء الاحلام"
ربما كان هذا هو جوهر الموضوع
ربما كانت هذه هي الانامل التي سرقتني من كل ما حولي لاتابع بشوق...بخوف... بآمل حروفك ها هنا

اعتقد يا صديقتي ان اكثر الخناجر ايلاما هو ما نسميه " التأقلم" ..." الاستسلام " او " التعايش"
فمجرد ان نتعايش مع واقع لا نقبله كمن يمسك بخنجر ويغرزه في اعماق روحه
حقا.... كم من بلاطات بارده من الرخام كتب عليها " هنا يرقد حلم إمرأه"
هل الحلم يا صديقه رفاهيه؟
لا اعرف... حقا لا اعرف
هل من الممكن ان تصالح المرأه نفسها بعد ان وئدت بيديها كل احلامها؟؟؟
هل هناك أمل؟
ام لابد ان يكون هناك ..... "يوسف"

أميره
هذا الجزء آبكاني .... وأبكاني
رفقاً بصديقات يلملمن ارواحهن بين حروفك

منال أبوزيد

Isis of The Nile يقول...

من "باكسر حجارة وابني بيها مستقبل !!!!"
حسيت ان يوسف بيشتغل فى حفر القنال مع انها رمل مش حجارة ....
هرم رابع ....
و حبيته قوى :)

الجزء ده "صالحب بيك أيامى ... سامحت فيك الزمن"