مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

زهور ورديه واغنية عشق وبعض الوجع ( الجزء السادس )



( 37 )
1980
المعادي
في غرفة المعيشة تجلس تنتظره ..
امرته يأتيها في السابعه لكنه اعتذر لانه ميعاد عيادته ..
صرخت فيه وتشاجرت معه  لان عمله اهم منها ولانه لايكترث لحالها ولا وحدتها ، ربما ابتسم وقتها ساخرا من كلماتها الجوفاء ، من لايكترث لحال من يانبيلة هانم ، هذا ماتمني يقوله لها لكنه صمت ادبا .. حاكون عندك الساعه 9 ، حسم الامر وانهي المكالمه بسرعة ..
وهاهي عقارب الساعه تجري بسرعه صوب التاسعه ، سيدق الجرس في التاسعه بالضبط ، كمثل ابيه ، نعم ابيه رغم كل شيء كان يحترم مواعيده ، سخرت من الدكتور مراد لانه لم يحترم في الحياه اي شيء الا مواعيده ، لم يحترمها ولا ابيها الباشا ولا سمعته ولا سيرة عائلته العريقة ، لم يحترم الا مواعيده وهاهو ابنها رشدي ورث منه احترام المواعيد ..
للاسف رشدي يذكرها بابيه والوجع الذي عاشته والمرارة التي اجترتها ، للاسف للاسف ، هو ابنها الوحيد الذي تحبه لكنه يذكرها بابيه ..
دق جرس الباب ، ابتسمت ، تسمع خطواته صوب غرفه المعيشه ، بنسوار يامامي ، قبل يديها ورأسها ، جلس امها ينتظر ماستخبره به ، فكر في كل شيء واي شيء الا ما ااخبرته به ، انا حاتجوز يارشدي ، انتفض مكانه وكأن عقربه لدعته ، صمت ولم يرد ، ايه مافيش مبروك ، تذبحه من الوريد للوريد بقسوتها ، تالت ؟؟ يتمني يفتح باب منزلها ويجري ، مالك زي البجم كده مابتنطقش ، انت فاكرني كبرت علي الجواز ، انا لسه في عز شبابي والعرسان بتطلبني كل يوم ، يتمالك نفسه واعصابه ، طيب يامامي ، ده اللي ربنا قدرك عليه ، طيب ، مافيش مبروك ، مافيش حتتجوزي مين ، مافيش اي حاجه غير طيب ....
يحدق فيها لايجد عبارات مناسبه لمشاعره المتأججه الغاضبه ، تصور انها ستلح عليه ليتزوج مثلما فعلت مرات عديده ، كان سيخطرها بحبه لليلي وانه ينتظر انتهاء مناقشه رساله الماجستير ليأخذها لمنزل والد ليلي ويخطبها ، لكنها فاجئته كعادتها واخبرته بعزمها الزواج ...
المهندس مراد مرعي اللي عايز يتجوزني ، يحب يقابلك ، اقوله امتي ؟؟ يانهار اسود ، همس لنفسه ، الم يكفيكي ياامرأه كل ماعشته بسببك ، ستجبريني اقابل الرجل الذي قررت تتزوجيه ليخطبك مني ؟؟؟
مابتردش ليه ، اقوله امتي ؟؟ انفجر صارخا ، مش حاقابله يانبيله هانم ، مش حاقابله ، صوت صراخه يكاد يحطم نوافذ منزلها ويوقظ النائمين في الحي الهاديء ، ان شالله عنك ماقابلته ، صرخت بصوت اعلي واكثر غضبا ، انا قلت انت كبرت ومفروض يعني تقابله قبل مانتجوز ، يضحك رشدي بهسيتريا وكأنه لايصدق ماتقوله ، كويس انك عارفه اني كبرت !!!!
ويضحك ويضحك ويضحك ويلملم اشياءه ويرسل لها قبله في الهواء ويخرج من بيتها مسرعا يبحث عن نسمه هواء تنقذه من الاختناق الذي يكاد يقبض روحه ، تبقي مكانه لاتصدق قله ادبه ولا سلوكه المنفلت ، تصورته سيفرج لها لانها وجدت من يمليء حياتها الفارغه بعد موت زوجها الثاني ، لكنه مثل ابيه لايحب لها الخير ، مثل ابيه لم يغفر لها ابدا طلاقه منه ، مازالت تتذكر مشاجرته معه ذات يوم وصراخه في وجهها يلومها لانها طلقت من ابيها ودمرت حياته ، لانها لم تتنازل عن كرامتها وتعنتت رغم الاعتذارات المتكرره من ابيها ورغبته في عودتها لحياه ليربيا ابنهما ، صرخ فيها لانها فضحته بطلاقها وفضحته بزواجها الثاني ، كان يصرخ وهي تصرخ وتسبه وتلعنه لانه مثل ابيه لايفكر الا في نفسه ، لم يفكر فيها وفي الفضيحه التي تسبب فيها ابيه ، انت اناني زي باباك بالضبط ، بتلومني لاني اتطلقت ، طيب ليه مالومتش ابوك لانه خاني وفضحني وفضل علي خدامه مقشفه ، لم يرد عليها ، لام ابيه مثلما لامها ، لكنها هي المرأه الشجره التي تضلل علي البيت او تقع فوق سقفه تخربه ، هي الام التي كان يتعين عليها تنصاع لامومتها وتفضل مصلحته علي مصلحتها ، لكنها فكرت بعقليه الانثي المهانه ولم تفكر بعقليه الام المسئولة ، طلقت من ابيه وافسدت حياته وهاهي تكمل افسادها بكل طريق وطيله الوقت ...
مازالت جالسه مكانها غاضبه من رشدي الذي رفض يقابل عريسها وخرج وتركها دون اذن ولا وداع ، اتصلت بالمهندس مراد واخبرته انها سترتب له ميعاد مع شوكت اخيها ، اخبرته ان رشدي مشغول في الماجستير ولايجد وقتا ليقابله و .... الله يكون في عونه و..... خطبت للمهندس مراد مرعي ومرت شهورا قليله جهزت فيها منزلها الجديده وبسرعه تزوجت نبيلة من المهندس مراد مرعي الذي اقام مأدبه عشاء كبيرة احتفالا بزواجهما ، تزوجت من المهندس مراد تجاهلا لغضب رشدي ورفض شوكت وهي تؤكد لنفسها انها حياتها هي التي ستعيشها وانها كبيرة لحد تأخذ فيه قراراتها دون وصايه من اي شخص ولو كان ابنها او شقيقها الاكبر .... وطبعا لم يحضر رشدي مأدبه العشاء رغم ان المهندس مراد اتصل به شخصيا ودعاه ليشاركهما فرحتهما ، يومها اعتذر له ببرود وصمت ، لم يقوي يبارك له علي الزواج من امه و.......... صارت امه مدام " مرعي " ..

( 38 )
2010
جاردن سيتي

عمري مافهمت ابوك زعلان مني ليه ؟؟؟ ينصت لها ناجي ، لاانا اول واحده اتطلقت ولااخر واحدة ، صحيح ايامنا كان الطلاق قليل وصعب ، لكن عادي ، ليه زعل مني وعمره ماصالحني..
حدق لها ناجي متعجبا من كلامها ، المره الاولي التي تفتح امر ابيه معه ، انا اكيد ماكنتش اتمني اتطلق من جدك المنحط ، لكن هو منحط اعمل ايه ، كنت اضيع كل حياتي معاه ، يرضي مين ده ؟؟؟
يصمت ناجي ويترك لها مجالا لتتحدث ، ابوه صمم ياخده يعيش معاه لمااتجوزت ، كان غصبن عني اني اسيبه لكن وقتها ماكنتش املك اعمل ايه حاجه خالص ، ومش معقول كنت افضل قاعده في بيت ابويا زي الكلب الجربان كل الناس عايشه وانا لا ، يبقي انا غلطت في ايه ؟؟
انا بقي اللي زعلت منه ، ليه ؟؟ تضحك ساخره من ناجي ، انت بجد مش عارف انا زعلت منه ليه ، لانه نسي انه ابني وافتكر بس انه اناضولي ، لانه قرر يفكرني طول الوقت انه ابن ابوه ومش ابني ، لانه انحاز لابوه علي حسابي ولا ده كمان انت مش واخد بالك منه ..
يصمت ناجي ويصمت ، ستغضب منه لو قال لها رايه ...
ياانة بابي كانت حياته صعبة ، وهي حياتي انا يعني اللي كانت سهله ، هو انا اللي اخترت ان حياته تبقي صعبه ، كلنا ضحايا الاناضولي المنحط ، وبعدين حياته صعبه ليه ، ماهو راح عاش مع ابوه ولما مات ورث منه فلوس كتير وثروة كبيرة وعايش ملك اهو ، حياته صعبه ليه ؟؟
يبتسم ناجي ويصغي لها وهما يجلسا معا في الصالون ، يومها ايقظته من نومه وهي تدلله ، ربما سمعها تقول لها قوم يامراد ياحبيبي وربما قالت له ياناجي ياحبيبي واختلطت عليه الاسماء ، استيقظ من نومه وجدها ترتدي ثوب انيق وابتسمت في وجهه وقالت له انها تدعوه للقهوة الصباحيه في الصالون الكبير ، ضحك ضحكات متتاليه ، قالت له انها ملت من غرفه نومها ومن شرفتها وان الصالون الكبير حزين لبعدها عنه وانها قررت تحتسي قهوتها النهاريه في الصالون وتدعوه يشاركها القهوه ، احتضنها وطلب منها بعض الوقت يتحمم ويتعطر ويرتدي ملابسه ليكون انيقا جديرا بقهوة الصالون وصحبتها ..
في الصباح الباكر استيقظت كدره ، لم تنام جيدا لان بعض الكوابيس التي لاتتذكر تفاصيلها افسدت عليها نومها ، كل ماتعرفه ان اناضولي وخادمته الحقيرة ابتسما وازعجاها بعدما تسللا لحجرتها خلسه وهي نائمه ، توعدت عثمان وفاطمه وهي نائمه لانهم يسمحوا للحقراء الحثاله يتسللوا لنومها ومنزلها في غفله منهم ... استيقظت كدرة ، فكرت تخرج للشرفه فاحست بالضيق ، فكرت تبقي في فراشها مستلقية تحتسي قهوتها لكنها احست بالملل ، قررت فجأ تخرج للصالون ، نادت فاطمة وامرتها تنظف الصالون وتفتح نوافذه ، امرتها تخرج فناجين القهوة من البوفية وتزهر الماء البارد وتجهز الغرفه لاستقبالها هي ومراد بيه ..
هرعت فاطمة لعثمان مضطربه ، الهانم رجعت تقول مراد بيه ،نهرها ، وانتي مالك يابت ، ماتقول اللي تقوله يخصك في ايه ، روحي هوي الاوضه ونضفيها ....
جلست في غرفه الصالون تنتظر ناجي الذي دخل اليها متحمما انيقا متعطرا يحمل في يده زهره ورديه من شجرتها الوافرة في الشرفة ، قبل يدها ورأسها وجلس بجوارها ، ابتسمت سعيده كأن الايام الهانئه اللطيفه البعيده عادت ...
اعطاها فنجان القهوه فضحكت لان العيون الكثيرة تتقافز فوق وجه الفنجان ولان حاسديها كثر ولم يتركوها في حاله طيله الحياه ، ابتسم وقال لها ليست عيون ياجدتي بل " صرر " نقود كثيرة وخير وفير سيأتيك ..
انا ياناجي اللي اتظلمت من جدك مره ومن ابوك الف مره ، عمري ماحسيت انه ابني وبيحبني ، زي مااكون مرات ابوه ، زي مايكون بيعاقبني طول حياتي لاني اتطلقت من ابوه ، زي مايكون كان يفضل اعيش تعيسه مع ابوه علي اني اتطلق منه .... ابوك طول عمره اناني قوي ياناجي ولا ايه ؟؟؟
صمت ناجي تماما ، كيف تري الامر هكذا ياجدتي ، كيف تري الطفل الضحيه اناني وانتي التي عشتي حياتك بالطول والعرض وهو انصاع لارادتك وعاش حياته بالطريقه التي فرضتيها عليه ، لن اقول لك رايي ، ستغضبي وانا لااريد اغضابك ، لو العمر عاد بنا سنوات كثيرة للخلف ، لو كنت اكثر صحه واكثر شباب ، لو كنتي تملكي من العمر سنوات تسمح لك بمداواة جروحه لقلت لكي رايي وطالبتك تصلحي ماافسدته الايام بينكما ، لكن السنوات مر والعتاب مر ولانملك جميعا حيله الا نعيش ماكتب لنا ..
تنتظر رده عليها لكنه لم ينطق وسألها عجبتك القهوة ياانة ؟؟
ضحكت ضحكات عاليه ، انا طول عمري احب اشرب القهوه معاك في الصالون يامراد !!!
تضحك سعيده فيضحك ناجي فرحا بخرف الشيخوخه الذي يمنحها بعض السعاده التي خرجت من حياتها منذ سنوات طويله ....
تضحك ويضحك ..... تضحك ويضحك ..... ويشكر ربه انها نسيت ابيه وغضبها منه ....

( 39 )
1980
الجيزة

لاترهقي نفسك معي يانبيلة هانم ، لن اتزوج جميله من اللاتي تأتين بهن امامي وتعرضي جمالهن وانوثتهن الطاغية وترشيحهن للزواج ، لاترهقي نفسك ، لن اتزوج جميله فاتنة تلتف الرقاب صوبها اعجابا وقتما تسير وتبتسم الشفاه اعجابا وقتما تظهر ، كفاني مااصابني من جمالك ، كفاني مالحقني من انوثتك الطاغيه واعجاب الرجال بك ، لو انكي دميمة او قليله الجمال مااصابني مااصابني ، لو انكي دميمه لانكسرت لابي وصفحتي عنه وسامحتيه عن نزوته وبقيت في عصمته ، لو انكي دميمه ماتكبرتي وما تعاليتي علي محاولات الصلح وبقيتي امي وبقي هو ابي ، لكن جمالك جلب لي التعاسه ، الرجال يسيرون خلفك والمعجبين لايكفوا عن ملاحقتك والنساء تزورك وتعرض عليك الزواج باشقائهن وابناءهن ، مرت عليكي السنوات ولم تترك بصمتها علي جمالك ولا ملامح وجهك ولا روحك ، مرت عليكي السنوات وظللتي صبية جميله تلفتي الانظار وتثيري الاعجاب ، وماذا عني ، انا ابن السيدة الجميلة التي يتهافت عليها الخطاب ، انا ابن السيدة الجميلة التي طلقت من ابيه تكبرا وتزوجت مره ثانيه وثالثه ، انا ابن السيدة الجميله التي تأبطت ذراع زوج تلو الاخر لاتكترث بحالي وماالاقيه من جمالها ومن زواجها ، عندما طلقت من ابي سخر مني زملاء المدرسه لان امي ارتكبت الجرم الفاحش وخالفت التقاليد والاعراف التي نشأت وعاشت عليها عائلاتنا ويوم تزوجت زيجتها الثانية بكيت بحرقة لاني لم اتصور ابدا رجلا غريب يقبض علي ذراع امي ويحتضنها و........ طردت الافكار والتصورات والخيالات السخيفه من ذهني ، وحين تزوجت زوجها العاشق الذي احبها عمره كله وانتظرها لم يتزوج غيرها احسست عارا رهيبا ليس فقط امام نفسي وليس فقط امام اصدقائي الذين هنئوني بزواج امها وكلماتهم تحمل الف معني ، احسست عارا رهيبا امام خطيبتي واهلها ، وتحملت سخريه حماتي التي اقترحت علي حفل زفاف واحد لي ولامي ....
لن اتزوج جميلة تجلب العار لابني وتتزوج من بعدي لو مت وتركتها وتفتح بيتها وحضنها للغرباء وتقهره وتقهرني في قبري ، ساتزوج ليلي ، طيبه وابنة ناس ومؤدبه ومتواضعه الجمال وكفاني مااصابني من الجمال ومصائبه ....

( 40 )
1980
المعادي

يانبيلة مش كفايه كده ؟؟ سـألها مراد .. كفايه ايه ؟؟ كفايه سنه من عمرنا بنتعرف ونقرب من بعض ، كفايه سنه انتي في بيت وانا في بيت ، كفايه سنه من غير جواز ، مش كفايه كده؟؟ ابتسمت نبيلة وارتبكت ، عام واكثر مره منذ عرض عليها مراد مرعي الزواج ، وقتها لم تكن تعرفه ، عرفت منه طبعا انه يحبها طيله حياته وانه تمني يتزوجها قبل اناضولي وقبل سندسي ، لكن الايام والظروف باعدت بينهما ، طلبت منه تفكر في عرضه ، رفض ، اخبرها انها لاتعرفه ولن تفكر بطريقه سليمه ، استأذنها يتعارفا ، احنا مش صغيرين ، نتقابل نتكلم نخرج سوي فتره ، كذا شهر ، وبعدها تقرري ولو اني واثق من قرارك ، وافقته ، يتصل بها تليفونيا كل يوم في نفس الميعاد ، يوقظها من النوم ، يودعها قبلما تنام ، يرسل لها الزهور الورديه ، يمر عليها مره كل اسبوع يدعوها للعشاء تاره وللغداء تاره ، يصاحبها للسينما والاوبرا ، في البدايه لم تشعر بشيئا ، هو يحبها وهي لاتعرفه ، يتحدث كثيرا عن نفسه ، يحكي لها عن حياته بكل تفاصيلها ، يسمع منها كثيرا ، تلاحظ غيرته وقتما تتحدث عن السندسي وغضبه وقتما تتحدث عن اناضولي ، طالبها ذات مره بغضب حقيقي ان تكف عن الحديث عن ازواجها السابقين ، حياتك ستبدأ معي وتنتهي معي ، يمحو تاريخها ويكتب معها تاريخ جديد ، مع الايام تعلقت به وسعدت بمشاعره ودفئها وحنانه ورعايته ، سنه مرت وهي تتعرف عليه واليه ، احبته لاتنكر لكنها تخاف من الزواج الثالث ، نبهها مره واثنين لمرور الوقت وان العمر قصير يجري ، تجاهلت مايقوله ، حتي فوجئت به يطرق جرس منزلها ذات يوم من غير ميعاد ، اتي يتشاجر معها لان البعد اتعبه ونصف القرب منه اوجعه ومشاعره تتأرجح بين الامل والتمني وبين اليأس والحزن ، مش كفايه كده يانبيله ؟؟
طالبها في ذلك اليوم تحسم موقفها ومشاعرها ، انا باحبك ومش حاتجوزك الا لما تحبيني وبجد ، وبنظره ذات مغزي ، سألها ولا انا مااستاهلش حبك و............ بسرعه تزوجا بعدما اسرت له انها بتحبه وبتموت فيه .... واخيرا تحقق الرجاء يامراد ...

( 41 )
1980
المعادي

اشمعني ليلي يعني ؟؟
سألته غاضبه ، بحبها يامامي وشايفها زوجه مناسبة لي ..
يعني ايه بتحبها ، مش فاهمه والله ، مافيه ميت بنت حلوه كلاس تتحب ، اشمعني ليلي دي؟؟ تتحدث ووجعها ممتعض وشفتيها مقلوبتين ، كأنها تقول له ، كل اختياراتك لاتعجبني ولن تعجبني ...
لايرد عليها وينتظر صامتا انتهاء ثورة غضبها ...
بس دي مش حلوة خالص ، انت ايه اعمي ؟؟ مازال صامتا ...
لاتحب ليلي ولاتعجبها ، تعرفها من نادي المعادي وتعرف اهلها ، لكنها لاتحبها ولاتعجبها ، لكن رشدي يتعمد يضايقها ، تجاهل كل الجميلات اللاتي يحمن حوله ليلفتن نظره واعجب بليلي ... اعجب بها فقط ليضايقها كعادته .. بعد طول صمت منه وانتظار متوتر منه همس ، عاجباني ، يستفزها عامدا...
باحبها وهي بتحبني ، تضحك ساخره من حمقه ، ماهي لازم تحبك ، هي تطول واحد زيك علشان يبص ليها اصلا ، لاتحب ليلي ، مرات كثيرة شاهدتها في النادي تتعثر في خجلها ، بنت لبخه ، تقول لنفسها ، ابنة عز وعائله عريقه لكنه الفرع الذي دار عليه الزمن ، ابوها شحات ، تبحث نبيله عن كلمات توجعه ، انا حاتجوزها هي وانا وهي متفقين علي كل حاجه ، تجحده بنظره ناريه ، طبعا ماانت حتورث ابوك وتورثني وتعمل مابدا لك ، طيب خلاص ماتروح تتجوزها عايز مني ايه ؟؟
كان يعرف ان امه ستعارض خطبته لليلي ، يعرف انها تعاين الفتيات ليل نهار وتختار من بينهم الاجمل والاكثر ثراء ، ترشحهن له الواحده تلو الاخر ، كلما اتصلت به في التليفون نهارا ادرك انها ستفاتحه في موضوع الزواج وستخبره انها وجدت ضالتها التي ستعجبه ، بنوته قمر وعيله واصل وحسب ونسب وثروة وكل اللي يحلم بيه اي عريس .. كل مره يرفض يري العروسه ويرفض اختياراتها ، لايبحث عن ثروة وحسب ونسب ، يبحث عن فتاه تحتويه يسكن لها وتنتمي له ، لاتعرف انه يبحث عن ارضا راسخه يمد فيها جذوره المخلوعه من ارضها ، يبحث عن ارض راسخه يرزع فيها شجرته وينتمي لها ويخلق معها اسره وبيت يعوضاه الشتات المهين الذي عاشه ، ياابني افهم ، ليلي دي بنت وحشه ، وحشه جدا ، تتجوز واحده وحشه ليه ؟؟ تتشاجر معه ، لن يرد عليها ، لن يخطرها ان كره الجميلات من وجهها ، يشعر جمالها نقمه افسدت حياته ولن يأتي لاولاده بام جميله تبعثر امانهم وطمأنينة ارواحهم ، لن يتزوج جميله يسمع كلمات الغزل والمعاكسه تحاصرها مثلما يسمعها وقتما يسير مع امه ..
يانبيله هانم هو الجمال نفعك بايه ، هكذا يتمني يسألها ، هل منع جمالك ابي من خيانتك مع الخادمه البلهاء ، جمالك منحكي استبداد افسد حياتك ونفر زوجك منه ومنك ، نعم هذا هو السر الذي لاتعرفه ، سأل ابيه ذات مره عن الذي حدث بينه وبين امه ولماذا خانها مع الخادمه ، يومها ذهل ابيه من جراءته عليه وقله حياءه التي سمحت له يفاتحه في هذا الموضوع الشائك ، عايز افهم يابابي من فضلك ..
فكر الدكتور اناضولي طويلا قبلما يصارح ابنه بما حدث ، احس حرجا لان مطلقته فضحته حتي مع ابنه ، احس حرجا من نزوه عابره مرت منذ سنوات بعيده ومازالت تلاحقه بسبب حمق السيدة التي كانت زوجته ورعونتها ، لو كانت صممت كمثل كل النساء لرفعها فوق رأسه واحتفظ بصمتها جميلا يرده طيله الحياه ، لكنها مدلله حمقاء ، غارت من الخادمه وفضحته بنزوته وخربت البيت بعندها التركي الاحمق وصممت علي الطلاق ..
شريط طول من الذكريات مر بخاطر الدكتور مراد قبلما يجيب ابنه علي سؤاله المخجل ، ليه خنت مامي مع الخدامة ؟؟؟ شريط طويل من الذكريات مر بخاطر الدكتور مراد ، تشاجر فيه مع زوجته الف مشاجرة ...
انتي ياسيدتي من دفعتيني لاخونك ، تدللت بجمالك وتصورتيه تفضلا منكي علي الرجل الذي منحكي اسمه ، تدللت بجمالك واشترطت علي سبيلا للحياه لايعجبني ، لن اكون الزوج الذي يقبل يد زوجته الجميله وقدمها لترضي عنه وتمنحه مشاعرها وحياتها ، تدللت بجمالك لحد كرهني في الجمال والجميلات ، الخادمه العجفاء لم تكن الا بصقه من رجولتي المهانه بجمالك علي وجهك الجميل ...
مازال يتشاجر معها ومازال رشدي ينتظر اجابته ومازال يرتب رأسه وافكاره ليمنحه اجابه مقبوله علي نزوه افسدت حياتهم جميعا ،  الخادمه العجفاء كانت مجرد تجربه ، ليلة وحيده ، لم تتكرر ، ليله شاهديتنا وفضحتيني ، مازالت اذكر تلك الليله جيدا ، صممت اذهب معكي للاوبرا وانا لااحبها وتشاجرتي معي لاني لاارعاكي مثلما يفعل زوج اختك ولا ادللكي كما تستحقي وكما تتدل صديقاتك الاقل جمالا ، اخبرتك لن اذهب للاوبرا وطالبتك تبقي معي لنقضي سهرة منزليه هادئه بعدما انهي عملي ومواعيده ، لكني رفضتي وتشاجرتي ، صممتي تذهبي للاوبرا بصحبه امك واختك ، كنت فصلتي فستان احمر جديد وترغبيني في التباهي به بين صديقاتك وجاراتك ومعارفك ، لو ارتديتي الفستان معي في سهرتنا الهادئه ماانتصرت علي بقيه النساء ، كنتي تسعين لانتصار عليهن ، بجمالك وفستانك الاحمر ، كنت تريدني اكمل الصورة التي ستعايري الاخريات بها ، سيدة جميله انيقه محبوبه بفستان احمر انيق يحتضنها زوج عاشق ، هذا ماحلمت به ، لكني لااحب الاوبرا ولااتحمل اجواء النساء الحمقاوات اللاتي لايفكرن الا في الانتصار علي الاخريات ، صممتي وذهبتي للاوبرا ، لم تكتري بمشاعري ولا رغبتي في السهر معك في المنزل ، تجاهلتني وفكرتي فقط في نفسك بمنتهي الانانيه كعادتك ، يومها عدت من العياده مبكرا ، كانت الخادمه العجفاء مستيقظه في حجرتها تنصت للراديو بصوت عالي وحريه متصوره ان البيت خالي الا منها ومن رشدي النائم كالملاك الصغير ، غيرت ملابسي وارتديتي منامتي الحريرية واحتسيت بعض الويسكي الفاخر ودندنت مع صوت ام كلثوم المنبعث من حجره الخادمة ، انتشيت وحيدا وانتي بعيده لايشغلك الا ثوبك الاحمر واغاظه بقيه النساء ، تشاجرت معكي في خيالي لانك ابدا لم تحبيني ولانك انانيه لدرجه مقززة لايشغلك الا نفسك ورغباتك وليذهب العالم كله للجحيم ، اشعل الويسكي الرجوله المكبوته في روحي وبدني ، تمنيتك تعودي مسرعه لامارس معكي رجولتي وحبي ، لكنك لم تعودي ، وبقيت كالاسد الاسير اعوي وادور في المنزل بين جدرانه الخاوية مغتاظا منكي، الخمر تلاعب برأسي وفجرت فيها حوارا كوميديا انتهي بمأساة ، ماذا لو حاولت اعبث مع الخادمه ، انفجرت في الضحك كالاحمق غاضبا منكي ومن نفسي لانك دفعتيني في لحظه للتفكير المستحيل في الخادمه ، ابعدت الفكره عن رأٍسي لكنها صارت ممكنه ، تصورت جسدها تحت الجلباب وشعرها الاكرت تحت المنديل ، تصورت صوتها وشكلها وقتما اقتحم عليها الحجره واخلع ملابسي واقيدها من ذراعيها وامزق جسدها بشهوتي ، تصورت هذا كله وانا انتظرك ولاتأتي ، تصورت هذا كله واحسسته مقززا ثم ممكنا ثم رغبت فيه ، رغبت في تلك التجربه الغريبه ، هل كنت انتقم منكي ، اقول لكي ان رجولتي تحتقر جمالك الغالي الذي تضني به عليا ، ربما كنت انتقم منكي ،وربما ضقت برجولتي الجائعه ووجعها المهين وانا احترق بالغيظ انتظارا للهانم التي لم ترغب في سهره هادئه معي وفضلت علي وعني اغاظه النساء بالثوب الاحمر ...
احتسيت كأسين من الخمر متتالين علهما يمنحاني الجنون اللازم للعبث مع الخادمه ، علهما يمنحاني الشجاعه لاتهور واهين نفسي ومكانتي وانزل من عليائي للخادمه للعجفاء، لم اضع في حسباني ابدا انك ستغاردين الحفل مبكرا ، بل ربما تمنيتك تعودي مبكرا وتريني اخونك مع الخادمه ، ربما تمنيت اوجعك واحذرك من مغبه تصرفاتك المتعاليه معي ، لست خولي في حقول ابيك ولست بستاني السراي ولست سائق الباشا ، انا زوجك وتاج رأسك وابن الاصول ومن تغار منك النساء بسببه ، عليكي تعامليني باحترام وحب ، بعشق وغرام ، بامتنان لاني زوجك ، لكنك متعاليه حمقاء تتصوري جمالك هبه علي اصونها واحافظ عليها ، ملعون ابو جمالك وملعون ابوك ، واقتحمت الحجره علي الخادمه ، قفزت من مكانها فزعه ، تصورتني اناديها ولم تسمعني ، تصورتني دخلت عليها حجرتها لاصرخ فيها واعاقبها لانها لم تلبي ندائي، اخر ماخطر علي بالها ماشاهدته مني ، دفعتها في صدرها والقيتها علي الفراش والقيت ببدني فوقها ، صرخت او كادت لكن شفتاي مزقا شفتيها فخرست ، من هذا الرجل الذي ضاجع تلك السيدة ، الحق لااعرف ، كيف استكانت لي واكاد اجزم كيف استمتعت وسعدت بما افعله فيها ، الحق لااعرف ، كيف مارست معها مالم اتصور ابدا امارسه ، من اين اتي هذا الفحش المروع ، الحق ايضا لااعرف ، ربما هي رجولتي المكبوته وقتما تلاعبت بها كئوس الويسكي والغضب من غيابك ، ربما هي رجولتي المكبوته وقتما فتحت لها باب لتعبث بلا قيود بلا تقاليد ولااعراف ولا الطريقه المثلي لمضاجعه زوجتك المصونه ابنه العائلات المحترمه ، خلعت احترامي لنفسي علي باب الخادمه وبعثرتها بفحش لم تنتظره مني ولاانا ايضا توقعته من نفسي ، وكان ماكان ، شاهدتينا فلم تتحملي مارأيتيه وهرعت لبيت ابيكي الباشا وفضحتيني وفضحتي نفسك ، وصممت علي الطلاق وخربت البيت وافسدت حياه ابنك وحرمتيه من اشقاء وشقيقات وافسدت حياتي ايضا ايتها المدلله الجميلة ....
كانت نزوة يارشدي وبس ... بعد صمت طويل همس مراد لابنه بكلمتين لم يشفيا غليله ، تمني لو صارحه بسبب النزوه ، تمني لو صارحه ان الست والدته الجميلة المدلله دفعته لخيانتها مع خادمه ، بل دفعته لخيانه نفسه ، تلك النزوه فضحت مراد وطاردت رشدي وافسدت حياتهم جميعا ، لم تكن النزوه السبب ، بل كانت السيدة الجميله المدلله هي من فضحتهم جميعا وافسدت حياتهم جميعا ، اللعنه علي النساء الجميلات المدللات ، انهم خرابات بيوت وهادمات اسر ومفسدات للحياه ، هذا مايحسه رشدي دائما ، لذا ابدا لم يستجب لدعواتها لرؤيه اختياراتها لزوجه المستقبل ، ستأتي بمثلها ، جميله مدلله ثريه تنتظر من الزوج يسدد فواتير رضاها الباهظه ، لن اتزوج مثلك يانبيله هانم ، ساتزوج ليلي ، الفتاه الطيبه الحنونه التي احتوتني وفهمت جرحي ووجعي ، ساتزوج ليلي ، الفتاه الطيبه الحنونة التي قرأت قصائد وجعي وانا صامت وسمعت بوح المي وهي بعيدة ..
انا مش موافقه يارشدي ، مش موافقه خالص علي البنت دي !!!
حسمت نبيله هانم الامر ...
ابتسم رشدي ، مع احترامي يامامي ، انا حاتجوزها حاتجوزها !!!
حسم رشدي الامر مدركا ان والدته ستنصاع لارادته ورغبته في النهايه مهما طال رفضها ...
وتزوج رشدي بليلي وكسر عند نبيله هانم وارادتها الصلدة ...
وصارت ليلي مدام اناضولي ....
وانهارت نبيله لان اناضولي يطاردها كان ومازال وهاهي الفتاه التي لاتحبها الفتاه الوحشه صارت زوجه ابنها وصارت مدام اناضولي ...
يلعن ابو كده ....
( 42 )
1981
جاردن سيتي

كاد يحملها بذراعيه القويتين ويدخل بها منزلها الجديد ، صرخت لاتصدق ماينويه ، ضحك وهو يحكم ذراعه القوية علي وسطها وامرها تدخل بيتهما برجلها اليمين ، اغلق باب الشقه بقدمه وقبض عليها في حضنه واغرقها بقبلاته الحنونة ، احست خجلا وارتباك لايتناسب وعمرها وحياتها وكل تاريخها ، امرها بحسم ، ده بيتك الجديد والاخير ودي حياتك الجديده والوحيده وانا جوزك وحبيب قلبك اللي كان واللي حيفضل واولك واخرك معايا يانبيلة هانم ، كفاياني عذاب ...
لاتصدق ماتسمعه منه ، سرق سنوات الحزن التي تجرعت كأسها مع مراد الاناضولي ، ومحي سنوات الفرحه التي عاشتها مع مراد سندسي وخلق لها وجود جديد وتاريخ جديد معه ، مع زوجها الثالث مراد مرعي ...
عام وبعض شهور قضته معه قبل زواجهما ، عام مر عليهما معا منذ اللحظه التي اتي منزلها معزيا هو شقيقته فضيلة هانم جارتهم في منيل الروضه ، وحتي تزوجا ، عام مر عليهما وهو يغزل بحبه اياما جديده لها وعمر جديد ، ويهدم بقوة واصرار تكلسات الوجع والقهرة ، ويمحو بعزيمه ايام الفرحه التي منحتها للزوج الثاني الذي سرقها منه وحرمه منها ....
هنا في هذا البيت ، في جاردن سيتي ، عاشت مدام مرعي مع زوجها العاشق اجمل سنوات عمرها ، كانت تظنها عرفت الفرحه والسعاده مع السفير مراد السندسي ، لكن مراد مرعي اثبت لها ان مشاعره وحبه وعشقه اقوي واجمل واعظم من كل ماعرفته في حياتها ...
مازال يقبلها وظهرها للحائط مكانها في يومها الاول ولحظتها الاولي في بيتها الجديد ، هنا اصر يحملها وهنا عجزت عن مقاومته ، هنا حملها بين ذراعيه وفتح باب غرفه نومهما مبتسما سعيدا ، نورت بيتك ياعروسة ، هل افلح مراد مرعي ينزع الشوك من تحت جلدها ويزرع ورودا ورياحين اطاحت بالسنوات الكثيرة التي عاشتها لتعود صغيره نضرة بدر وهاج وكأنها بكر صغيرة خجله خفرة يربكها الغزل والحب والشوق والغرام ، يربكها ويسعد قلبها الاخضر ....
و............ نورت بيتك مدام مرعي ... نعم ، انا مدام مرعي ياحبيب قلبي ، مدام مرعي ويسعدني ويشرفني و........... نهلا من انهار العسل يطفئا ظمأ السنوات الكثيرة للفرحة التي تصوروها مستحيلا فصارت ممكنا جميلا....


نهاية الجزء السادس ويتبع بالجزء السابع 

هناك تعليق واحد:

manoola يقول...

أميره

صرت أخاف كلما دق الجرس
فمع دقات الجرس... تكره التزامه لانه يذكرها بأبيه
و
يدق الجرس مره ثانيه
ليعاتبها العشق الملهوف لتفتح له الابواب.....
و
ادهشني ...نعم ادهشني كيف يستطيع البعض ان يـُعلق كوارث اخطائه على حيطان الاخرين.....
كيف استطاع ان يقنع نفسه انها كانت وراء سقطته
ايعقل ان يمسك المرء كأس المرار ويقدمه لضحيته كي تتجرعه ؟
نعم.... هذا ما حدث
وهذا ما يحدث دائما
بل وسيظل دوما هناك في مكان ما
من يلعب دور الحمل وهو ذئب شارد

أميره....
هل ما زال في النفس مساحه للمزيد ؟
سأعرف عندما القاكي هناك في الجزء التالي

منال أبوزيد