مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



السبت، 6 أكتوبر 2012

منتهي الحياة



خطوات انيقة رشيقة تتبعثر تنتشي تتراقص فوق درجات السلم الموسيقي ...  في ليلة طيبة كالابتسامات الهانئة ، وسط ضوء خافت يزين ظلامه افرع ملونه صغيرة تومضي وتسطع وتنغلق وتضيء ، يتداخل ضوءها الافل البسيط والنغمات الحانية الصاخبة السعيدة المنبعثة فرحا من اصابع التناقض الجميل البيضاء السوداء للبيانو الاثري العريق الذي يموء حنانا وقتما تهدهده وينتفض غضبا وقتما تطرق علي وجهه اصابع العازف الماهر واطراف اعصابه وموهبته وابداعه الجميل فتصدح الموسيقي وترسم بموجات اثيرها خلفية للمشهد والصورة الذين ترسمهما الخطوات الانيقة الرشيقه فوق وجه لحظه خاصه من الليل قرر سكانها يقتنصوا لحظات من الفرحه مسروقه من زمن موحش هواءه ثقيل قبض علي ارواحهم التي تمردت فرقصت ففرحت فكانت اللحظة الخاصه جدا .. التي اقص عليكم حكايتها !!!! 

ساحة خشبية تأكل سطحها تحت صخب الاقدام المحبة للحياة وبيانو اثري ينثر الفرحه عبقا مبهجا في ارواح جمهوره و اناس تركوا الهم خلفهم وقرروا يسرقوا من الايام لحظات فرحة مستعصيه وموسيقي تطغي علي الارواح المتعبة فتصالحها علي الهم وتهونه عليها و............ راقص اشيب خلع من علي اكتافه كل التاريخ والجغرافيا والذكريات الموحشة وعاد صبيا يرتدي ملابس ملونه وكأنه علي شاطيء البحر يلهو برذاذ الموج البارد المتطاير وذرات الرمال والنسيم العفي ووجه المتألق فرحا ... علي الساحة الخشبية خلع الراقص الاشيب سنوات عمره بهمومها وارتدي شبابا متمرد وقرر بقدميه يرسم علي ملامح اللحظة تفاصيل لحظته الخاصه المتراقصه علي نغمات التناقض المرح فكانت تلك اللوحة ..

اصفه لكم ، لااراه فكيف اصفه ؟؟  اري فقط قدميه المرحين يشعا فرحة تزيد من دفء الساحه الخشبية ، لااراه لكني احسه ، وانا علي مقعد بعيد اراقب الساحه الخشبية احسه ، استقبل رسائله المبعثرة في الاثير الفارغ لمن يملك القدره علي التلقي والتفسير ، احسه قرر يتحرر بمنتهي الصرامة من كل قيود اللحظة الصعبة ويلقيها خارج الساحة بكل اوجاعها وافكارها القاسية وتخوفاته ، المح علي وجهه ابتسامه تنبعث من روح مقاومه مصممة علي اقتناص لحظة فرح فاره علي درجات السلم الموسيقي فلم يكن امامه الا ملاحقتها ومطاردتها متبعثرا ببهجه فوق درجات السلم الموسيقي في تلك الليلة الخاصه جدا !!!

راقص اشيب بروح متمرده بملابس ملونه مزركشة علي بحر بعيد صاخب فوق ساحة خشبية عتيقة يقص حكايه لنفسه يعرفها جيدا ويرسل رسائل مطلسمه بالمكر لايثق ان احد سيستقبلها ويتبعثر صعودا وهبوطا فوق السلم الموسيقي ودرجاته الراقصه وكأنه يرقص وفقط ، يرقص ويبوح وهو لايمسك قلما ليكتب ولا ريشه ليرسم ولا كلمات ليحكي ويتكلم ، يعبر عن نفسه وذاته وروحه وكل احاسيسه وتمرده وغضبه وفرحته المراوغه بقدميه وخطواته الانيقة الرشيقة تتبعثر وتبتسم وتغني وترقص وتحلق للسماء وتختبيء وسط السحب في النهاريات الدافئة وتهبط برقه وانقضاض فوق موجيات البحر في الليالي القمرية ، كل هذا يحدث باطراف الاصابع المتوارية في حذاء انيق ينزلق برشاقة فوق الساحه الخشبية بايقاع خاص علي نغمات الموسيقي الصاخبة يصاحبها ويفر منها ولها ويحكي ويقول فتزيد وتعيد فيقول ويبوح فتتألق وتفيض فتتكامل اللحظه بكل احاسيسها خليط من نقرات قدميه الرشيقتين علي الساحه الخشبيه ملتحفا بالموسيقي ومتزينا بالبهجة والود .. 

انه لايرقص !!! 
انه يقص علي نغمات الموسيقي حدوته يرسم تفاصيلها باطراف اصابعه وكعبه ورشاقة قدميه المتنقافزتين فوق درجات السلم الموسيقي ابتداء من مفتاح صول وحتي بير السلم ، يقص حدوته عاشها وصمت عن البوح بيها فتأتي الموسيقي لتوخزه بسعادتها فيقفز فوق الساحه الخشبيه مبتسما وسط الليل كالقمر المكافح بين السحب السوداء يرسم بقدميه تفاصيل الحدوته التي تصور انه لن يبوح بها ابدا !!! 

لااعرفه ولاانتم ، ولن نعرفه ..
لكن اللوحه التي رسمها بقدميه وقفزات ساقيه واطراف اصابعه ودقات كعبه قصت عنه مايكفينا لنتفاعل مع اللحظه مايناسبها من تفاعل سعيد وفقط !!!
انها ليست حكايه شخص ، بل حكايه لحظة !!!
راقص اشيب ، دلف من ابواب البهجه فرارا من كل الهم علي ساحه كبيرة يزينها سلم موسيقي يصعد به للسماء فقرر يعتليه ويجري صوب السماء عله يجد هناك مالم يجده علي الارض الراسخه ، احيانا لاتحتاج للثبات بل تتوق للتحليق بعيدا عن الجاذبيه الارضيه لتري نفسك والحياه بعيدا عن التفاصيل الموحشه الكثيرة ، وهو فعل ، اعتلي السلم الموسيقي صوب السماء ، اعتلاه صعودا وهبوطا ، قفزا رشيقا بين الدرجات والنغمات ، خطوات سريعه بطيئه ، دوائر دوائر تلف به وبنا وبالزمن للحاله التي تحتله فيحتلها ويستسلم لمرحها ويقفز ويهبط ويعلو وينزل و.......ترتسم الابتسامه رغما عن همومه علي وجهه الصحو وهو يرقص ويرقص ويتحرر اكثر واكثر ، هو والموسيقي والحاله التي تنبعث من روحه لارواحنا لايكترث بشيء ولايحمل هم فيندمج واللحظه ويذوب فيها ومعها و...........تتقافز خطواته الرشيقه بين درجات السلم الموسيقي وعليها فينسعد اكثر واكثر ويندمج اكثر واكثر و.......... مازالت الرسائل تتلاحق لمن يستقبل ومن يفهم علي نغمات الموسيقي !!!

كالصلاة في معابد بوذا الساكنه وسط الغابات البعيده ورائحه البخور تتمد في الفضاء تسكنه بتقواها ونقيق الضفادع يهمس خشوعا مع حفيف نبات البامبو واوراقه الكثيرة وتراتيل الصلاوات تتلاحق علي الالسنة والافئدة بطلب السعادة ، كمثل تلك اللحظه في خشوعها وكمثل الاجساد الباحثه عن الارتواء في الاحضان الدافئة بين غابات المشاعر المتصاعدة كقرص الشمس الذهبي من رحم ليل طويل وفي صراع حميم مآله السعادة في النهايه وبالضرورة ، كانت خطواته الرشيقه الانيقه فوق الساحه الخشبية ، لاين ايتها الدرجات الراقصه تأخذيني معك ، تصعدي بي للسماء وتعودي للارض ، تصاحبيني في رحله الحب والسعاده للاعلي والاغلي ثم ترطميني علي صخرات الواقع والوحشة ، تمنحيني الفرحه والونس وسرعان ماتبعثريني بين تلال الهم والخوف والفزع ، اتبعثر علي سلمك صعودا وهبوطا متناغما والفرحه التي تبديها وتعدي بها المقاومين والمتشبثين بالحياة والفرحة ، لاين تصاحبيني ولاي طريق تأخذيني علي نغماته الحنونه تاره المجنونه الف تارة ، الحانية تاره الموحشه الف تاره ، الفرحه تاره الحزينه الف تاره ، الجميله دوما دوما ؟؟

لاتسالني عنه ولا ماهيته ، خطواته الرشيقه الانيقه علي اطراف اصابعه تفصح عن انتماء للحضارة وكل روافدها ، يفهم معني النغمات ويدرك معانيها الخفيه ، فيتوحد مع الدو وينزلق مع السي ويمرح مع المي ويبكي مع الصول ويضحك مع الفا ويدور ويدور مع اللا ، يعرف في النغمات وماهيتها ومعناها ودلالاتها ، تبكيه الاصوات وتضحكه وتسرقه النغمات وتخطفه السوناتا والسيفونية والمعزوفه الجميله ، لايستمع للموسيقي استماع الصم بل يدركها بروحه كادراك المتقين للخشوع والطاعه والتسليم ، يتأثر بنغماتها وعيا ولا يتراقص علي نغماتها غيبوبه وفرار !!! انه ينتمي للحضارة التي عبرت عن مجدها بالموسيقي فبقيت حيه في موسيقاها ووجدان مستمعيها اجيال واجيال واجيال ...

لاتسالني عنه ولا ماهيته ، ايقاع خطواته علي الارض الخشبيه المتقافزه فوق درجات السلم الموسيقي ، الايقاع الصاخب السعيد المنفلت يوحي بعفويه وتلقائيه هو ابعد مايكون عنها ، نعم يسمع الموسيقي بقلبه لكن خطواته منضبطه رشيقه يتحركها بوعي مقصود بارع وكأنه لايقصد الا السعاده ، لكن السعاده تأتيه من نظام صارم لخطوات راقصه رشيقه وكأنها تمرد علي النظام ، خطوات محسوبه من صمموها جدلوا نظامها الصارم بفرحة عشوائيه عبثيه وكأنهم لايقصدوا نظام فيأتي العبث والانطلاق والحيويه منتهي النظام ومنتهي الانضباط لقواعدهم الصارمة للحظات مرحله تبدو وكأنها منتهي الانطلاق وتكسير الاطر ، هو يكسر الاطر المقيده لاسر روحه بخطواته المنضبطه الصارمه ويشعر معني ايقاعها وقيمه انضباطها وتحليقه فوق نغمات الموسيقي للبهجة ، يجري ويتقافز علي درجات السلم الموسيقي بخطوات محسوبه منضبطه خاضعه للقواعد بروح متمرده علي كل القواعد فيأتي انطلاقه وكأنه فطري لكن السعاده التي تشع من روحه فطريه عميقه تفصح عن فهم لمعني النظام الصارم وقتما تفهمه فتحبه وقتما تقتنع به فتخضع لصرامته بمنتهي الطاعه المحبة لخضوعها للنظام الذي تأتي صرامته باجمل اثارها وهي السعاده الحقه والتحليق الحر في سماء رحبه!!!

لاتسالني عنه ولا ماهيته ، فحذاءه المريح البسيط يفصح عن اختياراته الاصيلة  في الحياة التي يحب عيشها ، الراحه والفاعلية ، لايكترث بالمناظر ولا تقييم الاخرين لمايراه صحيح ومريح ولما ينتقيه بحرية  من بين كل الاختيارات ، حذاءه المريح البسيطه يمنح قدميه حرية تتيح لهما الانطلاق كمايرغبا دون اثقال ولا احمال ولا تضييق ولا خنقة ، حذاءه المريح البسيط يفصح عن اختيارات في الحياة تعني له الكثير ، ليس مهما كيف تروني بل المهم كيف اري نفسي وكيف ارضي عنها اما رضائكم لايعنيني ولايسعدني ، المهم راحتي وحريتي !!! حذاءه الانيق البسيط يفصح عن انتماء اصيل لمن لاتبهرهم المظاهر فيروا الجوهر قبل الشكل ويكترثوا بالمضمون عن الزخارف التي لاتخدعهم فلايختبئوا خلفها لخديعه الاخرين ، الجوهر هو المهم والجوهر يرتبط وثيقا بالهدف والهدف يأتي من اراده حرة دفعت ثمن باهظ لحريتها من ظلم الاخرين لحقيقتها وقيمتها ومعناها ...

لاتسالني عنه ولا عن ماهيته ، بل اسالوني عن اللحظه التي قرر فيها ذلك الشاب الاشيب اقتناص السعاده والاستغراق في وهجها وفرحها وحيويتها !!!
خطوات رشيقه انيقه ، تتقافز علي درجات السلم الموسيقي ، تتقافز بسلاسة وتلقائيه ومنتهي التمرد والاصرار ، سلم تصعده الخطوات علي اطرافها حتي اخر درجاته وتعود  وتهبط لاخره علي كعبها وتلف وتدور بمنتهي الرشاقة ترسم دوائر تاخذك لمنتصفها وتدور بك وتدور ، فتحس وكأن دوار خدرا يستولي علي روحك ينقيها ببهجته من كل مايسممها ، خطوات تصعد درجات السلم الموسيقي للسماء وتهبط ثانيه لاول درجاته في تناغم جميل بين الصعود والهبوط بايقاع خاصه جدا وكأنها  تحلق كالفراشة فوق وريقات الزهور ، تحط عليها تنشر السعاده وتحلق بسرعة لتحط ثانيه وتعود تحلق ... كأنها تحط كالعصفور الصغير فوق قمة الاشجار تختبيء بين الوريقات والبراعم الخضراء ،تحط وتضرب بجناحيها في الهواء وتعود لتغادر العش وتحلق بحرية فوق كل الاشجار ، الخطوات الرشيقة تتراقص وتتبعثر وتتهدهد وتنتفض تتداخل الاصوات مع نغمات الموسيقي فيزداد الصخب والبهجة ...ترسم الخطوات المتبعثرة تمردا فوق درجات السلم الموسيقي ، ترسم لوحتها الخاصه ، وترسل الروح رسائل في الاثير تبوح بكل وجعها وهي لاتقصد وتكشف كل امنياتها وهي لاترغب وتتواصل مع الصامتين تحيي في ارواحهم مايقتلوه كل لحظه ببلادتهم الفطرية !!!

الخطوات الانيقة الرشيقة المرحة تتحرك علي الساحه الخشبية ، خطوة اثنين خطوه اثنين علي اطراف اصابعها ، وكأن الاصابع الخمس المختبئه داخل الحذاء المريح تتراقص كل مع ذاتها وجميعا معا وتتراقص مع الجسد المترنح وعيا بين الخطوات المتلاحقة ، خطوه خطوه خطوة ، دائرة ، خطوة خطوة خطوة ، نصف دائرة ، تقدم خطوتين ثلاث للامام ، تقهقر خطوتين ثلاث للخلف ، علي اطراف الاصابع تبدأ الحكاية ، وقبلما تفصح الحكايه عن تفاصيلها ، تتواري الاصابع واطرافها وتفسح المجال للكعاب الواثقه من دقاتها ومعانيها ، فيترنح الراقص الاشيب في مشاجره محببه بين اطراف اصابعه وكعيبه ، كل يحاول يتقنص النغمات لنفسه ويرسم بوجوده بعض نثرات السعاده التي تتكامل مع الموسيقي لترسم وتقول وتبوح وتعترف وتنكر وتهرب و........ دائرة ، نصف دائرة ، خطوتين للامام ، خطوة للخلف وانزلاق بسيط وترنح هين وابتسامه تشرق اكثر واكثر ، الروح تشعر بالحرية فتتماهي بانطلاقها والحرية تتجادل والروح تطمئنها !!! ومازالت الخطوات الرشيقة تهرع وتجري وتصعد وتهبط وتتقافز بين الصول والدو ، والمي والفا ، والري والسي ويجري العازف الماهر علي كل نغمات السلم الموسيقي بطرف اصبعه فيفتح نافذه للتحليق تسمح للارواح المبتهجه بالانطلاق الحر المرح الفرح بمنتهي الصبيانيه والرزانه والبهجة ...

لاتسالني عنه ولاعن ماهيته ... اسالني كيف يعامل شريكته فوق الساحه الخشبية وكيف يتعامل معها ، هي شريكته لن يرقص بدونها ، يعرف هذا ويعي معناه ، يحتاجها لتكتمل سعادته وتتكامل ، لكنه يقودها وحركاتها وخطواتها بمنتهي الثقه والانسيابية فوق الساحه الخشبيه وعلي درجات السلم الموسيقي ، يصاحبها في رحله البهجه ويقودها صوبها بمنتهي الصرامه والطيبة ، باطراف انامله يجذبها صوبه وباطراف انامله يلقيها بعيده ، يقترب بساقيه من جسدها خطوه اثنين وبسرعه يبتعد عنها ويبعده عنها خطوة اثنين ، يحتاجها ليراقصها وتتكامل لحظته لكنه يقودها في طريقه فرحته بطريقته ، الرقص ليس عبثا ولا عشوائية ولا خطوات مرحه بلامعني ولا تقافز فارغ علي النغمات ، الرقص صلاة في محراب الجمال ، صلاة لها قواعدها وطقوسها ، ادركيني سيدتي ، حسي بما ينبعث من روحي لروحك ومن همس الموسيقي لهمسي ، غيبي مع الموسيقي سلميها وجدانك واحاسيسك ، اغرقي فيها وحسيها ، يسحبها باطراف انامله صوبه ويلقيها بعيدا ، يقفز فتقفز ، يقترب فتبعد ، يبتعد فتقترب ، يلتصقا ويفرا بعيدا ، يسحبها لصدره هنا قلبي انصتي لنبضاته يلقيها بعيدا هناك روحي اقبضي عليها والتقطيها ، الرقص صلاة للمؤمنين بالحياة ، يقفز خطوتين بعيدا عنها ويمد ذراعه ليبقي الوصل بينهما ، تلمس اطراف اصابعه وتقترب ، يقبض علي اصابعه ويشدها صوبه ، تفر منه والموسيقي تلاحقهما والسلم الموسيقي ياخذهما لاعلي فيحلقا ويسحبهما لادني فتباعدا والنغمات تجري فوق السلم الموسيقي وهما يلاحقاها بخطواتهما وقفزاتهما وابتساماتهما الحنونة ، خشوع فوق الساحه الخشبيه وقتما تحرر الارواح وتنطلق في البراح الطيب وترسم بخطواتها واطراف اصابعها معني الانصهار والاقتراب والفرحة والبهجه ودفء الوصال !!! هي شريكه اللحظة التي يحب يعيشها ، عليها تحسه وتحس اللحظه ، تفهم عمقها في روحه قدر احتياجه لها تشاركه وميضها المنبعث من الاصابع المتناقضه للبيانو الاثري والعازف العجوز ينشر الفرحه ، عليها تذوب مثله في اللحظه ، تتلاشي ، تغرق كليه باستسلام كامل للمعني المنشود ، يسحب شريكته صوبه ويلقيها بعيدا ، لو تكترثي اقتربي ، ولو اقتربتي انتبهي ، انا موجود بكل مايعنيه هذا لكي ، لكني موجود بطريقتي بما يعنيه هذا لي ، اقتربي وانت يقظه في لحظة ندور فيها وندور ونبدو وكأننا نفقد الوعي ، لكن الوعي يتواري خلف البهجه ويعيشها ويحسها ويصنع من تفاصيلها وعي اجمل واحاسيس اعمق ، تتقافز خطواته بعيدا عنه كأنه يفر منها وينتظر اقدامها ، لو اقدمت يفر ابعد وينتظر علي نغمات الموسيقي قدر ادراكها لفراره واقترابه ، لاالهو معك لكني اراقصك واعيشك واعيش اللحظة و........السلم الموسيقي يتراقص ويتراقص علي ايقاع خطواته وبهجته !!!

اللحظة !!!
اللحظة هي التي نعيشها وماقبلها عشناه وانتهي وماسيأتي بعدها لانعرفه حتي الان ، اللحظه هي التي نعيشها ، وهو يقتنص اللحظة ، عمره كله في تلك اللحظة ، ربما تنتهي وينتهي معها فعليه يعيشها حتي اخر قطراتها بوعي ومتعه !!! قصته التي اراد يقصها للحضور متحلقين حول الساحه الخشبيه الطيبه ، اللحظه ياسادة ، اللحظه هي التي نعيشها فلاتهدروها ولا تتواني عن اقتناصها ببلاده فتضيع منكم وتضيعوا ، اللحظه ياسادة ويقفز خطوه اثنين ثلاثه ، ويعتلي السلم والنغمات ،دو ري سي فا ، اللحظه ياساده هي العمر كله ، اللحظة فقط التي اعيشها وتعيشوها ، فلاتهدروها وتندموا لانكم غائبين بلداء ، ويقفز خطوه اثنين علي اطراف اصابعه ، وخطوتين للخلف ويدق بكعبه علي الارض ، خطوتين ثلاث ويميل بقدمه علي جانبها ويتمايل جسده وكأنه سيهوي وقبلما يسقط يتمالك جسده ويحلق والموسيقي صاخبه والفرحه عارمه والبهجه تحتله واللحظة التي انتقاها ليعيش بطريقته يقص علي الحضور حدوتته !!!!

و............. تصمت الموسيقي فيفيق !!!
روحه حره وجسده مبتهج واحاسيسه ملونه والابتسامه ترتسم علي ملامحه فرحه واصابعه مغلقه قابضه علي اللحظه التي افلح يقتنصها ويعيش سعيدا و......... ينظر لشريكته بامتنان لانها افلحت تسايره علي نغمات السلم الموسيقي فارتوت روحه وروحها بامطار البهجه التي انهمرت علي نغمات الموسيقي تروي النفوس المشتاقه للفرحه ، ينظر لشريكته بامتنان لانها شاركته اللحظة ويصفق بطفوله وبراءه وفرحه تحيه للعازف والبيانو ومصممي خطوات الرقصه ومؤلفي كلماتها وللحضور المتحلق حوله فرحا ، يحييهم جميعا لانهم شركاءه في تلك اللحظة .... السعيده جدا !!!!

يصفق ويصفق مرحا فرحا حيا حرا منتشيا و............... تعلو مئات البالونات الملونه في سماء اللحظة التي افلح يقتنصها ويعيشها بمنتهي الحياة !!! 

هناك 9 تعليقات:

غير معرف يقول...

من مجدي السباعي


كالصلاة في معابد بوذا الساكنه وسط الغابات البعيده ورائحه البخور تتمد في الفضاء تسكنه بتقواها ونقيق الضفادع يهمس خشوعا مع حفيف نبات البامبو واوراقه الكثيرة وتراتيل الصلاوات تتلاحق علي الالسنة والافئدة بطلب السعادة ، كمثل تلك اللحظه في خشوعها وكمثل الاجساد الباحثه عن الارتواء في الاحضان الدافئة بين غابات المشاعر المتصاعدة كقرص الشمس الذهبي من رحم ليل طويل وفي صراع حميم مآله السعادة في النهايه وبالضرورة

وصف رائع لحاله
قمتي باستحضار اغلب مظاهر الطبيعه لتدقيه وصف الحاله
دائما ماتغوصي بسرعه ويسر داخل اعماق قرائك

Unknown يقول...

حلو الرواية اكاد أعرف شخوصها .....لأن شخصها يسكن فى طباع شخص يقترب منى جدا

مها العباسي يقول...

انها منتهى الحياه التى تولد من اعماق الايام
تلك اللحظه التى تقتنصها الروح الشابه فى جسد الراقص الاشيب
يتحرر من قيود الجسد الذى ارهقته الحياه وينطلق بخطوات رشيقه تتمايل على نغمات ترسلها اصابع عازف ماهر
ليت الحياه تستطيع ان تدرك معنى طفل يريد ان يتحرر
انها منتهى الحياه لمن يريد ان يتحرر من قيود الحياه فى لحظه يمنحها كل مافى عروقه من حياه

lastknight يقول...

السعاده تأتيه من نظام صارم لخطوات راقصه رشيقه وكأنها تمرد علي النظام ، خطوات محسوبه من صمموها جدلوا نظامها الصارم بفرحة عشوائيه عبثيه وكأنهم لايقصدوا نظام فيأتي العبث والانطلاق والحيويه منتهي النظام ومنتهي الانضباط لقواعدهم الصارمة للحظات
اليست تلك هى الحضاره يا سيدتى ؟ .. من رسوم الفراعنه , الى تماثيل الرومان لأشعار العرب لتحف الفرنسين .. كلها بدأت بنظام صارم أولا ..ثم انطلاق الروح لتعبث منطلقه باعتيادها على هذا النظام الصارم .. هو فن الحياه يا سيدتى .. يبدأ دوما بالنظام الصارم .. ثم الأنطلاق بالأبداع .. أنه فن الحياه

أسامة جاد يقول...

خطوات تصعد درجات السلم الموسيقي للسماء وتهبط ثانيه لاول درجاته في تناغم جميل بين الصعود والهبوط بايقاع خاصه جدا وكأنها تحلق كالفراشة فوق وريقات الزهور
هل اخترت أن تكون تلك السوناتا السردية على إيقاع التانجو .. بعنفوان الرقصة ودهشتها المفاجئة .. بحيويتها ومتحليقها اللامتناهي .. أم هو التوحد باللحظة هو ما جعل اللغة تنساب في توقيع راقص يناسب تدويرات اللحن وانفلاتاته أحيانا من حضوره الأرضي إلى أثير السماء والعطر والموسيقى؟
انه لايرقص
ولكنه ينساب في اللحن .. أو هو اللحن ينساب في أعصابه وعروقه .. من تلامس قدميه والقاعدة الخشبية للرقص إلى آفاق المستحيل الرحية، فيما تأتي تكرارات افتتاح الفقرات بجملة "لاتسالني عنه ولا ماهيته" لتعيدنا دائما إلى تحولات الإيقاع وانتقالاته المدهشة في الرقصة المستحيلة التي نعيشها جميعنا دون أن ندركها .. رقصة الهو والهي والحياة .. جميل وأكثر ..
استمتعت

عائشه الحيوان يقول...

رائعه .... اميره انتى لا تكتبين انتى تنسجين قطعه رائعه من الدانتيل الفاخر .... ترسمين لوحه من المنمنمات الدقيقه ... ادواتك مشاعر و احاسيس و مفردات بالغة الدقه ترتقى بالذوق و الاحاسيس

غير معرف يقول...

تانجو يا اميره...
تدهشينى اكثر من راقصك ..كلماتك تدوب فى الموسيقى و تنساب رشيقه و عنيده و سهله ..تثق فى حطواتها و تتلمس الحرير و تنافس النغم !!!
لا تسالنى عنه و لا ماهيته.
عبير مطر

حسن ارابيسك يقول...

الكاتبة الرائعة/ أميرة بهي الدين
الحقيقة يعجز الكلام عن وصف إبداعاتك المتميزة جداً والتي لها من الثراء الأدبي والقيم الإنسانية أبعاد أخرى أكثر عمقاً وأكثر تشريحاً وأكثر جمالاً في شخصيات عالمنا التي تحيا حولنا
نقرأ لكِ ونعتقد في بدايات كل قطعة أدبية لكِ اننا بصدد عمل خاص جداً وتجربة ذاتية الا أننا دائماً نفاجأ في نهاية كل عمل بعد أن نكون استوعبنا الهدف والغاية من عملك بفضل طبعاً لغتك الجميلة والمكثفة فنكتشف أن الخاص كان العام ومسَ بداخل كا واحد فينا وتراً داخله في بحر الحياة وأن التجربة الذاتية كانت بمثل سفينة مايسري على ملاحها يسري على كل من فيها

لن يفوتني أن احييكِ على سلستك الرائعة
وجع في دروب الوصال والوحشة
هنا أقولها للأمانة عندما أنتهي من قرأتي لأعمالك الرائعة أفتخر أن وقتي لم يضيع سدى وأنني استثمرته على أحسن وجه
تحياتي
حسن أرابيسك

مها جمال يقول...

ليس للجمال حدود
وما أقرأه يااميرة فى مدوناتك جمال مبهر وباذخ
الف شكر وتسلم الايادى