مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الثلاثاء، 3 مايو 2011

مواسم البلح وقرص اتون الذهبي !!! الجزء الثاني ...



وعدوا الحبايب ياواد يغيبيوا يوم
اديهم عام وده التاني
وطال الغياب علي ولا تم اللقا تاني
والقلب مشتاق عليهم علي الله يرجعوا تاني
انا لما خبط الباب علي انا قلت الحبيب جاني
طلعت فرحان وخدته في احضاني
اتاريه الهوي كداب رجعني زعلان
ومسح دمعتي تاني
مين يوم غابوا دفنوني وفرشت لمه
انا حرمت دارهم مابخطرش نواحيها
واللي بعتره الزمان تاني منين يتلم ؟؟
دارهم مابخطرش نواحيهم
ياعيني عم تبكي علي مين
قالت عم ابكي عن اللي راح
ضيعت تلتين شبابي في الهوي واهو راح


موال صعيدي لفكري المنياوي

( 7 )
السر
كانت الحاجه ام سليم تجلس بجواره علي الكنبه في الشرفه البحريه ، تفكر في احلامها وان الوقت حان لاتخاذ خطوات عمليه للفرحه ، وقت غيابه خطر في راسها اشياء كثيره الا ان يخرج ابنها الوحيد عن طوعها ويسلم اسم عائلته وقلبه والطين والهيبه لفتاه سكندريه قبلت اسرتها غربتها سنوات خمس وحيده وسط الرجال في بلاد الخواجات ، فتاه سكندريه تضحك بصوت عالي وتلبس بلا اكمام وربما تشرب سجائر من خلف ظهره ، لم يخطر ببال امه ابدا ان وحيدها سيكسر نفسها وحلمها بتلك الطريقه القاسيه !!!!
كان سليم يجلس بجوارها صامتا ينتظر عاصفتها التي ارعدت سماءها بما يجزم بهبوب العاصفه ، ولم يطل انتظاره ، يذكر ذلك الحوار بكل تفاصيله جيدا رغم مرور مايزيد عن عشرين عاما علي حدوثه بينه وبين امه ، عاد من البعثه وانتظم في عمله وسنوات عمره تجري ، يقترب من الخامسه والثلاثين ، فاض الكيل بامه وتلاشي صبرها ، تاخر علي سن الزواج في نجعهم بلا سبب معروف ، هو زينه الرجال وعين اعيان البلد والمديريه والجيهه ، كل البنات كانت ومازالت تتمناه زوجا ، لكنه يتهرب من امه وحديثها وقت تلاحقه برغبتها في حمل ابناءه والفرحه بافرع شجرته ، سنتين منذ عاد من البعثه وهي تفتح معه الموضوع لكنه يتهرب منها ، في ذلك اليوم وفي امسية صيفيه لطيفه ، ايقظته من نوم الظهيره وقدمت له الشاي في الشرفه ، ادرك لانه يعرفها ويفهمها ان وقت المواجهه قد حان ، تشاغل عنها بكوب الشاي وهام مع نسائم الجبل وقت الغروب تضرب بجنبات البيت وصوت الكروانات يحيط به ، يفكر في زينه ، شهر لم يراها ، يتمني يفاتح امه وتوافقه فيرحلا للشمال لخطبه العروس التي قبلت تعيش معه في الجنوب مادامت هذه رغبته !!! هائم في افكاره يسال نفسه هل ستتقبل امه الامر بسهولة ، يتزوج من فتاه عاشت في لندن سنوات خمس وحدها تحصل علي الدكتوراه مثلها مثله ، امه تتمناه يتزوج ابنه عمه ، حتي لاتخرج املاك الاسره للغرباء ، هو اولي بابنه عمه وبارض ابيها ، تتمناه يتزوج ابنه شقيقتها ، حلوه وقمرايه وبتعشجك ياوله ، هكذا كان تحمسه للزواج من ابنة خالته ، الحاجه سكينه تحب ابنه اختها لكنها ايضا تخاف علي طين الاب الثري من الخروج للغرباء الجرابيع وابنها اولي ، هذه حساباتك انت ياحاجه سكينه لكن لقلبي حسابات اخري ، كان لتوه عائدا من البعثه التي حصل فيها علي الدكتواره ، عاد لوطنه واستلم عمله في جامعه المنيا و......... انت ياسليم زينه شباب نجع ابو هاشم ، كل ست منظره عليك لبتها ، اسمك وعيلتك وشهادتك والطين اللي حداك بعد ابوك ما يورثك ملك ربه ، ايه رايك في رقيه بت عمك واحنا اولي بلحمنا ، ايه رايك في فايزة بت خالتك واحنا اولي بطين ابوها والبت بدر منور زي رغيف الشمس ، تجلس بجواره في الشرفه البحريه وتحرضه علي اتخاذ خطوات عمليه للزواج ، تفرح وتخش دنيا وتفرح ابوك في نومته وتمد في جدور الشجره وسلسالها ، يقابل حماسها بصمت وكلمات قليله ، لسه مش وقته ، لايعجبها رده ، تحسه يخفي سرا وهي تخاف من اسراره ، منذ طفولته ان اخفي عليها سر اعيتها الحيل لاكتشافه ، تحدق في وجه وتساله ، الا انت عاشج خواجايه يادكتور ، يضحك لا ، تعود الدماء لوجنتيها ، عاقل ياولد ، الحريم هناك بيض وحلوين لكن الروح ماسخه والحضن بارد ، يضحك ضحكات متتابعه ، وايش عرفك ياحاجه بالكلام ده ، تنظر له بعتاب ، وكانها تقول لها انتبه انا الحاجه سكينه ياوله !!!! نعم يخفي عنها سر لاتتصوره ، ابنها الدكتور يحب فتاه سكندريه لاتعرف عوائد بلدته ولا تقاليدها ، ياسنه سوده ياسليم ، ليه يابني من قله البنات في المديريه !!! هكذا صرخت وقت اخبرها !!!ا انفجرت بينهما المواجهه ، احبها ياامي ولن يسعدني غيرها ، لاترد عليه لكن نحيبها يصم اذنه !!!ا
( 8 )
زينة
خرجت من غرفتها باكية ، وجدته في الصالة بملابس النوم التي تركته بها منذ ايام طوال ، شاحبه الوجه شعرها البني اشعث بلا لون يتناثر حول جبهتها ، عيونها حمراء وشفتيها زرقاويتين وبدنها يرتعش وكانها ستسقط مغشي عليها ، بصوت خفيض ثقيل متلعثم اوضحت له ، انا زهقت ياسليم زهقت ، رفع راسه بعيون يائسه ونظر لها يرجوها الا تقول له ماتقوله ، زهقت ياسليم من المليون محاوله ، تعبت واتعذبت ، مافيش فايده في حياتنا ، كاد يقفز من مكانه يسكتها ، يكاد يقاطعها ، يكاد يطالبها الا تزهق ، لكنه صامت اخرس ، العمليه فشلت زي الف مليون عمليه قبلها ، ماعنديش اورده يقطعوها بالحقن ، ماعنديش طاقه اتحمل تجربه جديده وفشل جديد ، انا حامشي ياسليم ، حدق في الارض وصمت ، يتمني يقول لها عبارات كثيره تكتب في خياله عبارات طويله ، يتمني يقوم من مكانه ويحتضنها ، يتمني يهمس ، احتاجك وبحبك واوعي تسيبيني ، وكانه يعلم ماستقوله ، انا خلاص عايز اتطلق ، تعبت من كتر التجارب والعمليات والامل واليأس مافيش فايده !!!
هل كان هذا رهانها الاخير عليه وخذلها كالعاده ، صمت وهو يتمني يتكلم ، مالذي يعقد لسانك ياسيدي ، لماذا لا تتكلم ، لماذا لاتفصح لها عن مشاعرك ، لماذا لاتقول لها انك تحبها هي وانك لن تتحمل خروجها من حياتك وانك ستموت وقت تغادرك وترحل ، لماذا لا تتكلم ، لماذا لا تخبرها انك لاتكترث بالطفل اللعين الذي تحاول انجابه لك ، انت اجبن من ان تقول لها كل هذا ، متي ستتخلص من جبنك ياسيدي ، متي ستقول ماتحسه ، الوقت يجري ويداهمك وزينة سترحل عن حياتك وتتركك وحيدا مع امك العجوز الشمطاء والارض التي تتمناك تنجب وريثا ليرثها واسم العائله التي قطعت شجرتها وقتما تزوجت السيده العاقر كما تطلق عليها امك !!! تكلم ياسيدي الوقت ينفذ !!! ،
تحدق زينة في سليم وسط فيضان دموعها ، هل مالمحته علي وجهه قطره دموع سالت رغم ارادته ، تحدق فيه وكانها تتنظر اجابته علي كل كلامها ، هل كانت تراهن عليه ، انه سيتمسك بها ويحاول يثنيها عن قرارها ، لا لم تكن تراهن عليه ، تعرفه ، تعرف صمته الرهيب وقتما يعجز عن المواجهه ، جلست امامه علي الارض ، احتضنته ، انفجرت في البكاء ، وداع موجع ، خلي بالك من نفسك ياسليم و........ تسللت رائحه انفاسها العطره في صدره ترياق للسم الرابض في شراينه ، احتضنها بقوه وبكي بصوت اعلي من صوت نحيبها و......... ثمل من رائحه انفاسها وكانه دخل غيبوبه افاق منها علي منزله خاليا من قبس الامل الذي كان يمنحه القدره علي تحمل الحياه !!! فلتنهئي ياامي ، رحلت زينة المرأه الوحيده التي احبها وساظل احبها ، تركتني بعدما فشلت تمنحك الوريث الذي تمنيته ، هل ستزغردي وتطعنيني الف طعنه في قلبي ، لايهمك من وجودي الا وريث يحافظ علي الارض التي تناقلتها اجيال العائلة الثريه جيلا بعد جيلا ، هل هذا كل مايهمك !! وانا ياامي ، الا اهمك؟؟؟؟ !!!!!!!!!!
ورحلت زينة وخرجت من حياته وتركته ثريا باطيانه وارضه الشاسعه بلا روح
زينة ....... يستيقظ كثيرا من نومه يصرخ يناديها ، يستيقظ كثيرا فزعا وهي تطرده من حضنها فيصرخ باسمها يتوسل اليها الا تتركه ، يستيقظ من نومه يجد فراشه خاويا باردا والظلام دامس ورائحه الوحده تخيم علي البيت الواسع ولايجد زينة ، فينهار في البكاء و........... زينة !!!!
( 9 )
الالفية الجديدة
يهمس سليم لنفسه ، الملكه تي افسدت حياه ابنها ، ليه يااما ، ليه افسدتي حياتي زي الملكه تي ، كنت اظنك اكثر طيبه منها ، كنت اظنك مثل مريم وقت فرت بابنها لتحميه من عسف الرومان ، وسكنت هنا بجوارك ياامي، ، لماذا ياامي شربت من ماء الملكة تي المخلوط بشرها ولم تشربي من ماعون مريم العذارء المحلي بطيبتها !!!ا زينه رحلت ياامي ومعها روحي ، هل هذا ماسيسعدك !! اذن زغردي ياامي فقد تحققت احلامك وفرت حبيبه القلب والروح ومعها القلب والروح وتركت لك جثه لن تمنحك احفاد وستحرمك من الابتسامه التي وصفتيها ببدر نص الشهر ، ستتحول ايامك وايامي ياحاجه سكينه لظلام دامس بلا قمر ، قمري غابت عن ليلي وقمرك غاب عن ليلك ولنتقاسم السواد باي طريقه ترضيكي !!! ا
مازال الليل طويل ودقات السنه الجديده لم تطرق علي بابه بعد ، يقف علي عتبات الالفيه الجديده يحلم بسنوات اجمل تزينها حبيبه قلبه بعودتها لحياته ، جلس سليم علي مكتبه ، فتح الادراج ، اخرج الورق الابيض ومزقه وقنينه الحبر سكب سائلها في الحوض تحت طوفان من الماء الساخن ، قصف الاقلام والقاها في سله القمامه تحت مكتبه ، نظر لمكتبه باوراقه الخاوية ، احس سعاده غامره اجتاحته ، افلح في انهاء علاقته بالكتابه ، ذلك الداء اللعين الذي يسكنه ، مدام لن يكتب الا عن زينه وزينه بخلت عليه بروحها وغادرته ومعها الاحرف والعبارات والمعاني والالهام ، كيف سيكتب !!! سيتوقف عن الكتابه فقط مشكلته في الاحرف المبعثره في مخيلته ، تقفز امامه اسطر وجمل وعبارات ، واسمها باحرفه الجميله يطغي علي كل الاحرف والعبارات ، لن يكتبها ثانيه ولن يكتب ، زمااااااان كان يسطر مايراه ، الان لن يكتب حرفا ،ولتبقي الاحرف متبعثره في خياله وشأنها ، هكذا قال لنفسه و.............. وقف تحت الدش ببجامته الكستور وشرابه الصوفي الثقيله ، فتح الماء الساخن والتصق بالحائط يستنشق البخار المتصاعد يفتح رأتيه ويسعل مره واثنين ، ثم يرمي بجسده تحت شلالا المياه ويغمض عينيه بقوه حتي لا يري الا سوادا ، تمر دقائق ودقائق والماء الساخن ينهمر فوق راسه ودموعه الملحيه ايضا تنساب من عينيه المغلقتين فوق شعيرات ذقنه الرماديه ، اطال الوقوف تحت شلالات الماء الساخن ويلعق بشفتيه قطرات الدموع ورغاوي الصابون ونثرات البخار الملتصق بوجه ، و......... البيجاما الكستور ثقلت فوق جسده ، لماذا لم يخلعها ويترك الماء ينزلق علي جسده المرهق ، لم يفعل ، قرر شيءا مجنونا ، يتحمم بملابسه وشرابه ، الملابس المبللة الملتصقه بجسده تمنحه احساسا طيبا ، وكان جسد اخر بض ودافء يلتصق بجسده ، يفتح عينيه فلا يري شيئا ، كأنها تقاسمه الدفء في الحمام المشتعل ببخاره الساخن ، لكنها رحلت وجسده تيبس بعدما حرم من لمساتها المحبة ، فتح عينه اكثر فتأكد انه وحيد مثل كل السنوات والايام التي سبقت تلك اللحظه في حياته ، وحيد في الحمام مثلما يعيش وحيدا في كل مكان ، البخار يلف الحمام ويلفه ، يبتسم ويغلق الماء و.... خرج من البانيو ، وقف علي ارض الحمام تتناثر من بيجامته وشرابه قطرات كبيره من الماء ، يخلع ملابسه المبتله ويلقيها ارضا ويدخل فراشه عاريا يتمني احلاما سعيدة ، اخر شيء يتذكره قبل النوم عنوان كبير في احدي الصحف التي لايقرأها احد ، انتحار استاذ جامعي وكاتب ، ابتسم ، لن يمنحهم هذا العنوان ، لن يقدم علي الانتحار ، فحياته تساوي الكثير ، مليئه بما يستحق العيش من اجله ، ارهق عقله وسط النوم وخدره يبحث عن شيء واحد لا يدفعه للانتحار ، فكر وارتبك و............ نام وهو يناديها ......... زينة زينة وكأنها ستعود ودخل الالفيه الجديده ببيجامته الكستور المبلله بالماء الذي كان دافء وشرابه الصوف الذي لم يعد يمنح جسده الا بروده فوق برودته !!!ا
( 10 )
جبل الطير
يحتضن زينه امام الجبل المزركش بالاف الطيور البيضاء ، وكان الجبل هو بيتهم ومأوهم بعد طول هجره ، جبل الطير يازينه ، تعالي نطلع وندعي ربنا من فوقه ، نقول يارب تخلينا لبعض وتدينيا العيل اللي نفسنا فيه ... ترددت زينه ، تخاف الطيور الكثيره التي تحلق فوق الجبل باجنحتها البيضاء وتضرب السماء بصوت مخيف ، تعالي يازينه ، هنا الامان والطمأنينه ، الست مريم وابنها المبارك عيسي احتموا بالجبل ده من بطش الرومان وظلمهم ، هنا مكان الحمايه يازينه ، ربك لما نطلع نكلمه من فوق ونطلب منه الامان والحمايه ولا حماتك الست سكينه ولا الملكه تي ولا اي حد يقدر يفرق بينا ولا يبعدنا عن بعض ، تركت زينه له انامها فاحتضنها ، ولولا الملامه واحنا تحت الجبل والخلق رايحه وجايه ، لولا الملامه لكنت بوستك وحضنتك ويمكن كمان ......... ويصمت فتضحك زينه خجله ، مين عارف مش جايز المكان وبركته تحل علينا والمراد يتحقق ، سالته زينه وكان مر علي زواجهما عامين ، قد كده بتحب العيال ياسليم ، هز راسه نفيا ، لا بحبك انت وخايف عليك من قهره النفس وكسرتها ، ياحبيبتي سلو بلادنا النسوان تطرح عيال كل سنه زي مواسم البلح ، مافيش حول يعدي الا والعيل الجديد يشرف ، اللي احنا فيه مايخصناش لوحدنا ، يخص العيله والنجع والعزوه ، نظرت له زينه لاتصدق ماتسمعه منه ، يفكر كمثل اهله وكأن سفره ودراسته في البلاد البعيده لم يمنحه الا بذلا وقمصان كرفاتات وترك راسه كمثل راس جده تؤمن بمواسم البلح وجدور الشجره والحفاظ علي الهيبة !!! لاتصدق ما تسمعه ، همست ، ياحبيبي الاطفال ما بتتخلقش الا بالحب ، ابتسم وهو يقبض علي اصابعها ، طب ماانا بحبك ، هزت راسها نفيا وضحكت ، لا المهم تحبهم هما ، لما تحب الاطفال ياسليم ويبقي نفسك تكون اب حتكون ، قبل كده ولاعمره حيحصل حتي لو وقفنا فوق ميت جبل !!!ا سحبها من ذراعها للاعلي ، الطيور تحلق فوق الجبل رابضه علي قمته ، دول جايين من بلاد بعيده برد لدفانا ، تعالي يازينه نطلع نتدفي بيهم وجنبهم ، سارت بخطوات متعثره تخاف صوت الاجنحه البيضا التي تمزق السكون ، وفجأ طرطش الدم علي وجهها ، صرخت فزعه ،وقبلما يفيق سليم من فزعها كان الدم الاحمر يتناثر فوق وجه وقميصه ، صرخ ولم يفهم مالذي يحدث ، كانت امه الحاجه سكينه فوق الجبل تقبض علي الطيور البيضاء وتذبحها وهي تضحك ضحكات شريره مخيفه ، تذبح الطير وتلقيه في الهواء يبعثر دماءه حيثما تقع ، صرخت زينه الحاجه بتدبح الطيور ، صرخ ليه ياامه ليه بتدبحيهم دول امان وحمايه وانا كنت لسه جاي اتبارك بيهم ، ليه ياامه ، الدماء تناثرت سدت فمه وسالت فوق ذقنه ، صرخت زينه خوفا وجرت تعود ادراجها بعيده عن امه وعنه ، صرخ يلاحقها ، وقعت تعثر ، يمد يده ليساعدها لكنها تخاف من الدماء الساخنه اللزجه فوق اصابعه وتصرخ اعلي واعلي ويصرخ هو ........زينه زينه .... زينه زينه ، تجري زينه تنزل الجبل مسرعه وخلفها امه بالسكين ، يصرخ فيها حتكتليها ياامه تضحك علاجك عندي ودمها يفك السحر ، تتحول زينه امام نظره لنفرتيتي بتاجها العالي ، تتعثر يكاد التاج يسقط ، يري الخواجه الذي اخرجها من المقبره يجري خلفها ، يمسك شبكه صياد ويجري ليأسرها ، يحاول ينقذها من الخواجه ويصرخ ، صوته لايخرج من حنجرته ، يصرخ بصوت اعلي لكنه احباله الصوتيه تمزقت ولم تنطق وتناثر الدم من حلقه لفمه لشنبه لذقنه وهو يري حبيبته تجري من الصياد الخواجه وامه بسكينتها المشحوذه !!!! ويستيقظ من النوم ورائحه الدم الساخن في انفه !!!ا
( 11 )
فايزة
يصرخ سليم ينادي علي زينه ، تراقبه فايزه بجواره علي الفراش ، شهور مرت علي زواجهما ، هي زوجته الثالثه وابنه خالته ، شهور مرت وهو لايراها ولايشعر بها ، تراقبه وسط ظلمه الحجره البارده التي يحتجزها فيها ، تبكي بدموع حارقه وهي تراه يتعذب امامها وهي عاجزه عن مساعدته ، تتمناه يحبها ، حاولت معه ، لكنها في عينيه عفريت ينفر منها ، تتجمل فلا يراها تتعطر فلا يشم الا انفاس زينه ، تفرد اثواب انوثتها علي جسده فيفر منها ويكتفي برقعه زينة التي تغطي قلبه وتمنعه عنها ، يصرخ سليم ينادي علي زينه فتبكي وتوقظه ، تناديه قوم ياسليم ده كابوس كل يوم ، ناولته كوب ماء بارد والامتعاض علي ملامحها الموحشه ، بصوت اسود همست الا مش حنخلص من الجنيه اللي سحرت ليك دي ، سبياك وقافله بينا السكك ومضيعه حيلك بلا رجا ، نظر لها سليم وسط النوم نظره عتاب وصمت واعطاها ظهره ، اعطته ظهرها ونامت باكيه مثل كل ايام زواجها منه !!! لم يطل صبر فايزه ، سرعان مااحضرت ابيها واخيها يطالبوه بالطلاق ، قصت علي خالتها انه مسبي ومالوش حكم في روحه ، مرته الاولانيه راكباه ياخالتي ، يبقي معايا كويس وزي السمن علي العسل واقول خلاص شكل المراد حيتحقق وفجأ يصرخ باسمها ويقوم وكاني والعياذبالله عفريت وخاف منه ، يلبس هدومه ويجري بعيد وينام هو بيناديها ويصحي وهو بيكلمها وانا تعبت ياخالتي وحيلي اتهد ، لابيرأف بحالي ويريحني ولا بيسبني في حاله ويعتقني لوجه الله ، تبكي سكينه وهي تسمع ماتقوله ابنة اختها حزنا علي ابنها ، ياخالتي ولا عمره حيخلف ولا يمد جدر في ارض ولا يشيل اسمه لعيال ، مسبي ياخالتي مسبي وحيله مربوط مامنوش رجا !!!ا
جلس سليم امام ابيها واخيه صامتا ، يصرخا فيه وهو صامت ، ولما مش غاويها تميل بختها جنبك ليه ، يكاد يقول لهم ان امه هي السبب التي الحت عليه والحت حتي خضع لجنونها وتزوج ابنتهم ، لم يحبها ولن يحبها وكيف يحبها وهو يحب زينه التي اسعدته بعشرتها وانفاسها العطريه الدافئه حتي هدمت الملكه تي المعبد فوق راسه وراسها !!! يتشاجر الاب والاخ وسليم صامت حتي ارهقوا وملوا ، صرخ فيها ابوها لتجمع خلجاتها وتسبقه علي داره وطالبوه يطلقها فرحب بطلبهم واجزل لها من ماله فوق حقوقها الشرعيه الطاق اثنين وثلاث وعشره و.........خرجت من داره وهي تبكي وتركت امه تبكي وتلطم وتمزق شعرها تفكر في اسلوب يحرر ابنها من سحر ابنه البحر التي كتبت عملها علي قرموط عايم في الميه لاصياد يقدر عليه ولا عمره بيخلص ، كتبت عملها علي قرموط وسبته في شبكه قفلت سككها بالرصاص وحكمت عليه يفضل يحبها ويتعذب لغيابها العمر كله !!!
( 12 )
العشق
تحدق الحاجه سكينه في سليم ، غاضبه من حبه لزوجته العاقر التي فضحتها في النجع ولم تمنحها اطفالا وجرست الدكتور الذي يعايره الصيع بانقطاع جدره من طين الارض ، تحدق فيه غاضبه ، تنصحه بحسم وكأنها تأمره ، ياولدي اني مافهمش في الحديت بتاعك ده ، المرة زي الارض ، تتروي فتطرح ، العاجر مالهاش عازه عندينا ، العاجر زي معون العجين المكسور ، لاتعمر بيوت ولا تشبع جعان ، المرة العاجر ياولدي تضحك علينا الصغار ، لما يقول بيت ابو هاشم انقطع سلساله وحسه من الدنيا ، ابوك مات بحسرتك لما الايام عدت ومرتك ماسعدتش قلبه باللي يشيل اسمه ، حتموتني انا كمان علشانها !! وتبكي امه العجوز بدموع التماسيح ، لكنه لايقوي علي اغضابها فيصمت !!!
انت عاشقجها وانا فاهماك ، لكن العشق للمواويل والمداحين يحكوا عن العاشق والمعشوجه والناس تنبسط بلغوهم الفارغ ، لكن في حياتنا الراجل لما يعشج مرة تأسره تسحره تتحكم فيه ومافيش في عيلتنا رجاله قبليك سلموا جلوبهم للحريم تشرط وتتحكم ، الراجل من ضهر الراجل ، يحرج قلبه ويشد ضهره ويطوح المعون المكسور ويزرع في ارض جديده ، ده سلو بلدنا وعيلتنا وحياتنا ولاممكن اسمح لك ابدا تصغرنا وتقطع سلسالنا وتمحي اسمنا من الدنيا ، مرتك ياولدي مالهاش عازه ورحيلها قرب ودفتر المأذون بيناديها يعتجنا منها ومن ارضها البور الشراقي وانت ..... تحدق سكينه في وجه سليم تبحث عن وقع كلماتها علي روحه ، لكنه صامت اخرس لايريحها ويظهر الطاعه والخضوع الذي تتمناه ، تلوي سكينه شفتيها امتعاضا من ابنها المحب لزوجته ، تنهمر دموعها ، تعالي ياابو هاشم اتفرج علي ولدك الخايب ، عشج المرأه فسبته اسرته سلسلته خرسته وجفته جدامي خرقه مالهاش عازه ، وبصوت غاضب صرخت في ابنها ، ده حكمي يابني ومالكش عندي غيره ، اكرمها واديها حقوقها اللي قال عليها ربنا واكتر شويه ورجعها بيت اهلها وحاسيبك شهرين تلاته تلم نفسك وتتدارك عواطفك وبعدها حاخطب لك علي نقاوه عيني ، شابه صبيه مليحه ، ارضها عطشانه للسقايه وحجرها واسع ولبن صدرها فاير مستني عيالك تفرحك بيهم وتفرحنا كلنا ، ده حكمي ياسليم ومالوش رد ، قلت ايه !!!!
يسمع سليم امه ولايرد عليها ، يقف امامها مثلما اعتاد يقف منذ سنوات بعيده وقت طفولته ، يقف امامها اخرس ، لايقوي يعارضها ولايتحمل غضبها ، اربعون عاما مرت حسب ما تسعفه الذاكره بين اليوم الاول الذي يتذكر كل تفاصيله وقت وقف امامها لتنهره وتوبخه لسبب لايتذكره فالذاكره محت التفاصيل الصغيره وابقت المشهد حاضرا في خيال سليم ، اربعون عاما مرت منذ ذلك اليوم وحتي وقف امامها ثانيه توبخه وتحكم عليها بحكمها اللي مالوش رد ،
قلت ايه ياسليم ..........يخرج صوته من اعماق صدره ثقيلا اجش ، ماقدرش ياامي اظلمها وهي بتتعالج وبكره ربنا يسهل وتجيب لك الطفل اللي انت مستنياه !!!!هل قامت عاصفه في القريه الصغيره التي يحتضنها الجبل ، هل هبت رياح سوداء ردمت العيون بترابها الناعم ، هل ضرب الاعصار في جنبات البيت الكبير الذي تجلس امه علي فراشها في حجرته البحرية ، ماهذا الصخب والصراخ الذي يحسه سليم ، ارتسم علي وجهه ملامح الفزع ، ضربته امه بقبضه يدها في صدره ، فوق ياسليم وشوف انت بتجول ايه ، انت تطلجها وهي تتعالج براحتها بعيد عنينا ، مالناش صالح بعلاجها ، واحنا ناخد المعيوبه لينا تنغص علينا حياتنا ، يحرق العشق واللي بيعشجوا ، يحرق الحريم وسحرهم الاسود اللي بيتحكموا بيه في الرجاله ، استرجل ياولد ، ده انت ابن ابو هاشم ، عين اعيان الكفر والمديريه والجيهه كلها ، استرجل وطلقجها وريح قلب ابوك في مجبرته و............... يتركها سليم ويخرج وهي مازالت ترغي وتزبد ومازالت العاصفه السوداء تضرب في جوانب البيت ، تركها ورحل ، عاد لزينة ، لم يخبرها عما حدث ، لكنها عرفته كله بادق تفاصيله ، دخل في حضنها وانفجر باكيا ، لم تساله عن حاله فهي تعرفه اكثر مما يعرف نفسه ، يبكي وهي تحكم عليه حضنها وتكاد تقول له ، طلقني وريح والدتك ، لكنها تحبه والامل مازال في قلبها ، تنجح العمليه ويلقح رحمها الصغير بابنه الذي سيرفع اسم العائله ويرث الارض ويحافظ علي حياتها مع سليم ، تحبه وتتمني يسبق زمنها بطيبته زمن حماتها بشره وتاتي لها بالوريث قبل ماتتمكن من السيطره علي ابنها واجباره علي تطليقه!!! انا بحبك قوي ياسليم ، همست في اذنه ، رائحه انفاسها العطره فاحت في المكان ، صوتها الرقيق في اذنه هدأ روعه ، احتضنها اقوي واقوي وهمس ، انا كمان بحبك قوي يازينة !!!!!!!!!!!

( 13 )
الرحيل

مازال مكانه في الصاله ، لايصدق ماقالته له ، لن ترحل ، لن يتركها ترحل ، هي تخبره بطريقه عاصفه بضجرها من امه وكلامها والعمليات الموجعه واليأس ، سيدخل حجرتها ويصالحها ويعدها الا يخذلها بعد اليوم ، لايحتاج اطفالا ولتذهب شجره العائله واسمها وطين الارض والهيبه في ستين داهية ، الاهم سعادته وهو لن يجد سعادته ابدا الا معها .... انتي ياحبيبتي العمر كله ومعناه وقيمته ، ارجوكي عودي ، ابن يتيم ذبحته الايام بنصل وحشتها لايشعر امانا الا في حضنك ، لاترحلي وتتركيني ، هكذا سيقول لها وقتما يدخل الحجره ويصالحها ، الملكه تي لن تقترب منك ثانيه ولن اقبل تعيشي في قصر وانا في قصر اخر ، لست نفرتيتي ولست اخناتون وهي بكل عجرفتها وعنفوانها ليست الملكه تي ، لاتخافي ياحبيبتي ، عبارات متناثره في عقله اسطر وحروف ، سيكتبها لها قصيده، سينشر مقاله جديده باسمها ، زينه حبيبه القلب ، عبارات تجري امام عينيه ومعها الوقت وهو جالس مكانه لايتحرك ، يقنع نفسه ان زينه لن ترحل وان حياتهما ستستمر وربما يمنحهما القدر اجمل هباته ويأتي وليده من رحمها هي !!!
غائب مع نفسه وافكاره ، لم يشعر بها تتسلل من حجرتها ، لم يسمع خطواتها الثقيله المهزومه فوق الارض ، لم يسمع ازيز الباب الثقيل وهي تفتحه ، فقط انتبه ودوي هائل يوقظه من ابيات شعره ومشروع مقالاته وحبه لها ، دوي هائل رج البنايه وقتما خرجت زينه من منزله ومن حياته ... زينة ................ صرخ سليم ، غادرت المنزل وتركته وحيدا ، صوت ارتطام الباب وقت رحيلها لايفارق اذنه ، صوت الدوي ينفض قلبه من مكانه ، يتمني لو يجري خلفها ويستبقيها ، عشره سنوات مرت بين مشاجرته العنيفه مع امه وبين رحيل زينة ، قضتها زينة في تجارب فاشله وعمليات مرهقه ووجع والم وحقن ودماء وتلقيح صناعي وامل ويأس وخذلان ، عشره سنوات يتشاجر مع امه لتصبر ويدعو لزينة لتفلح في انجاب الوريث الذي تتمناه حماتها ، لكن الله لم يستجب لدعاءه ولم يمنحه فرصه الوفاء بعشرات النذور التي قطعها علي نفسه ديونا لله والمساكين واولاد السبيل يتمني يوفي بها وقت تمنحه زينة الوريث ، الله لم يستجب لدعاءه ، فلم تصبر امه ونغصت حياته قدر مااستطاعت حتي تحولت الحياه لعبء لم يعد يتحمله !!! الله لم يستجب لدعاءه ولم تمنحه زينة الوريث وزهقت من الحياه معه ورحلت وتركته !!!!!!!!!!!!زينة .............. لم يعد يناديها فقط في احلامه ، كثيرا مايتنبه وسط النهار انه يهمس باسمها ويناديها ، كأنه يرجوها تسمعه وتعود لحياته التي فسدت !!!زينة .............. يناديها وينتظر طرقات علي الباب وابتسامه ورائحه الانفاس العطره ، لكن بابه لم يطرق وزينة رحلت عن حياته تماما ، زينة !!!!!!!!!!! يصرخ ولا يرد عليه الا الصمت !!!!
جلس سليم علي الكنبه في الشرفه البحريه يتامل الشمس وهي تغيب بعيدا عن الجبل ، يفكر في زينه التي تجلس الان علي البحر تبكي وقرص الشمس الاحمر يغرق في الماء الازرق الداكن ، يرسل لها مع الشمس رساله حب ، احبك مهما بعدت مهما رحلت ، اوصلت الشمس رسالته فبكت زينه وهي تشتاق اليه لكن الحاجه سكينه ومواسم البلح لن يرحماها ، بكت زينه فاغرقت الشمس قرصها في الماء وتركت العالم في ظلام دامس ، بقيت زينه تحدق في الماء الاسود ولملمت اشياءها وتركت الشاطيء وهي تمني نفسها بيوم جديد تشرق شمسه جميله و......... واحشني ياسليم !!! هل كانت تعرف انه في تلك اللحظه بالذات يبكي ، وانه طلق زوجته الثانيه وتحرر وانه يعتذر لها ويشتاق لها ويتمني لو تمنحه فرصه ثانيه ، يعدها ساحميك واحافظ عليك ولن اخذلك مره ثانيه ، لم تعرف ولاتريد ان تعرف ، فرغم كل الحب الذي يحبه لها سليم عاجز عن حمايتها من بطش الملكه تي ومااوجع تلك اللحظات التي خذلها فيها وتركتها تحت رحمه سكين امه تمزقها وكرامتها وروحها وقلبها وتبعثرهم في الهواء قربانا لالهه الخصوبه الذي لم يرضي ابدا علي سليم ولا علي امه ولم يمنحهما ما تمنوه دون عن الدنيا كلها ، سال دمها علي عتبات المعبد قربانا للاله اتون ليرض عن زوجها لكن الاله اتون منحها كل حبه ودفئه وبخل علي ابن الملكه تي برحمته !!! وقدرك تعيش اسير بلاجدر في الهواء لاتجد من يرفع اسمك !!! وغادرت زينه البحر وهي تمسح دموعها وبقي سليم يبكي يشتاق لها وامه تنتحب علي حظه المعوج الذي لن يفر من قبضته ابدا !!!
( 14 )
الخذلان !!!
من قلب المعبد يأتيه صوت الترانيم ، نفرتيتي ............... اين انت ياملكه قلبي وآسرة فؤادي ؟؟؟؟؟ يبتسم سليم في الظلام ابتسامه متعبه فيزاد الليل عتمة ، وكأن زينة تلبست روح نفرتيتي وهجروني معا !!!! زينة ............ عودي يامهجه الروح ومالكه الفؤاد ، عودي ياقلبي !!!! هذه ليست كلماته ، كانها ترانيم يسمعها ، تدوي بايقاعاتها المنتظمه في اذنه وصوت شخيره عالي يحطم جدران الغرفه التي ينام علي فراشها الوثير ، زينة ......... ياالهي امنحها عمرا طويلا ، ترانيم تدوي في اذنه ، يهمس ، ارجعي لي يازينة ، صوته يختلط بصوت الترانيم في بهو المعبد الكبير ، لايري نفسه وسط الجالسين ، ملوك وكهنه وخدام المعبد ، لايري نفسه وسط الراكعين ارضا لايرفعون اعينهم في عين الملك ، ليس من ضمن العبيد ولا من ضمن الملك ، لكن صوته يختلط بصوت ترانيمهم !!!! اين انت ياسليم في هذا المشهد ؟؟؟؟امنحها ياالهي الحياة ، امنحها ياالهي الحياة .................. زينة !!!!!!
يجري يصعد جبل الطير يبحث عنها بين الطيور البيضاء ، هي تختبيء وسطهم ، هي اجمل من فيهم ، بقلبها الابيض وطهارتها ، يصعد الجبل يتلفت خلفه ، هل ستجري خلفه الملكه تي بسكينها المشحوذ ، هل ستقتلها مره اخري ، يصعد الجبل ويدعو ربه ويبتهل اليه ، انقذنا ياربي انقذنا ، احمنا ياربي احمنا ، ردها لي وساحافظ عليها ولن اخذلها ثانيه ، يحدق في كل الطيور البيضاء فوق الجبل ، يكاد يسألهم الم تروها ، طير بقلب ابيض جميل ، اجنحتها مثل الحرير ، منقارها مزركش بالحمرة والخجل ، هي حبيبتي ورحلت ، اوصوها بي خيرا ،اسالوها تعود لي ، الطيور تحدق في وجهه المرتاع وشعره الابيض واسنانه المتساقطه وتكاد تجيبه لاتبحث عنها وسطنا ، لقد رحلت عنا وقتما رحلت عنك ، مالها زينه وجبل الطير ، لم تجد الحمايه ولا الامان فلم تبقي !!! لكن الطيور بكماء لاترد عليه وهو اساسا لايتكلم ، حواراته داخليه تسمعها راسه وفقط ، حتي دموعها لايراها غيره ، دموع ملحيه تنسكب من عينيه لقلبه عبر مسارات الالم التي يعرفها ، يجري فوق جبل الطير ويجري ، يناديها .............زينه !!!!!ا
يقترب وقت الغروب واتون يستعد للرحيل ، يرفع راسه للقرص الذهبي ، يوصيه بيها خير ، هي تحبك وتراك ، احفظها وارعاها ، صالحها علي الايام التي قتلتها الف مره ، فسر لها ذنبي وضعفي وخطيئتي ، قل لها اني احببتها حتي خرست بعدما رحلت ورحلت روحي عن جسدي وسكنتها ، اوصيها بنفسها ترعاها ، قل لها تعود وحين ستعود ، ساقيد كل الشموع علي بوابات المعبد واغني مع المداحين اشكر رب الكرم علي عطاياه وهباته ، ينظر لقرص الشمس المتوهج يحترق رحيلا ، قل لها اني احترقت كل يوم وكل سنه وان السنوات التي مرت بعد رحيلها لم اعشها والنساء اللاتي تزوجتهن بعدها لم يكن نساء ، هي الانوثه والمحبه والعطاء ، قل لها ان الملكه تي افسدت حياتي وان التاريخ يكرر نفسه ويعيده بنفس الاخطاء ، قل لها ان حبها المقدس يجري في شرايني واني احب سحرها واسرها واتمناها تعود ، يحدق في القرص الافل الراحل ولايجد منه تعاطفا ولا دعما ، يرحل القرص الذهبي عن سماء ويتركه يبكي في وحشه الليل البهيم ويناديها ......... زينة !!!!ا
يبقي واقفا في ظلمه الليل يحدق حوله في الفراغ ، يتمني وجهها يشق الليل بابتسامته الجميله ، وكأنه يري الخواجه يخرج من المقبره يحمل راسها وقلبها ويجري ، يطارده ، ملكيتي وحبيبتي لن اسمح لك تسرقها ، يسخر منه الخواجه ويجري ، يطارده لكن نفسه مقطوع ، يفر منه الخواجه يحمل رأس نفرتيتي بتاجها العالي ، وجهها يضيء الليل ويبتسم فيمنحه امل وصلابه ، ينادي علي الخواجه يحذره عد بها ليست لك مهما اخبتئها مني ، هي مني وانا منها ، يسمع ضحكات صاخبه ساخره توخز قلبه كالانصال ، يجري ولايري شيء يتعثر ويقع ، يسمع صوتها في اذنه ، امنحه الحب والحياة والحقيقه ياالهي ، امنحه الحب و الحياة والحقيقه ياالهي ، يري ثعابين الكوبرا الضخمه تخرج من المقبره تطارد الخواجه بانيابها الزرقاء ، تقترب منه فيرتعد ، تنفث سما في الهواء وتسرع خطاها علي طريق الخواجه ، تلومه ، فرطت فيها ولم تقوي علي صيانتها جزاك عقاب الوحشه والغربه العمر كله ، ابعد عن طريقنا واتركنا نلحقه ونستعيد مليكتنا وحين نعود بها لن نمنحك جمال ابتسامتك قبلما تنطق وتستبدل خرسك شعرا وصمتك فعلا وكلامك الفارغ وعودا تنفذها ، حين نستعيد مليكتنا لن نمنحها لك لتخذلها مره ثانيه كفاها مالاقته علي يديك ، ابتعد عن طريقنا ودعنا ننقذها فلو سرقها لضاعت للابد !!! يسرعوا فوق الرمال خلف الخواجه ، يفحوا في الهواء ليرعبوه ، ينثروا سما يتمنوه يستنشقه موتا زعافا ، ومازالت الحيات تجري والخواجه يجري برأس الملكه وخلفهم جميعا يجري سليم وهو يصرخ ............ زينه زينه !!!
( 15 )
قرص اتون
ورحل عام 2010 ومازال سليم يجري خلف الثعابين التي تطارد الخواجه لتنقذ رأس الملكه ، ومازال يصرخ ينادي زينه و.......رحلت روحه عن جسده وتركته متيبسا اسيرا وتحررت لتسكن قرص اتون وتطل كل يوم علي وجه زينه الجميل تعتذر لها عن كل الخذلان والصمت !!!

نهايه الجزء الثاني والحدوته .......

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

من مجدي السباعي

.لطمت الحاجه ام سليم ومزقت شعرها وهي تري سنوات العمر تجري بالابن الوحيد للعائله التي ستندثر ويمحي اسمها من كتب التاريخ واضابير العائلات ، لطمت وصوتت وبكت حتي كاد نور عينيها يذهب ، لكن هذا كله لم يمنح سليم
العمليه فشلت زي الف مليون عمليه قبلها ، ماعنديش اورده يقطعوها بالحقن ، ماعنديش طاقه اتحمل تجربه جديده وفشل جديد الوريث الذي تمنته !!!ا
اخديني كتير لشجن عميق تلاعب بمشاعري وعواطفي واحاسيسي...لماذا كل هذا الحزن والشجن ...تناقلتي بكلماك داخل الحزن وتعبيراتك العنيفه ..لتظهري كم الحزن بداخلك ...وتركتينا كعادتك حياري عن نهايه الامك والامنا
تعبت كثيرا وانا اقرؤه وتعبت اكثر بعد ان انتهيت من قرائته

غير معرف يقول...

حيرنى سليم....أضعيف هو أم عابد ملكات؟؟؟؟مؤلم للقلب ان نحيا لنحقق حلم و سعاده غيرنا حتى لو كان الملكه الام..او ربما يبهج هذا بعض النفوس و هو يشدو ترنيمه مسحوره؟؟؟
لو بقى هذا الاسير سنوات طوال فوق سنوات عمره لما نال الوريث...فالميراث رغبه و تمسك ..و هو ابى الا دخولها ناسكا و العزله فيها مستعذبا حصار نفسه فى احلامه...لا يبصر الا تاج الملكات..
أتعبنى ..و حاصرنى..وخلط أوراق ذاكرتى..فما بالك انت و قد كتبتيه؟؟؟؟
الف مره تسلم ايديكى يا فنانه
عبير مطر

غير معرف يقول...

كالعادة لهثت وراء حكايتك ورحلت لزمن الملكة نفرتيتي وعشقتها كما عشقها سليم وأوجعتني زينة

سليم الملعون بلعنة الفراعنة ... تاريخ العائلة الموصوم واللعنة التي تجسدت في سليم

مكتوب عليه أن تمتلئ بالخمر كأسة ولا يعرف لذة الشاربين

ميرا

غير معرف يقول...

هذه هي الحياة ،، كما حكيتي الحدوتة تماما يا استاذة ... حدوتة .. الحياة تعطينا وتضع في النص مشكلة ... مشكلة تجرينا وراها وتلفلفنا ونتوه منها ومن نفسنا ... و؛بار يدوسوا علي صغار و جلم يراودنا في صحونا ومنامنا...
هذه الحدوتة هي الحياة والدنيا كلها
----
ضحك سليم ضحكات مجنونه وهو يجلس وحيدا في البيت الذي تحول مع الايام لمقبره تشبه التي تطارده في الكوابيس والاحلام
----

لو سيبنا رحنا للحدوتة ،، ممكن كلنا نوصل لكده
تحياتي

عماد خلاف يقول...

يقولون أن الحب الصادق يأخذ صاحبة الى المهالك لا مكان فيه لأنصاف الحلول دائما تبدأ الحياة من عندها او عنده وتنتهي أيضا هناك مع قبله أو لمسه أيد أو لحظة تتلاقيها فيها الأرواح الى الأبد يا أما العيش معه يا أما الجنون والسلبية واللامبالاة وترك الحياة بكل مافيها وعليها ...نظل نعافر ونقاوم على أمل الشفاء لكن الشفاء لم يأتى ولن يأتي فالروح هناك معلقة هائمة تبحث عن أليفها ونصفها الأخر وفي كل مرة يحاول فيها تحت ضغط الأسرة كما حدث لسليم فى رائعتك أستاذة أميرة مواسم البلح وقرص اتون الذهبي !!! يقولون الفشل هو الطريق الوحيد لكل ما يأتى من تصرفات وافعال يجبر عليها حتى يأتى بالوريث . ...........ولأن الحياة تصنعنا ليس بقدر ما نصنعها كان الرضوخ هو الحل والأستسلام هو الطريق الملئ بالحرقة والعذاب مع أنه يعرف مسبقا أنه ذاهب الى المهالك ومع ذلك يظل يعيد ما مر من ذكريات رافضا كل الحلول النفسية للخروج من الحب والشفاء منه .......أستدعاءك للتاريخ أستاذة أميرة كان رائعا فهو أرض خصبة مليئة بالحكايات الشيقة التى يمكن من خلالها بناء نص أدبي رائع مع الأستعانة بالخيال وربطه بما يحدث لنا من مواقف يومية الأن . فالكتابة هي أن تغامر بالمخيلة أن تجعلين من الماضي طريقا للمستقبل أن ترسمين بقلمك أروع الحكايات وأعذبها وأجملها مستعينه بالماضي وتخطين لنا لوحة فنية رائعة تمتزج فيها المعاناة مع الحب مع الأصرار مع الحفاظ على التقاليد والعادات في مقابل هلاك الفرد والبقاء على الموروث .. فى النهاية أشهد لك أستاذة أني أستمعت جدا بهذا النص المفعم بالحيوية والتألق ..دمت لنا كاتبة متميزة وارئعة كعادتك أستاذة اميرة وتحياتى لك