مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

ابن الحرام ودموع الثوب الاسود ( الجزء الثالث والاخير )





الجزء الثالث والاخير

أنا شاب لكن عمري ألف عام
وحيد لكن بين ضلوعي زحام
خايف و لكن خوفي مني أنا
أخرس و لكن قلبي مليان كلام
عجبي !!!!



( 18 )
الخالة ...


عرفت نبيله بمأساتها ، وعرفت الام ، الام تعرف دائما كل مايحدث لبناتها حتي لو صمتن ولم يفصحن لها عما حدث ، عرفت الام ان ابنتها وقعت في شرك الحب ، وعرفت انها فرطت في نفسها مع الذئب الذي اختفي ، عرفت الام انه اختفي وقتما خفتت النظره الساطعه التي كان تزين حدقه ابنتها ، وعرفت ان البحر هو ماجمع بينهما وقتما قررت الابنه انها لن تذهب للبحر وستنام ، وعرفت ان دورتها الشهريه انقطعت وقتما بقيت الفوط الصحيه علي المنضده في الحمام لم تمسسها في ميعادها الشهري !!!


واجههتها بكل ماتعرفه فاعترفت منهاره ، لكنها لم تكن تعرف انها تحمل جنين فؤاد ، تصورت الدوره الشهريه غابت تاثرا بحالتها النفسيه ، مثلما غابت قبل ذلك اكثر من مره ، ضحكت الام وبكت ، وقت كنت عذراء فلتغب براحتها بسبب حالتك النفسيه لكن وقت تسلمي جسدك لرجل عليك الانتباه ، فغيابها مؤشر ان ذلك الرجل ترك داخلك اثار نذالته وخسته !!!

وقرر الطبيب ان نبيله تحمل جنينها في بدايه الشهر الرابع ورفض لانه يعرف ربنا ان يجهضها !!!!
واصبحت حياه الام والابنه جحيم لاينتهي !!!

الجنين يكبر والبطن تكبر والملابس تضيق والكورسيهات لن تخبيء للابد شكل بطنها والاب المشغول سيفيق في لحظه علي شكل ابنته !!!

قررت الام ترسلها لشقيقتها في البلد .... اخترعت فيلم غريب مع شقيقتها ، هي مريضه وتحتاج رعايه ونبيله في كليه نظريه لايلزمها حضور المحاضرات وستبقي في البلده مع الخاله حتي موعد الامتحانات ، قصه كمثل الافلام العربيه الفاشله ، لكنها حدثت في حياه نبيله ، ذهبت لخالتها تبكي ، ابقتها خالتها حبيسه الغرفه واشاعت بين الخدم ان ابنه اختها مختله العقل وارسلت عندها للاستجمام ، اوصت الجميع يبتعد عنها لانها مجنونه ... في ذلك الوقت كانت نبيله قد جنت فعلا ، لاتصدق كل مايحدث في حياتها ، تتصوره كابوس وستفيق منه ، هي تحمل طفل سفاح ، جنين ذئب ، ابن لحظه كذب ، هي ستلد ذلك الطفل وبعدما تلده سترميه في الشارع ، هكذا قررت الام والخاله ، لن تراه حتي لاتحبه ، لن تحمله في حضنها حتي لا تتعلق به ، هي ستلد ذلك الطفل الذي ينبض قلبه في رحمها ويضرب جدار رحمها بقدمه الصغيره و ستلقيه في الشارع ، وبعدها تعود لحياتها العاديه !!!

فكرت في لحظات تظهر لابيها بحملها ، تعترف بخطيئتها ، تتوسل اليه تحتفظ بصغيرها ، لكن الخاله التي انهالت علي وجهها بالاقلام ضربا افاقتها ، شرحت لها ان ابيها وشقيقها سيذبحوها ، لن يتركوها تحتفظ بالصغير لكنه سيبحثوا عن فؤاد ويقتلوه ، شرحت لها الخاله انها ستتسبب في كارثه ، ابيها سيقلتها واخيها سيقتل فؤاد والحزن يدخل المنزل ولايخرج بعدما تقتل الابنه ويدخل الرجاله للسجن !!!

شرحت لها الخاله انها تستحق القتل ، لكن الجدعان خساره ، ابقتها حبيسه الغرفه ، تبكي طيله الوقت ، والجنين يكبر ، وساقييه يقويا ويضربا بقوه في جدار رحمها ، فتستيقظ من وسط النوم تبكي ، لان ذلك الصغير مصيره للشارع تأكله الفئران !!!!

قبل ميعاد الولاده بايام قليله زارتها الام ، كانت نبيله تبكي وتصرخ ، لاتتمني تلد ، لانها وقت تضع ذلك الصغير ستحرم منه ، وهو بداخلها يؤنسها ، صرخت في الام وكادت تمزق وجهها باظافرها ، لن افرط في ابني ، مالذي ستفعلوه به ، احتارت الام والخاله ، بكت الخاله اشفاقا علي الام التي كتب عليها تحرم من صغيرها ، تعجبت من حكمه الخالق ، هاهي رحمها جدب لم ياتي باطفال للحياه فادمنت الحرمان ، وهاهي ابنه شقيقتها ستلد صغيرا لترميه في الشارع فتقتات الحرمان والحسره .... بكت الام والخاله ، فجأ صرخت الخاله ، عرفت حنعمل ايه !!!!!!!!


وكانت الست انصاف هي الحل ، جارتنا في الحلميه زمان ، بعد ماجوزها مامات نقلت الجيزه ، ست طيبه وقلبها حنين ، محدش يعرفني في عمارتها الجديده ، لما عزلت مازرتهاش ، انا متأكده انها حتاخد العيل تربيه ، هي بستنشق علي طفل ، ربنا حرمها وجايز الواد ده يعوضها!!!


واتفقوا معا ............ ستلد نبيله وبعدما تلد ، تاخذ الخاله الصغير انثي كانت او ذكر ، وتلقيه في الليل علي عتبه انصاف جارتها القديمه ، وماتشليش هم خالص ، انصاف حتراعيه وتخلي بالها منه وتربيه ولا كأنه ابنها و................. نفذت الخطه في جنح الليل ببراعه الخاله التي اخفت الرضيع في حقيبه الخضار والقت الصغيرعلي بسطه انصاف وخرجت بعد حديث قصير مع باتعه زوجه البواب تسالها عن شخص وهمي لايسكن في العماره !!!


وفتحت انصاف بابها فوجدت ابن نبيله يبكي ويصرخ فاحتضنته و........صار اكرم !!!!



( 19 )

الايام السودا


عادت نبيله لحياتها ، تخرجت من الجامعه ، والتحقت بوظيفه سخيفه ممله ، اختها تزوجتا ، شقيقيها سافرا خارج الوطن ، سنوات قليله والاب مات وبقيت هي وامها ، لم تتزوج ، رفضت خطاب كثر طرقوا علي بابها ، رفضت فكره الزواج من اساسه ، طمأنتها امها انها تستطيع تتزوج بلا خوف ، غشاء البكاره الذي اتلفه الذئب سيعود جديدا بمنتهي السهوله ، نصحتها الامر مرارا ، لازم تبتدي حياه جديده وتنسي اللي فات !!! كانت نبيله تحدق فيها ولا تصدق ما تسمعه ، كيف تنسي مامضي وابنها صغيرها ينام علي سلم الخدم في مكان حقير يبعد عنها نصف ساعه وهي عاجزه لاتملك انتشاله مما يعيشه !!!


بعدما ولدت وابعدوا الصغير عنها ، جنت نبيله بحق ، لا تتوقف عن البكاء ، فكرت كثيرا تقتل نفسها ، صدرها الذي ينساب منه اللبن يذكرها بصغيرها الذي حرمت منه وابعد عنها ، رحمها المتضخم الذي مازال يقذف دماءه بعد الولاده ، يذكرها بمأساه حياتها ، الام والخاله احتاروا فيها ، ستفضحهم ، ماشافهموش وهم بيسرقوا شافوهم وهما بيتحاسبوا ، شهرين وعادت نبيله لمنزل ابيها بعد اصراره علي عودتها ، الامتحانات علي الابواب ولابد تعود لتستعد للتخرج ، عادت نبيله فتاه اخري ، شاحبه دامعه العنين صامته ، في حجرتها تجلس وحيده طويله ، اكم من مره ضبطها الاب تبكي ، سال الام عن سرها وسبب بكائها ، الامتحانات والتوتر وبنتك حساسه ، اجابه لم تقنع الاب لكنه لم يتصور بالطبع ان زوجته تخدعه وخبئت عنه مأساه ابنته .....


لازم اشوفه ............ بحسم ووضوح وجنون قررت نبيله انها ستذهب للجيزه للست انصاف حتي تري ابنها !!!!

وبدأت فصل جديد من فصول مأساه حياتها !!!!


( 20 )

الثوب الاسود !!!

بثوب اسود وفي تمام الثانيه عشر ظهرا ، بطرحه سوداء ونظاره كبيره وعلي الرصيف المقابل للعماره ، وقفت نبيله تراقب العمارة ، تنتظر زوجه البواب تخرج بالرضيع اللقيط الذي عثروا عليه علي سلم الخدم ، تخرج به في صندوق كرتوني للشمس ، تقف نبيله تراقب العماره وحين تخرج باتعه الصندوق الصغير به طفل قذر الوجه اشعث الشعر ، تكاد نبيله تصرخ تناديه لكنها تسيطر علي مشاعرها ، تتامله تكلمه تناديه تعتذر له و........... بعد ساعه ترحل و........... تعود في اليوم الثاني !!!!


اثني عشر عاما ونبيله تقف علي الرصيف المقابل للعماره في الثانيه عشر ظهرا ، ساعه تراقب العماره ومدخلها وتحدق في السماء وحين تلمح اكرم يخرج من العماره يقف علي الرصيف ، تلمع دموعها وتتسع ابتسامتها و............ ترحل!!!


كادت تقتل نفسها حتي اعطتها الخاله عنوان العماره التي تقيم بها انصاف في الجيزه !!!

ساذهب لاراه ولن اقترب منه ، والمصحف لن اقترب منه !!!
الام تبكي ستفضحهم وتخرب بيتها !!!
والخاله تبكي خوفا علي شقيقتها وحزنا علي ابنتها !!!
ونبيله تبكي عايزه ابني !!!

اعطتها الخاله العنوان بعدما اقسمت علي المصحف انها لن تقترب منه ولن تفضحهم ولن تكشف سرهم !!!

اشوفه وبس !!
اعطتها الخاله ثوبا اسود شاحب قديم ، وطرحه سودا ، واخفت دموعها ووجها المحتقن خلف نظاره سوداء كبيرة و... حين شاهدت اكرم للمره الاولي كادت تجري تخطفه ، ساخطفه واختفي ، ترددت ، خافت ، انفجرت في البكاء ورحلت و.... ساخطفه غدا !!!
لكن هذا الغد لم يأتي ، وكبر اكرم وصار طفل عبيط لايتحدث ، يعيش علي سلم الخدم وياكل فضلات الشقق ويرتدي اسمالهم البالية ، وهي تراقبه وتبكي ، تشفق عليه وتبكي ، تتمني تاخده في حضنها ولا تاخذه وتبكي .......... استقالت نبيله من عملها حتي تستطيع رؤيه ابنها في منتصف النهار ، في البدايه اخذت اذن ثم اعتذرت ثم غابت دون عذر ثم استقالت ، ساذهب لاري ابني وليذهب العالم للجحيم !!!

بعدما مات ابيها وسافر شقيقيها فكرت تسترد اكرم ، لكنه بلغ الخامسة ، طفل قذر من اولاد الشوارع ، لاينطق ، يتفوه باصوات غير مفهومه ، لم يدخل مدرسه ، هو فضيحه كبري ودليل علي فضيحه اكبر !!! امها هددتها ستقتل نفسها لو احضرت هذا الطفل المتشرد ، الناس يقولوا اليه ، ونفسر وجوده ازاي ، ونجيبه نعمل بيه ايه ، واللي معرفوش فضيحتنا امبارح يعرفوها النهارده ، اخواتك يتطلقوا واخواتك الرجاله يرجعوا يموتوكي ويموتوني و............ بس ده ابني !! تهمس نبيله فتصرخ الام ، لا ، ده مش ابنك وانسي بقي !!!


تبكي نبيله ليل نهار تتمني تنسي !!! لكنها لاتنسي وحين تقترب الساعه من الحاديه عشر تنزل من بيتها لتري اكرم و.........سنوات مرت واكرم يكبر امام عينها وهي عاجزه عن احتضانه وحبه وانتشاله من حياته البائسه وعن الكف عن البكاء !!!


انسي ازاي ياامي ، ده اليوم اللي عدي الشارع ناحيتي ، هو ماكانش قصده طبعا ولا دريان بي ، كنت حاموت ،قلبي نط من مكانه وحسيت اني باتحرق ، ابني قصاد عيني مش قادره اخده في حضني ...... نظرت لها الام بشفقه ، ماهو من ساعتها وانت مااتنصفتيش ، ضغطك طالع نازل نازل طالع ياعين امك وصابك اللي صابك !!!!


وتنفجر نبيله في البكاء ، فهي ولاول مره من سنوات طويله ، تبقي عشره ايام دون تراه ....

كانت ارتدت ملابسها واستعدت للخروج ، لكن الارض مادت بها وفجأ افاقت لتجد نفسها في فراشها وحولها الام والخالة!!!
ضغطها عصبي يرتفع وينخفض ومعه توازنها وانتباهها ...
تبكي لانها لم تري اكرم ، وتبكي الام لان ابنتها انتهت للابد ، بختها مال وحظها ضاع ونشفت وقددت زي الرغيف البايت وياعيني عليك يابنتي !!!!!!


( 21 )

الاجتماع


في شقه الحاج عربي اجتمعوا جميعا ، حتي سونه البواب وباتعه حضروا اللقاء ...

حاولت انصاف وجميلة الدفاع عن اكرم ، وانه ولد غلبان وطيب ومابيأذيش حد ، لكن سكينه وصوفيا وتحيه وام شوقي هاجموه بكل قسوه..

جدع طول بعرض ومجانص ، شاب يعني من الاخر ، لا له اصل من فصل ، ان كان ابن حرام ولا ابن كلب ، نايم علي سلم الخدامين وبيوتنا فيها بنات ومانحطش الجاز جنب النار ونرجع نقول ولعت ليه ، شرحت سكينه وهي تصرخ ، انا بصراحه اخاف علي بناتي وعلي الشغالين يوز لواحده فيهم ولا يغويها اعمل ايه انا بقي ساعتها؟؟؟؟ ولا ايه ياحاج ونظرت للحاج عربي تستنفره ضد اكرم !!!

ده واد مشئوم بينام علي عتبتي وبيرش لي ميه مقري عليها نظرته تخوف وانا ست قاعده لوحدي ، حاستني ايه لما يخش علي وسط الليل يدبحني ، انفجرت تحيه تبكي ، كل ماافتح الباب الاقيه مبحلق في ، الواد يخوف ، ماتعرفش ان كان عاقل وعامل عبيط ولا عبيط ومالوش ممسك ، انا زي اختكم وباستنجد بيكم تحموني منه ، هو خلاص مافيش نخوه ولا ايه؟؟؟؟؟؟؟؟ تصعبت الحاجه سكينه شفقه علي تحيه الوحدانيه الغلبانه !!!

انا بصراحه مش مستريحه له ، ليه معرفش ، شكله يخوف ، وبصراحه مش منطقي خالص راجل زي ده ينام علي السلم في عمارتنا ، لو عنده مشكله يروح ملجأ او الشئون الاجتماعيه ، لكن كده غلط جدا خالص ، شرحت صوفيا وجه نظرها ، ده مابيستحماش وريحته صعبه قوي ، ممكن يعمل امراض في العماره ، وجوده علي السلم الخلفي خلاني مابفتحش خالص ، قرفانه منه قرفانه جدا ، دي وجه نظري يعني !!!! نظر لها مسيو قلاده بامتعاض فتجاهلت نظراته !!!


تدخل سونه في الكلام ، ولامؤاخده يابهوات ، الواد بيكبر ، بقي زي الهلف والعافيه هبلة ، العماره كده مش امان ، لو رزع باب اي شقه بكفه حيوقعه ، لو فضل في العماره انا مش مسئول ، اي حاجه تتسرق او تختفي مايخصنيش ، لا ويمكن كمان اخدها من قصيرها وامشي ، اخد مراتي وعيالي وامشي ، ماهو المكان اللي يأووي ولاد الحرام يبقي نجس وزرقه قليل وبلاد الله لخلق الله ... انا بانام عيني في وسط راسي ، يدخل الجراج ، يكسر باب عربيه ، مرايه تتشال من مكانها ، وترجعوا تقولوا سونه المسئول ، انا باخلي مسئوليتي اهو طول مالواد ده هنا !!!


صرخت ام شوقي وهي تنظر لانصاف غضبا ، انت مقويه الواد علينا ، الواد لايرضي يشيل الزباله ولا يكنس السلم ، الواد عامل فيها عبيط ، لما يشم ريحه طبيخ من السلم يلبد قدام الباب ، عينيه في الاكل ومستني ندي له ، اه احنا بندي له لكن بالذوق مش بلطجه ، الواد بيفتش في الزباله ويعرف طابخين ايه وعاملين ايه ، وده غلط ، النفر لما يتبص له في زبالته يمرض ، الواد اقوله شيل الزباله يستنطق فوقها ، ويعمل عبيط ويعيط ويصرخ ، انت ياحاجه اللي مقوياه علينا وده مايصحش ، احنا جيرانك وهو حيالله واد صايع مالوش عازه في العماره ، انا حلفت براس المرحوم انه مالوش عيش في العماره بعد كده ، نظرت للحاج عربي ومسيو قلاده وشوقي ، ولا مؤاخده يعني اذا انتم مااتصرفتوش انا اعرف اتصرف ، انا مش كاتعه ولا ايدي في جيبي ، لا انا بعون الله لوحدي اعرف امشيه من العماره ومن الحي كله !! وصمتت !!!


حاولت جميله تدافع عنه ، ده ولد غلبان ، طفل صغير ، جسمه كبير شويه لكن صغير ، مالوش حته يروح فيها ، قاطعتها ام شوقي ، واحنا مالنا يااختي ، حد قالك علي عمارتنا مأوي المقاطيع ، ايدتها انصاف ، ده اتربي في العماره وكبر فيها ، زي ابننا كلنا ، قاطعتها سكينه ، اتكلمي عن نفسك ياحبيبتي ، هو لا ابننا ولا زي عيالنا ، ده ابن حرام وديله نجس ويجيب الفقر ربنا يكفينا شره ، تنمرت انصاف ، يعني ياحاجه لامين بعض كلكم كده علي الولد الغلبان ده ، ده حرام والله ، ايه اللي يرضيكم يعني ، نرميه في الشارع تاكله الكلاب ، ضحكت ام شوقي ، وهي ياحبيبتي المره السايبه اللي طلقته ورمته في الشارع ماخافتش عليه من الكلاب حنخاف عليه احنا ، صلي علي النبي ياحاجه وطاوعينا ، خلي بركه ربنا تحل علي العماره !!! فصمتت انصاف غيظا لاتقوي علي مجادلتها بنفس الطريقه السوقيه التي تخاطبها بها !!


وافقتها باتعه ، الاكاده ساعات اتخايل بيه بيبص علي من ورا شباك الاوضه ، انا عمري ماقلت لسونه ، الا دمه حامي ويموته ، بس بقيت احرص منه ، لما الاقيه يقرب من بت من بناتي انبه عليها ما تلعبش معاه ، اصل ولامؤاخذه يعني العيل اللي ماحدش رباه حيعرف العيب والحرام منين ؟؟؟ نظر لها سونه نظره غضب فارتبكت ، ماهو ماكانش ينفعل ااقولك ، تضيع نفسك في عيل زي ده !!!


حسم الحاج عربي المناقشه ، خلاص نتكل علي الله ونمشيه من هنا ، يابالذوق يابالعافيه !!!

لكن حديثه لم يعجب مسيو قلاده ، انا بصراحه شايف ان الولد مسكين ، ونظر للنساء ، ويمكن انتم متحاملين عليه شويه!!! نظرت له صوفيا بغيظ لكنها لم تقوي تقاطعه !!!
ابتسم الحاج عربي ، بقولك ايه ياخواجه ، النسوان اللي قاعده في العماره لما احنا بنسعي ورا اكل عيشنا ، اللي يريحهم نعمله ونشتري راسنا من زن النسوان ووجع القلب ، خلاص ياهوانم ، نمشيه !!!
انفجرت انصاف في البكاء ولم تودع سكينه والحاج عربي وفتحت باب الشقه وخرجت معها جميله غاضبه ، ايه الظلم ده!!!
واستأذن سونه وباتعه ونزلوا من الشقه ، سونه فرح لانه تخلص من اكرم الذي كلها كام سنه وكان سينافسه في رزقه واكل عيشه وربما يغوي باتعه بشبابه وفحولته ، وباتعه فرحه لانها ستاخذ حريتها مع تيحه بائع الجرائد دون قلق من وجود اكرم !!!!


( 22 )

اكرم


يحمل كيس بالي به بعض اسماله وملابسه الباليه ..

تمنحه انصاف حقيبه بها بعض الملابس القديمه وبطانيه قديمه !!!
يودع انصاف فتحتضنه وتبكي فيبكي !!!
تناديه جميله وتمنحه مبلغ مالي وتساله ، عارف دول كام ، يقبل يدها ويبتسم ويبكي !!!
يتمني يودع سونه وباتعه ، لكن سونه يختفي من العماره وباتعه تتجاهله كانها لاتراه !!!
تستوقفه شغاله من بيت الحاج عربي وتناوله لفه سندوتشات وتؤكد عليه ، ماتخافش دي من فلوسي ياوله ، خلي بالك من نفسك !!!
يخرج من العماره لايعرف لاين يذهب !!!!!!!
مازال يتردد في اذنه الكلمه الغريبه التي لم يفهم معناها .... ابن حرام !!!

( 23 )

نبيله


عادت نبيله من مشوارها النهاري منهاره

اكرم ترك العماره واختفي
سارت في الشوارع تبحث عنه
تجرأت وسالت باتعه عليه ، فجحدتها باتعه بنظره غريبه واوضحت لها ، السكان طردوه !!!


( 24 )

انصاف

انصاف تبكي وتتمناه يعود ، تلوم نفسها لانها لم تاخده لحضنها وقت كان رضيعا

تلوم نفسها وتبكي ويوحشها وتبكي !!!


( 25 )
جميلة

كتبت جميله خطابا لطلعت زوجها قصت عليه ماحدث ، فتشاجر معها لانها سلبيه ولم تفلح في انقاذ الولد من الضياع
واتصل بالحاج عربي في التليفون واخبره انه غاضب مما حدث مع اكرم وقرر انه وقت سينزل للقاهره سيبحث عنه ويعيده للعماره لكنه وقتما نزل في اجازه الصيف اخذ اسرته وسافر للمصيف ونسي الموضوع !!!


( 26 )

اين ذهب اكرم ؟؟؟

قال سونه لانصاف ، انه سمع انه يبات تحت الكوبري لكنه وقتما ذهب لهناك لم يجده ، وسمع انه يقف في الميدان الكبير يساعد المنادي العجوز في ركن السيارات وانه كويس وازداد طولا !!! وقالت باتعه للحاجه ام شوقي ، ان بائعه الخضار علي الناصيه تشاجرت معها لانهم طردوا اكرم وقالت لها ان الولد غلبان وقليل الحيله وحظه قليل وانها اخبرتها ان القهوجي في غرزه السواقين اخذه يعمل معه ويعاونه في خدمه الزبائن وسالت باتعه الحاجه ام شوقي عما اذا كانوا افتروا علي الواد ، فضحكت ام شوقي ساخره من هبلها وانه شاف نصيبه وكل حي بيشوف نصيبه !!!!


( 27 )
نبيلة ..
مازالت نبيله تبكي وتبحث عنه في الشوارع لكنها لم تجده ابدا !!!


خاتمة

لو شاهدتم اكرم في الشارع ، طفل صغير بجسد كبير وعيون مبتسمه وطيبه ووجه قذر وملابس غريبه ، ربما منادي سيارات ، ربما يعمل في قهوه ، ربما ينام تحت الكوبري ، ربما يبيع مناديل ورق في الاشاره ، ربما يبيع عقود فل ذابله ، ربما يبيع اعلام يوم مباريات الفريق القومي ، ربما يقف امام طشت بلاستك تسبح فيه عروسه صغيره يصرخ بكلماته الممضوغه " حماده بيلعب " ، ربما يمسك فوطه قذره ويلقي نفسه علي سيارتك لينظف الزجاج ينتظر منك حسنه ، ربما يقف امام محل كباب جائعا او يقف امام محل حلويات شرقيه في رمضان ينتظر الصدقه بابتسامه مؤدبه ، ربما يقف امام محل لعب اطفال يوم العيد ينتظر العيديه ، ربما يحمل بالونات ملونه في الشارع الكبير يجري بها فرحا صوب الاطفال ، ربما يرتعد من البرد وقت المطر في ليل الشتا ..........

لو شاهدتموه ، ابلغوه من فضلكم ان انصاف حزينه لفراقه وان جميله تشعر بالذنب انها لم تقوي علي حمايته من بطش السكان .... لو شاهدتموه اتصلوا بنبيله واخبروها بمكانه ، فهي مازالت تبكي وتبحث عنه في كل الشوارع ، اتصلوا بها واخبروها مكانه ربما تعيدوا لعقلها الذي ذهب بعض صوابه وتنقذوا امها وخالتها من حياه الدمار التي يعيشاها مع ام تخلت عن طفلها والقت به في الشوارع لتنهشه الكلاب ....

لو شاهدتموه حنوا عليه وامنحوه بعض الشفقه والطيبه فهو طفل غلبان قليل الحظ لم يختار ان يكون ابن حرام وكان يتمني يعيش مع اسره طيبه واب وام ويذهب المدرسه ويركب العجله ويعوم في البحر ويروح النادي مثل كل الاطفال......

لكن من قال ان القدر يكترث بالامنيات ويحققها !!!!


هناك تعليق واحد:

منال أبوزيد يقول...

أميرة

"لكن من قال ان القدر يكترث بالامنيات ويحققها !!!!"

ربما قابلته يوما حقا
وربما سأقابله يوما ما

وخلصت الحدوتة
لا اقدر اول حلوة ولا اقدر اقول ملتوتة
وجعتني بكل تفاصيلها
وشدتني بكل حروفها

وحقيقي... الشوارع حواديت