مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 23 يوليو 2010

ست الحسن والجمال ... الفرار لارض الشوق ( الجزء الاول )



مقدمة


ندا .... بالالف مش بالياء !!! هذه ليست مسئوليتها !!! مسئولية السيده التخينه اللي كانت في مكتب الصحه يوم ما سجلت ندا في دفتر المواليد !! هذه قصه ندا !!!! ندا .... لاتصلح تكون بطله لاي قصه ...
حياه عاديه جدا ممله جدا ...
مليون واحده زيها وشبها ، ولا واحده فيهم تصلح بطله لاي قصه او حدوته !!!
حياتها عاديه جدا شبه حياه كل الناس اللي احنا عارفينها !!!
مفروض الغي الكلام المكتوب وبس خلاص بلاش دوشه واسيب ندا في حالها !!!!
ندا توافقني جدا ، لكن نادر لايوافقني !!!
نادر يراها ست الحسن والجمال بطله كل الحواديت !!!
كالعاده يختلفا في كل شيء حتي هذه الحدوته !!!

( 1 )
ارض الحلم

في ارض الحلم زارها رجل عجوز ، خافت من شعره الابيض وذقنه الطويله وعصاه الابنوسية ، اقترب منها كانت في الحلم صغيره تلعب بعروستها القطنيه ، وحيده تكلم العروسه تشكو لها خوفها من العفريت والبوبع وابو رجل مسلوخه وكل الناس ، اقترب منها وابتسم ، ناولها قطعه سكر ، لم تاخذها ، شرحت له ، امي نبهتني وحذرتني لاتكلمي الغرباء ولاتاخذي سكاكرهم ، يريدون بك شرا ، وانا اسمع كلام امي واخاف من الغرباء ...

ناولها العجوز فطيرة ساخنه خرجت لتوها من الفرن ، لاتسمعي كلام امك ولاتخافي ، هي طيبه لكنها لاتعرف الحياة ، اطمئني للاخرين ، مرتبكون مثلك لانهم سمعوا كلام امهم التي نهتهم عن التعامل مع الغرباء ، لكن ياصغيرتي كلنا لبعض غرباء ، وكلنا نحتاح نكسرالخوف و الغربة ونقترب من بعضنا البعض ، الغربه ستزيد لو بقينا نخاف ، ابتسمت مرتبكه ، تتمني تصدقه ، لكن امها حذرتها ، لاتطمئني للغرباء مهما كانوا طيبين ، انهم يخفون شرا خلف الطيبه ، تتمني تصدقه ، فعالمها ضيق و امها ورحلت وتركتها تخاف الاشباح والعفاريت والناس ،هي وحيده ، حتي فراشاتها بعيده عنها ، تسكن حوض الزهور ولا تقف كثيرا فوق كتفها ، وارنبها الابيض يلهو في الحديقه وياكل الجزر التي تقذفه له ويبادلها الجزر بالقبلات ويجري ، تتمني تصدق العجوز وتطمئن للغرباء ولاتخاف ، مازالت تبتسم مرتبكه ومازالت تخاف!!!

مازالت في الحلم ، ومازال العجوز معها في الحلم ، تمنته لو اتاها في الحلم فارس فوق حصان ابيض يحملها لارض الشوق ، يختطفها من ارض الخوف التي تعتقلها ، ، يتزع اشواك الخوف من قلبها ويسعدها ، تتمني يخطفها الفارس لارض الشوق ، تلك الارض التي تثمر اشجارها قلوبا وتخرج زهورها حمراء وعيدها الوحيد التي تعترف به هو عيد الحب ، لكن الفارس لم يأتي ، وارسل لها بدلا منه ذلك الرجل العجوز ، كادت تساله عن الفارس لكنه صمتت ، لم تطمئن له لدرجه تساله عن فارس ارض الشوق ، ابتسم العجوز يلاحظ حيرتها ، جلس علي الارض جوارها ، يغني موال قديم تعرف بعض كلماته ، كانت امها تغنيه حين يستبد الشوق لارضها التي انتزعت منها ورحلت عنها قسرا لارض غريبه ، اه يابلدي ياللي كنتي وانا ماكنتش ، لاانتي هونتي علي قلبي وانا كمان عليكي ماهونتش ، ابتسمت ، موال امها يطمئنها ، فتح العجوز مخلاة كبيرة اخرج منها ابتسامات ودموع ، اعجبتها الابتسامات تسطع كالنجوم التي ترابض فوق نافذتها في البيت القديم ، بيت امها التي ولدت فيها ورحلت عنه ثم عادت له مع صغيرتها وتركتها في المنزل ورحلت عنها ، ابتسامات العجوز كالنجوم الدافئه تخترق سحب الشتاء الكثيفه وتسطع ، اما الدموع التي اخرجها العجوز من المخلاة فهي مثل شذرات الموج ، تلك الشذرات المالحه التي تتناثر من امواج العاصفه وسط نوة الشتاء ، قطرات مالحه كثيفه ، ابتسمت للابتسامات واعطت ظهرها للدموع وانتظرته يشرح لها مالذي يفعله ، هذه حكايات بشر غرباء بعضهم منح الدنيا وبشرها ابتسامته فمنحته ابتسامتها ، بعضهم منح الدنيا وبشرها مخاوفه وقلقه فمنحته دموعها ... الانسان ياصغيرتي يختار مالذي سياخذه من الدنيا حين يقرر مالذي سيعطيه لها !!!

لاتعرف لماذ عادت في الحلم صغيرة بجدائلها الطويله وخصلات شعرها المتناثره ، لماذا عادت في الحلم صغيرة ترتدي فستان ابيض بكرانيش ورديه وتربط جدائها بشرائط طويله لون الكرانيش ، هي كبرت عن ذلك العمر كثيرا ، قصت الجدائل وخلعت الكرانيش وارتدت حذاء بكعب عالي ولونت شفتاها بالروج ونسيت الطفوله وبرائتها ولم يبقي لها من ذلك العمر الا تحذيرات امها ومخاوفها ، احست كلام امها قيود فولاذيه تربطها في المقعد التي اختارته لتجلس عليه في شرفه المنزل الكبير واحست مخاوفها اثقال فوق كتفيها تلصقها في مكانها الكريه ابدا لا تغادره !!!!
لاتعرف ندا لماذا عادت في الحلم صغيرة لياتي لها هذا الرجل العجوز .... كانت تتمني تحلم وهي كبيره ، شابه جميله ، يتهافت عليها المعجبين ، تخاف منهم لكنهم لايكفوا عن ملاحقتها ، كانت تتمني ينجح احدهم يخترق عزلتها ويطمئنها وينتزع قلبها من صومعته ويفك الاقفال ويجلس في البطين ويجلسها في الاذنين ويتراشقا بالحب !!! لكن امنيتها حتي في الحلم لم تتحقق ، امنياتها في الواقع لاتتحقق وفي الحلم لاتتحقق ، ومازالت صغيره بجدائل طويله ومازال يجلس بجوارها الرجل العجوز !!! كانت تتمني تحلم حلما سعيدا لاتتذكر فيه مخاوفها ولا فزعها !!!
مازال العجوز يمد لها قطعه الكر والفطيره الساخنه ، كلي ياابنتي معي فطير وسكر ، ابتسمت ، العيش والملح في الحقيقه يتحول في الحلم لفطير وسكر ، رائحه الفطيره تجري لعابها ، تتمني تمد يدها عليها ، لكن تحذيرات امها لاتتركها في حالها ، مازال يمد يده لها بالفطيره ، يبتسم يحاول يطمئنها ، تحبه ، اتمني اطمئن لك ياجدي ، لكن امي حذرتني لا تطمئني للغرباء ، لاتخافي ياصغيرتي ، هذه فطيره خبزتها زوجتي الطيبه برحيق ازهارها وعسل طيبتها ، حين تتذوقيها ستعجبك ، ستسري ذرات دقيقها الابيض مثل قلبك في شراينك يمنحك الطمأنينه ، خذي قطعه السكر ، اذيبها في فمك ، هذا طعم دنيتك ياصغيرتي ، ترتعش وهي تمد يدها ، تقبض علي الفطيره وقطعه السكر ، تستأذن امها لتأكل وتصم اذنيها عن تحذيراتها ، تحاول تتخلص من خوفها ومخاوفها ، تتناسي خوفها وتتوق لطعم الفطيره وقطعه السكر كفاها ما عانته من تلك التحذيرات كفاها مافعله الخوف فيها والحياه التي فسدت بسبب الخوف ............ تقرب الفطيره من فمها و.............. تستيقظ من النوم !!!!!!

( 2 )
ارض الواقع


انتهت ساعات العمل ، الساعه تجاوزت الخامسه بكثير ، بقيت ندا مكانها علي مكتبها ، تحدق في الاوراق الكثيره المتراكمه امامها ، الواقع اللعين ، تعيشه قطره قطره حتي الثمالة ، اول يوم تعود للشغل بعد اجازه خمسه ايام ، خمسه ايام بقتهم في الفراش لم تتحرك ، لاتجد مبرر للخروج من الفراش ، هي مرهقه متعبه ، يائسه محبطه ، ارهقت من كثره الفرار وكثره العوده ، ارهقت من الصراع الطويل المحتدم بينها وبين نادر ، الرجل الذي دخل حياتها في التوقيت الخاطيء ، ليته دخل حياتها مبكرا ، وقتها كانت ستمنحه كل ما يطاردها من اجله ، لكنه دخل حياتها بعدما احترقت من لهيب الاخرين فعاقبته علي انفاسه الدافئه واعتبرتها للاسف مقدمات حريق لن تتحمله مره ثالثه في حياتها ، قررت تتركه وتفر منه ، اعلنته بانهاء العلاقه بينهما ، سخر منها ، تشاجر معها ، رفض قرارها بمنتهي الحده والعنف !!! مشاجره مكرره يعرفاها جيدا ، عشرات المرات تشاجروا ذات المشاجره بنفس الالفاظ بنفس المواقف ، لكن هذه المره قررت ندا انها ستكون المرة الاخيرة ستتركه للابد ، ولن تعود اليه ابدا ... لكنها تحبه ، تحبه جدا ، قرارها اصابها بالصداع وارهقت جسديا وغلبها البكاء وغابت عن عملها في اجازه مرضيه طويله وقررت الا ترد علي مكالمات نادر مهما الح عليها حتي لاتضعف امامه!!!

ابتسمت ندا ، يحبها نادر لكنه مظلوم معها ، يحبها في وقت لم تعد تقوي علي الحب ولا تحمل اوجاعه ، هي تحبه لكنها لاترغب في علاقه معه ولا الارتباط به ، مازالت تحدق في الاوراق امامها ملتصقه علي مقعدها ، لا تطالع الاوراق ولا تعود لمنزلها ، كانها تختبيء من الحياه ومن نادر خلف تلك الاوراق المكدسه علي مكتبها ، تليفونها يرن ، نادر ، لم ترد عليه ، ليست هذه اول مره تترك نادر ، العلاقه بينهما طويله جميله قاتله ، احبته واحبها وهام بها ، لكنها تقف بالعلاقه في منتصف الطريق ، كلما اقتربت من الخطوه الاخيره ، عادت مسرعه لاوله ، بل عصفت بالعلاقه وبقلبها وانهتها من جانبها ، هي تحب نادر ، لكنها لا تطمئن اليه ، تحبه لكن لاتطمئن اليه ، لماذا لا تطمئن عليه ، سؤال سالته لنفسها مائه مره ولم تجد اجابه ، ما ذنبه في كل ماعاشته ، ماذنبه في الام ماضيها ، كل ماعانته ليس ذنبه ، لكنها لاتعرف الا تتصرف معه بتلك الطريقه المجنونه !!!
عندما اقترب منها في البدايه خافت ، كان خوفها طبيعي ، هي لاتعرفه بل ولا ترغب في معرفته ولا معرفة اي رجل اخر ، لكن اكثر ماخوفها اجتياحه لها ، حاصرها بمشاعره واقتحم عالمها وفرض نفسه عليها واعطاها كل اهتمامه ، سمع قصصها القديمه وتفهم مخاوفها وتحملها ، حاول يطمئنها ،لست الا انا ، لست من تخافين منهم ، اطمئني معي ولي ، طلب يتزوجها ووعدها بحياه اجمل من تلك التي عاشتها مع الاخرين لكنها رفضت ، طلب الزواج السريع افزعها ، بل طلب الزواج اساسا افزعها ، لن اكرر التجربه ، ندا مطلقه مرتين ، رجلين دخلا حياتها وخرجا منها بسرعه البرق ، دخلا حياتها وخرجا منها بسرعه لكنهما تركاها وحيده معقده تخاف من كل الرجال !!!....
مصطفي زوجها الاول قرر يتزوجها لانها عروس مناسبه ، كانت صغيره السن ، ابنه عائله ، بلا خبرات ، دخلت الجامعه وخرجت لم تتعرف بشاب ولم تجرب اي قبلة الا من زوجها الاول ، الذي اكتشفت بما مر العمر انه لم يكن يقبلها بل كان يلصق شفاته فوق شفتيها ويمزقهما احتكاكا ، هي فتاه ابنة عائله عريقه وخام بلا خبرات ، هذه مميزاتها التي دفعت زوجها الاول للزواج منها ، وثريه ايضا ، ورثت عن ابيها نقودا كثيره ، هذه الميزه الاهم التي اكتشفت بعدما طلقت انها السبب الذي تزوجها الرجل من اجله .. تقدم لخطبتها ووافقت امها وافق خالها وفرحت بالزواج والثوب الابيض و............. بعد الاسبوع الاول لزواجهما اكتشفت انها لاتستطيع تمنحه جسدها ولا مشاعرها ، شيء ما ينفرها منه ، حاولت لكن جسدها يتقلص وقتما يلمسها ، لمساته خشنه عنيفه كانه يصارعها ، لمساته بارده كانه يبصق عليها ، جسده لايحب جسدها ولم يفلح في اغواءه بالاستسلام له ، يوم والثاني وهي تحاول معه ثم كرهت نفسها ونفسها عافته !! بكت وفرت من انفاسه ، شفتيه يقززاها ، نهرها بعنف ، هذا دلع بنات لا يلزمه ، امتنعت عنه مره اثنين في الثالثه اغتصبها في الحلال ، هي زوجته التي يحق له التمتع بجسدها ، بكت وفرت من منزله وصممت علي الطلاق ....

امسكت ندا برأسها ، الصداع يكاد يحطمها ، عروقها تنبض في رأسها تدق مثل ساعه البيت الكبير ، الذكريات تداهمها بقسوه ، تتذكر زوجها الاول ، فرت منه بعد اسبوع من الزواج ، طلبت الطلاق واصرت عليه ، ساوم خالها ، ادفعوا كل تكاليف الزواج التي تكبدتها ، ابنتكم البارده لا تستحق مليم احمر ينفق عليها ، البارده البارده ، كلمه لم تفهمها وقت قالها لكن خالها نظر اليها نظره لوم ، وتشاجر مع امها لانها لم تعلم ابنتها كيف تكون عاهره في حضن زوجها ، بكت وهي تسمع خالها ، كل الحصص والدروس التي اعطتها لها امها طالبتها بالحفاظ علي جسدها وعذريتها ومشاعرها ، لاتفهم ان هناك حصه غائبه لم تتلقها من امها ، لان امها شخصيا لاتعرفها ، امها طلقت من ابيها بفضيحه كبيره وقت ذاك ، ابنه العائله الكبري تطلق بعد سنه من زواجها ، طلقت وعادت للبيت الكبير باحزانها وطفلتها الصغيره علي ذراعها ، ندي!!! طلقت من زوجها الاول بعدما دفعات له من ميراث ابيه الذي لم تلقاه حتي مات ، دفعت له مقابل حرياتها ، طلقت وعادت لفراش صباها امراه بلا حب بلا غرام بلا عذريه ، اغتصبت ففقدت عذريتها وكرهت القبلات وجسدها والرجل وكل الرجال!!!
بقيت في فراشها طويلا ، ليست حزينه كما تتصور امها ، لكنها تفكر في معني البرود الذي وصمت به ، نعم هي بارده ، لاتشعر بميل لاي رجل ولا يعجبها اخر ، لاتشتاق للحب مثل صديقاتها ولا تحلم بحضن ولا قبلة ساخنه مثل بنات خالتها ، نعم انا بارده ، تشاجرت مع امها التي تركتها بارده ، ضحكت امها وسخرت منها ، فاقد الشيء لايعطيه ، يبدو ان نساء تلك العائله ملعونات بالبرود ، ضحكت امها وطلبت منها تلوم جدتها ، لم تفهم ، مالها جدتها ، شرحت امها ، جدتك لم تعلمني الحصه الناقصه ، حدقت فيها ندا وضحكت بمراره ، ومن قال لك انها تعلمتها ، علي نساء تلك العائله يبحثوا عن من يعلمنهن الحصه الناقصه ، قالت هذا لامها وعادت لفراشها تبكي !!!!
شهور قليله وماتت امها ولم تتعلم الحصه الناقصه ....

الساعه تجاوزت السادسه وندا جالسه علي المكتب تحدق في الاوراق وتقلب فيها ، الشركه خليت الا منها ومن الفراش العجوز الذي لايرحل قبل رحيلها ، يبقي معها يخدمها حتي تطفيء انوار حجرتها فيخلع ملابس العمل ويستعد للرحيل معها ، مازالت تحدق في الاوراق تتذكر حياتها ، طلقت بعد اسبوع زواج ، وماتت امها بعد عده شهور وبقيت وحيده ... عادت ندا للمنزل الكبير ، هنا تربت امها وتربت هي ، هنا عاشت جدتها ، في ارجاء هذا المنزل يوجد سر الحصه الناقصه ، التي لم تتعلمها الام ولم تتعلمها ندا .... قررت ندا تعيش في ذلك المنزل فتره ، لن تعود للقاهره ، ستاخذ اجازه من عملها ، ستعتزل العالم حتي تفك الشفره وتعرف حل اللغز ..... تجولت في البيت ، فتحت كل الادراج ، كسرت قفل الخزانه ، اخرجت مستنداتها ، حجج ملكيه ، ايصالات امانه ، لم تجد شيئا يفيدها ... ملت من الاقامه في البيت الكبير ، كلما مرت امام صوره جدتها المعلقه علي الجدار المشقق سالتها ، هل كنت تعلمي الحصه الناقصه وبخلت علينا بها ، ام عشت ومتي مثل ابنتك لاتعلمين شيئا ... كثيرا مابكت في الصاله الكبيره المظلمه وبندول الساعه الكبيره يروح ويجيء ، تسمع دقات الساعه وتبكي ، ابيها مات دون تعرفه ، ترك لها ميراث كبيرا ولم يحضنها حضن واحد ، امها رحلت بعدما طلقت بشهور ، رحلت تشعر ذنبا تجاه ابنتها ، هي السبب في طلاقها ، لم تعلمها الحصه الناقصه ، علمتها الطبخ واشغال الابره والجديه والتفوق ، اعدتها للحياه لكنها لم تعدها للزوجيه ، رحلت امها تشعر ذنبا وقله حيله ، علمتها مااعرفه ، لم ابحث عن سبب فشلي في الحياه لا اعرفه فاعلمها كيف تتقي الفشل ، فشلت وعشت ومت ، هكذا تقول الام ، ولم اعرف لماذا فشلت ، ولم اعرف اعلمها كيف تتقي الفشل ، تزوجت وطلقت وهي لاتعرف ذنبها ، فقط لاتحب قبلات ذلك الرجل وتتقزز من رائحته ، هل هذه هي الرائحه المعتاده التي تنبعث من الزواج ، لماذا تقززت هي منها وعاشت كل الاخريات في كنف تلك الرائحه !!!تبكي امام صوره جدتها وتترحم علي امها وتكره الرجل الذي كان زوجها و............. ساعود للقاهره لعملي وانسي قصه الزواج والرجال واعيش حياتي !!!!
سالها الفراش العجوز ، مش اتأخرتي النهارده ياست ندا ، ابتسمت له ، ورايا شغل متأخر كتير ، لو عايز تمشي امشي ، نظر لها نظره عتاب ، اجيبلك شاي ؟؟؟ وافقت بايماءه صغيره ، تركها وذكرياتها ، اقتربت ندا من الخامسه والثلاثين ولم تسمح لرجل يقترب منها ، يحادثها في التليفون ، جميعهم سيقبلوها مثل ذلك الرجل ، جميعهم سيصفوها بالبرود ولن تقوي علي نفي الاتهام عن نفسها ، عاشت تجتهد في علمها وتترقي لمناصب اعلي ، ذات يوم زف اليها مديرها خبر هام ، ستترقي وتسافر لبعثه تدريبيه ، فرحت ولم تفرح ، فرحت لان في عملها يقدروها ويروا جهدها ، فرحت لانها ستذهب لبعثه تدريبيه وتبعد عن كل الاجواء المحيطه بها ، لم تفرح لان شيئا لم يعد يفرحا بحق ، سافرت وقضت البعثه ولياليها الطويله تذاكر ، وحين حان موعد عودتها ، جهزت حقائبها وركبت في الطائره وكادت تنام مثلما تفعل دائما ، لولا هاتين العينين ، لاتراهم لكن تشعر بنظراتهما ، عينين يراقباها ، يتابعها ، ابتسمت دون تدري ، لعلها تطمئن صاحب العينين ليقترب منها ، ابتسمت فاقترب ، رجل اشيب الشعر ، احسته ابيها ، في مثله سنه تقريبا لكن اطول عمرا من ابيها الذي مات مبكرا ولم تراه ، هو يجلس في نفس الصف بجوار الشباك ، اقترب منها وسالها لو تجلس مكانه ، هو لايحب نوافذ الطيارات ولا منظر السحاب ولا الاجنحه التي ترفع الطائره للسماء ، سالها لو جلست مكانه ، وافقت بسرعه دون تردد ، هي ستنام الرحله كلها ، ستفيق برقبتها مكسوره يسري في اعصابها الالم كانه حمم نارية ، لن يفرق لو نامت بجوار الشباك او بعيدا عنه ، ابتسمت وقامت ، تركت له المقعد جلس مبتسما ، اغمضت عينيها لتنام لكن عينيه لم تغادراها ، بقيتا معلقتين فوق وجهها ، نامت وهي تري عينيه وفي الحلم صاحبتها عينيه وحين حطت الطائره علي الارض ، ابتسم لها وهنأها بسلامه الوصول ، وفي المطار حمل لها الحقائب وبمنتهي الحنان الابوي اوصلها للتاكسي واعطاها تليفونه واخذ تليفونها ، تعجبت هي من سلوكها وقت منحته رقم التليفون ، اتصل بها ، اتصل بها ، قابلها ، التصق بها وبعد شهرين ، طلب منها الزواج ، ارمل هو واولاده تزوجوا ويعاني وحدة ، اشترط عليها الا تنجب ، لم يبقي من عمره ما يسمح له بتربيه اطفال جدد ، بينهما عشرين عاما ، احسته ابيها ، احتاجت لحنان الاب ، فكرت ، لن يتهمها بالبرود ، ترددت قليلا لكن وحدتها والحاحه دفاعاها للموافقه ، وتزوجته .......

مازالت ندا غارقه بين اكوام الورق علي مكتبها لا تقرأ ولا تفهم ما تطالعه ، اسيره ذكرياتها ، غاضبه لانها وافقت راجي علي الزواج ، ليتها لم تفعل ، لم يكشف عن وجهه الحقيقي الا بعد الزواج ، هو اب وهي طفله صغيره ، هذا قانون العلاقه بينهم ، يحسها مثل بناته ، يأمر وينهي ولا يقبل المناقشه ، مايقوله لايجوز التفكير حتي في مخالفته ، يعرف ان بينهما عشرين عاما ، لن يدللها كما تصورت ، لن يكون ابيها الحنون كما تمنت ، بل هو الزوج الصارم الذي لن يسمح لها وهي طفله صغيره في دور بناته ان تجادله او تناقشه او تختلف معها ، في ليله زفافهما ، نهرها دون اسباب ، هي مصممه انه تلكك ليتشاجر معها ، قرر يذبح لها الفيل لتتعلم الدرس الاول في الحياه معه ، غضبت وبكت وانفعل وترك فراشها ليلتين لم يقترب منها ، ينتظر تعتذرله ، وقد اعتذرت رغم انها لم تفعل شيئا ، افهمها انها اغضبته وافسدت زواجهما واضاعت عليهما الليله الرومانسيه الاولي ، وفي اليوم التالي تأكدت انها لن تحب ذلك الرجل ، وقور صارم حتي في حضنها ، يؤدي مأموريه واجب مقدس لكنه لا يحبها ، كان يبحث عن ونيس بعد وفاه زوجته ، لكنه لم يحبها لا حبا مثل ابيها كما كانت تتمني ولا مثل العشاق كما تحلم دائما ، الحب للعيال ، كان يردد تلك الكلمه علي مسامعها كثيرا ، بينهما موده واحترام ، والاحترام يفرض عليها تطيعه ، هو زوجها وسيدها وهي زوجته وتابعته وحريمه ، الاحترام يفرض عليها الا تناقشه ، الا تجادله ، الا تختلف معه ، والا القطيعه والهجر والخصام و................. اختنقت ندا !!!

فسدت حياتها وباظت ، جسدها عافه ورفض التجاوب مع احترامه ، تمردت عليه ، حاول يقهرها ، قانونه الصارم لايقبل المناقشه ، هي طفله صغيره وهو ناضج محنك ، هو رجل وهي امرأه ، هو الاعلي وهي الادني ، مابينهما واجبات متبادله ، حتي علاقتهما الحميمه كما كانت تحب تسميها ، ليست الا واجب مقدس يؤديه بطقوس لاتعجبها ولا تحبها ، طقوس صارمه نفر منها جسدها من اللمسه الاولي ، راجي لا يقبلها ، وهي تكره رائحه فمه ، راجي لايخلع من ملابسه وقت يمارس معها واجبه المقدس الا مايكفيه لاداء ذلك الواجب بكفاءه ونجاح و................. فرت من المنزل ، صرخت فيه قبلها تطالبه يطلقها ، ضربها قلم ساخن علي وجهها لان عيله صغيره مثلها تصرخ في وجهه وهو الرجل المهيب الوقور ، فرت من المنزل وحكت لخالها كل شيء واستنجدت بيه ليطلقها ، خالها لم يوافقها ، راجي رجل محترم وانت مابتعمريش بيوت ، اتفق خالها وراجي علي منحها فرصه لتعتذر وتعود للحياه الزوجيه ، صممت ندا ، لن اعود ومصممه علي الطلاق ، رفعت علي راجي قضيه خلع ، وقفت امام القاضي تصارحه انها لاتحبه وانه لايرضيها ، انتفض راجي بوقاره الصارم امام القاضي غاضبا من بجاحتها ، القي عليها يمين الطلاق وعاش حياته كلها خجلا من نفسه لانه تزوج سيده منفلته لم تقدر الحياه الزوجيه وقدسيتها وتجرأت تذهب للقاضي وتقول له كلام فاضي ساقط مثلها !!!وعادت ندا للبيت الكبير .............. تجلس في شرفته علي مقعدها المفضل ، تتذكر امها وجدتها وتسال نفسها ، لماذا هي بارده كما قال الزوج الاول ، لماذا هي لاتعمر بيوت كما قال خالها ، تسال نفسها ، كيف تعمر البيوت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تكره مصطفي ، وراجي وكل الرجال ................. تخاف الزواج وجسدها والرجال !!!
وتخاف نادر اكتر ، تخافه لانها تحبه ، تخافه لانه يحبها ، تخافه لانه طلب منها الزواج ، لانه حاول يطمئنها ، تخاف لانها تكاد تصدقه ، تخاف تتألم لو صدقته وتخاف تندم لو لم تصدقه !!!!!

تليفونها رن .... نظرت في شاشته ، نادر ، صرخت في اعماقها ، تاني يانادر تاني ، ارحمني بقي !!!
نعم ارحمني ، دعني اصدق مخاوفي واهرب ، دعني اطمئن لعدم اطمئناني واركن عليه وافر منك ، ارحمني من التجربه التي قد تكون بشعه مثل سابقيتها فتذبحني وقد تكون جميله فتسعدني لكنه احتمال الفشل اقوي من اي احتمال ولن اندم لو تركتك ولن اندم لو لم اسعد ، فانا علي الحياد من الدنيا ولن اخسر شيئا ، نعم ربما تسعدني لكن تلك ال ( ربما ) اللعينه تزيد مخاوفي وتجعلني افضل الفرار علي اي شيء اخر !!!! ارحمني يانادر !!!! مازال يطلبها ومازال تليفونها يرن!!!!

اغلقت التليفون وبعصبيه لمت حاجياتها ونادت علي الفراش العجوز تودعه وخرجت مسرعه من الشركه ، تتمني تلقي بمحمولها في الشارع تحت عجلات الاتوبيس ، تري وجه نادر مبتسما مطلا من شاشته ، تتذكر تلك الصوره ، في مره سابقه تركته وعادت له تحت الحاحه وضغط مشاعرها ، وحين عادت ، ابتسم اجمل ابتسامه يقوي رجل علي منحها لحبيبته ، صورته واحتفظ بالصوره علي موبيلها مع اسمه ، هاهو يبتسم ابتسامته الجميله ، كانه يناديها عودي لامنحك اجمل منها ، تتوتر اكثر وتصمم علي قرارها و، تكره الموبيل اكثر!!!!!!!!!


( 3 )
ارض الحلم

مازال الرجل العجوز جالسا بجوارها في الحلم ، يعرض عليها فطيرة زوجته وقطع السكر ، ياندا ... مااجمل اسمها من شفتيه ، يقول بكل رقه وشفقه وحنان ، ياندا ، مازالت صغيره ، تضحك في الحلم بخجل الصغار ، لا تصدقه ، تعرف انها ليست صغيره ، لكنه يحسسها صغيره بريئه ، كأن مصطفي وراجي لم يعبرا علي ايامها يفسداها ، مازالت صغيره ياابنتي والعمر كله امامك ، كلي الفطيره وحلي بقطعه السكر، واطمئني للغرباء ..... لماذا تستكين له ولنصائحه ، لماذا تحب فطيرته قبل تذوقها ، لماذا تصدق ان قطعه سكره هي طعم ايامها القادمه ، تساله ببراءه الاطفال وبعدين ، بعد مااكل الفطيره حيحصل ايه ، ضحك الرجل العجوز ، حين تطمئني وتأكليها ستتغير دنياك ياصغيرتي .... احسته سيرحل ، امسكت في عبائته ، انا خايفه ، حدق في عينيها ، لاتخافي ، انت اقوي من الخوف ، وسياتي فارسك من ارض الشوق وسترحلي عن ارض الخوف، ابقي الفطيره معك وقطعه السكر ، ستظل ساخنه حتي تاكليها .....رحل العجوز ، و قبضت ندي علي الفطيره وقطعه السكر وتمنت في الحلم لو تستيقظ من النوم تقتسمهما مع نادر !!!!!!!!!!!!!!

هناك تعليقان (2):

noha fathi يقول...

مقطوعة جميلة من المشاعر الانثوية الراقية

منتدى المستودع يقول...

مشكور اخى

يعطيك العافيه