مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الثلاثاء، 22 يونيو 2010

فتنة ....................!!!! الجزء الاول ..






الجزء الاول
كر ..و.. فر



( 1 )
فتنة !!!!!
ايوة انا ...................هكذا تقول دائما .....
انا عاهرة او فتاه ليل او ......... طبعا تعرفون مااقصد ولا داعي لجرح ادبكم بتلك الالفاظ المنحطه !!!

هي تصف نفسها بالالفاظ التي يصفها الناس بها بلاخجل ، نعم لاتخجل من نفسها ولا تخجل من وظيفتها !!!

هي تعتبر الامر مجرد عمل او وظيفه !!!

اذا قال عنها الاخرين عاهرة لا تغضب ، وكثيرا ماسالوها لماذا لاتغضبي ، وكانت ترد ببساطه وسهوله ولماذا اغضب هذا عملي ولايوجد مايبرر الغضب ، انه الواقع !!!!

لكن كونها تعمل عاهره لايعني انها بلا اخلاق او انها وضيعه كما قال احد الرجال الذي سبها بذلك الوصف فضربته بالشبشب علي راسه وفضحته و" خلت اللي مايشتري يتفرج" لانه اهانها بلا مبرر ، نعم انا عاهره ، لكني لست وضيعة او منحطه او سايبه او وسخه او غيرها من تلك الالفاظ التي يعتبرها الاخرون مرتبطه ارتباطا ضروريا بعملها !!! كونها عاهره لايعني انها " قليله الادب " بالعكس ، هي تري نفسها في منتهي الادب ، فهي لاتسرق ولا تكذب ولا تنافق وتقول للاعور انت اعور في عينه ، بل هي جدعه مع الناس كلها وتقف بجوار المحتاج وتفك ضيقه المخنوق وتجامل جيرانها واصدقائها قدر ماتقوي ، تصوت في المياتم وتزغرط في الافراح وتلم الجميعات وتمنح اسمها الاول للاكثر احتياجا!!!!!!!

اذا رايتها وقت العمل ، ستجدها امرأه شهيه مغريه تجيد صنعتها ، ترتدي من الملابس مايظهر مفاتنها ويثير لعاب الرجال ، واذا رايتها في منزلها تقف في الشباك تطل علي الشارع قبل المغرب لن يمكنك ابدا تخمين ان تلك الفتاه البريئه الجميله ذات الخدود الورديه والابتسامه الطفوليه هي ذاتها تلك اللعوب التي ترابط في احدي الملاهي الليليه الكبيرة تنتظر زبائنها ومايلقيه عليه القدر والنصيبب !!!

اذا قابلتها واتاحت لك الظروف ان تسمع قصتها ، لن تحكي لك قصص مبتذله كاذبه كالتي قد تسمعها من غيرها من العاهرات ، لن تقول لك زوج امي اغتصبني ولا سيد البيت الذي كنت اعمل فيه خادمه تحرش بي فهربت فاصطادني رجل سافل فض عذريتي فاصبح الشارع من امامي والضياع من خلفي ، لن تقول لك انها تاهت من اسرتها صغيره وعثرت عليها سيده كانت تبدو طيبه ثم اكتشفت انها قواده تسرح الفتيات ، لن تقول لك انها احبت رجل هربت معه من بيت اسرتها وفرطت في اعز ماتملك متصوره انه يحبها وانه سيتزوجها ثم فر منها فخافت تعود لاهلها وسارت في ذلك الطريق مجبرة وانها تتمني التوبه والزواج والستر !!!

لن تقول لك اي واحده من تلك القصص ، لكنها ستقول لك بفجر وبجاحه انها اختارات العهر وظيفه تمنحها مالا كثيرا تعلمت في الدنيا ان لاقيمه للانسان الا به !!!! ستقول لك هذا الكلام وهي تعرف انك سترفع حاجبيك دهشه وان الصدمه قد تلجم لسانك وتنشف ريقك فلا تجد كلمات مناسبه ترد عليها بها ، ستقول لك هذا الكلام وهي تعرف انك كنت تتمني قصه كاذبه تسمح لك بالتعاطف معها وحل الاشكاليه المعقده التي يحسها الجميع تجاه العاهره ، لايحترمها لكنه يتمناها مفعول به ، كانه يبحث عن عذر يلتمسه لها ، لكنها لن تمنحك العذر الذي تبحث عنه ، لن تمنحك مبرر للتعاطف ، بل ستصدمك صدمه قويه بتكبرها واصرارها علي انها فاعل اتخذ قرار وليس مفعول به اجبر علي الطريق!!!

هي اختارت العهر وبيع الجسد وظيفه تسمح لها بالقفز علي كل السلالم الاجتماعيه التي كان يستحيل عليها الاقتراب منها وفقا لحياتها القدريه التي انجبتها من اب بائع سريح يعمل يوما وعشره لا وام تكره حياتها واولادها وتضربهم دائما وطيله الوقت كرها في ابيهم وحياتها السوداء التي تعيشها .... ادركت منذ بدايه وعيها ، ان الحياه لن تمنحها اي شيء ، ستتعلم في المدارس الحكوميه الفاشله التي لاتخرج اناس مؤهلين للعمل في الوظائف المحترمه بمرتبات عالية ، ستتزوج رجل يشبه ابيها وربما حشاش مثله وربما اكثر كسلا منها ، ستخرج تخدم في البيوت مثلها مثل امها وتحضر لاطفالها المرمين في الشارع بقايا الاكل التي كانت سترميها سيده المنزل للكلاب لكنها اشفقت عليها وعلي صغارها فمنحتها لها ، كانت تعرف انها ستدخل الدنيا وتخرج منها خاليه اليدين ، لكنها قررت تتحدي ذلك القدر وتكسر دائرته القابضه ، قررت انها ستحترف العهر ، تلك الوظيفه التي تسمح بها امكانياتها الطبيعيه ، لاتحتاج شهاده ولا تحتاج واسطه ، فقط ستعرض نفسها عرضا جيدا في ذلك السوق واثقه انها ستلاقي رواجا وقبولا يغير حياتها !!!

هل هي اكثر العاهرات عهرا ؟؟؟ سؤال سالته لنفسها ، لاتعرف اجابته ، كيف يصنف العهر لدرجات مختلفه ، من هي الاقل عهرا ومن هي الاكثر عهرا !!! هل التي اجبرت علي ذلك الفعل هي الاقل عهرا لانها اجبرت عليه بلا اراده ومن اختارته طواعيه هي الاكثر عهرا لانها قررت تمارسه !!! لكن النوعين يشتركا في نفس السلوك والتصرفات ، النوعين يبيعا الجسد للزبون الذي يدفع السعر الذي يناسبهم ويمنحوه بعض من وقتهم !!! لماذا الضحيه ، او التي تدعي انها ضحيه ، اقل عهرا !!!

هل هي اكثر العاهرات عهرا ؟؟؟ سؤال عجزت عن الاجابه عليه ، بل الحقيقه ان السؤال لم يعجبها لذا لم تشغل راسها بالتفكير في اجابته ، لكنها في نفس الوقت كانت تري اجابته في عيون الكثيرين ، اجابه سهله بسيطه ، نعم انت الاكثر عهرا ، من هؤلاء الذي يقولون لها هذا ، هم الذين كان يتمنوها ضحيه الظروف التي اجبرتها علي الانحراف !!! لكنها لا تري نفسها منحرفه فكيف تري نفسها اجبرت علي شيء لاتراه فيها !!! نعم هي تبيع جسدها كل ليله لرجل يحتاج لبضاعتها كي يمارس احتياجاته البيولوجية ، تبيع جسدها لذلك الرجل مع بعض وقتها وحين تنتهي الصفقه ، تغتسل وتغير ملابسها وتمسح المكياج من وجهها وترتدي جلبابها المنزلي المريح وتجلس بجوار الراديو تسمع عبد الحليم وتقزقز لب في الشباك وقت المغربيه !!!! هي عاهره نعم لكنها انسانه ، لها مشاعر وقلب وتتاثر بكلمات عبد الحليم حافظ وتبكي مع فيلم مني واحمد وتلاعب الاطفال في الشارع وتحب البطيخ ولب البطيخ اللي تقليه علي الصفيحه فتفوح ريحته تبسطها وبتحب المراجيح ونفسها تتمرجح عليها وبتحلم زي كل البنات براجل يحبها ويدلعها ويهنيها ويشتري ليها عقد فل ويكتب لها جواب غرامي يقول لها انا اجمل بنت في الدنيا وبتحلم بالكوشه والزفه والفستان الابيض ونفسها نجوي فؤاد ترقص في فرحها ومحدش يقول ليه نجوي فؤاد يمكن لانها رقصت مع عبد الحليم في فيلم شارع الحب اللي هي بتحبه جدا بالذات لما كانت زينات صدقي بتغيظ عبد السلام النابلسي ، هي عاهره لكن انسانه بتضحك علي النكت وتعيط لما ابن جارتها يسقط في الامتحان وبتحب تخرط الملوخيه وبتحب الفته يوم العيد وبتستني اي حد يديها عيديه ولما مايحصلش تقعد تعيط وتروح الشغل مزاجها بايظ !!!!!!!

حين اختارت طريقها ، وقررت شكل مستقبلها القريب ، فرت من بيت ابيها ، فرت لانها ادركت استحاله تنفيذ اختيارها وسط تلك الظروف الضاغطه ، هي وامها وابيها واخوتها في حجره واحده وجيران حشريين وامها مجنونه لاتكف عن الصراخ واللطم وضرب اخوتها وضربها ايضا ان ازداد انفعالها ، اقامتها في بيت ابيها ستحطم احلامها وتفسد بظروفها احلام العمل الذي اعدت نفسها له جيدا او علي الاقل تحاول ، فامها ستحاصرها وتسالها عن سبب خروجها وبالطبع لن تسمح لها بالخروج والتأخير ليلا ، في نفس الوقت هي تعرف ولا تسالها كيف عرفت ، هي تعرف ان العهر النهاري رخيص ولا ياتي ثماره المرجوه ، فكل زبائنه وعملائه ، يبحثوا عن متعه سريعه ووقت قصير حتي يعودوا لحياتهم العاديه دون شكوك ، طالب بالجامعه لم يذهب لمحاضرتين لكنه يتمني حضور الثالثه ، موظف استأذن من عمله ساعتين ويتعين عليه يوقع في دفتر الانصراف ، العهر النهاري لن يحقق نتائج قرارها ، لذا ليس امامها الا الليل الطويل !!!

فرت من بيت ابيها ، في البدايه صوتت امها صوتين ثم نسيتها وسط الاطفال الكثر ، في البدايه زمجر ابيها وقرر يبحث عنها ويقتلها ثم شرب سيجارتين حشيش فنسي حكايتها وموضوعها ، وقرر هو وامها ان يروجا في الحته انها تزوجت ، نعم تزوجت وسافرت مع زوجها ، ببساطه وبسهوله اوجدوا لها مبرر حتي تختفي من ذاكره الجيران ، واكم من فتاه تزوجت وسافرت واختفت !!!!

فرت من بيت ابيها واستأجرت في حي شعبي بعيد ، شقه صغيره غرفه وصاله وحمام ومطبخ ، شقه في حي شعبي ، هذا مطلبها ، ستقول امام جيرانها الجدد انها راقصه في فرقه رقص شعبي ، سينتقدها الجيران نعم لكنها سيعتادوا علي غيابها الليلي ونومها النهاري ، في البدايه سينتقدوها ثم ينسوها ويتغاضوا عن عيشها وسطهم ، وربما تجد سيده طيبه تدافع عنها باعتبار ان الحياه صعبه والرقص احسن من الانحراف ، فيوافقها الناس ويصمتوا ، حتي من يشك انها ليست راقصه سيستغفر ربه ويصمت ويبقي شكوكه داخل نفسه !!!

فعلا .................... اجرت شقه اوضه وصاله في حي شعبي ، وخلال اسبوع تعرفت علي الجارات ، وقصت عليهم قصتها المفبركه وان امها ماتت وبتشتغل رقاصه في فرقه رقص شعبي و............... انتشر الكلام والصخب ولاحظت نظرات الاستنكار في عيون الكثيرين و......... سرعان ماانشغلوا بمباريات الكورة ولعب الطاوله وارتفاع سعر البانجو ودخول المدارس وارتفاع سعر الكهرباء ونسيوها ، وعاشت بينهم تخرج ليلا وترجع فجرا ، لكنها ابدا لاتخرج بملابس خليعه ولا تعود بها ، لها محطه في مكان بعيد ، تصل اليها تغير ملابسها وتلون وجهها بالمكياج وتعود اليها تتحمم وترتدي ملابسها العاديه وتعقف شعرها ديل حصان وتعود للحي منهكه من الحفله التي طالت ورقصت فيها حتي انكسر وسطها ........

هي وظيفه سهله جدا لكنها تحتاج دأب وشجاعه واخلاص !!!! .......... هكذا قررت لنفسها !!!

حين تدخل الملهي الليلي وتجلس علي احدي موائده وحيده ، توزع نظراتها بطريقه موحيه لكن انيقه ، يستقبل كل الزبائن اشاراتها ، يتقدم صوبها احدهم ، يتحدثا بمنتهي الجديه ، يتفقا علي السعر والوقت والطريقه وحين يتفقا وتقبض الدفعه المقدمه تبدأ في الضحك والميوعه والحركات الموحيه فاذا مل الزبون من القعده وقرر يقوم بها ، لاتتحرك حتي تاخذ بقيه حسابها ، وحين تدس الفلوس في حقيبتها ، تشبك ذراعها في ذراعه وتسمح له يمرر يده فوق وسطها وربما فوق اجزاء اخري من جسدها ، ويتحركا صوب مكانه ، وهناك ، تتحمم وتتجمل وترتدي ملابس داخليه انيقه مثيره ، هي تمارس عملها بمنتهي الجديه والزبون الذي دفع ثمن متعته عليها امتاعه ، لن تلقي اليه بجسدها مثل المرتبه ولن تتركه يبحث عن سعاده لاتمنحها له ، هي لاتكره عملها ولا تتقزز منه ، هو عمل مثل اي عمل ، عليها اجادته حتي تفلح فيه وتقترب من تحقيق احلامها !!!!!!!!!

اذا سالتها عن احلامها ، ستقول لك انها تتمني تعيش زي كل الناس ، لاتخدم في البيوت ولا تلبس ملابس رثه ولا يضربها ابيها الحشاش دون سبب ولا تسبها امها باقذع الالفاظ وتفضحها في الشارع بلا سبب ولا تنام في نفس الحجره التي ينام فيها اخوتها تحت السرير وابيها وامها فوق السرير ، تلك الحجره التي بلا هواء ومليئه بالصخب الليلي الموحي بكافه اشكاله ، هي تتمني تعيش زي كل الناس يكون لها شقه مريحه جميله واسعه ، ربما بها شرفه تجلس فيها وقت الغروب تتذكر فيلم بين الاطلال ، بها حمام لا يفتح بابه اي جار يعيش معهم في نفس البلوك باستهبال كانه لايقصد ، تتمني تلبس حذاء بكعب عالي وفستان انيق وتقود سياره مثل كل الفتيات التي تمتليء بهم شوارع المديننه وتمنح المنادي اللي حياخد العربيه يركنها عشره جنيه دفعه واحده ، احلامها بسيطه لكن مستحيله في حياتها هي ، نعم تلك الحياه متاحه للكثيرين لكنها بالنسبه لها مستحيله الا اذا بذلت مجهود كبير في ذلك العمل ، احلامها بسيطه لكنها لاتقبل التخلي عنها ولا تقبل الرضوخ للحياه المهينه التي فرضت عليها ظروفها مثلما فرض عليها الاب الحشاش والام المجنونه ، لاتقبل المنطق الذي تسمعه طيله الوقت بانها واهلها وجيرانها وكل معارفها حاجه والناس دول حاجه تانيه ، هي لاتري نفسها حاجه تانيه ، هي تري نفسها تشبه كل تلك الفتيات وربما اجمل ، هي اذكي منهن ، تستحق مستقبل افضل ، لكن ظروف حياتها تفرض عليها مثل الجميع نسيان المستقبل ، طيب حاعيش ليه ، هكذا سالت نفسها ، اتجوز واخلف واخدم في البيوت واضرب العيال واموت ، طيب اموت دلوقتي احسن ، هكذا قررت رفض الحياه التي لا تستحقها ، وصناعه حياه اخري مختلفه ، حتي لو كان الثمن بيع الجسد ، ضحكت من الفكره ، فمهما باعت الجسد هو جسدها لن يتلاشي ولن ينتهي ، نعم عمر عملها قصير ، فالعهر يحتاج الشباب والصحه والشيخوخه تنفر الازواج مابال الزبائن والعملاء ، لذا يلزم وبسرعه وخلال فتره قصيره ، فتره شبابها وجمالها ، ان تبذل مجهودا كبيرا في عملها وتحقق احلامها ، وبعدما يذهب الشباب وتفقد الجمال ، ستتخلي عن عملها وتستمتع بثمار صباها وشبابها وجسدها !!!!

هي لاتقدس جسدها مثلما ينبغي عليها ان تفعل ، لاتعتبره قدس الاقداس ، لاتخجل منه ولاتخجل من عملها ، تبرر لنفسها ماتقوم به ، عمل تستخدم فيه افضل امكانياتها ، عمل سهل لايحتاج راس مال ولا يحتاج تعليم خاص ، عمل سهل وقته قصيره واجره كبير ، هي ايضا لاتعتبر عرض جسدها للامتاع يمس كينونتها او شرفها ، هي لاتختصر الشرف في الجسد ، فالجسد الذي تستخدمه في العمل ليس الا وسيله للتكسب ، يغنيها عن سؤال اللئيم ويمنعها من مد يدها للاخرين ويقويها في مواجهه الزمن القاسي ويمنحها من كنوز الحياه ما تستحقه ولم تكن ابدا لتنوله اذا مابقيت في بيت ابيها وحصلت علي دبلون التجاره وعملت خادمه في منزل او بائعه في محل !!!

في المرة الاولي التي نزلت فيها للملهي الليلي التي احترفت الجلوس فيه ، عرتها كل العيون ، حدقت فيها كل الفتيات المنافسات ، اقترب منها بلطجي تابع لصاحب الصاله ، سالها عن هدفها من الجلوس فتعالت عليه وحين الح طلبت منها تقابل صاحب الصاله ، كانت جريئه وفجه ومباشرة ، لم تتلاعب بالالفاظ ولا بالكلمات ، شرحت للرجل مايبغي سماعه ، انا ............... وابحث عن زبائن ويمكننا التعاون ، سااتي كل يوم ، ساربي زبون ، ساجعل الزبون يصرف اكثر مايقوي عليه علي منضده محلك ، حين اغادر معه المكان تكون قد اخذت حقك ولاتقاسمني اجري ، اذا فشل التعاون بيننا سارحل واذا نجح ستتركني براحتي ولك ربحك ولي ربحي ، اندهش الرجل من صراحتها وثقتها في كلامها وكاد يبدأ اسطوانه المكان المحترم والعميل المحترم ، تلك الاسطوانه التي يرددها علي الاخريات وصولا لرفع نسبه ربحه من تجاره الاجساد ، لكنه لم يفعل ووافقها وقبل عرضها وحين فعل مدت يدها تسلم عليه بمنتهي القوه وهي تبتسم ، كلام رجاله ، نظر لها ولملابسها الخليعه ونظراتها وانفجر ضاحكا ، اه كلام رجاله ، تصافحا وعادت للصاله لاصطياد زبونها وعاد لشئونه !!!

( 2 )
نبيل !!!!!!!!!!
حدق المؤلف في اوراقه وكاد يمزقها ، لاتعجبه الكلمات ، ساعات طويله يكتب وفي النهايه كالعاده لاتعجبه كلماته ، حدق في الاوراق وزفر انفاسا ساخنه ، يكاد ييأس ، للمرة المليون لاتعجبه الشخصيه التي رسمها ، تلك الفتاه فجه اكثر من اللازم ، مباشره جدا ، نمط غير واقعي ، العاهرات ضحايا بالضرورة ، اما تلك الفتاه التي اختارت العهر لاتعجبه !!!
سيمزق الاوراق ويغير الشخصيه ، سيرسم عاهره منكسره ، عاهره اجبرتها الظروف علي الانحراف ، تنحرف وهي تعرف انها منحرفه ، لكن تلك الفتاه التي تصف نفسها بانها بنت عاديه بتحب تقزقز لب ، فتاه مستفزة جدا !!!

سيمزق الاوراق ويتخلص من تلك الشخصيه، ربما يغير فكرته اساسا ، ربما يكتب روايه جديده ، ربما يجعل البطله مدرسه العاب في مدرسه ابتدائي ، ربما يجعلها بياعه في محل ، لاداعي لاستفزاز القراء بتلك الشخصيه الفجة !!!!!!!!

غاب مع افكاره ، حزين علي نفسه ، كان يكتب كثيرا ، كان ينشر كل شهر قصه قصيرة ، في الاعوام الاخيره نشر خمسه روايات ، نعم بعض النقاد انتقد كتاباته ، لكنه لايكثرث بنقدهم ، محفلطين اكاديمين ، يتعالوا علي المبدعين امثاله ، اما معظم الكتاب فقد اشادوا بموهبته ورواياته وشخصياته المثيره التي يكتب عنها ...... ويوما بعد يوم صمت المنتقدين وكثر المرحبين واشتهر اسمه وصار له قراءه وسارت الحياه علي اجمل مايكون ، فقط رؤوف ينغص عليه حياته !!! فقط رؤوف يعذبه !!!!

تذكر المؤلف ، انه اصدر روايات كثيره في مده قصيره ، ثم فجأ اصابه الجدب ، اتخرس ، قلمه اتكسر ، يجلس كل يوم علي مكتبه وامامه اوراقه ، يكتب ويكتب ، يقرا ماكتبه ، لن يعجب الناس ، سيستفزهم ، النقاد حيقطعوني ، يمزق اوراقه ويستحلب صمته وجدبه وينام !!!

( 3 )
نبيل !!!!!!!!!

في البدايه انزعج المؤلف من عجزه عن الكتابه ، ثم انتبه انه ايضا لم يقترب من النساء منذ شهورا طويله ، هذا هو سبب صمته ، كلما ابتعد عن النساء كلما عجز عن الابداع ، الكبت الجنسي الذي يتملكه يكسر قلمه ، لابد من النساء حتي يجري الحبر في القلم وتنسكب السطور الجميله فوق الصفحات ، هكذا قرر لنفسه !!! سيبحث عن امرأه تحل مشاكله الجنسيه وبعدها كل شيء سيكون تمام !!!

لكنه لايحب الان اي امرأه بل ونسي الحب منذ زمن بعيد ، سخر من سذاجته ، من قال ان اعتلاء النساء يستوجب حبا ، انها مجرد علاقه ، فقط علاقه ، وربما مجرد ليله واحده او حتي بضعه ساعات ، سينتقي امراه تعجبه ، يحب المرأة الخمريه ذات الشعر الاسود المكتكت ، مثل الخادمه التي اغتصبت القبله الاولي منه في بيت ابيه وقت انفردت بيه في المطبخ ، كان صبيا في العاشره ، دخل المطبخ وامه نائمه ليبحث عن شيء ياكله ، اصطادته تلك الخادمه اللعوب بسنوات عمرها الخمسه عشر وجسدها الفائر ، تمايعت عليه لم يفهم ، اقتربت منه ولصقت جسدها الفائر بجسده الخامل الساذج فاحس ارتباك واحساسيس اخري لم يفهمها وقتها ، تنفست في اذنه ، جمد مكانه ، لصقت شفتيها علي شفتيه ثم مزقت شفتيه وسالته بعدما فرغت ، عجبتك ؟؟؟ لم يرد عليها ، لايعرف هل اعجبته ام لا ، لكنه يعرف انه مازال مرتبكا!!!

منذ تلك اللحظه والنساء الخمرويات ذوات الشعور السوداء المكتكته هن اللاتي تستهويه ، هن اللاتي تثيره ، المرأه الخمريه ذات الشعر الاسود ، رمز الاغواء ، وياليتها تكون انثي مقدامه جريئه ، هي التي تقتحمه ، هي التي تدك حصون صمته وتجتاح قلاعه ، وقتها ينتفض فارسا مغوارا يغزوها ويقهرها وينتصر عليها و............... لكن النساء ابتعدن عنه ، هو يعد ولا يفي ، هو يقترب ولا يقترب ، هو يستغل اجسادهن ولايمنحهن روحه ، النساء ابتعدن عنه ، هو ينتظر اقتحاما وهن ينتظرن اقتحاما ، ولااحد يقترب ولا احد يتقدم ، فاحتل العجز روحه وضاعت موهبته وابداعه وسط الكبت الذي يعيشه !!!! سيبحث عن امرأه تحل مشاكله ، ربما لن تكون خمريه ، ربما ستكون بيضاء شاحبه ، هذا كله ليس مهم ، الان المهم امراه يفرغ فيها كبته ويقوم بعدها يكتب !!!!!!!!

تذكر فتنة ....... نعم هذا هو الاسم المثير الذي اختاره لعاهرته !!!

الغريب انه اسمها الاصلي ، الاب الحشاش والام التي لاتكف عن ضرب اطفالها اختاروه لابنتهم البكريه !!!

يهز راسه نفيا ، كل شيء غير منطقي ، تلك الشخصيه وذلك الاسم ، هاهي اوراق جديده ستطوي وتمزق مثل كل الاوراق التي كتب عليها خلال العامين الاخيرين !!!!!!

( 4 )
فتنة !!!!!!!!!!

اسمي فتنة ، تضحك ، اسم مثير في ذاته ، وحين تنطقه وتنفرج شفتاها بميوعه ، يخرج الاسم من فمها اكثر موسيقيه ورنين واغواء ...

فتنة .... اسمها انتشر بسرعه وسمع عنها الكثيرين من طالبي المتعه ، اسمها انتشر بسرعه ، مخلصه في عملها ، ترضي زبائنها ، تسعدهم ، تعطيهم وقتا طويلا ، تشاكسهم ، لاتتعامل معهم باعتبارهم واجب ثقيل وتجري !!!

فتنه صارت رمز الاغواء ، تجلس في الملهي الليلي ، يتهاتف عليها الزبائن ، نظرتها ابتسامتها البريئه سطوع عيناها الخجل الحقيقي الذي يلون وجنتاها بورديه مثيرة ، كل هذا يجذب الرجال حولها كالفراشات حول النار ، تتفحصهم ، تنتقي منهم من هو اكثر احتياجا لها ، لا توافق علي صحبه المتباهي بنفسه ولا المعجب بروحه ، لا توافق علي صحبة الثري الذي يتصور انه سيشتريها بامواله ، لا توافق علي صحبه رجل تقطر عيناه احتقارا لها ، هو يحتاجها نعم لكنه يحتقرها ، لاتوافق علي صحبة من يتصور انها رخيصه ، هي ليست رخيصه ، هي صاحبه عمل يسعد الاخرين ، واذا كانت ستسعد الاخرين لن تقبل ابدا ان يضايقها الاخرين !!!!

فتنة ......... العاهره المتميزة التي تنتقي زبائنها وتسعدهم !!!

هذه سمعتها في ذلك الوسط السري !!!

ادمنها زبائنها ، بعضهم لا يغادر الملهي الليلي يتنظر منها الرضا لتمنحه ليله سعيده مثل التي منحتها له من قبل ، بعضهم لايقترب منها ولا يشاغلها لكنه يسعد بالنظر اليها والانوثه الفياضه التي يفيض بها وجودها ، بعضهم تهور في لحظه نزق وطلب منها الزواج ، رفضت بسرعه ، الرجل في حضنها لايعي مايقوله ولا معني كلماته !!!

فتنة ........ الفتاه الخمريه ذات الشعر الاسود المتناثر حول راسها هالات من الاغواء والاثارة والغموض ، خصلات تسقط فوق جبهتها تزيد سحرها سحرا ، تسقط ومعها حماله الفستان الاسود الستان الذي ترتديه دائما في لياليها الخاصه ، تجلس امام الرجل مبتسمه سعيده ، كانه حبيها ، عيناها تلمعان بسحر جذاب ، صوتها الناعم ، جسدها المخملي ، خصلات فوق جبهتها ، حماله الفستان تسقط علي كتفها وماان ترفعها حتي تسقط مره اخري !!!

فتنه .............. عاهره باختيارها !!!

واثقه من النفس لا تخجل ولا ترتبك ، تعتبر جسدها اداه متعه لعملائها ، تمنحهم اكثر مما يحلموا به !!! تعالجهم نفسيا ، تمنحهم احساس بالسعاده ، لا تتعامل معهم ابدا باعتبارها عاهره تحترف المتعه ، بل تتعامل معهم باعتبارها فتاه صغيره فضت بكارتها للتو ، بلا خبرة فطريه بريئه ، تتعامل معهم مثلما تتعامل المحبة التي تنام لاول مره في حضن حبيبها ، هذا تميزها ، تدهشهم ببرائتها بانفعالاتها بردود افعالها ، تدهشهم بعطائها ، لااصطناع فيه ولا زيف ، كانها هي التي تتمتع بمشاعرهم برجولتهم بوجودهم !!!!!!

( 5 )
نبيل !!!!!!!!!!
قام المؤلف من علي مكتبه الذي اعتاد الكتابه عليه ، طوي الاوراق بعنف ورماها باهمال في درجه الاخير ، ساخرا من تلك الشخصيه الغريبه التي استغرق وقتا طويلا يكتب فيها وهي لاتصلح ابدا بطله لروايته ، هو يكتب ولا يعرف عن اي شيء سيكتب ، لذا حين فاجئته تلك الشخصيه المنفلته انزعج جدا ، اذا كانت بطله روايته عاهره ، عن اي شيء سيكتب ، ماهو العالم الذي سيشيده يدور حول وجودها ، الملاهي الليليه والعهر والغانيات ، ههههههههههه ، سخر من نفسه ، لم تغلق كل الابواب في وجه لهذه الدرجه ، هل ساءت حالته لدرجه السقوط في المواخير والحديث عن الاجساد والرغبات والفحش !!! هل سيجذب قارئا منحطا لايبحث الا عن كلمات تثيره ، هل هذا قارئه الذي سيجذبه لروايته الجديده ، ابدا لن يحدث هذا ، هذه الفتنه لاتصلح بطله ولا عالمها يصلح يكتب عنه ولا روايته الجديده ستكون هابطه ومنحطه لهذا القدر ...
اغتاظ المؤلف من نفسه ، ضرب الدرج الاخير في مكتبه بالقدم ، كانه يضرب فتنه في راسها ، كانه يسبها ويهينها ، كانه غاضب منها لانها العاهره التي قررت ممارسه العهر فرضت نفسها علي حروفه واوراقه !!! ضرب الدرج الاخير بالقدم واشعل سيجاره غاضبا !!!

تنفس بعمق ، انفاسا متسارعه تخرج من صدره وتعود ، يهدي نفسه ، يسحب كل الاكسوجين من الحجره ويهديء نفسه ، غدا سيكون يوم جديد يكتب فيه شخصيه جديده ، يمنحها اسم منطقي وسمات واقعيه ، ستكون فعلا فتاه عادية ، هكذا قال لنفسه وهداها واطفيء الانوار واغمض عينيه بقوة وقرر انه سينام نوم عميق !!!

يحلم بالخادمه الخمريه والقبله التي مزقت شفتيه ، يزداد الحلم سخونه والخادمه ذات الخمسه عشر عاما تتحول شابه ، يراها تعتليه وتهمس في اذنه بكلماتها الخارجه و.................... يقوم من النوم متضايق ، يكره الاحلام الساخنه ، تريح بدنه وترهق روحه ، الكبت الذي كان يحتله انطفأت جذوته ، لن يبحث بهمة وحماس عن امرأه ، لن يجدها ، لن يكتب!!!

كل مايهمه الكتابه !!!

لكن الافكار تعصاه والقلم لايجد مايكتبه والقراء ، هؤلاء الملعونين ، لم يفتقدوه ، هو كما قال الناقد الكبير ، لم يمنح القراء روحه ليمنحوه حبهم !!!!! لعنه الله علي الناقد الكبير وعلي الجدب وعلي الاحلام الساخنه !!!
سينام الان نوما عميقا وغدا يوم جديد ........
وتخدر .... وسقط صريع ... ونااااااام .... وشخر !!!!


( 6 )

فتنة !!!

خرجت فتنه من الاوراق المطويه بصعوبه ، المؤلف طوي الاوراق واعتقلها بين السطور واحكم اغلاق الدرج ، لاتقبل ذلك المصير ، لن تسمح له بقتلها ، قد يكون من حقه يخلق الشخصيات ، لكنه ليس من حقه قتلها ، خرجت من وسط الاوراق المطويه وتنفست بصعوبه ، تدفع الدرج المغلق باحكام بكل قوتها ، الظلام دامس حولها ، ستخرج من الدرج ستخرج من الدرج ، لن تستكين لمصيرها القاسي الذي قرره لها المؤلف ، هل يتصور نفسه خالق فعلا ، يحيي ويميت ، هو لايملك هذا ، انه لا يخلق اي شيء ، ان الشخصيات التي يكتب عنها تخلق نفسها بنفسها ، تخلق نفسها وتقذف بنفسها في طريقه ، فيراها ويصفها ويكتب عنها !!!

هو لايملك يقتلني !!! اعجبه او لااعجبه مش مهم ، لكن مش من حقه يلغيني كده بجرة قلم !!!

هكذا قالت فتنه وهي تدفع الدرج بكل قوتها وتفتحه وتخرج منه !!!

تجلس علي المكتب تتفرج علي الحجره التي يكتب فيها !!!

لاتعجبها الحجرة !!! جافه بارده !!! بلا لوحات ولا نبات ظل ، بلا موسيقي بلا شمس !!!

تعجبت فتنه ، كيف يقوي علي الكتابه في تلك الحجره الكئيبه ، انها حجره تدفع للحزن والاسي ، يستحيل تشعل وجدانه ، يستحيل تثمر افكار براقة !!!

مازالت جالسه فوق المكتب ، تدور براسها حولها ، الحجره خانقه ، لايفتح المؤلف شباكها ، رائحه التراب والدخان والكتمه يخنقوا الانفاس ، مازالت تتسائل ،كيف يبدع في ذلك المكان !!!ضحكت فتنه !!! تجربته الانسانيه مقتوله !! يكتب احرف بارده مثل تصوراته ، يكتب كذبا مثلما يعيش كذبا ، هو لايعرف حقيقه الحياه ولا شخصياتها ، لذا تاتي كتابته موحشه رتيبه ، لاتتفاعل ونفس القاريء ولا يصدقها احد !!!

ضحكت فتنه بصوت اعلي .... لذا لااعجبه !!! انا شخصيه واقعيه حقيقيه ، لكنه لم يعد يعرف الواقع ، يري الحياه من غرفته الكئيبه التي يعيش فيها ، يتنفس اتربه ويختلق عوالم وهميه لاتشبه الواقع ، انا شخصيه واقعيه جدا ، موجعه ربما ، لكن موجوده في الحياه ، لكنه رفض الحياه واعتكف واعتزلها فلم يعد للحياه وجود الا في راسه ، يصطنع حياه وهميه ويملأ مئات الاوراق بتفاصيلها المزيفه ، وحين ينشر روايته لااحد يقرأها ، وحين يقرأها احدهم يلقيها من يده قبل انهاءها ، لايصدق القراء مايكتب ، لذا ذبلت كتبه فوق الرفوف لااحد يشتريها ، ولااحد يقرأها ولااحد يكتب عنه ... ويوما بعد يوم ، انتشر السم في جسده والجدب في روحه والعوالم الوهميه في اوراقه ، فمات !!!

ضحكت فتنه ، تراقبه ، نائم في الفراش ، قلبه ينتفض من تحت جلبابه ، كان الدماء التي تتدفق في عروقه وشراينه توجعه ، قلبه مثل الحجر لاينبض ولا يعيش ، فقط ينتفض ويدق دقات بارده مثل كلماته ....

خرجت فتنه من بين الاوراق بملابس النوم ، كانت تستعد للنوم بعد يوم عمل شاق حين قرر المؤلف قتلها ، لكنها لم تقبل مصيرها علي يديه ، قررت تقاومه ، خرجت من الاوراق بملابس النوم ، شعرها مبلول ، تتساقط منه المياه فوق كتفيها ، يومها كان طويل وزبونها كان رجل عاجز ، لايقبل عجزه ، يلوم الاخريات علي فشله في اسعادهن ، قرر ينتقم من زوجته التي توجعه بكلماتها كل يوم ، اخذ كل النقود التي في المنزل وهام علي وجهه حتي قادته رجليه لذلك الملهي الليلي ، جلس متوترا علي منضده بعيده ، لمحته فتنه ، احسته مرتبكا غريب عن المكان ، اشفقت عليه ، ارسلت له من يدعوه لمنضدتها ، ذهب مرتبكا يتحسس النقود في جيب بنطاله يخاف تسقط فيحرم من ليله المتعه التي يبحث عنها ويعود لزوجته منكسرا مهزوما فتتشاجر معه علي استهتاره والنقود التي اخذها وتعايره بحالته وتشحذ منه الاقلام الساخنه علي وجهها والضربات الموجعه برجله في قصبه رجلها ، ذهب مرتبكا لفتنة ، دعته بلطف للجلوس معها ، ارتباكه منذ اللحظه الاولي لدخوله افهمتها حالته ، يحتاج لعون ، لدم يضخ في عروقه يمنحه ثقه يعيد اليه رجولته المذبوحه التي تريق زوجته كل يوم بعض قطرات دمائها ، ابتسمت له ، ارتبك ، احس مشاعر لم يحسها من قبل ، نسي الاحساس بدفقات الدماء الدافئة ترتطم باعلي راسه ، نسي معني جفاف لعابه وتحول لسانه لقطعه حجر تتعثر الكلمات علي سنونه المشحوذه ، اتسعت ابتسامتها ، سالته بلطف ورقه مالذي القاه علي ذلك المكان الذي لايشبهه ، لم يجيب عليها ، منشغلا بالتحديق في كتفيها اللامعين ، يفحص جيدها المرتفع الانيق ، يختلس نظره لما بين صدرها ، تراقبه وتتركه يجوب بنظراته المرتبكه في رحله استكشافها ، تساله عن امكانيه رحيله معها من هذا المكان الخانق ، ذكيه هي ، هو يشعره خانق لكن لايصرح لها بمشاعره ، يبتسم مرتبكا ، يكاد يسالها عن سعر ليلتها ، لكنها تقرأ رأسه وتعض علي شفتها السفلي باغواء رهيبه تطالبه الصمت ، هي لا تبيع بضاعه حتي تقاوله علي سعر ، هي تبيع السعاده ، ان افلحت في منحها له ، سيمنحها ما تطلبه ، وان عجزت لن تاخذ منه شيئا !!!

ذهبت معه لمنزل صديقتها التي اعتادت تتركه لها مقابل اجره يوميه تمنحها لها فتنه بسخاء ، اشعلت شموع برائحه فواحه وارتدت ثوب انيق وقور ، هذا الرجل لن يفلح معه اسلوب صدمه الانوثه ، ان تعرت خاف وان فجرت هرب ، هذا الرجل تربي في حضن امه ، والمرأه التي يعرفها هي امه ، هي التي ترعاه وتهننه ، فهمته فتنه ببساطه وسهوله ، المرأة هي امه ، التي تقبض علي لجامه وتقوده برقه ، المرأه القويه التي تشعره بصغره يكرهها ، المرأه الضعيفه التي تنسحق تحت قدميه يكرهها ، المرأه الواثقه من نفسه التي تقوده في دروبها هي التي قد تفلح معه ، هكذا قررت فتنه ، ستلعب معه دورا يختلف عن ادوارها الليليه المعتاده ، هي امه ، ستاخذه في حضنها ، ستعامله كطفلها المدلل ، ربما تغني له اغنيه من اغاني الاطفال ، ربما تقول له نكته ، لاتعرف بالضبط مالذي سيحدث بينهما ، هي فقط تقرر كيف ستكون البدايه !!!

اخذ الرجل يتكلم ، يقص عليها مشاكله ، تدمع عيناه لكن دموعه لا تنهمر ، يرتبك حين يلامس جسدها جسده ، هو يبحث عن لحظه راحه ، عتق من العجز ، فرار من القهر المستمر ، لو سمعته سيمنحها كل ما في جيبه ، لو سمعته ستفهم مشكلته ، ربما لن تحلها وربما تحلها ، هذا ليس مهم ، المهم انها ستسمعه ، هي فهمته ، فهمت طلبه منها ، اخذته في حضنها وهدهدته ، نامت علي ساقه وامسكت اصابعه برقه ، لم تطفيء كل الانوار ، تركت له نورا هادئا ، شغلت موسيقي هادئه ، صمتت تماما حتي بدأ الرجل يتكلم ، تكلم كثيرا ، يعبث بشعرها كانه ابيها الذي كانت تتمناه ، تسمعه كانه امه التي يفتقدها .................... طالت الليله وفي نهايتها غادرها الرجل سعيدا هانئا ، قبل يديها وسالها عن رقم تليفونها ، رفضت تعطيه له ، انا موجوده هناك دايما ، احترم رفضها ورحل والفجر يسطع بنوره في السماء منتشيا يكاد يحلق في السماء واثقا من نفسه !!!

غادرت منزل صديقتها وفي منزلها تحممت وسمعت عبد الحليم وارتدت بيجاما منزليه تستعد للنوم ، كان فرحه بانجازها مع الرجل ، احست الدنيا تضيق عليها ، احست انها تختنق ، حين طوي المؤلف صفحاته يعتقلها في درج مكتبه ، ادركت انها ستختفي من الحياه ، تمردت عليه ، لن تسمح له يقتلها ......... قاومت .......... تشبتثت بالحياة ..... وافلحت وخرجت من الدرج وجلست فوق المكتب تراقبه وهو نائم !!!!

تمنت لو تركت المكتب وجلست بجواره علي الفراش ، تمنت لو تمد يدها فوق راسه ، تعبث في شعره تفك توتره ، لكنها تعلم ان ذلك مستحيل ، نعم هو من حقه يكتبها وهي من حقها ترفض موتها بقصف قلمه وطوي الاوراق ، هو يكتب عنها ويمزق اوراقه ، هي تتمرد عليه وتبقي حيه في ذهنه وذاكرته وتلافيف مخه ، هذا وذاك ممكن ، لكنه يستحيل عليها لمسه ، هي فراغ ، مجرد شخصيه مرسومه علي الورق ، وهو انسان من لحم ودم ، يستحيل يقتربا او يتلامسا او تتقاطع دوائرهما ، هي تملك تفر من سطوته عليها وتعيش بقيه حياتها بالطريقه التي تحبها في العالم الوهمي الذي خلقت فيه ، هو يملك ينساها ويمزق وجودها ويختار لروايته بطله اخري لكنها تعرف انها ابنه العالم الخيالي وهو ابن العالم الواقعي ولقائهما مستحيل ...

ظلت فتنه تراقبه من فوق المكتب ، نائم متوتر غالبا يحلم ، جسده ينتفض ، انفاسه سريعه ، العرق يتصبب من جبهته ، تراقبه وتسال نفسها ، لماذا يتعذب كل هذا العذاب وهو نائم ، لماذا لايسمع موسيقي فتسحب طاقات التوتر من جسده ، لماذا لايخرج يسير في الشوارع الخاليه يستمتع بالهدوء والسكينه وثرثات اخر الليل ، لماذا لا يجلس في شرفته يحدق في السماء البعيده ، لماذا يتعذب كل هذا العذاب ، عضلات جسده تتقلص ثم تتقلص وصوت اسنانه التي يضغط عليها تضايقها!!!!

انتفض كانه سيسيتقظ ، ثم هدأت انفاسه وارتفع صوت شخيره وعاد للنوم ، تبتسم فتنه ، لايعرف كيف ينام ، راسه مشغول فتحرمه من النوم العميق وتستضيف كل الكوابيس المزعجه وتزجها عنوه في فراشه واللا وعي ، تراقبه فتنة ، متي سيسيتقظ ، متي سيمزق الاوراق التي كتبها عنها ، فتتلاشي من الوجود ، مازال يتقلب في فراشه ، نعم هو يحلم !!!

ضحكت فتنه ضحكه خليعه وكتمتها ، كادت تصرخ ، هذا هو الحل ، ان تحتل روحه واحلامه ، لا تغادره ، مهما حاول يقتلها لن يفلح ، لن تنتظره والمقصله علي الاوراق ، ستاخذ زمام المبادره ، وتحتله هي ، لن تترك له براحا يتخلص منها ، لن تترك له امكانيه قتلها ، ستحتله فلا يجد امامه الا كتابتها حتي تجلو عن روحه وترحله عن باله وعقله !!!!!!!
ضحكت فتنه ضحكه خليعه وهمست ، وريني بقي حتعمل ايه وحتتخلص مني ازاي ............. وبدأت المعركه !!!!!!!



الجزء الثاني

المعركة

( 1 )

نبيل

انتفض من فوق فراشه ، علي وجهه علامات فزع غريبه ، يشعل النور ويسعل سعال متتالي ، كانه يختنق ، ينظر بحدقتيه المفزوعتين حوله برعب ، هو فوق فراشه ، الغرفه ساكنه مظلمه مكتومه مثلما كانت وقت غفا ، يشعل سيجاره ويجلس في الفراش يحدق في الفضاء ، هو هو نفس الكابوس ، لايرحمه ، ياتيه كل ليلة ، حين ينام يحتل غفوته ، واحيانا يأتيه في نفس الليل اكثر من مرة ، عليه اللعنه ذلك الكابوس ، لماذا لايتركه ، لماذا لا يتغير ، يفكر نبيل في الكابوس المستمر الذي لايرحل عن وعيه ولاوعيه !!!!

يري نفسه واقفا في ميدان عام ، يري كتبه ستحرق امام عينيه ، رجال ملثمين باغطيه سوداء يتحلقون حول كتبه ، يري ابتساماتهم الساخره من خلف الاقنعه ، يسمع الصرخات تهاجمه ، يسبون كتاباته ، احدهم يجري صوبه ، يكاد يشتبك معه ، الفاشل ، هكذا يقولون عليه ، يصرخون ، الفاشل ، كل كتبه تتكوم امام عين في تل كبير ، يسكبون عليها جاز ، يصرخ ، صوته لايخرج من حنجرته ، مازال يصرخ ، يستغيث بمن لا يسمعوه ، هذه كتبي ورواياتي ، احبها ، قضيت ليالي طويله اكتب فيها ، يخرج احد الملثمين علبه ثقاب ، يخرج عود منها ، يشعله ، ينتفض نبيل ، يصرخ بلا صوت يبكي بلا دموع ، يسمع صوت صرخاته تدوي داخل بدنه ، لماذا لايجري وينقذ كتبه من الحريق ، من هؤلاء الملثمين ، يلمح نظره عين احدهم ، نعم يعرف تلك النظره ، هي لناقد لايحب كتاباته ، يهاجمه دائما ، يناديه ، هل وصل الخلاف بيننا لحرق كتبي ، يري شخصياته تخرج من الكتب تجري بعيدا ، يناديها ، انقذي كتبي وعالمي وعالمكم ، لكن الشخصيات تفر جميعا بعيدا عنه ، نعم شخصياته وابطاله يكرهوه ، طالما حلم بهم يهاجموه لانه كتبهم بطريقه رديئه ، واحده من تلك الشخصيات جرت صوبه ، امام عينه سبته ، لقد كتبني بلا جهد ، رسمتي بلا تفاصيل ، جعلت القاريء لايحبني ، منك لله ، سبته وهاجمته وجرت بعيدا ، ماذا يبقي من الروايات بعدما فرت منها الشخصيات ، صفحات بيضاء شاحبه مثل وجهه ، لكن الصفحات فرت من الكتب ، لماذا تسكن لحريق لايقصدها ، هؤلاء الملثمين يبغون حرق افكاره هو ، حرق شخصياته هو ، وشخصياته فرت وافكاره توارت ، الصفحات البيضاء مزقت رباطها وطارت في السماء ، تنقذ نفسها من المحرقه ، ماذا بقي من الكتب ، الاغلفه الرديئه واسمه ، القي الرجل المثلم عود الثقاب فوق الكتب ، نار عاليه انفجرت في الكتب ، سمع ضحكه ساخره ، احدهم يقول يستحق ، احدهم يقول الكتب تضم افكارا تافهه مثل الغازات انفجرت ماان لمستها النار ، مازال واقفا مكانه ، ينادي شخصياته عودي لكن الشخصيات تسخر مني وتجري ، يستجدي المثلمين يرحموا كتبه واسمه وافكاره لكن الملثمين لا يستجيبوا لرجاءه ، ينظر لاسمه يحترق ويتوجع ، كان النار تتشتعل في جسده ، احرقوا الفاشل ، احرقوا الفاشل ، احرقوا الفاشل ........ صرخات هستيريه تحاصره تحاصره تحاصره و..................... ينتفض في الفراش مفزوعا !!!

يشعل سيجاره ثانيه وثالثه ، يتسائل ، لماذا يري هذا الكابوس كل يوم

يري كتبه تحترق ، يري شخصياته تفر منه ، يري الصفحات البيضا تنجو بنفسها .. يري اسمه يحترق وينفجر لهيبه يصل للسماء !!!

هل انا فاشل لهذا الحد ، لكن احد لم يقل هذا !!!

يسال نفسه ولايفكر في اجابه ، يسرع باجابته المعتاده !!!

اكم من كاتب ينشر كتبا في هذا البلد ، هل يرون كلهم هذا الكابوس !!!

الدخان يملاء الغرفه ويخنق جوها اكثر !!!

حين تكون جالسا علي سقف الحجره ، ستري نبيل ممدا في الفراش كجثه مسجاه ، لكن حدقتيه الفزعتين يلفا في مقلتيهما يؤكدا انه مازال علي قيد الحياه لكنه متوتر بائس ................ مازالت تدوي في اذنه صرخات الناس تخرج من الكابوس لواقعه تتعالي ، احرقوا الفاشل احرقوا الفاشل ...........


(2 )

فتنة !!!!

مازالت فتنه فوق المكتب تراقبه !!!

تعرف كل مايحدث في راسه وخياله !!!

مازال الكابوس المريع يطارده كل ليله !!!

تشاركه الكابوس ، تعرف ان كل الشخصيات التي كتبها وكتب عنها فرت من نيران الحريقه احتجاجا علي مافعله فيها ....
تشاركه الكابوس لكنهم لاتشاركهم الفرار ، هو لم يكتب عنها بعد ليقرر الملثمين حرقها فتهرب منهم ومنه ، هي مجرد فكره لم تكتمل ، تضحك حتي لو اكتملت الفكره وكتب عنها وقرر الملثمين حرقها ، ستبقي في ساحه الحريقه ، لن تهرب منه ، بل ستعيده لنفسه ، هذا الكاتب الموهوب الذي ضل طريقه ولم يتحمل عذابات الكتابه المتميزه وعدم استعداد الناشرين لنشر كتاباته القيمه التي لاتجد قراءها بين الجمهور الامي الذي يشتري الكتب من اجل صورها وعباراتها الخارجه ، فاختصر طريقه وحسم امره وقرر ان يكتب كتابات رديئه تتناسب وذوق القراء ، في البدايه فشل في مجاراه مايحدث حوله ، كتب عن شخصيات حقيقيه لكنه انطقها بالفج والغث من الكلام فجاءت روايات هزليه ، من اجلها مزقه النقاد ، افردوا له الصفحات وسبوه عليها ، هذا الشاب الذي كان واعدا وكتابات الاولي تفصح عن موهبه تحتاج لصقل ، هذا الشاب سقط بسرعه ، كتب كتابات فجه سخيفه غير واقعيه ، لكنه لم يعد ولم يرتدع وقرر ان يكتب روايته الثانيه وبسرعه ، فيها تعلم الصنعه وعرف كيف يكتب مايحبه القراء ، روايه هي خليط من كل الممنوعات الجسد والجنس ، الدين والسياسه ، الفساد والسلطه ، خليط مزيف من كل شيء ، يعجب القراء ، به بعض العبارات المدويه وبعض المواقف العنتريه المزيفه ، بيعت تلك الروايه مبيعات ضخمه ، اعاد الناشر طبعا مره واثنين ، كتب عنها بعض النقاد كلام رديء لكن طوفان الاعجاب بها اخرسهم ، وتصاعدت نغمه الاشاده بموهبته وجراءته و ............ الا هو ، الا هو هذا الناقد ، استمر يهاجمه ويهاجمه ، استمر يمزقه في كل اسطره وكلماته ، في البدايه وحين كتب الروايات التي لم يقرأها احد كان يشيد به ، يشكر فيه ، يتنبيء بنجم سيصعد لعالم الادب ، لكنه حين تنازل عن موهبته لصالح السوق والقراء والتوزيع ، حين خلط الجد بالهزل ، حين كتب عن القضايا الهامه باستخفاف فج ، حين صنع خلطه البهارات الخاصه به ، في تلك اللحظه لم ينخدع الناقد بما يكتبه ، لم يشيد بالجراءه لكنه مزقه ، كتب له مرثيات رهيبه ، رثي للقراء والادب كاتب كان سيكون له شأنه لكنه خلع راسه وقصف قلمه وقتل موهبته !!!
فتنه تعرف كل هذا واكثر .....

تعرف ان ذلك الناقد يترأس فريق الملثمين الذي يحاولون حرق كتب وروايات ذلك الكاتب في كابوسه الدائم ، هي عرفت الناقد من نظره عينيه كما عرفه نبيل ، النظره التي ينظر بها من خلف القناع نظره موحيه ، فيها شجن وحزن علي الرجل الذي كان مشروع كاتب فتحول بارادته لمؤلف فاشل مبتذل !!!!

تري فتنه الكابوس مثلما يراه نبيل ، تشاركه كل تفاصيله ، لكن الكابوس لا يوجعها مثلما يوجعه ولايخنقها كمان يخنقه ولا يطاردها كما يطارده !!!

فتنه تجلس فوق المكتب تتابع المؤلف الذي يقفز من فراشه منتفضا بعدما يداهمه الكابوس مثل كل ليله ، تسمع صوت صراخه الذي لايسمعه احد ، تراه يستغيث ولااحد يسمع صوته ، هي تجلس فوق المكتب وتجلس داخل تلافيف مخه !!!

تراقبه وهو نائم ، تسخر منه ، انت من فعلت في نفسك هذا ، انت من تخليت عن موهبتك واخترت الفشل طريقا مربحا فلا تتعجب انك لاتكف عن عقاب نفسك كل ليله ، انت فاشل وتعرف ، لااحد يقول لك هذا الا الناقد الذي سببته اكثر من مره باعتباره لايفهم في الادب ويغار من نجاحك ، انت تعرف انك كاذب وانه صادق ، تعرف انك فاشل وتصدق كل كلام الناقد ويوجعك كلامه ، لكنه تنكر كل مشاعرك فتطاردك في الليل كابوسا مريعا ، هذا الكابوس هو لحظه الحقيقه الوحيده في حياتك !!!

تهمس ، يااستاذ ، لو عدت لموهبتك لرحل عنك الكابوس ، تهمس تتمناه يسمعها ، هو بالفعل يسمعها لانها تهمس في اذنه لكنه ينكر مايسمعه ، يتصور نفسه يهلوس في منتصف الليل ، يهز راسه كانه يطردها من القناه الداخليه لاذنه ويستعيذ بالله وينام !!!!!!!!!!

وهي مازالت تراقبه !!!!


( 3 )

رؤوف

يجلس اشيب الشعر فوق مكتبه ، يحدق في الروايه التي يقبض بكفيه عليها ، يحدق فيها ، يهز راسه اسي ، يستشعر هزيمه داخليه قوية ، لقد خدعه هذا الكاتب ، خدعه هذا المؤلف ، تصوره موهوبا ملتزما سيقدر حق موهبته ، اشاد به وقت لم يكن احد يعرف اسمه ، اشاد به وبكتاباته ، هلل له ، وعد القراء بكاتب محترم موهوب سيضيف للمكتبه العربيه ابداعا وثراءا فوق ابداعها وثراءها ، لكن الكاتب قرر يبيع موهبته في سوق النخاسه لمن يدفع ثمن اعلي ، روايته الاولي لم تنجح ولم يباع منها عشريين نسخه ، روايته الثانيه كانت مقززه ، كانه يحتضر ، شخصياته حقيقيه لكن كل ماتمر به مزيف وكاذب وفج ، يومها تعجب رؤوف مما يحدث لهذا الكاتب ، تعجب انه فقد بوصلته وبسرعه ، هاجمه وهاجم كتابه لكن بمنتهي الحب ، نصحه يعود لنفسه ، نصحه الا يتسرع في الكتابه ، نصحه يصون موهبته ، وانتظره يسمع صرخاته المحبه ، لكن الكاتب خذله بمنتهي القسوه ، جاءت روايته الثالثه مزيفه فجه ، خليط من كل التوابل المثيره للاعصاب الجنسيه والسياسيه ، خليط من الشخصيات التي يختلف عليها الناس وحولها ، رجل دين منحرف ورجل دوله فاسد وسيده تركت اولادها من اجل العشق ورجل باع اسرار عمله من اجل المناصب السياسيه ، جاءت روايته الثالثه جريئه الالفاظ لا ليست جريئه بل فجه مباشره ، لاابداع فيها ولا فن ، هي خليط بين العجائب ، عروض تعري واستربيتز ، منشورات سياسيه ورجال الحكم ، نساء تدفع رجال الدين للانحراف ورجال الدين يدعون لرجال الحكم الذين يرافقون النساء المنحرفه ........ يومها لم يقوي رؤوف علي الصمت ، ولا كظم الغيظ ، يومها قرر رؤوف يمزقه عقابا له علي اهدار الموهبه وتضييع الفكر والسقوط الارادي الذي اتخذه طريقها وضيعا قرر يسير فيه ، وكانت الطامه الكبري ، كتب رؤوف سلسله مقالات عنه بالاسم ، هاجمه ، هاجم شخصياته ، فضحه لانه لملم كل المتناقضات والتوابل المثيره ونسج منها لوحه قبيحه فجه !!!

الغريب ، هذا مايراه رؤوف ، ان الكاتب لم يسعد بكل الكتابات النقديه التي انهالت علي راسه اطراءا ، لكنه غضب من مقالات رؤوف التي كانت كمثل الصوت النشاز بين الاوكسترا المادحه له ولموهبته !!!

اتصل به الكاتب وهاجمه في التليفون وادعي عليه انه يبتزه ويسعي لمنفعه ما تجعله يعدل عن هجومه عليه !!!

سمع رؤوف كل المشاجره ولم ينطق ، بعدما اغلق السكه بكي ، لان صوت الكاتب كان عاليا منفعلا لكنه كاذبا ، هو يعرف ان رؤوف يقول الحقيقه ، يعرف انه احقر مما وصف به ، يعرف انه باع موهبته ، صوته كان كاذبا وقت صرخ ان الروايه الاخيره حازت اعجاب الجميع ، كان يكذب لانها لاتعجبه شخصيا ، لانه لايحترمها ، لكنه كان يفقأ عينيه عنها حتي امسك رؤوف بجفنيه عنوه وفتح عينه علي كل القيح الذي يسيل من دفتي الكتاب ، بكي رؤوف وقرر الا يكتب عن ذلك الكاتب بعد اليوم ، مهما نشر مهما قال ، لن يكتب عنه بعد اليوم ، لان كتاباته لاجدوي منها ، القراء الذين يتكالبون علي شراء تلك الروايات لايقرأون كلماته والكاتب الذي تمناه يعود لرشده ، تخلي عن رشده طواعيه وبمنتهي العمد !!!

نعم قرر رؤوف يتجاهله والا يكتب عنه ابدا ، وحين صدرت روايته الجديده لم يشتريها ولم يحس فضول ليطالعها حتي ، لكن المؤلف ارسل له نسخه عليها اهداء لاستاذه الذي يحترم اراءه ، حتي هذا الاهداء لم يستفز رؤوف ، لم يدفعه للكتابه عن الروايه ومهاجمتها ، لم يدفعه لفتح الكتاب وقراءه حتي اسطره الاولي ، حين قرأ رؤوف الاهداء بكي والقي الكتاب بعيدا عن يديه !!!!!!!

وصدرت بعد روايه والثانيه وكل مره يرسل له المؤلف نسخه ممهوره باهداءه للاستاذ الذي يحترم رايه ، لكن الاستاذ بخل علي التلميذ بالرأي والنصيحه ، لانه تلميذ يعرف انه يدمر حياته باختياره ، يشم الهيروين بارداته كانه يرغب بعد نشوه مؤقته في الموت منتحرا !!

الاستاذ بخل علي تلميذه بالنصيحه بل وانكر انه تلميذه وحين يلتقيا مصادفه في اي لحظه ولاي سبب ، نري الحزن علي وجه رؤوف ونري الارتباك والخجل ونظرات التكبر علي وجه نبيل و........... يغشي الحزن قلبيهما معا !!!!!!!!!

يحدق رؤوف في الكتاب ، يسخر من عنوانه ، من الغلاف القبيح ، من الاهداء الذي سطره في صفحه الكتاب الاولي ، من الاهداء الذي كتبه اليه ، يحدق رؤوف في الكتاب ثم يلقيه بعزم قوته بعيدا وينفجر في البكاء علي ان العمر طال به حتي عاش تلك الايام الرديئه التي يتخلي فيها اصحاب الموهبه عن موهبتهم طواعيه وبمنتهي التجبر والانسحاق !!!!!!!!!!!


( 4 )

نبيل !!!!

نام المؤلف ثانيه فزارته فتنه في الحلم ، ليست الخادمه ذات الخمس عشر عاما ، بل العاهره التي سقطت وانحرفت بارادتها ، زارته في الحلم ورقصت له وتمايعت عليه ثم اخذته معها جبرا لبيتها ، فتحت دولاب ملابسها ، اظهرت له الجلاليب البيتي التي تلبس امه مثلها ، حكت له عن زبائنها ، عن تميزها في عملها لانها صادقه مخلصه ، زبائنها يقدروا جهدها في اسعادهم ، طبخت له حله محشي كرنب واقسمت براس جدتها التي كانت تحبها ان يلتهمها كلها ، انا انسانه عاديه يااستاذ ، هكذا قالت له ، كان يعيش الحلم بنصف وعي والنصف الاخر يجلس بجواره علي الفراش يهمس له لاتصدقها ، هي عاهره بارادتها ، كل ماتراه في الحلم وهم ليس حقيقي ، العاهرات مثلها لا يطهين محشي الكرنب بمثل تلك البراعه ، صبت له الشاي في كوب زجاجي من براد صاج قديم ، وجلست بجواره متربعه علي الارض ، يااستاذ الدنيا مليانه ناس غريبه ، وانا واحده من الناس الغريبه ، يهز راسه يوافقها ، نعم هي غريبه ، عاهره تعرض جسدها للبيع و ... انتفضت من مكانها ، كادت تقذفه بكوب الشاي الساخن ، قاطعته غاضبه ، لااعرض جسدي للبيع لكني امنح الاخرين السعاده ، الفارق بيني وبينك وهو في عميق رؤيتك للاشياء ، لم يسمعها ، صرخت فيه لم اتصور انك غبي لهذه الدرجه ، كيف كنت اتصورك موهوب ، انت غبي لاتفهم في البشر ، طردته من منزلها في الحلم ، وقف خلف الباب علي بسطه السلم يلهث ، لايصدق ان عاهره مثل تلك الفتاه تطرده من منزلها وهو الكاتب المرموق الذي يشار له بالبنان !!!

استيقظ من الحلم غاضبا .... نزل من فراشه ، مستفزا ، يحدثها بصوت عالي كانه يعرف انها تجلس علي المكتب تراقبه ، لن اكتب عنك ، لااصدقك ، لستي شخصيه حقيقيه ، لاتوجد عاهره بهذه البراعه تطهي محشي الكرنب بهذا النفس البيتي مثل امي ، انت مزيفه كاذبه ، لن اكتب عنها ....

تضحك ضحكه خليعه ساخره من سطحيته ، تهمس عيب يااستاذ تقول الكلام ده ، انت مفروض كاتب ومبدع وبتفهم ، يسمعها ، يرفع صوته اكثر ، لن اكتب عنكي ، لن اكتب عنكي !!!!

تضحك ساخره ........... يفتح النور ، تندهش حين تري حجرته ، قذره مليئه بالبقايا ، علب اوراق كراتين ، قصاصات اوراق ممزقه ، علب سجاير فارغه ، طفايات مليئه بالاعقاب الكثيرة ، تتاسي لحاله ، يااستاذ نضف الاوضه علشان تعرف تكتب ، افتح الشباك لنور ربنا ، اطرد الكتمه ودخل شويه هوا نضيف يفكوا ضيقه صدرك ونفسك !!!!! لايسمعها ، هي تعرف انه لايسمعها لكنها لن تكف عن محادثته !!

يدخل الحجره بكوب شاي ويجلس علي المكتب ، لايراها تهز ساقيها فوق المكتب ، تقترب من كوب الشاي بانفها ثم تحس بتوتر في معدتها ، تكاد تضرب الكوب بكفها تلقيها ارضا ، الكوبايه مش نضيفه يااستاذ ، تتعجب من حاله ....

يتذكر الحلم ، يكاد يلقي بكوب الشاي بعيدا في منتهي الاستفزاز ، انت تطرديني من بيتك !!! لايصدق ان احلامه تفعل فيه ما فعلته فيه ، لايصدق ان احلامه تتيح لعاهره ان تطرده من بيتها ، يفكر فيها ثوان ثم يقرر بحسم وثقه ........ لن اكتب عنكي !!!

تضحك ضحكه خليعه ساخره ........ حنشوف يااستاذ حنشوف !!!!!!!!

ومازالت المعركه بينهما مستمرة !!!!!!!!

البقيه بالجزء الثاني !!!!


هناك 4 تعليقات:

منال أبوزيد يقول...

كنت احاول ان التقط انفاسي وعيناي تجريان فوق السطور... تلتهم الكلمات وتضيع مني اللحظات جريا وراء كل سطر سيأتي
اتعبني الصراع.... صراع احسسته يلقي بظلاله علي... كيف ... لا ادري
امتزج الكاتب والشخصيات فما عادوا حروفا لقلمه ولا عادوا لحظات عاشها جُـسمت في شخصيا.... بل صاروا كيان فريد
مع بدايات حروفك ها هنا... لم يظن قلبي ولا عقلي ان السطور ستتوالى بهذه الشكليه... لكن هنا يكمن روعة الحروف لانها شدتني بلا ارادة مني لاكمل الحروف حتى علامات التعجب في نهايتها

رائعة يا اميرة

منال أبوزيد يقول...

كنت احاول ان التقط انفاسي وعيناي تجريان فوق السطور... تلتهم الكلمات وتضيع مني اللحظات جريا وراء كل سطر سيأتي
اتعبني الصراع.... صراع احسسته يلقي بظلاله علي... كيف ... لا ادري
امتزج الكاتب والشخصيات فما عادوا حروفا لقلمه ولا عادوا لحظات عاشها جُـسمت في شخصيا.... بل صاروا كيان فريد
مع بدايات حروفك ها هنا... لم يظن قلبي ولا عقلي ان السطور ستتوالى بهذه الشكليه... لكن هنا يكمن روعة الحروف لانها شدتني بلا ارادة مني لاكمل الحروف حتى علامات التعجب في نهايتها

رائعة يا اميرة

اميرة بهي الدين يقول...

Maha Abase
احست الدنيا تضيق عليها ، احست انها تختنق ، حين طوي المؤلف صفحاته يعتقلها في درج مكتبه ، ادركت انها ستختفي من الحياه ، تمردت عليه ، لن تسمح له يقتلها ......... قاومت .......... تشبتثت بالحياة ..... وافلحت وخرجت من الدرج وجلست فوق المكتب تراقبه وهو نائم !!!!

هو فى كدا بجد حاله عبقريه مش عارفه انا فهمتها بطريقتى يمكن مش دا قصدك بس مش يمكن تكون فتنه ... See Moreدى جزء من روح حلمه الوهمى على قد ماهو بيخطئ بس واضح مع نفسه وبيعترف انه بيخطئ يمكن تكون فتنه الحلم المسجون جواها وبيحاول انه يخرج ويفتح الشباك ويصالحه على نفسه مش عارفه ليه حسيت انها مش مجرد شخصيه نبيل عاوز يحكى حكايتها حستها منه من جواه هو جزء من روحه عاهرة يمكن بس واضحه ماكدبتش على نفسها وبررت عهرها هى عارفه هى بتعمل كدا ليه واختارت الطريق دا ليه كل شخصيات كتبه هربت منه الا هىصممت انها تفضل معاه تخرجه من كابوسه اليومى لحلمه الحقيقى
مش يمكن لما صدقها عرف يرجع لنفسه تانى
وقررت تفتح الشباك رغم انفه فور خروجه من الحجره !!!
ساخره ضحكت ، حيعمل في ايه ، حيقطع الورقتين ويموتني ، مش مهم ، المهم اني اكون فتحت الشباك ، ماهو ساعات الواحد يتخلق في الدنيا علشان حاجه صغيره لكن مفيده قوي ، ياسلام لما تبقي العاهره اللي زعلان منها هي اللي فتحت الشباك ، تبقي روايه عظيمه والله يااستاذ ، ياسلام بس لو تسمع كلامي !!!!!!!!!!!!!
مش عارفه ليه حاسه انها بتخرج من روحه مش من درج مكتبه

أسامة جاد يقول...

العاهرات مثلها لا يطهين محشي الكرنب بمثل تلك البراعه ، صبت له الشاي في كوب زجاجي من براد صاج قديم ، وجلست بجواره متربعه علي الارض ، يااستاذ الدنيا مليانه ناس غريبه
هذه الجملة من أمتع الجمل التي قرأتها في عمري .. جملة من لحم ودم وشخصيات وتاريخ .. تشبه الشعر الخالص على ما فيها من تصوير حي ... التفت كثيرا لوجود منطق في شخصية فتنة .. على ما فيه من كسر للتابو المجتمعي: "ولا تأكل بثدييها" .. إلى بنية "موضوعية" ربما: "وما الداعي لأن تجوع" .. طبعا الطرح جدلي .. ولانتباهك له ربما كانت الشخصية روائية داخل الرواية .. كأننا أمام روايتين متداخلتين، للآن عبر عالم الحلم .. قلت للآن لأني لا آمن الدهشة من مفاجآت أخرى في الجزء القادم .. التفت بشغف لعلاقة الكاتب بالناقد من جهة .. وبالشخصيات من جهة .. فتنة مقنعة في الحالين .. وع المتردد غير الواثق ومع محيطها الاقتراضي ومع المؤلف أيضا .. حريق الكتب على الفانتازيا فيه فقد استدعى في خاطري محنة ابن رشد مع تفكيك بنية الرمز وإعادة صياغته .. لحظة الخروج من الحلم أو الطرد من البيت لحظة سحرية شديدة الرهافة والسحرية .. خلابة .. لا تتوقفين عن إدهاشي ... رائع فعلا