مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 25 يونيو 2010

شجرة الرجال .. و .. زهرة الروح !!!! الجزء الثاني !!!





( 10 )
الابن الاكبر


اخطرني ابي بصوت شاب كانه لم يكمل عامه العشرين ان زهره انجبت طفله جميله وقامت بالسلامه ، اخبرني احضر زوجتي واولادي للاحتفال بالسبوع الكبير الذي سيقيمه لحفيدته ، حفيدة زهرة ، اتصل باخوتي جميعا ، يهنئهم بسلامه زهره ويخطرهم بميعاد السبوع ، اتصل بابيها ، هنأه ، صرت جد ، دعاه لحفل السبوع ، انتظرك واخوتها للاحتفال بسبوع الوليده الجديده !!!لماذا لم يساله احد منا عن اسم المولوده ، هل نسينا ، كيف نسينا ، زهره انجبت طفله ، السؤال الاول الذي نساله عاده ، مااسمها ، لكننا لم نسال ، لا انا ولا اخوتي ولا ابيها ....حملنا الهدايا وذهبنا للبلدة ، قابلنا ابي شابا قويا علي بوابه الحديقه ، البيت مزين باللمبات الملونه ، صوت المزمار يدق ، في الشرفه تقف زهره تحمل طفلتها ، اقتربنا صاخبين ، تهاني مباركات فرحه ، سالها ابيها فجأ ، مااسم ابنتك يازهره ، قالت سميتها علي اسم امي ، زهرة!!!! انتفض ابيها ، جف حلقه ، لم يجد كلمات يرد بها عليها ، لم اصدقها ، اختليت بابي وسالته ، لماذا سمحت لها تسمي ابنتها زهرة ، ابتسم ابي ، الاسم يجري ورا صاحبه ، لكنها هي زهره وامها زهره ، لماذا لم نغير الاسماء لنغير الحظ والمصير ، سخر مني ابي ، لااحد يغير مصيره ولا قدره والاسماء لاعلاقه لها بالقدر والحظ ، الاسماء اسماء !!!حدقت في الطفله ، تشبه جدتها ، تشبه امها ، لها نفس العينين ، لها نفس الملامح الساكنه ، لها نفس الرائحه ، الغريب انها تقبض باصابعها الرفيعه علي اصبع ابي وقت حملها في حضنه بمنتهي الحنان بالضبط مثلما فعلت امها وجدتها !!!باركت لزهره وناشدتها ، اختاري لها اسم اخر ، ابتسمت وقبلتني ، لكنه اسمها ياخالي ، لم اختره !!!! ارتبكت ، ستعود البنت لغرابه اطوارها ، هي التي منحت ابنتها الاسم وكنا نتمناه مختلف !!! غريبه الاطوار هي ، تصطنع الغرابه والبراءة ، حين اكلمها تبعد عيناها عن عيني ، ترد ردود مقتضبه ، تصطنع الغموض ، تقول كلمتين ولاتكمل الجمله ، نعم عادت لغرابه اطوارها !!!مرت الليله سعيده وزهره الصغيره نائمه في حضن امها ، ابي استرد عافيته ، يرقص بالعصا في الحديقه ، يضحك فتتمايل فروع الاشجار ، يوزع صدقاته علي اهل البلده بسخاء كعادته ، الفرح لون وجهه كمثل قوس قزح ، عاد له شبابه ، نسي احزانه كلها وفرح بزهرة !!!طالت الليله قدر ماطالت ، ليله استرد فيها بيتنا العتيق فرحته القديمه ، وحين انتهت ، حمل كل منا اسرته في سيارته ورحل !!!! لكن فرحنا لم يطول !!!!!!!


( 11 )
يوسف


كنت صغير ، وقت صرخت امي والقت سماعه الهاتف من يدها ، قفز ابي من فراشه مضطربا ، سالها مابك ، لكنها لم تقوي تقول له ماتعرفه ، همسا بلا ارتباك سالها ، مات ابي ، لم ترد عليه ، لم يخطر بباله ان زهره ماتت ، نعم ببساطه مثل خالاتها وامها ماتت !!!كرر سؤاله ، مابك ، اختنقت الكلمات في حلقها ، تتمناه يفهم ، لكنه ابدا لم يفهم ، مازال واقفا ببرود امام انهيارها !!! همست تمتمت بكلمات لم اسمعها ، لكن ابي انهار في مقعده ولم ينطق !!!!اتصل ابي بجدي وهمس له بعبارات ممضوغه ، ابنه عمتي ماتت ، لم يفهم جدي !!! كرر ابي عباراته ، صراخ مكتوم يصلني من السماعه التي يكتم ابي صوتها ، يزداد حزن ابي وارتباكه ، يصرخ في امي ، سنذهب لجدي فورا ، حملتني بملابس النوم كأني احدي حقائبها والقتني في السياره ، وصل ابي للبيت القديم بسرعه شديده ، كان يطير من فوق الطريق وامي لاتكف عن الصراخ ، جدي يجلس بجواري تنهمر دموعه ، يهمس ، عيله سلسال بناتها انقطع وحيفضل مقطوع ، تنهد ابي ، تمني جدي لو زهره التي ماتت كانت رجلا وتمني لو زهره التي ولدت كان رجل ، لكنهن اناث فروعهن مقطوعه من شجره الرجال ، شجره العائله ، تلك الشجره التي لم تثمر الا زهرة واحدة !!!وصلنا البيت الريفي في الظلام ، كان جدي الكبير علي مقعده في الشرفه يحمل زهرة بين ذراعيه يهدهدها ويغني لها ، ساله جدي عن زهره وكيف ماتت ، ابتسم جدي ساخر ، عمرها انتهي ، هكذا الامر ببساطه ، ارتبك جدي ، جلس بجوار ابيه يبكي ، نهره جدي ، بكاءه سيوقظ زهره ، حدق جدي في زهره بين ذراعي ابيه وساله ، وحنعمل فيها ايه ، بحسم وقوه وغضب همس جدي ، حاربيها انا !!!اقتربت من جدي ، مد ذراعيه بزهرة وابتسم لي في الظلام ، احملها يايوسف ، هي لك وانت لها !!احدق في وجهها ، صغيره جميله ، ارتبك من نظراتها البريئه ، يضع جدي كفها الصغيره فوق كفي ، هي لك وانت لها يايوسف لاتنسي !!!زهره ساكنه بين ذراعيه ، تنظر في وجهه كانها تفهم مايدور حولها ، قبضت علي اصابعه كانها تقصد ، هدهدها جدي الاكبر واخذ يغني لها ، مازالت زهره مسجاه فوق فراشها ، داهمهم الليل فلم يواروها التراب ، دخل جدي البيت وانا خلفه مسرعا ، نهرني لاعود لكني رفضت ، حذرني ساخاف من منظر جثتها لكني لم اطاوعه ، دخلت معه الحجره ، زهره ، تلك السيده الجميله تنام فوق فراشها ، اقتربت منها ، ليست ميته ، هي نائمه ، مثل الاميره النائمه التي قرأت عنها في قصص المجموعه الخضراء ، هي تنتظر فارس يفك عنها السحر ، سالت جدي ، حتصحي امتي ، انفجر في البكاء ، خرج من الححره وبقيت مع زهره ، عمتي زهرة ، انظر لها اتمني اسالها لماذا انت نائمه ولماذا يبكون ولماذا لاتستيقظي وتحملي صغيرتك بين ذراعيك ،، لكن الصمت في الحجره مخيف ، لااسمع انفاسها ، الاميرة النائمه كانت تتنفس ، هل هذا هو الموت ؟؟؟؟؟؟ احببت عمتي زهره بعد فوات الاوان ، بعدما ماتت !!!خرجت لجدي الاكبر ارتميت في حضنه ابكي ، فتحت زهره عيناها ، احببتها واحببت جدي وتمنيت لو بقيت معه ومعها العمر كله !!!! يتردد في اذني كلماته هي لك وانت لها ، هي لك وانت لها .....

( 12 )
زهرة


كانت جميله وبهيه ونور يلعبوا في الحديقه الواسعه ، البوابه مغلقه ، اقف بعيدا عن السور ، اصرخ انادي عليهن لكن لا يجاوبوني !!! يمامه بيضاء تعبر السور ، تقف علي كتف جميله تقبل بهيه تلاعب اجنحتها في وجه نور وسرعان ماتخرج من الحديقه وتحط علي كتفي وتأمرني بالرحيل !!!! سالت جدي العجوز ، لماذا لا تلعب زهره جدتي ولا زهره امي معهن؟؟؟ احتضني جدي ولم يرد علي !!! حلم يتكرر ، جميله وبهيه ونور يلعبون معا وزهره لاتلعب معهن !!!سالت الخادمه العجوز ، كيف ماتت امي ، اخذتني في حضنها وصمتت ، سالت جدي لماذا منحتني امي اسمها ، ابتسم ، هي منحتك اسمها وحياتها وروحها وكل شيء ، كنت صغيره لم افهم مالذي يقوله جدي!!هل تحبني ياجدي ، سالته ، ابتسم واحتضنني ، نعم وصمت !!! اين ابي ياجدي ، اشاح بوجه بعيدا عني ، رحل وتركني مع جدي واختفي من الحياه ولم يسال عني ابدا !!!انام في حضن جدي ، ياخذني بين ذراعي وينام ، تاتي جميله وبهيه ونور لحلمي ، يلوحوا لي ، يرسلوا لي قبلاتهم ، اتمني العب معهم لكن بوابه الحديقه موصده في وجهي طيله الوقت ، صرخت انادي جميله ، خذيني معك ، ابتسمت جميله ، لن تاتي ابدا ، وانصرفت تكمل لهوها مع شقيقاتها !!!سالت جدي عن شجره المانجه العجوز ، حدق في وجهي واحتقن وجهه واحتضني ، كنت اعرف كنت اعرف !!!نظر لي وهمس ، يوسف يازهره ، هو لك وانت له ، لاتنسي ابدا ، مهما حدث لاتنسي !! هذه اخر جمله سمعتها من جدي !!! بعدها لم ينطق !!! مازال حيا لكنه لاينطق ، لا بل يتحدث كلاما لايفهمه الا اليمامه البيضا التي لاتغادر كتفه !!! مرض جدي واوهنته الشيخوخه ، ثمانين عام ومايزيد ، يحبني ، واثقه انا من حبه ، نعم لايقوي علي الحديث ، لكن نظراته وحضنه الدافء يصرخ بحبي !!! ابكي في حضنه لماذا مرضت ياجدي وسترحل وتتركني ، يبكي بلا صوت ، تنهال دموعه فوق شعري ، ترفرف اليمامه البيضا فوق راسي كانها تواسيني ، يغيب جدي عن الوعي كثيرا وحين يفيق يصرخ باسمي ، اهرع اليه ، يحتضنني ويصمت !!!في حضنه اسمع صوته يأتي من بعيد ، كنت صغيره وكان ابي ، كنت صغيره وكان جدي ، هاانا الان صغيره وهو جدي وكل مالي في الدنيا ، اسمع صوته يخرج من قلبه يشكو لي خرسه الجبري ، قلبه يبكي لانه عاجز عن رعايتي ، انت ابنتي وحفيدتي وقلبي ، ربنا يحفظك يابنتي ، اخرج من حضنه وانام في فراشه مطمئنه !!!سنوات مرت ، جدي مازال مريضا صامتا لاينطق ، وان تكلم لايفهم احد ماذا يقول ... تخرجت من الجامعه وانا مع جدي !!! اعود من المدينه لاجده جالسا علي مقعده في الشرفه ، اهرع اليه اقبله ، يقبلني بعينيه ، اقص عليه احداث يومي ، يبتسم كانه يفهمني ، اخذه لفراشه يقبض علي يدي لايتركني ، انام في حضنه مثلما كنت افعل صغيره ، تتعالي صوت انفاسه ويتهدل جسده سكينه وراحه !!!في حضنه اري جميله وبهيه ونور .... اري اليمامه البيضا ... اناديهم لايسمعوني ... استيقظ اكلمه ، يفتح عينيه ويصغي لي ياجدي ، هو انا عشت قبل كده ، يهز راسه نفيا ، امال انا ليه حاسه كده ، يكتم انفاسي بكفه ، يطالبني اخرس ، نعم انت تعرف اني عشت حياه سابقه ، بل اكثر من حياه ، الماضي يجري امام عيني كشريط سينما ، كل ماحدث في هذا البيت قصته علي الجدران ، يصرخ جدي غضبا ، يتشاجر معي وهو محتجز داخل نفسه لايملك فرارا ، يناشدني بدموعه اصمت ، اصمت لكني لاافهم لماذا يوتره كلامي !!!ساعرف بنفسي مالذي يحدث !!!اسال جدي ابن جدي ، عن ما يدور في راسي ، المح نظراته تستريب في ، اكاد اسمع همسه الداخلي ، غريبه الاطوار كامها ، يسالني ، بتشوفي احلام ، اقص عليه مااراه ، يصرخ جدي في فراشه غضبا ، تطير العصافير من فوق الاشجار فزعا ويقف الهواء صامتا اخرس وكان الزمن وقف ، اقترب منه لاهدئه ، يلطمني بيده لطمه قويه ، اول مره في حياته يفعلها ، لماذا ياجدي ، تصرخ عيناه اخرسي ، اخرسي ، يخاف علي ، لكني لم افهم خوفه !!! ينظر لي جدي ابن جدي نظرات مريبه ويبتسم ابتسامه مصطنعه ويتركنا !!!

( 13 )
الخادمه العجوز


كان يوم اسود ، هجم البيه الكبير علينا في البيت ، دخل علي زهره حجرتها ، خلفه رجالا يرتدون ملابس بيضاء ، صراخ زهره يخلع القلب ، يكتفوها ويحملوها غصبن عنها لسيارتهم السوداء ، يصرخ سيدي البيه فزعا ، يصرخ ويصرخ ، هو لايري مايحدث لكنه يصرخ فزعا ، اليمامه البيضا تصاب بلوثه عقليه ، تصرخ هي الاخري ، تطير في صاله المنزل بعنف وغضب ، صوت اجنحتها يعلوا احيانا علي صراخ سيدي البيه ، يوهن صراخ زهره وتبعد السياره التي اختطفتها من المنزل !!!
سيدي البيه يصرخ ويصرخ ، يقترب منه ابنه الاكبر ، احنا عملنا كده لمصلحتها ، البنت مخها تعبان ، يلطمه سيدي البيه علي وجه بقوه ، يترنح ، لايصدق ، لايفهم سر تلك القوه التي اطاحت بتوازنه ، ابيه يقترب من التسعين ، ومريض لاينطق ، اعجزته الشيخوخه ، من اين اتي بتلك القوه ، لطمني علي وجههي فكدت اسقط !!! طرده من الغرفه وحين جلس في الشرفه خرج يتساند علي الخادمات وسحبه من ملابسه والقي به خارج المنزل ، عيناه تصرخ لاتعد عندي ثانيه ، كلنا نرتعد من قوته التي دبت في جسده وارادته فجأ ... يخرج من البيت الريفي مشفقا علي ابيه من جنون شيخوخته كما قال للجميع !!!
اختطفت زهره من البيت وغابت فانهار سيدي البيه صحيا ، الطبيب لا يغادر منزلنا حتي يعود ، يسمع هذيان سيدي البيه ويربت علي كتفه ويناشدني ، محدش يضايقه ، احدق فيه ، عجوز هرم ، انفاسه تخرج من جسده كانها لن تعود وتدخل لرئتيه كالسكين في لحمه الحي ، اؤكد له ان مافيش حد بيضايقه ، يهمس البيه زهره ، يهمس الطبيب ، مين زهره ؟؟؟ لاارد وان رديت لن يفهم !!!
ينام سيدي البيه ويستيقظ .. يستيقظ وينام يهذي ويهذي ....... كلمات ممضوغه لن يفهما احد ، فقط ندائاته علي زهره هي التي تعيد لمراكز احساسه الاحساس!!!
هما خطفوها ودوها علي فين !!!!!!!

( 14 )
زهرة

افتح عيناي بصعوبه ، الجدران بيضاء والفراش بارد والصمت مخيف !!! اغلق عيناي ثانيه ، ادخل الحلم طواعيه ..
ابعدوني عن جدي واحتجزوني في تلك الحجره ..
حرموني من بيتي والشرفه الدافئه وشجره الياسمين وحواديت الجدران ..حرموني من جدي وحضنه ، من غرفتي وذكرياتي منذ ولدت في ثوب جدتي وحتي عدت في ثوبي !!لم يبق لي الاحلام ملجأ وملاذا ... انام كثيرا اهرب للاحلام ..
انادي جميله وبهيه ونور ليلعبوا معي .. الحمامه البيضا تحط علي كتي في الحلم وتنصحني ، لن يسمعوكي ولن يلعبوا معك !!! افتح عيناي بصعوبه ، غلالات من الدموع المعلقه علي مقلتي .. اتذكر جدي ، افتقده ، يوحشني !!! اتذكر حنانه وحواديته ويوحشني !!!
اري وجه يوسف مبتسما ، المح وجه جدي مبتسما ، هو لك وانت له ، لاتنسي يازهره لاتنسي !!! .......................... يدخل الطبيب للغرفه ، يمسك معصمي ببلاده ويسالني ، ها بقيت كويسه ؟؟؟؟ لااجد اجابه ولاينتظر هو اجابتي !!!

( 15 )
الجد
الاكبر

تأتيني زهره في احلامي تبكي ، ابني الاكبر حرق قلبي عليها وحرمني منها ، حمار ، طيله حياته حمار ، لايفهم الا مايفهمه الحمير ، من قال ان زهره مريضه ، زهره ليست مريضه ، لكنه لم يصدقني ، يتقول عليها ، يدعي انها تهذي ، اوافقه ، مالك ومالها ، تهذي هذا شأنها ابعد عنها ، لايسمع كلامي ، هي مريضه نفسيه ، تعيش في الاوهام والعوالم الخياليه ، اهز راسي نفيا ، انت لاتفهم ، يكاد يتجرأ علي ويقول لي ، انت الذي لاتفهم ، يشرح لي ، المرض النفسي ده مرض زي اي مرضه ، له علاج ، ماتخافش عليها !!!
حمار ، وصفته بما يستحقه !!! زهره ليست مريضه نفسيه ولا تتخيل عوالم وتعيش فيها ، كل ماتقوله حدث ويحدث حتي لو كانت لا تفهم مالذي يدور حولها ، اهمس في اذنه ، زهره اختك لم تمت ، روحها في روح ابنتها في روح حفيدتها ، كلهن واحده فقط ، هي زهره ، لاتنظر لي مثلما تنظر لست مجنون ولست مختل ، اقول لك الحقيقه ، لكنك لن تفهمها !!!
يصمني ابني بالجنون والعته ، يشرح لاخوته ، ابيكم يدخل علي عامه التسعين ، الشيخوخه افقدته بقايا العقل الذي تركته له سنواته التسعين!!!
لا زهره مريضه نفسييا ولا انا مجنون .... هي سر الاسرار وانا التي كشفت السر وفهمته !!! لماذا يحدث كل مايحدث !!! انا لااعرف ولااحد يعرف !!!! ومهما حاولنا نفهم لن نفهم .... اليمامه البيضاء فوق كتفي لا تبارحني ، اوصيها ، اذهبي لزهره ، اطمئني عليها !!!
انادي يوسف في خيالي ، اذهب لها وحررها من اسرها ياابني ، فهي لك وانت لها !!!
احسه سمعني ، انام مطمئنا !!!

( 16 )
يوسف


كل يوم احلم بجدي الاكبر ، اسمعه يناديني ، يوصيني بزهره ، يتشاجر معي لاتتخلي عنها ، هي لك وانت لها ، استيقظ من النوم متوتر ، اسال نفسي هل ساعه رحيله دنت ويناديني ، سازور زهره وازوره بعدها....
ادخل المستشفي وجل مضطرب ، اكره تلك المصحات ، تشاجرت مع ابي وجدي وقت قرروا مع بقيه العائله يودعوا زهرة مصحه نفسيه ، قرروا انها تعيش في الوهم وتهذي وتخرف ، ناشدتهم يتركوا وشأنها ، هي تعيش مع جدي وحياتهما هادئه ، لاشأن لنا بهما ....لكن جدي تشاجر معي ، انت جاهل ، هكذا وصفني ، البنت محتاجه علاج ، البنت بتقول كلام غريب ، بتكذب طول الوقت ، فاهمه نفسها عاشت زمان ، همس جدي لشقيقه الاصغر ، هي غريبه الاطوار مثل امها ، واجبنا نعالجها !!! مازلت في المصحه ، جدران خضراء واضاءه صفراء شاحبه وممرضات بوجوه بارده ، كل شيء هنا ، كريه !!! فتحت لي الممرضه الباب ، زهره علي فراشها تحدق في السقف ، ابتسمت حين راتني ، احتضنتها ، احتضنتي بقوه اكثر ، لم اجد كلمات اقولها لا ، احسها ليست مريضه لكن الجميع الطبيب وجدي وابي والعائله كلهم قرروا انها مريضه يلزم علاجها ، لااجد مااقوله لها ، تمسك كفاي بقوه ، احس روحها تتسلل من بين اصابعها لجسدي ، اشفق عليها ، فتاه عشرينيه العمر جميله شاحبه محتجزه في غرفه خضراء اضائتها شاحبه حزينه هي ، تسالني عن جدي ، اطمئنها عليه ...تلمع عيناها وتهمس ، عايزه اشوفه ، اعدها احاول اقنع الاسرة بفك احتجازها ، اعطيها عسلية تحبها ، تبتسم فرحه ، توصيني بجدي ، انا معرفش حاروح امتي ، خلي بالك منه ، اعدها برعايته ، اودعها ، تسالني علي باب حجرتها ، هل تصدق اني مريضه ، اهز راسي نفيا ، تقبلني في خدي وتودعني وتعود لفراشها تحدق في السقف ، اخرج من الحجره ساخط علي العائله التي تخلصت منها باحتجازها في تلك المصحه !!!! اخرج من المستشفي مرهق الروح ، يتردد في اذني كلمات جدي ، هي لك وانت لها ، هي لك وانت لها !!

( 17 )
الجد
الاكبر


يوسف ... يقف امامي مبتسما ، هو الوحيد الذي لا ينتظر موتي ولا يتمناه ، افتح عيني اراه ، هو ابيه ، يشبهه ، ابتسم في وجهه لكن جفوني تتهدل وتغمض عيني رغما عني وانام ، اراه يجلس مع زهره في الشرفه ، هذا الحفيد طيب ويحبني ، من تحبه زهره احبه ومن يحب زهره يحبني ، زهره لاتبتسم في الاحلام الا في وجوده .... زهره تحبه وتطمئن له وانا ايضا ، رائحه سكينتها تنبعث من مسام جلده !!!
جدي .... نداء يستجلب وعيا من دروب بعيده ، افتح عيني ، عايزه اخرج زهره من المصحه ومحدش موافقني ، كلماته مثل الدبابيس توخز مراكز الاعصاب والانتباه ، افيق من غفواتي المتكررة ، اعمل ايه ياجدي ؟؟؟ اسقط في غفوتي وهو يكلمني ، كلماته تطمئني ، اخيرا عثرت علي الفارس الذي سيمتطي المهرة العفيه ويرحل بها بعيدا عن جدران الاسر ، اهمس بصعوبه ، ستجد طريقه تحرر روحها ، هي لك وانت لها ، لايفهم كلماتي المجدوله بهذيان الشيخوخه ، اوصيه بها ، يفهمني ، يعدني بحمايتها ، اصدق وعده ....
اعود للغفوه واسمع انفاسي بطيئه تخرج من صدري بصعوبه وتعود اليه بصعوبه اكثر ، اراها مبتسمه اطمئن ، زهره تبتسم وهي تجلس في الحديقه تحت شجره المانجو العتيقه ، لم تعد الشجره للبكاء والحزن ، زهرة منحتها روحها ابتسامات سعيده ، اثمرت حبات حمراء يتساقط منها العسل ، تمنحني زهره قبله وياسمينه وقطعه مانجو ، مسكره جدا ، الوكها في فمي ولااقوي علي ابتلاعها !!!
تلوح لي تودعني ، اخذها في حضني ، تطمنني ، ساكون سعيده ، تمنحني اذنا للرحيل ، اسرق ابتسامتها وادسها في جيبي نجمه ساطعه ستنير لي اوقات الوحشه ، سأطمئن عليك دائما ، تهمس انت معي لن تغادني ، اطمئن دائما ، حان الميعاد ، اهمس لها تفهمني ، توافقني نعم حان الميعاد ، بناتك ينتظروك في الحديقه الواسعه ، تجملوا وارتدوا اجمل ثيابهم وفتحوا لك البوابه ، اخذها في حضني ، وانت ؟؟ تدفعني برقه بعيدا علي بدايه طريق الشمس ، تدفعني وتلوح لي تودعني ، انا معك حيثما تكون ، فيك وانت في ، اطمئن علي ... نبرات صوتها الدافئه الحنونه تطمئني ، اقف علي بدايه الطريق واعطي ظهري للظلمه واستعد للرحيل !!!
جدي ، جدي ، صوت يأتيني غريبا ، مازالت قطعه المانجو في فمي ، عسلها يسيل فوق لساني وشفتاي ، مازال الصوت يأتيني بعيدا ، جدي جدي ، زهره تبتسم له في حلمي وتهمس حان الميعاد ، الوح له اودعه ، هو اطيب احفادي ويحب زهرة ، اودعه وعسل المانجو بين شفتاي ، صوته ياتي ابعد وابعد ، انادي زهره ، اوصيها به ، ساترك فيه روحي ، اناديه في الحلم واوصيه بزهره ، حافظ عليها واحمها ، امنحه قطعه مانجو في فمه وتمنحه زهره قبله فوق جبينه وتبتسم وتلوح لي تودعني و............................... اغيب !!! تحط اليمامه البيضا فوق كتفه وتودعني !!!


( 18 )
يوسف


وحيدا في البيت القديم ، اجلس في الظلام ، احدق في الجدران !!! عادت العائله بكل الابناء والاحفاد وجيلنا الرابع لحياتهم بعدما دفنوا جدي الاكبر في مقابر الاسرة !!! ثلاث ليال للمأتم وقرأن ومعزين ... والكل يتلهف لانتهاء الطقوس والعوده لحياته !!! فقط زهره التي كانت ستبكي عليه ، لكنها حرمت من موت جدها فلم يبكيه احد !!! حتي انا ، حاولت ابكي حزنا علي جدي الاكبر لكن دموعي عصتني فسارت جنازته بلا دموع ودفن بلا نحيب ومرت الليالي الثلاث سريعه بعدها هدم صوان العزاء وانصرف الجميع لحياته !!!
لن اذهب معكم ، بحسم وقوه لم اعتاد عليها ، افصحت لابي وجدي اني لن ارحل من البيت الان !!!
سابقي بين الجدران ، اشم رائحه جدي ، اسمع حكايات الجدران ، سابقي في البيت القديم حتي تشفي روحي من ارهاقها!!!
ليتك كنت هنا يازهره ، كنت منحتي المأتم روحه وحزنه الذي يليق بجدنا الاكبر !! واثق انك الان تعرفين كل مايحدث ، نعم احدا لم يخبرك لكنك تعرفين !!!
ليتك كنت هنا يازهره ، دموعك السخيه كانت ستروي الارض الجدباء للعائله التي انشغلت باحوالها ولم تمنح رأسها العظيم ولا دمعه يستحقها حزنا علي فراقه !!!
وحيدا في الظلام اجلس في البيت القديم ... اخرج للشرفه ، اجلس علي مقعد جدي ، ارتجف من لسعه البرد فاحيط بدني ببطانيته !! ارتجف اكثر ، جدي الاكبر ياخذني في حضنه ، تلك البطانيه منسوجه بانفاسه وعرقه وحنانه وحسمه ، تلك البطانيه مزركشه بروحه !!!

اسمع صوته ... يوسف
كانه يكلمني .... انت اصغر الاحفاد ... لكنك الاكثر حنانا ، انت تشبهني ، قوي عنيد صارم حنون نعم انه يكلمني اسمع صوت انفاسه ، نبراته الممضوغه ، كلماته المتعثرة لاتخذلني ولاتخذل زهرة ..
هي لك وانت لها ..
لاتخذلها ولا تخذلني يايوسف
اهز راسي نفيا في الحلم ...
هل انا نائم ... هل احلم بجدي الاكبر لكن اصابعه القويه تمسك كتفي ترجني ، لاتخذلني ولا تخذل زهره!!! اعده لن افعل .... حفيف الاشجار واجنحه اليمامه البيضاء في اذني يوقظني !! الفجر يطل علي استحياء من خلف سحب الظلمه ، اجلس علي مقعد جدي في الشرفه اتدثر ببطانيته !! لست انا الذي كنت !! جدي لم يرحل عني واحتلني !!! ترك روحه في روحي وتخلص من عبء جسده الوهن وسيكمل حياته في حياتي !! افهم مايحدث وماحدث !!!
هذه مسئوليه كبيرة ياجدي !! هكذا صرخت !!! هل طارت العصافير من فوق الشجر وسكنت الريح خوفا من رعدي !!! لست انا من يتكلم ، هو صوت جدي قوته حضوره الطاغي !! همسا يأتيني حنون في اذني ... احم زهره والبيت القديم ونفسك افتح عيني ، كنت احلم ، نعم كنت احلم !!! اليمامه البيضا فوق كتفي تغرد !!!
اجوب البيت ... افتح الادراج المغلقه .... اتأمل ملابس جدي عصاه الابنوس ، المصحف الذي بليت اوراقه من كثره ماقرأه اوراق الملكيه وصكوكها ، شهادات الميلاد والوفاه والزواج شجره العائله ، صك ملفوف حول نفسه عشرات مئات الاسماء والانساب والاقارب اقبض علي عصا جدي وابتسم انزل للحديقه ، اجلس تحت الياسمينه ، هنا كانت شجره المانجه العجوز التي اقتلعها جدي اشم رائحه زهره في طين الارض في وريقات الياسمينه في بطانيه جدي ساعود لها وافك اسرها واخرجها من المستشفي!!!

( 19 )
زهرة

جميله وبهيه ونور اخبروني ان ابي وجدي رحل لحديقتهم !!!
احتفوا به واحتفي بهم ..
فتحوا بوابه الحديقه فدخلها علي فرسه الابيض
وزع عليهم فراشاته البيضاء وفروع ياسمين
بكت الفتيات الثلاث اشتياقا لابيهم
اخذهم في حضنه واغلق بوابه الحديقه الواسعه
سالته لماذا لاتعيش اناث تلك الاسرة الا في الحديقه الواسعه
سخر مني ، قال لي انت ستعيشي حياه كل الاناث مئات السنوات
ولن تدخلي ابدا الحديقه الواسعه !!
لماذا ياجدي ، اشمعني انا ...
ابتسم ، كل مااعرفه انك الحياه المستمرة
روحك جذوه لن تنطفئ ، من جسد لجسد ومن زمن لزمن وانت حيه
تخلعين الاجساد والوجوه وتبقي حيه !!
اعطاني ظهره واحتضن بناته الثلاثه وخرجوا من احلامي للابد
ابي مات ، جدي مات
ظللت ابكي طيله الليل ولمده ثلاث ايام
ابي يستحق كل هذه الدموع واكثر !!!
في اليوم الرابع زارتني اليمامه البيضاء في الحلم
منحتني بطانيه جدي وعصاه الابنوس وصوره يوسف
راقصتني ووعدتني بالفرج وتركت لي ريشه بيضا تحت مخدتي ورحلت


( 20 )
يوسف


وقفت امام زهره مبتسما ارتمت في حضني وقت ادركت وجودي بكت دموع سخيه علي جدنا الذي يستحق فراقه كل الحزن طبطبت عليها
ساخرجك من هنا وان طال الزمن هزت راسها توافقني ، اعرف
ودعتها وكلي اصرار علي فك اسرها كنت واثق اني سانجح وكانت واثقه ........
وكذلك جدي كان واثقا ...
صوته يتردد في عقولنا في نفس اللحظه
هي لك وانت لها
هو لك وانت له ..
صوته قوي واضح حاسم يكرر كلامه بثقه وطمأنينه


( 21 )

يوسف وزهرة


في شرفه البيت الريفي ورائحه الياسمين تطغي علي المكان وتحتل اجواءه
جلست زهرة في حضن يوسف يتدثرا ببطانيه الجد مطمئنين

وبعيدا فوق الشجره الكبيرة التي تضلل علي المنزل كانت اليمامه البيضاء

تبتسم سعيده تستعد للرحيل للحديقه الواسعه
يناديها الجد بصوت القوي حان وقت الرحيل
تنتظرها جميله وبهيه ونور والجد !!
يوسف كان يعرف هذا وزهره ايضا !!
لوحا لليمامه البيضاء يودعاها واغمضا عينيهما وسكنا في حضن بعضهما !!!
صوت الجد يلف المكان ، هي لك وانت لها ، هو لكي وانت له .........



نهاية الحدوتة بجزئيها الاول والثاني

هناك 7 تعليقات:

اميرة بهي الدين يقول...

Maha Abase
مش عارفه اقولك ايه
حدوته مالهاش حل
يمكن اكون انا كمان مجنونه بس انا مؤمنه جدا بالارواح مش عارفه ليه بحس ان فى حد واخد من روحى افضل منتميه ليه مش اى حد كدا بس ناس معينه بجد بحس روحى فى روحها موصوله ببعض
انا عشت فيها لحظه بلحظه زهرة والبوابه الحديد
ماكنش ينفع زهرة تعدى لانها موجودة مارحلتش اختلف الجسد ولكنها الروح... See More
امتزجت بالملامح فتشكلت منها نظرات العيون
انها زهرة الابنه الحفيدة والجدة
تلك الروح التى امتدت فى عروق الفتيات الثلاث
June 16 at 2:35pm

اميرة بهي الدين يقول...

Mahmoud Eid
يخرب غقلك يا أميرة
أنحنى لك تقديرا واعجابا ..لم اعيش فى حياتى اندماج واحساس كالتى عشته معك فى هذا الابداع ..انا اكتب كرد فعل سريع وتلقائى بعد القراءة ..عزيزتى الغالية دمت ودام ايداعك .
June 16 at 2:50pm

اميرة بهي الدين يقول...

Nesrin Youssef
ابدعتى بجد
اخدتينى عمالى اقرا فيها محستش بحاجة
اخدتينى فى حكاية زهرة و يوسف و الجد
القوة و الحنيه
الارواح اللى بتتلاقاه مهما قالوا انها رحلت... See More

القصة ديه فظيعة بجد حاجة كده زى قصة السيدة العجوز معرفش فكرينها و لا لا
بس هى من القصص اللى وقفتنى اووووى
June 16 at 4:37pm ·

اميرة بهي الدين يقول...

الباشمهندس عادل
رغم أن الأقلام بكل ما يمكن ن أن تحمله من بلاغة الصياغة و البيان تعجز عن التعبير الدقيق فى بعض الاحيان لكن انتى بجد ابدعتى فى النوت دى ... بصراحه عرفتى تربطى بين الموت فى الحياه و الحياه فى الموت مرورا بفكرة الارواح بطريقه مبتكره و جذابه اهنئك عليها
June 17 at 9:10am

اميرة بهي الدين يقول...

Mahmoud Eid

االفكرة الأساسية
فكرة العمل تعالج أشكالية الحياة والموت ؛ وهى اشكالية فلسفية احتار فى تحليلها الفلاسفة والكتاب،وتم عرضها وتحليلها بشكل متمكن بعرض العلاقة الجدلية بين المتناقضات بشكل يظهر الصور التمثلية بشكل واضح وقوى ( الحيوات المتعاقبة لزهرة وتناقضها مع موتها المتعاقب أيضا )
التوصيف النقدى و الاطار العام للعمل
العمل انعكاس واضح للمفاهيم الثقافية... See More للمجتمع المصرى ، حتى اختيار الصور التمثلية لها علاقة وثيقة بالثقافة الشعبية ، بناء الصورة و التتابع بينها تم ببشكل متقن ورائع ، تنقل المتلقى بشكل سلس وتغوص به لأعماق لا يمكن تجاهلها .
الصياغة والتعبير نجح نجاحا كبيرا فى نقل المتلقى لجو العمل المفعم بالتأثيرات الدرامية التى تصل لعقد متتابعة تؤدى واحدة للاخرى، كما أن هنا جمال ومقابلة و حوار بين حياة زهرة وموت أخواتها ، وجمال الرمز للحياة الاخرة بالحديقة الخلقية وسورها الفاصل بين الحياة البدية والحالية .
وهناك تكامل وجمال للصور التمثليةفى العمل وعدم تكرار رغم طول العرض ، كما أن هناك انعكاس للحياة الشخصية للكاتب ويمكن أن نعتبرها ضمن سياق التجربة الذاتية التى لا يمكن فصلها .
والمحصلة :
العمل نجح فى التأثير بشكل كبير على المتلقى، ونجح فى ان ينقلنى لأجواءه وحالته ، وفى ايصال فكره ومفاهيمه فى جو ميلودرامى مؤثر - مقدرة كبيرة وعمل متميز تحياتى لشخصك الجميل .
اضيف هنا اتى لا أنقد العمل نقدا أدبيا متخصصا ؛لأنى لست بمتخصص فى هذا الاتجاه ، ولكنى اسجل تعليق كشخص متذوق للابداع .
June 18 at 1:08am

اميرة بهي الدين يقول...

Ehab Samra
قطعا ليست مجرد تدوينه .. و مؤكد هى أعمق من أن تكون قصه .. أراها ملحمه اسطوريه .. أرى فيها نسخا لأرواح الرواه القدماء من المصريين و اليونانيين ..
ملحمه أسطوريه بالفعل .. تحكى على تخوم المقدس .. لا هو وحى ألهى بالطبع لكنها حتما أرقى من سرد بشرى .. كعادتك سيدتى لا ترين بالبصر وحده .. لكن ترين بالبصيره .. فتتجاوزين المنطوق باللسان ألى المسرود بالأرواح... See More .. الملحوظ هنا هو تنامى قدرتك على قراءة الأرواح بشكل مبهر .. و بتعبير بشرى .. تعايشين حالة نضوج أدبى شديد
حبكة الأسطوره فيها العبثيه لا غرو .. لكنها تلك العبثيه الملازمه لأرباب الأغريق و الفراعين .. جبروت طاقة الأرواح المتطلعه ألى السماء ليس بينها و بين القدر حجاب تواجه ضيق المبصرين بلا بصيره من الأرواح المغموره فى عالم الأرض الوضيعه .. كل البصائر شاهدت شجرة المانجو .. أرباب البصيرة فقط عرفوا أنها شجرة الأحزان لا ترتوى ألا بدموع القلوب الممزقه ..و فرحوا حين انتزعوها من جذورها بعد أن جاء الأذن بنهاية عمرها
كل البصائر شاهدت أرواح زهره فى الطفله المتجدده التى تحيا عند أسوار الجنه .. فخافوا من القريبة من السماء .. بينما ذوى البصيرة فقط هم من فهموا مكانتها .. و عاملوها كما يجب أن تعامل
أصحاب البصائر شاهدو اليمامه البيضاء و تعجبوا منها .. و اصحاب البصيرة فقط هم من تعرفوا على حقيقتها .. بل و تواصل يوسف الجد معها
تقرأين الأرواح هذا ما كنت عليه سيدتى .. و الآن .. أراك تكتبينهم و لا تكتفى بمجرد القراءه
نص اسطورى يستحق ألا ينقسم الى فصول .. بل يقسم ألى أسفار و مزامير
قراءة أسطورتك لم ترهق بصرى .. لكن بصيرتى لهثت مع سطورك .. و كأن روحى تبحث فى أسطورتك عن نور علها تعود لى منه بقبس أتمناه
اشكرك أذا كان الشكر يكفى
Wednesday at 7:23am

Haitham Aatef يقول...

خاطر واحد فضل يلح عليا و انا بانهب الكلمات و اقفز بين السطور حتى انتهيت من الرواية ... فرد عضلات .
ايوان .. الرواية دى فرد عضلات .
اطلاق العنان لكل شىء . خيال اجن و اروع ما يكون و احساس اعمق ما يكون . دمج الخيال بالحلم بالواقع و حياة جديدة تولد مع كل موت و تستمر بلا نهاية .... بجد اكتر من رائعة .
قد تكونى فى هذه الرواية (الملحمية) تحررتى من أى اسقاطات سياسية او تاريخية فانطلق طوفان المشاعر بلا حدود .
ممكن نقول دور العقل فقط فى هذه الرواية هو عمل هذه الصياغة و الاسلوب المبهر ليا دائما أما ما عدا ذلك أنا شايف ان عصب مكشوف اسمه أميرة بهى الدين مسك قلم و كتب الرواية دى و نفس الحالة دى وصلتلى .
قريت انا كمان و انا راكن عقلى و كنت بافكر باعصابى و مشاعرى فاكتأبت و فرحت و بكيت و سرحت و افتكرت حاجات و رجعت للواقع و و و .... و أخيرا استمتعت .
.
اولا شكل الرواية و البداية بالنهاية (او ما قبل النهاية بقليل) و العودة فلاش باك ... دائما ما يفتقد هذا النوع من الروايات و الدراما كتير من التشويق و هذه قاعدة عامة لتيمة الفلاش باك عموما . الا هنا . الاستثناء الوحيد (اللى عدى عليا شخصيا) هنا فى هذه الرواية . تيمة الفلاش باك كانت مصدر للتشويق ... غريب جدا ... شكلى صح هو فرد عضلات حقيقى . يمكن لأن الفكرة كانت غير متوقعة و الخيال كان فى قمته فكسر كل القواعد ؟؟!! يمكن .
نيجى لطريقة سرد الرواية باكثر من راوى و اكثر من وجهة نظر و لنفس الحدث فى بعض الاحيان و اعتقد ده مرهق جدا جدا على الكاتب . و لازم يكون متمكن تماما من شخصياته و ترتيب احداثه . و انا باحب الاسلوب ده جدا و ده حصل بشكل و ان كان اقل فى رواية السطر الناقص ... رائع بجد و احترافية حقيقية لا يمكن تكون مجرد هواية .
المشاهد المأساوية لتتابع موت البنات على لسان (زهرة 1) حاسس انى عشتها صوت و صورة .
وصفك لانفعالات الام مع وفاة جميلة : لطمت و شقت ملابسها ... مع وفاة بهية لم تصرخ كما صرخت فى وفاة جميلة و فالحزن اصبح اكبر من التعبير عنه بالصراخ ... مع وفاة نور تأتى قمة الابداع تشبيهك ليه بعواء الكلبة الصفراء التى فقدت صغارها و استطرادك فى قصة هذه الكلبة . مش ممكن بجد . مش عارف كنت ابكى عليها و لا على الام اللى فقدت بناتها ... بجد مش عارف ايه اللى عملتيه ده ؟؟!!
تكشف الفكرة فى رواية (زهرة2) و قد انتقلت ذكريات امها اليها من مشهد الحديقة(و ان كان خطأ عندما قلتى على لسانها لجدها ان امها مع اخوتها فى الحديقة . فزهرة لم تدخل الحديقة على الاطلاق حتى نهاية الرواية . معلش اصلى رخم ههههههه). الى كوب الماء المزهر الى شجرة المانجو ... الخ . حقيقى مش ممكن .. و مشهد وفاة الجدة و عودتها فى صورة اليمامة البيضاء و ملازمتها للزوج حتى مات و لحقت به اخيرا مع جميلة و بهية و نور فى اخر الرواية هزنى جدا .
نيجى لمأساة زهرة3 .. ماساة حقيقية كأبتنى قوى .
انا عارف طبعا ان اغبى حاجة لما قارئ يسأل كاتب هو ليه عمل كدة فى شخصية من شخصياته . معلش انا هاعمل اغبى حاجة دى .. طب ليه حتى ما خلتيش الجد يشوفها قبل ما يموت ؟؟
ايوة انتى خففتيها كتير بالنهاية انها فى حضن يوسف تحت بطانية الجد الاكبر الا انها لم تزيل المرارة .
خلى بالك مش معنى كدة انى بانتقد ده بالعكس .. لو قلتيلى طب هاغير النهاية و اعمل اللى انت كان نفسك فيه انا اول واحد هايقوللك لأ ... انا سعيد بيها كدة حتى باحساس المرارة ده ... مش عارف فاهمانى او عارف اعبر و لا لأ ؟ انا منفعل بالحالة على بعضها كدة .
كالعادة . بجد انا سعيد جدا بدخولى العالم بتاعك و فخور جدا انى باقرالك و مع نهاية كل رواية باحس بغيظ شديد ان الواحد عايش فى بلد لا يقدر ابناءه .. ما ينفعش ابدا يكون الابداع ده مش فى كل بيت فى مصر .
شكرا مرة تانية و عاشرة و الف .