مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الخميس، 24 ديسمبر 2009

مازالت تبحث عن ظله في الشارع !!!!!!!!!!!!!!




ثرثرات جانبية ....
دقت الساعه دقات متلاحقه .. نظر المدير في ساعته ... ستدخل حالا .. هكذا همس لنفسه ..


البطلة ..
دفعت باب القهوه برفق ... اصدر صريره المعتاد .. ابتسمت ... لايفتح ابدا الا وهو يصرخ ، كانه يقول انتبهوا احدهم يدخل!!!
سارت في طريقها المعتاد ، تعرفه جيدا ، خطوه اثنين ثلاثه خمسه شمال ، ستجد المنضده التي لاتغيرها ابدا ، ستجد فازه الورد في منتصفها بالضبط ، ورده حمراء يانعه ، طفايه سجائر معدنيه تسطع من كثره التنظيف ، ستجد مقعدها فارغا ينتظرها ، دقت ساعه الحائط دقتين اثنين ثلاث ، في ميعادها بالضبط!!!!

ثرثرات جانبية ...
ضحكت النادله للشاب خلف الكونتر ، ابتسم لها اقتربت منه ، همس لها " واخد بالك " ضحكت بصوت اعلي همست " حتندهني ، حاروح ....." ابتسم الشاب واكمل كلامها " شاي اخضر ، بسكوت قرفه ، ميه مش ساقعه " هزت النادله راسها توافقه ووقفت مكانها كانها تنتظر اسمها يدوي فتبدأ الحفله !!!!

البطلة ..
" ياانسه " نادت النادله ، اخرجت علبه سجائرها ، الولاعه اللامعه ، فتحت شنطتها ، اخرجت اوراقها ، اخرجت اقلامها الملونه ، رتبت الاشياء امامها ، علي المنضده مكان فارغ ، ستضع فيه كوب الشاي وزجاجه المياه الصغيره ، وقفت النادله امامها مبتسمه ، شرحت لها "شاي " قاطعتها " اخضر وبسكوت قرفه "ضحكت البطله وهمست " ميه مش ساقعه من فضلك " تركتها النادله تكرر كلماتها " من فضلي من فضلي من فضلي من فضلي " تتابعها البطله ، اشعلت سيجاره ، تنهدت ، حدقت في تليفونها المحمول ، لم يتصل بعد ، دقت ساعه الحائط دقه صغيره ، نظرت في ساعتها ، يجب ان يتصل الان ، لكنه كالعاده لاينفذ وعوده ولايحترم مواعيده !!!!

ثرثرات جانبية ...
ووقفت النادله امام الشاب هزت راسها ففهم حديثها الذي لم تقله ، دفع الصينيه عليها الشاي والبسكويت ، لكنها اعادته لها ساخره منه " لسه الميعاد ماجاش " ضحك ، اقترب منه مديره ، قطب جبينه ، نهرهما ، عادت النادله للمقهي تبحث طلبات بقية الزبائن ، بقي الشاب يحدق في الساعه ، وقت ترن رنتها اللاحقه ، ستاتي النادله تحمل الصينيه للبطله التي لا تشرب الشاي الا في ميعاده بالضبط !!!

البطلة ....
فتحت الاوراق ودست راسها فيه ، تقرا الكلمات بصوت ممضوغ لكنه عالي ، لاتقرا بعينيها ابدا ، تنطق الحروف بشفتيها وتسمع رنينها ، هذا يمتعها اكثر ، اشعلت سيجاره ، مازالت تمضغ في الكلمات ، صدي صوت القراءه يدوي في اذنها يعجبها ، ابتسمت ، حدقت في التليفون ، لم يتصل بعد ، كادت تلقي الاوراق غضبا ، ماباله لايكترث بها ، لايحترم مواعيده ، المره القادمه لن تاتي في ميعادها ، ستسير في الشارع تتفرج علي المحلات ، ستتاخر عليه ربع ساعه ، بل نصف .....

دقت ساعه الحائط رنه صغيره ، رفعت راسها وحدقت في اللاشيء ، سياتي الشاي حالا ، بسرعه وضعت النادله الصينيه علي المنضده عليها براد الشاي وفنجانه الازرق ، ابتسمت ، تحب الفنجان الازرق ، تكره الفنجان الابيض ، يوم احضرت لها الشاي فيه تشاءمت وكانت احاسيسها في محلها ، ضاع قلمها الاحمر ونسيت المحفظه وكادت تسقط علي الارض وقت تعثرت في بالوعه مفتوحه ، هي لاتحب الفنجان الابيض ، لكن الانسه احضرت لها الفنجان الازرق ، تحبه ، تحس الشاي فيه اطعم ، شكرت النادله ، همهمت بابتسامه صغيره ترد لها الشكر ، تركتها ولم تسالها عن طلباتها الاخري ، تعرف انه لم يحن وقت القهوه بعد !!!

ثرثرات جانبية ....
دخلت النادله خلف الكاونتر ، خلعت حذاءها والحلق الكبير الذي يزين اذنها ، وقت عملها انتهي ، زميلتها ستخرج حالا من غرفه تبديل الملابس ، تحرك اصابعها المتعبه تيبسا في الحذاء الضيق ، ساقيها يؤلماها ، عروقهما متضخمه من كثره الوقوف ، تفكر في تغيير الوظيفه ، امنيتها القديمه التي لاتحققها ، دقت الساعه دقه صغيره ، ابتسمت ، ستمسك البطله التليفون ، تضعه علي اذنها ، لن تتكلم ، وفجأ ستلقي التليفون علي المنضده وتحك كحات متتاليه ، خرجت زميلتها من غرفه تبديل الملابس ، ودعتها " خلي بالك من الزبونه " ضحكت وهي تلعب حواجبها " عيني " !!!


البطلة ....
كانت تكح كحات متتاليه ، اقتربت منها النادله ، ابتسمت لها وناولتها كوب الماء ، شربت قطرتين وتركت الكوب ، ابتسمت لها النادله تشجعها " الغايب حجته معاه " وافقتها البطله " اكيد " اشعلت سيجاره وعادت لاوراقها ، مازالت تقرا في اوراقها ...
يرتفع صوتها اعلي قليلا ... تفكر في العبارات امامها .........


الاوراق البيضاء ..
" شرحت لك الف مره اني رحلت ولن اعود كفي عن انتظاري "
" اوضحت لكي موقفي ، كنت احبك ولم اعد ، الا يكفي هذا للرحيل "
" اشفق عليك من الانتظار ، كفي عن انتظاري "


ثرثرات جانبية ....
اقتربت النادله من زميلتها خلف الكاونتر " دلوقتي ترمي الورق وتبتدي تكتب " ضحكت زميلتها " والله شكلها النهارده حتخيب ظنك " ضحكت النادله بصوت عالي فنهرها المدير علي قله ادبها ، همست لزميلتها " هي مين دي ، تراهني " ونظرا سويا صوب البطله ، كانت تخرج اوراق ورديه من حقيبتها ، تنظم الاقلام الملونه امامها ، ضحكت النادله بصوت اعلي لاتكترث بالمدير وهمست لزميلتها " خسرت الرهان ايديك بقي " خبطت زميلتها علي كفها وضحكا ...


الاوراق الوردية ..
" اكره اوراقك البيضا ، اكرها وانت تعرف هذا ، لاتكتب لي عليها مره اخري "
" انت تكذب وانا لااصدقك ، انت لم ترحل ومازلت تحبني ، هكذا الامر ببساطه "
" لاتكذب ثانيه ، الكذب عيب جدا "
" انت تحبني وتعلم اني احبك .... اخبرتك الف مره ان ابي وافق علي زواجنا ... ماذا افعل لك كي تصدق ؟؟ "
" عد لنتزوج !!! "

البطلة ...
امسكت الاوراق الورديه وقرأت العبارات فيها وابتسمت ، تتمناه يفهم رسالتها التي سترسلها له !!!
امسكت الاوراق البيضاء علي وجهها تعبيرات قرف ، قرات كلماتها بصوت ممضوغ ، ثم كادت تلقيها علي الارض ، دقت ساعه الحائط دقات متتابعه ، ابتسمت ، حان وقت البسكويت ، امسكت واحده برشاقه ، اكلت قطعه صغيره ثم عادت لاوراقها الورديه !!!


الاوراق الوردية ....
" انت تعرف المقهي ، وتعرف المنضده التي نجلس عليها ، نعم لن اقول كنا لاننا مازلنا نجلس عليها "
" تعرف اين ستجدني ، اطلبني في التليفون قبل الميعاد بساعه ، ساعد نفسي علي عجل واذهب للقاءك"
" لن اغفر لك هذه المره اكاذيبك ، ولن اصفها بالصغيره ، فهي اكاذيب كبيره ، وقتما تقول لي انك لم تعد تحبني وانا وانت نعلم انك تكذب ، لايكون هذا الكذب صغير ، بل يكون كبيرا لايغتفر .......... لكني........... "


ثرثرات جانبية ....
حدق فيها الرجل العجوز الذي يجلس وحيدا علي منضده بعيده
حدق فيها يتابعها ، تمسك هذه الاوراق لحظه ثم تتركها ، تتامل القلم الملون ، تكتب به كلمتين وسرعان ماتتركه !!!
يتمني يعرف ما بها ..
وضعت النادله القهوه امامه ، سالها " تعرفي الانسه " ردت النادله بجفاء " زبونه " سالها " تعرفي اسمها " كشرت عن انيابها ورفعت صوتها " بقول لحضرتك ايه احنا في مكان محترم " انتفض الرجل يقاطعها ، لكنها لاتصمت " ادي اللي ناقص علي اخر الزمن " اقترب المدير منها تتشاجر مع الرجل ، همست في اذنه بكلمات لم يسمعها الرجل ، ابتسم المدير ببرود وطالبه " حاسب حضرتك وامشي " صرخ الرجل " الموضوع فيه سوء تفاهم " وانشغلوا ثلاثهم في حديث عصبي صاخب طويل ...


البطلة ...
اشعلت سيجاره واكلت قطعه صغيره من البسكويت ، شربت الشاي البارد بسرعه القت بالفنجان علي المنضده كاد يتحطم !!كان صراخهم ياتيها من بعيدا مزعجا يوترها ، تلفت حولها تبحث عن احد تنهره ليصمتوا ، لم تجد احد ... مازالوا يصرخون لايصمتوا توترت ، احمرت وجنتاها ، الصوت يدوي في اذنها ...

كانهم يتشاجروا فوق راسها ، هذه الاصوات تذكرها بالمشاجره المحتدمه التي قامت بينهما ، يومها اخبرها برحيله ، بكت ، لم يتراجع عن قراره ، شرحت له ان ابيها وافق علي زواجهما ، اعتذر له عن قبول تراجعه ، كرامته فوق كل شيء ، بكت اكثر واكدت له انها تحبه ، حطم قلبها واخبرها انه لم يعد يحبها ، صرخت فيه انه كاذب صرخ فيها صرخت فيه تداخلت الاصوات محتده عاليه مثل تلك التي تدوي في اذنيها ...

اطفئت السيجاره بعصبيه ، صرخت " لوسمحتم " ، " لو سمحتم " اقتربت منها نادله جديده بالمحل "اؤمريني " صرخت فيها بعصبيه " ايه الدوشه دي عيب كده " لم تفهم النادله " ايه الدوشه دي عيب" امتعضت النادله وسالتها " خير حضرتك " ، " امشي يعني ولا ايه " اقتربت منها النادله اكتر ، كادت تضع كفها علي كتفها ، لكنها انتفضت من مكانها تصرخ " امشي ولا حتسكتوا" كان صوت المشاجره مازال عاليا !!!

بقيت النادله الجديده مرتبكه امامها حتي صرخت فيها " غوري " قفزت الدموع لمقلتي النادله الجديده وكادت ترد عليها لكنها لم تجد كلمات مناسبه ، اختنقت من الدموع المكبوته في عيناها ، تركتها مسرعه تلاحقها بصراخاتها " امشي يعني ولا ايه امشي يعني؟؟"......

مشاجره عبثية ....
انتبه المدير لصوتها العالي ، ترك النادله مع الرجل يتشاجرا وعاد مسرعا لمنضدتها ، كانت مرتبكه عصبيه ، تلمع جبتها بحبات العرق ، تردد " ايه القرف ده ، ايه القرف ده " اقترب منها مبتسما ، لكن التشاؤم يملاء نفسه ، اليوم من اوله كئيب ومليء بالغم " خير ياهانم " تردد كاسطوانه مشروخه "ايه الدوشه دي ، عيب كده ، امشي يعني ولا ايه " ...

كاد يلمسها لكنه يعرف الكارثه التي ستحدث لو اقترب منها اكثر من هذا ، سيعتذر لها " متأسفين ، متأسفين لحضرتك " تنظر في وجهه ، تبحث عن شيء لا نعرفه ، يبتسم لها المدير تهدأ لكنها تهمس وهي جالسه مكانها " ايه القرف ده " يناولها المدير كوب الماء ، تتابعه اعين بقيه النزلاء ، علي وجوههم استغراب ودهشه ، تشرب رشفه ماء صغيره وتتجاهل المدير وتعود لاوراقها ، يظل امامها برهه ثم يتركها ويعود للكاونتر ...

النادله الجديده تبكي بحرقه " والله ماعملت لها حاجه " يبتسم متعبا " روحي شوفي شغلك ، ومالكيش دعوه بيها " يعلم طباعها العصبيه وغضبها المتفجر ، لايجيد غيره التعامل معها ، كانها بركان يرغي بحممه علي وشك الانفجار ......


الاوراق البيضاء ...
" مالذي سيقنعك بان علاقتنا انتهت ؟؟"


البطلة ....
تقذف الاوراق بعصبيه ، تمزق الورقه قطعتين اربعه عشره مليون ، تمزقها بغل موحش ، تلقيها في الطفايه ، تشعل سيجاره وتنفس دخانها في الاوراق ، كانها ستحرقها ، تلملم الاوراق ، ترصها بجوار بعضها ، يعود للورقه الممزقه كيانها معبثرا " مالذي ... " ، " انتهت " تبحث في بقيه الاوراق الصغيره عن كلمه " علاقتنا " لاتجدها ، تضحك ، كاذب هو ، اوراقه تكذبه ، يكتب عبارات لايقصدها!!! اين كلمه " علاقتنا " تضحك " علاقتنا مستمره " تضحك وحدها بصوت عالي ، كاذب كاذب ... يحدق فيها شاب علي منضده مجاوره ، تساله وهي تضحك " فيه حاجه " لا يرد ، تعرض عليه علبه سجائرها " تتفضل سيجاره " يرتبك وينظر في جهه بعيده !!!


الاوراق الوردية ....
" انا زهقت زهقت ...... الناس بيقولوا علي مجنونه ... انا طبعا مش مجنونه .... تعالي مره في ميعادك !!!! القلم البنفسجي يجري فوق الاوراق يعاتب الغائب " يااخي احترم الوقت ، ده حتي عيب ، المره الجايه حازعل منك !!!"


ثرثرات جانبية ....
يشرح الرجل للمدير بصوت هامس " الانسه فهمتني غلط "
يشرح باستفاضه اكثر " هي صعبانه علي ليس الا "
يتنهد المدير زهقا .... يعتذر الرجل " حقك علي ياانسه "
يغير وضع المقعد ويعطيها ظهره ويحدق في الفراغ ......


البطلة ....
تدق الساعه دقات متتاليه ، حان وقت القهوه
تحدق في الباب ،تدخل فتاه صغيره تتأبط ذراع شاب يانع..
تبتسم لهما ، كل بضعه دقائق ويدخل حبيبها من ذلك الباب ، ستتأبط ذراعه هي الاخري..
بل ستقبله ولن تكترث بنظرات الاخرين ، هو حبيبها وخطيبها وستتزوجه خلال ايام ، تنتظره ليتناقشوا في التفاصيل النهائيه لزواجهما ، لكنه تاخر عليها ، وقت يجيء ستتشاجر معه بسرعه ثم يصالحها ويتناقشا في امور الزواج ...
تبتسم ، الساعه مازالت تدق ، نادت النادله "ياانسه " هرع اليها المدير ، ابتسمت له ببرود " القهوة بتاعتي لو سمحت " هز راسه وابتعد عنها متشاءم لم يحب اليوم ولايعرف كيف سينتهي !!!


ثرثرات جانبية ....
يقبض الشاب علي اصابع الفتاه ، تحمر وجنتاها ، يرتبك اعجابا ، طازجه كثمره الخوج فوق الشجره ، يهمس لها " احبك " تحس عيني البطله تراقبهما ، تشير لها بطرف عيناها ، ينظر للبطله ، مبتسمه سعيده تتابع حوارهما يرتبك الشاب اكثر ، يكاد يسالها عن سبب نظراتها الطويله ، لكنه يخجل منها ، يصمت ويترك اصابع الفتاه التي تحس غيظا من البطله !!!


البطلة ....
دقت الساعه دقات متتاليه ، مرت ساعتين ولم يحضر ، امسكت تليفونها المحمول غاضبه ، داست علي كل ازراره تبحث عن مكالمه لم ترد عليها ، تبحث عن رساله اعتذار ، تفكر تطلبه ، ستتشاجر معه هذه المره ، لن تغفر له غيابه ، لن تغفر له كذبه ، وضعت النادله القهوه ، لم تشكرها ولم تنظر للفنجان ، قبضت عليه من ذراعه واحتست القهوه ساخنه لسعت شفتيها وطرف لسانها ، مازالت تحدق في التليفون المحمول ، تتمناه يخرج منه يواسيها ، يعتذر لها عن غيابه عن كذبه ، لكنه مصر علي الغياب والتاخير والكذب !!!!!!!!


الاوراق الوردية ...
" مالك لاتكترث بمشاعري لهذا الحد ، اناني انت بشكل رهيب ، كيف هنت عليك ، احببتك ولم تقدر وتكذب ولاتتراجع ، مالك لاتكترث باحاسيسي لهذه الدرجه ، هذه اخر رساله اكتبها اليك ، المره القادمه لن اكتب لن ولن ارد علي تليفونات اعتذارك ، المره القادمه لن اكترث انا ايضا بمشاعرك "


الاوراق البيضاء ....
" القاهره 20 مارس 1980 "
" اكتب لكي وانا في المطار ، هذه كلماتي الاخيره ، لن اكتب لك ثانيه ، سارحل اليوم ولن اعود ، علاقتنا انتهت وانت لاتصدقي ، كرامتي فوق حبي ، ابيك اهانني ، سابحث عن مستقبلي بعيدا عنك ، علاقتنا انتهت منذ طردني ابيك من بيتكم ، ماذا افعل لكي كي تصدقي ... الوداع"


البطلة ....
تتجمع الدموع في عينيها ، تحس وخزه في القلب ، تشرب بقيه فنجان القهوه مره واحده ، ساخن يلسعها ، يوجعها مثل الايام التي مرت ولم ياتي فيها ، تكره الاوراق البيضاء ، ستمزقها كلها ، الا هذا الجواب الكاذب ، الذي يدعي فيه انه راحل ويكذب ويودعها ، هو يعرف انه لم يرحل وانه مازال يسير في الشوارع التي تسير فيها ، هو يعرف وهي تعرف ، تسير في الشارع تراه ، تجري عليه ، ينكر نفسه منها ، يدعي انه لايعرفها ، تراه ، تعرف شكله ظله في الشارع ، مئات المرات قابلته وانكر نفسه منها ، تتشاجر معه ، مره مزقت له قميصه وصرخ فيها " مجنونه مجنونه " وسامحته لانها تحبه ، مره كادت تلقي بنفسها تحت سيارته ، تتذكر ذلك اليوم نزل من السياره مجنون عصبي يصرخ فيها " حرام عليك حرام عليك " كادت تقول له " حرام عليك انت " تكاد تشرح له انها تفهم لعبته المخادعه ، انه ينكر نفسه لكنه لاتصدقه ، هو يرغب في اذهاب عقلها ، لكنها عقلها لن يذهب ، هي عاقله جدا اعقل من كل الناس ، جميعهم متواطئين ضدها ، لكنها لاتكترث بهم جميعا .... هو لم يرحل ، هي تعلم كذبه ، سيفاجئها وياتي في ميعاده ، يحمل باقه الزهور التي تحبها ، لن تقبلها منه ، ستلقيها في وجهه ، ستنتظر تفسيرا مقبولا ، لماذا اوجعها ، لماذا غاب عن ميعادها !!! ستخبره وقت يحضر ان ابيها مات وانها حره وانها تحبه وانهما سيتزوجا !!!! الكاذب لن تتزوجه ، الكاذب الذي يسير في الشارع امام منزلها ، يدعي انه لايعرفها وانه ليس حبيبها ، الكاذب ، لن تسامحه ابدا !!!


الاوراق الوردية ....
" لااقوي علي انتظارك في المقهي اكثر من هذا ، سارحل ، لكني ساعود غدا ، وغدا يوم جديد ، سانتظرك فيه ، لاتتاخر عن ميعادنا ارجوك" !!!


البطلة ...
لملمت الاوراق البيضاء ، طوتها بعنايه في حقيبه اوراقها ، نادت علي النادله طالبتها بالفاتوره .. طوت الاوراق الورديه بعنايه ، ادخلتها المظروف الوردي ، بللت طرفها بلسانها واغلقتها بعنايه ، دفعت الحساب وقامت ...
بجوار الباب صندوق ، القت فيه خطابها ، نادت المدير اوصته " لو جه قوله اني استنيته لكن هو اتأخر وانا لازم اروح"
هز المدير راسه لاينطق ، ودعته ، وحملت حقائبها وخرجت من القهوه !!!


ثرثرات جانبية ....
صرخت النادله الجديده " الحاجه رمت الجواب في صندوق الشكاوي "
نهرها المدير " روحي شوفي شغلك وبلاش مياصه " نظرت للنادله خلف الكونتر فغمزت لها بعينها لتمشي !!!

الاوراق الوردية ...
فتح المدير صندوق الشكاوي ، اخرج مظروفها الوردي ، دسه في جيبه وارتسم الحزن علي وجهه

البطلة ...
خرج خلفها الرجل العجوز الذي كان يجلس بعيدا في اخر القهوه ، وجدها تقف علي الحائط بجوار الباب في الشارع ، سيده عجوز يلمع الشعر الفضي فوق وجهها الهرم ، تحمل حقيبتيها متعبه ، اقترب منها ، نظرت له نظره جامده ، هي لاتعرفه سالها " اساعدك في حاجه " هزت راسها نفيا " اصله اتاخر علي الميعاد ، زهقت ومشيت ، قلت استناه دقيقتين بره قبل ماامشي ، اصله بيجي من بعيد " ابتسم الرجل "اشيل الشنط لحضرتك " هزت راسها نفيا " ما تتعبش نفسك حضرتك ، هو زمانه جاي يشيل الشنط ونروح سوا " تركها الرجل حزينا وبقيت تنتظر !!!!

ثرثرات جانبية ...
فتح المدير الظرف باصابع مرتجفه ، اخرج الورقه المطويه بعنايه ، قفز بين كلماتها بعينيه بسرعه ، طواها بسرعه وادخلها المظروف ثانيه ، فتح درج الشانون الكبير ، اخرج صندوق كبير ، كله مظاريف ورديه ، خطاباتها للغائب الذي لايأتي ... ارتسم حزنا اكبر علي وجهه !!!

البطلة ....
مازالت تقف بجوار الباب تنتظره !!!

ثرثرات جانبية ....
شرحت النادله خلف الكونتر للنادله الجديده " مدام ليلي زبونه المحل ، ليها نظام كلنا عارفينه ، لما حتعرفيه حتستريحي وتتعودي عليها "
اوضحت لها النادله ان السيده العجوز القت بخطابها في صندوق الشكاوي ، ضحكت النادله " فاكراه صندوق بوسطه ، حاولنا نفهمها قبل كده الف مره مش راضيه تفهم ، خدناها علي قد عقلها "!!! همست النادله الجديده بوجل وارتباك " هي المدام مجنونه ؟؟ " اجابها المدير خلفها " لا هي تعبانه شويه ، عادي كل الناس تعبانين " ثم صرخ فيها " سايبه شغلك وواقفه تتساهري ، شكلك كده مش حتنفعي معانا" !!!

البطلة ....
مازالت تقف امام باب القهوه تنتظر الغائب ، تقص علي الصول الواقف بجوارها قصتها " كنا بنحب بعض موت ، جه يخطبني بابا رفض عاديي ، عيطت وصوتت ، بابا رجع في كلامه ، قلت له بابا خلاص واقف ، قالي كرامتي ومش عارفه ايه ، فجأ قالي انه مسافر وانه مابيبحنيش ، كذاب طبعا ماصدقتوش ، اداني ميعاد واتاخر ،واديني مستنياه " يسمع الصول العجوز كلامها ويهز راسه " الغايب حجته معاه " توافقه " انا بقول كده برضه " ثم تكلم نفسها " بس مش كل مره حاسامحه ، ده عيب يسيبني ملطوعه كده " يوافقها الصول ويصفر للسيارات كي تمشي !!!

ثرثرات جانبية ....
سالت النادله خلف الكونتر المدير " انت بتخلي الجوابات ليه ، مابترميهاش ليه " اجابها بسرعه ودون تفكير " مش جايز يجيي ، ساعتها يلاقي كل الجوابات اللي الست بقالها سنين بتكتبها " ضحكت ساخره النادله " مين ياعم اللي يجيي ، انت حتصدقها !!"

البطلة ....
مازالت مكانها تنتظر الغائب ، تحدق في الساعه غاضبه ، تحدق في تليفونها المحمول غاضبه ، تخرج الاوراق البيضاء من حقيبتها وتنتظر لها بكراهيه وغضب !!! وتسير بخطوات بطيئه تبحث عن ظله في الشارع !!!!!

البطلة ...
التليفون رن ، فاقت من اغفائتها القصيره ، كان هو ، ضحكت " كنت بحلم حلم وحش " ضحك " خير " ، " انك جيت تخطبني وبابا رفض " صمت طويلا ثم شرح لها " انا جيت وباباكي رفضني ، وانت عارفه ان ده حصل " ضحكت ساخره " انت عايز تجنني بقي زي الحلم ، كلامك كله محصلش " صمت ، تسمع صوت انفاسه المتلاحقه تخرق اذنها تؤكد عليه " الكلام ده كله محصلش " تضحك ساخرا "حصل فعلا ، وايه بقي حضرتك بتكلمني علشان تقولي انك مسافر " صمت " ايه فعلا انت مسافر " لم يرد علي سؤالها وودعها " اشوف وشك بخير " واغلق الخط ، صرخت " انا كنت بحلم وصحيت من الحلم " لايرد عليها ..... تنتفض من مكانها تكاد تنفجر من الغضب ، تخرج اوراقها الورديه وتكتب له خطابها الاول !!!

الاوراق الوردية ...

" انا كنت بحلم وخلاص صحيت ، انت كذاب وانا لن اغفر لك كذبك !!!
تطوي الورقه الورديه بعنايه داخل المظروف الوردي وتلقيه باهمال فوق مكتبها .....

البطلة ..
تنام دامعه كسيره القلب ، في الحلم تبحث عن ظله في الشارع !!...
وعندما تستيقظ تبحث عن ظله في الشارع !! في الحلم والحقيقه هو كاذب وهي غاضبه منه !!!!
في الحلم والحقيقه مازالت تبحث عن ظله في الشارع !!!!!!!!!!


هناك تعليقان (2):

مها جمال يقول...

اسلوبك يا اميرة يجعلنى مشدودة من اول كلمة لاخر كلمة فى القصة
مسكينة تلك التى تنتظر كل هذا الوقت
امتلكها الانتظار حتى فى حلمها
اوهمت نفسها بانه سيأتى وظلت تنتظر من لايأتى....

عماد خلاف يقول...

يبدو أن هناك نية لكتابة سيناريو وماهى الا محاولة أولى للتدريب على ذلك .وحتى يحين هذا ...كان النص يعتمد على على الفلاش باك والعودة بالذاكرة والتارجح بين اللحظة الحالية والعودة بها الى الوراء لتكتمل الصورة.... وكان يتم فى شكل سلسل ورائع... وتم تقسيم الحدث الي مجموعة مترابطة من المقاطع تم عملها بشكل مميز ورائع حيث ظل النص مترابط حتى أخر جملة وكانت الذاكرة هى المحرك الرئيسى للحدث حيث تم التحرك والتنقل بالحدث بين المقهى وبين صاحبه وبين الحبيب الغائب وبين النادلة وغيرهم ممن جاءوا فى النص فقد أضافوا الكثير الى النص حيث يسقط الكثير فى هذه النوعية من الكتابة القصصية فى رتابة النص وعدم الخروج من الدائرة المغلقة التى تم بناءها وغلقها ويكون الملل هوا لسمه الرئيسية للنس .....لكن لم يحدث نهائيا فى مازالت تبحث عن ظله فى الشارع ...وظل النص مشدودا الى أخر جمله وظل السؤال الحائر هل سيأتى أم لا وجاءت الأجابة فى النهاية أنه الحب الذي يجعلنا حيارى ...تحياتى لحضرتك ومزيد من الأبداع