مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 11 سبتمبر 2009

سيدة محترمه ، دخل اليها من نافذه الحلم !






هي سيده محترمه وفقا لكل المقاييس الاجتماعيه والانسانية

عاشت رحله حياتها مثل ملايين السيدات بلا تميز خاص .. كانت طفله بتسمع الكلام ، مطيعه ، صوتها واطي ، مريحه ، عاقله ، عمر حد مااشتكي منها ، لااتشاقت ول
ا عملت مقالب ولا شتمت حد ......
دخلت المدرسه وتخرجت منها بتفوق ... دخلت الجامعه ونجحت في اجتياز سنواتها بسهوله .. اعجب بها كثيرين لكنها اعتبرت اعجابهم " قله ادب " ورفضت حتي مجرد النظر اليهم او سماع كلمات غزلهم ..
الا "رشيد" رشيد اعجبت باعجابها به وسمعت كلمات غزله الرقيق واحبتها وكادت تحلم له لكنه اختفي
من حياتها فجآ وعرفت انه سافر للدراسه ، فنسيته تماما !!!
في منتصف العشرينيات تعرفت علي رجل طيب مستقبله امامه من عائله مثل عائلتها عرض عليها الزواج فتزوجته .. وتفرغت لبيتها وزوجها .. وحين انجبت ولديها منحتهم كل مشاعر امومتها وكل اهتمامها .. تقضي معظم وقتها في بيتها .. تخيط الملابس وتطبخ وتنظف وحين تنتهي من اعمالها المنزليه تغير ملابسها وتنتظر زوجها وطفليها بكل حب واهتمام ... هي سيده محترمه زوجه محترمه ام محترمه ......
في الثلاثينيات .. تمنت لو دعاها زوجها للعشاء لكنها لم تثقل عليه بامنيتها فلم يدعوها فسارت حياتها علي حالها وقضت امسياتها تحكي لاطفالها حدوته قبل النوم وحتي تسقط صريعه بجوارهم لاتشعر بنفسها الا وقت الصباح !!! حين سمعت ان " رشيد " عاد من دراسته وصار طبيبا نابغا ، لم تكترث لما سمعته !!!
في الاربيعنيات ... رغبت وحلمت لو تركت ابنيها المراهقين مع امها وسافرت اجازه خاصه مع زوجها كآنها سيعيدا بدايه حياتهما الزوجيه من الاول تتمني التخلص من اعباء الطبيخ والغسيل والتنظيف ورعايه الاطفال لكنها لم تبح برغبتها لزوجها الذي كان عمله يستغرق كل وقته وجهده واعباء الاسره الماليه تنهكه وتشغل تفكيره فاشفقت عليه ولم تطالبه بتحقيق احلامها وسارت في طريقها المرسوم ولم تتذمر !!
ولما اخبرتها امها ان " رشيد " صار طبيبها الخاص يعالجها وانها " مستريحه معاه " فلم تعلق الا ب" ربنا يجعل علي ايديه الشفا " ونسيته !!
وفي الخمسينيات .... تخرج ابنها الاكبر وسافر للعمل ، وانشغل ابنها الثاني بدراسته وعاش في البيت موجود وغير موجود وخف العبء من فوق كاهل زوجها فمنح نفسه متعه مقابله الاصدقاء والجلوس علي المقهي والنوم مبكرا لاراحه بدنه الذي انهكه العمل المضني المتواصل سنوات طويله متعاقبه ...
هكذا مرت سنوات عمرها وهي ابنه مطيعه وزوجه محترمه وام معطاءه ..
في يوم غائم وقفت امام المرآه تتآمل تجاعيد وجهها وحزنت .. كل الشباب ذهب وهي منكفئه علي اسرتها تخدم زوجها ترعي ابناءها .. وقررت الا تنظر في المرآه ثانيه ... واكملت حياتها كالمعتاد ....

وفي يوم ربيعي لطيف ، ارتدت ملابسها و خرجت لاتعلم لاين ستذهب ، تعمدت يومها ان تتآنق ، ارتدت ثوب رمادي منقوش ببعض النقوش الورديه ، وطلت شفاها بلون خفر ورسمت عيناها بالكحل ، استوقفها ابنها الاصغر يحدق في وجهها ثم صفر لها بشفتيه اعجابا وتخابث وسآلها " علي فين " ضحكت وودعته لاتعلم لاين ستذهب ...

سارت في شارع منزلها ، ابتسمت سعيده ، فالاشجار تزينها الورود الحمراء ربيعيه الطله ، حدقت في الاشجار وتعجبت كآنها تراها لاول مره ، سارت في هذا الشارع الاف المرات ولم تلحظ الاشجار ولا ورودها ، لمحت مقهي علي ناصيه الشارع البعيد ، لم تقرر الذهاب اليها لكنها ذهبت ، احتضنت الفنجان بكفيها وجلست تحتسي قهوتها لاتفكر في شيئا ، تداعب خصلات شعرها الساقطه فوق جبهتها ، طلبت فنجان اخر للقهوه ، لسعت القهوه الساخنه لسانها تاففت ، انتبهت لعين تراقبها ، رفعت راسها متآوهه ، عينين عميقتين يراقباها ، رجل اشيب تحسه في عمر ابيها يحدق فيها ، ابتسمت مرتبكه لاتقصد الابتسامه له لكنه بادلها الابتسامه عامدا وامسك فنجان القهوه امامه برقه اربكتها كانه يقول لها شيئا ، عادت لفنجان قهوتها وغرقت فيه تمضغ
حبات البن الخشنه وسرعان ما قامت غاضبه منه ماله لايرفع عينيه عنها .. هكذا سالت نفسها وهي في طريق العوده لمنزلها ..ابتسمت ، طريقته في التحديق بها وترتها ، قررت تنسي اليوم كله وتعود لحياتها !!!
بعدها بعده ايام كانت تقف امام باب منزلها تنتظر زوجها يحضر سيارته من الجراج البعيد ، احست ضيق ، حصار ، نظرت في ساعتها كانه تآخر ، لمحت بطرف عينها الرجل الاشيب يسير علي الرصيف الاخر ، ظنت انه يلوح لها ، اعطته ظهرها كانها لاتقصد ، كانها لاتراه ، سمعت كلاسك سياره زوجها وشاهدته يلوح لها من الزجاج ، اقتربت من السياره ، بلا شكوك الرجل الاشيب لوح لها كانه يودعها ، ضحكت وهي تركب السياره احست ذلك الرجل الاشيب مجنون يطاردها ، خافت لحظه ، كادت تقول لزوجها عنه ، ثم صمتت ، لم يفعل الرجل لها شيئا يستوجب شكواه ....
انشغلت بعوده ابنها في اجازته السنويه ، ثم مرض امها .... في مآتم الام غرقت في مقعدها متعبه لا تقوي علي الحركه ، تبكي بلاصوت ، دموع مكتومه حزينه ، اقتربت الخادمه منها ، تخبرها بشيء لم تسمعه ، مدت يدها بشكل تلقائي للمعزين ، فوجئت بكفها بين كفي الرجل الاشيب ، افاقت ، كيف دخل منزلها ، لماذا يعزيها ، من هو هذا الرجل ، اسئله ظلت بلا اجابات ، لكنها ضاقت به ، كادت تنادي ابنها يسآله عن تتبعها ، ثم صمتت وبكت وجلست واعطته ظهرها فمشي كما دخل بهدوء وبلا ضجيج ..
سافر ابنها وعادت لحياتها ، كان البيت صامتا ، زوجها في المقهي وابنها الاصغر مع اصدقاءه وهي وحيده في الصاله ، تذكرت الرجل الاشيب ، تذكرت نظرته في المقهي ، تذكرت تتبعه لها ، تذكرت تلويحه لها ، تذكرت وجوده في بيت امها ، تعجبت من جراءته ، كآنه يعرفها ، قبض علي كفها يوم المآتم كانه يواسيها ، من هو ليواسيها ، قررت ان تخبر زوجها بالامر وتساله عن ذلك الرجل ، ارتبكت كانها ستفتح موضوعا مغلق يثير المتاعب ، سيسآلها لماذا لم تخبره يوم القهوه ، لماذا لم تخبره يوم السياره ، لماذا لم تناديه وقت العزا ليتفاهم مع الرجل الغريب ، لم تجد للاسئله المتوقعه اجابات ، قررت تغلق الموضوع وتنساه وتنسي الرجل الاشيب ، قررت لكنها لم تنساه بحق !!!
دخل الرجل الاشيب حياتها وهي غاضبه من دخوله ، فهي سيده محترمه متزوجه لايحق لها ان تفكر او حتي تتذكر رجل اخر ولو كان اشيب وفي عمر ابيها ولا تعرفه ولم تقابله الاصدفه !!! لايحق لها ابدا !!!
لكنها وهي سيده محترمه فكرت فيه وتذكرته رغما عن انفها ، دخل حياتها من باب محظور موصد لم تفتحه له لكنه تسلل منه لعقلها ، خلق عندها اسئله لاتجد جوابا ، لماذا نظر اليها ، هل يعرفها ؟ هل اعجبته ؟ وقتها قامت نظرت في المرآه نسيت التجاعيد التي ترسم سنوات العمر علي الوجنتين وابتسمت ، لماذا لا تعجبه ، هي جميله ، لطيفه ، و...... انتبهت فغضب
ت وكادت تسب نفسها تصفها باوصاف منحطه عادة لاتصف بها احد ، لانها وهي السيده المحترمه سعيده فرحه ان ذلك الرجل الاشيب الذي لا تعرفه معجب بها ، لامت نفسها علي التفكير فيه وقررت تعود محترمه كما تعرف نفسها وقررت انها ستنساه بحق ولن تفكر فيه ثانيه ابدا ......
تواعدت مع صديقتها الوحيده علي اللقاء في المقهي ، ربما كانت تمني نفسها برؤيته ، هي وحيده ولا تشكو وحدتها لاحد ، ربما توقعت ان تراه فتكشف لماذا كان ينظر لها ، دخلت بحثت عنه بعينيها لم تجده ، فكرت في سبب غيابه ، ابعدته عن راسها وهي تتوعده بانها ابدا لن تفكر فيه ، جلست مع صديقتها بذهن مشتت ومرت الساعات ونفذت الحواديت ودفعوا الحساب وقاموا ولم ياتي، لامته لغيابه ، ضبطت نفسها تلومه فضحكت ، وصمت نفسها بالجنون لانها تفكر فيه اساسا ، وعادت لمنزلها طوال الطريق تحدق في كل الوجوه علها تراه !!!!!
وقفت امام زوجها وهو يستعد للخروج مع اصدقاءه تناشده تخرج معه ، بالطبع لن تذهب للقهوه ، لماذا لا يذه
با للسينما ، لماذا لا يسيرا مع علي كورنيش النيل ، ضحكت خجله تتصور نفسها شابه تحلم بعقد فل لم يشتريه لها الزوج ابدا حتي ايام الخطوبه ، رفض الزوج بحسم لان اصدقاءه ينتظروه ، بقت في البيت وحيده غاضبه من زوجها الذي لم يكترث برغبتها وغاضبه من ذو الشعر الاشيب الذي دخل حياتها ثم خرج منها بسرعه قبل ان تعرفه "حكايته ايه".....
دخلت فراشها واطفئت الاضاءه وبقيت تحدق في السقف تؤكد لنفسها انها سيده محترمه وانه لايحق لها ابدا ان تفكر في رجل اخر غير زوجها ، حتي لو كانت وحيده حتي لو كانت تعيسه حتي لو كانت لاتعيش مثلما تتمني حتي لو كان زوجها لم يشتري لها ابدا عقل الفل الذي تمنته ، تؤكد لنفسها ان التفكير مجرد التفكير فيه خطيئه لن تغفرها لنفسها ابدا لانها سيده محترمه ، اغمضت عينيها تشحذ النوم يرحمها من تفكيرها ، من نافذه الحلم دخل الرجل الاشيب غرفتها مبتسما ، اقترب منها ، احسته بجوارها علي الفراش ، فرت من خياله وتشاجرت معه ، دفنت راسها تحت الغطا ولعنت ابيه ولعنت جراءته التي سمحت له باقتحام غرفتها لكنه لم يرحل ومنحها زهره بيضاء فوق مخدتها وهدهدها فنامت واستضافته في احلامها السعيده وهي تحذره من ضروره الابتعاد عنها فور استيقاظها لانها سيده محترمه ولا تقبل ابدا مثل هذا العبث !!!
حلمت به بالرجل الاشيب .. وفي الحلم شاهدته يمر عليها في منزلها ، تنتظره بثوب انيق لاتمتلك مثله ، شاهدته يفتح لها باب السياره ، اسمعها اغنيه تحبها ، وقف علي كورنيش النيل واشتري لها كل عقود الفل ، سار بسيارته مسرعا كانه شابا ارعن ، ضحكت في الحلم ونهرته لانها تخاف من السرعه ، سالها تسافر مع اسكندريه في منتصف الليل ، ارتبكت فهي لاتحب السفر ليلا ، لكنه شجعها ، حدقت في نجوم الليل تسطع في الطريق ، احست الطريق امنا ، نظرت بطرف عينها لوجهه مليئ بالثقه والطمآنينه ، وصلت معه اسكندريه فجرا ، وقف امام البحر يمليء رئتيه بنسيمه ، طالبها بخلع حذائها والسير فوق الرمال المبلله بالندي ، لمست الامواج الحانيه اطراف اصابعها فعادت مسرعه لتجده خلفها فتكاد تسقط فيقبض علي كفها ، احساس دافء مثل الذي منحه لها يوم موت امها ، ارتبكت فهي لاتعرفه ، كيف يمنحها هذا الاحساس الذي لايمنحه لها اقرب المقربين بما فيهم زوجها شخصيا ، عاتبته ، اكد لها حسن نواياه ، هي كادت تسقط فامسك بها ، صدقته ، اجلسها علي سور الكورنيش عاليه ، ضحكت كما لم تضحك من قبل ، احست نفسها في الجامعه وفرت من احد المحاضرات خلسه وتمنت لو الوقت يطول ولا ينتهي ، اجر لها شمسيه زرقاء ومقعدين ، كيف عرف انها تحب اللون الازرق ، احد لم يسالها ابدا اي الالوان تحب ، اشتري لها قبعه قش بورده حمراء ، ضحكت واقسمت له انها لن ترتديها فسنها لايسمح لها بمثل تلك القبعات ، ابتسم في خبث وصمت ، و عندما انتصفت الشمس في كبد السماء طلبت منه يصورها علي شط البحر وارتدت القبعه وخلعت الحذاء ووقف حافيه وسرت بروده المياه في عروقها فضحكت وتعالت ضحكاتها كانها سعيده والتقط لها اجمل صوره في شريط ذكرياتها ، عادت معه في الليل سعيده كانها ولدت من جديد ، احبت النجوم التي تشاهدها كل يوم ولا تنتبه لها ، دفنت عقود الفل بين كتاب اشعار اشتراه لها من بائع الجرائد العجوز في محطه الرمل ، احتضنت القبعه وابتسمت فابتسم ، عادت منزلها سعيده ، لاتنتظر استجوابا اين كانت ولا تتوقع عتابا لماذا تآخرت ، دخلت فراشها تكاد تحلق في السماء كان غرفتها بلا سقف ، لم تري في الحلم زوجها ، لم تري ابنيها ، لم تسمع شجار الخادمه ، لم تبكي حزنا علي وفاه امها ، كانت سعيده و............... استيقظت من النوم !!!!
بعد شهور كثيره ، صرخت الخادمه ، قامت شعثه الشعر من حجرتها تجري ، كان زوجها ملقي علي الارض ي
رغي ويزبد ، صرخت وهي تطلب الاسعاف ، وفي السياره قبضت علي كفه تناشده المقاومه ، وفي المستشفي ادخلوه العنايه المركزه ووقفت هي ساعات طويله امام الباب تنتظر ملاك الرحمه الذي سيزف اليها خبر نجاته من تلك الجلطه اللعينه التي اغلقت شراينه وهددته بشلل نصفي ، وقفت وسط الزائرين صامته ، لاتسمع اسئلتهم السخيفه ولا تملك اجابتها ، ابنها الاكبر جاء من السفر فاسلمت له قياده الازمه ، هو المسئول عنها وعن ابيه وعن اخيه الاصغر وعنهم كلهم وكفاها ارهاقا ، وقفت امام باب قسم الرعايه المركزه تدعو الله ينقذه ، فهو زوجها وابو اولادها وحبيبها .... انتبهت .. هل هو حبيبها ... لم تفكر في اجابه السؤال الغريب ، فهذا ليس وقته !!! سحبها ابنها الاصغر من ذراعها لكافيتريا المستشفي ، تتشاجر معه يتركها لكنه لا يفلتها من بين كفه القويه ، تسير كالمخدره ، فجآ تلمح الرجل الاشيب ، تكاد تصرخ تناديه ، تكاد تجري صوبه وتبكي ، لكنها مخدره وزوجها نصف ميت وابنها بجوارها والاصول تفرض عليها الصمت المطلق ...
لكن الرجل الاشيب شاهدها ، صار صوبها ، تحدثه بداخلها كانها تقول لها ابتعد ، كانها تقول له لاتقترب مني فابني بجواري ، تناشده الا يفضحها ويكشف سرهما الصغير ، تناشده صونها وهي السيده المحترمه التي لا تستحق منه الفضحيه في ذلك الوقت العصيب الذي تعيشه ، تنظر له برجاء كانها تقول له انا لااعرفك والحلم الذي قضيته معك اثناء نومي كان مجرد حلم لايسمح لك بالاقتراب مني في دنيا الواقع ...
لكن الرجل الاشيب يسرع الخطا تجاهها ، يقف امامها وامام ابنها ، يمد كفه ، ترتبك ، ربما احمر وجهها ، كانت تحس سخونه تنبعث من راسها وكادت تصرخ فيه ابتعد ، لكن ابنها قبض علي كفه مرحبا " اهلا اهلا اهلا " لم تفهم ...
تعجب ابنها من رد فعلها ، همس في اذنها يذكرها بطبيب امها ، ذلك الرجل الذي عالج جدته سنينا وشهور ، لم تصدق مايقوله الابن لكنها تظاهرت بانها تعرفه ومدت كفها سلمت عليه واكملت سيرها مع ابنها ل
كافيتريا المستشفي نصف مخدره نصف مصدومه لاكاذيب ابنها واكاذيب الرجل الاشيب الذين تواطئا عليها بكذبه مفضوحه غير حقيقيه فهي لاتعرف ذلك الرجل الا في الحلم الذي لم يشاركه فيه ابنها فكيف تعرف عليه ، انهم كاذبان !!! ...
تجاهلت حوار ابنها والرجل الاشيب فلم تسمع تشخيصه لحاله زوجها هو يطمئن ابنها عليه ، كل ماكان يدوي في اذنها وقتها كلماته " ازيك ياهانم " لاتعجبها لهجته ، في رحله الليل لم يقل لها ابدا ياهانم ، كان يناديها باسمها ، بل كان يدللها احيانا باسمها الخاص الذي لا يعرفه الا امها ...
تذكرت زوجها المريض النائم نصف ميت ،غضبت من الرجل الاشيب الذي صمم ان يسرق احاسيسها في لحظه لاتخصه ، فالان كل مشاعرها واحاسيسها لزوجها المريض .. دخلت كافيتريا المستشفي القت بجسدها المتعب علي المقعد الخشبي وطلبت قهوه وفجآ دخل ابنها الاكبر من الباب مذعورا يصرخ ، لم تسمع كلماته لكنها فهمت ان زوجها مات !!!!!
وبقيت ترتدي الاسود طويلا .... ايام العزاء انتهت وسافر ابنها وانشغل الثاني بحياته ...
وبقيت وحيده في صاله المنزل حياتها فراغ في فراغ .. لاتنتظر زوجها وقت عودته متآخرا من المقهي ولا تنتظر احد .. فتبكي وتبكي ......

وفي يوم ربيعي قررت الخروج من المنزل تمردا علي وحدتها وحصارها المستمر بامواج الحزن العاتيه ، خرجت ، قر
رت تجلس علي المقهي القريب ، سارت في الشارع يلفح وجهها نسيم الاشجار ، لاحظت الورود الحمراء فابتسمت رغما عن كل احزانها ، دخلت المقهي وطلبت فنجان قهوه و.......... سحب الرجل الاشيب مقعدا علي منضدتها وجلس مبتسما .... ذكرها بنفسه " انا رشيد " حدقت في وجهه لاتصدقه ، رشيد كان شابا وسيما بشعر اسود ككحل الليل ، كيف صنعت فيه الايام ماصنعته وحولته لكهلا عجوز في عمر ابيها ، فهمها وابتسم " السنين بقي عملت عمايلها معانا " قطبت جبينها لا توافقه ، فالسنين لم تفعل فيها اي شيء هي مازالت شابه صغيره مثلما كانت ، هو الذي هرم لحد افقد ذاكرتها تفاصيله ، رشيد هو ذلك الرجل الاشيب !!!
انتبهت علي نظراته تراقبها كادت تقوم فقبض علي كفها وناشدها الا ترحل وهمس بصوت تمني ان تسمعه ولا تسمعه " كفايا اللي ضاع " سمعت كلمته ولم تفهمها فلم يكن بينهما يوما ما ضاع للحسره عليه ، ولم تسآله عن مقصده لكنها احست سعاده خفيه تتسلل لنفسها ، شربت قهوتها وودعته ، افصح لها عن رغبته لو التقيا ثانيه ، كشفت له عن حزنها ووحدتها ، واساها ، وقامت لاتصدق ان رشيد ذلك الشاب الذي كان يكبرها بعامين فقط هو ذلك الاشيب الذي يجلس امامها ، وقفت امام المرآه لمحت شبابها في المرآه يسطع واحست نفسها اجمل من نفسها التي تعرفها ...
في الليل رن تليفون المنزل قامت مذعوره تصورت ابنها الثاني الم به مكروه فجاءها صوته ، منحته اذنها ،
باح لها باعجاب قديم وظروف قاهره حالت بين ارتباطهما واضطراره للسفر للدراسه واوضح لها سبب بقاءه سنين لايعود " لما قالوالي انت اتجوزت قلت حارجع لمين " لم تصدق كلماته وتصورته يهذي ، لكنها ظلت تسمعه ، افصح لها عن سعادته بلقاءها وامنيته بلقاءها ثانيه ..
مرت شهورا لا تذهب للمقهي ولا تراه وتستبعده من تفكيرها كلما فكرت فيه ، هو لا يكف عن ملاحقتها باعجابه ، يحدثها في اوقات غريبه لا تتوقعها منه ، يقص عليها احداث يومه ، يستفسر منها عن حياتها ، يعرض عليها خدماته يصلح سيارتها يستخرج بدل فاقد لبطاقتها ، يدعوها للعشاء للغدا لتناول القهوه علي النيل لاحتساء الشاي مع الجاتو تحت سفح الهرم ، هي ترفض وترفض وهو لا يكف عن فرض وجوده في حياتها ، لا يغضب من رفضها لكنه لا يكف عن ملاحقتها !!!
ويوما بعد يوم اعتادت محادثاته وانشغلت بتفاصيل حياته وتشاجرت مع نفسها تتمني قبول دعواته وفي يوم عيد ميلادها فاجئها بقدومه لمنزلها يحمل الورود البيضاء وعقود الفل وكتب الاشعار وهديه ماسيه و دعوة للعشاء فاحرجت وقبلت !!! ...
وفي الواقع ... تزينت وارتدت ثوبا انيقا وخرجت معه للعشاء ، فتح لها باب السياره ، اسمعها اغنيه تحبها ، وقف علي كورنيش النيل واشتري لها كل عقود الفل ، سار بسيارته مسرعا كانه شابا ارعن ، ضحكت ونهرته لانها تخاف من السرعه ، سالها تسافر مع اسكندريه في منتصف الليل ، ارتبكت فهي لاتحب السفر ليلا ، وابنها سيقلق عليها ، شجعها وطلب منها تكلم ابنها تطمئن
ه وافقته ، حدقت في نجوم الليل تسطع في الطريق ، احست الطريق امنا ، نظرت بطرف عينها لوجهه مليئ بالثقه والطمآنينه ، وصلت معه اسكندريه فجرا ، وقف امام البحر يمليء رئتيه بنسيمه ، طالبها بخلع حذائها والسير فوق الرمال المبلله بالندي ، لمست الامواج الحانيه اطراف اصابعها فعادت مسرعه لتجده خلفها فتكاد تسقط فيقبض علي كفها ، احساس دافء مثل الذي منحه لها يوم موت امها ، ارتبكت وعاتبته ، اكد لها حسن نواياه ، هي كادت تسقط فامسك بها ، صدقته ، اجلسها علي سور الكورنيش عاليه ، ضحكت كما لم تضحك من قبل ، احست نفسها في الجامعه وفرت من احد المحاضرات خلسه وتمنت لو الوقت يطول ولا ينتهي ، اجر لها شمسيه زرقاء ومقعدين ، كيف عرف انها تحب اللون الازرق ، احد لم يسالها ابدا اي الالوان تحب ، اشتري لها قبعه قش بورده حمراء تعالت ضحكاتها كانها سعيده التقط لها اجمل صوره في شريط ذكرياتها ، عادت معه في الليل سعيده كانها ولدت من جديد ، احبت النجوم التي تشاهدها كل يوم ولا تنتبه لها ، دفنت عقود الفل بين كتاب الاشعار الذي منحه لها هديه عيد ميلادها ، احتضنت القبعه وابتسمت فابتسم ...
عادت لمنزلها سعيده دخلت فراشها تكاد تحلق في السماء كانت سعيده بصحبته بالخروج معه بحديثه ونامت هانئه بعد ان عاشت معه حلمها الجميل ............... وحين استيقظت من النوم هرولت للتليفون طلبته سالته ، هو كان حلم ولا حقيقه؟؟؟ ضحك ضحكات عاليه وهمس لها " كان حقيقه اجمل من الحلم"
في تلك اللحظه شاهدته رشيد الشاب الوسيم الذي كانت تعرفه وشاهدت نفسها تتآبط ذراعه علي الكورنيش ، ركبا زورقا تهادي علي وجه النيل لحظه الغروب ، سمعت صوت ضحكاتهما تشق عنان السماء فسآلت نف
سها هل كانت تحبه ؟؟ هل كانت تحبه وهي متزوجه؟؟؟ نفت الاتهام عن نفسها واكدت لنفسها للمره المليون انها سيده محترمه ..

هناك تعليق واحد:

بنت القمر يقول...

طب وافرض الزوج مماتش؟؟
انت ليه حليتي المشكلة ما كنتي تسيبيها مكلكعة
زي بقيه الدنيا
:D:D