مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الاثنين، 11 مايو 2009

الموت احن من الطلاق


قالت لي الموت احن من الطلاق ...
تصورتها تحب زوجها الذي طلقها لكنها نفت ذلك وانكرته واكدت لي ( الموضوع مالوش دعوه بالحب )
فلم افهم ....
تنتهدت وكادت تتركني فانا مثل الجميع غبيه لم افهم مشكلتها لكني توسلت اليها البقاء وطلبت منها شرح ما تبغي قوله بطريقه اكثر وضوح ودقه وافصاح ...
اكدت " الموت احن علي المرآه من الطلاق " السيده التي يموت زوجها اسعد حظا من تلك التي تطلق !!! تصورتها تتحدث عن الحقوق الماليه فالارمله ترث في زوجها نصيبا من تركته لكن المطلقه لا تاخذ الا حقوقها الشرعيه التي لاتصل ابدا لقدر نصيبها في الميراث وغضبت منها وهاجمتها " معقوله علشان الميراث يبقي نفسك الراجل يموت " انتفضت غاضبه " ميراث ايه انا باتكلم عن حاجه تانيه خالص " ازرق وجهها غضبا " انا كده دايما الناس بتفهمني غلط "..

كانت مطلقه لرجل مفلس " لاخدت منه حاجه في الطلاق ولا كنت هاخد منه حاجه بعد مايموت " نظرت بعيدا وارتسم علي وجهها تعبيرا غريبا " الطلاق والموت عندي زي بعض راجل خرج من حياتي مابقاش شريكي ومابقتش شريكته " ابتسمت " الجواز علاقه معقده فيها عواطف وعشره وحياه مشتركه واطفال وبيت " ضحكت ساخره " فيها كنب وكراسي وكوبيات واقساط وجمعيات وعيله ونسب " ضحكت بصوت اعلي " فيها حاجات كتيره غير موضوع الفلوس ده " لم افهم مقصد حديثها " علشان كده باقول الموت احن من الطلاق - تصوري !!!"
همست " طبعا الارمله بتصعب علي الناس ويتعاطفوا معاها " غضبت " لكن المطلقه بنت كلب مش مهم ليه اتطلقت المهم ان البيت اتهد وللاسف الناس بتحمل الست مسئوليه هدم البيت " ابتسمت فالمقارنه غريبه فهمت ابتسامتي فشرحت " ان الست طلبت الطلاق طبعا تبقي بنت كلب لانها سابت جوزها وهدت البيت طيب لو جوزها هو اللي طلقها " ضحكت ساخره " برضه هي بنت كلب لانها السبب اللي خلت جوزها يطلقها ماريحتوش مادلعتوش مافهمتوش اي حاجه المهم انها السبب وخلاص " وافقتها علي منطقها " الناس دايما رايها كده الراجل عداه العيب والست ظالمه ومفتريه وهي السبب في كل النصايب " تنتهدت " ماعلينا مش ده مربط الفرس انا باتكلم عن حاجه تانيه حاجه معنويه بصرف النظر عن راي الناس بصرف النظر عن تعاطفهم "
استعصي علي الفهم فهي تسحبني بكل جمله في طريق اتصور نفسي فهمتها ثم سرعان ما توضح لي انها لا تقصد مافهمته ، مللت من الحوار ورغبت في انهاءه " ماتقولي قصدك ايه بوضوح كده خليني افهم ... "
شرحت " لما ست جوزها بيموت بتحبه مابتحبوش بتفتكر له كل حاجه حلوه ، هو بيخرج من حياتها لكن حياتها بتستمر زي ماهي بيتها بيتها واولادها اولادها وذكرياتها ذكرياتها لابتهرب منها ولا بتخفيها ولا بتكرهها ، للاسف الموت بيحتفظ للمرآه الارمله بكل حياتها عدا الرجل !!! "
تنتهدت " لكن المرآه التي يطلقها زوجها تتبدل حياتها تماما ، تخرب !!! تتحول حياتها السابقه مثل البيت المهجور تنسج العناكب رسوماتها القبيحه علي جدرانه ، فالرجل الذي كانت تشاركه فراشها صار غريبا قاسيا لايحدثها الا بالقانون وعنه ، والعائله التي عاشت معها واحده من بناتها تلفظها وتتنكر لها فهي كانت زوجه ابنهم ولم تعد ، واولادها حتي اولادها انقسموا بينها وبين مطلقها وبين عائلته وعائلتها ، عالمها القديم يتلاشي يفسد بكل تفاصيله !"

ولم يعد يهمها مااسمعه كانت تحدث نفسها واكملت " انا اسعد جدا بعد الطلاق لاني تخلصت من رجل عبئه ثقيل لم يقاسمني في سنوات حياتنا الاخيره الا همومه ومشاكله واكتئاباته ، سعيده لاني تحررت من العبء وتخلصت من الهم وتحررت " ....
كدت اهنئها لاني اصدقها واصدق سعادتها " لكن الجغرافيا تغيرت في حياتي فالشوارع التي كنت احبها لم اعد احبها والمدن التي اعتدت الاقامه فيها اتمني الفرار منها والشواطىء التي ادمنت الجلوس علي رمالها وقت الغروب لم تعد تهمني !!! الشارع الذي بكيت فيه همي كرهته لاني شاهد ضعفي الذي لم اعد احبه والشارع الذي همس لي زوجي السابق فيه بحبه كرهته لان السنين اثبتت لي زيف همسه !!! الطرق التي اعتدتها نفرت منها والمقاهي التي كنت امنحه فيها اذني يشكو همه كرهتها لاني ضيعت وقتي فيها والسينما التي دخلتها معه لم اعد اطيق المرور امام بواباتها لان انفاسه تعبق صالتها والمطعم الذي شاركته اطباقه المفضله كرهته لانه مازال يجلس علي نفس المنضده يقتسم طعامه مع سيده اخري يكذب عليها نفس الاكاذيب لذا غيرت الجغرافيا والمدن والطرق والمقاهي والمطاعم واشتريت غربتي في الاماكن غير المآلوفه اصنع لنفسي عالما جديدا لم يشاركني فيه ولم تطآها قدمه اشتريت غربه نظيفه لم يلوثها باكاذيبه واكتئاباته وزيف كلماته الكبيره الجوفاء " ..
تآسيت لحالها " اما تاريخي فقد سرق مني لانه اقتسمته مع من كان لايستحق ، ذكرياتي فسدت تفاصيلها لاني لن اذكرها الا وهو يحتل فيها مكان الصداره وهو لم يكن يستحق ابدا تلك المكانه ، صوري قصصتها نصفين او ربعين او مليون قطعه والقيتها وكل قصصها في القمامه ، فالابتسامه التي كان يبتسمها في وجهي كاذبه ولمسه يده علي كتفي في الصوره تكهربني ونظره عينه التي تبدو حانيه كانت كذبا وزيفا رهيبا ، صوري قصصتها نصفين واخرجته من بعضها وبقيت الصور مشوهه لا تفهم لمن كنت انظر او لمن كنت امد يدي ، وقصتت بعضها ارباع والقيت به خارج تاريخي فمالت الصوره واعوجت ولان ربعها المنزوع افقدها سياقها المفهوم وكثير من الصور فشلت في تهذيبها فمزقتها ورميتها وتاريخها خارج حياتي ، تاريخي سرق مني طفوله اولادي شيخوخه ابي ذكريات الجامعه ليله الفرح اجتماع الاصدقاء القدامي كل هذا سرق مني واكثر ، افقت ذات يوم علي بلا تاريخ بلا ذكريات بلا قصص فجميعها افسدته قسوه الايام " ....
سآلتها باستنكار " كنتي تتمني جوزك قصدي طليقك يموت " صمتت طويلا ثم همست " بالنسبه لي هو مات فعلا لكن حسه في الدنيا لاهله وولاده ، انت برضه مش فاهماني انا مابتكلمش عليه خالص انا بتكلم عن نفسي !!" حدقت في وجهي تبحث عن فهما تفتقده " الموت لايغير الجغرافيا ولا يسرق التاريخ ولا يفسد الذكريات لكن الطلاق قاسي يفضح ايام الماضي ويفسد ايام المستقبل هل فهمتي مااقول ؟؟" هززت راسي وصمتت فللاسف فهمت ماتقوله واوجعني !!!!!!!

هناك 4 تعليقات:

محمد حويحي يقول...

الموت لا يغير الجغرافيا ولا يسرق التاريخ ..

محمد حويحي يقول...

في الاول انا كنت فاهمها علي ان حياه الارمله افضل من حياه المطلقه من حيث نظره المجتمع .. زي ما حياه بنت الارممله هاتبقي افضل مليون المره من بننت المطلقه دي ها يتعاطف معاها الناس "وولاد الحلال" ودي هالسن عليهاالناس ويخاف منها ولاد الحلال ..
بس الست دي .. نظرتها غريبه قوي .. واضح انها من اللي مش بيهتموا بكلام الناس وافعالهم طالما هما مرتاحين لنفسهم وشخصياتهم لثقتهم في الصواب .. شكلها مشكلتها ان الطلاق .. افقدها ثقتها بنفسها

جيهان احمد يقول...

أميرة من أروع ما قرات لكى من مقالات وحودايت
وبجد المراة المطلقة محتاجة حبة رحمة من البشر ومحتجاة اكتر انها تاخد حريتها بطريقة صح لانها للاسف مش بتتحرر بعد الطلاق لا نفسيا ولا اجتماعيا

وبجد كان مهم اوى التطرق لنقاط كثيرة تسلم الايادى

manal el shalakany يقول...

عجبانى تلك السيدة بانها لم تتكلم عن نظرة الناس الى المطلقة و نظرتهم الى الارملة
اتفهم احساسها جيدا لانى مررت بما مرت به حتى مرحلة تمزيق الصور كانها تمحو الماضى
اتفهمها جيدا لكنها مع الوقت سوف تنسى الذكريات المؤلمة وسوف تمر على الشوارع و الاماكن دون ان يهتز لها طرف